ادعاء أن الإسلام لا يتفاعل مع الحضارة الحديثة
وجوه إبطال الشبهة:
1) جاء الإسلام إلى العالم برسالة حضارية متميزة عن غيرها، مما يثبت أنه لا يعادي الحضارة بمفهومها الصحيح.
2) إن معرفة ماهية الإسلام وأصوله تؤكد أنه دين المدنية والتقدم العلمي، ولا يقف في وجه التطور والتجديد المحمود النافع، وينهى عن التحجر والجمود، ويذم التقليد والاتباع الأعمى.
3) دعا الإسلام إلى الانفتاح على الآخر، وقد طبق المسلمون ذلك، فلم يقفوا في وجه حضارة نافعة للناس، وموقف الإسلام من الحضارة الغربية السائدة اليوم هو موقفه من كل حضارة سابقة.
التفصيل:
أولا. الرسالة الحضارية للإسلام بالمفهوم الصحيح للحضارة:
بداية لا بد من تحديد المقصود بالحضارة عند هؤلاء الزاعمين، وما إذا كان للإسلام حضارة أم لا.
فإذا قصد هؤلاء بالحضارة العب من الشهوات، ونشر الفواحش والرذائل، والاعتداء على حقوق الغير وحرياته، ونسيان الجانب الروحي في الإنسان، وعدم التقيد بأية ضوابط أخلاقية أو دينية، فإن الإسلام قطعا يقف في وجه هذه الحضارة، ويجمد معها فلا يتفاعل.
ذلك أن “الحضارة تتركب من النظرة المتوازنة للروح والجسد، والكم والكيف، والغاية والوسيلة، فإذا اختل التوازن في جانب واحد اختلت الحضارة، وقد سقطت الحضارة الغربية حين فقدت معنى الروح، فهي تجد نفسها بدورها على حافة الهاوية”[1].
وقد تميزت الرسالة الحضارية للإسلام بأنها تستطيع أن تقدم للإنسان الإيمان، ولا تسلبه العلم، وتعطيه الدين ولا تحرم عليه الدنيا، وتصله بالسماء، ولا تمنعه من عمارة الأرض، وتمنحه نور الوحي ولا تحرمه نور العقل، وتقوى صلته بالخالق ولا تقطعه عن الخلق.
فلهذه الرسالة الحضارية مقومات – كما يذكر د. يوسف القرضاوي – هي أنها:
- رسالة العقيدة الموافقة للفطرة.
- رسالة العبادة الدافعة للعمارة.
- رسالة العقل المهتدي بالوحي.
- رسالة العلم المرتبط بالإيمان.
- رسالة الإيمان المقترن بالعمل.
- رسالة العمل الملتزم بالدعوة.
- رسالة الدنيا المعدة للآخرة.
- رسالة الجسم الممدود بالروح.
- رسالة القوة المدافعة عن الحق.
- رسالة المال الصالح للمرء الصالح.
- رسالة الحقوق المتوازنة مع الواجبات.
- رسالة الحرية الخادمة للفضيلة.
- رسالة الأخلاق المرتقية بالإنسان.
- رسالة الفرد المنتظم في أسرة ومجتمع.
- رسالة المجتمع الذي لا يطغى على الأفراد.
- رسالة الأمة المنفتحة على العالم.
- رسالة الدولة المقيمة للدين.
- رسالة التشريع المحقق للمصالح.
- رسالة العدل المؤيد بالإحسان.
- رسالة الفن الملتزم بالقيم.
وإذا كان لهذه الرسالة مقومات تشخصها، فلا ريب أن لها خصائص تميزها، ونكتفي هنا بخصيصتين:
- رسالة التوازن والوسطية:
فهذه الرسالة هي الرسالة الوحيدة التي تقدم للبشرية منهجا يتميز بالتوازن والتكامل، ونعني بالتوازن: التوسط بين طرفي الغلو والتفريط، اللذين لم يسلم منهما منهج بشري صرف، أو منهج ديني دخله تحريف البشر.
ففي هذا المنهج تلتقي المتقابلات التي يحسب كثير من الناس التقاءها ضربا من المحال؛ لأنها في نظرهم متضادة، ولكنها في الإسلام تلتقي في صورة من الاتساق المبدع.. لا طغيان ولا إخسار.
فهو يضع الموازين القسط بين الربانية والإنسانية، والوحي والعقل، والروحية والمادية، والأخروية والدنيوية، والمثالية والواقعية، والماضوية والمستقبلية، والمسئولية والحرية، والاتباع والابتداع، والواجبات والحقوق، والثبات والتغير.
- رسالة التكامل:
وأما التكامل فلا نعني به التوسط بين طرفين متقابلين، وإنما نعني به اجتماع معان، وأمور يكمل بعضها بعضا، ولا يستغني بأحدها عن الآخر.
ومثال ذلك: العلم والإيمان، والحق والقوة، والعقيدة والعمل، والدعوة والدولة، والتربية والتشريع، ووازع الإيمان ووازع السلطان، والإبداع المادي والسمو الخلقي، والقوة العسكرية والروح المعنوية.
وعيب المناهج والأنظمة البشرية، أنها تهتم ببعض الجوانب دون بعض، وتركز على بعض القيم دون بعض، فنراها تعنى – مثلا – بالاقتصاد والإنتاج، أي بإشباع البطون دون إشباع العقول، وقد تعنى بإشباع العقول بالعلم المادي، ولكنها لا تعنى بإشباع القلوب والأرواح برحيق الإيمان، وقد تهتم بتيسير المواصلات بين البلدان، على حين تغفل الاهتمام بالصلات الاجتماعية، والنفسية بين الناس، وأعظم من ذلك الصلة بين الإنسان وربه.
ومن أظهر ما يتجلى فيه التكامل الإسلامي: تكامل العلم والإيمان، فمن فضل الله علينا نحن المسلمين أن ديننا لا يضيق بالدعوة إلى العلم والتقدم، كما قد توهم الذين لا يعرفون الإسلام، ويريدون أن يجروا عليه ما جرى على الأديان الأخرى.
نحن نعتبر التقدم العلمي وما يثمره في الحياة من استخدامات تكنولوجية نافعة – تيسر على الإنسان حياته، وتوفر عليه جهده البدني والعقلي – عبادة بالنسبة للفرد المسلم، يتقرب بمعرفتها وإتقانها إلى ربه، كما يتقرب بالصلاة والصيام[2].
هذه هي الرسالة الحضارية التي جاء بها الإسلام، وكلف بتبليغها المسلمون، تثبت أن الإسلام لا يعادي الحضارة بمفهومها الصحيح، بل يدعو إليها إذا كانت هي العلم والتقدم، والرقي بالإنسان جسمه وروحه، وتتميز على سائر الحضارات بالتوازن والوسطية والتكامل.
ثانيا. إن معرفة ماهية الإسلام وأصوله تؤكد أنه دين يدعو إلى التطور والتجديد، وينهى عن التحجر والجمود:
كان على هؤلاء الزاعمين أن يعرفوا ماهية الإسلام، وكنه الأصول التي يقوم عليها، وحقيقة الغرض الذي يرمي إليه من قيادة النفوس في معمعة التطورات العقلية والاجتماعية.
فالإسلام لا يفرض على الناس فلسفة كلامية غير قابلة للتطور، تتحجر وتنحل بمرور الزمن وتغير الأحوال، ولم يعن بوضع هذه الفلسفة طائفة تستأثر بالسلطان الروحي على النفوس، وتجمع بينه وبين السلطان المادي، أو تنزل عنه لبعض المتغلبين، وتقوم حيالهم على قدم التصارع والنزاع، ولكن الإسلام فرض على الناس كافة أصولا خلقية وآدابا نفسية ومبادئ حيوية، هي أقصى ما يمكن أن يتخيله العقل من الإطلاق والسمو، ومثلا عليا لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، تأخذ الآخذين بها إلى السمو المادي والأدبي معا، تاركا لهم حرية التكيف معها مخليا الطريق في وجوههم لجميع التطورات والانتقالات المعنوية والصورية.
هذه قضية يتسع فيها مجال القول، ولا يقبلها العقل إلا بسلطان، فإليك هذا السلطان في مثال محسوس:
تأمل جماعة المسلمين الأوائل في أول نشوئها، ونظر إلى الحال التي قامت عليها، وإلى العوامل التي دفعتها للحركة، وإلى ما تطورت إليه بالانقياد لها، فإن هذا النظر يكشف عن معنى الإسلام، واتجاه الأصول التي أقام جماعته عليها، والأغراض التي تؤدي إليها تأدية طبعية لا تكلف فيها، ما لا تكشفه البحوث المستفيضة والمناقشات المطولة.
لقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم – الجماعة التي ألفها، وليس فيها شريعة مدونة، ولا شكل حكومي مقرر، ولا طائفة مختارة، ولا هيئات مسطرة، بل لم يعين من يقوم بالأمر من بعده، غير أنه وكلها إلى تأثير الأصول الأولية، والمبادئ الحيوية التي نشرها فيها وعاهدها على أن تعمل بها، فانظر ماذا كان أثر ذلك:
كان أول ما فكرت فيه هذه الجماعة أن تؤلف لنفسها حكومة، وكان أول ما شعرت به أن تستكمل وجودها كأمة، فدفعها هذا الشعور لاسترداد أطراف بلادها شمالا وجنوبا وشرقا من المتحكمين فيها، فوقعت في حرب مع الرومانيين والفرس في آن واحد، وكانت نتيجة هذه الحرب استرداد شمال بلاد العرب، والسيطرة على الشام ومصر وشمال إفريقيا واسترجاع اليمن والعراق، وجل دولة الفرس، كل هذا ولم يمض عليها بعد انتقال رسولها عشر سنين.
وكانت هذه الفتوح سببا في احتكاك الجماعة بأمم أخرى فأفادت مما لديها من علوم وصنائع وفنون، وما زالت على هذه الحال حتى أتى عليها قرنان، فإذا بها زعيمة العالم كله، في كل ناحية من نواحي النشاط العلمي والعملي والسياسي.
هذا التطور المحير للعقل من جماعة كان يبدو عليها أنها ساذجة – لم يكن لديها سطور مكتوبة غير آيات كتابها المقدس – إلى دولة لم تبلغ شأوها في سعة الملك أمة إلى اليوم، كانت غاصة بالعلماء والفلاسفة والمشرعين، والسياسيين… إلخ في مدى أقل من قرنين – يرينا من ماهية الإسلام وتأثير مبادئه ما لا ترينا إياه أية دراسة علمية أخرى.
فلو كان للإسلام فلسفة معينة غير قابلة للتطور على مثال ما هو موجود منها في كل الأديان المعروفة، لبقيت جماعته الأولى على ما كانت عليه عهد مؤسسها الأول، ولبادت تحت تأثير الظروف المختلفة، وهي في حالة تحجر لا مخلص لها منه[3].
ثالثا. دعا الإسلام إلى الانفتاح على الآخر، فلم يقف المسلمون في وجه حضارة نافعة للناس:
لقد انطوى الإسلام – فيما انطوى عليه من مبادئ – على مبدأ الانفتاح والتعارف، يقول الله عز وجل: )يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير (13)( (الحجرات). ومما يؤكد هذا التعارف والانفتاح: الإحسان والبر والقسط للذين لم يقاتلونا في ديننا، ولم يخرجونا من ديارنا، ولم يتآمروا على بلادنا، قال تعالى: )لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين (8)( (الممتحنة).
ومن المؤيدات كذلك جواز أكل ذبائح أهل الكتاب، وجواز نكاح نسائهم، قال تعالى: )اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين (5)( (المائدة).
فبناء على النصوص التي سبق ذكرها، انفتح المسلمون على غيرهم، وتعارفوا مع شعوب كثيرة من غير ملتهم، وكان من نتيجة هذا الانفتاح والتعارف أن استفادوا من مدنيات متعددة، وحضارات متنوعة، كحضارة الإغريق، وحضارة اليونان، وحضارة الفرس، وحضارة الهند، وغيرها من الحضارات التي عاصروها، وأخذوا عنها، فتكونت لدى المسلمين خبرات واسعة في شتى المجالات الصناعية والتجارية والزراعية والعمرانية والعلمية والفنية، فصهروها في بوتقة الإسلام، فجاءت الحضارة فيما بعد مطبوعة بطابعه وممهورة بخاتمه[4].
لقد أقبل المسلمون على حضارات الأمم يمتصون بسرعة فائقة ما خلفه الفرس من حكم وآداب وخبرات سياسية، وما خلفه اليونان الإغريق من علوم فلسفية وعقلية، وما كان لدى مختلف الأمم التي التقت مع المسلمين لقاء مودة، أو لقاء خصام.
لقد قام المسلمون بتحرير هذه العلوم وتنقيتها من الشوائب، وتطويرها، وصقلها، وإصلاح فاسدها، مسترشدين بالمنهج العلمي العام الذي رسمه للمسلمين مصدرا التشريع الإسلامي العظيمان: القرآن والسنة.. كل ذلك فيما لم يكن من خصائص الشريعة الإسلامية بيانه وتحديد أصوله وفروعه، كأصول الاعتقاد، وأحكام العبادات، وأحكام المعاملات، ونظم الحياة الفردية والاجتماعية، التي رسم الإسلام للناس طريقها، وأوضح لهم الصراط المستقيم.
إن العلماء المسلمين وهم يستوعبون نتاج الحضارات القديمة، والمذاهب والأفكار، ويستعينون بها في عملية البناء، كان رائدهم في ذلك البحث عن الحقيقة لذاتها، و “الحكمة ضالة المؤمن، أينما وجدها التقطها”.
لقد كان المسلمون ينظرون في كل شيء، ويبحثون في كل فج، ويستفيدون بكل حديث وقديم، ينقبون عن كل علم، ويسيرون وراء كل حكمة، ويأخذون العبرة من الماضي، وينطلقون للمستقبل، يستفيدون من القديم ويبنون الجديد.
وكانت لهم صولات وجولات في كل ناحية من نواحي الحياة في العلم، وفي الحكمة، وفي الأخلاق، وفي الفلسفة، وفي الطب، وفي الهندسة، وفي الجغرافيا، وفي الفلك، وفي الصناعة، وفي الكيمياء، وفي الصيدلة، وفي الزراعة، وفي التاريخ، وفي القصص، وفي اللغة، وفي الحيوان، وفي الفيزياء، وفي الأحجار، وفي البحار، والمعادن.
ولم يدخر المسلمون جهدا في البحث عن تراث الأمم السابقة، واضطلع المسلمون رغم ما عانوه من جهد بالتعرف على اليونانية القديمة، والفارسية والهندية، وغيرها من الثقافات التي نما إلى علمهم أنها موجودة في أي قطر[5].
وبذلك فإن الحضارة العربية الإسلامية قد قدمت نموذجا رائدا لتفاعل الثقافات، وحوار الحضارات عن طريق حركة ترجمة واسعة النطاق عميقة المضمون، حين بدأت نهضتها العلمية بنقل معارف السابقين، وانكب العلماء على ترجمة المؤلفات اليونانية والسريانية والقبطية والفارسية والهندية وغيرها، وانتقلت الحركة العلمية من طور الترجمة واستيعاب العلوم القديمة إلى مرحلة الابتكار الأصيل، وإنتاج معارف جديدة عن طريق البحث وفق منهج علمي سليم، يؤدي إلى الأحكام الصائبة والنتائج الواثقة.
أيضا، جسدت حضارة الإسلام معنى عالمية المعرفة عندما انفتحت على العوالم المجاورة، وأثبتت أن الثقافة الإنسانية ذات موارد متعددة بين شرقية وغربية، يغذي بعضها بعضا، دون أن تقام بينهما حواجز منيعة لا تسمح باتصال أو تبادل، فحافظت على شجرة العلوم والمعارف خضراء يانعة، وارفة الظل وغزيرة الثمار. وأثبتت اللغة العربية أيضا عالميتها وصلاحيتها لأن تكون لغة العالمية وصلاح الإسلام لأن يكون دينا للعالمين[6].
فمتى إذن وقف الإسلام في وجه حضارة نافعة للناس؟!
وموقف الإسلام من الحضارة الغربية السائدة اليوم هو موقفه من كل حضارة سابقة، يتقبل كل ما يستطيع أن تمنحه من خير، ويرفض ما فيها من شرور، فهو لا يدعو إلى عزلة علمية أو مادية، ولا يعادي الحضارات الأخرى معاداة شخصية؛ لإيمانه بوحدة البشرية واتصال الوشائج بين البشر من جميع الأجناس والاتجاهات.
إذن فلا خوف من أن تقف الدعوة الإسلامية دون استخدام ثمار الحضارة الحديثة، كما يفهم بعض البلهاء من المثقفين، ولن يشترط المسلمون أن تكون الأدوات والآلات مكتوبا عليها “بسم الله الرحمن الرحيم” حتى يقبلوا استخدامها، وإنما يكفي أن يستخدموها هم باسم الله وفي سبيل الله.
وكذلك لن تقف الدعوة الإسلامية دون التفاعل مع التجارب العلمية التي تنتجها البشرية في أي مكان على الأرض، فكل تجربة بشرية صالحة هي غذاء يجب أن يجربه المسلمون، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «طلب العلم فريضة».[7]والعلم حين يطلق هكذا يشمل كل علم، وقد كانت دعوة الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى العلم كافة، ومن كل سبيل.
كلا! لا خوف من وقوف الإسلام في وجه الحضارة ما دامت نفعا للبشرية، أما إذا كانت الحضارة هي الخمر والميسر، والدعارة الخلقية، والاستعمار الدنيء، واستعباد البشر، فحينذاك يقف الإسلام حقا في وجه هذه “الحضارة” المزعومة، ويقيم نفسه حاجزا بين الناس، وبين التردي في مهاوي الهلاك[8].
الخلاصة:
- جاء الإسلام برسالة حضارية إلى العالم، تميزت بأنها تستطيع أن تقدم للإنسان الإيمان ولا تسلبه العلم، وتعطيه الدين ولا تحرم عليه الدنيا، وتصله بالسماء ولا تمنعه من عمارة الأرض، وتمنحه نور الوحي ولا تحرمه نور العقل، وتقوي صلته بالخالق ولا تقطعه عن الخلق.
- تميزت هذه الرسالة الحضارية بالتوازن والوسطية والتكامل، وهي الخصائص التي لم توجد في أية حضارة أخرى.
- إن معرفة ماهية الإسلام وأصوله تؤكد أنه دين يدعو إلى التطور والتجديد، ولو كان يحث على التحجر والجمود؛ لظلت جماعة المسلمين على حالتها الأولى حال نشأتها ولما تطورت وسادت العالم بثقافتها.
- انطوى الإسلام على مبدأ الانفتاح والتعارف، وقد مارس المسلمون هذا المبدأ فتعارفوا على شعوب كثيرة من غير ملتهم، ونهلوا من تراثهم وثقافتهم، وعلومهم في كل المجالات، فلم يقفوا في وجه حضارة نافعة للناس.
- موقف الإسلام من الحضارة الحديثة كموقفه من كل حضارة سابقة، لا يقف في وجهها ما دامت نفعا للبشرية.
(*) شبهات حول الإسلام، محمد قطب، دار الشروق، القاهرة، ط23، 1422هـ/ 2001م.
[1]. مظاهر التجديد في فكر مالك بن نبي ، مقال د. عائشة يوسف المناعي ، ضمن أبحاث ووقائع المؤتمر الثالث عشر للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، 1423هـ/ 2002م، ص658.
[2]. حاجة البشرية إلى الرسالة الحضارية لأمتنا، د. يوسف القرضاوي، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1421هـ/ 2000م، ص72: 79 بتصرف.
[3]. مناقشات وردود، محمد فريد وجدي، دار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط1، 1415هـ/ 1995م، ص395: 397 بتصرف.
[4]. معالم الحضارة في الإسلام: وأثرها في النهضة الأوربية، عبد الله ناصح علوان، دار السلام، القاهرة، ط4، 1425هـ/ 2005م، ص26: 28 بتصرف يسير.
[5]. المسلمون والتفاعل الحضاري، مقال د. أحمد عبد الرحيم السايح، ضمن أبحاث ووقائع المؤتمر السابع عشر للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، 1426هـ/ 2005م، ص508، 509 بتصرف.
[6]. أثر الحضارة الإسلامية في الحضارة الغربية، مقال د. أحمد فؤاد باشا، ضمن أبحاث ووقائع المؤتمر السابع عشر للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، تحت عنوان “إنسانية الحضارة الإسلامية” القاهرة، 1426هـ/ 2005م، ص369، 370 بتصرف.
[7]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، افتتاح الكتاب في الإيمان وفضائل الصحابة والعلم (224)، وأبو يعلى في مسنده، محمد بن سيرين عن أنس (2837)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (72).
[8]. شبهات حول الإسلام، محمد قطب، دار الشروق، القاهرة، ط23، 1422هـ/ 2001م، ص158، 159 بتصرف يسير.