إنكار حديث خطبة علي بن أبي طالب لابنة أبي جهل
وجها إبطال الشبهة:
1) إن الحديث الوارد في شأن خطبة علي بن أبي طالب لابنة أبي جهل حديث صحيح في أعلى درجات الصحة؛ لوروده في الصحيحين، وقد روي في غيرهما بأسانيد قوية صحيحة، كما أن المسور بن مخرمة صحابي جليل سمع من النبي – صلى الله عليه وسلم – هذا الحديث وغيره؛ إذ الصحابة كلهم عدول، وهو بذلك لم يرد اختلاس سيف رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ـ كما يدعون – ليعطيه يزيد بن معاوية؛ لأنه قد ثبت تاريخيا أن المسور كان في حزب علي رضي الله عنه، ولم يكن في حزب معاوية، بل كان من أشد المعارضين له ولخلافة ابنه يزيد.
2) لم يكن للنبي – صلى الله عليه وسلم – أن يحرم حلالا أو يحل حراما، كما صرحت بذلك رواية ابن شهاب الزهري، ولكن نهى – صلى الله عليه وسلم – عليا عن خطبة بنت أبي جهل؛ لأن ذلك يؤدي إلى أذى فاطمة، فيتأذى حينئذ النبي صلى الله عليه وسلم، فيهلك من آذاه، فنهى عن ذلك لكمال شفقته على علي وفاطمة؛ كما أنه لأجل خشية الفتنة عليها في الدين بسبب الغيرة، كما أنه لا يستبعد أن يعد ذلك من خصائصه – صلى الله عليه وسلم – في أن لا يتزوج على بناته لا سيما فاطمة – رضي الله عنها.
التفصيل:
أولا. الحديث صحيح في أعلى درجات الصحة، كما أن المسور بن مخرمة صحابي جليل منزه عن الكذب هو وسائر الصحابة:
إن الحديث الوارد في شأن خطبة علي بن أبي طالب رضي الله عنه لابنة أبي جهل حديث متفق على صحته سندا ومتنا؛ فقد رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن شهاب أن علي بن الحسين حدثه: «أنهم حين قدموا المدينة من عند يزيد بن معاوية، مقتل الحسين بن علي – رضي الله عنهما – لقيه المسور بن مخرمة، فقال له: هل لك إلي من حاجة تأمرني بها؟ قال: فقلت له: لا، قال له: فهل أنت معطي سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه، وايم الله! لئن أعطيتنيه لا يخلص إليهم أبدا حتى تبلغ نفسي، إن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل على فاطمة، فسمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا – وأنا يؤمئذ محتلم – فقال: إن فاطمة مني، وإني أتخوف أن تفتن في دينها، قال: ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس، فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن، قال: حدثني فصدقني، ووعدني فأوفى لي، وإني لست أحرم حلالا ولا أحل حراما، ولكن والله! لا تجتمع بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبنت عدو الله أبدا»[1].
وقد روى هذا الحديث – أيضا – أحمد في مسنده[2]، وأبو داود في سننه[3]، وغيرهما بأسانيد قوية صحيحة.
وقد روى البخاري أيضا هذا الحديث مختصرا في أماكن متفرقة من صحيحه؛ فقد رواه في كتاب “فضائل الصحابة” في موضعين، وذكره في كتاب “النكاح”، وأيضا في كتاب “الطلاق”، ورواه مسلم من طرق متعددة في فضائل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه كذلك مختصرا ابن ماجه[4]، وأبو يعلى[5]، وابن حبان[6]، وغيرهم بأسانيد قوية صحيحة.
وقد روى الحاكم في المستدرك[7]، والترمذي في سننه[8] شاهدا لهذا الحديث مختصرا من حديث عبد الله بن الزبير، وهو حديث صحيح، قال عنه الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وعليه؛ فإذا كان هذا الحديث بهذه الدرجة العالية من الصحة – سندا ومتنا – فإنه من المحال أن يتهم أحد رواته بشيء، فضلا عن أن يكون هذا الاتهام موجها إلى الصحابي الذي روى الحديث، وهو المسور بن مخرمة.
ومن ثم؛ فإن ما ادعاه مثيرو الشبهة من أن المسور قد اختلق هذا الحديث – موضوع الشبهة – ليختلس سيف رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ويعطيه يزيد بن معاوية بن أبي سفيان تقربا إليه؛ لكونه من حزب أبيه معاوية، هو ادعاء باطل مخالف للحقائق التاريخية الثابتة في ذلك، فالثابت: أن المسور بن مخرمة كان في حزب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولم يكن في حزب معاوية رضي الله عنه، بل كان من أشد المعارضين له.
يؤكد هذا ما قاله ابن الأثير عنه: “كان فقيها من أهل العلم والدين، ولم يزل مع خاله عبد الرحمن في أمر الشورى، وكان هواه فيها مع علي، وأقام بالمدينة إلى أن قتل عثمان، ثم سار إلى مكة، فلم يزل بها حتى توفي معاوية، وكره بيعة يزيد”[9].
وذكر ابن حجر في “الإصابة” في ترجمة المسور بن مخرمة قال: “وكان مع خاله عبد الرحمن بن عوف ليالي الشورى، وحفظ عنه شيئا، ثم كان مع ابن الزبير، فلما كان الحصار الأول أصابه حجر من حجارة المنجنيق فمات.
وذكر الطبري أنهم اتفقوا على أنه مات في حصار ابن الزبير، أصابه حجر من المنجنيق، والمراد به الحصار الأول من الجيش الذي أرسله يزيد بن معاوية”[10].
وهب أن المسور بن مخرمة من حزب معاوية، فهل كل من كان من حزبه تسقط عدالته، ويكون كاذبا؟! كلا ثم كلا؛ فإن جماهير المسلمين يقبلون أحاديث معاوية نفسه، وكل من كان من حزبه؛ إذ الحق – سبحانه وتعالى – قد وصف الصحابة في القرآن بالصدق، وعدلهم في آيات القرآن العظيم[11].
ونحن نتسأل: كيف يكذب المسور بن مخرمة – رضي الله عنه – على النبي – صلى الله عليه وسلم – في شيء قد سمعه منه، وقد مدح – صلى الله عليه وسلم – أصحابه، وأثنى عليهم ثناء كثيرا في أحاديثه الصحيحة؟!
وعليه؛ فإن قال قائل: ما مناسبة ذكر المسور لقصة خطبة بنت أبي جهل عقب طلبه السيف من علي بن الحسين؟
قلنا: قال الكرماني: مناسبة ذكر المسور لقصة خطبة بنت أبي جهل عند طلبه للسيف من جهة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يحترز عما يوجب وقوع التكدير بين الأقرباء، أي: فكذلك ينبغي أن تعطيني السيف حتى لا يحصل بينك وبين أقربائك كدورة بسببه، أو كما أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يراعي جانب بني عمه العبشميين، فأنت أيضا راع جانب بني عمك النوفليين؛ لأن المسور نوفلي، أو كما أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يحب رفاهية خاطر فاطمة – عليها السلام – فأنا أيضا أحب رفاهية خاطرك؛ لكونك ابن ابنها، فأعطني السيف حتى أحفظه لك.
قال ابن حجر معقبا على كلام الكرماني: والمسور زهري لا نوفلي، وقول الكرماني الأخير هو المعتمد، وما قبله ظاهر التكلف[12].
وخلاصة القول: أن الحديث الوارد في شأن خطبة علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – حديث صحيح في أعلى درجات الصحة، كما أن المسور بن مخرمة صحابي جليل منزه عن الكذب هو وسائر الصحابة أجمعين رضي الله عنهم.
ثانيا. لم يكن النبي – صلى الله عليه وسلم – يحرم حلالا ولا يحل حراما عندما نهى عليا – رضي الله عنه – عن الزواج من ابنة أبي جهل:
إن الناظر في الحديث الوارد في خطبة علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – لابنة أبي جهل يجد أنه صلى الله عليه وسلم – كما جاء في رواية ابن شهاب الزهري عند البخاري ومسلم وغيرهما – قد صرح في آخره، فقال: «وإني لست أحرم حلالا ولا أحل حراما، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبنت عدو الله أبدا»[13].
وقد جاء في رواية أخرى: «فإنما ابنتي بضعة مني، يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها»[14]، وجاء في رواية ثالثة: «إن فاطمة بنت محمد مضغة مني؛ وأنا أكره أن يفتنوها»[15].
وهذا القول منه – صلى الله عليه وسلم – كاف لإبطال تساؤل مثيري الشبهة: كيف يحرم النبي – صلى الله عليه وسلم – التعدد في حق علي، وهو – صلى الله عليه وسلم – قد عدد بأكثر من أربعة؟!
قال النووي: “قال العلماء: في هذا الحديث تحريم إيذاء النبي – صلى الله عليه وسلم – بكل حال، وعلى كل وجه، وإن تولد ذلك الإيذاء مما كان أصله مباحا وهو حي، وهذا بخلاف غيره، قالوا: وقد أعلم – صلى الله عليه وسلم – بإباحة نكاح بنت أبي جهل لعلي، بقوله صلى الله عليه وسلم: “لست أحرم حلالا”، ولكن نهى عن الجمع بينهما لعلتين منصوصتين:
إحداهما: أن ذلك يؤدي إلى أذى فاطمة، فيتأذى حينئذ النبي صلى الله عليه وسلم، فيهلك من آذاه، فنهى عن ذلك لكمال شفقته على علي وعلى فاطمة.
والثانية: خوف الفتنة عليها بسبب الغيرة، وقيل: ليس المراد به النهي عن جمعهما، بل معناه: أعلم من فضل الله أنهما لا تجتمعان، كما قال أنس بن النضر: والله لا تكسر ثنية الربيع، ويحتمل أن المراد تحريم جمعهما، ويكون معنى لا أحرم حلالا، أي: لا أقول شيئا يخالف حكم الله، فإذا أحل شيئا لم أحرمه، وإذا حرمه لم أحلله، ولم أسكت عن تحريمه؛ لأن سكوتي تحليل له، ويكون من جملة محرمات النكاح الجمع بين بنت رسول الله وبنت عدو الله” [16].
وقد علق ابن حجر على هذه القصة إجمالا، فقال: والذي يظهر لي أنه لا يبعد أن يعد في خصائص النبي – صلى الله عليه وسلم – أن لا يتزوج على بناته، ويحتمل أن يكون ذلك خاصا بفاطمة – رضي الله عنها.
وفد فصل القول في هذا تباعا، فقال: قوله: «فإنما هي بضعة مني». والسبب فيه ما تقدم في المناقب أنها كانت أصيبت بأمها، ثم بأخواتها واحدة بعد واحدة، فلم يبق لها من تستأنس به ممن يخفف عليها الأمر ممن تفضي إليه بسرها إذا حصلت لها الغيرة.
وقوله «يريبني ما أرابها»: يعني أنها لا تصبر على الغيرة، فيقع منها في حق زوجها في حال الغضب ما لا يليق بحالها في الدين.
وقوله «ويؤذيني ما آذاها»: وفي الحديث تحريم أذى من يتأذى النبي – صلى الله عليه وسلم – بتأذيه؛ لأن أذى النبي – صلى الله عليه وسلم – حرام اتفاقا قليله وكثيره، وقد جزم بأنه يؤذيه ما يؤذي فاطمة، فكل من وقع منه في حق فاطمة شيء فتأذت به، فهو يؤذي النبي – صلى الله عليه وسلم – بشهادة هذا الخبر الصحيح… وفيه حجة لمن يقول بسد الذريعة؛ لأن تزويج ما زاد على الواحدة حلال للرجال ما لم يجاوز الأربع، ومع ذلك فقد منع من ذلك في الحال لما يترتب عليه من الضرر في المآل.
وفيه – أي الحديث – بقاء عار الآباء في أعقابهم، لقوله: «بنت عدو الله»؛ فإن فيه إشعارا بأن للوصف تأثيرا في المنع، مع أنها كانت مسلمة حسنة الإسلام.
وفيه – أي في الحديث – أن الغيراء إذا خشي عليها أن تفتن في دينها كان لوليها أن يسعى في إزالة ذلك كما في حكم الناشز، كذا قيل، وفيه نظر، ويمكن أن يزاد فيه شرط أن لا يكون عندها من تتسلى به، ويخفف عنها الحملة كما تقدم، ومن هنا يؤخذ جواب من استشكل اختصاص فاطمة بذلك مع أن الغيرة على النبي – صلى الله عليه وسلم – أقرب إلى خشية الافتتان في الدين، ومع ذلك فكان – صلى الله عليه وسلم – يستكثر من الزوجات وتوجد منهن الغيرة، كما في هذه الأحاديث، ومع ذلك ما راعى ذلك – صلى الله عليه وسلم – في حقهن كما راعاه في حق فاطمة.
ومحصل الجواب: أن فاطمة كانت إذ ذاك – كما تقدم – فاقدة من تركن إليه من يؤنسها، ويزيل وحشتها من أم أو أخت، بخلاف أمهات المؤمنين، فإن كل واحدة منهن كانت ترجع إلى من يحصل لها معه ذلك وزيادة عليه، وهو زوجهن صلى الله عليه وسلم، لما كان عنده من الملاطفة، وتطييب القلوب، وجبر الخواطر؛ بحيث إن كل واحدة منهن ترضى منه لحسن خلقه، وجميل خلقه بجميع ما يصدر منه، بحيث لو وجد ما يخشى وجوده من الغيرة لزال عن قريب[17].
وعلى هذا يضيف ابن القيم، فيقول معلقا على الحديث: تضمن هذا الحكم أمورا؛ أحدها: أن الرجل إذا شرط لزوجته أن لا يتزوج عليها لزمه الوفاء بالشرط، ومتى تزوج عليها فلها الفسخ، ووجه تضمن الحديث ذلك أنه – صلى الله عليه وسلم – أخبر أن ذلك يؤذي فاطمة ويريبها، وأنه يؤذيه – صلى الله عليه وسلم – ويريبه، ومعلوم قطعا أنه – صلى الله عليه وسلم – إنما زوجه فاطمة – رضي الله عنها – على أن لا يؤذيها ولا يريبها، ولا يؤذي أباها – صلى الله عليه وسلم – ولا يريبه، وإن لم يكن هذا مشترطا في صلب العقد، فإنه من المعلوم بالضرورة أنه إنما دخل عليه، وفي ذكره – صلى الله عليه وسلم – صهره الآخر، وثناءه عليه بأنه حدثه فصدقه، ووعده فوفى له – تعريض بعلي رضي الله عنه، وتهييج له على الاقتداء به، وهذا يشعر بأنه جرى منه وعد له بأنه لا يريبها ولا يؤذيها، فهيجه على الوفاء له، كما وفى له صهره الآخر.
فيؤخذ من هذا أن المشروط عرفا كالمشروط لفظا، وأن عدمه يملك الفسخ لمشترطه، فلو فرض من عادة قوم أنهم لا يخرجون نساءهم من ديارهم، ولا يمكنون أزواجهم من ذلك ألبتة، واستمرت عادتهم بذلك كان كالمشروط لفظا، وهو مطرد على قواعد أهل المدينة، وقواعد أحمد – رحمه الله: أن الشرط العرفي كاللفظي سواء، ولهذا أوجبوا الأجرة على من دفع ثوبه إلى غسال أو قصار، أو عجينة إلى خباز، أو طعامه إلى طباخ يعملون بالأجرة، أو دخل الحمام، أو استخدم من يغسله ممن عادته يغسل بالأجرة ونحو ذلك، ولم يشرط لهم أجرة أنه يلزمه أجرة المثل.
وعلى هذا فلو فرض أن المرأة من بيت لا يتزوج الرجل على نسائهم ضرة، ولا يمكنونه من ذلك، وعادتهم مستمرة بذلك، كان كالمشروط لفظا، وكذلك لو كانت ممن يعلم أنها لا تمكن إدخال الضرة عليها عادة لشرفها وحسبها وجلالتها، كان ترك التزوج عليها كالمشروط لفظا سواء.
وعلى هذا فسيدة نساء العالمين، وابنة سيد ولد آدم أجمعين أحق النساء بهذا، فلو شرطه علي في صلب العقد كان تأكيدا لا تأسيسا.
وفي منع علي من الجمع بين فاطمة – رضي الله عنها – وبين بنت أبي جهل حكمة بديعة، وهي أن المرأة مع زوجها في درجته تبع له، فإن كانت في نفسها ذات درجة عالية، وزوجها كذلك، كانت في درجة عالية بنفسها وبزوجها، وهذا شأن فاطمة وعلي – رضي الله عنهما – ولم يكن الله – عز وجل – ليجعل ابنة أبي جهل مع فاطمة – رضي الله عنها – في درجة واحدة لا بنفسها ولا تبعا، وبينهما من الفرق ما بينهما، فلم يكن نكاحها على سيدة نساء العلمين مستحسنا لا شرعا ولا قدرا، وقد أشار إلى هذا بقوله: «والله لا تجتمع بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبنت عدو الله أبدا»، فهذا إما أن يتناول درجة الآخر بلفظه أو إشارته[18].
وخلاصة القول أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يحرم حلالا ولم يحل حراما عندما منع علي بن أبي طالب من خطبة بنت أبي جهل، وهذا صريح في رواية ابن شهاب الزهري، وإنما الأمر محمول – كما جاءت بذلك الروايات الصحيحة – على خشية الفتنة على فاطمة من الغيرة، وتأذيها الذي يعد أذى للنبي صلى الله عليه وسلم، وإيذاؤه – صلى الله عليه وسلم – محرم إجماعا، وربما كان هذا الأمر خاصا بالسيدة فاطمة – رضي الله عنها – كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء.
الخلاصة:
- إن الحديث الوارد في شأن خطبة علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – لابنة أبي جهل صحيح في أعلى درجات الصحة؛ لوروده في الصحيحين، كما أنه قد روي في غيرها من كتب السنة بأسانيد صحيحة قوية.
- إن المسور بن مخرمة صحابي جليل ثبت، سمع من النبي – صلى الله عليه وسلم – وحفظ عنه، وكان فقيها من أهل الفضل والدين، كما أن الصحابة كلهم عدول عدلهم القرآن والسنة.
- الثابت تاريخيا أن المسور بن مخرمة – رضي الله عنه – كان في حزب عليـ رضي الله عنه، ولم يكن في حزب معاوية رضي الله عنه، بل كان من أشد المعارضين له ولخلافة ابنه يزيد.
- لم يكن للنبي – صلى الله عليه وسلم – أن يحرم حلالا أو يحل حراما، كما صرحت بذلك رواية ابن شهاب الزهري – الواردة في الصحيحين وغيرهما – على لسانه صلى الله عليه وسلم.
- لقد نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – عليا – رضي الله عنه – عن خطبة بنت أبي جهل لعلتين، أحداهما: أن ذلك يؤدي إلى أذى فاطمة – رضي الله عنها، فيتأذى حينئذ النبي صلى الله عليه وسلم، فيهلك من آذاه، فنهى عن ذلك لكمال شفقته على علي وفاطمة – رضي الله عنهما، والثانية: خوف الفتنة عليها في الدين بسبب الغيرة، كما أنه لا يستبعد أن يعد ذلك من خصائص النبي – صلى الله عليه وسلم – في أنه لا يتزوج على بناته، ويحتمل – أيضا – أن يكون خاصا بفاطمة – رضي الله عنها.
(*) الدفاع عن الصحيحين دفاع عن الإسلام، محمد بن الحسين الحجوي الثعالبي الفاسي، تحقيق: محمد بن عزوز، دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1424هـ/ 2003م.
[1]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: فرض الخمس، باب: ما ذكر في درع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعصاه وسيفه، (6/ 245)، رقم (3110). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل فاطمة بنت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، (8/ 3585، 3586)، رقم (6192).
[2]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الكوفيين، حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنه، رقم (18933). وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
[3]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: النكاح، باب: ما يكره أن يجمع بينهن من النساء، (3/ 53، 54)، رقم (2069). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (2069).
[4]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: النكاح، باب: الغيرة، (1/ 644)، رقم (1999). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (1999).
[5]. صحيح: أخرجه أبو يعلى في مسنده، حديث ميمونة زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، (13/ 104)، رقم (7181). وقال حسين سليم أسد: إسناده صحيح.
[6]. صحيح: أخرجه ابن حبان في صحيحه، كتاب: إخباره ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن مناقب الصحابة رجالهم ونسائهم بذكر أسمائهم، (15/ 407)، رقم (6956). وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
[7]. صحيح: أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب: معرفة الصحابة، باب: ذكر مناقب فاطمة بنت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، (3/ 173)، رقم (4751). وصححه الألباني في إرواء الغليل عند تعليقه على الحديث رقم (2676).
[8]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، أبواب: المناقب عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، باب: ما جاء في فضل فاطمة رضي الله عنها، (10/ 251)، رقم (4125). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (3869).
[9]. أسد الغابة في معرفة الصحابة، ابن الأثير، دار الفكر، بيروت، 1390هـ/ 1970م، (4/ 399).
[10]. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، د. ت، (6/ 120) بتصرف.
[11]. انظر: الدفاع عن الصحيحين دفاع عن الإسلام، محمد بن الحسين الحجوي الثعالبي الفاسي، تحقيق: محمد بن عزوز، دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص125، 126 بتصرف.
[12]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (6/ 247) بتصرف.
[13]. صحيح البخاري (بشر ح فتح الباري)، كتاب: فرض الخمس، باب: ما ذكر في درع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعصاه وسيفه، (6/ 245)، رقم (3110). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل فاطمة بنت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، (8/ 3585، 3586)، رقم (6192).
[14]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: النكاح، باب: ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف، (9/ 238)، رقم (5230). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، (8/ 3585)، رقم (6190).
[15]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، (8/ 3586)، رقم (6193).
[16]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (8/ 3588).
[17]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (9/ 240، 241) بتصرف.
[18]. زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن القيم، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط8، 1405هـ/ 1985م، (5/ 118، 119).