ادعاء أن القرآن نص غامض بدليل كلمة “سورة”
وجها إبطال الشبهة:
1) لا غموض ولا إبهام في كلمة “سورة”؛ لأنها مشتقة من السور، وهو الحائط الذي يحمي ما بداخله فكأن السورة حائط معنوي يحفظ ما بداخله ويجمعه.
2) السورة في اصطلاح العلماء هي طائفة من الآيات القرآنية جمعت وضم بعضها إلى بعض، ولا مشاحة في الاصطلاح كما هو معلوم.
التفصيل:
أولا. كلمة سورة لا إبهام فيها ولا غموض:
إن كلمة سورة لا إبهام فيها ولا غموض؛ لأنهم قالوا: إنها مشتقة من السور وهو حائط المدينة، فكأن كل مجموعة من الآيات محاطة بسور معنوي لا يسمح لنقطة أو لحرف بالدخول أو الخروج، وهذا كناية عن الحفظ والعصمة.
وقد يكون الاشتقاق من الإبانة والارتفاع.
قال الجوهري في الصحاح: ” والسور – أيضا – جمع سورة، مثل بسرة وبسر، وهو كل منزلة من البناء، ومنه سورة القرآن؛ لأنها منزلة بعد منزلة مقطوعة عن الأخرى.
ثم استشهد بقول النابغة:
ألم تر أن الله أعطاك سورة
ترى كل ملك دونها يتذبذب
يريد شرفا وعزا، وكأن القارئ ينتقل بقراءته من سورة إلى أخرى، ومن منزلة إلى أخرى، كما يقول ابن كثير، فأي غموض في هذه اللفظة[1].
وقيل: سميت “سورة”؛ لأنها ضمت آياتها بعضها إلى بعض، كما أن السور تضع لبناته بعضها فوق بعض حتى يصل إلى الارتفاع الذي يراد.
وقيل: مأخوذ من السور أو السؤر، وهو ما بقي من الشراب في الإناء، كأنها قطعة من القرآن وبقية منه، وهي على هذا مهموزة، وحذفت همزتها تخفيفا[2].
ثانيا. تعريف كلمة “سورة” كما وردت في اصطلاح العلماء:
السورة في اصطلاح العلماء: هي مجموعة من الآيات القرآنية، جمعت وضم بعضها إلى بعض حتى بلغت الطول والمقدار الذي أراده الله سبحانه وتعالى لها.
وهذا يدل على أنها ليست لفظة مبهمة ولا غامضة.
ومعرفة سور القرآن كلها توقيفي كمعرفة آياته، وسور القرآن تختلف طولا وقصرا، فأطول سورة هي “البقرة”، وأقصر سورة هي “الكوثر”، وكان من علامة ابتداء السورة نزول “بسم الله الرحمن الرحيم”، وهي أول ما ينزل منها، يدل على ذلك ما جاء عن ابن عباس أنه قال: «كان النبي – صلى الله عليه وسلم – لا يعرف فصل السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم»[3]. وفي رواية: «كان جبريل إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم “ببسم الله الرحمن الرحيم” علم أن السورة قد انقضت»[4]. يعني هي دلالة على انقضاء ما قبلها، وعلى ابتداء سورة بعدها[5].
إن لفظة “سورة” وردت في الآيات المكية وجاءت أيضا في الآيات المدنية، فقد وردت لفظة “سورة” في القرآن بصيغة المفرد وصيغة الجمع في السور المكية والمدنية على السواء، فقد وردت بصيغة المفرد تسع مرات، ثمان منها في سور مدنية هي: البقرة والتوبة والنور ومحمد، والتاسعة في سورة يونس المكية. ووردت مرة واحدة بصيغة الجمع في سورة هود المكية أيضا[6].
الخلاصة:
- إن القرآن الكريم نص واضح لا إبهام فيه ولا غموض، وإنما هو كلام عربي مبين لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
- وكلمة “سورة” التي قالوا إنها غامضة – وهي ليست كذلك – مشتقة من السور: وهو حائط المدينة، وقيل إنها مشتقة من الإبانة والارتفاع، وقيل: لأنها ضمت آياتها بعضها إلى بعض، وقيل مأخوذة من السؤر، وهو ما بقي من الشراب في الإناء كأنها قطعة من القرآن.
- والسورة في اصطلاح العلماء: هي طائفة من الآيات القرآنية جمعت وضم بعضها إلى بعض حتى بلغت الطول والمقدار الذي أراده الله – عز وجل – لها، وهذا يدل على أن لفظة ” سورة” ليست مبهمة ولا غامضة.
- لفظة “سورة” لم تأت في الآيات المكية فقط، بل وردت في الآيات المكية والمدنية على السواء.
(*) المستشرقون والقرآن، إسماعيل سالم عبد العال، سلسلة دعوة الحق، رابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة، السنة العاشرة، العدد 120، 1412هـ/ 1991م. المدخل لدراسة القرآن الكريم، د. محمد بن محمد أبو شهبة، مكتبة السنة، القاهرة، ط2، 1423هـ/ 2003م.
[1]. المستشرقون والقرآن، إسماعيل سالم عبد العال، سلسلة دعوة الحق، رابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة، السنة العاشرة، العدد 120، 1412هـ/ 1991م،ص 22، 23.
[2]. المدخل لدراسة القرآن الكريم، د. محمد بن محمد أبو شهبة، مكتبة السنة، القاهرة، ط2، 1423هـ/ 2003م، ص317.
[3]. صحيــح: أخرجـه أبو داود في سننـه، كتـاب الصـلاة، بـاب من جهـر بالبسملـة (788)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الصلاة، باب الدليل على أن ما جمعته مصاحف الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ كله قرآن (2473)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4864).
[4]. صحيح: أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الأثار، ج3، ص405، 406، باب بيان مشكل ما اختلف فيه عن عثمان بن عفان وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما في الأنفال وبراءة (1375)، وصححه الأرنؤوط في تعليقه على شرح المشكل.
[5]. المدخل لدراسة القرآن الكريم، د. محمد بن محمد أبو شهبة، مكتبة السنة، القاهرة، ط2، 1423هـ/ 2003م، ص318.
[6]. المستشرقون والقرآن، إسماعيل سالم عبد العال، سلسلة دعوة الحق، رابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة، السنة العاشرة، العدد 120، 1412هـ/ 1991م، ص23.