الطعن في إخبار القرآن بأن الدواب والطير أمم كالبشر
وجه إبطال الشبهة:
لقد أثبتت جهود العلماء والباحثين في علم الحيوان أن عالم الحيوان يزخر بما لا يُحصى من الغرائب والعجائب، وأن هذه الحيوانات سواء ما يدب منها على الأرض، أو يطير في السماء بجناحيه، أو يسبح في الماء- إنما هي شعوب وقبائل وأمم تربطها صلات وعلاقات وثيقة، فهي لا تختلف في حياتها ونشاطها عن أمم البشر.
كما أن سلوكها لا يخلو من التفكير والمنطق والتخطيط، واستشراف المستقبل، سواء في بنائها لمنازلها، أو رعايتها لأبنائها، أو التعاون فيما بينها، أو في التكافل والتعاون مع غيرها، ويوجد بينها خداع وغدر وأنانية وظلم أيضًا كما هو موجود في مجتمع العناكب؛ مما يؤكد كونها أمما مماثلة لأمم البشر في كثير من النواحي، كما جاء في قوله عز وجل: )وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم((الأنعام/٣٨) ، وبهذا تتطابق الآية مع ما أثبته العلم الحديث، فأين المخالفة إذًا؟!
التفصيل:
1) الحقائق العلمية:
لقد أثبتت جهود الباحثين على مر العصور وفي مختلف بلاد العالم أن عالم الحيوان يزخر بما لا يُحصى من الغرائب والعجائب، كما أن المجموعات الحيوانية التي تشارك الإنسان في العيش على ظهر الأرض كثيرة ومتنوعة بدرجة تفوق كل خيال، وقد أصبح من المعروف حاليًّا أنه يوجد ما يقرب من مليون نوع من الحيوانات المختلفة التي توصل العلم إلى معرفتها، ولا شك أن هذا العدد الضخم من الحيوانات تحتاج دراسته العلمية المنهجية إلى ترتيب وتبويب؛ لذلك نشأ علم خاص بهذه الموضوعات التصنيفية أُطلق عليه اسم “علم تصنيف الحيوان”.
ويرتكز المفهوم العام لهذا العلم على أساس تقسيم هذا العدد الضخم من الحيوانات المعروفة إلى مجموعات كبيرة تتشابه في صفاتها الرئيسية، ويُطلق عليها اسم “الشُّعَب”، وتضم الشعبة الواحدة عدة “طوائف”، وتحتوي كل طائفة على مجموعة من “الرتب”، وتنقسم الرتبة الواحدة إلى عدة “فصائل”، والفصيلة تشتمل على عدة “أجناس”، والجنس على عدة “أنواع”، وطبقًا لهذا النظام التصنيفي نجد أن عالم الحيوان يحتوي على ست طبقات أساسية تتدرج من الأدنى إلى الأعلى كما يلي: (النوع- الجنس- الفصيلة- الرتبة- الطائفة- الشعبة)([2]).
ويقول علماء البيئة- على سبيل المثال- حول أعداد بعض أنواع دواب الأرض وحشراتها وطيورها:
- 2,000 فصيلة من فصائل الحيوانات.
2.400,000 نوع من أنواع الفراش، والفراش نوع واحد من أنواع الحشرات، وهو ينتمي إلى رتبة “حرشفية الأجنحة”.
- 8,600 نوع من الطيور تتفاوت من الطائر الطنان أصغرها إلى النعامة أضخمها.
4.مئات الآلاف من الأنواع البحرية حتى هذه الساعة، ورغم كل التقدم الذي نعيشه لم يستطع العلماء حصر أعداد أنواع الحيوانات البحرية؛ لصعوبة العمل داخل الماء، ولكن قدَّروها بمئات الآلاف.
- ملايين الأنواع من الحشرات البرية والجبلية والسهلية والصحراوية([3]).
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل لكل نوع من هذه الأنواع- والتي يُعد أفرادها بالملايين- حياتها؟ وهل يُعتبر كل نوع منها أمة كأمم البشر، لها خواصها وحياتها المتفردة؟
وللإجابة عن هذا السؤال نسوق هذه الحقائق العلمية عن مملكة الحيوان:
- الجوانب العلمية التي اكتشفها العلم الحديث في التماثل بين الإنسان وسائر الكائنات الحية:
من المعروف أن الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي تحكمه العقلانية والمنطقية في السلوك، فبالإضافة إلى مميزاته البدنية، فإن الميزة الفريدة التي تجعله في صعيد مختلف عن باقي الكائنات الحية هي العقل والمنطق، وعلى ضوء ذلك فإن الإنسان يتميز بمحاسبة النفس واستشراف المستقبل، فضلاً عن رد الفعل تجاه الأحداث الحاصلة([4]).
فهل تفتقد الكائنات الحية الأخرى العقل والمنطق في سلوكها؟ وهل حياتها تخلو من التفكير والتخطيط واستشراف المستقبل، ورد الفعل تجاه الأحداث الحاصلة؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال لا بد من الاطلاع عن كثب على بعض هذه السلوكيات؛ لمعرفة كنهها ومنشئها، ونحن هنا نسوق بعض الأمثلة فقط للتدليل على ما نقول، وليس غرضنا الحصر:
- القندس مهندس السدود:
يعتبر هذا الحيوان مهندسًا بارعًا وبنّاء ماهرًا في الوقت نفسه؛ حيث ينشئ عشه بمهارة فائقة، وبالمهارة نفسها ينشئ سدًّا منيعًا لتهدئة سرعة المياه الجارية وحماية عشه منها، وهو يبذل جهدًا خارقًا وعلى مدى عدة مراحل لإنجاز هذا العمل المرهق؛ ففي المرحلة الأولى يقوم بتجميع كَمّ هائل من أغصان الأشجار ليستخدمها في غذائه، وفي بناء عشه والسد الذي أمامه؛ ولهذا يقوم هذا الحيوان بقرض الأشجار المتوافرة لقطعها، وأثبتت الأبحاث العلمية أنه يقوم بحسابات دقيقة عند عملية القطع، كما يفضل العمل على ضفة المياه التي تهب عليها الرياح؛ حتى تساعده المياه في جلب تلك الأغصان باتجاه عشه.
ويتميز عش هذا الحيوان بتخطيط بارع ومفصل؛ إذ يحتوي على مدخلين سفليين تحت سطح الماء، وغرفة خاصة أعلى من مستوى الماء للتغذية، وفوقها غرفة خاصة للنوم، إضافة إلى قناة خاصة للتهوية، ويقوم القندس بتجميع الأغصان واحدًا فوق الآخر؛ لتشكيل الهيكل الخارجي للعش بعناية كبيرة مستخدمًا أعوادًا صغيرة مع كمية من الطين؛ حيث لا يترك فيه أية فجوة أو ثقب.
أما المواد التي يستخدمها القندس في بناء عشه فهي تساعد على تماسكه من جهة، والحفاظ على درجة الحرارة داخله من جهة أخرى، فبالرغم من انخفاض درجة الحرارة في الشتاء إلى 35 درجة تحت الصفر فإن الحرارة داخل العش تبقى فوق الصفر باستمرار، ويقوم القندس أيضًا بإنشاء مخزن للأغذية تحت العش يتغذى منه طوال فصل الشتاء، وفي تلك الأثناء يقوم القندس بإنشاء قنوات تحتية على شكل شبكة، ويبلغ طول هذه القنوات مترين، يستطيع بواسطتها أن يصل إلى اليابسة؛ حيث توجد الأشجار التي يتغذى عليها.
والسدود التي يبنيها تتألف من النباتات والأحجار التي يركمها فوق بعضها البعض بالطريقة نفسها التي يبني بها العش، ويبذل هذا الحيوان جهده في رص الأغصان على شكل مثلث طويل يربط بين ضفتي المياه، إضافة إلى رتق الفجوات الموجودة في السد عبر ملئها بالمواد اللازمة، وكل هذا يحدث وهو يسبح ضد تيار الماء ويمتطي كومة عشه في الوقت نفسه، وعند حدوث أية فجوة أو خلل في بناء السد يقوم القندس باستخدام الطين أو أغصان الأشجار لملئه ثانية، وهكذا يتحول السد إلى نوع من الحوض العميق يستطيع من خلاله أن يجعل من عشه مخبأ كبيرًا للأغذية والمؤونة تساعده على الحياة طوال فصل الشتاء، ويستطيع القندس أن يوسع من المساحة المائية داخل العش لنقل أكبر كمية ممكنة من الغذاء والمواد اللازمة لبناء العش وترميمه، حتى إن هذا الأسلوب يجعل العش في مأمن من الأعداء، وفي هذا يشبه عش القندس قلعة محاطة بخنادق الدفاع يصعب الهجوم عليها،وفيما تقدم لـخصنا سلوك هذا الحيوان كمثال على العقلانية والتخطيط والحساب الدقيق في كل مرحلة من المراحل.
صورة لبيت القندس
- دودة الإمبراطور التي تعمل وفق مخطط متعدد المراحل:
من المؤكد أن القندس ليس الحيوان الوحيد الذي يبدي سلوكًا مخططًا مدروسًا؛ فهناك العديد من الأمثلة الحية والتي لا يمكن حصرها، والحيوان الآتي يُعتبر أصغر بكثير من القندس، ولا يُنتظر منه أي دليل على سلوك عقلي أو ما يؤكد وجود عقل أو ذكاء في بنيته، هذا الحيوان يُدعى “دودة القز”، وهي من الحشرات التي تفرز يرقتها خيوط الحرير، وكباقي أنواع اليرقات فإنها تقضي فترة من فترات حياتها داخل شرنقة، وعند خروجها من الشرنقة تقوم بإخفاء نفسها داخل ورقة نباتية، وعملية الاختفاء تتم بمنتهى الإحكام وفق مخطط مدروس مسبق، وعبر مراحل تتطلب خبرة وقدرة فائقة؛ لصعوبة طي الورقة الخضراء؛ وبالتالي لا يمكن لها أن تخفي جسم الدودة بسهولة؛ لذا وجب إيجاد حل لهذه المشكلة.
لذا فقد استطاعت أن تجد حلاًّ بسيطًا لكنه يفي بالغرض إلى أبعد حد؛ حيث تقوم الدودة بقرض جزء الورقة المتصل بالنبات لقطعها، ولمنع سقوطها تقوم بربطها بشكل محكَم عبر إفراز خيوط الحرير، ثم تبدأ الورقة بالتيبس وتنكمش الورقة اليابسة حول نفسها، وبعد ساعات تأخذ الورقة شكلها النهائي كأنبوب يصلح أن يكون مخبأ أمينًا لها، وسرعان ما تلجه متخذة إياه مسكنًا لها.
وللوهلة الأولى يمكن أن يفكر المرء بأن الحشرة قد خطت هذه الخطوة المنطقية لتوفير مخبأ أمين لنفسها، وهذا صحيح، ولكن بدخولها داخل الورقة المتيبسة قد تصبح صيدًا سهلاً للطيور؛ لأن اللون المختلف لهذه الورقة يجلب انتباهها، وهذا يعني نهاية الدودة المختبئة داخلها، وفي هذه الخطوة بالذات تقدم الدودة على اختراع جديد بواسطته تنقذ نفسها من مخالب الطيور؛ إذ تقوم بإجراء عملية حسابية دقيقة كالذي يقوم بها إخصائيو الرياضيات، استنادًا إلى مبدأ الاحتمالات؛ لأن الدودة تقوم بالعمل نفسه في أوراق نباتية أخرى، وتقوم بربط هذه الأوراق حول الورقة التي تختبئ داخلها كنوع من أنواع التمويه ضد الأعداء، وهكذا يصبح على غصن واحد أكثر من ورقة (6 -7)، واحدة منها فقط تحوي الدودة المختبئة والباقية خالية تمامًا، وإذا حدث وتناول أحد الطيور هذه الأوراق فيصبح احتمال وقوع الدودة كفريسة 6/1([5]).
لا شك أن كل هذه الظواهر السلوكية تعتمد على منطق معين.
- التنظيم والتعاون لدى النمل:
النمل مشهور بمقدرته الفائقة على التنظيم والحياة الاجتماعية؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر فهو يوزع حجرات عشه بحسب الاختصاص: حجرات مخزن الطعام، حجرات للصغار، حجرة للملكة، ويعتمد النمل مبدأ تقسيم العمل كما يفعل الإنسان؛ فمجموعة تختص بالحراسة على أبواب الأعشاش، وأخرى بالتنظيف، وأخرى من جنود فرسان، وأخرى من النمل الكسول.
أضف إلى ذلك، فالتعاون والود على أشده عند النمل، لدرجة أنه يتبادل الطعام مع بعض، أو يطعم بعضه البعض([6]).
- الحياة الاجتماعية للنحل:
لقد أدهش النحل العلماء بحياته الاجتماعية؛ حيث يتخذ له من تجاويف الأشجار وما شابهها مساكن على هيئة مستعمرات، في كل منها ملكة، وعدة مئات من الذكور، و10 – 80 ألفًا من الشغالات، فإن في كل مستعمرة ملكة واحدة وظيفتها وضع البيض، وأيضًا إفراز المواد المهمة اللازمة لوحدة المستعمرة وتسيير النظام فيها، أما وظيفة الذكور فهي تلقيح الملكة، بينما تقوم الشغالات بجميع الأعمال الأخرى من جمع الغذاء، وإنتاج عسل النحل، وتنظيم حرارة الخلية، والنظافة، والدفاع، ولكل مرحلة من الحياة في الخلية نظام معين، ويتم أداء جميع الوظائف دونما تقصير، بدءًا من العناية باليرقات وحتى توفير الاحتياجات العامة للخلية([7]).
- الدب القطبي ومساكنه:
تنشئ أنثى الدب القطبي ملجأً ثلجيًّا عندما تكون حاملاً أو بعد وضعها لوليدها، وهذا الملجأ تحت ركام الجليد، وعدا هذا فإنها تعيش في ملاجئ أو مساكن معينة، وعمومًا تضع الأنثى وليدها في منتصف الشتاء، ويكون الوليد الصغير لحظة ولادته أعمى ولا شعر له، إضافة إلى صغر حجمه؛ لذا فالحاجة ماسة إلى ملجأ لرعاية هذا المولود الصغير الضعيف، والملجأ التقليدي يتم إنشاؤه على شكل مترين طولاً ونصف متر عرضًا؛ لأن الملجأ يكون على شكل كرة ارتفاعها نصف متر أيضًا.
ولكن هذا المسكن أو الملجأ لم ينشأ هكذا دون أي اهتمام أو تخطيط، بل حُفر تحت الجليد بكل عناية واهتمام وسط بيئة مغطاة بالجليد، وتم توفير كل وسائل الراحة والرعاية للوليد الصغير في هذا الملجأ، وعمومًا فإن لهذه الملاجئ أكثر من غرفة تنشئها الأنثى بمستوى أعلى قليلاً من مدخل الملجأ؛ كي لا يسمح للدفء بالتسرب إلى الخارج.
الدب القطبي
وطيلة فصل الشتاء تتراكم الثلوج على الملجأ ومدخله، وتحافظ الأنثى على قناة صغيرة للتهوية والتنفس، ويكون سقف الملجأ بسمك يتراوح ما بين 75 سم إلى 2 متر، ويقوم هذا السقف بدور العازل الحراري فيحافظ على الدفء الموجود داخل الملجأ؛ ولهذا تبقى درجة الحرارة ثابتة داخله.
وقد قام أحد الباحثين في جامعة أسلو النرويجية ويُدعى (PaulWatts) بتثبيت ميزان حرارة في سقف أحد ملاجئ الدِّبَبَة لقياس درجة الحرارة، وتوصل إلى نتيجة مذهلة؛ فدرجة الحرارة خارج الملجأ كانت حوالي 30 تحت الصفر، أما داخل الملجأ فلم تنزل الحرارة تحت 2-3 أبدًا، والظاهرة اللافتة للانتباه هي كيفية قياس أنثى الدب لسمك السقف الثلجي كي يتواءم مع درجة عزله الحراري لداخل الملجأ، إضافة إلى كون الوسط داخل الملجأ بهذه الحرارة ملائمًا للأنثى من ناحية تنظيم استهلاك مخزونها الدهني في جسمها أثناء سباتها الشتوي، والأمر الآخر المحير هو خفض أنثى الدب القطبي لجميع فعالياتها الحيوية إلى درجة كبيرة أثناء سباتها الشتوي؛ كي لا تصرف طاقة زائدة، ولتساعد على إرضاع صغيرها، وطيلة سبعة أشهر تحول الدهن الموجود في جسمها إلى بروتين لازم لتغذية صغارها، أما هي فلا تتغذى وتنخفض دقات قلبها من 70 ضربة في الدقيقة إلى 8 ضربات في الدقيقة؛ وبالتالي تنخفض فعالياتها الحيوية، ولا تقوم بقضاء حاجاتها أيضًا، وبهذه الطريقة لا تصرف طاقاتها اللازمة لتنشئة الصغار الذين سيولدون في تلك الفترة، فسبحان الخالق الذي جعل لكل نوع من المخلوقات طريقته في الحياة، والتي تتوافق تمامًا مع الوسط البيئي الذي يعيش فيه.
- مساكن التماسيح:
تقوم أنثى التمساح بجمع النباتات المتعفنة وتخلطها بالطين؛ لتصنع منها تلة ارتفاعها 90 سم، ثم تحفر حفرة في قمة هذه التلة لتضع فيها بيضها وتغطيها بعد ذلك بالنباتات التي تكون قد جمعتها من قبل، ثم تبدأ بحراسة هذه التلة من خطر الاعتداء، وعندما يبدأ البيض بالفقس تقترب الأم عند أصوات صغارها وهم يصدرون أصواتًا متميزة، وتقوم بإزالة النباتات التي غطتها بها، ويبدأ الصغار بالتسلق إلى أعلى، وتجمعهم الأم في تجويف فمها المتسع وتذهب بهم إلى الماء ليبدءوا حياتهم.
انظر كيف يبني التمساح بيته!
- الضفادع:
يُعتبر هذا النوع من أبرع البرمائيات في إنشاء مسكنه، ويقوم الذَّكَر بإنشاء هذا المسكن على ضفة الماء، فالذكر يشرع في الدوران حول نفسه في الطين حتى يُحْدِث فيه ثقبًا واضحًا، ثم يقوم بتوسيع حوافي هذا الثقب، وعند اكتمال هذه الخطوة يبدأ بتكوين جدران طينية متينة لهذا الثقب، وفي النهاية يكون قد بنى مسكنه.
- بطريق الإمبراطور وصبره الخيالي:
هناك حيوان يُظْهِر عزمًا غريبًا في الحفاظ على بيضه، وصبرًا لا مثيل له، وتفانيًا مثيرًا للدهشة، وهذا الحيوان هو البطريق الإمبراطور، فهذا الحيوان يعيش في القطب الجنوبي الذي يتميز بظروف بيئية قاسية جدًّا.
تبدأ أعداد كبيرة من هذا الحيوان- تُقدر بـ 25000 بطريق- رحلتها للتزاوج، ويُقدر طريق الرحلة بعدة كيلو مترات لاختيار المكان المناسب للتزاوج، وتبدأ هذه الرحلة من شهري مارس وأبريل- بداية موسم الشتاء في القطب الجنوبي- ومن ثم تضع الأنثى بيضة واحدة في شهر مارس، والزوج من البطريق لا يبني عشًّا لبيضه، بل لا يستطيع ذلك؛ لعدم وجود ما يبني به في بيئة مغطاة بالجليد، بيد أنه لا يترك بيضته تحت رحمة برودة الجليد؛ لأن هذا البيض معرَّض للتجمد بمجرد تعرضه لبرودة الجليد القاسية؛ لذا يحمل بطريق الإمبراطور بيضه على قدميه، ويقترب الذكر من الأنثى بعد وضعها للبيضة الوحيدة بعدة ساعات لاصقًا صدره بصدرها ويرفع البيضة بقدميه، ويحرص كلاهما أشد الحرص على ألا تمس البيضة الجليد، ويقوم الذكر بتمرير أصابع قدميه تحت البيضة؛ ومن ثم يرفع الأصابع ليدحرج البيضة باتجاهه، وهذه العملية تتم بكل هدوء وإتقان؛ لتجنب كسر البيضة، وأخيرًا يقوم بحشر البيضة تحت ريشه السفلي لتوفير الدفء اللازم لها.
إن أهم ميزة تميز البطريق عن سائر الحيوانات صبره وحِلْمه
وعملية وضع البيضة تستهلك معظم الطاقة الموجودة في جسم الأنثى؛ لذا فإنها تذهب إلى البحر لتجمع غذاءها وتسترجع طاقتها، في حين يبقى الذكر لحضن البيض.
وتتميز فترة حضانة البيض لدى بطريق الإمبراطور بصعوبة، مقارنة بباقي أنواع الطيور، إضافة إلى حاجتها الشديدة للصبر من جانب الذكر، فهو يقف دون حراك مدة طويلة، وإذا لزمت الحركة فإنه لا يفعل ذلك إلا لأمتار قليلة براحة القدمين.
وعند الخلود إلى الراحة يستند الطير على ذَنَبِه كما لو أنه قدم ثالثة، ويرفع أصابع قدميه بصورة قائمة كي لا تلمس البيضة الجليد.
ومن الجدير بالذكر أن درجة الحرارة في الأقدام المغطاة بالريش السفلي أكثر بـ 80 درجة عن المحيط الخارجي؛ لذلك لا تتأثر البيضة بظروف البيئة الخارجية القاسية.
وتزداد ظروف البيئة قسوة كلما تقدم الشتاء بأيامه وأسابيعه، حتى إن الرياح والعواصف تبلغ سرعتها 120- 160 كم في الساعة، وبالرغم من ذلك يبقى الذكر ولمدة أشهر دون غذاء ودون حراك إلا للضرورة، ضاربًا مثلاً مثيرًا للدهشة في التضحية من أجل العائلة، وتبدي العائلة تضامنًا كبيرًا لمقاومة البرودة القاسية؛ إذ إن حيوانات البطريق تتراص بعضها مع بعض واضعة مناقيرها على صدورها؛ وبذلك يصبح ظهرها مستويًا، فتشكل دائرة فيما بينها وسدًّا منيعًا من الريش في مواجهة البرد القارس، وتحدث هذه العملية بإخلاص وتنظيم دقيقين دون أن تحدث أية مشكلة بين الآلاف من هذه الطيور المتراصة، وتظل هكذا لمدة أشهر عديدة بصورة من التعاون المدهش والمثير للحيرة والإعجاب.
وبعد ستين يومًا من الظروف القاسية يبدأ البيض في الفقس، ويستمر الذكر في تفانيه من أجل الصغير، علمًا بأن هذا الذكر لم يتغذَ أبدًا طيلة فترة الرقود على البيض.
ومن المعلوم أن البطريق الخارج لتوه من البيض حيوان ضعيف يحتاج إلى تغذية وعناية مستمرة؛ فيفرز الذكر من بلعومه مادة سائلة شبيهة بالحليب يتم إعطاؤها للفرخ الصغير ليتغذى عليها، إن المتوقع من هذا الحيوان غير العاقل أن يترك هذا البيض وشأنه، ويفكر في الخلاص والنجاة من البرد القاسي، إلا أن لطف الله تعالى بهذه الحيوانات جعلها ترأف ببيضها وفرخها، وتظهر هذه الصورة الرائعة من التكاتف والتعاون والتضحية، ولكنها تعد له مسكنًا آمنًا وغذاء كافيًا، وتتحمل قساوة الطقس ضمن سلوك يتم بأعلى درجات التضحية والإخلاص والرقة([8]).
- نماذج من التعاون والتكافل بين الكائنات الحية:
في الأمثلة السابقة عرضنا بعض أوجه الحياة الاجتماعية والسلوكية لبعض الحيوانات والحشرات والطيور، والتي ينم سلوكها عن التفكير والتخطيط واستشراف المستقبل، والتنظيم وتقسيم العمل بين أفراد المجموعة الواحدة… إلخ، ولكن هناك أمثلة أخرى في الطبيعة على التعاون والتكافل بين الأنواع المختلفة للأحياء، والتي يمكن رصدها كثيرًا.
وعلى سبيل المثال يقول الباحث المعروف بيتر كروبوتكين (PeterKropotkin) الذي سجَّل مشاهداته عن التعاون بين الكائنات الحية وألَّف فيه كتابًا، يقول هذا الباحث في كتابه عن التعاون بين الأحياء ما يلي: عندما بدأنا نُجري بحثًا عن موضوع “البقاء من أجل الحياة” فوجئنا بوجود أمثلة عديدة عن التعاون والتكافل بين الكائنات الحية، وظهرت أمامنا حقيقة واضحة، وهي أن التعاون ليس فقط من إدامة النسل، بل من أجل سلامة الأفراد وتوفير الغذاء لهم، فالتعاون وتبادل المنفعة يعتبران قاعدة عامة في عالم الأحياء، والتعاون المتبادل يمكن رؤيته حتى في أدنى حلقة من سلسلة الأحياء.
ومن الذين شاهدوا وبحثوا هذه الأمثلة الحية عالم وباحث مشهور في علم وظائف الأعضاء الطبي كينيث ووكر (KennethWalker)؛ حيث سجَّل مشاهداته في رحلة صيد في شرق أفريقيا قائلاً:هناك أمثلة عديدة للتعاون المتبادل بين الحيوانات ما زالت حية في ذاكرتي عندما رأيتها في رحلة صيد قمت بها في شرقي أفريقيا قبل سنوات، وشاهدت بأم عيني كيف أن قطعانًا من الغزلان والحمير الوحشية تتعاون فيما بينها في سهول آهتي؛ حيث يضعون من يترصد العدو القادم لينبه القطيع حين قدومه، ولم أكن خارجًا لصيد الحمار الوحشي، ولكني فشلت في اصطياد غزال واحد؛ لأنني كلما اقتربت من غزال لاصطياده ينبه الحمار الوحشي القطيع بقدومي؛ وبذلك يفلت مني، ووجدت هناك تعاونًا بين الزرافة والفيل؛ فالفيل لديه حاسة سمع قوية، وآذانه الواسعة تُعتبر رادارًا لاقطًا لأي صوت، مقابل حاسة بصر ضعيفة، أما الزرافة فلها حاسة بصر قوية، وتُعتبر كمراصد مرتفعة للمراقبة، وعندما تتحد جهود الفريقين لا يغلبان لا من نظر ولا من سمع، ولا يمكن الاقتراب من قطعانهما.
والمثال الأغرب هو التعاون بين وحيد القرن والطير الذي يحط على ظهره لالتقاط الطفيليات الموجودة على جلده، فكلما تحس الطيور باقترابي تبدأ بإخراج صوت معين تنبه به وحيد القرن، وعندما يبدأ الحيوان بالهرب تبقى الطيور على ظهره كأنها راكبة عربة قطار تهتز باهتزازه.
صورة تبين التكافل والتعاون بين الحمر الوحشية والغزلان
ومشاهدات كينيث ووكر ما هي إلا جزء يسير من أمثلة عديدة يمكن لنا أن نشاهدها على التعاون المتبادل بين الأحياء، ويمكن للإنسان أن يجد أمثلة لهذا التعاون بين الحيوانات التي تعيش بالقرب منه، والمهم أن يتفكر الإنسان في ماهية هذه الأمثلة.
- تنبيه الكائنات الحية بعضها البعض بالخطر القادم:
من أهم فوائد العيش ضمن تجمعات هو التنبيه للخطر القادم، وتوفير وسائل الدفاع بصورة أكثر فاعلية؛ لأن الحيوانات التي تعيش ضمن تجمعات تقوم عند إحساسها بالخطر القادم بتنبيه الباقين بدلاً من الهرب والنجاة، ولكل نوع من أنواع الأحياء طريقته الخاصة بالتنبيه، على سبيل المثال فإن الأرنب يقوم برفع ذيله بصورة قائمة عند قدوم العدو المفترس كوسيلة لتنبيه باقي أفراد القطيع، أما الغزلان فتقوم بأداء رقصة على شكل قفزات.
أما الطيور الصغيرة فتقوم بإصدار أصوات خاصة عند قدوم الخطر، فطيور goldenoriole تقوم بإصدار أصوات ذات ترددات عالية مع فواصل متقطعة، وأذن الإنسان تتحسس هذا النوع من الصوت على شكل صفير، وأهم ميزة لهذا الصوت هي عدم معرفة مصدره، وهذا لا يكون لصالح الطير المنبه بالطبع؛ لأن الخطورة تكمن في معرفة مكان الطير الذي يقوم بوظيفة التنبيه بالخطر، وتقل نسبة الخطورة لعدم معرفة هذا الصوت.
أما الحشرات التي تعيش ضمن مستعمرات فوظيفة التنبيه والإنذار تقع على عاتق أول حشرة ترى وتحس، إلا أن الحشرة التي تقوم بالإنذار تفرز رائحة الإنذار، مما يجلب نظر العدو؛ أي إن الحشرة المنذرة تضحي بحياتها من أجل سلامة المستعمرة.
أما الكلاب البرية فتعيش ضمن مجاميع كبيرة، ومساكنها التي تسع 30 كلبًا تكون شبيهة بمدينة صغيرة، ويعرف الأفراد بعضهم بعضًا في هذه المستعمرة، وهناك دائمًا حراس مناوبون في مداخل هذه المدينة الصغيرة، يقفون على أطرافهم الخلفية مراقبين البيئة من جميع الجهات، وإذا حدث أن أحد المراقبين رأى عدوًّا يقترب يبدأ من فوره بنباح متصل شبيه بصوت الصفير، ويقوم باقي الحراس بتأكيد هذا الخبر بواسطة النباح أيضًا، وعندئذ تكون قد علمت المجموعة بقدوم الخطر، ودخلت مرحلة الاستعداد للمجابهة.
وهنا نقطة مهمة ينبغي التأكيد عليها، فتنبيه الكائنات الحية عند قدوم الخطر مسألة تثير الاهتمام والفضول، والأهم من ذلك أن هذه الكائنات تفهم بعضها البعض، والأمثلة التي أوردناها- مثل الأرنب الذي يرفع ذيله عند إحساسه بالخطر- هي علامات يفهمها باقي الحيوانات، ويدخلون مرحلة التيقظ على هذا الأساس؛ حيث يبتعدون إنْ أوجب الأمر الابتعاد، أو يختفون إن كان هناك مجال للاختفاء، والأمر المثير للاهتمام هو: أن هذه الحيوانات كانت تُفهم من هذه الإشارات أن عليها الشروع في الهرب، فهذا يستوجب أن تكون الحيوانات قد تكلمت مع بعضها البعض واتفقت على هذا القرار.
- مجابهة الأحياء للخطر جماعيًّا:
لا تكتفي الحيوانات التي تعيش على شكل مجموعات بإنذار بعضها البعض بقدوم الخطر، بل تشارك أيضًا بمجابهته؛ مثلاً الطيور الصغيرة تقوم بمحاصرة الصقر أو البوم الذي يتجرأ ويدخل مساكنها، وفي تلك الأثناء تقوم بطلب المساعدة من الطيور الموجودة في تلك المنطقة، وهذا الهجوم الجماعي الذي تقوم به يكفي لطرد الطيور المفترسة.
ويشكل السرب الذي تطير ضمنه الطيور خير وسيلة للدفاع؛ فالزرزور مثلاً تترك بينها مسافات طويلة أثناء الطيران، وإذا رأوا طائرًا مفترسًا يقترب – كالصقر- سرعان ما يقللون ما بينهم من مسافات، مقتربين من بعضهم البعض، بذلك يقللون من إمكانية اقتحام الصقر للسرب، وإذا أمكن له ذلك فسيجد مقاومة شديدة، وربما يُصاب بجروح في جناحيه ويعجز عن الصيد.
أما الثدييات فإنها تتصرف على هذه الشاكلة أيضًا خصوصًا إذا كانت تعيش ضمن قطعان، ومثال ذلك الحمار الوحشي، يدفع بصغاره نحو أواسط القطيع في أثناء هربه من العدو المفترس، وهذه الحالة درسها جيدًا العالم البريطاني جين جودال (JaneGoodall) في شرق أفريقيا، فقد سجل في مشاهداته كيف أن ثلاثة من الحمر الوحشية تخلفت عن القطيع، وحُوصرت من قِبل الحيوانات المفترسة، وعندما أحس القطيع بذلك سرعان ما قفل راجعًا مهاجمًا الحيوانات المفترسة بحوافره وأسنانه، ونجح القطيع مجتمعًا في إخافة هؤلاء الأعداء وطردها من المكان.
وعمومًا فإن قطيع الحمر الوحشية عندما يتعرض للخطر يظل زعيم القطيع متخلفًا عن باقي الإناث والصغار الهاربين، ويبدأ الذكر يجري بصورة ملتوية موجهًا ركلات قوية إلى عدوه، وفي بعض الأحيان يرجع لمقاتلته.
ويعيش الدلفين ضمن جماعات تسبح سويًّا، وتقوم بمهاجمة عدوها اللدود- الكواسج- بصورة جماعية أيضًا، وعندما يقترب الكوسج من هذه الجماعة يشكل خطرًا جسيمًا على صغار الدلفين، فيبتعد اثنان من الدلفين عن الجماعة ليلفتا انتباه الكوسج إليهما ويبعدانه عن الجماعة، وعندئذ تنتهز الجماعة تلك الفرصة في الهجوم فجأة، وتوجيه الضربات تلو الضربات لهذا العدو المفترس.
- التكاتف والتعاون بين طيور أفريقيا:
تعيش طيور أفريقيا على شكل جماعات متعاونة ومتناسقة في أروع صورة ممكنة، ومصدرها الغذائي يتكون من الفواكه التي تحملها أغصان الأشجار التي تعيش عليها، وللوهلة الأولى تبدو لنا عملية التغذي على الفواكه التي توجد في قمة الأغصان غاية في الصعوبة لسببين:
أولهما: عدم إمكان الوصول للفاكهة الموجودة في قمة الأغصان وأطرافها من قِبل جميع الطيور،بل من قِبل الطير الأقرب منها فقط.
وثانيهما: شحة المكان الذي يمكن للطير أن يحط عليه فوق الشجرة، فالمتوقع لهذا الطير أن يعاني من الجوع حتمًا.
ولكن الحقيقة والواقع عكس ذلك تمامًا، تتحرك هذه الطيور الأفريقية نحو أغصان الأشجار وكأنها متفقة فيما بينها مسبقًا على أن تكون حركتها بالتناوب؛ حيث تتراص فيما بينها على غصن الشجرة، ويبدأ الطير الأقرب إلى الفاكهة بتناولها، يأخذ حصته منها؛ ومن ثم يناولها إلى الذي بجانبه، وهكذا تتجول الفاكهة من فم إلى آخر حتى أبعد طير على غصن الشجرة، وبذلك تتشارك الطيور في التغذية.
ويُثار هنا تساؤل مفاده: كيف أمكن لهذه الحيوانات أن تتصرف وفق هذا الناموس والتعاون فيما بينها؟ وكيف لا يفكر الطير الأقرب إلى الفاكهة بالاستحواذ عليها دون الباقين؟ ومن أين أتى هذا النظام والانتظام في التغذية بين هذه الطيور في تطبيق لا نظير له في الأحياء؟ علمًا بأن لا أحد من هذه الطيور يسلك سلوكًا من شأنه أن يخلخل النظام على غصن الشجرة، مع هذا لا يشبع العدد المتوقف على غصن الشجرة في المرة الواحدة لعدم كفاية الفاكهة الملتقطة والموجودة على ذلك الغصن؛ لذلك تقوم هذه الطيور بالوقوف على غصن آخر مليء بالفاكهة، ولكن هذه المرة يكون الطير الأكثر جوعًا والأبعد عن الفاكهة في المرة الماضية الأقرب إلى الفاكهة، وتبدأ دورة التغذية من جديد وفق نظام يتسم بالعدالة والدقة.
- الحيوانات المتعاونة عند الولادة:
تكون الحيوانات- وخصوصًا الثدييات- أكثر تعرضًا للخطر في أثناء الولادة؛ لأن الأم ووليدها يكونان لقمة سائغة للحيوانات المفترسة، ولكن الملاحظ أن هذه الحيوانات تكون بحماية أحد أفراد القطيع عندما تضع وليدها، على سبيل المثال تختار أنثى الأنتيلوب مكانًا أمينًا بين الأعشاب الطويلة لتضع وليدها، ولا تكون وحدها في أثناء الولادة، بل تكون بجانبها أنثى أخرى من القطيع نفسه كي تساعدها وقت الحاجة.
وهناك مثال آخر للتعاون بين الحيوانات في أثناء الولادة وهو الدلفين، فالوليد الصغير عندما يخرج توًّا من رحم أمه عليه أن يخرج إلى سطح الماء للتنفس؛ لذلك تدفعه أمه بأنفها إلى أعلى كي يستطيع التنفس، وتكون الأم ثقيلة الحركة قبل الولادة، ويقترب منها أنثيان من الجماعة نفسها لمساعدتها لحظة الولادة، وتسبح هاتان المساعدتان جانبي الأم لحظة الولادة لمنع أي ضرر يلحق بها في تلك اللحظة الحرجة، خصوصًا أن الأم تكون ثقيلة الحركة ومعرضة للخطر أكثر من أي وقت مضى.
ويكون الوليد الجديد لصيقًا بأمه طيلة الأسبوعين الأولين، ثم يبدأ السباحة شيئًا فشيئًا بعد ولادته بفترة قصيرة، وتدريجيًّا يبدأ بالاستقلال عن أمه، وفي هذه الحالة تكون الأم ضعيفة بعض الشيء، ولا تستطيع أن تتأقلم مع حركات الوليد الجديد؛ لذا تتدخل أنثى أخرى لحماية الصغير وتوفير العون الكامل للأم حتى تلتقط أنفاسها.
وبالأسلوب نفسه تلد الفيلة أولادها؛ حيث تكون هناك أنثى أخرى دومًا لمساعدة الأم أثناء الولادة، تختفي الأم ووصيفتها داخل الأعشاب الطويلة بكل مهارة حتى تنتهي عملية الولادة، وتستمران في رعاية الفيل الجديد طيلة حياتهما، وتتميز الأم بحساسية مفرطة، خصوصًا عندما تكون بجانب وليدها.
وهناك أسئلة عديدة تطرح نفسها في هذا المجال؛ مثلاً: كيف تتفاهم الفيلة أو غيرها من الحيوانات مع بعضها، أو الأنثى التي تصبح مساعدة كيف تفهم أو تشعر باقتراب موعد الولادة لقريبتها؟
- الحيوانات الحاضنة لصغار غيرها:
تمتاز الثدييات بأنها تنشئ علاقات قرابة وطيدة فيما بينها، على سبيل المثال الذئاب تعيش ضمن عائلة واحدة تتألف من ذكر وأنثى وصغيرهما، وربما واحد أو اثنين من ولادات سابقة، وكل الحيوانات البالغة تقوم بمهمة حماية الصغار، وأحيانًا تبقى إحدى الإناث في الوكر لتقوم بمهمة الحاضنة لأحد الصغار طول الليل، بينما تقوم الأم بالخروج إلى الصيد مع باقي أفراد الجماعة.
تعيش كلاب الصيد الأفريقية ضمن جماعات تتألف الواحدة منها من عشرة أفراد، وتبدأ توزيع الواجبات بين الذكور والإناث التي تتمثل في حماية الصغار وتغذيتهم، وتتسابق فيما بينها على رعايتهم، وعند اصطيادها لفريسة تقوم بتشكيل حلقة حولها حماية لها من هجوم الضباع، ولإفساح المجال للصغار بالتغذي عليها.
يعيش البابون أيضًا ضمن جماعة يقوم زعيمها برعاية المرضى والجرحى من أفرادها، حتى إن البالغين يتبنون بابونًا صغيرًا في حالة فقدانه لأبويه، فيأذنون له بالسير معهم نهارًا والـمبيت عندهم ليلاً، وقد تغير الجماعة مكانها، عندئذ تقوم بمسك صغيرها ليمشي الهوينى في حالة كونه صغيرًا جدًّا لا تستطيع ضبط توازنه في أثناء حملها له، والصغير قد يتعب أثناء سيره ويتسلق ظهر أمه غالبًا، وهذا يؤدي إلى تقهقرهم عن الجماعة، ولو فطن زعيم الجماعة لهذا الأمر لقفل راجعًا إلى حيث تقف الأم، ويبدأ بمرافقتهم في أثناء المسير والوقوف كلما وقف البابون الصغير.
أما بنات آوى فتعيش مع أمهاتها حتى بعد انقطاعها عن الرضاعة، وتصبح يافعة تساعد أمها عند ولادتها لرضيع جديد، فتجلب الغذاء للصغار، أو تذهب بهم إلى مكان بعيد لحين ابتعاد الخطر الداهم، وليست بنات آوى وحدها التي تهتم برعاية أشقائها، بل تقوم بالمهمة نفسها طيور مثل دجاج الماء والسنونو.
والتعاون في عالم الطيور يتخذ شكلاً آخر؛ لأنه يكون بين أزواج الطيور، مثل طير النحل، يتعاون الزوجان في تنشئة أطفالهما، وهذا التعاون من الممكن مشاهدته لدى الطيور بكثرة([9]).
بعد استعراض هذه النماذج من حياة بعض الكائنات الحية من حيوانات وطيور وحشرات- يتضح لنا أن سلوك تلك الكائنات وما فيه من عمل دءوب ومثابرة، وتنظيم واع، وتعاون وتكاتف، وتكافل وتضحية، كل هذا ينم عن تفكير منطقي، بالرغم من أن ما ذكرناه من نماذج يدور عن حمر وحشية أو طيور أو حشرات أو دلافين… إلخ.
والتفسير الوحيد الذي يمكن للإنسان العاقل أن يتوصل إليه أمام هذه الأمثلة أننا أمام مجتمعات تشبه أمم البشر ومجتمعاتهم في كثير من الجوانب.
2) التطابق بين الحقائق العلمية والقرآن الكريم:
لقد أشار الله تعالى في كتابه الكريم إلى أن الدواب والطير أمم ومجتمعات مثل البشر، وذلك في قوله تعالى: )وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شىء ثم إلى ربهم يحشرون (38) ( (الأنعام).
وبالرجوع إلى معاجم اللغة وأقوال المفسرين في معاني هذه الآية الكريمة تتضح هذه الحقيقة لكل ذي عقل.
- فمن أقوال أهل اللغة:
يقول الجوهري في الصحاح في اللغة: “والأمة: الجماعة، قال الأخفش: هو في اللفظ واحد، وفي المعنى جمع، وكل جنس من الحيوانات أمة”([10]).
ويقول الراغب الأصفهاني: “والأمة: كل جماعة يجمعهم أمر ما، إما دين واحد، أو زمان واحد، أو مكان واحد، سواء كان ذلك الأمر الجامع تسخيرًا أو اختيارًا، وجمعها: أمم، وقوله تعالى: )وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم((الأنعام:38)؛ أي: كل نوع منها على طريقة قد سخرها الله عليها بالطبع، فهي من بين ناسجة كالعنكبوت، وبانية كالسرفة([11])، ومدخرة كالنمل، ومعتمدة على قوت وقته كالعصفور والحمام، إلى غير ذلك من الطبائع التي تخصص بها كل نوع”([12]).
- من أقوال المفسرين في الآية الكريمة:
يقول الإمام القرطبي: “)إلا أمم أمثالكم( (الأنعام:38) ؛ أي: هم جماعات مثلكم في أن الله عز وجل خلقهم، وتكفل بأرزاقهم، وعدل عليهم، فلا ينبغي أن تظلموهم، ولا تجاوزوا فيهم ما أُمرتم به”، ثم يقول: “قال سفيان بن عيينة: أي ما من صنف من الدواب والطير إلا في الناس شبه منه، فمنهم من يعدو كالأسد، ومنهم من يشره كالخنزير، ومنهم من يعوي كالكلب، ومنهم من يزهو كالطاووس، فهذا معنى المماثلة- واستحسن الخطابي هذا-وقال مجاهد في قوله عز وجل: )إلا أمم أمثالكم( (الأنعام:38)، قال: أصناف لهن أسماء تُعرف بها كما تُعرفون”([13]).
وقال الإمام الطبري في تفسيره: “بل جعل كل ذلك أجناسًا مجنسة وأصنافًا مصنفة، تُعرف كما تُعرفون، وتتصرف فيما سُخِّرت له كما تتصرفون، ومحفوظ عليها ما عملت من عمل لها وعليها، ومثبت كل ذلك من أعمالها في أم الكتاب”([14]).
وقال الإمام ابن القيم: “وقد أخبر الله عن وجود المماثلة بين الإنسان وبين كل طائر ودابة، وذلك ممتنع من جهة الخِلْقة والصورة، وعدم من جهة النطق والمعرفة، فوجب أن يكون منصرفًا إلى المماثلة في الطباع والأخلاق”. ثم يقول: “والله سبحانه قد جعل بعض الدواب كسوبًا محتالاً، وبعضها متوكلاً غير محتال، وبعض الحشرات يدخر لنفسه قوت سنته، وبعضها يتكل على الثقة بأن له في كل يوم قدر كفايته رزقًا مضمونًا وأمرًا مقطوعًا، وبعضها لا يعرف ولده البتة، وبعض الإناث تكفل ولدها لا تعدوه، وبعضها تضيع ولدها وتكفل ولد غيرها، وبعضها لا تعرف ولدها إذا استغنى عنها، وبعضها يدخر، وبعضها لا تكسب له، وبعض الذكور يعول ولده، وبعضها لا تزال تعرفه وتعطف عليه، وجعل بعض الحيوانات يتمها من قبل أمهاتها، وبعضها يتمها من قبل آبائها، وبعضها لا يلتمس الولد، وبعضها يستفرغ الهم في طلبه، وبعضها يعرف الإحسان ويشكره، وبعضها ليس ذلك عنده شيئًا، وبعضها يؤثر على نفسه، وبعضها إذا ظفر بما يكفي أمة من جنسه لم يدع أحدًا يدنو منه، وبعضها لا يأكل إلا الطيب، وبعضها لا يأكل إلا الخبائث، وبعضها يجمع بين الأمرين، وبعضها لا يؤذي إلا من بالغ في أذاها، وبعضها يؤذي من لا يؤذيها، وبعضها حقود لا تنسى الإساءة، وبعضها لا يذكرها البتة، وبعضها لا يغضب، وبعضها يشتد غضبه فلا يزال يسترضى حتى يرضى، وبعضها عنده علم ومعرفة بأمور دقيقة لا يهتدي إليها أكثر الناس، وبعضها لا معرفة له بشيء من ذلك البتة، وبعضها يستقبح القبيح وينفر منه، وبعضها الحسن والقبيح سواء عنده، وبعضها يقبل التعليم بسرعة، وبعضها مع الطول، وبعضها لا يقبل ذلك بحال”([15]).
وهكذا فإن أقوال أهل اللغة وأهل التفسير تؤكد ما أشارت إليه الآية الكريمة من أن الطيور وسائر الدواب في البر والبحر أمم مثل البشر؛ من حيث أن الله رازقهم ومحييهم ومميتهم، ومن حيث الطباع والسلوك والأخلاق، ولا تعني المماثلة هنا المماثلة التامة بين أمم الحيوان وأمم البشر، فهذا لم يقل به أحد؛ لأن الله تعالى قد كرم بني آدم على سائر الخلق، ولكن المماثلة هنا في بعض الجوانب والسلوكيات.
وما أشار إليه القرآن الكريم هو عين ما توصل إليه علماء الحيوان في العصر الحديث؛ حيث أثبتت جهود الباحثين في علم الحيوان، وفي مختلف بلاد العالم أن عالم الحيوان يزخر بما لا يُحصى من الغرائب والعجائب، كما اكتشف هؤلاء الباحثون أن هذه الحيوانات سواء ما يدب منها على الأرض، أو يسبح في الماء، أو يطير في السماء، إنما هي شعوب وأمم لا تختلف في أسلوب حياتها عن أمم البشر، ولا سيما في حالات السلم والحرب، والسعي لطلب الغذاء، ورعاية الصغار، وما تلجأ إليه من حيل للتغلب على ما يواجهها من مخاطر وصعاب.
- هل العناكب أمة كالبشر؟
أما ما زعمه المشتبه بأننا إن جاز لنا أن نطلق على مجتمع النحل بأنه أمة كالبشر، فلا يجوز هذا بحال في حق العناكب، التي تأكل فيه الأنثى زوجها، بل بنيها لو تمكنت منهم.
ونحن لا نختلف معه في أن النحل غير العناكب؛ فبيت النحل يُؤسس على نظام مثالي، وخَلْق عظيم، ويعيش في بيته على الود والتعاون، والتراحم والتعاطف، بينما يسود بيت العنكبوت نظام عدواني، وانحطاط خلقي، ويعيش العنكبوت في بيته على الخداع والغدر، والأنانية والظلم، ولكن هل يستطيع أحد أن ينكر أن هناك من البشر من ينفر من الناس وينفر منه الناس، ويعيش على الخداع والغدر والأنانية والظلم والقتل والخيانة، ولا يلقى الناس منه إلا نكران الجميل والأذى، لا شك أن أمثال هؤلاء كثيرون في دنيا البشر، ولا يخلو منهم مجتمع من المجتمعات، ثم لماذا لا ينظر الطاعنون إلا إلى الجانب المظلم من حياة العناكب، ولا ينظرون إلى الجانب المشرق منها، وهي هندسة أنثى العنكبوت لبيتها، نعم فالعنكبوت مهندس إنشائي بارع؛ حيث تقوم بالخطوات الآتية في بناء بيتها:
- أولاً تنسج خيطًا واحدًا من الحرير.
- ثم تكمل الإطار الخارجي، ومن وسط الخيط العلوي تنسج خيطًا آخر إلى أسفل.
- وتبدأ من وسط هذا الخيط فتنسج خيطًا من كل اتجاه في زوايا متساوية تشبه أسلاك عجلة الدراجة.
- وبعد أن تنتهي من ذلك تبدأ من الوسط وتصل الخيوط بعضها ببعض في اتجاه دائري، حتى ينتهي بناء البيت.
وتصمم أنثى العنكبوت البيت ليكون مصيدة للحشرات، وتضع أنثى العنكبوت مواد لاصقة على الخيوط، فما إن تصل حشرة إلى بيت العنكبوت حتى تلتصق أقدامها بالخيوط اللزجة، فتسرع أنثى العنكبوت وتحيط فريستها بخيوطها، وكأنها تكفنها بعد أن تلدغها بسمها، وبعد ذلك تمتص عصارة جسم الحشرة وتتغذى عليها([16]).
وثمة نقطة أخرى تسترعي الانتباه، وهي أن العنكبوت الذي يخرج لتوِّه من البيضة يملك المعرفة الضرورية لنسج شبكة دون الحصول على أي تدريب- خلاف المهندس الإنشائي- وبفضل هذه المعرفة تولد أجيال من العناكب لديها القدرة على نسج الشباك؛ فالعنكبوت الوليد لا يتلقى أي تدريب أبدًا، ولا يحضر أية دورات تعليمية، في حين ينبغي على المهندس الإنشائي أن يدرس في الجامعة لمدة أربع سنوات على الأقل كي يكتسب المعرفة الضرورية لتشييد مبنى، كما أنه يستخدم مئات الأعمال الأكاديمية المطبوعة في السابق كمصدر للمعرفة، ويجري حساباته على الكمبيوتر، ولديه معلمون يوجهونه ويعلمونه كيفية إجراء الحسابات.
وعلى نحو مماثل فإن بناء شبكة تكبر العنكبوت بمئات المرات يستلزم- على الأقل- القدر نفسه من الحسابات اللازمة لبناء مبنى، ولا يكفي أن تكون متعلمًا جامعيًّا كي تخطط وتحسب مقدار الشد في الخيوط التي تكون الشبكة، وقوة الأساس الذي يقوم عليه، واستقامة الشكل الهندسي، والمقاومة والمرونة اللازم توافرها من أجل الرياح، وحركة الفريسة، والخصائص الفيزيائية والكيميائية للخيوط، والعديد من التفاصيل الأخرى التي لم نستطع سردها، وفي كل الأحوال لا توجد جامعة لصغار العناكب التي تبدأ بعد فترة قصيرة من قدومها إلى العالم في إنتاج الخيوط وبناء الشباك والصيد([17]).
فهل بعد هذه الحقائق الناصعة عن حياة العناكب يزعم زاعم أنه لا يصح أن يطلق عليها أمة كالبشر؟!
3) وجه الإعجاز:
تؤكد لنا الدراسات العديدة التي أجراها العلماء والباحثون في عالم الحيوان أن المجموعات الحيوانية التي تعيش على وجه الأرض كثيرة ومتنوعة، وقد قام العلماء بتصنيفها إلى شعب وطوائف ورتب وفصائل وأجناس وأنواع، ولقد أثبتت تلك الدراسات أن مجتمع الحيوانات يزخر بالعديد من الغرائب والعجائب التي أدهشت هؤلاء الباحثين؛ مما يدل على سلوك واع منظم تسلكه تلك الحيوانات ينم عن تفكير منطقي، واستشراف للمستقبل، واستعداد للأحداث الطارئة.
وباستعراض بعض النماذج من حياة بعض الحيوانات والطيور والحشرات؛ كالقندس مهندس السدود، أو بطريق الإمبراطور وكيفية الحفاظ على بيضه ورعايته لأبنائه، أو دودة القز وعملها لليرقات الخادعة، أو النمل وتوزيع الأدوار فيه… وغير هذا كثير – تأكد لنا التماثل في كثير من النواحي بين المجتمع الحيواني والمجتمع البشري.
وهذا الذي توصل إليه العلماء حديثًا نجد قرآننا الكريم قد ذكره قبلهم بأكثر من أربعة عشر قرنًا في قوله تعالى: )وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم( (الأنعام:38)، فلا يمكن وصف كل هذه الأجناس من الدواب والطيور والحشرات إلا بوصف الأمم الذي وصفها به القرآن الكريم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
(*) إعجاز القرآن بين الحقيقة والبهتان، شاكر فضل الله النعماني، مقال منشور بموقع: الملحدين العرب www.el7ad.com.
[2]. رحيق العلم والإيمان، د. أحمد فؤاد باشا، دار الفكر العربي، القاهرة، ط1، 1422هـ/ 2002م، ص146.
[3]. الموسوعة الكونية الكبرى: آيات الله في خلق الحيوانات البرية والبحرية وبعثها وحسابها، د. ماهر الصوفي، المكتبة العصرية، بيروت، 1429هـ/ 2008م، ج11، ص95، 96.
[4]. التضحية عند الحيوانات، هارون يحيى، مؤسسة الرسالة ناشرون، بيروت، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص14.
[5]. التضحية عند الحيوانات، هارون يحيى، مرجع سابق، ص14: 17.
[6]. معجزات القرآن العلمية في الأرض مقابلة مع التوراة والإنجيل، عبد الوهاب الراوي، دار العلوم، الأردن، ط1، 1429هـ/ 2008م، ص107 بتصرف.
[7]. القرآن والعلم، هارون يحيى، تعريب: د. إبراهيم الصنافيري، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، 1425هـ/ 2004م، ص66.
[8]. الموسوعة الكونية الكبرى: آيات الله في خلق الحيوانات البرية والبحرية وبعثها وحسابها، د. ماهر أحمد الصوفي، مرجع سابق، ج11، ص244: 249.
[9]. التضحية عند الحيوانات، هارون يحيى، مرجع سابق، ص113: 126 بتصرف.
[10]. الصحاح في اللغة، مادة: أمم.
[11]. السُّرْفة: دُويبة صغيرة أو دودة تبني لنفسها بيتًا حسنًا عجيبًا.
[12]. المفردات في غريب القرآن، الراغب الأصفهاني، تحقيق: محمد سيد كيلاني، دار المعرفة، بيروت، ص23.
[13]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1405هـ/ 1985م، ج6، ص419، 420.
[14]. جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ابن جرير الطبري، تحقيق: أحمد شاكر، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1400هـ/ 2000م، ج11، ص344.
[15]. شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، ابن قيم الجوزية، دار المعرفة، بيروت، 1398هـ/ 1978م، ج16، ص26.
[16]. موسوعة الإعجاز العلمي في الحديث النبوي، د. أحمد شوقي إبراهيم، نهضة مصر، القاهرة، ط1، 2006م، ج6، ص107.
[17]. معجزة العنكبوت، هارون يحيى، مؤسسة الرسالة ناشرون، بيروت، ص124.