ادعاء أن صفة الجاهلية إنما أطلقها النبي – صلى الله عليه وسلم – ليخفي تأثره بالمجتمع العربي
وجوه إبطال الشبهة:
1) الجاهلية بمفهومها العام ليست مرحلة زمنية خاصة، بل هي وضع اجتماعي يتكرر كلما وجدت سماته وخصائصه.
2) الجدال بمجرده ليس دليلا على علم أو فكر، فربما كان توقحا يجحد البداهات.
3) إن بعد الحياة العربية وقت بعثته – صلى الله عليه وسلم – عن مبادئ الإسلام كانت من أهم مقتضيات بعثته – صلى الله عليه وسلم – ليخرج الناس من الظلمات إلى النور.
التفصيل:
أولا. مفهوم الجاهلية، وثورة الإسلام على عاداتها:
الجهل لغة: نقيض العلم, يقال جهلت الشيء جهلا وجهالة بخلاف علمته، وجهل على غيره: سفه وأخطأ.
وجهل الحق: أضاعه، فهو جاهل، وجهل، وجهلته – بالتثقيل – نسبته إلى الجهل.
وفي الاصطلاح: اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه، وهو قسمان: بسيط، ومركب.
- الجهل البسيط: هو عدم العلم ممن شأنه أن يكون عالما.
- الجهل المركب: عبارة عن اعتقاد جازم غير مطابق للواقع[1].
والجاهلية من حيث الاشتقاق اللغوي مصدر صناعي مأخوذ من الجاهلي نسبة إلى الجهل.
وقد ورد لفظ “الجاهلية” في آيات القرآن الكريم, وهو يحمل في كل آية صفة من صفاته التي تميزه بأنه يعبر عن ظاهرة اجتماعية إنسانية، قبل أن يكون وقتا وزمنا خاصا، فإذا قيل: إن ما قبل بعثة الرسول – صلى الله عليه وسلم – يمثل عصر الجاهلية, فمعنى ذلك: أنه كانت هناك ظاهرة اجتماعية تغلب على المجتمع البشري، هي ظاهرة القبلية في علاقات المجتمع، وظاهرة الأنانية في علاقات الأفراد، وإذا كان معنى “الجاهلية” يشير إلى ظاهرة اجتماعية خاصة، فإنها تتكرر في وقت لاحق لبعثته – صلى الله عليه وسلم – في كل مجتمع تتوفر فيه عناصرها.
وعناصر مفهوم: “الجاهلية” التي تتجمع من خلال عرض القرآن الكريم لها في آياته تشكل:
- اتباع الهوى، وعدم العدل في الحكم، أي: مراعاة الأحساب والأنساب، والتفرقة بين الناس حسب منازلهم, يقول الله سبحانه وتعالى: )وأن احكم بينهم بما أنزل الله( (المائدة: ٤٩), أي: بين قبائل العرب جميعا, وبين الناس كافة وما أنزل الله هو العدل المجرد، )ولا تتبع أهواءهم(، أي: لا تسر في الحكم وفق ميولهم، فميولهم متأثرة بالمعاني والعادات القبلية )واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك(, وذلك باتباع أهوائهم, )فإن تولوا( أي: وإن أعرضوا وغضبوا لأنك لم تتبع أهواءهم: ) فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون (49) أفحكم الجاهلية يبغون( (المائدة), أي: أيريدون أن تقضي بينهم وفقا للعادات القبلية، وهي تلك العادات التي تفرق في الحكم بين منازل الناس الاجتماعية؟
- مسلك الأنفة والغضب، وعدم الاحتكام إلى العقل والمنطق، يقول الله سبحانه وتعالى: )وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا (24)( (الفتح) إلى أن يقول: )إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية( (الفتح: 26) أي: الغضب والحمق, )فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى( (الفتح: 26).
ففي صلح الحديبية بعد أن اقتنع المشركون بقوة المسلمين المتزايدة، ووافقوا على ألا يقفوا في سبيلهم في العام القادم إلى الحج بمكة، جاءوا عند كتابة العهد بينهم وبين المسلمين وأظهروا حمقا في حذف بعض الصيغ التي كان يمليها المسلمون، بينما كان مسلك المسلمين: التأني وضبط النفس واتقاء الإثارة، وتجنب كل ما يؤدي إلى الفشل، ما دام لا يضار الهدف من عهد الصلح، وهو الوصول إلى مكة لأداء مناسك الحج في أمان، في وقت لم يأن الأوان بعد لفتحها بالقوة وإخلاء بيت الله الحرام من الشرك والمشركين, فسمت الآية مسلك المشركين عند كتابة العهد: بحمية الجاهلية, وهو مسلك الحمق وعدم تحكيم المنطق, بينما سمت مسلك المسلمين: بالسكينة, أي: بالهدوء، والتقوى، وتجنب الإثارة.
- صفة الجبن القائم على تخيل باطل للحياة والموت، وهو أن الخروج إلى ميدان القتال يقرب أجل الإنسان إلى الموت، بينما الاحتماء بعيدا عنه يحول دون ذلك, يقول الله عز وجل:)ثم أنزل عليكم من بعد الغم( (آل عمران: ١٥٤)، أي: ضيق النفوس وقلقها؛ بسبب ما حدث للمؤمنين في غزوة أحد. )أمنة( أي: اطمئنانا، وكان كما قال عز وجل: )نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم( (آل عمران: ١٥٤), وهم المنافقون: )يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء( (آل عمران: ١٥٤)، أي: ليس لنا فيما وقع سبب: )قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا( (آل عمران: ١٥٤)، أي: لو أخذ رأيهم لما نصحوا بالخروج إلى القتال في “غزوة أحد” وما قتل من قتل )قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم( (آل عمران: ١٥٤), أي: قل أيها الرسول وبلغهم وبلغ الناس جميعا أن قضاء الله لا يرد، ومن كتب عليه الموت فسيلقاه حتما مهما احتاط وحافظ على حياته، فالخروج إلى ميدان القتال لا يقرب من أجل الموت، وكذلك البقاء في حماية الدار لا يبعد شبحه, وصفة الجبن هذه إنما تعود إلى الأنانية، وإذا سادت في المجتمع فإنه يكون مجتمعا قبليا أو جاهليا.
- تمثل الدعوة السافرة من جانب المرأة لإغراء الرجل بها، يقول الله سبحانه وتعالى: )ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى( (الأحزاب: 33), أي: لا تبرزن مفاتنكن لتغرين بهن الرجال، فإن ذلك سمة الجاهلية التي لا تعرف تهذيبا ولا سموا في الإنسانية، ولا ترفعا عن دنايا الشهوة وانحطاطها.
ومما سبق يتبين لنا أن اتباع الهوى في الحكم بين الناس، وعدم الاحتكام إلى العقل، والجنوح إلى الحمق في المعاملة، والجبن القائم على التصور الباطل في شأن الحياة والموت، وتفريط المرأة في عرضها، هي مظاهر “الجاهلية” في المجتمع، فأي مجتمع تسود فيه هذه الخصائص هو مجتمع جاهلي – في المستوى الإنساني – ولو كان مجتمعا متقدما في العلم والصناعة، وأي مجتمع آخر يرعى العدل، ويحكم أفراده العقل في معاملة بعضهم بعضا، ولا يتهيب أعضاؤه الموت في سبيل الدفاع عن قيمهم العليا، وتحافظ المرأة فيه على حياتها وكرامتها.. هو مجتمع حضاري في الإنسانية، ولو كان مجتمعا زراعيا لم يدخل بعد في عصر التصنيع[2].
وعلى ذلك فالناس قبل مبعث النبي – صلى الله عليه وسلم – كانوا في حال جاهلية، فإن ما كانوا عليه من الأقوال والأعمال كان سببه الآصل هو الجهل، ويستدل على ذلك بما رواه ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال: «إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة في سورة الأنعام: )قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين (140)( (الأنعام)» [3].
فالجاهلية من حيث كونها اسما لزمن تطلق على الفترة التي كانت قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم, فالعرب على هذا كانوا قبل الإسلام جاهليين في زمن جاهلي، وهم كانوا جاهليين, أي: غير عالمين، أو غير متبعين لما يقتضيه العلم, أو كان سلوكهم على غير مقتضاه.
ويجب أن نشير إلى أن وصف الجاهلية للفترة التي سبقت الإسلام، هو وصف لهذه الفترة في مجموعها، وليس معنى ذلك أن كل من عاش فيها كان جاهلا أو متصفا بالجاهلية، فإن من العرب من عرف بالعلم والحكمة والعقل، ولكن هؤلاء كانوا أفرادا قلائل بالنسبة إلى المجموع، ولكن الأعم الأغلب هو تفشي الجهل بين العرب قبل الإسلام، ومن هنا غلب عليهم وصف الجاهليين، ووصف الفترة التي عاشوا فيها بالجاهلية.
وكان العرب يشهدون على أنفسهم بعد إسلامهم أنهم كانوا في جاهلية وشر، قال حذيفة بن اليمان – رضي الله عنه – للنبيصلى الله عليه وسلم: «يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فأتانا الله بهذا الخير, فهل بعد هذا الخير من شر؟»[4] وقال النبي – صلى الله عليه وسلم – لرجل من أصحابه عير أخاه بأمه: «إنك امرؤ فيك جاهلية»،[5] وذكر عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – «أنه نذر في الجاهلية بنذر، فأمره رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالوفاء»[6]. وقال جعفر بن أبي طالب للنجاشي: «أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار»[7] [8].
فهذا اعتراف من العرب بعدما أسلموا أنهم كانوا في جاهلية، فلماذا ينكر هؤلاء المشككون هذه الحقيقة؟! ولماذا يدعون أن محمدا – صلى الله عليه وسلم – هو الذي أطلق هذا الاسم؟
ثانيا. الجدال ليس دليل ذكاء أو ثقافة أو عمق علمي:
إن استغراب هؤلاء من وصف العرب قبل الإسلام بالجهل من قبل القرآن والرسول – صلى الله عليه وسلم – رغم أنهم كانوا يحاورون الرسول – صلى الله عليه وسلم – في المسائل المعضلة التي ينفق الفلاسفة فيها حياتهم دون أن يوفقوا في حلها، وهم يقصدون بذلك إنكارهم النبوات والمعجزات، والبعث، وما أشبه ذلك – استغراب لا يعتمد على دليل ولا يسنده عقل.
وفي هذا الصدد يقول د. إبراهيم عوض: ألا ما أكثر العوام الذين يرهقون كبار المفكرين باعتراضاتهم الجاهلة السقيمة، وعنادهم الأرعن إذا وضعتهم المصادفات في طريقهم، ومن هؤلاء على سبيل المثال رجل من أهل الريف له علاقة ببعض زعماء طائفة البهرة[9], كلما حاولت أن أشرح له أنهم لا يتبعون الإسلام الصحيح, رد علي بجميع ثقته: “ولكني رأيتهم يضعون المصحف على صدورهم احتراما لكلام الله”! قل لي أيها القارئ العزيز: كيف يمكن أن أمضي مع هذا الرجل، صاحب العلم والذكاء، في مثل تلك المناقشات؟ وطبعا هذا وأمثاله “أصحاب علم وذكاء” – كما يظن هؤلاء – أليسوا يجادلون فيما يتجادل فيه الفلاسفة، وفيما ينفقون فيه الأعمار الطوال دون أن يصلوا إلى حل؟ لا بل هم أفضل من الفلاسفة؛ لأن الفلاسفة يفكرون مليا قبل أن يجيبوا، بل قد ينفقون في ذلك حياتهم، وربما لا يبلغون بعد هذا كله شيئا، أما هؤلاء فإنهم “يفهمونها وهي طائرة”، وجوابهم جاهز لا يكلفهم جهدا ولا يستغرق وقتا، فما رأيك أيها القارئ في هذا اللون من الاستدلال؟
لقد كان مشركو العرب أجهل من عوامنا الحاليين وأمعن في الضلال وفي سخف العقل، وردودهم في القرآن خير شاهد على ما نقول: لقد كان ردهم على الرسول – صلى الله عليه وسلم – عندما أخبرهم أنه نبي مرسل هو: )وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا (90) أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا (91) أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا (92) أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا (93)( (الإسراء), أو )وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم (31)( (الزخرف)؛ إذ كانوا لا يفهمون كيف يكون النبي من غير مشاهيرهم، وذوي الثروات الطائلة منهم، أما إذا أنبأهم بأمر البعث فقد كانوا يتساءلون: )أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون (16) أوآباؤنا الأولون (17)( (الصافات). وهكذا… وهكذا, بل إن اليهود، وهم أهل كتاب وكانوا مثقفين ثقافة عالية بالنسبة للعرب، كان كل ما عندهم هو من مثل قولهم: )إن الله فقير ونحن أغنياء( (آل عمران: 181)، وذلك عندما كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – يحض على إقراض الله قرضا حسنا، أي على الإنفاق في سبيل الخير، بل لقد طلبوا منه أن يأتيهم بقربان تأكله النار حتى يصدقوا أنه نبي، وغير ذلك من السخافات والتنطعات والحماقات، أفهذه أفكار فلاسفة؟ أفذاك هو الدليل على علمهم وذكائهم ورقة عواطفهم؟ صدق من قال: “حاججت جاهلا فغلبني، وحاججت عالما فغلبته”!
فهذا هو الأساس الأول الذي يقيم عليه هؤلاء تخطئتهم للقرآن وللرسول – صلى الله عليه وسلم – في وصف الفترة السابقة على الإسلام بـ “الجاهلية”، أما الأساس الثاني فهو أن القرآن قد تحدى الجاهليين بقولهسبحانه وتعالى: )فأتوا بعشر سور مثله مفتريات( (هود: 13)، أو )قل فأتوا بسورة مثله( (يونس: 38)، والتحدي – كما يزعمون – لا يكون للضعيف ولا يكون إلا من الأقران الأكفاء.
فلا يتصور أن تتحدى الولايات المتحدة الأمريكية – مثلا – دولة من العالم الثالث، ولكنها قد تتحدى روسيا، أو الصين الشعبية في القوة العسكرية، واليابان في التجارة والاقتصاد، ولا يعقل أن يتحدى بطل العالم في رياضة ما لاعبا مغمورا، إنه إذا فعل ذلك سيكون موضع سخرية الجميع, وكذلك يزعمون أن تحدي القرآن له دلالة قاطعة على أنهم كانوا على قدر ملحوظ من التقدم من الناحية التي تحداهم فيها، وهي الناحية البلاغية، والمعرفية، والثقافية، وهي تمثل جانبا من الموازين التي توزن بها أقدار الشعوب.
وأول ما نصك به وجه هذا التلفيق الثقيل الظل, هو أنه لم يحدث أن بدأهم القرآن بالتحدي، بل هم الذين تحدوه زاعمين أنه من صنع البشر، بل بلغ بهم الحال أن أخذوا يذيعون أنهم قادرون على أن يأتوا بمثله، ومن ثم فلا فضل لمحمد صلى الله عليه وسلم – في هذا – يخول له ادعاء النبوة في نظرهم: )وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين (31)( (الأنفال), وكذلك كان اليهود من جانبهم يرفدونهم[10] بالأسئلة السخيفة, التي يظنون أنها ستحرج محمداصلى الله عليه وسلم, زاعمين لهم أن وثنيتهم خير من التوحيد الذي جاء به، فكان لا بد أن يرد القرآن على تحديهم، و إلا لقيل إن رب محمد – صلى الله عليه وسلم – عاجز عن الرد، ولكان هذا تسليما بما يقولون.
ثم إن القرآن مثلا قد تحدى الأرباب الوثنية أن يخلقوا ذبابا، ولو اجتمعوا كلهم على ذلك، فهل معنى هذا أن الأصنام والأوثان كانت قادرة على الخلق والإبداع، بحيث يمكنها إيجاد ذباب من العدم؟ أليست هذه طريقتهم في الفهم؟ وكذلك تحدى القرآن الكفار أن يرجعوا أرواح موتاهم إذا بلغت الحلقوم، فهل معنى هذا أنه كان بإمكانهم أن يتغلبوا على الموت، ويطيلوا أعمار موتاهم إلى الأبد؟ أليس يرى القارئ تهافت منطقهم, وأنه ليس عندهم إلا اللجاج واللدد في الخصام؟ لقد كان المشركون يتهمون النبي – صلى الله عليه وسلم – بأنه هو مؤلف القرآن، وأن قرآنه هذا ليس إلا شعرا، أو كهانة، أو أساطير من أساطير الأولين، فكان الرد المنطقي هو أن يقول لهم: وأنتم بشر مثلي وتستطيعون أن تقولوا الشعر، أو تستعينوا بالكهان، أو تنقلوا عن أساطير الأولين، فهيا اجهدوا جهدكم وأشركوا معكم في الأمر من تحبون وأروني مقدرتكم على الإتيان بمثله، أو بعشر سور منه، أو حتى بسورة واحدة[11]!
ثالثا. إن حال العرب قبل بعثته – صلى الله عليه وسلم – وما هم فيه من جاهلية، وانحلال اجتماعي، وتفشي العادات المنكرة – هي التي قضت ببعثته صلى الله عليه وسلم:
يقول الشيخ أبو الحسن الندوي واصفا حال العرب في هذه الحقبة: “أما العرب، فقد امتازوا بين أمم العالم وشعوبه في العصر الجاهلي بأخلاق ومواهب تفردوا بها أو فازوا فيها بالقدح المعلى، كالفصاحة وقوة البيان, وحب الحرية والأنفة والفروسية والشجاعة, والحماسة في سبيل العقيدة, والصراحة في القول, وجودة الحفظ وقوة الذاكرة, وحب المساواة وقوة الإرادة, والوفاء والأمانة.
ولكن ابتلوا في العصر الأخير – عصر ما قبل البعثة – لبعد عهدهم من النبوة والأنبياء، وانحصارهم في شبه جزيرتهم، وشدة تمسكهم بدين الآباء وتقاليد أمتهم – بانحطاط ديني شديد ووثنية سخيفة قلما يوجد لها نظير في الأمم المعاصرة، وأدواء خلقية واجتماعية جعلت منهم أمة منحطة الأخلاق, فاسدة المجتمع, متضعضعة الكيان, حاوية لأسوأ خصائص الحياة الجاهلية، وبعيدة عن محاسن الأديان.
- وثنية الجاهلية:
كان الشرك هو دين العرب العام والعقيدة السائدة، كانوا يعتقدون في الله أنه الإله الأعظم, خالق الأكوان, ومدبر السماوات والأرض، بيده ملكوت كل شيء فلئن سئلوا: من خلق السماوات والأرض ليقولن: خلقهن العزيز العليم، قال تعالى: )ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون (87)( (الزخرف), ولكن ما كانت حوصلة فكرهم الجاهلي تسع توحيد الأنبياء في خلوصه وصفائه وسموه، وما كانت أذهانهم البعيدة العهد بالرسالة والنبوة والمفاهيم الدينية, تسيغ أن دعاء أحد من البشر يتطرق إلى السماوات العلى ويحظى عند الله بالقبول مباشرة بغير واسطة وشفاعة، قياسا على هذا العالم القاصر وعاداته وأوضاع الملوكية الفاسدة ومجاري الأمور فيها، فبحثوا لهم عن وسطاء توسلوا بهم إلى الله وأشركوهم في الدعاء، وقاموا نحوهم ببعض العبادات، ورسخت في أذهانهم فكرة الشفاعة حتى تحولت إلى عقيدة قدرة الشفعاء على النفع والضرر، ثم ترقوا في الشرك فاتخذوا من دون الله آلهة، واعتقدوا لهم مماثلة ومشاركة في تدبير الكون، وقدرة ذاتية على النفع والضرر والخير والشر والإعطاء والمنع.
فإذا كان الأولون يعترفون لله بالألوهية والربوبية الكبرى، ويكتفون بالشفعاء والأولياء, كان الآخرون يشركون آلهتهم مع الله, ويعتقدون فيهم قدرة ذاتية على الخير والشر, والنفع والضر, والإيجاد والإفناء, مع معنى غير واضح عن الله كإله أعظم ورب الأرباب. ولم يزل هذا الفريق الثاني يقوي أمره ويستفحل مع إمعان القوم في الجاهلية وقرب هذه النزعة الوثنية إلى الحواس والمحسوسات، واتفاقه مع ضعف التفكير حتى أصبحت هذه العقيدة هي السائدة، وأصبح الذين يميزون بين الآلهة والوسطاء شواذ في الأمة، وهكذا انغمست الأمة في الوثنية وعبادة الأصنام بأبشع أشكالها، فكان لكل قبيلة أو ناحية أو مدينة صنم خاص، بل كان لكل بيت صنم خصوصي” [12].
- الحياة الاجتماعية عند العرب قبل الإسلام:
لقد ساءت الأحوال الاجتماعية عند العرب قبل الإسلام، كما ساءت الأحوال الدينية، فلقد كان للعرب أوضاع، وتقاليد اجتماعية، وقوانين عرفية فيما يتعلق بالأنساب والأحساب، وعلاقة القبيلة بالأخرى، وعلاقة الأفراد بعضهم ببعض، وفيما يتعلق بالأسرة من نكاح وطلاق، وثبوت نسب، ووضع المرأة في الأسرة، والبنين والبنات، ونظام التوارث إلى غير ذلك مما يتعلق بالحالة الاجتماعية.
فقد حرص العرب حضرا وبدوا على المحافظة على أنسابهم، فلم يصاهروا غيرهم من الأجناس الأخرى، اعتزازا بالدم العربي أن يختلط بغيره، وقد أبى النعمان بن المنذر أن يزوج إحدى بناته من كسرى، أو أحد أولاده مع أنه كان تابعا له، وتحمل في سبيل ذلك ما تحمل، وقد بالغوا في التفاخر بهذا حتى أضاعوا وقتهم فيه، قال عز وجل: )ألهاكم التكاثر (1) حتى زرتم المقابر (2)( (التكاثر).
ولما جاء الإسلام قضى على ذلك، وبين لهم أن التفاضل, إنما هو بالتقوى والعمل الصالح، وأن النسب الأصيل إذا اجتمع إليه العلم والعمل بلغ الإنسان غاية الكمال.
وقد كانت المرأة عند كثير من القبائل كسقط المتاع[13]، فقد كانت تورث، وكان الابن الأكبر للزوج من غيرها من حقه أن يتزوجها بعد وفاة أبيه، أو يعضلها[14] عن النكاح، حتى أبطل الإسلام ذلك, وكان الابن يتزوج امرأة أبيه، فحرم الإسلام ذلك، وسماه “نكاح المقت”، وما كانوا يورثونها ويقولون: إنما يرث من يحارب ويجالد حتى جعل الإسلام لها حقا مفروضا، كما كانوا يجمعون بين الأختين حتى حرم ذلك الإسلام.
ولم يكن للعرب حد محدود في النكاح، فقد جاء الإسلام ومنهم من له العشر من النساء والأكثر، والأقل، فقصر ذلك على أربع إن علم أنه يستطيع الإنفاق عليهن، والعدل بينهن، فإن خاف عدم العدل فليكتف بواحدة، وما كانوا في الجاهلية يلتزمون العدل بين الزوجات، وكانوا يسيئون عشرتهن، ويهضمون حقوقهن, حتى جاء الإسلام فأنصفهن، وأوصى بالإحسان إليهن في العشرة، وقرر لهن حقوقا ما كن يحلمن بها.
وكذلك كانوا يسرفون في الطلاق من غير أن يكون هناك داع مشروع، أو مقبول، فلم يكن للطلاق عندهم حد محدود، فكان الرجل يطلق ثم يراجع، وهكذا, فلما جاء الإسلام قيد ذلك، وأعطى للزوج فرصة لتدارك أمره، ومراجعة زوجته مرتين، فإن طلق الثالثة فقد انقطعت عروة النكاح، ولا تحل له إلا بعد أن تنكح زوجا آخر ثم يطلقها أو يموت عنها، ففي الكتاب الكريم: )الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان( (البقرة: 229)[15]، وفيه: )فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون (230)( (البقرة).
وكان العرب يعيرون بالبنات؛ لأن البنت لا تخرج في الغزو، ولا تحمي البيضة – القبيلة – من المعتدين عليها، ولا تعمل فتأتي بالمال شأن الرجال، وإذا ما سبيت اتخذت للوطء تتداولها الأيدي لذلك، بل ربما أكرهت على احتراف البغاء، ليضم سيدها ما يصير إليها من المال بالبغاء إلى ماله – وقد كانت العرب تبيح ذلك ـ, وقد كان هذا يورث الهم والحزن والخجل للأب عندما تولد له بنت.
وقد حدثنا القرآن الكريم عن حالة من تولد له بنت قال عز وجل: )وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم (58) يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون (59)( (النحل).
وكثيرا ما كانوا يختارون دسها في التراب، ووأدها حية، ولا ذنب لها إلا أنها أنثى، ولذلك أنكر القرآن الكريم عليهم هذه الفعلة الشنيعة، قال عز وجل: )وإذا الموءودة سئلت (8) بأي ذنب قتلت (9)( (التكوير).
وكان بعض العرب يقتل أولاده من الفقر، أو خشية الفقر, فجاء الإسلام وحرم ذلك قال عز وجل: )قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون (151)( (الأنعام), وقال عز وجل: )ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا (31)( (الإسراء)[16].
“فلما جاء الإسلام قضى على ذلك، وكرم البنات والبنين، وأوصى بهن وبهم خيرا، وكان في المثل العالية التي كان يضربها النبي – صلى الله عليه وسلم – في معاملة بناته وبنات المسلمين أكبر معلم ومهذب في هذا ” [17].
وكانت تقوم بين القبائل الحروب لأتفه الأسباب، من أجل ناقة، أو سباق فرس، أو نحو ذلك، وذلك كحرب البسوس التي قامت بين بكر وتغلب أربعين عاما من أجل ناقة حتى أكلت الكثير من أبطالهم ورؤسائهم، وكحرب داحس والغبراء، التي قامت ودامت طويلا بسبب سباق فرسين. وكان يغلب على بعض قبائل البدو السطو والإغارة بقصد نهب الأموال، وسبي الأحرار وبيعهم، كما حدث لزيد بن حارثة, فقد كان عربيا حرا، وسلمان الفارسي فقد كان فارسيا حرا، وقد قضى الإسلام على ذلك حتى كانت تسير المرأة – فضلا عن الرجل – من صنعاء إلى حضرموت، لا تخاف إلا الله والذئب على غنمها[18].
وهكذا كانت الحياة الاجتماعية تعبر عن الفوضى السائدة في ذلك العصر، حيث وجدنا التفاخر بالأنساب، ووأد البنات، والسطو والإغارة على القبائل الضعيفة، وظلم المرأة، واضمحلال مكانتها بينهم، كل ذلك كان لا بد من تغييره وتعديله بما يناسب فطرة الإنسان السليمة من العدل، والمساواة بين الناس.
- الحياة الأخلاقية عند العرب قبل الإسلام:
“كانت أخلاق العرب قد ساءت وأولعوا بالخمر، وشاعت فيهم الغارات، وقطع الطريق على القوافل، والعصبية، والظلم، وسفك الدماء، والأخذ بالثأر واغتصاب الأموال، وأكل مال اليتامى والتعامل بالربا والسرقة والزنا” [19].
“وجملة القول أنهم وصلوا إلى حال لا يستحقون فيها اسم الجماعة، فقد أمعنوا في القسوة والمنكرات، ولم يتذرعوا بعلم، أو يعتصموا بقانون، وانحط الضمير الإنساني فيهم إلى أسفل درجاته، حتى بدلوا بالفضيلة الرذيلة، ونوهوا بأصحابها” [20].
ولا جرم أن تغير حال أمة كالأمة العربية وإحياءها وإحياء أمم الأرض بها، وقلب نظمها، وإصلاح جميع أحوالها وأمورها، وإخراجها من الفساد، والاختلال والفوضى، برجل كمحمد – صلى الله عليه وسلم – في حاله ونشأته، وفقره ويتمه وأميته، وبتلك السرعة العجيبة في ذلك الزمن القصير أمر لم يعهد له مثيل في تاريخ الإنسانية, فهو من أعجب العجائب، وأغرب الغرائب، بل هو معجزة التاريخ التي عقم بعدها، وبقيت وحدها.
حقا إنه لعجيب أن يتم هذا التحول في سنين قليلة، كأن ملائكة السماء هبطوا إلى الأرض، فنفثوا في نفوس العرب روح الصفاء والوئام، وأماتوا فيهم دواعي الانتقام، واستأصلوا عبادة الأصنام، والشغف بالقمار والخمور، وما إلى ذلك من القبائح والمناكير.
أبعد هذا كله يقولون: إن النبي – صلى الله عليه وسلم – هو الذي وصفهم بالجاهليين؟! كيف ذلك؟ وهو الذي أخرجهم من جاهلية الشرك إلى نور العلم والتوحيد, وصدق وصف الله – عز وجل – لنبيه صلى الله عليه وسلم: )هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين (2) وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم (3)( (الجمعة).
الخلاصة:
- مفهوم لفظ “الجاهلية” في آيات القرآن يحمل في كل آية منها صفة من صفاته التي تميزه بأنه يعبر عن ظاهرة اجتماعية إنسانية، قبل أن يكون وقتا وزمنا خاصا، فكل عصر تنطبق عليه هذه الظاهرة يسمى عصرا جاهليا, والعرب كانوا قبل الإسلام غير عالمين, أو غير متبعين لما يقتضيه العلم في سلوكهم, وهذا واقع؛ ولذلك وصفوا بالجاهليين.
- الجدال ليس دليلا على ذكاء أو ثقافة، أو عمق علمي، فما أكثر العوام الذين يرهقون كبار المفكرين، باعتراضاتهم الجاهلة السقيمة، وكان مشركو العرب أجهل من عوامنا الحاليين، وأمعن في الضلال وسخف العقل؛ إذ كانوا يتعجبون كيف يكون النبي من غير المشاهير وذوي الثروات. قال سبحانه وتعالى: )وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم (31)( (الزخرف).
- ولقد تردى العرب – قبل البعثة المحمدية – في هاوية الانحلال الاجتماعي، بما لم يعهد له مثيل في تاريخ الأمم، وتفشى في العرب كثير من العادات المنكرة، كشرب الخمور، والميسر، والسلب والنهب، فجاء النبي – صلى الله عليه وسلم – فغيرت رسالته وجه الأرض وقلبت نظم الأمم، وصبغتها بصبغتها في اللغة والدين، والأخلاق في سنين قليلة، وبسرعة خارقة للعادة.
(*) اليسار الإسلامي وتطاولاته المفضوحة على الله والرسول والصحابة، د. إبراهيم عوض، مكتبة زهراء الشرق، القاهرة، 1420هـ/ 2000م.
[1]. الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية الكويتية، ط1، 1409هـ/ 1988م، ج16، ص197.
[2]. من مفاهيم القرآن في العقيدة والسلوك، د. محمد البهي، مكتبة وهبة، القاهرة، ط2، 1415هـ/ 1994م، ص241: 244 بتصرف.
[3]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المناقب، باب قصة زمزم وجهل العرب (3334).
[4]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الفتن، باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة (6673)، وفي موضع أخر، ومسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن (4890).
[5]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب ما ينهى من السباب واللعن (5703)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الأيمان، باب إطعام المملوك مما يأكل وإلباسه مما يلبس (4403).
[6]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الاعتكاف، باب إذا نذر في الجاهلية أن يعتكف ثم أسلم (1938)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الأيمان، باب نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم (4382).
[7]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند أهل البيت، حديث جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه (1740)، وابن خزيمة في صحيحه، كتاب الزكاة، باب ذكر البيان أن فرض الزكاة كان قبل الهجرة إلى أرض الحبشة (2260)، وصححه الألباني في تحقيق فقه السيرة، ص115.
[8]. الرحيق المختوم، صفي الرحمن المباركفوري، دار المؤيد، الرياض، 1418هـ/ 1998م، ص95.
[9]. البهرة: طائفة شيعية تنتسب إلى الإسلام.
[10]. يرفد: يمد.
[11]. اليسار الإسلامي وتطاولاته المفضوحة على الله والرسول والصحابة، د. إبراهيم عوض، مكتبة زهراء الشرق، القاهرة، 1420هـ/ 2000م، ص189: 194 بتصرف يسير.
[12]. ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، أبو الحسن الندوي، مكتبة نزار مصطفى الباز، السعودية، ط1، 1418هـ/ 1997م، ص38.
[13]. سقط المتاع: الرديء منه.
[14]. عضل المرأة: منعها من التزوج ظلما.
[15]. السيرة النبوية، د. محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/ 2006م، ج1، ص86: 90 بتصرف.
[16]. السيرة النبوية، د. علي الصلابي، دار الفجر للتراث، القاهرة، ط1، 1424هـ/ 2003م، ج1، ص34، 35.
[17]. السيرة النبوية, د. محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/ 2006م، ج1، ص92.
[18]. السيرة النبوية, د. محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/ 2006م، ص93.
[19]. السيرة النبوية، د. علي الصلابي، دار الفجر للتراث، القاهرة، ط1، 1424هـ/ 2003م، ج1، ص40.
[20]. محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ المثل الكامل، أحمد جاد المولى، مكتبة دار المحبة، دمشق، ط1، 1412هـ/ 1991م، ص62.