ادعاء أن في السنة أحاديث ليست صالحة لزماننا
وجوه إبطال الشبهة:
1) إن سنة النبي – صلى الله عليه وسلم – جاءت بتشريع لازم ودائم، يحقق مصلحة ثابتة ودائمة، لا تتغير ولا تتبدل، ولا تنقلب إلى مفسدة أبدا، وقد أثبت الواقع والعلم الحديث صحة ذلك.
2) أما أمر الرمل في الحج فلقد اجتزأ الزاعمون جزءا من الحديث الذي استدلوا به – عمدا – للإيهام بصواب رأيهم، ولو أكملوه لتبين فساد دليلهم وعور استدلالهم؛ إذ يقول عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – في تتمة حديثه: «ولكنه أمر فعله رسول الله، ورمل», وتأكيدا على هذا فقد رمل النبي – صلى الله عليه وسلم – في حجة الوداع، مما يثبت أنه صار نسكا ثابتا، وليس حكما مؤقتا بزمن الكفار.
3) إعفاء اللحية واجب لدلالة أمره – صلى الله عليه وسلم – على الوجوب، ولم ترد قرينة تصرفه إلى الندب، أو تربطه بزمن معين، فالعلة هنا أمارة على وجود الحكم، وليست منشئة له بذاتها، وهي أحد التعليلات وليست كلها.
التفصيل:
أولا. السنة تشريع دائم يحقق مصلحة لازمة غير موقوتة بظروف:
في البداية نود أن نشير إلى حقيقة هامة مؤداها أن الذي يدين به كل مسلم أن سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الصحيحة تشريع ثابت ودائم إلى يوم الدين، لا يملك أحد من البشر تغييره أو تبديله.
وينص علماء الأصول على أن الشرع جاء لتحقيق المصالح ودرء المفاسد، والسنة تندرج ضمن الشرع المحقق لهذا المقصد الشرعي، ومعلوم أن المصلحة تمثل نمطا ثابتا دائما، لا يتغير بتغير الأزمنة والأمكنة، ولا ينقلب إلى مفسدة أبدا؛ إذ منه اكتسبت الأحكام التي تضمنتها السنة صفة الديمومة والثبات[1].
وصدق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذ يقول: «فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم»[2], وما ذلك إلا تحقيقا للمصلحة ومراعاة أيضا لظرف كل إنسان وزمانه. ومما يؤكد هذه الحقيقة قول المولى عز وجل: )وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا( (النساء: ٨٣).
إذ تشهد لنا هذه الآية أن الله – سبحانه وتعالى – أمر المسلمين بالرجوع إلى رسوله – صلى الله عليه وسلم – في حياته وإلى سنته[3] بعد وفاته، وإلى أولي الأمر الذين منحهم الله القدرة على استنباط الحكم الشرعي من القواعد العليا في القرآن والسنة، مما يؤكد أن السنة لا تتقيد بالزمان أو المكان.
ثم إن هذا الرجوع يفسره لنا سيدنا ميمون بن مهران – رضي الله عنه – فيقول: الرد إلى الله: هو الرد إلى كتاب الله، والرد إلى رسوله إذا كان حيا، فلما قبضه الله فالرد إلى سنته، وفي هذا دليل قاطع على أن السنة لا تتقيد بزمن حتى ولو كان هذا الزمان هو حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – إذ تتعداه إلى ما بعده فنرجع إليها بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
ومما يدعم هذه الرؤية أيضا، ما جاء عن ابن القيم رحمه الله في شرحه لقوله عز وجل: )إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه( (النور: ٦٢), يقول: “فإذا جعل من لوازم الإيمان أنهم لا يذهبون مذهبا إذا كانوا معه إلا باستئذانه فأولى أن يكون من لوازمه أن لا يذهبوا إلى قول ولا مذهب علمي إلا بعد استئذانه، وإذنه يعرف بدلالة ما جاء به على أنه أذن فيه”[4]. “إذا كان الله – سبحانه وتعالى – جعل من لوازم الإيمان ألا يذهب المسلمون، إذا كانوا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في أمر جامع أي مذهب إلا إذا استأذنوه، فإنه من الأحرى والأولى أن يكون من لوازم الإيمان ألا يذهب المسلمون – وقد أكمل الله لهم دينهم في مجال العقيدة، والتشريع، والأخلاق… إلخ – إلى مذهب ما: من تشريع أو علم… إلا بعد أن يستأذنوا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – واستئذانه: إما بالرجوع إليه في حياته، كما ذكر ميمون بن مهران. وإما بالرجوع إلى سنته بعد مماته”[5].
وعليه فلا وجه معتبر لمن قال بظرفية أحاديث النبي – صلى الله عليه وسلم – وكم من اكتشافات أتت لكي تثبت صلاحية السنة لكل زمان ومكان، ولعل العالم اليوم يرجع إلى سنته – صلى الله عليه وسلم – فرحا مسرورا.
ولذلك وجه النبي – صلى الله عليه وسلم – نظر الأمة إلى الاعتناء بتبليغ سنته – صلى الله عليه وسلم – فعن أبي بكر الثقفي – نفيع بن الحارث – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليبلغ الشاهد الغائب، فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه»[6].
فاللام في قوله “ليبلغ” للأمر، و”الشاهد” هو من يشهد مجلسه – صلى الله عليه وسلم – و”الغائب” هو من يغيب عن مجلسه، ولقد ذكر النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك في حجة الوداع، فأرسى هذا المبدأ، ألا وهو تبليغ رسالته وسنته إلى كل الناس، دون فرق بين أعجمي وعربي أو مكان أو زمان[7].
ثانيا. حديث الرمل حجة عليهم وليست لهم:
إن في حديث “الرمل” الذي استدل به الطاعنون ما يبين فساد دعواهم؛ فالحجة قائمة به عليهم وليست لهم؛ فقد أخبر عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – في نهايته: أن هذا الرمل شيء فعله النبي – صلى الله عليه وسلم – فلا نحب أن نتركه, مما يثبت أنه صار نسكا ثابتا, ومعلوم أن الكلام سياق، وسباق ولحاق، فلا يفهم النص إلا باجتماعها, فإن بتر جزء منه فسد النص وتحرف المعنى، وهو ما اتكأ عليه أصحاب هذه الشبهة؛ إذ إنهم أخذوا من الحديث ما يخدم شبهتهم، ثم توقفوا عنده، ليتبين للرائي أنهم على صواب.
ولو أنهم لم يتعجلوا ونظروا إلى بقية الحديث, لما حكموا هذا الحكم, ولنذكر الحديث كاملا ليتضح الأمر جليا؛ فقد رواه البخاري عن زيد بن أسلم عن أبيه «أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال للركن: أما والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي – صلى الله عليه وسلم – استلمك ما استلمتك، فاستلمه، ثم قال: ما لنا وللرمل؟ إنما كنا راءينا به المشركين، وقد أهلكهم الله، ثم قال: شيء صنعه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلا نحب أن نتركه»[8].
وبإتمام كلام عمر بن الخطاب يتبين أنه قام بالرمل امتثالا لفعل الرسول – صلى الله عليه وسلم – وكرها لترك فعل فعله النبي – صلى الله عليه وسلم – كما فعل – رضي الله عنه – مع استلام الركن، وليس الأمر كما حاول المغرضون إيهامنا.
إن هؤلاء إنما أرادوا نفي صفة التشريع عن الرمل في الحج؛ بحجة أنه كان مقرا لمصلحة خاصة وزالت, واستندوا في ذلك على الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «قدم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه مكة, فقال المشركون: إنه يقدم عليكم قوم وهنهم حمى يثرب فأمرهم النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا ما بين الركنين ولم يمنعهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم»[9].
فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – لما اعتمر “عمرة القضاء”، وكانت مكة مع المشركين لم تفتح بعد، وكان المشركون قد قالوا: يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب، وقعد المشركون خلف جبل المروة ينظرون إليهم، فأمر النبي – صلى الله عليه وسلم – أصحابه أن يرملوا ثلاثة أشواط من الطواف؛ ليرى المشركون جلدهم وقوتهم، ولم يرملوا بين الركنين؛ لأن المشركين لم يكونوا يرونهم من ذلك الجانب, فكان المقصود بالرمل إذ ذاك من جنس المقصود بالجهاد، فظن هؤلاء أنه ليس من النسك؛ لأنه فعل لقصد زال، لكن هذا غير صحيح؛ إذ ظل هذا الفعل نسكا ثابتا بعد انتهاء هذه العلة، فقد فعله النبي – صلى الله عليه وسلم – والصحابة معه في حجة الوداع؛ وهذا ما ثبت في الصحيح أن النبي – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه لما حجوا حجة الوداع، رملوا من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ثلاثا[10]، فكملوا الرمل بين الركنين، وهذا قدر زائد على ما فعلوه في عمرة القضاء.
ومع العلم أيضا أنه لم يحج معه في حجة الوداع إلا مؤمن، فدل ذلك على أن الرمل صار من سنن الحج، فإنه فعل أولا لمقصود الجهاد، ثم شرع نسكا، فإذا كانت الحكمة التي شرع من أجلها قد زالت إلا أن حكمه باق إلى يوم القيامة عند جميع العلماء[11].
ولو افترضنا جدلا – بعدما تأكد لنا أنه تشريع ونسك لازم ودائم – أنه كان لحكمة زال بزوالها، فإنه يرجع برجوعها، وما أحوج الأمة الآن إلى أن تظهر ولو شيئا من قوتها للعدو، وهي في أوهن أيامها، فإذا ما شاهدنا العدو عبر الفضائيات وغيرها أثناء أداء المناسك غاية في النشاط والجلد والقوة, يؤدون العبادة بلا هوادة، فإن هذا من شأنه أن يورث في نفوسهم قوة المسلمين وشدتهم.
إننا في حاجة لأن نعود إلى السنة وما فيها, فإن فيها الخير والمصلحة، لأنه يستحيل أن تنقلب المصلحة التي دعت إليها السنة إلى مفسدة أبدا.
ثالثا. حكم إعفاء اللحية ثابت في كل زمان ومكان:
من المعلوم بداهة أن الشارع قد قصد بالتشريع إقامة المصالح الأخروية والدنيوية، وذلك على وجه لا يختل به نظام الدين، وسواء أكان ذلك من قبيل الضروريات، أم الحاجيات، أم التحسينات، فإنها لو كانت موضوعة بحيث يمكن أن يختل نظامها أو تختل أحكامها، لم يكن التشريع موضوعا لها؛ إذ ليس كونها مصالح إذ ذاك بأولى من كونها مفاسد، ولكن الشارع قاصد بها أن تكون مصالح على الإطلاق, فلا بد أن يكون وضعها على ذلك الوجه أبديا وكليا وعاما في جميع أنواع التكليف والمكلفين وجميع الأحوال[12].
وعليه فإن سنة النبي – صلى الله عليه وسلم – القولية والعملية ليست فيها شيء قابل للتحنيط أو العزل عن حياة المسلمين بدعوى أنها زمانية انتهت بانتهاء زمن النبوة.
وقد زعم بعضهم أن حديث توفير اللحى: «خالفوا المشركين، ووفروا اللحى وأحفوا الشوارب»[13] من الأحاديث التي بنيت على المصلحة القائمة في زمن الرسول – صلى الله عليه وسلم – ففي صيغة النص ما يفيد ارتباط الحكم بزي المشركين وعاداتهم في توفير اللحية والشارب معا, وأزياء الناس وزينتهم أمور لا استقرار لها, فهو لذلك تشريع زمني روعيت فيه البيئة التي كان يعيش فيها الرسول صلى الله عليه وسلم.
ونحن نقول لهؤلاء: إن الذي يحدد تاريخية الأحكام الشرعية سواء كانت واردة في الكتاب أو السنة هو الشارع الحكيم الذي شرعها لا أهواء الناس وأمزجتهم إذ إننا لو التفتنا إلى رأي كل ناعق لأفرغ الدين من مضمونه ومحتواه، ولم يبق الناس منه إلا اسمه ولا من الحديث إلا رسمه، بل والقرآن الكريم أيضا، فهذه جملة من الأحكام تلغى بادعاء عدم صلاحيتها للعصر؛ لأنها أحكام وقتية قصد بها زمانها فقط دون غيره، وطائفة أخرى زالت عللها، ومجموعة ثالثة لا تلائم كل البيئات وهكذا إلى أن يلغى الدين كله.
من أجل هذا، فنحن نبين لهؤلاء ما قرره علماء المسلمين سلفا وخلفا من وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها لورود الأمر بإطلاقها بعبارات مختلفة نحو “اعفوا، أوفوا، أرخوا، وفروا”، والأمر يفيد الوجوب كما هو مقرر في علم الأصول… ثم إن حلق اللحية – فضلا عن كونه معصية – إنكار للرجولة والفحولة وتشبه بالنساء والمردان، وأيضا تشبه بالكفار[14] لقوله صلى الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين».
وفي حلق اللحية تغيير لخلق الله، قال تعالى: )لا تبديل لخلق الله( (الروم: ٣٠) وقال تعالى حكاية عن الشيطان: )ولآمرنهم فليغيرن خلق الله( (النساء: ١١٩) وفي الحديث: «لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله»[15].
لذا لم يعرف في سير الأنبياء أو الخلفاء أو أئمة الهدى أحد كان يحلق لحيته، فمن خالفهم فقد اتبع غير سبيلهم، قال تعالى: )ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا (115)( (النساء)[16].
وبهذا يتبين حرمة حلق اللحية لأنه مناقض للأمر النبوي بإعفائها وتوفيرها، وهذا الحكم ثابت لا يخص زمنا دون آخر، وأن العلة الواردة فيه ليست هي المنشئة للحكم بل هي دالة على وجوده فقط أو ليست هي كل العلل، بل هي واحدة من علل كثيرة… فقد أراد الإسلام أن يجعل لأتباعه كيانا خاصا، وعلامة فارقة تميزهم فلا يذوبوا في غيرهم؛ اضمحلالا وتقليدا, فيبقوا كما هم أمة واحدة تتعاون ظواهرها وبواطنها، أجسادا وأرواحا، على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان.
ولقد ثبت أن في توفير اللحى فوائد صحية، فإن هذا الشعر تجري فيه مفرزات دهنية من الجسد يلين بها الجلد، ويبقى نضرا فيه حيوية الحياة ونضارتها، كالأرض المخضلة المبتلة النابتة بالعشب الأخضر، الذي يعاوده الماء بالسقي فهي به حية، وحلق اللحية يفوت هذه الوظائف الإفرازية على الوجه فيبدو جافا، زيادة عما في حلقها من تجريح لجلد الوجه، بحيث يكون علوق الجراثيم به سهلا ميسورا.
كما أن في إعفاء اللحية فائدة أخرى هي حماية لثة الأسنان من العوارض الطبيعية، فهي لها وقاء، كشعر الرأس للرأس[17]. هذا كما ذكر أهل الطب، وعلى الرغم من ذلك فالمؤمن لا ينظر إلى ما يظهر من الإعجاز ربما في أحكام الشريعة قرآنا وسنة وإن كان ذلك يقوي الإيمان ويثبت اليقين أنه على الحق، ومن ثم يقوي الهمة والعزيمة على السمع والطاعة لله ورسوله – إلا أن المؤمن بحق في غاية الرضا به والرضا في طاعته وطاعة رسوله – صلى الله عليه وسلم – حتى وإن لم يظهر له علة في الحكم أو مقصد أو مصلحة.
ومن هذا كله نخلص إلى أن الأمر بإعفاء اللحية ليس لعلة مخالفة المشركين في وقت النبي – صلى الله عليه وسلم – كما يزعمون، وإنما هو حكم عام ثابت والمسلمون في حاجة إليه في كل وقت وحين، والعلل لهذا الحكم كثيرة كما بينا.
الخلاصة:
- قد مزقت السنة حدود الظرفية الزمانية والمكانية التي يحاول منكرو السنة تقييدها بها، وأنها دائمة ما دامت على الأرض حياة، ولما لا وهي تقدم على طول أربعة عشر قرنا أحكاما تشريعية مستمدة من أصولها وقواعدها العامة.
- إن الاستدلال بحديث عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – في التدليل على تاريخية السنة، وأنها ظرفية، حاله كحال من يقف على قوله عز وجل: )فويل للمصلين (4)( (الماعون) دون أن يكمل كلامه عز وجل: )الذين هم عن صلاتهم ساهون (5)( (الماعون)؛ إذ إن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أردف قائلا: «شيء صنعه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلا نحب أن نتركه», ويتبين من ذلك أن الرمل نسك وسنة من سنن الحج لازمة ودائمة غير مؤقتة؛ ولذلك فعله عمر رضي الله عنه.
- حكم إعفاء اللحية هو الوجوب، وحلقها محرم لدلالة الأمر على الوجوب دون قرينة تصرفه إلى الندب، كما أن حلقها يدخل في تغيير خلق الله الذي هو من فعل الشيطان، ويذهب بالمروءة؛ إذ حلقها تشبه بالنساء والمردان والمجوس، كما أنه تنكيس للفطرة ومخالفة لسبيل أئمة الهدى من الأنبياء والمرسلين؛ فهي سنتهم وهديهم وشعيرتهم.
- إعفاء اللحية فيه كثير من المصالح الدنيوية، والدينية، والاجتماعية، إذ هي تعمل على ترطيب بشرة الإنسان، كما أنها طاعة لأمر الله – عز وجل – واقتداء برسوله – صلى الله عليه وسلم – وتمييز للأمة الإسلامية، كما أنها تتعلق بهيئة الإنسان وليس بزيه، مما يثبت أن السنة جاءت مراعية للفطرة، وصالحة لكل زمان ومكان.
(*) السنة تشريع لازم ودائم, د. فتحي عبد الكريم، دار التوفيقية، القاهرة، 1405هـ/ 1985م.
[1]. السنة تشريع لازم ودائم, د. فتحي عبد الكريم، دار التوفيقية، القاهرة، 1405هـ/ 1985م، ص93 , 94 بتصرف يسير.
[2]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، (13/ 264)، رقم (7288). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفضائل، باب: توقيره صلى الله عليه وسلم، (8/ 3481)، رقم (5998).
[3]. جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، تحقيق: أبي الأشبال الزهيري، مكتبة التوعية الإسلامية، القاهرة، 1428هـ/ 2007م، (2/ 1189).
[4]. أعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن القيم، تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، دار الجيل، بيروت، د. ت، (1/ 51).
[5]. السنة الإسلامية بين إثبات الفاهمين ورفض الجاهلين, د. رءوف شلبي، دار الطباعة الحديثة، مصر، 1987م، ص32.
[6]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري), كتاب: العلم، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: “رب مبلغ أوعى من سامع”، (1/ 190)، رقم (67).
[7]. المدخل إلى السنة النبوية, د. عبد المهدي عبد القادر عبد الهادي، مكتبة الإيمان، القاهرة، ط1، 1427هـ/ 2007م، ص101.
[8]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الحج، باب: الرمل في الحج والعمرة، (3/ 550)، رقم (1604).
[9]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الحج، باب: كيف كان بدء الرمل، (3/ 548)، رقم (1602). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الحج، باب: استحباب الرمل في الطواف، (5/ 2003)، رقم (3006).
[10]. انظر: صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الحج، باب: استحباب الرمل في الطواف، (5/ 2002)، رقم (2998، 2999، 3000، 3001).
[11]. السنة تشريع لازم ودائم, د. فتحي عبد الكريم، دار التوفيقية، القاهرة، 1405هـ/ 1985م، ص60: 62 بتصرف.
[12]. السنة تشريع لازم ودائم, د. فتحي عبد الكريم، دار التوفيقية، القاهرة، 1405هـ/ 1985م، ص94.
[13]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: اللباس، باب: تقليم الأظفار، (10/ 361)، رقم (5892).
[14]. قد يحتج بعضهم بأن المشركين الآن منهم من يطلق لحيته، والجواب: أنهم إن أطلقوها فقد عادوا في أمرها إلى أصل الفطرة، فلا يصلح لمسلم أن ينكس فطرته، وأيضا فإن الحلق عندهم هو أصل عملهم فإن خالفوه فلا يستوجب ذلك منا المخالفة، وأيضا فإن إطلاق اللحية هو من شعيرة المسلمين وشعيرة المرسلين، فالتعليل الوارد في الحديث بمخالفة المشركين هو أحد التعليلات وليس هو كل العلة ]انظر تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة، عادل بن يوسف العزازي، دار العقيدة، القاهرة، ط3، سنة 1427هـ/ 2006م، (1/ 57)[.
[15]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: اللباس، باب: المستوشمة، (10/ 393)، رقم (5948). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم فعل الواصلة والمستوصلة، (8/ 3249)، رقم (5469).
[16]. تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة، عادل بن يوسف العزازي، دار العقيدة، ط3، سنة 1427هـ/ 2006م، (1/ 57، 58).
[17]. مجموعة رسائل الشيخ محمد الحامد, المكتبة العربية، دمشق، ط3، 1414هـ/ 1994م، ص97.