الادعاء أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قد عطل تشريع الزواج بالكتابيات وأوقع الطلقات الثلاث المجتمعات ثلاثا لا واحدة
وجوه إبطال الشبهة:
1) إباحة الإسلام زواج المسلم من الكتابية كان ترغيبا لها في الإسلام، وتقريبا بين المسلمين وأهل الكتاب، ولكن هذا معتبر بعدة قيود منها: الاستيثاق من كونها كتابية، وأن تكون عفيفة محصنة، وألا تكون من قوم يعادون المسلمين ويحاربونهم، وألا يكون من وراء الزواج بها فتنة ولا ضرر محقق أو مرجح.
2) لم يلغ عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – النصوص الشرعية – الخاصة بالزواج من الكتابيات – ولم ينسخها، لكنه أوقف العمل بها فترة من الزمن، وفي حالات خاصة، تحقيقا للمصلحة العامة للمجتمع الإسلامي.
3) إيقاع عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – الثلاث طلقات بلفظ واحد ثلاثا، كان نوعا من التعزير والعقوبة لمن يخالف عن أمر الله وشرعه في صورة الطلاق.
التفصيل:
أولا. الأصل في إباحة زواج المسلم بالكتابية:
إن نصوص القرآن والسنة شرعت لكل الأزمنة والأمكنة، لذا كان لا بد أن تكون شاملة تسمح لكل الحالات بالدخول تحتها، كما كان لا بد أن يراعي في استنباط الأحكام منها مصلحة المجتمع المسلم، والحالات التي تؤخذ لها الفتوى، وعليه فإن الأحكام التشريعية التي ظن أن سيدنا عمر – رضي الله عنه – قد عطلها كانت تتسع لأكثر من حكم، يستنبط منها حسب حالة المجتمع والناس والزمان الذي هم فيه، وعليه أيضا فإن سيدنا عمر رضي الله عنه – كخليفة للمسلمين – لم يفعل غير الأصلح لأمة الإسلام في عصره، وهو اجتهاد يثاب عليه ولا يخطأ، ولكل أمر مما أشير إليه تفصيله.
وعن أصل إباحة الزواج بالكتابيات يحدثنا د. يوسف القرضاوي قائلا: هذا الأصل معتبر بعدة قيود يجب ألا نغفلها، وهي:
- الاستيثاق من كونها “كتابية”، بمعنى أنها تؤمن بدين سماوي الأصل كاليهودية والنصرانية: فهي مؤمنة – في الجملة – بالله ورسالاته والدار الآخرة، وليست ملحدة أو مرتدة عن دينها، ولا مؤمنة بدين ليس له نسب معروف إلى السماء.
ومن المعلوم في الغرب الآن أنه ليست كل فتاة تولد من أبوين مسيحيين مثلا مسيحية، ولا كل من نشأت في بيئة مسيحية تكون مسيحية بالضرورة، فقد تكون شيوعية مادية، وقد تكون على نحلة مرفوضة أساسا في نظر الإسلام كالبهائية ونحوها.
- أن تكون عفيفة محصنة: فإن الله – عزوجل – لم يبح كل كتابية، بل قيد في آياته الإباحة نفسها بالإحصان، حيث قال عزوجل: )والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب( (المائدة: 5)، قال ابن كثير: والظاهر أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنى، كما في الآية الأخرى: )محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان( (النساء: 2٥)، وهذا ما أختاره. فلا يجوز للمسلم بحال أن يتزوج من فتاة تسلم زمامها لأي رجل، بل يجب أن تكون مستقيمة نظيفة بعيدة عن الشبهات.
وهذا ما اختاره ابن كثير، وذكر أنه رأي الجمهور، وقال: “وهو الأشبه، لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية، وهي مع ذلك غير عفيفة، فيفسد حالها بالكلية، ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل: حشفا وسوء كيله”!
ويبين هذا ما جاء عن الإمام الحسن البصري أن رجلا سأله: أيتزوج الرجل المرأة من أهل الكتاب؟ فقال: ما له ولأهل الكتاب؛ وقد أكثر الله المسلمات؟! فإن كان ولا بد فاعلا؛ فليعمد إليها حصانا – أي محصنة – غير مسافحة، قال الرجل: وما المسافحة؟! قال: هي التي إذا لمح الرجل إليها بعينه اتبعته.
ولا ريب أن هذا الصنف من النساء في المجتمعات الغربية في عصرنا يعتبر شيئا نادرا بل شاذا، كما تدل عليه كتابات الغربيين وتقاريرهم وإحصاءاتهم أنفسهم، ومانسميه نحن البكارة والعفة والإحصان والشرف ونحو ذلك، ليس له أية قيمة اجتماعية عندهم، والفتاة التي لا صديق لها تعير من أترابها، بل من أهلها وأقرب الناس إليها.
- ألا تكون من قوم يعادون المسلمين ويحاربونهم: ولهذا فرق جماعة من الفقهاء بين الذمية والحربية، فأباحوا الزواج من الأولى، ومنعوا الثانية، وقد جاء هذا عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: من نساء أهل الكتاب من يحل لنا، ومنهم من لايحل لنا، ثم قرأ قوله عزوجل: )قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (29)( (التوبة)، فمن أعطى الجزية حل لنا نساؤه، ومن لم يعط الجزية لم يحل لنا نساؤه.
وقد ذكر هذا القول لإبراهيم النخعي فأعجبه. وفي مصنف عبد الرزاق عن قتادة قال: لا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد.
وعن ابن جريج قال: بلغني ألا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد. وفي مجموع الإمام زيد عن علي رضي الله عنه: أنه كره نكاح أهل الحرب. قال الشارح في “الروض النضير”: والمراد بالكراهة: التحريم؛ لأنهم ليسوا من أهل ذمة المسلمين. قال: وقال قوم بكراهته ولم يحرموه، لعموم قوله عزوجل: )والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم( (المائدة: 5)، فغلبوا الكتاب على الدار، يعني: دار الإسلام. والذي من أهل دار الإسلام بخلاف غيره من أهل الكتاب.
ولا ريب أن لرأي ابن عباس – رضي الله عنهما – وجاهته ورجحانه لمن يتأمل، فقد جعل الله – عزوجل – المصاهرة من أقوى الروابط بين البشر، وهي تلي رابطة النسب والدم، ولهذا قال عزوجل: )وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا (54)( (الفرقان)، فكيف تتحقق هذه الرابطة بين المسلمين وبين قوم يحادونهم ويحاربونهم؟ وكيف يسوغ للمسلم أن يصهر إليهم، فيصبح منهم أجداد أولاده وجداتهم وأخوالهم وخالاتهم؟ فضلا عن أن تكون زوجه وربة داره وأم أولاده منهم؟ وكيف يأمن أن تطلع على عورات المسلمين وتخبر بها قومها؟
ولا غرو أن رأينا أبا بكر الرازي الحنفي يميل إلى تأييد رأي ابن عباس – رضي الله عنهما – محتجا له بقوله عزوجل: )لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله( (المجادلة: 22)، والزواج يوجب المودة، يقول عزوجل: )ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون (21)( (الروم)، قال: فينبغي أن يكون نكاح الحربيات محظورا؛ لأن قوله عزوجل: )يوادون من حاد الله ورسوله(، إنما يقع على أهل الحرب؛ لأنهم في حد غير حدنا، يؤيد ذلك قوله عزوجل: )إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون (9)( (الممتحنة).
وهل هناك تول لهؤلاء أكثر من أن يزوج إليهم، وتصبح الواحدة من نسائهم جزءا من أسرته بل العمود الفقري في الأسرة؟
وبناء على هذا ينبغي على المسلم في عصرنا ألا يتزوج يهودية، ما دامت الحرب قائمة بيننا وبين إسرائيل، ولا قيمة لما يقال من التفرقة بين اليهودية والصهيونية، فالواقع أن كل يهودي صهيوني، لأن المكونات العقلية والنفسية للصهيونية إنما مصدرها التوراة وملحقاتها وشروحها والتلمود… وكل امرأة يهودية إنما هي جندية – بروحها – في جيش إسرائيل.
- ألا يكون من وراء الزواج من الكتابية فتنة ولا ضرر محقق أو مرجح: فإن استعمال المباحات كلها مقيد بعدم الضرر، فإذا تبين أن في إطلاق استعمالها ضررا عاما، منعت منعا عاما، أو ضررا خاصا منعت منعا خاصا، وكلما عظم الضرر تأكد المنع والتحريم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار»[1].
وهذا الحديث يمثل قاعدة شرعية قطعية من قواعد الشرع؛ لأنه يتفق – من حيث المعنى – مع نصوص وأحكام جزئية جمة من القرآن والسنة تفيد اليقين.
ومن هنا كانت سلطة ولي الأمر الشرعي في تقييد بعض المباحات إذا خشي من إطلاق استخدامها أو تناولها ضررا معينا.
والضرر المخوف بزواج غير المسلمة يتحقق في صور كثيرة منها:
أن ينتشر الزواج من غير المسلمات، بحيث يؤثر على الفتيات المسلمات الصالحات للزواج، وذلك أن عدد النساء غالبا ما يكون مثل عدد الرجال أو أكثر، وعدد الصالحات للزواج منهن أكبر قطعا من عدد القادرين على أعباء الزواج من الرجال.
فإذا أصبح التزوج بغير المسلمات ظاهرة اجتماعية مألوفة، فإن مثل عددهن من بنات المسلمين سيحرمن من الزواج، ولا سيما أن تعدد الزوجات في عصرنا أصبح أمرا نادرا، ومن المقرر المعلوم بالضرورة أن المسلمة لا يحل لها أن تتزوج إلا مسلما، فلا حل لهذه المعادلة إلا سد باب الزواج من غير المسلمات إذا خيف على المسلمات.
وإذا كان المسلمون في بلد ما، يمثلون أقلية محدودة، مثل بعض الجاليات في أوربا وأمريكا، وبعض الأقليات في آسيا وأفريقيا، فمنطق الشريعة وروحها يقتضي تحريم زواج الرجال المسلمين من غير المسلمات، وإلا كانت النتيجة ألا يجد بنات المسلمين – أو عدد كبير منهن – رجلا مسلما يتقدم للزواج منهن، وحينئذ تتعرض المرأة المسلمة لأحد أمور ثلاثة:
- إما الزواج من غير مسلم، وهذا باطل في الإسلام.
- وإما الانحراف، والسير في طريق الرذيلة، وهذا من كبائر الإثم.
- وإما عيشة الحرمان الدائم من حياة الزوجية والأمومة.
وكل هذا مما لا يرضاه الإسلام، وهو نتيجة حتمية لزواج الرجال المسلمين من غير المسلمات، مع منع المسلمة من التزوج بغير المسلم[2].
هذا الضرر الذي نبهنا إليه، هو الذي خافه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه – فبعث إلى حذيفة – بعد أن ولاه المدائن، وكثرت المسلمات -: إنه بلغني أنك تزوجت امرأة من أهل المدائن، من أهل الكتاب، فطلقها. فكتب إليه حذيفة. لا أفعل حتى تخبرني، أحلال أم حرام؟ وما أردت بذلك؟
فكتب إليه عمر رضي الله عنه: لا، بل حلال، ولكن في نساء الأعاجم خلابة[3]، فإذا أقبلتم عليهن غلبنكم على نسائكم، فقال حذيفة: الآن – أي اقتنعت – فطلقها.
وفي رواية الجصاص أن التي تزوجها حذيفة كانت يهودية، فكتب إليه عمررضي الله عنه: أن خل سبيلها، فكتب إليه حذيفة: أحرام هي؟ فكتب عمر رضي الله عنه: لا، ولكني أخاف أن تواقعوا الـمومسات[4] منهن[5].
وعليه فإن زواج المسلم بالكتابية وإن كان مباحا إلا أنه مقيد بشروط لا بد من اعتبارها، وإن نهى خليفة المسلمين وإمامهم عن مباح؛ لرؤيته المصلحة في ذلك، لايعني أنه قد حرم حلالا، وإنما هو يعمل بموجب السلطة التي ولاه الله إياها، فهو مؤتمن على المجتمع الإسلامي.
ثانيا. موقف عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – من زواج المسلم من الكتابيات:
لم يلغ عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – النصوص الشرعية، ولم ينسخها، لكنه أوقف العمل بها فترة من الزمن، وفي حالات خاصة؛ تحقيقا للمصلحة العامة للمجتمع الإسلامي وهذا ما أشار إليه د. بلتاجي حين قال: “إن عمر – رضي الله عنه – كان يرى – كما رأى جمهور الصحابة، وجمهور المسلمين على مر العصور – أن نكاح الكتابية حلال؛ لكنه أمر حذيفة بتسريح يهودية المدائن؛ لأنه رأى أن العرب المقيمين في البلاد المفتوحة سوف يقبلون على الزواج من غير العربيات؛ لجمالهن، ولأن الزواج من الأجنبية – في حد ذاته – يحمل نوعا من السحر الغريب، مما يدفع كثيرا من المغتربين إلى التزوج منهن، ولو كان بين مواطنيه من تفضلها ويمكنه الزواج منها.
وهذان السببان تضمنهما قول عمر رضي الله عنه: “لكن في نساء الأعاجم خلابة”.
ولا شك أن الإقبال على التزوج من الأجنبيات فتنة كبرى للمسلمات، قد تؤدي إلى نتائج نفسية وخلقية سيئة، كما أنه لم يكن مطمئنا – كل الاطمئنان – إلى أخلاق الكتابيات اللاتي سوف يعاشرهن المسلمون، وينشأ أبناؤهم تحت رعايتهن، وعلى هذا نستطيع أن نفهم كلمة عمر رضي الله عنه: “ولكني أخاف أن تواقعوا المومسات منهن”.
لقد كان عمر – رضي الله عنه – في هذا المنع يتحرى مصلحة المجتمع الإسلامي، ولا شك في أن لولي الأمر أن يمنع من بعض المباحات، إذا رأى أن الإقدام عليها يؤدي بالمجتمع إلى مفاسد كبيرة، يجب سد الطريق أمامها، وقد رأى عمر – رضي الله عنه – أن الفساد سيشمل قطاعات كبيرة من المجتمع الإسلامي إذا أقدم المسلمون على التزوج من الكتابيات؛ ففيه فتنة المسلمات، وسكن المسلمين إلى من لا يطمئن عمر – رضي الله عنه – إلى أخلاقهن، وهن – على أية حال – ممن يحملن مفاهيم دينية تخالف مفاهيم الإسلام، ويقمن بطقوس دياناتهن بما يتضمنه من اتصالهن الدائم برجال دينهن، وكم أدت الزوجات في مثل هذه الحالة أدوارا خطيرة.
وليست الكتابية – في نهاية الأمر – ممن يعين المسلم على دينه، وهن – آنذاك – من أقوام غلبتهم الجيوش الإسلامية، وبين أحضانهن سيشب أولاد المسلمين، رجال الغد.
رأى عمر رضي الله عنه – إذن – أن التضحية ببعض الأهواء الفردية، خير من تعرض المجتمع لمثل هذه الأخطار الكبيرة، وهو هنا لم يلغ النصوص أو ينسخها، لكنه أوقف العمل بها فترة من الزمن – وفي حالات خاصة – تحقيقا للمصلحة العامة، ومن ثم يزول هذا الإيقاف بزوال ظروفه، ألا نرى أن للطبيب أن يمنع بعض الأطعمة المباحة عن مريض؛ لأن في تناولها أخطارا يضحي إلى جانبها بالرغبة في الطعام؟ لكن هذا المنع مؤقت بالأحوال الصحية، وليس فيه تحريم هذه الأطعمة على الإطلاق، أو منع منها لذاتها؟
وإلى جانب ذلك، يجب أن نلاحظ في الرواية التي أوردها الطبري عن مخاطبة عمر لحذيفة ملاحظتين:
- أنه لم تكن هناك حاجة – أو ضرورة – للإقبال على التزوج من الكتابيات؛ لأن المسلمات كن قد كثرن في المدائن، وليست بلادا عربية الأصل، فمن يتزوجن إذا أقبل المسلمون على غيرهن؟
- ولنقارن بين كثرة المسلمات في المدائن وما أورده الطبري بعد ذلك مباشرة عن جابر قال: شهدت القادسية مع سعد فتزوجنا نساء أهل الكتاب – ونحن لا نجد كثير مسلمات – فلما قفلنا، فمنا من طلق ومنا من أمسك، أي أن المسلمين كانوا يلجأون في دار الغربة حين تطول إلى التزوج من الكتابيات؛ لأنهم لايجدون المسلمات.
أما وقد كثر عددهن – كما تذكر الرواية – فما الحاجة إلى التزوج من غيرهن مع ما فيه مما ذكرناه؟ لماذا كتب عمر – رضي الله عنه – إلى حذيفة بالذات ليطلق زوجته؟
ذلك لأنه كان واليا لعمر – رضي الله عنه – على المدائن، ونحن نعلم أن تقليد الولاة والأمراء سنة شائعة بين الناس على اختلاف عصورهم، ومن هنا كتب عمر – رضي الله عنه – إلى واليه ليقطع الطريق أمام انتشار هذا الأمر بين جمهور المسلمين، فإلى أي حد كان عمر رضي الله عنه – وهو بالمدينة – حريصا على مصالح المسلمين وبينه وبينهم مئات الأميال؟
لقد فزع من هذا الأمر، حتى لقد كتب إلى حذيفة – بعد أن كتب إليه يسأله: أحرام هي ياأمير المؤمنين – يقول: “أعزم عليك ألا تضع كتابي هذا حتى تخلي سبيلها، فإني أخاف أن يقتدي بك المسلمون فيختاروا أهل الذمة لجمالهن، وكفى بذلك فتنة لنساء المسلمين”.
وفي المنع من هذه المفاسد المتوقعة ما يكفي – تشريعيا – ليكون علة لما فعله عمر رضي الله عنه، بحيث لا يحتاج الأمر بعد ذلك إلى أن نتكلف في تأويل النصوص لنتلمس منها تبريرا لما فعله عمر رضي الله عنه، فلا حاجة بنا إلى أن نقول في رواية الجصاص والقرطبي “ولكني أخشى أن تواقعوا المومسات منهن” إن عمر رضي الله عنه “كان يرى أن معنى الإحصان المشترط في الآية لحل هذا الزواج هو العفة”. ومعنى هذا أن عمر – رضي الله عنه – لم يوقف العمل بالنص، لكنه اجتهد في تطبيقه حرفيا؛ حيث كان هدفه تحري معنى الإحصان الذي نصت عليه آية المائدة السابقة في الكتابيات.
لكننا نذهب إلى أن مصالح الناس كانت هدفه الأساسي من أمره لحذيفة؛ إذ لوكان معنى الإحصان في ذهنه هو العفة لوجب عليه أن يتأكد من انعدامه في زوجة حذيفة، قبل أن يأمره بفراقها. كيف وهو يصرح في كلتا الروايتين بأن نكاحها ليس بحرام؟ ثم إن الإحصان قد اشترط في نفس الآية في المسلمة أيضا، فهل نمضي مع الخوف من نكاح المسلمات غير المحصنات لنمنع النكاح أصلا؟
على أن للإحصان معنى آخر – إلى جانب العفة – هو أن تكون المرأة حرة لا مملوكة، وبه قال مجاهد. وقد قرئ أيضا المحصنات – بكسر الصاد – وبه قرأ الشعبي والكسائي، بمعنى التي تحصن زوجها.
كانت المصلحة العامة وسد الذرائع وراء أمر عمر – رضي الله عنه – هنا إذن، وهذه المصلحة نفسها هي التي تتحراها الدول الآن حين تمنع طوائف من مواطنيها – مثل رجال السلك الدبلوماسي ورجال الجيش وذوي المراكز الحساسة – من الزواج من غير مواطناتهم، لأسباب تمس مصالح الدولة، وقد لا يحدث ضرر بسبب بعض هذه الزيجات، إلا أن احتمال الضرر قائم، وهذا الاحتمال يكفي وحده للمنع المطلق، وقد ثبت بالتجارب العديدة أن سد باب الاحتمال هنا أفضل كثيرا من متابعة الميول الفردية[6].
وعليه فما قام به إمام المسلمين، وخليفتهم عمر – رضي الله عنه – لم يكن سوى تصرفه في حقه الطبيعي كخليفة للمسلمين يدبر حالهم على ما يصلحه لهم، ولسائر المجتمع الإسلامي، ولم يكن ما فعله تحريما لحلال أحله الله عزوجل.
ثالثا. موقف عمر – رضي الله عنه – من الطلاق الثلاث بلفظ واحد:
إن إيقاع عمر بن الخطاب الثلاث طلقات بلفظ واحد في مجلس واحد ثلاثا – كان نوعا من التعزير والعقوبة لمن خالف أمر الله وشرعه في صورة الطلاق:
يوضح د. محمد بلتاجي هذا قائلا: الأصل في الطلاق أن يكون متفرقا، مرة بعد مرة، قال الله عزوجل: )الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان( (البقرة: 229)، والحكمة في تفريق الطلقات أن تكون للزوج فرصة يراجع فيها نفسه، في أمر هذه العلاقة التي يحرص الشرع على استمرارها كلما أمكن ذلك، وبعد المرتين يقول الله عزوجل: )فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره( (البقرة: 230).
هذا هو الطلاق كما شرعه الله في القرآن، مفرقا واحدة بعد واحدة، لكن ما الحكم إذا ضيع الزوج على نفسه هذه الفرصة المتكررة، وتعجل الفراق النهائي فجمع الثلاث في لفظ واحد؟
إنا لا نجد في القرآن كلاما عن جمع الثلاث في لفظ واحد أو مجلس واحد، لكننا نجد في السنة أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يجعل الطلقات الثلاث في مجلس واحدة طلقة واحدة، فقد روي عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال: كان الطلاق على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: «إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة فلو أمضينا عليهم، فأمضاه عليهم»[7].
لقد أوقع الرسول الطلقات الثلاث في مجلس واحد واحدة إذن، لكن عمر ابن الخطاب – رضي الله عنه – في خلافته أوقع الثلاث المجتمعة ثلاثا لا واحدة، وقد وافقه جمهور السلف والفقهاء من بعده.
فلماذا فعل ذلك؟ وكيف وافقه الجمهور؟
أما لماذا فعل ذلك بعد سنتين أو ثلاث من خلافته؛ فلأن الناس في عهده أكثروا من جمع الثلاث في لفظ واحد؛ فرأى أن الناس قد استهانوا بأمر الطلاق، وكثر منهم إيقاعه جملة واحدة، فرأى من المصلحة عقوبتهم بإمضائه عليهم، ليعلموا أن أحدهم إذا أوقعه جملة بانت منه امرأته فرأى أن هذا مصلحة لهم في زمانه، ورأى أن ما كانوا عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد الصديق – رضي الله عنه – وصدر من خلافته كان الأليق بهم؛ لأنهم لم يتتابعوا فيه، وكانوا يتقون الله في الطلاق وقد جعل الله لكل من اتقاه مخرجا، فلما تركوا تقوى الله، وتلاعبوا بكتاب الله، وطلقوا على غير ما شرعه الله، ألزمهم بما التزموه عقوبة لهم، فإن الله إنما شرع الطلاق مرة بعد مرة، ولم يشرعه كله مرة واحدة. فمن جمع الثلاث في مرة واحدة فقد تعدى حدود الله وظلم نفسه ولعب بكتاب الله، فهو حقيق أن يعاقب ويلزم بما التزمه، ولا يقر على رخصة الله وسعته، وقد صعبها على نفسه، ولم يتق الله، ولم يطلق كما أمره الله وشرع له؛ بل استعجل فيما جعل الله له الأناة فيه رحمة منه وإحسانا، ولبس على نفسه واختار الأغلظ والأشد.
فعمر – رضي الله عنه – إذن أوقع الثلاث – بلفظ واحد – ثلاثا نوعا من التعزير والعقوبة لمن يخالف عن أمر الله وشرعه في صورة الطلاق؛ حيث شرع في القرآن متفرقا – كما سبق – وقد بلغ الأمر بعض الفقهاء – من حيث إحساسهم بشذوذ الجمع، وخروجه على ما شرعه الله – أنهم كانوا يقولون في الطلاق الثلاث بلفظ واحد: إنه لا يلزم منه شيء؛ لأنه ليس بطلاق أصلا؛ إذ إنه مخالف لما هو مذكور في القرآن من صورة الطلاق، فكيف يعتبر طلاقا؟ لأنه – في رأيهم – ليس إلا مخالفة لأمر الله.
ولو أن عمر – رضي الله عنه – رأى أن من يفعل هذا أفراد قليلو العدد، ويفعلونه في حال غضبهم الشديد – الذي يقربهم من حالة فقدان الوعي الكامل – لما أمضاه عليهم، لكنه رأى أن الناس تتابعوا في هذا الأمر حتى أصبح أمرا شائعا، فخاف أن يزداد شيوعه بينهم حتى يهملوا الطلاق المفرق كما شرعه الله في القرآن، ويلجأوا إلى جمع الثلاث وهم مطمئنون إلى وقوعها واحدة؛ فأراد عمر – رضي الله عنه – أن يعمهم بنوع من التعزير الجماعي يرجعهم إلى صورة الطلاق الشرعي، وكان عمر – رضي الله عنه – يعلم بمعرفته بالطبائع البشرية أن بعض الرجال يؤثرون – في مواقف الغضب والنزاع مع الزوجة – أن ينطقوا بأغلظ الألفاظ وأفخمها، إظهارا للسلطات التي أعطاها الله لهم، وكأن هذا في حد ذاته نوع من استعراض مظاهر الرجولة وسطوتها وهم يعلمون في نفس الوقت أن الثلاث تقع واحدة؛ ومن ثم استعمل عمر – رضي الله عنه – الحق الذي أعطاه الله له – بحكم خلافته – ليرجع الناس إلى ما شرعه الله في القرآن، وليسد الباب أمام المستعرضين لمظاهر سطوتهم في مواقف النزاع مع نسائهم، فقال في كلمة واحدة: فلو أمضيناه عليهم؟ فأمضاه عليهم. ومن ثم قيل: إن الطلاق الثلاث بلفظ واحد على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر – رضي الله عنهما – كان يقع واحدة، حتى أمضاه عمر – رضي الله عنه – عليهم.
ومما يدل على أن الاستهانة بأمر الطلاق وألفاظه بلغت حدا كبيرا في عهد عمر – رضي الله عنه – ما روي من: أن رجلا طلق امرأته ألف طلقة، فقال له عمر رضي الله عنه: أطلقت امرأتك؟ قال: لا، إنما كنت ألعب، فعلاه عمر – رضي الله عنه – بالدرة[8] وقال: إنما تكفيك من ذلك ثلاث فأوقعها عليه ثلاثا.
وفي موافقة جمهور الصحابة لعمر رضي الله عنه، يقول ابن القيم: فهذا مما تغيرت به الفتوى لتغير الزمان. وعلم الصحابة حسن سياسة عمر وتأديبه لرعيته في ذلك، فوافقوه على ما ألزم به، وصرحوا لمن استفتاهم بذلك، ويروى عن ابن عباس أنه قال لمن طلق امرأته مائة طلقة: “عصيت ربك، وبانت منك امرأتك. إنك لم تتق الله فيجعل لك مخرجا”، ويقول: إن هذه الرخصة – إيقاع الثلاث المجموعة واحدة – كانت على عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – وبعده حين اتقى الناس ربهم في التطليق، فكان الرسول – صلى الله عليه وسلم – يجعل لهم مخرجا، واتبعه في ذلك أبو بكر رضي الله عنه، ثم عمر رضي الله عنه، فلما ركب الناس الأحموقة وتركوا تقوى الله، وطلقوا على غير ما شرعه الله، أجرى الله على لسان الخليفة الراشد – والصحابة معه – شرعا، فألزمهم بذلك، وأبقى الأمر الذي جعلوه في أعناقهم كما جعلوه، وينتهي ابن القيم إلى أن عمر – رضي الله عنه – رأى أن مفسدة تتابع الناس في جمع الثلاث لا تندفع إلا بإمضائها عليهم، ومن ثم وافقه الصحابة، ويروى عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قوله: “من أتى هذا الأمر – أي الطلاق – على وجهه – مفردا – فقد بين له، ومن لبس على نفسه جعلنا عليه لبسه، والله لا تلبسون على أنفسكم ونتحمله منكم، هو كما تقولون”.
وبعد الصحابة، وافق جمهور الفقهاء عمر – رضي الله عنه – في إيقاع الثلاث المجموعة ثلاثا كما سبق؛ حتى لقد عبر القرطبي بلفظ “الشذوذ” فيمن قال بغير ذلك فقال: “وشذ طاووس وبعض أهل الظاهر إلى أن طلاق الثلاث في كلمة واحدة، يقع واحدة”. وهذا يقودنا إلى سؤال آخر: هل مقتضى ما فعله عمر – رضي الله عنه – ووافقه عليه جمهور الصحابة والعلماء – أنه لا بد من الافتاء بوقوع الثلاث المجموعة ثلاثا، على مر العصور؟
ونعتقد أن مصالح الناس هي الحكم في ذلك، فإذا رأى أولو الأمر – كما رأى عمر – رضي الله عنه – أن إمضاءها ثلاثا يحقق المصلحة أمضوها، وإن رأوا أن المصلحة العامة في إيقاعها واحدة فهي واحدة، كما كانت حتى سنتين من خلافة عمر رضي الله عنه، وقد كان ابن القيم موفقا كل التوفيق حين طالب في عصره – القرن الثامن الهجري – بإيقاعها واحدة مراعاة لمصلحة أخرى، وقطعا لذريعة فساد اجتماعي، هو انتشار التحليل حين كان يفتي بوقوعها ثلاثا؛ فيلجأ الزوجان إلى اصطناع المحلل حتى أصبح للتحليل سوق رائجة، فالواجب أن يرد الأمر إلى ما كان عليه في زمن النبي – صلى الله عليه وسلم – وخليفته، من الإفتاء بما يعطل سوق التحليل، أو يقللها، أو يخفف شرها، ويقارن ابن القيم بين العصور المختلفة واختلاف المصلحة باختلاف ظروف الناس فيقول: إن الثلاث المجموعة على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأبي بكر – رضي الله عنه – كانت تقع واحدة، وكان التحليل محرما وممنوعا منه، ثم صارت في بقية خلافة عمر – رضي الله عنه – ثلاثا، والتحليل ممنوع منه؛ لأن عمر – رضي الله عنه – حين أوقعها ثلاثا – تشدد إلى أقصى حد في محاربة التحليل، ثم صار التحليل كثيرا مشهورا منتشرا والثلاث ثلاث؛ وعلى هذا فيمتنع في هذه الأزمنة معاقبة الناس بما عاقبهم به عمر رضي الله عنه؛ لأن أكثر الناس لايعلم أن جمع الثلاث في كلمة واحدة حرام؛ ولأن هذا يفتح باب التحليل – بمساوئه الكثيرة – الذي كان مسدودا على عهد الصحابة. والعقوبة إذا تضمنت مفسدة أكثر من الفعل المعاقب عليه وجب تركها. ويذكر ابن القيم أن الإفتاء بإيقاع الثلاث المجموعة واحدة، جرى في كل قرن، ولم يزل يفتي به عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – وأفتى أيضا بالثلاث، وأفتى بأنها واحدة الزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وعلي بن أبي طالب، وعن ابن مسعود روايتان كما عن ابن عباس، وأفتى به من التابعين عكرمة وطاووس، ومن تابعي التابعين محمد بن إسحق، ومن بعدهم داود بن علي وأكثر أصحابه، حكاه عنه ابن حزم، وبعض المالكية، وبعض الحنفية، وبعض أصحاب أحمد.
وواضح أن مراعاة المصلحة – وهي مسألة اعتبارية تختلف حتى في الزمن الواحد من حالة لأخرى – هي السبب في كون ابن عباس – رضي الله عنهما – وغيره من الصحابة قد أثر عنهم أكثر من رواية في هذا الشأن، وإذا جاز ذلك في الزمن الواحد فهو في الأزمنة المتعددة أكثر جوازا.
وقد صاغ ابن رشد التقرير الأصولي والفقهي الذي ينبني عليه الإفتاء بالرأيين فقال: “وهل الحكم الذي جعله الشرع من البينونة للطلقة الثالثة تقع بإلزام المكلف نفسه هذا الحكم في طلقة واحدة؟ أم ليس يقع، ولا يلزم من ذلك إلا ما ألزم الشرع”؟
“فمن شبه الطلاق بالأفعال التي يشترط في صحة وقوعها كون الشروط الشرعية فيها كالنكاح والبيوع، قال: لا يلزم. ومن شبهه بالنذور والأيمان التي ما التزم العبد فيها لزمه على أي صفة كان، ألزم الطلاق كيفما ألزمه المطلق نفسه”.
ونظر د. مصطفى زيد إلى جانب المصلحة، فرأى فيها السر فيما أمضاه عمر رضي الله عنه؛ لأنه رأى أن هذه هي الوسيلة لمنع المسلمين من الحلف بالطلاق الثلاث أي للمصلحة وحدها، كما أنه لم يكن من أهداف عمر – رضي الله عنه – تخليد اجتهاداته وآرائه، وإلزام المسلمين بها على اختلاف عصورهم وظروفهم؛ لأنه كان يجتهد في تعرف المصلحة في عهده، وعلى من بعده أن يجتهدوا في تعرف ما يصلح الناس في عصورهم، مع التزامهم بنصوص التشريع وأهدافه.
ومن هنا جاز لابن القيم – وقد وافقناه – القول بأن هذه المسألة مما تتغير فيها الفتوى بحسب الأزمنة والبيئات المختلفة[9].
وعليه فما فعله عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – كان عقوبة تعزيرية لما أصاب المجتمع من مفاسد، وقد رأى في ذلك مصلحة المجتمع الإسلامي نفسه، وقد كان خليفة على المسلمين، له أن يقضي بينهم بما فيه خيرهم.
الخلاصة:
- إن إباحة الإسلام زواج المسلم من الكتابية كان لأغراض وأهداف عديدة منها ترغيب الكتابية في الإسلام، والتقريب بين المسلمين وأهل الكتاب، وتوسيع دائرة التسامح والألفة وحسن العشرة بين الفريقين، ولكن هذا مقيد بعدة قيود منها:
o الاستيثاق من كونها كتابية.
o أن تكون عفيفة محصنة.
o ألا تكون من قوم يعادون المسلمين ويحاربونهم.
o ألا يكون من وراء الزواج من الكتابية فتنة أو ضرر محقق أو مرجح.
- لم يلغ عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – النصوص الشرعية ولم ينسخها، لكنه قد طرأ من المتغيرات ما يستلزم إيقاف العمل بها فترة من الزمن، وفي حالات خاصة؛ تحقيقا للمصلحة العامة للمجتمع الإسلامي، ومن ثم يزول هذا الإيقاف بزوال ظروفه.
- إيقاع عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – الثلاث طلقات – بلفظ واحد في مجلس واحد – ثلاثا كان نوعا من التعزير والعقوبة، حيث إنه – رضي الله عنه – قد رأى الناس قد استهانوا بأمر الطلاق، وكثر منهم إيقاعه جملة واحدة؛ فرأى من المصلحة عقوبتهم بإمضائه عليهم، ليعلموا أن أحدهم إذا أوقعه جملة بانت منه امرأته بينونة كبرى، وذلك لأنهم تركوا تقوى الله، وتلاعبوا بكتاب الله، وطلقوا على غير ما شرعه الله.
(*) منهج عمر بن الخطاب في التشريع الإسلامي، د, محمد بلتاجي، دار السلام، القاهرة، ط2، 1424هـ/ 2006م. السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها، د. يوسف القرضاوي، مكتبة وهبة، القاهرة، ط2، 1426 هـ/ 2005م.
[1]. صحيح: أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الأقضية، باب القضاء في المرفق (2758)، وفي مواضع أخرى، وأحمد في مسنده، مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم (2867)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (1404).
[2]. فتاوى معاصرة، د. يوسف القرضاوي، دار القلم، القاهرة، ط6، 1996م، ج1، ص462: 472 بتصرف.
[3]. الخلابة: الخديعة وحسن الحديث.
[4]. الـمومس: المرأة التي تتخذ الزنا مهنة لها.
[5]. منهج عمر بن الخطاب في التشريع الإسلامي، د, محمد بلتاجي، دار السلام، القاهرة، ط2، 1424هـ/ 2006م، ص260.
[6]. منهج عمر بن الخطاب في التشريع الإسلامي، د, محمد بلتاجي، دار السلام، القاهرة، ط2، 1424هـ/ 2006م، ص259: 263.
[7]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث (3746).
[8]. الدرة: السوط.
[9]. منهج عمر بن الخطاب في التشريع الإسلامي، د, محمد بلتاجي، دار السلام، القاهرة، ط2، 1424هـ/ 2006م، ص264 وما بعدها.