الطعن في أحاديث أشراط الساعة
وجوه إبطال الشبهة:
1) إن الأحاديث الدالة على علامات الساعة هي مما صح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والإخبار بذلك هو مما علمه الله لرسوله – صلى الله عليه وسلم – من أمور الغيب، وليس معناه إثبات علم الغيب للرسول صلى الله عليه وسلم.
2) إن قول الله تعالى: )لا تأتيكم إلا بغتة( (الأعراف: ١٨٧) لا يعارض أحاديث أشراط الساعة؛ ذلك لأن القرآن نفسه قد أشار إليها في آياته، بل وذكر منها ما يوافق الأحاديث كخروج الدابة، ويأجوج ومأجوج، أما حديث: «ما المسئول عنها بأعلم من السائل»، فالمقصود به وقت قيام الساعة لا أشراطها؛ بدليل أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قد بين في هذا الحديث بعضا من علامات الساعة، وليس هناك وجه مقارنة، ولو كان سؤال جبريل الأول عن أشراط الساعة، لما قال له بعد أن أجاب عنه بنفي العلم عنه وعن جبريل عليه السلام: “أخبرني عن أماراتها”.
3) إن الأحاديث الواردة في أشراط الساعة لا يعارض بعضها بعضا، وليس طلوع الشمس من مغربها هو أول الآيات، والأولية المذكورة في الحديث: «إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس…»، فمعناه أولها بالنسبة إلى آيات معينة، فإنها بطلوعها من مغربها يغلق باب التوبة ولا يقبل الإيمان، ولازم هذا أن يكون نزول عيسى – عليه السلام – قبلها؛ لأن بنزوله سيحكم بالإسلام، والعمل والإيمان مقبولان، ويلزم منه أسبقية خروج الدجال ويأجوج ومأجوج، وما ذكر من أن النار أول الآيات وآخرها، فالجمع بينهما بأن آخريتها باعتبار ما ذكر معها من الآيات، وأوليتها فباعتبار أنها أول الآيات التي لا شيء بعدها من أمور الدنيا، فلا تعارض إذن بين الأحاديث.
4) إن تكلم الحجر مع المسلم في الحرب الفاصلة بين المسلمين واليهود، فإن هذا خاضع لقدرة الله – عز وجل – ولا يعارض الواقع والعلم الحديث والتكنولوجيا، لأن ما أنتجه هذا العصر من مستحدثات يوحي بالاستغراب في أشياء كثيرة، وهذه قدرة البشر، فما بالك بقدرة خالق البشر؟! وقد وقع أمثال ذلك قديما للأنبياء مثل موسى – عليه السلام – ومحمد – صلى الله عليه وسلم – فقد حنت الجمادات إليهم، وتحاورت معهم.
التفصيل:
أولا. إخبار الرسول – صلى الله عليه وسلم – بأشراط الساعة هو مما علمه الله من الغيب.
إن علم الغيب هو مما استأثر الله – سبحانه وتعالى – به، وقد أشار الله – عز وجل – إلى ذلك في غير ما آية من القرآن الكريم، فقد قال تعالى: )وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو( (الأنعام: ٥٩)، وقال: )إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت( (لقمان: ٣٤)، وقد تضافرت الأدلة على ذلك قرآنا وسنة.
وعلى الرغم من ذلك فإن الله – سبحانه وتعالى – قد يعلم بعض عباده شيئا من الغيب، فقد قال تعالى: )عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا (26) إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا (27)( (الجن). ومن هذه الآية يحمل كل غيب أخبر به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، وكل ما أخبر به فهو حق وصدق يجب الإيمان به عموما بدون تأويل.
فقد أخبر – صلى الله عليه وسلم – عن أشياء سابقة وماضية، فثبت أنها طبق ما أخبر، وأخبر عن أمور ستحدث فوقعت وفق ما أخبر.
وأمثلة ذلك كثيرة ومتعددة، وبعض صور ذلك توافق فيها القرآن الكريم.
«فعن ابن عباس – رضي الله عنهما – في قوله تعالى: )الم (1) غلبت الروم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون (4) بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم (5)( (الروم). قال – أي ابن عباس: غلبت وغلبت.
قال: كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم؛ لأنهم أهل أوثان، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس؛ لأنهم أهل كتاب، فذكروه لأبي بكر – رضي الله عنه – فذكره أبو بكر – رضي الله عنه – لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنهم سيغلبون. قال فذكره أبو بكر – رضي الله عنه – لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلا، فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا، وإن ظهرتم كان لنا كذا وكذا، فجعل أجلا خمس سنين، فلم يظهروا، فذكر ذلك أبو بكر للنبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: ألا جعلتها إلى دون. قال: أراه العشر، قال سعيد بن جبير: والبضع ما دون العشر. ثم ظهرت الروم بعد، قال: فذلك قوله تعالى: )الم (1) غلبت الروم (2)( (الروم) إلى قوله: )ويومئذ يفرح المؤمنون (4)(، قال: يفرحون بنصر الله»[1].
والنبي – صلى الله عليه وسلم – قد أخبر عن علامات الساعة الصغرى، وقد وقع الكثير منها – إن لم تكن كلها – وأخبر بالعلامات الكبرى، وهي لم تقع بعد، وما وقع دليل على ما لم يقع.
وطبقا لقول الله تعالى: )إلا من ارتضى( فإن إعلام الله بعض الغيب لبعض عباده واقع وحقيقة.
قال القرطبي: “قوله: )عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا (26) إلا من ارتضى من رسول( فإنه يظهره على ما يشاء من غيبه، لأن الرسل مؤيدون بالمعجزات، ومنها الإخبار عن بعض الغائبات… وقال العلماء رحمة الله عليهم: لما تمدح سبحانه بعلم الغيب، واستأثر به دون خلقه، كان فيه دليل على أنه لا يعلم الغيب أحد سواه، ثم استثنى من ارتضاه من الرسل، فأودعهم ما شاء من غيبه بطريق الوحي إليهم، وجعله معجزة لهم، ودلالة صادقة على نبوتهم.
وفي التنزيل الحكيم حكى الله على لسان عيسى عليه السلام: )وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم( (آل عمران: ٤٩) “[2].
وعلى هذا الأساس يحمل كل ما ورد عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من أخبار مستقبلية تتعلق باليوم الآخر، وأن ذلك مما أطلعه الله عليه، وليس فيه أدنى دليل على أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يعلم الغيب إلا ما علمه الله إياه.
ثم إن الأحاديث التي رويت لنا في الأشراط الخاصة بيوم القيامة أحاديث صحيحة رويت في كتب الأثبات من المحدثين وأهل السنة، وهذا أكبر دليل على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن الأحاديث التي وردت بشأن الحديث عن القيامة عموما، ما روي أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خطب أصحابه، وأعلمهم بالفتن وأصحابها إلى قيام الساعة؛ لأنه قد صح من كتاب الله – عز وجل – وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – أنه – صلى الله عليه وسلم – لا يعلم الغيب على هذا النحو المفصل الشامل العجيب إلا بعلم من الله تعالى.
وقد جاء ذلك عنه – صلى الله عليه وسلم – من طرق متعددة عن عدد من الصحابة الكرام، منهم أبو زيد، وحذيفة، وعمر بن الخطاب، وأبو سعيد الخدري وغيرهم.
فأما حديث أبو زيد (عمرو بن أخطب) قال: «صلى بنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الفجر، وصعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى غربت الشمس، فأخبرنا بما كان وبما هو كائن إلى يوم القيامة. قال: فأعلمنا أحفظنا» [3].
وأما حديث حذيفة – رضي الله عنه – قال: «قام فينا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مقاما، ما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدث به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابي هؤلاء، وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته فأراه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل، إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه»[4] وفي رواية: «أخبرني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، فما منه شيء إلا وقد سألته، إلا إني لم أسأله: ما يخرج أهل المدينة من المدينة»[5].
وأما حديث عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – فقد رواه طارق بن شهاب، قال: سمعت عمر – رضي الله عنه – يقول: «قام فينا النبي – صلى الله عليه وسلم – مقاما، فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم، وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه، ونسيه من نسيه»[6].
وبهذا الحديث يتبين لنا حدود علم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالغيب، لذلك فلنعلم أن قوله تعالى: )قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله( (النمل: ٦٥) – ليس هو الغيب المنفي عن البشر؛ لأن إعلام الغيب للبشر مندرج تحت رضا الله عن المأذون لهم بإعلام الله الغيب لهم، أما الغيب المنفي عن البشر فهو المذكور في سورة لقمان: )إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت( (لقمان:٣٤). وقد حكى الله عن سيدنا عيسى – عليه السلام – قوله: )وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم( (آل عمران:٤٩)، وقال في حق يوسف عليه السلام: )قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي( (يوسف: ٣٧).
وقال في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم: )لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين( (الفتح: ٢٧).
ويظهر من ذلك أن الأحاديث التي تدل على الغيب من أقوى الأدلة على نبوة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأنه يوحى إليه من قبل الله تعالى، ولا دليل فيها على انفراده بعلم الغيب، بل ما علمه من الغيب إنما هو هبة من الله.
ثانيا. القرآن والسنة هما الدعامتان الأساسيتان المثبتتان لأشراط يوم القيامة:
إن الحديث عن قضية “الإيمان بالمعاد” وما يحيط بذلك من أحداث عظام تبدأ من سكرة الموت حتى الانتهاء إلى المصير المحتوم بالجنة أو النار، لهو حديث لا يخضع لعالم الشهادة بأي سبب من الأسباب، بل هو يقع تحت الإيمان المطلق بعلم الغيب وحيثياته، وقد ضرب أقوام نصوص الشرع بعضها ببعض فقالوا: إن حديثا عن هذا الموضوع يتطلب منا أن نؤمن بما هو متفق عليه في القرآن الكريم، ولا نعنى بأي قول مهما كان قائله، حتى ولو كان القائل هو رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم يتجاوزون هذا النطاق إلى نطاق أفظع منه وأشد، فيقولون: إذا كانت هذه الأحاديث التي تناولت أشراط الساعة بهذا التفصيل، فماذا نفعل بقوله تعالى: )لا تأتيكم إلا بغتة( (الأعراف: ١٨٧)، فهذه الآية تثبت المباغتة مع وقوع الساعة، مع أن هذه الأحاديث تفيد إعلاما بوقوعها مما يدعو إلى الاستعداد لها، وهو أيضا مناف للحديث الصحيح الوارد عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والذي يقول فيه عندما سأله جبريل – عليه السلام – عن الساعة:«ما المسئول عنها بأعلم من السائل» إذن هذه الأحاديث مخالفة لصريح القرآن وصحيح السنة، فهي مردودة.
نقول: إن الإشكال يزول، والأمور تتضح من خلال التأمل الصائب لهذه النصوص كلها.
فلقد وردت في القرآن الكريم الكثير من الآيات التي تدل على صحة معاني أحاديث أشراط الساعة، وذلك مثل قوله تعالى: )فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم (18)( (محمد).
“قوله: )بغتة( حال من الساعة، قال تعالى: )لا تأتيكم إلا بغتة( (الأعراف: ١٨٧)، والبغتة: الفجأة، وهو مصدر بمعنى المرة، والمراد به هنا الوصف، أي: مباغتة لهم.
ومعنى الكلام: أن الساعة موعدهم، وأن الساعة قريبة منهم، فحالهم كحال من ينتظر شيئا، فإنما يكون الانتظار إذا اقترب موعد الشيء، هذه الاستعارة تهكمية.
والفاء في قوله عز وجل: )فقد جاء أشراطها( (محمد: ١٨) فاء الفصيحة، كالتي في قول عباس بن الأحنف:
قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا
ثم القفول فقد جئنا خراسانا
وهذه الفصيحة تفيد معنى تعليل قرب مؤاخذتهم.
والأشراط: جمع شرط بفتحتين، وهو: العلامة والأمارة على وجود شيء أو على وصفه.
وعلامات الساعة هي علامات كونها قريبة، وهذا القرب يتصور بصورتين:
- إحداهما: أن وقت الساعة قريب قربا نسبيا بالنسبة إلى طول مدة هذا العالم ومن عليه من الخلق.
- والثانية: أن ابتداء مشاهدة أحوال الساعة يحصل لكل أحد بموته؛ فإن روحه إذا خلصت عن جسده شاهدت مصيرها مشاهدة إجمالية… ويفسر هذا حديث ابن عمر – رضي الله عنهما: «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي. إن كان من أهل الجنة، فمن أهل الجنة. وإن كان من أهل النار، فمن أهل النار. يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة»[7]، ونهاية حياة المرء قريبة وإن طال العمر.
والأشراط بالنسبة للصورة الأولى: الحوادث التي أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – أنها تقع بين يدي الساعة، وأولها بعثته – صلى الله عليه وسلم – لأنه آخر الرسل، وشريعته آخر الشرائع.
وبالنسبة للصورة الثانية أشراطها الأمراض والشيخوخة.
وقوله تعالى: )فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم (18)( (محمد) تفريع على )فقد جاء أشراطها(، و”أنى” اسم يدل على الحالة، ويضمن معنى الاستفهام كثيرا، وهو هنا استفهام إنكاري، أي: كيف يحصل لهم الذكرى إذا جاءتهم الساعة، والمقصود: إنكار الانتفاع بالذكرى حينئذ”[8].
ولا نعدم أن نجد القرآن الكريم قد أشار إلى بعض العلامات التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا يصحح الأحاديث الواردة بهذا الشأن، فمنها: خروج الدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، وهما من العلامات الكبرى، وانشقاق القمر وهو من الصغرى، وقد وقع في زمن النبي – صلى الله عليه وسلم – وإليه الإشارة في قوله سبحانه وتعالى: )اقتربت الساعة وانشق القمر (1)( (القمر).
أما دليل هاتين العلامتين الكبيرتين فقوله تعالى عن يأجوج ومأجوج في سورة الكهف: )وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا (99)( (الكهف)، وقال أيضا: )حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون (96)( (الأنبياء). وقال عن خروج الدابة: )وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون (82)( (النمل).
وهاتان العلامتان مذكورتان بالنص في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات…»[9].
وذكر من ضمن هذه العشرة خروج الدابة، ويأجوج ومأجوج.
إذن فما تأويل الشواهد التي استشهد بها الطاعن في رد أحاديث أشراط الساعة؟
نقول: إن استدلالهم بقوله تعالى: )لا تأتيكم إلا بغتة( (الأعراف: ١٨٧) لا يصح حجة لهم لإبطال أحاديث علامات الساعة، وذلك أنهم اقتطعوا الجملة من السياق، ولم يفهموا ما قبلها وما بعدها، وذلك من أجل أن تتحقق شمولية فهم الآية بمجموعها، وإلا فلا يصح ما ذهبوا إليه؛ لأن نص الآية إنما يتحدث عن وقت قيام الساعة لا عن عدم الإخبار بمتعلقاتها، ولو كان قولهم صحيحا لوقعت أمور في مستقبل الأمة ومصيرها، فيصبح ذلك أشد نكارة للإسلام، إذ كيف توصف رسالته بالعموم، وكتابه بالإفصاح عن كل شيء، ومع ذلك تقع أشياء هو لم يخبر بها؟! وهاك الآية كلها كما جاءت في كتاب الله، وأقوال المفسرين حولها.
قال تعالى: )يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون (187)( (الأعراف).
يقول القرطبي في تفسيره لهذه الآية: قوله تعالى: )يسألونك عن الساعة أيان مرساها( )أيان( سؤال عن الزمان؛ مثل متى.
قال الراجز:
أيان تقضي حاجتي أيان
أما ترى لنجحها أوانا
وكانت اليهود تقول للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت نبيا فأخبرنا عن الساعة متى تقوم.
وروي أن المشركين قالوا ذلك لفرط الإنكار، و )مرساها( في موضع رفع بالابتداء عند سيبويه، والخبر “أيان” وهو ظرف مبني على الفتح؛ بني لأن فيه معنى الاستفهام.
و )مرساها( بضم الميم، من أرساها الله، أي أثبتها، أي: متى مثبتها؟، أي: متى وقوعها؟
وقوله تعالى: )إنما علمها عند ربي( (الأعراف: ١٨٧) ابتداء وخبر؛ أي: لم يبينها لأحد؛ حتى يكون العبد أبدا على حذر.
)لا يجليها(؛ أي: لا يظهرها، والتجلية: إظهار الشيء.
)لوقتها(؛ أي: في وقتها )إلا هو(.
ومعنى )ثقلت في السماوات والأرض( خفي علمها على أهل السماوات والأرض، وكل ما خفي علمه فهو ثقيل على الفؤاد.
وقيل: كبر مجيئها على أهل السماوات والأرض.
وقيل: عظم وصفها على أهل السماوات والأرض.
وقال قتادة وغيره: المعنى لا تطيقها السماوات والأرض لعظمها؛ لأن السماء تنشق، والنجوم تتناثر، والبحار تنضب.
وقيل: المعنى ثقلت المسألة عنها.
)لا تأتيكم إلا بغتة( أي: فجأة، مصدر في موضع الحال[10].
وقال ابن عاشور:
“وجملة: )لا تأتيكم إلا بغتة( مستأنفة، جاءت تكملة للإخبار عن وقت حلول الساعة؛ لأن الإتيان بغتة يحقق مضمون الإخبار عن وقتها بأنه غير معلوم إلا لله، وبأن الله غير مظهره لأحد، فدل قوله: )لا تأتيكم إلا بغتة( على أن انتفاء إظهار وقتها انتفاء متوغل في نوعه، بحيث لا يحصل العلم لأحد بحلولها بالكنه ولا بالإجمال، وأما ما ذكر لها من أمارات في حديث سؤال جبريل عن أماراتها فلا ينافي إتيانها بغتة؛ لأن تلك الأمارات ممتدة الأزمان بحيث لا يحصل معها تهيؤ للعلم بحلولها.
و”البغتة” مصدر على زنة المرة من “البغت” وهو المفاجأة؛ أي: الحصول بدون تهيؤ له”[11].
تلك بعض أقوال المفسرين حول هذه الآية الكريمة، وعرفنا أنها خاصة بوقت قيام الساعة، لا بما يسبقها من علامات، وكون النبي – صلى الله عليه وسلم – يخبر بهذه العلامات، فلا يفهم منه أن قد علم وقتها وأخبر به، فيكون منافيا لاستئثار علم الله بها، كلا؛ لأن الآية صريحة بميعاد قيامها.
أما استدلالهم بقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – لسيدنا جبريل – عليه السلام – في الحديث الطويل:«ما المسئول عنها بأعلم من السائل»[12] فمرجعه – أيضا – إلى سياق الحديث النبوي الشريف ومفهومه، وذلك في قول جبريل – عليه السلام – للنبي صلى الله عليه وسلم: «متى الساعة؟»، فأجاب النبي – صلى الله عليه وسلم – بنفي ذلك عن السائل والمسئول، أي: إذا كنت وأنت ملك لا تعلمها، فمن باب أولى أن لا أعلمها وأنا بشر، قال ابن حجر: “قوله: متى الساعة؟ أي: متى تقوم الساعة”[13].
وعليه يكون المقصود الحقيقي أن الإخبار بعلامات القيامة شيء، ونفي علم وقت وقوعها شيء آخر، ودليل ذلك ما جاء في سؤال جبريل الثاني عن الساعة، قال: فأخبرني عن أماراتها، ولو كان السؤال الأول كالثاني، لما اختلفت إجابة الرسول – صلى الله عليه وسلم – عن السؤالين، فالإجابة عن الأول لما كان عن وقتها كانت بالنفي، والإجابة عن السؤال الثاني، لمـا كان عن أماراتها، كانت إجابة الرسول – صلى الله عليه وسلم – وفقا لما علمه الله عز وجل.
وبهذا الجمع الذي أوضحناه بين الآية الشريفة والحديث النبوي يتبين أنهما يتفقان تمام الاتفاق مع ما أخبر به الرسول – صلى الله عليه وسلم – من أمارات للساعة.
وقد جاءت أحاديث كثيرة عن الساعة عين فيها الرسول – صلى الله عليه وسلم – يوم وقوعها (وهو يوم الجمعة) ووصف جانبا من كيفية وقوعها، فقال في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «تقوم الساعة والرجل يحلب اللقحة[14] فما يصل الإناء فيه حتى تقوم، والرجلان يتبايعان الثوب، فما يتبايعانه حتى تقوم، والرجل يلط في حوضه، فما يصدر حتى تقوم»[15].
كما صور جانبا من هولها، فقال: «فذاك حين يشيب الصغير، )وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد (2)( (الحج)…» الحديث[16].
وتحدث النبي – صلى الله عليه وسلم – عن بعض أشراطها كما في حديث جبريل – عليه السلام – لما سأله: أخبرني عن أماراتها. قال: «أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان».
ويعد إخبار النبي – صلى الله عليه وسلم – بهذه الأمور من قبيل الإعجاز المؤيد لصدقه – صلى الله عليه وسلم – على مر العصور، ولا يعد ذلك علما بالساعة؛ لأن علم الساعة من الأمور الغيبية التي لم ولن يشارك الله أحد في العلم بها، وهذا ما ذكره النبي – صلى الله عليه وسلم – في قوله صلى الله عليه وسلم:«تسألوني عن الساعة وإنما علمها عند الله، وأقسم بالله ما على الأرض من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة»[17]، وزاد مسلم في رواية أخرى «وهي حية يومئذ» [18].
وبما أوردنا يتضح أن القرآن الكريم يقر أشراط الساعة ويذكر بعضها تعيينا، كخروج يأجوج ومأجوج، وخروج دابة الأرض، وهذا نص الأحاديث كما أخبر بها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كما أنه ينفي أن يكون لأحد علم بوقت ميعادها: )إن الله عنده علم الساعة( (لقمان: ٣٤).
وهذا ما اتفقت عليه الأحاديث النبوية؛ حيث نفى الرسول – صلى الله عليه وسلم – علمه بوقت قيام الساعة، مع أنه أخبر بعدد من العلامات التي تتقدمها، ولا يفهم من هذا الحديث أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – يعلم الغيب؛ لأنه نفى علمه لميقات الساعة، وأكد ذلك بنفيه عن جبريل – عليه السلام – وذلك في قوله: «ما المسئول عنها بأعلم من السائل».
أما إخفاء علم وقوعها والإخبار بعلامتها، فذلك والله أعلم من أجل ألا يؤخذ الناس على غفلة شاملة دون تعيين، فعينت لها علامات من أجل الاستعداد، ولم يشر إلى وقت وقوعها صراحة، حتى لا يتكل الناس على الميعاد المحدد، فلا يذكرون الله إلا قريبا منها، فتنتفي عبودية الله من الأرض… وغير ذلك من الحكم؛ )وكان أمر الله قدرا مقدورا (38)( (الأحزاب).
وقد أنكر المغرضون حديثا صحيحا بحجة أنه يثبت – على حد زعمهم – علم النبي – صلى الله عليه وسلم – بميقات الساعة، وهذا يخالف نصوص القرآن التي تؤكد على استئثار الله بعلم ميقات الساعة، كقوله تعالى: )يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو….( (الأعراف: ١٨٧)، فمحال أن يعرف النبي – صلى الله عليه وسلم – الغيب الذي استأثر الله بالعلم به، كما في قوله تعالى: )وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو( (الأنعام: ٥٩).
وقد أكد الطاعنون زعمهم بأن تقدير النبي – صلى الله عليه وسلم – لميقات الساعة قد جانب الصواب، وهذا محال على النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الافتراء الذي افتراه هؤلاء المغرضون لا يثبت أمام كل ذي لب أو من لديه أدنى فهم وعلم، وذلك للآتي:
1) قد ورد هذا الحديث في أصح كتب السنة، فقد ورد في صحيحي البخاري ومسلم بروايات عدة:
- روايات البخاري:
o عن هشام عن أبيه عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: «كان رجال من الأعراب جفاة يأتون النبي – صلى الله عليه وسلم – فيسألونه: متى الساعة؛ فكان ينظر إلى أصغرهم فيقول: إن يعش هذا لا يدركه الهرم حتى تقوم عليكم ساعتكم» قال هشام: يعني موتهم[19].
o عن أنس – رضي الله عنه – «أن رجلا من أهل البادية أتى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: “يا رسول الله، متى الساعة قائمة؟ قال: ويلك وما أعدت لها؟ قال: ما أعددت لها إلا أني أحب الله ورسوله، قال: إنك مع من أحببت، فقلنا: ونحن كذلك؟ قال: نعم، ففرحنا يومئذ فرحا شديدا، فمر غلام المغيرة – وكان من أقراني – فقال: إن أخر هذا فلن يدركه الهرم حتى تقوم الساعة»[20].
- روايات مسلم:
o عن هشام عن أبيه، عن عائشة – رضي الله عنها، قالت:«كان الأعراب إذا قدموا على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سألوه عن الساعة: متى الساعة؟ فنظر إلى أحدث إنسان، فقال: إن يعش هذا، لم يدركه الهرم، قامت عليكم ساعتكم»[21].
o عن أنس رضي الله عنه«أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: متى تقوم الساعة؟ وعنده غلام من الأنصار، يقال له محمد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن يعش هذا الغلام فعسى أن لا يدركه الهرم، حتى تقوم الساعة»[22].
o عن أنس بن مالك، «أن رجلا سأل النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: متى تقوم الساعة؟ قال: فسكت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – هنيهة، ثم نظر إلى غلام بين يديه من أزد شنوءة، فقال: “إن عمر هذا، لم يدركه الهرم حتى تقوم الساعة»[23].
o عن أنس قال: «مر غلام للمغيرة بن شعبة، وكان من أقراني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن يؤخر هذا، فلن يدركه الهرم، حتى تقوم الساعة»[24].
2) إضافة ضمير الخطاب إلى كلمة الساعة:
فلقد ذكر البخاري في أولى روايتيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «حتى تقوم عليكم ساعتكم»، ونلاحظ أن هذا ما ذكره مسلم – أيضا – في إحدى رواياته، وهذا يدل على أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لا يتكلم عن الساعة العظمى، بل يتحدث عن الساعة الصغرى، وهي أجل كل شخص كما قدره الله له، ويؤيد ذلك ما قاله القاضي عياض: “أراد بالساعة: انقراض القرن الذين هم من عدادهم، ولذلك أضاف إليهم”[25].
3) اتفاق شراح الحديث على أن المقصود بالساعة في هذا الحديث هو موت المخاطبين، وليس المقصود بالساعة هنا الساعة العظمى.
وفي هذا يقول ابن حجر: “وقال الإسماعيلي… المراد بالساعة ساعة الذين كانوا حاضرين عند النبي – صلى الله عليه وسلم – وأن المراد موتهم، وأنه أطلق على يوم موتهم اسم الساعة لإفضائه بهم إلى أمور الآخرة، ويؤيد ذلك أن الله استأثر بعلم وقت قيام الساعة العظمى كما دلت عليه الآيات والأحاديث الكثيرة”[26].
ويقول الإمام النووي: “المراد «بساعتكم» موتهم، ومعناه يموت ذلك القرن أو أولئك المخاطبون”[27].
وقال السيوطي في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «حتى تقوم الساعة»: “أي ساعة المخاطبين بأن يموتوا”[28].
وقال شمس الحق العظيم آبادي: “ساعتكم: أي قيامتكم، وهي الساعة الصغرى، والمراد موت جمعيهم”[29]، قال القاضي عياض: «ساعتكم»: “يعني موتكم، بهذا فسر الحديث من سلف من أئمتنا كقوله: «من مات فقد قامت قيامته»، ومثله في الباب”[30].
ثالثا. أحاديث أشراط الساعة متعاضدة لا متنافرة:
روت كتب السنة المطهرة العديد من الأحاديث الدالة على قيام الساعة، وأول هذه الأحاديث ما رواه عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – قال: «حفظت من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حديثا لم أنسه بعد، سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى، وأيهما ما كانت قبل صاحبتها، فالأخرى على إثرها قريبا»[31].
وثاني هذه الروايات ما رواه أنس – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب» [32].
وثالث هذه الروايات ما أخرجه مسلم عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ذكر الآيات التي تكون قبل قيام الساعة، فقال في آخرها: «وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم» [33].
وظاهر هذه الأحاديث – في ظنهم – يوهم اضطرابا بين أول آية تقع وآخر آية.
وحل هذا الإشكال والرد على هؤلاء يكون بالتالي:
قوله صلى الله عليه وسلم: “أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها”، قال ابن كثير: “أي: أول الآيات التي ليست مألوفة، وإن كان الدجال ونزول عيسى – عليه السلام – من السماء قبل ذلك، وكذلك خروج يأجوج ومأجوج، فكل ذلك أمور مألوفة؛ لأن مشاهدته ومشاهدة أمثاله مألوف، فأما خروج الدابة على شكل غريب غير مألوف، ومخاطبتها الناس، ووسمها إياهم بالإيمان أو الكفر فأمر خارج عن مجاري العادات، وذلك أول الآيات الأرضية، كما أن طلوع الشمس من مغربها على خلاف عادتها المألوفة، أول الآيات السماوية”[34].
يقول السيوطي قوله: “أول الآيات خروجا” فإن قيل: طلوع الشمس من مغربها ليس أول الآيات؛ لأن الدخان والدجال قبله، قلنا: الآيات إما أمارات لقرب قيام الساعة، وإما أمارات دالة على وجود قيام الساعة وحصولها، ومن الأول خروج الدخان، وخروج الدجال ونحوهما، ومن الثاني ما نحن فيه من طلوع الشمس من مغربها، والرجفة، وخروج النار وطردها الناس إلى المحشر[35].
وهذا الكلام شامل ومفيد، لكن لابد هنا من ذكر أقوال أهل العلم في حل الإشكال المتقدم ثم الراجح منه، وقد جمع هذه الأقوال د. سليمان الدبيخي، فقال:
“القول الأول: أن طلوع الشمس من مغربها أول الآيات الكائنة في زمان ارتفاع التوبة؛ لأن قبل طلوع الشمس من مغربها التوبة فيه مقبولة.
وإلى هذا ذهب القرطبي، وأشار إلى أن طلوع الشمس من مغربها هو أول تغير في العالم العلوي الذي لم يشاهد فيه أي تغيير منذ أن خلقه الله تعالى.
القول الثاني: أن طلوع الشمس من مغربها أول الآيات الدالة على قيام الساعة ووجودها، وذلك أن الآيات إما أمارات دالة على قرب القيامة، أو على وجودها. ومن الأول الدجال ونحوه، ومن الثاني طلوع الشمس ونحوه، فأولية طلوع الشمس إنما هي بالنسبة إلى القسم الثاني، وإلى هذا ذهب الطيبي.
القول الثالث: أن طلوع الشمس من مغربها أول الآيات السماوية التي ليست مألوفة، وإلى هذا ذهب ابن كثير وابن أبي العز.
القول الرابع: ما ذهب إليه ابن حجر – رحمه الله – حيث قال: “الذي يترجح من مجموع الأخبار أن خروج الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض، وينتهي ذلك بموت عيسى ابن مريم – عليه السلام – وأن طلوع الشمس من المغرب هو أول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي وينتهي ذلك بقيام الساعة… وأول الآيات المؤذنة بقيام الساعة النار التي تحشر الناس كما تقدم في حديث أنس”[36] قال مرعي بن يوسف: “هذا كلام في غاية التحقيق، جدير بأن يتلقى بالقبول، لما فيه من التدقيق، وقد قرره الحفاظ الأعلام وعلماء الإسلام.
واستحسن هذا الجمع البرزنجي، لكنه قال: لو قال: وينتهي ذلك بخروج الدابة، بدل قوله: بموت عيسى – عليه السلام – لكان أولى وأوضح”[37].
تلك هي أقوال أهل العلم في هذه المسألة، “والناظر في الأقوال المتقدمة في توجيه حديث: “إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها” يلاحظ أنها كلها تذهب إلى أن طلوع الشمس من مغربها ليس أول الآيات على الإطلاق، وأن وصفها بالأولية، إنما هو نسبي إضافي، أي: بالنسبة إلى آيات معينة، وهذا هو الحق الذي لا مرية فيه، لأنه بعد طلوعها من المغرب )لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا( (الأنعام: ١٥٨(، ولازم هذا أن يكون نزول عيسى – عليه السلام – سابقا لخروجها من مغربها؛ لأن الإيمان في زمنه نافع ومقبول، وباب التوبة مفتوح، ومعلوم أن خروج الدجال سابق لنزوله، وأن ظهور يأجوج ومأجوج ثم هلاكهم، يكون في زمنه، كما دل على ذلك حديث النواس بن سمعان عند مسلم، فهذه الآيات كلها متقدمة على طلوع الشمس من مغربها”[38].
قال ابن حجر: قال البيهقي: إن كان في علم الله أن طلوع الشمس سابق على خروج الدجال ونزول عيسى – عليه السلام – احتمل أن يكون المراد نفي النفع عن أنفس القرن الذين شاهدوا ذلك، فإذا انقرضوا، وتطاول الزمان، وعاد بعضهم إلى الكفر، عاد تكليفه الإيمان بالغيب.
وإن كان في علم الله تعالى أن طلوع الشمس بعد نزول عيسى – عليه السلام – احتمل أن يكون المراد بالآيات في هذا الحديث آيات أخرى غير الدجال ونزول عيسى؛ إذ ليس في الخبر نص على أنه يتقدم عيسى عليه السلام[39].
“وقال محمد صديق حسن القنوجي: والحاصل أن الأولية إضافية لا حقيقية.
وما ذكر من الأقوال في توجيه الحديث فكل ذلك محتمل، ولا تعارض بينها؛ إذ يمكن القول بمجموعها، فيقال: طلوع الشمس من مغربها هو أول الآيات السماوية التي ليست مألوفة، وذلك مؤذن بتغير العالم العلوي، وانقطاع التوبة، وقيام الساعة”[40].
قال ابن حجر: “قال الحاكم أبو عبد الله: الذي يظهر أن طلوع الشمس يسبق خروج الدابة، ثم تخرج الدابة في ذلك اليوم، أو الذي يقرب منه، قلت: والحكمة في ذلك أن عند طلوع الشمس من المغرب يغلق باب التوبة، فتخرج الدابة تميز المؤمن من الكافر تكميلا للمقصود من إغلاق باب التوبة”[41].
وبما ذكر يرد على دعواهم بتناقض أحاديث أول الآيات ظهورا، وكذلك يرد على معارضتهم هذه الأحاديث بحديث نزول عيسى – عليه السلام – من السماء، وحكمه بشريعة الإسلام، وكان المرجح أن طلوع الشمس من مغربها ليس أول الآيات ظهورا على الإطلاق.
أما ما يتعلق بأن أول هذه الآيات نار تحشر الناس، فقد أجاب عنه ابن حجر – كما تقدم – بأن المراد: أن النار أول الآيات المؤذنة بقيام الساعة.
وأولى من هذا الجواب ما دل النص عليه، حيث أخرج الإمام أحمد هذا الحديث بلفظ:«وأما أول شيء يحشر الناس فنار تخرج من قبل المشرق فتحشرهم إلى المغرب…»[42]، وهذا يؤيد ما تقدم من كون الأولية هنا نسبية لا مطلقة.
وقد أخرج مسلم في صحيحه عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه”أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ذكر الآيات التي تكون قبل قيام الساعة، فقال في آخرها: «وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم»[43].
قال ابن حجر: “وهذا في الظاهر يعارض حديث أنس، ثم قال: ويجمع بينهما: بأن آخريتها باعتبار ما ذكر معها من الآيات، وأوليتها باعتبار أنها أول الآيات التي لا شيء بعدها من أمور الدنيا أصلا، بل يقع بانتهائها النفخ في الصور، بخلاف ما ذكر معها، فإنه يبقى بعد كل آية أشياء من أمور الدنيا”[44].
“ولكن الذي يظهر أن المراد بأوليتها ما تقدم في رواية الإمام أحمد: أنها أول ما يحشر الناس، وأما آخريتها فالمتعين ما ذكره الحافظ ابن حجر”[45].
إذن قيل: أول الآيات خروج الدجال، ثم نزول عيسى – عليه السلام – ثم خروج يأجوج ومأجوج، ثم خروج الدابة، ثم طلوع الشمس من مغربها؛ فإن الكفار يسلمون في زمان عيسى – عليه السلام – حتى تكون الدعوة واحدة، ولو كانت الشمس طلعت من مغربها قبل نزول عيسى – عليه السلام – لم يكن الإيمان مقبولا من الكفار[46].
وبهذا يزول الإشكال بين تلك الأحاديث كلها.
رابعا. حديث مخاطبة الحجر للمسلم لا يخالف العلم والواقع:
لقد روى الإمام البخاري – رحمه الله – حديثا يتناول حدثا مما سيكون قبل قيام الساعة، ألا وهو قتال المسلمين لليهود، ويذكر فيه النبي – صلى الله عليه وسلم – خارقا من خوارق العادات، ألا وهو حديث الحجر مع المسلم، وهذا الحديث نصه؛ عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «تقاتلون اليهود حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر، فيقول: يا عبد الله؛ هذا يهودي ورائي فاقتله»[47]، وفي رواية أبي هريرة: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود…» فذكره[48].
وهذا الحديث يفيد إخبارا بحادثة ستقع بين قيام الساعة، وهي مقاتلة المسلمين اليهود والانتصار عليهم، وأخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – بمعجزات ستقع في هذه الحرب النهائية، ومن تلك المعجزات معجزة مخاطبة الحجر للمسلم، ويكون الحجر في صف المسلم؛ إذ يقول له: يا مسلم: هذا يهودي ورائي فاقتله.
وهذا الحديث لم يعجب بعض الناس، فقالوا: كيف يحدث في عصر العلم والتقدم والتكنولوجيا أن يتكلم الحجر، ويتودد مع المسلم، وهذا لم يحدث لنبي من الأنبياء؟!!
نقول: إن الحديث صحيح سندا، وقد رواه الإمام البخاري – رحمه الله – وغيره من المحدثين، أما ما ذكر فيه من معجزة نطق الجماد – الحجر – فإننا يجب علينا أولا أن نؤمن بقدرة الله المطلقة، وهو سبحانه بمقتضى حكمته قد جعل الكون يسير على قانون ونظام حتى لا تتيه الكائنات خلف المفاجآت، وهذا لا يعني أن القوانين الكونية تحكم الكون باستقلال عن قدرة الله وعن إرادته، وإنما ربنا – عز وجل – له ما يريد، وهو قادر على إنفاذه، ولكن القدرة تعمل وإلى جوارها الحكمة، فما كان مناسبا للحكمة تعلقت به الإرادة وأوجدته، فإذا ما اقتضت حكمة الله – عز وجل – أن يكون كل شيء في الوجود على مقتضى قوانينه الضابطة سيره الله وفقا لهذه القوانين. أما حين تقتضي الحكمة أن يخرق الله عادة هذه القوانين لأمر يريده هو فعل.
وإذا كان هؤلاء ينكرون قدرة الله أن تنطق الحجر فما القول في حادث الفيل الذي امتلك إرادة صلبة في وجه أبرهة وجنوده، فامتنع عن الذهاب إلى الكعبة لهدمها مع أنهم أصلوه سوء العذاب لدرجة أنهم عذبوه بالحديد المحمي في النار، وهو على موقفه في غاية الإصرار؟!
ولم يكن الفيل وحده، وإنما معه هذا الطير الأبابيل التي رمت القوم بحجارة من سجيل، ولم تكن هذه الأمور كلها في سرية، وإنما كانت من الإعلان بحيث رآها أبناء هذا الجيل بمكة، ورآها معهم جنود آثمون، رأوا الحديث بعيونهم، وذاقوا ويلاته حتى مات الكثيرون منهم.
ثم ما موقف العلم الذي تتحدثون عنه بالنسبة لعيسى – عليه السلام – الذي ولد بغير أب؟ أم أن منكري السنة سيقولون مع الآثمين: إنه ابن يوسف النجار؟!
وماذا سيقول العلم ساعة المخاض لمريم حين أمرت – وهي في غاية الضعف والإعياء – أن تهز جذع النخلة من أسفل، فأسقطت النخلة لها رطبا جنيا من غير أن تهتز، ومن غير أن تتمايل، فقط هي إشارة مريم إلى النخلة، واستجابة منها لمريم كأن بها إحساسا وحركة؟.
وقد ألقى موسى عصاه بأمر الله، ثم نظر إليها تهتز كأنها جان، فولى مدبرا ولم يعقب.
فالأمر إذا ليس أمرا علميا أو تطبيقيا، وإنما الأمر كله هو أمر إيمان بالله وقدرته وحكمته وعلمه وإرادته.
ومن المعلوم أن آخر الزمان فيه من الأعاجيب ما فيه من خروج الدابة لا محالة بنص القرآن، وفيه نزول عيسى – عليه السلام – يؤازر المسلمين، ويكسر الصليب، ويقتل الدجال والخنزير، ويضع الجزية، وهو على ملة محمد – صلى الله عليه وسلم – وفي زمان نزول المسيح يمكن الله – عز وجل – المسلمين من اليهود تمكينا تاما؛ حتى يقول الحجر بلسان الحال أو المقال: «يا مسلم خلفي يهودي فاقتله» فإن قال بلسان الحال فالأمر يمر عاديا، وإن قال بلسان المقال فإنا قد آمنا وصدقنا بما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – والعصر عصر الأعاجيب[49].
ثم إنه في ظل هذا التقدم التكنولوجي المشهود بفعل البشر، حيث الكمبيوتر والإنترنت وما أشبهها من وسائل متعددة للاتصالات، أيستغرب حدث مثل نطق الحجر ومخاطبته الإنسان؟ وهاكم الأمثلة الكثيرة على إحساس الجماد قديما:
- ألم يحمل الحجر ثوب موسى – عليه السلام – ويجري به وسط الناس، وموسى – عليه السلام – خلفه يقول: «ثوبي حجر؟»[50].
- وكان هناك حجر يسلم على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في مكة[51].
- وقد حن جذع النخلة إليه صلى الله عليه وسلم[52].
- وقد تكلم ذراع الشاة في يديه صلى الله عليه وسلم[53].
وفوق كل ذلك ما ذكرناه من كلام الدابة الذي هو من علامات الساعة، وذلك ليعلن للذين لا يؤمنون إلا بالمادة، ولا يدينون لله بغيب، أن المسألة ليست عقلية فقط، بل هي خاضعة لإرادة الله، فجاء الشرع الحنيف ليبين هذه الأمور للناس جميعا ليعلموا أن شيئا غير مستعص على قدرة الله، ليحول الجماد إلى متكلم ينطق ويتودد ويتعاطف، ولا استغراب عندنا في ذلك، فهو واقع وملموس.
من خلال ما ذكرنا يتبين أن المسألة – أي تكلم الحجر – تخضع لمشيئة الله وقدرته، ولا تعارض بما ظهر من وسائل تكنولوجية حديثة، فالمسألة واقعة قديما وحديثا، ولا حجة للمنكرين لما وراء المادة في نفي شيء صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الخلاصة:
- إن أحاديث أشراط الساعة صحيحة في أعلى درجات الصحة، وقد رويت من طرق متعددة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – وهي توحي بمرادها، وليست دليلا على علم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الغيب؛ لأن ما أخبر به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من غيب في الماضي أو الحاضر أو المستقبل إنما هو مما علمه الله إياه.
- لم يقتصر إعلام الله بالغيب على النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – فقط؛ لأن الله – عز وجل – جعل مقياس هبته الغيب لأحد من رسله هو الرضا التام، وقد رضي الله – عز وجل – عن كل الرسل، وإلا لما اختارهم لرسالته، وقد أعطى كل واحد حظه من الغيب إلا ما استأثر الله بعلمه، كالغيبيات الخمسة التي في نهاية سورة لقمان.
- لقد أشار القرآن الكريم بما يوحي أن للساعة علامات، فقال تعالى: )فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها( (محمد: ١٨) فهذا يعطي إشارة صريحة إلى أن للساعة أشراطا، وهذا يعتبر دليلا على ما ذكره النبي – صلى الله عليه وسلم – من علامات للساعة.
- قد ذكر الله تعالى بعضا من أشراط يوم القيامة كما ذكرها النبي – صلى الله عليه وسلم – في أحاديثه، ومن تلك العلامات خروج الدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، مما يؤكد صحة الأحاديث الواردة في أشراط الساعة.
- المقصود بقوله:«ما المسئول عنها بأعلم من الساعة» أي: وقت قيامها، وليس فيها نفي من الرسول – صلى الله عليه وسلم – لعلمه بأشراط الساعة، وذلك أن جبريل – عليه السلام – قد سأله سؤالا تابعا لهذا السؤال يطلب فيه من الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن يخبره ببعض علاماتها، وهذا يؤكد الاختلاف بين السؤالين المطروحين على رسول الله صلى الله عليه وسلم – فالأول خاص بوقت وقوعها، والثاني بأماراتها.
- ليس إخبار الرسول – صلى الله عليه وسلم – بأشراط الساعة علما منه بالغيب، كلا بل هو القائل: «تسألوني عن الساعة – أي: عن وقت قيامها – وإنما علمها عند الله»، وما أخبر به من علامات لها إنما هو مما علمه الله.
- إن طلوع الشمس من مغربها ليس أول الآيات ظهورا؛ وذلك أنه بطلوعها يغلق باب التوبة، ويصبح الإيمان والعمل غير نافعين، فتكون الأولية المذكورة في بعض الأحاديث أولية نسبية إضافية، لأن طلوع الشمس سوف يسبقها نزول عيسى – عليه السلام – وخروج يأجوج ومأجوج والدجال، وفي حياة عيسى – عليه السلام – سيكون الإيمان مقبولا لأنه سيحكم بالإسلام.
- إن ما ذكر في الحديث الصحيح من أن النار أول الآيات ظهورا، وفي حديث أنها آخرها، لا تعارض بينهما، لأنه يجمع بينهما بأن آخريتها باعتبار ما ذكر معها من آيات، أما أوليتها فباعتبار أنها أول الآيات التي لا شيء بعدها من أمور الدنيا أصلا.
- إن حديث تكلم الحجر مع المسلم في الحرب الفاصلة بين المسلمين واليهود لا يتعارض مع العلم الحديث، لأن العلم فيه الكثير من الغرائب والعجائب، وقد تحدث الجماد مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في مواقف عديدة، كسلام الحجر عليه، وحنين الجذع إليه، وهذا أمر غير مستغرب للغاية؛ لأنه خاضع لقدرة الله ومشيئته.
(*)مشكلات الأحاديث النبوية، عبد الله القصيمي، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، ط2، 2006م. تحرير العقل من النقل، سامر إسلامبولي، مطبعة الأوائل، دمشق،2001م. ضلالات منكري السنة، د. طه حبيشي، مطبعة رشوان، القاهرة، ط2، 1427هـ/ 2009م.
[1]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند بني هاشم، مسند ابن عباس ـ رضي الله عنهما، (1/ 276)، رقم (2495). وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: صحيح على شرط الشيخين.
[2]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، (19/ 28،27).
[3]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: إخبار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما يكون إلى قيام الساعة، (9/ 3994)، رقم (7134).
[4]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: إخبار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما يكون إلى قيام الساعة، (9/ 3994)، رقم (7134).
[5]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: القدر، باب: ) وكان أمر الله قدرا مقدورا (38) (، (11/ 503)، رقم (6604). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: إخبار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما يكون إلى قيام الساعة، (9/ 3993)، رقم (7130).
[6]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في قول الله تعالى: ) وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه (، (6/ 331)، رقم (3192).
[7]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجنائز، باب : الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي، (3/ 286)، رقم (1379). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صفة الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه، (9/ 3973)، رقم (7078).
[8]. التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، دار سحنون، تونس، د. ت، (26/ 103، 104).
[9]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: في الآيات التي تكون قبل الساعة، (9/ 4004)، رقم (7153).
[10]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، (7/ 335) بتصرف.
[11]. التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، دار سحنون، تونس، د. ت، (9/ 204).
[12]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الإيمان، باب: سؤال جبريل…، (1/ 140)، رقم (50). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: بيان الإيمان والإسلام والإحسان، (1/ 293)، رقم (93).
[13]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (1/ 147).
[14] . اللقحة: الناقة الحلوب الغزيرة اللبن.
[15]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: قرب الساعة، (9/ 4055)، رقم (7279).
[16]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: قوله: “يقول الله لآدم: أخرج بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين”، (2/ 717)، رقم (521).
[17]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: قوله: “لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم”، (9/ 3664)، رقم (6363).
[18]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: قوله: “لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم”، (9/ 3664)، رقم (6365).
[19]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الرقاق، باب: سكرات الموت، (11/ 369)، رقم (6511).
[20]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأدب، باب: ما جاء في قول الرجل ويلك، (10/ 568)، رقم (6167).
[21]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: قرب الساعة، (9/ 4055)، رقم (7275).
[22]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: قرب الساعة، (9/ 4055)، رقم (7276).
[23]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: قرب الساعة، (9/ 4055)، رقم (7277).
[24]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: قرب الساعة، (9/ 4055)، رقم (7278).
[25]. عون المعبود شرح سنن أبي داود، شمس الحق العظيم آبادي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م، (11/ 340).
[26]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (10/ 572).
[27]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (9/ 4056).
[28]. الديباج على صحيح مسلم، السيوطي، تحقيق: أبي إسحاق الحويني، دار ابن عفان، السعودية، ط1، 1416هـ/ 1996م، (6/ 268).
[29]. عون المعبود شرح سنن أبي داود، شمس الحق العظيم آبادي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م، (11/ 340).
[30]. مشارق الأنوار على صحاح الآثار، القاضي عياض المالكي، دار التراث، القاهرة، د. ت، (1/ 704).
[31]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: في خروج الدجال، (9/ 4044)، رقم (7249).
[32]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التفسير، باب: قوله: ) من كان عدوا لجبريل (، (8/ 15)، رقم (4480).
[33]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: في الآيات التي تكون قبل الساعة، (9/ 4003)، رقم (7152).
[34]. النهاية في الفتن والملاحم، ابن كثير، تحقيق: محمد أحمد عبد العزيز، دار الجيل، بيروت، د. ت، (1/ 142).
[35]. شرح سنن ابن ماجه، السيوطي، مكتبة قديمي كتب خانة، باكستان، د. ت، ص296.
[36]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (11/ 361).
[37]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، دار المنهاج، الرياض، ط1، 1427هـ، ص578، 579.
[38] . أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، دار المنهاج، الرياض، ط1، 1427هـ، ص580.
[39]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (11/ 362) بتصرف.
[40] . فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (11/ 361).
[41]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، دار المنهاج، الرياض، ط1، 1427هـ، ص580.
[42]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك، رقم (13895). وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: إسناده صحيح على شرط مسلم.
[43]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: في الآيات التي تكون قبل الساعة، (9/ 4003)، رقم (7152).
[44]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (13/ 88).
[45]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، دار المنهاج، الرياض، ط1، 1427هـ، ص582.
[46]. شرح سنن ابن ماجه، السيوطي، مكتبة قديمي كتب خانة، باكستان، د. ت، (1/ 296).
[47]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجهاد والسير، باب: قتال اليهود، (6/ 121)، رقم (2925).
[48]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجهاد والسير، باب: قتال اليهود، (6/ 121)، رقم (2926).
[49]. ضلالات منكري السنة، د. طه حبيشي، مطبعة رشوان، القاهرة، ط2، 1427هـ/ 2009م، ص320: 322 بتصرف.
[50]. انظر: صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: رقم (28)، (6/ 502)، رقم (3404).
[51]. انظر: صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفضائل، باب: فضل نسب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتسليم الحجر عليه، (8/ 3410)، رقم (5829).
[52]. انظر: صحيح البخاري (بشرح فتح الباري )، كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة، (6/ 696)، رقم (3583).
[53]. انظر: صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الطب، باب: ما يذكر في سم النبي صلى الله عليه وسلم، (10/ 255)، رقم (5777).