الزعم أن سياسة النبي – صلى الله عليه وسلم – اتسمت بطابع الانتقام والحقد بعد انتصار بدر
وجوه إبطال الشبهة:
1) إن ما عرف من أخلاقه – صلى الله عليه وسلم – وعفوه عند مقدرته، ينفي عنه – صلى الله عليه وسلم – تهمة الحقد وحب الانتقام.
2) للأسير في الإسلام أحكام ثلاثة؛ المن، أو الفداء، أو القتل، حسبما تقتضيه المصلحة، وقد أحسن النبي – صلى الله عليه وسلم – معاملة الأسرى، وتجلى ذلك مع أسرى بدر.
3) كان قتل أسيرى بدر قبل تقرير مصير الأسرى، وكان قتلهما واجبا من حيث وجهة الحرب؛ لما اقترفاه من أفعال توجب قتلهما، فلم يكن قتلهما حقدا ولا بدافع من الانتقام.
4) إن موازنة سريعة بين ما كان عليه تعامل الرسول – صلى الله عليه وسلم – وصحابته الكرام من بعده مع الأسرى، وبين ما هو واقع اليوم – لجديرة بإظهار البون الشاسع بين السياستين، وشاهدة بتفرد سياسة معاملة المسلمين للأسرى بما لا يماثله تعامل.
التفصيل:
أولا. أخلاقه – صلى الله عليه وسلم – وعفوه عند المقدرة:
إن ما ذكره التاريخ عن عفوه – صلى الله عليه وسلم – وحلمه ينفي أن يكون في قلبه – صلى الله عليه وسلم – مثقال ذرة من حقد، كما يدعي هؤلاء المغالطون.
فبعد غزوة بدر أمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالقتلى فنقلوا من مصارعهم التي كانوا بها إلى قليب ببدر، وقد كان من سنته – صلى الله عليه وسلم – في مغازيه إذا مر بجيفة إنسان أن يأمر بها فتدفن، لا يسأل عن صاحبها مؤمنا كان أم كافرا، وهو موقف إنساني كريم لا يفعله إلا أولو العزم من الرسل، فطالما أهانوه وسبوه وأذاقوه وأصحابه العذاب ألوانا، وهم الذين أخرجوهم من ديارهم وأهليهم وأموالهم، ولكنها إنسانية الإسلام تعلو على الأحقاد ونزعات الانتقام.
ولما طرحوهم ولم يبق إلا أمية بن خلف، وقد كان رجلا بدينا فانتفخ في درعه فملأها، فذهبوا ليخرجوه فتزايل لحمه، فأقروه وحفروا له، وألقوا عليه التراب حتى واراه[1].
وهذا موقف آخر مع رجل قصد قتل النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عمير بن وهب، وكان قد أسر ولده وهب في غزوة بدر، فاتفق معه صفوان بن أمية في الحجر من البيت الحرام على اغتيال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بشرط أن يقضي صفوان ديون عمير، وأن يتولى شأن أولاده من بعده، وطلب عمير من صفوان أن يكتم ما دار بينهما؛ لئلا يفشو الخبر ويصل إلى المدينة، وأعد صفوان سيفا وأمر بصقله وسقاه سما ناقعا، وأعطاه لعمير، فرحل لمهمته حتى وصل المدينة، فنزل بباب المسجد وعقل راحلته وأخذ السيف لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – فنظر إليه عمر بن الخطاب وهو في نفر من الأنصار يتحدثون عن وقعة بدر ويشكرون نعمة الله، فلما رأى عمر عمير بن وهب معه السيف فزع منه، فقال: «عندكم الكلب، هذا عدو الله الذي حرش[2] بيننا وحزرنا للقوم[3]، فقام عمر فدخل على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: هذا عمير بن وهب قد دخل المسجد معه السلاح، وهو الفاجر الغادر يا رسول الله، لا تأمنه، قال: “أدخله علي”، فدخل عمر وعمير، وأمر أصحابه أن يدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يحترسوا من عمير إذا دخل عليهم، فأقبل عمر بن الخطاب وعمير بن وهب فدخلا على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومع عمر سيفه، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لعمر: “تأخر عنه”، فلما دنا منه حياه عمير: أنعم صباحا – وهي تحية أهل الجاهلية – فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قد أكرمنا الله – عز وجل – عن تحيتك، وجعل تحيتنا السلام، وهي تحية أهل الجنة”، فقال عمير: إن عهدك بها لحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قد بدلنا الله خيرا منها فما أقدمك يا عمير”؟ قال: قدمت في أسيري عندكم، فقاربوني في أسيري؛ فإنكم العشيرة والأهل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فما بال السيف في رقبتك”؟ فقال عمير: قبحها الله من سيوف، فهل أغنت عنا من شيء، أنا نسيت وهو في رقبتي حين نزلت، ولعمري إن لي غيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أصدقني ما أقدمك”؟ قال: ما قدمت إلا في أسيري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فما شرطت لصفوان بن أمية الجمحي في الحجر”؟ ففزع عمير وقال: ماذا اشترطت له؟ قال: “تحملت له بقتلي على أن يعول بنيك ويقضي دينك، والله حائل بينك وبين ذلك”، فقال عمير: أشهد أنك رسول الله، وأشهد أنه لا إله إلا الله، كنا يا رسول الله نكذبك بالوحي وبما يأتيك من السماء، وإن هذا الحديث الذي كان بيني وبين صفوان في الحجر – كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – لم يطلع عليه أحد غيري وغيره، ثم أخبرك الله به، فآمنت بالله ورسوله، والحمد لله الذي ساقني هذا المقام».[4] وهذا من كمال عفوه – صلى الله عليه وسلم – عمن يريد قتله[5].
ويطول بنا المقام لو أردنا أن نستقصي نماذج عفوه – صلى الله عليه وسلم – عمن ظلمه، لكن يكفينا القليل عن الكثير، ولو كان النبي – صلى الله عليه وسلم – تثور نفسه من الحقد وحب الانتقام كما يدعي المفترون، لما أتحفنا التاريخ بمثل هذه المواقف الإنسانية التي يعجز عن مثلها غيره صلى الله عليه وسلم.
ثانيا. قضية أسرى بدر وأحكام الأسرى في الإسلام:
أسرى الحرب هم من الغنائم، وهم على قسمين:
الأول: النساء والصبيان.
الثاني: الرجال البالغون المقاتلون من الكفار إذا ظفر المسلمون بهم أحياء.
وقد جعل الإسلام الحق للحاكم في أن يفعل بالرجال المقاتلين إذا ظفر بهم ووقعوا أسرى ما هو الأنفع والأصلح – من المن، أو الفداء، أو القتل؛ والمن: هو إطلاق سراحهم مجانا، والفداء قد يكون بالمال، وقد يكون بتبادل الأسرى مع العدو، على أنه يجوز للإمام مع ذلك أن يقتل الأسير إذا كانت المصلحة تقتضي قتله.
وقد ذهب إلى هذا جمهور العلماء، فقالوا: للإمام الحق في أحد الأمور الثلاثة المتقدمة. وقال الحسن وعطاء: لا يقتل الأسير، بل يمن عليه أو يفادي به. وقال الزهري ومجاهد وطائفة من العلماء: لا يجوز أخذ الفداء من أسرى الكفار أصلا. وقال مالك: لا يجوز المن بغير فداء، وقال الأحناف: لا يجوز المن أصلا، لا بفداء ولا بغيره[6].
معاملة المسلمين للأسرى:
عامل الإسلام الأسرى معاملة إنسانية رحيمة، فهو يدعو إلى إكرامهم، والإحسان إليهم، ويمدح الذين يبرونهم، ويثني عليهم الثناء الجميل، يقول الله سبحانه وتعالى: )ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا (8) إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا (9)( (الإنسان).
ويروي أبو موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم – أنه قال: «فكوا العاني[7]، وأطعموا الجائع، وعودوا المريض» [8]، وقد روي أن ثمامة بن أثال وقع أسيرا في أيدي المسلمين فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: «ما عندك يا ثمامة» [9]، فكانوا يقدمون إليه لبن لقحة[10] الرسول – صلى الله عليه وسلم – غدوا ورواحا، ودعاه النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى الإسلام فأبى، وقال له: إن أردت الفداء فاسأل ما شئت من المال، فمن عليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأطلق سراحه بدون فداء، فكان ذلك من أسباب دخوله في الإسلام.
وقد جاء في “الصحاح” في شأن أسرى غزوة بني المصطلق – وكان من بينهم جويرية بنت الحارث – أن أباها الحارث بن أبي ضرار حضر إلى المدينة ومعه كثير من الإبل؛ ليفتدي بها ابنته، وفي وادي العقيق قبل المدينة بأميال أخفى اثنين من الجمال، أعجباه في شعب بالجبل، فلما دخل على النبي – صلى الله عليه وسلم – قال له: يا محمد، أصبت ابنتي، وهذا فداؤها، فقال صلى الله عليه وسلم: “فأين البعيران اللذان غيبتهما بالعقيق في شعب كذا”؟ فقال الحارث: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، والله ما أطلعك على ذلك إلا الله، وأسلم الحارث وابنان له، وأسلمت ابنته أيضا، فخطبها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى أبيها وتزوجها، فقال الناس: لقد أصبح هؤلاء الأسرى الذين بأيدينا أصهار رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فمنوا عليهم بغير فداء[11].
وروي أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لأصحابه في أسرى بني قريظة بعدما احترق النهار في يوم صائف: “أحسنوا إسارهم وقيلوهم واسقوهم”، وقال: “لا تجمعوا عليهم حر هذا اليوم وحر السلاح” [12].
ونأتي إلى أسرى غزوة بدر – محل الحديث – وقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد فرقهم بين أصحابه وقال: “استوصوا بهم خيرا”، وهذا غاية الرحمة والإنسانية؛ حيث أوصى بأناس طالما عذبوه وأصحابه، وحاولوا فتنتهم عن دينهم، وقد نفذ الصحابة وصية رسول الله بأمانة، وكانوا سمحاء كرماء معهم، فهذا أبو عزيز بن عمير أخو مصعب بن عمير يقول: “كنت في رهط الأنصار حين أقبلوا بي من بدر، فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز، وأكلوا التمر؛ لوصية رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إياهم بنا، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها، فأستحيي فأردها، فيردها علي ما يمسها” [13].
وكان في الأسرى سهيل بن عمرو، وكان خطيبا مفوها، فقال عمر: يا رسول الله، انزع ثنيتي سهيل بن عمرو يدلع لسانه؛ فلا يقوم خطيبا عليك في موطن أبدا. بيد أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رفض هذا الطلب؛ احترازا عن المثلة، وعن بطش الله يوم القيامة[14].
وقد جنح رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى رأي من قال بالفداء؛ لما فيه من الرحمة والعطف واللين، بمقتضى المقام الذي أقامه الله – عز وجل – فيه، وهو قوله: )وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين (107)( (الأنبياء) [15].
هذه هي مواقف النبي – صلى الله عليه وسلم – مع الأسرى في بدر وغيرها، يميل إلى الرحمة واللين، ويتجنب المثلة، ويحث على حسن معاملتهم.
ثالثا. أسباب قتل الأسيرين بعد بدر:
علا طنين المستشرقين والمبشرين لقتل هذين الأسيرين من بين سبعين أسيرا، وزعم أولئك تعطش الدين الجديد للدماء، وامتلاء قلب النبي – صلى الله عليه وسلم – بالحقد.. قالوا هذا وتغافلوا عما قام به هذان على وجه الخصوص، وتناسوا أن قتلهما كان في الطريق إلى المدينة، أي قبل تقرير مصير باقي الأسرى.
والأسيران هما: النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط، وكانا من شر عباد الله، وأكثرهم كفرا وعنادا، وبغيا وحسدا، وإيذاء للنبي والمسلمين، وهجاء للإسلام وأهله، ولم يأمر النبي بقتل أحد من الأسرى غيرهما.
ذلك أنه لما بلغ النبي في مرجعه الصفراء[16] عرض عليه الأسرى، فنظر النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى النضر نظرة رأى فيها الموت، فلما رأى ذلك قال لمصعب بن عمير – وكان أقرب من هناك به رحما -: كلم صاحبك أن يجعلني كرجل من أصحابه، فهو والله قاتلي إن لم تفعل، فقال مصعب: إنك كنت تقول في كتاب الله وفي نبيه كذا وكذا، وكنت تعذب أصحابه، فقال النضر: لو أسرتك قريش ما قتلتك أبدا وأنا حي، قال مصعب: والله إني لأراك صادقا، ثم إني لست مثلك، فقد قطع الإسلام العهود! ثم أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – علي بن أبي طالب بضرب عنقه ففعل.
أما عقبة بن أبي معيط فقد قتل بعرق الظبية[17]، ولما أمر النبي بقتله التفت إلى أصحابه وقال: “أتدرون ما صنع هذا بي؟ جاء وأنا ساجد خلف المقام فوضع رجله على عنقي وغمزها، فما رفعها حتى ظننت أن عيني ستندران[18]، وجاء مرة بسلا شاة[19]، فألقاه على رأسي وأنا ساجد، فجاءت فاطمة فغسلته عن رأسي”. وقد قتله علي بن أبي طالب، وقيل: عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح[20].
وقد كان قتل هذين الطاغيتين واجبا من حيث وجهة الحرب، فلم يكونا من الأسرى فحسب؛ بل كانا من مجرمي الحرب بالاصطلاح الحديث[21].
ومما يدل على رأفة النبي صلى الله عليه وسلم – أنه لما قتل النضر بن الحارث، رثته أخته قتيلة بنت الحارث، وكان مما قالت:
أمحمد يا خير ضنء[22] كريمة
من قومها والفحل[23] فحل معرق
ما كان ضرك لو مننت وربما
من الفتى وهو المغيظ المحنق
والنضر أقرب من أسرت قرابة
وأحقهم إن كان عتق يعتق
قال ابن هشام: يقال إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لما بلغه هذا الشعر قال: “لو بلغني هذا قبل قتله لمننت عليه”، وليس هذا بعجيب من الرءوف الرحيم الذي وسع خلقه الناس جميعا محسنهم ومسيئهم[24].
ونحسب بعد هذه الجولة بين أسرى بدر أن قراره – صلى الله عليه وسلم – بقتل الأسيرين – وكانا مستحقين له – لم يكن عن حقد منه، وإلا فلماذا قال بعد سماعه شعر قتيلة بنت الحارث في أخيها النضر: “لو بلغني هذا قبل قتله لمننت عليه”؟!
رابعا. معاملة الأسرى بين الرسول وغيره:
إن مقارنة صغيرة بين الرسول وغيره من القياديين على مر التاريخ بشأن معاملة الأسرى، تثبت لنا الفرق الشاسع بين رحمته – صلى الله عليه وسلم – ولينه، وغلظة غيره وشدته.
لقد حل أسرى بدر ضيوفا على أهل المدينة أنصارا ومهاجرين، وراحوا يتلقون منهم الحفاوة والتكريم، بل بدأ المسلمون يتقربون إلى ربهم بإطعام الأسرى كما يتقربون بإطعام اليتيم والمسكين، فلم يعاملوهم بوصفهم أسرى في زنزانات الأسر المظلمة، ولم تعرف شريعتنا ألوان وطرق التعذيب التي يستحدثها الصليبيون في العراق، ولم يحدث ما يسمع عنه العالم الآن في جوانتنامو[25]، وما يشاهده في سجن أبي غريب[26]، مما تطبقه المسيحية المتحضرة وفي ظل معاهدات جنيف.
لقد حفظ الرسول لمن يجيد الكتابة من أسرى بدر مكانته، وحرص على الاستفادة منه بما هو أثمن من المال، فبالكتابة ربح هذا الأسير حياته، فمن كان على معرفة بالكتابة دفع إليه عشرة غلمان من المسلمين، فإذا حذقوا فهو فداء له، وكان الفداء – لمن لا يعرف الكتابة – من أربعة آلاف درهم إلى ثلاثة آلاف درهم إلى ألف درهم، ومن ليس لديه دراهم ولا معرفة بالكتابة من عليه الرسول – صلى الله عليه وسلم – دون فداء[27].
فما رأي هؤلاء في فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – وصحابته؟ ثم ما رأيهم فيما تقوم به الدول المتحضرة اليوم في الشرق والغرب، وما جرى في الحربين العالميتين الأولى والثانية من قتل الأسارى قتلا جماعيا والتنكيل بهم تنكيلا جاوز حدود الإنسانية؟ فلماذا أغمضوا عن هذا عيونهم وأصموا آذانهم، وفتحوها لقتل أسيرين حفلت حياتهما بالمساوئ والجرائم تجاه النبي – صلى الله عليه وسلم – والمسلمين؟ فأين هذا مما صنعه المسلمون مع الأسارى في بدر من إحسان إليهم، حسب وصية نبيهم لهم، حتى كانوا يؤثرونهم على أنفسهم بالطعام والشراب[28]؟!
الخلاصة:
- ينفي عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الحقد – قبل بدر أو بعدها – ما أثر عنه – صلى الله عليه وسلم – من حسن خلقه، وكمال عفوه عند المقدرة، ومن ذلك أمره بنقل القتلى يوم بدر من مصارعهم إلى قليب ببدر، وعفوه عن معظم الأسرى، وعمن أراد قتله وإطلاقه للناس يوم الفتح، وغير ذلك كثير.
- جعل الإسلام الحق للحاكم في أن يفعل بالأسرى ما هو الأنفع والأجدى من المن، أو الفداء، أو القتل إذا اقتضت المصلحة ذلك.
- أوصى الرسول – صلى الله عليه وسلم – صحابته بالأسرى خيرا، فكانوا يؤثرونهم على أنفسهم بالطعام والشراب، وجعل فداء من يعرف الكتابة منهم أن يعلم عشرة من المسلمين الكتابة.
- قتل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط، وكانا من شر عباد الله، ولم يأمر بقتل أحد من الأسرى غيرهما، ولا ينكر وجوب قتلهما – من حيث وجهة الحرب – عاقل منصف.
- هناك فرق شاسع بين رحمة النبي – صلى الله عليه وسلم – ومن بعده من الخلفاء المسلمين في معاملة الأسرى، وبين ما يلقاه الأسرى من التعذيب والتنكيل والقتل على أيدي غير المسلمين، حينما يتمكنون.
- لم يعرف عصر الرسول – صلى الله عليه وسلم – ما نشاهده من الدول المتحضرة الآن، من زنزانات الأسر المظلمة، وألوان التعذيب والإهانة، والقتل الجماعي للأسرى، ولم يكن لديه ما لدى هؤلاء من اتفاقيات الأسرى، إلا شرع ربه عز وجل – وما أرقه من شرع – وحسن خلقه وكمال عدله.
(*) الرد على القس بوش في كتابه “محمد مؤسس الدين الإسلامي ومؤسس إمبراطورية المسلمين”,
د. عبد الرحمن جيرة، دار المحدثين، القاهرة، ط2، 1427هـ / 2006م.
[1]. السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، د. محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1408هـ/1998م، ج1، ص150.
[2]. حرش: هيج.
[3]. حزر: خمن أو قدر.
[4]. إسناده جيد: أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، باب العين، عمير بن وهب الجمحي (119)، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد، كتاب علامات النبوة، باب إخباره ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالمغيبات (14063)، وقال: رواه الطبراني مرسلا، وإسناده جيد.
[5]. محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الإنسان الكامل، محمد بن علوي المالكي الحسيني، دار الشروق، جدة، ط3، 1404هـ/ 1984م، ص162.
[6]. انظر: فقه السنة، السيد سابق، دار الفتح للإعلام العربي، القاهرة، ط2، 1419هـ/ 1999م، ج3، ص426، 427 بتصرف.
[7]. العاني: الأسير.
[8]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب فكاك الأسير (2881)، وفي مواضع أخرى.
[9]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال (4114)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والاسير، باب ربط الأسير وحبسه وجواز المن عليه (4688).
[10]. اللقحة: الناقة الحلوب.
[11]. فقه السنة، السيد سابق، دار الفتح للإعلام العربي، القاهرة، ط2، 1419هـ/ 1999م، ج3، ص428، 429 بتصرف.
[12]. الموسوعة الفقهية، وزراة الأوقاف والشئون الإسلامية الكويتية، مطابع دار الصفوة، مصر، ط4، 1414هـ/1993م، ج4، ص198.
[13]. السيرة النبوية، محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1408هـ/1998م، ج2، ص153.
[14]. الرحيق المختوم، صفي الرحمن المباركفوري، دار المؤيد، الرياض، 1418هـ/ 1998م، ص230.
[15]. محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الإنسان الكامل، محمد بن علوي المالكي الحسيني، دار الشروق، جدة، ط3، 1404هـ/ 1984م، ص111.
[16]. الصفراء: موضع قرب المدينة.
[17]. عرق الظبية: موضع على بعد ثلاثة أميال من المدينة.
[18]. تندر: تخرج من مكانها.
[19]. السلا: الكيس الذي يكون فيه الجنين في بطن أمه (المشيمة).
[20]. السيرة النبوية، محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1408هـ/1998م، ج2، ص154: 156.
[21]. الرحيق المختوم، صفي الرحمن المباركفوري، دار المؤيد، الرياض، 1418هـ/1998م، ص228.
[22]. الضنء: بفتح الضاد وكسرها: الولد.
[23]. الفحل: تريد الأب، أي أنه كريم الأبوين.
[24]. السيرة النبوية، محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1408هـ/1998م، ج2، ص156.
[25]. جوانتنامو: سجن في كوبا بأمريكا الجنوبية تابع للقوات الأمريكية، يعذب فيه أسرى المسلمين من جميع أنحاء العالم الذين أسرتهم أمريكا بعد احتلالها أفغانستان عام 2001م.
[26]. أبو غريب: سجن في العراق، كان يعذب فيه الأسرى العراقيون المسلمون على أيدي المحتلين الأمريكيين.
[27]. الرد على القس بوش في كتابه “محمد مؤسس الدين الإسلامي ومؤسس إمبراطورية المسلمين”، د. عبد الرحمن جيرة، دار المحدثين، القاهرة، ط2، 1427هـ / 2006م، ص287، 288 بتصرف.
[28]. السيرة النبوية، محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1408هـ/1998م، ج2، ص168.