الطعن في أحاديث المهدي المنتظر
وجوه إبطال الشبهة:
1) إن الأحاديث التي جاءت بشأن ظهور المهدي ليست كلها ضعيفة، كما زعموا؛ فقد أجمع جمهور علماء الحديث، منهم: ابن حجر المكي، والبيهقي، وابن كثير، وابن تيمية، والشوكاني على صحتها وتواترها عن ابن مسعود، وأم سلمة، وأبي سعيد، وعلي – رضي الله عنهم – وقد خرجها كثير من الأئمة في كتبهم، بأسانيد قوية؛ ومن هؤلاء الأئمة، أبو داود، وأحمد، والترمذي، وغيرهم كثير.
2) إن عدم إشارة القرآن الكريم للمهدي ليست دليلا لإنكار ظهوره؛ فيكفي ورودها والتأكيد عليها في السنة النبوية الشريفة، إذ السنة حجة بنفسها؛ فقد أكد القرآن حجيتها كثيرا؛ قال تعالى: )وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا( (الحشر: ٧)، فدل ذلك على أن السنة حجة كالقرآن الكريم.
3) إن عدم ذكر الشيخين “البخاري ومسلم” لأحاديث المهدي في صحيحيهما، لا يعد دليلا على إنكار فكرة المهدي من أساسه؛ فإن الشيخين لم يستوعبا كل الصحيح في صحيحيهما، وذلك بشهادتهما – أي الشيخين – فضلا عن إجماع علماء الحديث والفقه على ذلك، ناهيك أن جمعا من علماء الحديث قد أقر بأن في الصحيحين أحاديث تتعلق بالمهدي، وإن لم تكن صريحة في ذكر المهدي.
4) إن الزعم أن حديث: «ولا مهدي إلا عيسى» دليل على إنكار فكرة المهدي ليس صحيحا؛ إذ تفرد ابن ماجة بذكر هذا الحديث دون سائر مدوني السنة، وقد ضعفه كثير من علماء الحديث؛ منهم الإمام البيهقي، والذهبي، والحاكم، والشيخ الألباني، وعلى فرض صحة الحديث، فلا تعارض؛ إذ المعنى: لا مهدي كاملا معصوما إلا عيسى – عليه السلام – وعلى هذا تجتمع الأحاديث، ويرتفع التعارض.
5) ليست الأحاديث التي وردت بشأن المهدي من وضع الشيعة؛ فشتان بين مهديهم المزعوم، وبين المهدي المنتظر الذي أخبرت عنه الأحاديث الصحيحة؛ فأحاديث الشيعة تنتهي إلى أئمتهم المزعومين أواخر القرن الثالث الهجري، أما أحاديث المهدي لدينا فهي تنتهي إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فعقيدة أهل السنة في المهدي في واد، وعقيدة الشيعة في مهديهم في واد آخر، فلا يصح نسبة أحاديث المهدي إلى الشيعة.
6) إن القول بأن فكرة المهدي تخالف العقل السليم قول عار من الصحة، فقولنا: إنه سيحكم في آخر الزمان خليفة عادل يملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت ظلما، ويفتح الله عليه من الخيرات الكثير، فهذا ليس فيه ما يخالف العقل، بل نحن في الحقيقة نحتاج إلى هذا الحاكم بهذه الصفات النبيلة، ولعل في خلافة عمر بن عبد العزيز دليلا عقليا على إمكانية تكرار هذه الخلافة.
7) إن الفتن والقلاقل التي حدثت من جراء أدعياء المهدية لا تبيح لنا إنكار فكرة المهدي الذي اتفق علماء الأمة الثقات على ظهوره آخر الزمان، وإنما علاج ذلك هو التمسك بكتاب الله – عز وجل – وسنة رسوله الكريم – صلى الله عليه وسلم – كما أن فكرة المهدي في حد ذاتها ينبغي أن تكون حافزا ومشجعا لنا لإعادة قوة الإسلام، ورفع راية الحق والعدالة تحت سمائه لا دافعا على التواكل، وترك العمل كما يزعمون.
8) إن القول بأن أحاديث المهدي كلها من وضع كعب الأحبار ووهب بن منبه قول غير صحيح؛ فكل الأحاديث الصحيحة التي ندافع عنها والواردة في المهدي ليس فيها رواية واحدة لكعب الأحبار، ولم يرو من طريق وهب بن منبه إلا رواية واحدة، وهو وإن كان من علماء التوراة، لكنه “ثقة” في روايته، ولم يتهم فيها، وقد وثقه العجلي، والنسائي، وأبو زرعة، وغيرهم.
التفصيل:
أولا. إجماع علماء الحديث على تواتر أحاديث المهدي وحجيتها:
المهدي: رجل يظهر آخر الزمان من أهل البيت، يؤيد الدين، ويظهر العدل، ويتبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلامية، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة على أثره، وقد اتفقت كلمة أهل العلم بإجماع ظاهر لا يدرأ بتعارض صريح أو متأول – على أن حقيقة المهدي لا مراء فيها، وقد تواتر عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أحاديث عديدة وصحيحة تخبر عن المهدي المنتظر، وأبانت هذه الأحاديث عن اسمه ووسمه، وأنه من نسل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وظهوره سيكون علامة كبرى من علامات يوم القيامة.
وقد روى أحاديث المهدي عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – جم غفير من الصحابة الكرام يصل عددهم إلى الثلاثين أو يزيدون، مما يفيد تواترا معنويا لهذه الأحاديث، نذكر من هؤلاء الصحابة على سبيل المثال: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف، والحسين بن علي، وعبد الله بن عباس، وابن مسعود، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وأبو هريرة، وأنس، وعمار بن ياسر، وأم حبيبة، وأم سلمة، وحذيفة بن اليمان، وعائشة، وتميم الداري، وغيرهم رضي الله عنهم.
وقد خرج أحاديث المهدي كثير من الأئمة في كتبهم منهم على سبيل المثال لا الحصر، أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والنسائي، وأحمد، وابن حبان، والحاكم، والطبراني، وأبو يعلى، والبزار، وابن أبي شيبة، ونعيم بن حماد، وغيرهم من علماء السنة.
وقد احتج جمهور العلماء بأحاديث المهدي كالثوري، والبربهاري، والبستوي، والحافظ الآبري، وأبو سليمان الخطابي، والبيهقي، وأبو بكر بن العربي، والقاضي عياض، والسهيلي، وابن الجوزي، وابن الأثير، والإمام المنذري، والقرطبي المفسر، والقسطلاني، وابن تيمية، والإمام المزي، والحافظ الذهبي، وابن القيم، والشاطبي، وابن حجر العسقلاني، والسخاوي، والسيوطي، والهيثمي، وغيرهم كثير من أهل العلم، مما يؤكد فعلا تلقي الأمة لأحاديث المهدي المنتظر بالقبول، وعمل الأمة على ذلك واعتقادها[1].
- بعض الأحاديث الواردة بشأن المهدي المنتظر:
لقد تعددت الأحاديث التي صرحت بنزول المهدي، ونصت على هذا اللقب، ونذكر هنا جملة منها؛ لنثبت صحتها وتواترها عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ومنها ما يأتي:
o عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا، قال: ثم يخرج رجل من عترتي – أو من أهل بيتي – يملؤها قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وعدوانا»[2].
o عن علي – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة»[3].
o عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المهدي مني[4]، أجلى الجبهة[5]، أقنى الأنف [6]، يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا، ويملك سبع سنين»[7].
o عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»[8].
o عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «المهدي من عترتي، من ولد فاطمة»[9].
- أقوال أهل العلم في حقيقة المهدي:
ومما يؤكد ذلك أيضا أقوال العلماء التي تؤكد ظهور المهدي آخر الزمان؛ فقد قال الإمام البيهقي كما حكى عنه ابن حجر: “الأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح ألبتة إسنادا”[10].
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله: الأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة، رواها أبو داود، والترمذي، وأحمد، وغيرهم، من حديث ابن مسعود وغيره، ثم ذكر شيخ الإسلام روايات ابن مسعود، وأم سلمة، وأبي سعيد، وعلي رضي الله عنهم[11].
وقد ذكر أبو داود السجستاني أن سفيان الثوري كان يتكلم في بعض من خرج مع محمد بن عبد الله بن الحسن، الملقب بالنفس الزكية على الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور، ثم قال: وسفيان يقول: “وإن مر بك المهدي وأنت في البيت فلا تخرج حتى يجتمع الناس عليه”[12]، ويفهم منه أن أمر المهدي كان شائعا مسلما به عندهم.
“وقال أبو محمد البربهاري شيخ الحنابلة في وقته (ت 329هـ) في كتابه “شرح السنة”: والإيمان بنزول عيسى ابن مريم – عليه السلام – ينزل فيقتل الدجال، ويتزوج، ويصلي خلف القائم من آل محمد صلى الله عليه وسلم” [13].
وقال الإمام أبو الحسن الآبري: “وقد تواترت الأخبار، واستفاضت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بذكر المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلا، وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الأمة، ويصلي عيسى خلفه”[14].
وقال الشيخ الفقيه ابن حجر المكي – رحمه الله: “والذي يتعين اعتقاده ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة من وجود المهدي المنتظر، الذي يخرج الدجال وعيسى في زمانه، ويصلي عيسى خلفه، وأنه المراد حيث أطلق المهدي”.
وقال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله: “وقد ورد ما يدل على أن المهدي من ذرية الحسن – رضي الله عنه – كما رواه أبو داود وغيره”.
وقال العلامة محمد الخضر بن الحسين شيخ الأزهر الأسبق: “والخلاصة أن في أحاديث المهدي ما يعد في الحديث الصحيح، وليس من الصواب إنكار الحق من أجل من ألصق به من الباطل”.
وقال الشيخ حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية: “وننصح المسلمين بأن يتقبلوا الأحاديث الصحيحة بقلوب مطمئنة، ويؤمنوا بظهور المهدي في آخر الزمان إيمانا صحيحا، ويتركوا الأقوال التي تهدم هذه الأحاديث، بل لا تقدير لها ولا عقيدة عندهم بوجودها” [15].
تلك هي أقوال أهل العلم وآراء العلماء حول حقيقة المهدي المنتظر، ومنها يعلم أن أحاديث ظهوره في آخر الزمان صحيحة، بل ومتواترة تواترا معنويا.
ومن الجدير بالذكر أن الأحاديث التي جاءت في المهدي كثيرة، منها الصحيح والحسن والضعيف، ولا يتناولها إلا كل ذي علم ودراسة بالحديث والفقه معا، فإجماع العلماء على خروج المهدي آخر الزمان – كما أوردنا – هو دليل على إسقاط دعوى القائلين بضعف أحاديث المهدي على سبيل الإطلاق.
وقد استدل المشككون لإثبات ما يرمون إليه من إنكار أحاديث المهدي بأن الأحاديث التي جاءت في المهدي كلها أحاديث آحاد، لا تفيد علما، وجواب ذلك أنه على فرض التسليم بأن أحاديث المهدي آحاد، فإن حديث الآحاد حجة بنفسه في العقائد والأحكام، ويفيد العلم، ويقطع بصحته إذا تلقته الأمة بالقبول، أو عملت به، وهذا ما ذهب إليه أكثر أهل العلم بالأصول، وعامة الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، إلا فرقة تبعت أهل الكلام.
ذهب إلى ذلك جمع كثير من العلماء، كما يؤكد ذلك ما ورد في صحيح البخاري: لما أراد أبو بكر – رضي الله عنه – أن يجمع القرآن حين استحر القتل بالقراء في وقعة اليمامة، «قال لعمر وزيد – رضي الله عنهما: من جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه، قال زيد بن ثابت: “فتتبعت القرآن أجمعه من العسب[16]، واللخاف[17]، وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع أحد غيره: )لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم( (التوبة: ١٢٨). حتى خاتمة براءة…»[18].
“فالصديق – رضي الله عنه – اكتفى بشهادة اثنين في القرآن، الذي هو أصل الدين، وأساس اليقين، ومنكر شيء منه يكفر بإجماع المسلمين، لعلمه بما كان عليه الصحابة من شدة التحرز والتيقظ والتثبت؛ بحيث إذا اجتمع اثنان منهم على رواية شيء لم يبق للوهم، والخطأ فيه احتمال، فما ظنك بحديث يرويه جمع كبير من الصحابة، يتلقاه عنهم مثلهم من التابعين، ثم مثلهم من تابعي التابعين، وهلم جرا؟!”[19].
فإن وجود الحديث في كتب متعددة من طرق مختلفة يفيد القوة، ويعرف به التواتر، وقد ثبت لنا فيما تقدم كثرة من خرج أحاديث المهدي من الأئمة، فضلا عمن صححها، واعتقد موجبها.
وإن كان العلماء قد أجمعوا على تواتر أحاديث المهدي، فبهذا تسقط دعوى القائلين بأن أحاديث المهدي أحاديث آحاد، ليثبتوا ضعفها وعدم حجيتها.
ثانيا. حجية السنة النبوية ثابتة بالقرآن والسنة وإجماع الأمة، وإشارة القرآن للمهدي:
لا يعني عدم ذكر المهدي في القرآن عدم صحة هذا الخبر؛ لأن القرآن جاء مجملا، ثم جاءت السنة مكملة له، مبينة ومفصلة لما جاء به، فما صح منها ثبت كما ثبت القرآن؛ إذ السنة حجة في الدين لا شك في ذلك، والأدلة على ذلك كثيرة، منها ما جاء في القرآن، ومنها ما جاء في السنة، ومنها ما جاء من إجماع العلماء وأقوالهم، ومن الأدلة القرآنية التي تثبت حجية السنة ما يأتي:
- قوله تعالى: )وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا( (الحشر: ٧)، وفي ذلك تصريح من الله بأخذ كل ما أتى به النبي – صلى الله عليه وسلم – ومن ذلك إخباره بنزول المهدي.
- قولـه تعالــى: )وأطيعــوا الله والرسـول لعلكــم ترحمــون (132)( (آل عمران)، وهذه الآية توجب طاعة النبي – صلى الله عليه وسلم – المطلقة.
- قوله تعالى: )من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا (80)( (النساء)، فعلم من ذلك أن طاعة الرسول – صلى الله عليه وسلم – طاعة لله عز وجل.
- قوله تعالى: )فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر( (النساء: ٥٩)، وهذا أمر صريح من الله – عز وجل – بالرجوع إلى قول النبي – صلى الله عليه وسلم – فيما يختلف فيه المسلمون.
كما أنه يتعذر العمل بالقرآن وحده؛ فمثلا قال الله تعالى: )وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة(، فالمراد هو وجوب الصلاة والزكاة؛ ولكن ما ماهية تلك الصلاة الواجبة؟ وما كيفيتها؟ وما وقتها؟ وما عددها؟ وما ماهية الزكاة؟ وعلى من تجب؟ وفي أي مال تجب؟… إلخ. لم توضح الآية ذلك.
فجاءت السنة مبينة ماهية الصلاة وكيفيتها ووقتها وعدد ركعاتها، وبينت ما تختص بها عامة.
كما أنه قد ثبت بأدلة القرآن والسنة: أن السنة وحي كالقرآن، فمن أدلة القرآن العظيم قوله تعالى: )وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى (4)( (النجم)، فأعاد الضمير إلى المصدر المفهوم من الفعل؛ أي: ما نطقه إلا وحي يوحى.
وقوله سبحانه وتعالى: )وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم( (النساء: ١١٣).
قال ابن القيم – رحمه الله: “والكتاب هو القرآن، والحكمة هي السنة، باتفاق السلف” [20]، وغير ذلك آيات كثيرة على أن السنة وحي يوحى من عند الله كالقرآن.
هذه بعض الآيات التي تؤكد حجية السنة، ولزوم الإيمان بكل ما جاء فيها طالما أنه صح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – وهناك غيرها كثير، اكتفينا بذلك لدلالته على ما نريد، وأما الأدلة على حجيتها من السنة نفسها فكثيرة جدا، منها:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله»[21].
- عن أبي رافع أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به، أو نهيت عنه، فيقول: ما ندري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه»[22].
وأحاديث أخر عديدة، وبهذه الأحاديث الصحيحة بالإضافة إلى الآيات التي تثبت حجية السنة – انعقد الإجماع على أنه – صلى الله عليه وسلم – كان يوحى إليه غير القرآن، كما انعقد إجماع المجتهدين من السلف والخلف على حجية السنة.
قال الإمام الشافعي – رحمه الله: “أجمع الناس على أن من استبانت له سنة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس”[23].
فكل ما سبق دل دلالة قاطعة على حجية السنة النبوية الشريفة، وأنها وحي يوحى من الله، لذلك وجب التصديق بكل ما صح منها، ومن ذلك الأحاديث التي أخبرت بنزول المهدي.
ومع ما ذكرناه من أدلة قاطعة كافية على حجية السنة، وأن ما ثبت منها وجب التصديق به والتسليم له، فقد حكى بعض المفسرين ما يفيد أن هناك إشارة إلى المهدي، في قوله تعالى: )لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم (114)( (البقرة).
قال إمام المفسرين ابن جرير الطبري – رحمه الله: “حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط عن السدي قوله: أما خزيهم في الدنيا: فإنهم إذا قام المهدي، وفتحت القسطنطينية، قتلهم، فذلك أخزى، وأما العذاب العظيم: فإنه عذاب جهنم الذي لا يخفف عن أهله، ولا يقضي عليهم فيها فيموتوا”[24].
وحكى ذلك أيضا القرطبي[25]، والإمام ابن كثير[26].
نخلص من هذا إلى أن الأمر الذي ثبت بالأحاديث وجب الأخذ به طالما أنه صح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – لأن السنة حجة بذاتها بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة، ومن ثم وجب التصديق بأحاديث المهدي لثبوتها وصحتها، ولا يصح ردها بحجة عدم ذكره في القرآن، ومع ذلك فقد القرآن إلى ذلك، كما قال المفسرون.
ثالثا. عدم إيراد البخاري ومسلم لأحاديث المهدي ليس دليلا على عدم صحتها لديهم:
لقد أنكر بعض محاربي السنة الأحاديث التي وردت في إثبات ظهور المهدي آخر الزمان، واستدلوا على زعمهم هذا بأدلة كثيرة منها: أنها لم ترد لدى الشيخين البخاري ومسلم، وظن هؤلاء أنهما لم يخرجا أحاديث المهدي لعلة فيها عندهما، ولكن ذلك ليس بصحيح؛ فإن الشيخين لم يحيطا بجميع الأحاديث الصحيحة ولا ادعيا ذلك، فقد قال البخاري: “ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحيح حتى لا يطول”[27].
كما ذكر ابن الصلاح في “مقدمته”، عند حديثه عن الصحيحين أنهما: لم يستوعبا الصحيح في صحيحيهما، ولا التزما ذلك – أي الاستيعاب”[28].
كما روي عن الإمام مسلم، أنه قال: “ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا، إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه” ردا على من سأله عن حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «وإذا قرأ فأنصتوا» هل هو صحيح، فقال: ” هو عندي صحيح” فقيل لـم لم تضعه هنا؟ فأجاب بذلك[29].
وقد أوضح النووي أن المراد بقول مسلم السابق؛ أي: ما لم تختلف الثقات فيه في نفس الحديث متنا، ولا إسنادا، إلا ما لم يختلف في توثيق رواته[30].
كما أنه قد ورد عن البخاري، أنه قال: “أحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح”[31]، وجملة ما في كتابه الصحيح سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثا، بالأحاديث المكررة، فدل على أن المتروك من الصحيح كثير جدا قياسا بالمذكور في الصحيح.
ناهيك عن أقوال العلماء والفقهاء في إثبات ما نرمي إليه من عدم اشتراط ورود جميع الصحيح في الصحيحين، فقد أكد ذلك ابن الأثير في “جامع الأصول”، والحاكم في “المستدرك” والإمام الحافظ في ألفيته، وغيرهم الكثير[32].
وليس أدل على ذلك من أن هناك أحاديث كثيرة جدا استدل بها العلماء وعملوا بها ولا توجد في الصحيحين، حتى في أمور العقائد، فمن الأحاديث التي استدل بها العلماء ولم ترد في الصحيحين: حديث العشرة المبشرين بالجنة، فهو في السنن، ومسند الإمام أحمد وغيره، وليس في الصحيحين، ومع ذلك اعتقدت الأمة موجبه؛ لأنه صحيح، وقل إن وجد مؤلف في العقائد – ولو مختصرا – إلا وهو متضمن التنصيص على ذكرهم والشهادة لهم بالجنة؛ بناء على الأحاديث الواردة في ذلك في غير الصحيحين.
فمن الخطأ البين أن يتوهم أن عدم إخراج الشيخين أحاديث المهدي يدل على أنها لم تصح عندهما.
وفي الحقيقة، إن كلامهم هذا ليس له وجه صحة على إطلاقه، بل في الصحيحين أحاديث تتعلق بالمهدي، وإن لم تكن صريحة في ذكره، وقد وردت روايات صحيحة خارج الصحيحين تصرح بزيادة على ما فيهما، وزيادة الثقة مقبولة عند علماء الحديث، كما أنه لا ينبغي أن نعزل النصوص عن شرح العلماء الراسخين، وفهمهم لها.
فقد حمل أحاديث الصحيحين التي تشير إلى المهدي دون التصريح باسمه – كثير من العلماء، مثل: الحافظ أبي الحسن الآبري، وحكاه عنه القرطبي، والحافظ ابن حجر، والسخاوي، والسيوطي، والزرقاني، وغيرهم، وأقروه عليه، وذهب أيضا إلى ذلك الطيبي، وأبو داود، وابن كثير، وابن القيم، وابن حجر الهيتمي، والكشميري، ومحمد صديق خان، ومحمد بن جعفر الكتاني[33].
فعن عبيد الله بن القبطية قال: «دخل الحارث بن أبي ربيعة، وعبد الله بن صفوان، وأنا معهم – على أم سلمة، أم المؤمنين – رضي الله عنها – فسألاها عن الجيش الذي يخسف به – وكان ذلك في أيام ابن الزبيرـ فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعوذ عائذ بالبيت، فيبعث إليه بعث، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم، فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان كارها؟! قال: يخسف به معهم، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته»[34].
قال الطيبي: “وهو المهدي؛ بدليل إيراد أبي داود هذا الحديث في باب المهدي”[35].
وبناء على ما سبق يتأكد لنا أن عدم ورود أحاديث المهدي صراحة في الصحيحين، ليس دليلا على عدم صحتها لديهما، فهما لم يخرجا إلا ما هو على شرطيهما؛ ناهيك عن ذكرهما لها دون التصريح باسم “المهدي”.
رابعا. حديث «لا مهدي إلا عيسى» ضعيف بشهادة جمع كبير من علماء الحديث:
هؤلاء المغرضون قالوا: إن هناك أحاديث تنكر وجود المهدي مستدلين على ذلك بما أخرجه ابن ماجه والحاكم عن أنس – رضي الله عنه – مرفوعا: «لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الدنيا إلا إدبارا، ولا الناس إلا شحا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا المهدي إلا عيسى ابن مريم»[36].
ومن الجدير بالذكر أن هذا الحديث تفرد به ابن ماجه دون سائر أصحاب الكتب الستة، ورواه الحاكم عن أنس، وقال عقب روايته له: “إنما ذكرت هذا الحديث تعجبا، لا محتجا به في المستدرك على الشيخين – رضي الله عنهما”[37].
“وقال الحافظ أبو بكر البيهقي: هذا حديث تفرد به محمد بن خالد الجندي، قال أبو عبد الله الحافظ – يقصد الحاكم النيسابوري: ومحمد بن خالد رجل مجهول، واختلفوا عليه في إسناده… فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد الجندي، وهو مجهول، عن أبان بن أبي عياش وهو متروك، عن الحسن، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو منقطع، والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح إسنادا، وفيها بيان كونه من عترة النبي صلى الله عليه وسلم”[38].
وقال الذهبي عن هذا الحديث في سياق ذكره محمد بن خالد الجندي: “وهو خبر منكر أخرجه ابن ماجه”[39].
وقال الألباني في السلسلة الضعيفة: “منكر”[40].
ومما يدلنا على نكارته معارضته لأحاديث صحيحة تثبت صفة المهدية لغيره عليه السلام:
منها أنه – صلى الله عليه وسلم – دعا لأبي سلمة – رضي الله عنه – فقال: «اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين»[41].
وعلى فرض صحة حديثهم فلا يعد دليلا على عدم وجود مهدي غير عيسى – عليه السلام – كما يزعمون، يقول ابن القيم – رحمه الله – مبينا عدم التعارض بين هذا الحديث والأحاديث التي تثبت نزول المهدي: “عيسى أعظم مهدي بين يدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبين الساعة، وقد دلت السنة الصحيحة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – على نزوله على المنارة البيضاء شرقي دمشق، وحكمه بكتاب الله، وقتله اليهود والنصارى، ووضعه الجزية، وإهلاك أهل الملل في زمانه، فيصح أن يقال: “لا مهدي في الحقيقة سواه”، وإن كان غيره مهديا، كما يقال: “لا علم إلا ما نفع”، و”لا مال إلا ما في وجه صاحبه”، وكما يصح أن يقال: “إنما المهدي عيسى ابن مريم” يعني: المهدي الكامل المعصوم”[42].
وقال القرطبي – مؤيدا ضعفه: “إسناده ضعيف، والأحاديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة، أصح من هذا الحديث، فاحكم لها دونه… ويحتمل أن يكون قوله عليه السلام: «لا مهدي إلا عيسى»؛ أي: لا مهدي كاملا معصوما إلا عيسى، وعلى هذا تجتمع الأحاديث، ويرتفع التعارض”[43].
كما أنه من جهة النظر، فإننا نقول: إن المهدي لم يأت ذكره إلا من جهة المعصوم – صلى الله عليه وسلم – فكيف يخبر عن أمر أنه سيقع، وهو الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، ثم ينفيه؟ ومن المعلوم أن النسخ لا يدخل الأخبار التي هي من هذا القبيل، وهذا متفق عليه بين أهل الأصول.
وبهذا، فالحديث الذي يثبت عدم وجود مهدي إلا عيسى حديث ضعيف جدا لا يصح، فلا يقوى دليلا على نفي وجود المهدي المنتظر، وعلى فرض صحته فلا ينفي وجود المهدي؛ إذ المعنى أنه لا مهدي كاملا معصوما إلا عيسى عليه السلام.
خامسا. شتان بين المهدي لدى أهل السنة والجماعة، ومهدي الشيعة المزعوم:
إن هؤلاء المغرضين يدعون أن الأحاديث التي جاءت في ذكر المهدي كلها من وضع الشيعة، أو أنها على الأقل يوجد في رواياتها من رمي بالتشيع، ولذلك فلا تقبل هذه الروايات؛ لأنها تؤيد بدعتهم، والجواب على ذلك من عدة وجوه:
- أنه قد وردت صفات المهدي في اعتقاد أهل السنة في كثير من الأحاديث الصحيحة، من هذه الأحاديث ما ورد عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، يملك سبع سنين»[44]. وغيره كثير من الأحاديث التي تصف المهدي الذي يخرج آخر الزمان؛ فيملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت ظلما.
فالمهدي اسمه محمد بن عبد الله، من أهل بيت النبي – صلى الله عليه وسلم – من ولد فاطمة – رضي الله عنها – أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يصلحه الله في ليلة، يملك سبع سنين، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، وتنعم في عهده نعمة لم تنعمها قط، يعطي المال صحاحا، ويحثيه حثيثا، لا يعده عدا، ينزل عيسى ابن مريم فيصلي وراءه؛ مما يستلزم أن يكون المهدي معاصرا لخروج الدجال؛ لأن عيسى – عليه السلام – سيقتل الدجال بعد نزوله من السماء.
وأما المهدي في اعتقاد الشيعة؛ فهو آخر الأئمة الاثني عشر المنصوص عليهم، وهم يعتقدون أن الإمامة منصب إلهي واجب على الله – معاذ الله – لا على العباد، وأنها ركن من أركان الإيمان، لا يصح إيمان عبد حتى يعتقد فيه على النحو الذي يقولون به، فهي تمام إيمانهم، وبناء إسلامهم، وركن أحكامهم.
وهم يغلون في أئمتهم غلوا شديدا، فيعتقدون أنهم معصومون من الخطأ والسهو والنسيان منذ ولادتهم حتى موتهم[45]. يقول الخميني: “وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب، ولا نبي مرسل”[46].
وحكى الإمام ابن حزم – رحمه الله – اضطرابهم الشديد في شأن ذلك المهدي المولود الذي لم يخلق قط، ثم قال: “وكل هذا هوس، ولم يعقب الحسن المذكور لا ذكرا ولا أنثى، فهذا أول نوك[47] الشيعة، ومفتاح عظيماتهم، وأخفها، وإن كانت مهلكة”[48].
فإذا كان الفرق بين المهدي عند الشيعة، والمهدي عند السنة كالفرق بين الثرى والثريا، فكيف يسوغ عاقل لنفسه أن يسوي بين الحق والباطل؟ ما لكم كيف تحكمون؟!
- إن دعوى اقتباس السنة التصديق بخروج المهدي من الرافضة لا تستند على دليل إلا الظن، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث»[49].
- إن أحاديث المهدي مدونة في كتب السنة الشريفة بأسانيد تنتهي إلى رسول الله عن طريق صحابته الكرام – رضي الله عنهم – أما أحاديث الشيعة فهي تنتهي إلى أئمتهم المعصومين في زعمهم، وقد ينسبونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وجدير بالذكر أن المهدي لدى الشيعة هو محمد بن الحسن العسكري، صاحب السرداب، أما المهدي عند أهل السنة فهو محمد بن عبد الله – كما ذكرنا.
فعقيدة أهل السنة في المهدي في واد، وعقيدة الشيعة في مهديهم في واد آخر.
- ليس من الصحيح أن نرفض فكرة المهدي، لمجرد ادعاء طائفة شاذة منهم أن المهدي هو إمامهم الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري، فلا يجوز أن ندع حقا بباطل، كما أنه ادعى كثير من الدجالين النبوة، فهل يصح أن يحتج بمجرد ذلك على نفي صحة الاعتقاد في النبوة؟!
وقد انحرف قوم في باب صفات الله – عز وجل – حتى خرجوا إلى التشبيه والتجسيم، فهل يسوغ لنا هذا أن ننفي عن الله صفاته ونعطلها؟!
وعليه، فالحق في المهدي ما أخبر به الصادق المصدوق فيما صح عنه – صلى الله عليه وسلم – وتواتر، أنه سيخرج آخر الزمان لا محالة، فيملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت ظلما، وهذا ما عليه جمهور العلماء [50].
فالإسلام بريء من خرافات هؤلاء الطائفة المغالين من الشيعة، وهم جماعة الرافضة منهم، وسموا بذلك لرفضهم إمامة وخلافة الصديق والفاروق وعثمان – رضي الله عنهم – وقد اجتمعت الأمة على الحكم عليهم بالضلال، وعلى رأس الأمة أمير المؤمنين علي رضي الله عنه. إذن فلا مقارنة بين المهدي المنتظر ومهدي الشيعة المزعوم.
سادسا. عدم اشتمال فكرة المهدي الحقيقية على ما يخالف العقل السليم:
يدعي منكرو فكرة المهدي أنها تخالف العقل السليم؛ حيث يزعمون أنها لا تتفق وسنة الله في خلقه، ولا تتفق والعقل الصحيح، ولعل تقدم الناس في عقلهم ومعارفهم، وتقدمهم في الحكم ونظامه، وما ينبغي أن يكون، يقضي على البقية الباقية من هذه الخرافة.
لكننا نؤكد أنه لا ينبغي أن ندع حقا بباطل؛ فمن خلال ما سقناه في هذا البحث يتبين لنا أن هذه الخرافات والتنبؤات التي يستبعدها العقل ويأباها الفكر كلها مما لا تصح نسبته إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم – ولا إلى الصحابة، ولا إلى غيرهم من التابعين وأئمة المسلمين، وهم براء منها.
فكل ما ورد في شأن المهدي من هذه الخرافات هي في الأصل من وضع فرق شاذة تدعي الإسلام، وهي بعيدة كل البعد عنه.
أما ما صح لدينا نسبته إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم – أو إلى أصحابه، فليس فيه شيء واحد يستبعده العقل السليم، ولا يحتاج التقدم العلمي والاجتماعي والسياسي إلى إنكار ذلك، بل إن التقدم في حاجة ماسة إلى مثل هذه القيم والأخلاق في الساسة والحكام.
فأي غرابة في قولنا: “سيتولى أمر المسلمين في أواخر الأيام رجل من عترة النبي – صلى الله عليه وسلم – اسمه محمد بن عبد الله، فيحكم بالعدل، فيبارك له الله في حكمه، وتعيش الأمة الإسلامية في عصره في نعمة ورخاء؟!
وهذه الأمور ليست محصورة في المهدي؛ بل يجب أن يكون كل حاكم مسلم متصفا بهذه الصفات النبيلة، وليس المهدي إلا أحد أولئك الذين يتأسون بالنبي – صلى الله عليه وسلم – قال تعالى: )لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة( (الأحزاب: ٢١)، إذا فليس المهدي عجيبة من عجائب الدهر[51].
سابعا. المخرج من الفتن والقلاقل يكون بتصديق خروج المهدي، وليس إنكاره:
يزعم أيضا هؤلاء الطاعنون أن فكرة المهدوية لم ينتج عنها إلا الفتن والقلاقل، وأنها تحمل الناس على التواكل وترك العمل، كما أن التصديق بخروج المهدي من القضايا النظرية في الدين التي لا يترتب عليها عمل، قال بعضهم: وكان من أثر ذلك الثورات المتتابعة في تاريخ المسلمين، ففي كل عصر يخرج داع أو دعاة كلهم يزعم أنه المهدي المنتظر، ويلتف حوله طائفة من الناس… ولو أحصينا عدد من خرجوا في التاريخ الإسلامي وادعوا المهدوية وشرحنا ما قاموا به من ثورات، وما سببوا من تشتيت للدولة الإسلامية وانقسامها وضياع وقتها لطال بنا القول، ولم يكفنا كتاب مستقل”[52].
نقول: مما لا شك فيه أن كثيرا من الفتن قامت من جراء أدعياء المهدوية في عصور مختلفة، فهناك الشيعة بطوائفها، والسبئية، والكيسانية، والزيدية، والجارودية، والإمامية، والاثنا عشرية، وغيرهم كثير.
لكن السبب في ذلك ليس الفكرة السليمة الصحيحة التي أقرها علماء السنة الثقات، بل السبب هم أولئك الذين ضلوا الطريق والمتبعين لهم لجهالتهم، وبعدهم عن التعاليم الإسلامية الصحيحة.
وعلاج ذلك ليس هو إنكار فكرة المهدوية من أساسها، كما أن ادعاء النبوة كذبا وزورا لا يحملنا على إنكار النبوة من أساسها، وإنما مخرجنا الحقيقي من ذلك هو إيضاح الحقيقة وتجليتها للناس، كما هي في الواقع منزهة عن الشوائب العالقة والأكاذيب والافتراءات؛ وذلك لكي يكونوا على علم بالحقائق فلا يغتروا، فلا شك أن معرفة الرجل المسلم بحقائق دينه وعقيدته كفيلة بأن تنقذه من كل هذه الضلالات والأكاذيب.
فالعلاج الوحيد للنجاة من الفتن هو التمسك بكتاب الله، وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – والاعتصام بحبله؛ فقال تعالى: )ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز (40) الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور (41)( (الحج)، وقال صلى الله عليه وسلم: «احفظ الله يحفظك»[53]، وغير ذلك من الأدلة في الكتاب والسنة الصحيحة.
فزعمهم أن التكذيب بأحاديث المهدي يجلب الراحة والاطمئنان، والسلامة من القلاقل والفتن، جوابه أن العكس هو الصحيح، فإن الذي يجلب ذلك كله هو الإيمان بكل ما جاء عن الله تعالى، وكل ما ثبت عن رسوله صلى الله عليه وسلم.
فأما الراحة والاطمئنان برد الأحاديث، فهو من باب قوله – صلى الله عليه وسلم – في الفتن: «فأي قلب أشربها…»[54] الحديث، وهو من جنس فرح أهل البدع ببدعهم، واطمئنانهم إليها، ووجدانهم الراحة في التمسك بها، وهذا من تلاعب الشيطان بهم، وتزيينه لهم سوء أعمالهم.
وليس صحيحا ما ذهب إليه هؤلاء من أن هذه الفكرة “المهدوية” تحمل الناس على التواكل وترك العمل؛ بل هي على العكس من ذلك، فالواقع أن التاريخ الإسلامي الزاهر مليء بالحركات الإسلامية الصحيحة التي بذلت جهودا عظيمة لإعلاء كلمة الله في المجتمع، وذلك لا يخفى على من له إلمام – ولو قليل – بالتاريخ الإسلامي، ونرى أن هذه الفكرة لابد أن تكون من الحوافز والمشجعات لمثل هذه الحركات التي تريد رفع راية الحق والعدالة؛ فإن كانت الشريعة الغراء يمكن أن تنفذ في عصر المهدي المنتظر، فكذلك يمكن أن تنفذ قبل ذلك، فيجب على المسلمين أن يحاولوا ويبذلوا جهدهم في سبيله، ولئن وجد في المسلمين أناس أساءوا فهم هذه الفكرة، فخطؤهم راجع إليهم، وليس إلى الفكرة ذاتها [55].
وبذلك تسقط دعوى القائلين بحمل فكرة المهدي على التواكل وترك العمل.
أما قولهم بأن التصديق بخروج المهدي من القضايا النظرية في الدين التي لا يترتب عليها عمل، فما يفيد في ديني إذا صدقت به؟ وما يضرني إن كذبت به؟ فالجواب على ذلك من وجوه؛ منها:
الوجه الأول: أن الأمور العلمية الخبرية والتي يسمونها “الجانب النظري من الدين” يلزم تصديقها واعتقادها؛ لأنها أصل الدين، ولب الإسلام وجوهر التوحيد؛ ولذلك سميت الأوراق التي جمعها بعض أهل العلم في التوحيد “الفقه الأكبر” لأنه كذلك بالنسبة لفقه الفروع.
وهذه الأمور هي في الحقيقة عملية تناط بالقلب، وعمل القلب فيها التصديق، المنافي للتكذيب، واليقين الخالي من شائبة الشك والريب، قال تعالى: )ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم( (البقرة: ٢٢٥).
الوجه الثاني: أن الإيمان بهذه القضايا من مستلزمات الشهادة بأن محمدا – صلى الله عليه وسلم – رسول الله، والتي تقتضي طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحقها، وحسابهم على الله»[56].
الوجه الثالث: أن التصديق بها من مقتضيات الإيمان باليوم الآخر؛ فالتصديق بأمارات الساعة من أركان الدين، كما ورد في حديث جبريل – عليه السلام – عندما أتى النبي فسأله عن الإسلام، والإيمان، والإحسان، وأمارات الساعة، وقال – صلى الله عليه وسلم – في آخره: «إنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم»[57].
الوجه الرابع: أن الإيمان بأشراط الساعة من مقتضيات الإيمان بالغيب، وقد جعل الله – عز وجل – أمر التصديق بالأخبار الغيبية فتنة ومحنة لعباده، ليميز الخبيث من الطيب، قال تعالى: )أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون (2)( (العنكبوت).
وأي فتنة أعظم من أن يخبر الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى – صلى الله عليه وسلم – بخبر، فيقول من ينتسب إلي دينه: ماذا يفيدني إن صدقت؟ وماذا يضرني إن كذبت؟!
فإنه يضيرك أن تكذب بخبر المعصوم – صلى الله عليه وسلم – على الوجوه التي تقدمت، ويفيدك الإيمان به في خصال كثيرة؛ منها: زيادة إيمانك بمزيد التصديق وارتفاع وصف الجهالة عنك، ومحبة أهل الحق وموالتهم، والحمية من الشبهات التي قد تلم بك كما ألمت بغيرك، فلم يملك لها دفعا، فكل هذه الأمور الغيبية تدفع المرء إلى العمل؛ إذ العمل فرع عن العلم والتصور.
والدليل على ذلك إخبار النبي – صلى الله عليه وسلم – بصفة الأعور للدجال، وما يجري من شأن الرجل المؤمن الذي يقتله الدجال ثم يحييه، فيقول المؤمن: «والله ما ازددت فيك إلا بصيرة»[58]، وأنت الأعور الدجال الذي حذرناه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فهذا الرجل قد قرأ الحديث ووعاه، فلما تحقق الخبر، وتأول الشاهد، أفاده علمه السابق، وكان عاصما له من فتنة الدجال[59].
وبعد ذلك فقد بان لنا ضعف وإسقاط تلك الدعوى، وتأكد لنا بما لا يدع مجالا للريبة أن التصديق بخروج المهدي واجب على كل مسلم.
ثامنا. عدم وجود شيء من أحاديث المهدي لكعب الأحبار، ورواية وهب بن منبه فيه صحيحة، وهو ثقة:
لقد زعم القوم أيضا أن الأحاديث التي جاءت في المهدي كلها من وضع كعب الأحبار ووهب بن منبه، ولكن الحقيقة غير ذلك، فكل الآثار والأحاديث الواردة في باب المهدي ليست فيها رواية واحدة لكعب الأحبار، ولا رويت عن طريقه، وأما الآثار التي رويت عنه، فلم تصح أسانيدها إليه.
لكن توجد رواية واحدة فقط رويت من طريق وهب بن منبه[60]، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بنا، فيقول: لا، إن بعضهم أمير بعض، تكرمة الله لهذه الأمة»[61].
ووهب بن منبه وإن كان من علماء التوراة والكتب السابقة، لكنه ثقة في روايته، ولم يتهم فيها، وقد وثقه العجلي، والنسائي، وأبو زرعة، وابن حبان، ولم يرد تضعيفه إلا من “الفلاس” وحده، ولم يذكر سببا، فهو جرح غير مفسر، والجرح غير المفسر لا يقبل بمقابل توثيق جمهور الأئمة؛ ولذلك لم يلتفت العلماء إلى قوله، فقال ابن حجر عنه: “ثقة”[62]، وقال الذهبي: “كان ثقة صادقا كثير النقل من كتب الإسرائيليات”[63]، فلا شك أنه حجة في روايته وأخباره، أما إذا نقل عن الإسرائيليات فحكمه كحكم غيره.
وهذه الرواية هي الرواية الوحيدة التي رواها وهب بن منبه عن المهدي المنتظر، وهي – كما أثبتنا – صحيحة، وأن وهب بن منبه ثقة صادق فيما يرويه، فكيف يسوغ هؤلاء رد الأحاديث العديدة التي جاءت في شأن المهدي بحجة أنها رويت من طريق وهب بن منبه، وهو لم يرو إلا حديثا واحدا منها، وهي صحيحة بإجماع علماء الحديث؟!.
وما ذكرناه يكفي دليلا على إبطال القول بأن أحاديث المهدي من وضع كعب الأحبار ووهب بن منبه، وبذلك تسقط الدعوى.
الخلاصة:
- لقد أجمع العلماء على تواتر أحاديث المهدي تواترا معنويا؛ بما لا يدع مجالا للتشكيك في صحتها، منهم: الإمام الشوكاني، والفقيه ابن حجر المكي، والإمام البيهقي، وغيرهم كثير، كما خرجها كثير من الأئمة الثقات في كتبهم بأسانيد قوية، أمثال: الإمام أبي داود، وأحمد، والترمذي، وغيرهم كثير، وهذه الأحاديث مروية عن جمع غفير من الصحابة الكرام.
- عدم إشارة القرآن الكريم إلى المهدي ليس دليلا على إنكار الأحاديث التي صحت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – بشأنه؛ فالسنة حجة بنفسها، وقد دل القرآن على ذلك في غير آية، قال تعالى: )وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا( (الحشر: ٧)، بالإضافة إلى أن المفسرين قالوا بوجود إشارات إلى المهدي في القرآن الكريم.
- عدم ذكر الشيخين – البخاري ومسلم – لأحاديث المهدي في صحيحيهما لا يقوم دليلا على إنكار الأحاديث التي جاءت بشأنه؛ فإن الشيخين لم يستوعبا كل الصحيح في صحيحيهما بشهادتهما – أي البخاري ومسلم – فضلا عن إشارة جمهور علماء الحديث إلى ذلك، على أن جمع من هؤلاء العلماء قد صرح بأن في الصحيحين أحاديث تتعلق بالمهدي، وإن لم تكن صريحة في ذكره.
- إن حديث «لا مهدي إلا عيسى» حديث ضعيف، تفرد بروايته ابن ماجه دون سائر أصحاب الكتب الستة، وقد ضعفه كثير من علماء الحديث منهم البيهقي، والحاكم، والألباني، ومع فرض صحته – وهذا لم يصح – فإنه لا تعارض بينه وبين أحاديث المهدي؛ إذ المعنى يكون: لا مهدي كاملا معصوما إلا عيسى، وعلى هذا تجتمع الأحاديث ويرتفع التناقض.
- ليست أحاديث المهدي كلها من وضع الشيعة، فشتان بين مهديهم المزعوم، وبين المهدي المنتظر لدى أهل السنة والجماعة الذي صح لديهم عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأحاديث الشيعة تنتهي إلى أئمتهم المعصومين أواخر القرن الثالث الهجري، أما أحاديث أهل السنة فتنتهي إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فعقيدة أهل السنة في المهدي في واد، وعقيدة الشيعة في مهديهم في واد آخر.
- ليس في فكرة المهدي ما يخالف العقل السليم، بل على العكس تماما؛ فما نرى مخالفة للعقل في أنه سيملك آخر الزمان خليفة عادل ينشر الأرض عدلا وخيرا، بعد أن ملئت ظلما وشرا، يفتح الله عليه من الخيرات والبركات الكثير، فيعم الخير والنماء سائر الأمة الإسلامية، بل نحن في حاجة ماسة إلى هذا الحاكم العادل؛ أما تلك الخرافات التي ألصقها الجهلاء بالمهدي؛ فالمهدي بريء منها.
- إن الفتن والقلاقل والحروب التي حدثت من جراء أدعياء المهدية لا تبيح لنا إنكار فكرة المهدية على إطلاقها، فالفتن التي نتجت من ادعاء النبوة، لا تحملنا على إنكار النبوة – معاذ الله.
- كل الأحاديث والآثار التي وردت بشأن المهدي ليست فيها رواية واحدة لكعب الأحبار، ولا رويت عن طريقه، وأما الآثار التي رويت عنه فلم يصح إسنادها إليه، وقد وردت رواية واحدة عن طريق وهب بن منبه، وهو ثقة، وثقه علماء ثقات، ولم يتهم في روايته، فهل نترك كل هذه الروايات الصحيحة بسبب رواية واحدة عن وهب بن منبه، وهي صحيحة أيضا باتفاق العلماء؟!
(*) المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة، د. عبد العليم عبد العظيم البستوي، دار ابن حزم، بيروت، 1420هـ/ 1999م. المهدي المنتظر على الأبواب، محمد عيسى داود، دار المصطفى، القاسهرة، ط21، 2003م.
[1]. المهدي، محمد إسماعيل المقدم، الدار العالمية، الإسكندرية، ط11، 1429هـ/ 2008م، ص67: 71 بتصرف.
[2]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي سعيد الخدري، (3/ 36)، رقم (11331). وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
[3]. حسن: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الفتن، باب: خروج المهدي، (2/ 167)، رقم (4085). وحسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (4075).
[4]. مني: من نسلي وذريتي.
[5]. جلاء الجبهة: انحسار مقدم الرأس من الشعر، أو نصف الرأس، أو هو دون الصلع.
[6]. أقنى الأنف: مرتفع وسط قصبته وضيق منخراه بعكس الأفطس.
[7] . حسن: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: المهدي، (11/ 252)، رقم (4277). وحسنــه الألبانــي فـي صحيــح وضعيــف سنــن أبـي داود برقــم (4285).
[8] . حسن صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: الفتن، باب: ما جاء في المهدي، (6/ 402)، رقم (2331). وقال عنه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (2230): حسن صحيح.
[9] . صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: المهدي، (11/ 251)، رقم (4276). وصححــه الألبانـي في صحيـح وضعيـف سنـن أبـي داود برقــم (4284).
[10] . تهذيب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، دار الفكر، بيروت، ط1، 1404هـ/ 1984م، (9/ 126).
[11]. انظر: منهاج السنة النبوية، ابن تيمية، تحقيق: محمد أيمن الشبراوي، دار الحديث، القاهرة، ط1، 1425هـ/ 2004م، (8/ 135، 136).
[12]. حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم الأصفهاني، دار الفكر، بيروت، د. ت، (7/ 31).
[13]. شرح السنة، البربهاري، ص73، نقلا عن: المهدي، محمد إسماعيل المقدم، الدار العالمية، الإسكندرية، ط11، 1429هـ/ 2008م، ص81.
[14]. تهذيب الكمال في أسماء الرجال، الحافظ المزي، تحقيق: د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1413هـ/ 1992م، (25/ 149).
[15]. انظر: المهدي، محمد إسماعيل المقدم، الدار العالمية، الإسكندرية، ط11، 1429هـ/ 2008م، ص 88: 95.
[16]. العسب: جمع العسيب، وهو جريدة النخل المستقيمة يكشط خوصها.
[17]. اللخاف: جمع اللخفة، وهي حجر أبيض عريض رقيق.
[18]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: فضائل القرآن، باب: جمع القرآن، (8/ 627)، رقم (4986).
[19]. المهدي، محمد إسماعيل المقدم، الدار العالمية، الإسكندرية، ط11، 1429هـ/ 2008م، ص140.
[20]. الروح، ابن القيم، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1395هـ/ 1975م، (1/ 75).
[21]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجهاد والسير، باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به، (6/ 135)، رقم (2957).
[22]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: السنة، باب: في لزوم السنة، (12/ 233)، رقم (4593). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (4605).
[23]. إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن قيم الجوزية، تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، دار الجيل، بيروت، د. ت، (2/ 282).
[24]. جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ابن جرير الطبري، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1420هـ/ 2000م، (2/ 525).
[25]. انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، (2/ 79).
[26]. انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، دار المعرفة، بيروت، 1400 هـ/ 1980م، (1/ 157).
[27]. هدي الساري مقدمة فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، ص9.
[28]. علوم الحديث، ابن الصلاح، المكتبة العلمية، بيروت، 1401هـ/ 1981م، ص15.
[29]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (3/ 978) بتصرف.
[30]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (1/ 119) بتصرف.
[31]. هدي الساري مقدمة فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، ص512.
[32]. انظر: المهدي، محمد إسماعيل المقدم، الدار العالمية، الإسكندرية، ط11، 1429هـ/ 2008م، ص147: 151.
[33]. المهدي، محمد إسماعيل المقدم، الدار العالمية، الإسكندرية، ط11، 1429هـ/ 2008م، ص142 بتصرف.
[34]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: الخسف بالجيش الذي يؤم البيت، (9/ 3984)، رقم (7107).
[35]. عون المعبود شرح سنن أبي داود مع شرح الحافظ ابن قيم الجوزية، شمس الحق العظيم آبادي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م، (11/ 253).
[36]. ضعيف جدا: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الفتن، باب: الصبر على البلاء، (2/ 1340)، رقم (4039). وقـال الألبانـي في صحيـح وضعيـف سنـن ابـن ماجـه برقـم (4039): ضعيف جدا.
[37]. المستدرك على الصحيحين، الحاكم النيسابوري، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1411هـ/ 1990م، ص488.
[38]. تهذيب الكمال في أسماء الرجال، الحافظ المزي، تحقيق: د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1413هـ/ 1992م، (25/ 149، 150).
[39]. ميزان الاعتدال في نقد الرجال، الذهبي، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت، د. ت، (3/ 535).
[40]. سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، الألباني، مكتبة المعارف، الرياض، ط2، 1420هـ/ 2000م، (1/ 175)، رقم (77).
[41]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الجنائز، باب: في إغماض الميت والدعاء له إذا حضر، (4/ 1521)، رقم (20951).
[42]. المنار المنيف في الصحيح والضعيف، ابن قيم الجوزية، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، مكتبة المطبوعات الإسلامية، حلب، ط2، 1403هـ/ 1983م، ص148.
[43]. التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة، القرطبي، تحقيق: أحمد حجازي السقا، دار الكتب العلمية، بيروت، 1402هـ/ 1982م، ص722، 723.
[44]. حسن: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: المهدي، (11/ 252)، رقم (4277). وحسنــه الألبانــي فـي صحيــح وضعيــف سنــن أبــي داود برقــم (4285).
[45]. المهدي، محمد إسماعيل المقدم، الدار العالمية، الإسكندرية، ط11، 1429هـ/ 2008م، ص179.
[46]. الحكومة الإسلامية، الخميني، ص52، نقلا عن: المهدي، محمد إسماعيل المقدم، الدار العالمية، الإسكندرية، ط11، 1429هـ/ 2008م، ص180.
[47]. النوك: الحمق.
[48]. الفصل في الملل والأهواء والنحل، ابن حزم الظاهري، تحقيق: د. محمد إبراهيم نصر ود. عبد الرحمن عميرة، دار الجيل، بيروت، 1405هـ/ 1985م، (5/ 38).
[49]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: النكاح، باب: لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع، (9/ 105)، رقم (5143).
[50]. المهدي، محمد إسماعيل المقدم، الدار العالمية، الإسكندرية، ط11، 1429هـ/ 2008م، ص181: 183 بتصرف.
[51]. المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة، د. عبد العليم عبد العظيم البستوي، دار ابن حزم، بيروت، 1420هـ/ 1999م، ص379،378 بتصرف.
[52] . انظر: المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة، د. عبد العليم عبد العظيم البستوي، دار ابن حزم، بيروت، 1420هـ/ 1999م، ص380.
[53]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: صفة القيامة والرقائق والورع، باب: رقم (22)، (7/ 185)، رقم (2635). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (2516).
[54]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: رفع الأمانة والإيمان عن بعض القلوب وعرض الفتن على القلوب، (2/ 559)، رقم (562).
[55]. المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة، د. عبد العليم عبد العظيم البستوي، دار ابن حزم، بيروت، 1420هـ/ 1999م، ص381 بتصرف.
[56]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، (1/ 348)، رقم (125).
[57]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الإيمان، باب: سؤال جبريل النبي عن الإيمان والإسلام والإحسان، (1/ 140)، رقم (50). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: الإيمان والإسلام والإحسان، (1/ 292)، رقم (93).
[58]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: في صفة الدجال وتحريم المدينة عليه وقتله المؤمن وإحيائه، (9/ 4040)، رقم (7243).
[59]. المهدي، محمد إسماعيل المقدم، الدار العالمية، الإسكندرية، ط11، 1429هـ/ 2008م، ص170،169 بتصرف.
[60]. المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة، د. عبد العليم عبد العظيم البستوي، دار ابن حزم، بيروت، 1420هـ/ 1999م، ص379، 380.
[61]. صحيح: أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده، كما ذكر ابن القيم في المنار المنيف في الصحيح والضعيف، ص147، رقم (338). وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (2236).
[62]. تقريب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: أبي الأشبال صغير أحمد شاغف الباكستاني، دار العاصمة، السعودية، ط1، 1416هـ، ص1045.
[63]. ميزان الاعتدال في نقد الرجال، الذهبي، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت، د. ت، (4/ 352).