الطعن في حديث استشفاع إبراهيم لأبيه آزر
وجها إبطال الشبهة:
1) إن إسناد حديث للبخاري لا يطعن فيه إلا من ليس له دراية بفنون نقد الحديث، ورواية البخاري لإسماعيل بن أبي أويس قد انتخبها من أصوله، فضلا عن معرفته بحاله فهو شيخه، وما نقل من طعون بعض النقاد فيه، لم يصح عنهم من حيث النقل، أما أخوه عبد الحميد فمتفق على توثيقه، ثم إن رواية الشيخين عن الراوي يعد توثيقا له إذا خرجا له في الأصول.
2) إن طلب إبراهيم – عليه السلام – الشفاعة في أبيه – مع علمه أنه مشرك – جاء من قبيل شفقته ورقة قلبه، فقد مدحه الله تعالى بالأواه الحليم، أي: رحيم القلب، وهو في هذا ليس بدعا من الرسل، فقد فعل هذا نوح مع ولده المشرك، ورسول الله محمد مع أمه، وهذا أمر جبلي معهود بنوازع الرحم والدم، وأما استنكارهم لخزي إبراهيم بتعذيب أبيه فغير مقبول؛ وذلك لأن خزي الوالد خزي لولده، ولذا مسخ الله أباه وأدخله النار على غير الصورة التي يعرفها إبراهيم عليه السلام.
التفصيل:
أولا. هذا الحديث صحيح، انتخبه البخاري من أصول ابن أبي أويس، وما نقل عن النقاد في تجريحه لا يثبت، وأما أخوه فمتفق على توثيقه.
لقد بلغ نقاد الحديث وأئمة السنة منزلا لم يبلغه غيرهم في الأمة الإسلامية خاصة، ولا في جميع الأمم عامة، فهم وحدهم أصحاب الدراية والخبرة بعلم النقد والتوثيق، وهم وحدهم أصحاب المهارة والإبداع في تقنين الروايات والأخبار الواردة من كافة جهاتها.
ومن هنا رأينا نقاد الحديث لا يضعون قوالب جامدة لا تنظر إلى التفاوت في أحوال الرواة، بل وضعوا الأصول والضوابط المرنة التي تناسب الحالات والتفاوتات العقلية لدى نقلة الحديث ورواته.
فإذا كان الضعيف قد يحفظ والثقة قد يخطئ، فإنه من الظلم لهذا أو ذاك الثبات على حال واحدة في المعاملة لهما؛ ولذا رأينا نقاد الحديث يفرقون بين الراوي والمروي، ولا يصححون كافة ما رواه الثقة، أو يضعفون كافة ما رواه الضعيف؛ فإنما وقع الشذوذ والعلة في أحاديث الثقات الحفاظ.
ومن هنا نشأت عدة قضايا منهجية وحديثية في غاية الإبداع والسلوك العلمي، كتضعيف الراوي في شيخ دون آخر، وفي زمان دون زمان، وفي بلد دون آخر، وهذا مما أبدع فيه أئمة الحديث وأرباب النقد – رحمة الله عليهم.
وبناء على هذا العدل السامي، وهذه المنهجية المتناهية في الدقة، رأينا أئمة الحديث ينظرون إلى حال الراوي وأطواره المختلفة، ويسافرون خلفه، طلبا لمعرفة حاله، فكم بذلوا من غال ونفيس للوصول لهذه الدرجة حتى صاروا أعلم بحال الراوي من نفسه.
يقول ابن القيم: “وقد علم أن صحة الإسناد شرط من شروط صحة الحديث، وليست موجبة لصحة الحديث؛ فإن الحديث إنما يصح بمجموع أمور؛ منها: صحة سنده، وانتفاء علته، وعدم شذوذه ونكارته، وأن لا يكون راويه قد خالف الثقات أو شذ عنهم”[2].
وذكر السمعاني في “القواطع”: “أن الصحيح لا يعرف برواية الثقات فقط، وإنما يعرف بالفهم والمعرفة، وكثرة المذاكرة والسماع”[3].
فإن كانت ثقة الراوي ركنا وأصلا في قبول الحديث وصحته، إلا أنها ليست وحدها الكفيلة بذلك، أو الدالة على قبول الخبر أو الحديث.
فإن اعترض معترض بعد كل هذا على إسناد من أسانيد البخاري، بحجة أن فيه فلانا، وهو مضعف من قبل بعض أهل العلم، قلنا له: إن اعتراضك اعتراض شاب غر على شيخ مجرب أو مكتهل، فأوردته إيراد سعد وسعد مشتمل، “ما هكذا تورد يا سعد الإبل”[4].
ومن ثم، فالطعن في حديث أبي هريرة أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة، وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم: يارب إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون، فأي خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول الله تعالى: إني حرمت الجنة على الكافرين، ثم يقال: يا إبراهيم ما تحت رجليك؟ فينظر فإذا هو بذيخ متلطخ، فيؤخذ بقوائمه، فيلقى في النار»[5]. بحجة أن في سنده إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس – هو إغفال لمنهج المحدثين النقاد – أمثال البخاري – وطريقتهم في انتخاب أحاديث الراوي، والشروط التي صنف البخاري جامعه الصحيح عليها.
وقد نسي هؤلاء – أو تناسوا – أن رواية صاحب الصحيح للراوي يعد توثيقا له، مقتض لعدالته عنده، وصحة ضبطه.
قال الحافظ ابن حجر: ينبغي لكل منصف أن يعلم أن تخريج صاحب الصحيح لأي راو كان مقتض لعدالته عنده، وصحة ضبطه، وعدم غفلته، ولا سيما ما انضاف إلى ذلك من إطباق جمهور الأئمة على تسمية الكتابين – البخاري ومسلم – بالصحيحين، وهذا معنى لم يحصل لغير من خرج عنه في الصحيح، فهو بمثابة إطباق الجمهور على تعديل من ذكر فيهما، هذا إذا خرج له في الأصول، فأما إن خرج له في المتابعات والشواهد والتعاليق، فهذا يتفاوت بحسب درجات من أخرج له منهم في الضبط وغيره، مع حصول اسم الصدق لهم.
وحينئذ إذا وجدنا لغيره في أحد منهم طعنا، فذلك الطعن مقابل لتعديل هذا الإمام، فلا يقبل إلا مبين السبب، مفسرا بقادح يقدح في عدالة الراوي، وفي ضبطه مطلقا، أو في ضبطه لخبر بعينه؛ لأن الأسباب الحاملة للأئمة على الجرح متفاوتة، منها ما يقدح، ومنها ما لا يقدح.
وقد كان الشيخ أبو الحسن المقدسي يقول في الرجل الذي يخرج عنه في الصحيح: هذا جاز القنطرة: يعني بذلك أنه لا يلتفت إلى ما قيل فيه.
قال الشيخ أبو الفتح القشيري في مختصره: “وهكذا نعتقد، وبه نقول، ولا نخرج عنه إلا بحجة ظاهرة، وبيان شاف، يزيد في غلبة الظن على المعنى الذي قدمناه، من اتفاق الناس بعد الشيخين على تسمية كتابيهما بالصحيحين، ومن لوازم ذلك تعديل رواتهما”[6].
هذا على وجه العموم في حال الرواة الذين خرج لهم صاحبا الصحيحين، أما على وجه التفصيل في الكلام على رواة بعينهم – أمثال إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس، وأخيه عبد الحميد – فينبغي أن يكشف اللثام عن حالهما، ومقامهما عند النقاد من أهل صناعة الحديث.
وفيما يلي بعض أقوال العلماء في إسماعيل بن أبي أويس:
نقل لنا الفضل بن زياد عنه قال: سمعت أحمد بن حنبل وقيل له: من بالمدينة اليوم؟ قال: ابن أبي أويس، هو عالم كثير العلم، أو نحو هذا.
وقال أحمد بن حنبل أيضا: هو ثقة، قام في أمر المحنة مقاما محمودا[7].
وقال أبو حاتم الرازي: “محله الصدق”[8].
وقال أيضا: “سألت إسماعيل بن أبي أويس قلت: هذا الذي يقول مالك بن أنس: حدثني الثقة، من هو؟ قال: مخرمة بن بكير بن الأشج”[9].
فهنا نجد أبا حاتم الرازي – وهو من هو في التشدد – يستفسر ويستوضح ما أشكل عليه، فيسأل ابن أبي أويس، فلو كان عنده كذابا يضع الحديث لابتعد عنه، وما استفسر منه عن شيء أصلا. بل روي عنه أيضا، حيث قال ابنه في ترجمته في الجرح والتعديل: إسماعيل بن أبي أويس… روى عنه أحمد بن صالح المصري، ويعقوب بن حميد، وأبي – يقصد أبا حاتم [10].
ومن ثم، فأبو حاتم لا يتهم ابن أبي أويس في دينه، بل إنه – على تشدده المعروف في الجرح – قد روى عنه، وسأله واستفهم منه ما أشكل عليه.
أما يحيى بن معين فقد جاء عنه في تاريخه في رواية عثمان الدارمي: “قلت: فابن أبي أويس أخو هذا الحي، فقال: كان ثقة. قلت: فهذا الحي؟ فقال: لا بأس به”[11].
وقال ابن عدي: “وقد حدث عنه الناس، وأثنى عليه ابن معين وأحمد، والبخاري يحدث عنه الكثير”[12].
“ورواية البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس جاءت بعدما أخرج إسماعيل له أصوله، وأذن له أن ينتقي منها، وأن يعلم له على ما يحدث به؛ ليحدث به ويعرض عما سواه، وهو مشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه، لأنه كتب من أصوله”[13].
وقد ذكر البخاري نفسه هذا الكلام فقال: “كان إسماعيل بن أبي أويس إذا انتخبت من كتابه نسخ تلك الأحاديث لنفسه، وقال: هذه الأحاديث انتخبها محمد بن إسماعيل من حديثي”[14].
وقال الذهبي عنه: “إسماعيل بن أبي أويس… الإمام الحافظ الصدوق… قرأ القرآن وجوده على نافع، فكان آخر تلامذته وفاة… وكان عالم أهل المدينة، ومحدثهم في زمانه على نقص في حفظه وإتقانه، ولولا أن الشيخين احتجا به، زحزح حديثه عن درجة الصحيح إلى درجة الحسن، هذا الذي عندي فيه… واعتمده صاحبا الصحيحين، ولا شك أنه صاحب أفراد ومناكير تنغمر في سعة ما روى؛ فإنه من أوعية العلم[15]… لذا فاستقر الأمر على توثيقه وتجنب ما ينكر له”[16].
وإذا أردنا أن نقف على حقيقة مقالة الدارقطني في إسماعيل بن أبي أويس، والتي حكاها عنه ابن حجر قال: “لا أختاره في الصحيح”[17].
وهذه العبارة لا يلزم منها الطعن في عدالة إسماعيل ودينه وصدقه؛ فمنشأ الكلام الذي ورد عن الدارقطني هو ما أورده البرقاني في سؤالاته قال: “قلت لأبي الحسن – يعني الدارقطني – لـم ضعف أبو عبد الرحمن النسائي إسماعيل بن أبي أويس؟
قال الدار قطني: ذكر محمد بن موسى الهاشمي، قال أبو الحسن – وهذا أحد الأئمة، كان أبو عبد الرحمن يخصه بما لم يخص به ولده – فذكر عن أبي عبد الرحمن النسائي أنه قال: حكى لي سلمة بن شبيب عنه. قال (أبو الحسن) ثم توقف أبو عبد الرحمن النسائي. قال: فما زلت أداريه أن يحكي لي الحكاية، حتى قال لي: قال لي سلمة بن شبيب: سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول: ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة، إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم.
قلت (البرقاني) لأبي الحسن: من حكى لك هذا الحديث عن محمد بن موسى؟ فقال: الوزير (أبو الفضل جعفر بن الفضل) كتبتها من كتابه، وقرأتها عليه[18].
هذا ما ذكره البرقاني عن شيخه أبي الحسن الدارقطني، وقبل أن نجيب عن هذا نود ذكر إجابة ابن حجر، حتى يكون جوابنا شاملا لكل ما قيل في إسماعيل.
أجاب ابن حجر قائلا: وهذا الذي بان للنسائي منه حتى تجنب حديثه، وأطلق القول فيه بأنه ليس بثقة، ولعل هذا كان من إسماعيل في شبيبته ثم انصلح، وأما الشيخان فلا يظن بهما أنهما أخرجا عنه إلا الصحيح من حديثه [19].
والجواب عن هذا بعون الملك الوهاب ما يلي:
- ينبغي التفريق بين من اتهم بالكذب، وبين من اتصف فعلا بالكذب، وإن كان كلا من الوصفين يعد من أوصاف الجرح، لكن لا يخفى أن الكذاب قد تحقق فيه الوصف فعلا، أما المتهم بالكذب فلم يتحقق فيه هذا الوصف، فهل إسماعيل بن أبي أويس تحقق فيه الكذب أم لا؟ ثم هل ثبتت عليه هذه التهمة؟
- قول النسائي ومن جاء بعده كالدارقطني وغيره في إسماعيل – مردود بتعديل الأئمة له كما تقدم.
- نقل الحاكم في سؤالاته ما يدل على أن الدارقطني لم يعتمد ما قاله النسائي في إسماعيل بن أبي أويس، وذلك عندما سأله الحاكم عن احتجاج النسائي بسهيل بن أبي صالح، فأجابه بما نقل عن النسائي في هذا، ثم عقب قائلا: وذكر – يعني النسائي – حكاية في إسماعيل بن أبي أويس بغيضة، لا ينبغي أن تذكر؛ فإنها بغيضة.
ومن ثم فوصف الدارقطني لهذه الحكاية – التي رواها عن النسائي في ابن أبي أويس – بأنها بغيضة لا ينبغي أن تذكر إنما يدل على أنها لم تثبت على إسماعيل، كما أن تردد النسائي في ذكر هذه الحكاية، وعدم التصريح بها إلا بعد مداراة – كأنه يشك في صحتها – إنما يدل دلالة واضحة كذلك على عدم ثبوتها أو صحتها. وإلا فإن نقاد الحديث لا يتورعون في التصريح بالقول اللاذع فيمن تورط في هذا الوصف، وكانوا يتدينون بتكذيب الكذاب، ورد حديثه وتغليظ القول فيه.
وعليه فلو أن رواية النسائي عن إسماعيل ثبتت عند الدارقطني، أو فهمها على أنها بمعنى اختلاق الحديث كذبا، لقال في ابن أبي أويس قولا شديدا؛ تجريحا منه في عدالته ودينه وصدقه، مثلما فعل مع غيره ممن تلبس بهذه الصفة على الحقيقة.
فهل بعد هذا يظن بالدارقطني أنه يتقاعس عن الطعن في عدالة من يختلق حديثا كذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بالإضافة إلى ما سبق فإن الدارقطني غير معاصر لابن أبي أويس، فابن أبي أويس – كما علم من ترجمته – مات سنة (226هـ)، بينما مات الدارقطني سنة (385هـ)، والذي يتفق مع الإنصاف ترجيح قول أئمة الجرح والتعديل الذين عاصروا ابن أبي أويس وعايشوه، بل ورووا عنه، وتحملوا حديثه، كالبخاري ومسلم وغيرهما من الثقات النقاد.
ومن ثم فإذا لم يثبت أن إسماعيل كان يكذب ويضع الحديث، فكيف يتسنى لنا أنه تاب – على حد تعبير ابن حجر – فالأئمة – كما ترى – لم يتفقوا على جرحه واتهامه، بل الظاهر من أمره أنه صدوق، لا يتعمد الكذب، وإن كان ضعيف الحفظ، يعتمد على حفظه في رواية الأحاديث؛ فيقع في أوهام ينفرد بها عن سائر أصحابه، فمن نظر إلى صدقه في نفسه، واعتبر حديثه بحديث غيره، وتأكد من صحة أصوله، قوى من أمره، وروى له واحتج به كالبخاري، والدارمي وغيرهما من الحفاظ، بل وروى مسلم عن رجل عنه، وروى له أبو داود، والترمذي، وابن ماجه[20].
ومن هنا جاء قول أبي زرعة الدمشقي تعليقا على قول الدارقطني: “وأما قول الدارقطني: “لا أختاره في الصحيح” فهذا كلام بارد، فقد اختاره قبلك إماما الصحيحين، إن كان لك مشتبه اتركه، وإلا فلا…”[21].
وتأسيسا على ما سبق، فإن الدارقطني معذور في توقفه في حال إسماعيل وعدم اختياره في الصحيح؛ لأنه كان في معرض الحديث عن حكم عام للراوي، وهذا له وجهة، أما الحديث على التفصيل؛ كصنيع البخاري وانتخاب أحاديث من أصول إسماعيل، فهذا شأن آخر قائم على القرائن التي تدل على صحة مرويات الراوي على وجه التفصيل، وخاصة إذا كان هذا الانتخاب من ناقد متبحر كالبخاري.
هذا في الجواب عما أورده الإمام أبو الحسن الدارقطني، أما إذا وقفنا بالدراسة والتحليل لما جاء عن الإمام أبي زكريا يحيى بن معين في ابن أبي أويس فنجد ما يلي:
- فقد ذكر ابن عدي رواية عن يحيى بن معين قال: “حدثنا أبو عصمة، حدثنا أحمد بن يحيى، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: ابن أبي أويس وأبوه يسرقان الحديث”[22].
والجواب عن هذه الرواية ما يلي:
o إن التحليل يوجب علينا دراسة مدى صحة هذه الرواية وثبوتها عن يحيى بن معين، خاصة وأن الثقات من تلاميذه قد رووا عنه وصفه لابن أبي أويس ولأبيه بأن كلا منهما صدوق، بل وقد وثق ابن أبي أويس كما رواه عنه تلميذه عثمان الدارمي، كما ذكرنا آنفا من تاريخ يحيى بن معين.
إذن فمن الذي روى عبارة “يسرقان الحديث” عن يحيى بن معين؟
قال ابن عدي: “سمعت موسى بن القاسم بن موسى بن الحسن بن موسى الأشعث يقول: سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول: أبو بكر ابن أبي يحيى كذاب.
وقال ابن عدي: ولأبي بكر بن أبي يحيى هذا غير حديث منكر عن الثقات”[23].
وقال عنه الذهبي: “قال إبراهيم بن أورمة: كذاب… قلت: يروي عن أحمد بن حنبل ونحوه”[24].
وبذلك تبين دون أدنى شك بطلان رواية “يسرقان الحديث” وكذبها، وأن يحيى بن معين لم يقل هذا في حق إسماعيل وأبيه، فإن الذي روى عنه هذه الرواية هو أحمد بن يحيى الأنماطي، وهو متهم بالكذب، وصاحب حديث منكر عن الثقات.
أما ما رواه الدولابي قال: “سمعت ابن حماد يقول: سمعت النضر بن سلمة المروزي يقول: ابن أبي أويس كذاب، كان يحدث عن مالك بمسائل عبد الله بن وهب”[25].
فالجواب عنه: أن هذه الرواية مدارها على النضر بن سلمة المروزي، وقال ابن حجر فيه: “قال أبو حاتم: كان يفتعل الحديث… وسئل عباس بن عبد العظيم عنه فأشار إلى فمه. وسمعت عبدان يقول: قلت لعبد الرحمن بن خراش: هذه الأحاديث التي يحدث بها غلام خليل من حديث المدينة من أين له؟ قال سرقها من عبد الله بن شبيب، وسرقها ابن شبيب من شاذان، ووضعها شاذان، واسمه النضر بن سلمة… وسمعت أحمد بن محمد بن عبد الكريم الوزان يقول: عرفنا كذبه في المذاكرة”[26].
قال ابن حبان: “كان ممن يسرق الحديث، لا يحل الرواية عنه إلا للاعتبار”[27].
ولعل سائل يسأل: لماذا يطعن شاذان في ابن أبي أويس خاصة؟!
والجواب عن هذا التساؤل نجده عند ابن أبي حاتم في كتابه “الجرح والتعديل” حين قال: “النضر بن سلمة شاذان… سألت أبي عنه، فقال: كان يفتعل الحديث، ولم يكن بصدوق، وسمعته يقول: سمعت إسماعيل بن أبي أويس يذكر شاذان بذكر سوء. وقال لي عبد العزيز الأويسي وإسماعيل بن أبي أويس: إن شاذان أخذ كتبنا فنسخها، ولم يعارض بها، ولم يسمع منا، وذكراه بالسوء”[28].
ومن ثم علم أن إطلاق النضر بن سلمة (شاذان المروزي) القول في ابن أبي أويس: لأن الأخير ذكره بسوء، فأقل ما يقال في هذا أنه جرح أقران لا يلتفت إليه، ومعلوم أن قول الأقران بعضهم في بعض لا يحتج به.
ومن خلال ما سبق يمكن القول بأنه ليس من العدل أن نبني حكما عاما في إسماعيل بن أبي أويس في ضوء أقوال مجرحيه، لـما أوضحناه من بطلان جل أقوال الجرح فيه، فأئمة النقد غير متفقين على جرحه، بل الظاهر من أمره أنه صدوق اعتمد على حفظه في رواية الأحاديث، فوقع في أوهام تفرد بها عن سائر أصحابه، فالبخاري – وغيره من النقاد – انتقى من أحاديثه ما يتابعه عليه الثقات، بالإضافة إلى أن ابن أبي أويس هذا من شيوخ البخاري؛ أي: ممن جالسهم، وعرفهم، وسبر أحاديثهم، وقد روى من أصوله وانتقى منها وانتخب كما ذكرنا قبل ذلك.
أما من طعن في أخيه عبد الحميد بن عبد الله بن أبي أويس، وقال عنه: إنه ضعيف، فهذا قول مردود، وإليك أقوال أهل العلم من النقاد في ذلك:
قال أبو الحجاج المزي: “عبد الحميد بن عبد الله بن أبي أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، أبو بكر بن أبي أويس المدني الأعشى، حليف بني تيم، وهو أخو إسماعيل بن أبي أويس…
قال فيه عثمان بن سعيد الدارمي، عن يحيى بن معين: ثقة.
وقال غيره عن يحيى: ليس به بأس.
وقال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عنه، فقدمه على إسماعيل تقديما شديدا.
وذكره ابن حبان في كتاب “الثقات”، وقال: مات ببغداد سنة اثنتين ومئتين، وقال أخوه إسماعيل مات سنة اثنتين ومئتين، روى له الجماعة سوى ابن ماجه”[29].
وقال عثمان بن سعيد: “قلت ليحيى بن معين: ابن أبي أويس أخو هذا الحي؟ فقال: كان ثقة. قال عثمان: هو أبو بكر بن أبي أويس”[30].
فعبد الحميد إذن “وثقة ابن معين وغيره، وأما الأزدي فقال: كان يضع الحديث. قال الذهبي: قلت: وهذه زلة قبيحة – يعني من الأزدي – وقال الدارقطني: أبو بكر عبد الحميد حجة، وقدمه أبو داود كثيرا على أخيه”[31].
ومن ثم فالقول في عبد الحميد بن أبي أويس بأنه ضعيف، قول يخالف ما عليه النقاد من أهل هذه الصناعة، وأما الاستناد على ما نقل عن يحيى بن معين، أنه ضعف آل أويس فإنه مردود، فقد قدمنا الكلام على أن هذا لم يصح عن يحيى، والذي صح عنه توثيقه لهم.
وبناء على هذا العرض “فإن الذين انفرد بهم البخاري ممن تكلم فيه، أكثرهم من شيوخه الذين لقيهم وجالسهم وعرف أحوالهم، واطلع على أحاديثهم، وميز جيدها من موهومها… ولا شك أن المحدث أعرف بحديث شيوخه ممن تقدم منهم”[32].
وبذلك يتضح لنا أن الإمام البخاري قد سبر أحاديث ابن أبي أويس وميز صحيحها من سقيمها.
ودعما لهذه الرؤية، يقول الذهبي: “فهذا فصل نافع في معرفة ثقات الرواة الذين تكلم فيهم بعض الأئمة، بما لا يرد أخبارهم، وفيهم بعض اللين، وغيرهم أتقن منهم وأحفظ، فهؤلاء حديثهم إن لم يكن في أعلى مراتب الصحيح، فلا ينزل عن رتبة الحسن، اللهم إلا أن يكون للرجل منهم أحاديث تستنكر عليه، وهي التي تكلم فيه من أجلها، فينبغي التوقف في هذه الأحاديث[33].
“كذلك ينبغي لكل منصف أن يعلم أن تخريج البخاري أو مسلم لأي راو، مقتض لعدالته عنده، وصحة ضبطه، وعدم غفلته، لا سيما ما انضاف إلى ذلك من إطباق جمهور الأئمة على تسمية كتابيهما بالصحيحين، وهو بمثابة إجماع الجمهور على تعديل من ذكر فيهما، حتى قيل فيمن أخرج له الشيخان؛ قد جاوز القنطرة، أي لا يلتفت إلى ما قيل فيه[34].
ثانيا. طلب إبراهيم – عليه السلام – الشفاعة في أبيه بعد أن تبرأ منه، إنما هو من قبيل ما جبل عليه من الشفقة والرحمة:
إن القول بأن هذا الحديث الذي دل على لقيا إبراهيم لأبيه آزر، وطلبه الشفاعة له من الله مخالف لقول الله تعالى: )وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه( (التوبة: ١١٤). إذ كيف يعلم إبراهيم أن أباه مات مشركا، وهو قد تبرأ منه، ثم يطلب الشفاعة له؟
والجواب عن هذا الاعتراض بعون الملك الوهاب فيما يلي:
قال ابن جرير الطبري: “اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: )فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه(.
قال بعضهم: معناه: فلما تبين له بموته مشركا بالله، تبرأ منه، وترك الاستغفار له… فعن ابن عباس قال: ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات: )فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه(.
وقال ابن عباس أيضا: )فلما تبين له أنه عدو لله( قال: لما مات.
وقال آخرون معناه: فلما تبين له في الآخرة… قال سعيد بن جبير: إن إبراهيم يقول يوم القيامة: رب والدي، رب والدي، فإذا كان الثالثة أخذ بيده، فيلتفت إليه وهو ضبعان، فيتبرأ منه.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول الله، وهو خبره – عز وجل – عن إبراهيم أنه لما تبين له أن أباه لله عدو تبرأ منه، وذلك حال علمه ويقينه أنه لله عدو، وهو به مشرك، وهو حال موته على شركه”[35].
فإن قيل: إن كان هذا هو المراد من الآية – أن البراءة كانت حال موت أبي إبراهيم – فكيف يجوز لإبراهيم أن يطلب الشفاعة لأبيه، مع علمه أنه مات مشركا، وقد تبرأ منه لأجل ذلك؟!
فيقال: إن من ينظر لطريق إيراد البخاري لهذا الحديث بنوع من التروي يجد الجواب واضحا جليا.
فبداية؛ ماذا ترجم البخاري لهذا الحديث؟
قال البخاري مبوبا لهذا الحديث: باب قوله تعالى: )واتخذ الله إبراهيم خليلا (125)( (النساء)، وقوله: )إن إبراهيم كان أمة قانتا لله( (النحل: ١٢٠)، وقوله: )إن إبراهيم لأواه حليم (114)( (التوبة: ١١٤)، وقال أبو ميسرة: الرحيم بلسان الحبشة[36]، يعني أن الأواه تفسيرها رحيم القلب.
وهناك تفسير آخر لكلمة “أواه” ذكره ابن جرير في تفسيره، وهو أن الأواه مشتق من التأوه، كأن تذكر النار فتقول: أوه، فهو بمعنى “توجع، وتحزن، وتضرع”… ولذلك قيل للمتوجع من ألم أو مرض: “لا تتأوه”، كما قال المثقب العبدي:
إذا ما قمت أرحلها بليل
تأوه آهة الرجل الحزين
قال ابن جرير: فقال من قال: معناه “الرحمة” أي أن ذلك كان من إبراهيم على وجه الرقة على أبيه، والرحمة له[37].
فإذا كان هذا حال إبراهيم من الحلم وشدة الرقة والشفقة، وقد أخبرنا المعصوم أن إبراهيم يلقى أباه المشرك يوم القيامة، فيقول لأبيه: ألم أقل لك لا تعصني؟ فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك.
إن جبلة البشر التي فطر الله الناس عليها تتطلب أن يرق الابن لأبيه في موقف كهذا حينما يقول له أبوه: اليوم لا أعصيك.
فكيف إذا انضاف لهذا الابن البار صفات أخرى كالحلم والشفقة والرحمة وصلت إلى حد يمدحه الله بها، وذلك في نفس الآية التي ذكرت البراءة – براءة إبراهيم من أبيه – لا شك أنه يرق ويطمع في عفو الله.
ومن ثم كيف نلوم إبراهيم – عليه السلام – استشفاعه لأبيه المشرك، وقد سبقه نوح – عليه السلام – في طلب النجاة لولده وهو يعلم أنه مشرك، وكانت حجته، أو عذره أن هذا ولده وأنه من أهله، فجاءه الجواب الإلهي: )قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح( (هود: ٤٦).
بل قد روينا بأسانيد صحاح عن نبينا – صلى الله عليه وسلم – أنه استأذن ربه في الاستغفار لأمه مع علمه أنها ماتت على ملة الآباء، كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«استأذنت ربي أن استغفر لأمي، فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي»[38].
فكل هذا وغيره من قبيل الشفقة والرحمة التي تقتضيها الرحم والدم، التي فطرها الله في نفوس العباد.
ورغم كل هذا فإن إبراهيم – عليه السلام – لم يطلبها صراحة، وإنما استشفع بما له من مكانة عند الله، واتكاء منه على وعد الله له بعدم الخزي يوم القيامة.
فيقول إبراهيم: يارب إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون، فأي خزي أخزي من أبي الأبعد؟ فيقول الله تعالى: “إني حرمت الجنة على الكافرين”.
فهذه سنة إلهية: ألا يدخل الجنة من كان مشركا بالله.
ولعل في هذا النص جوابا على اعتراض من قال: وما علاقة دخول أبي إبراهيم النار بخزي إبراهيم، لقول إبراهيم عليه السلام: «فأي خزي أخزى من أبي الأبعد».
ققال ابن حجر في “فتح الباري”: “قال الكرماني: فإن قلت: إذا أدخل الله أباه النار فقد أخزاه؛ لقوله: )إنك من تدخل النار فقد أخزيته( (آل عمران: ١٩٢)، وخزي الوالد خزي للولد، فيلزم الخلف في الوعد وهو محال، ولو أنه لم يدخل النار لزم الخلف في الوعيد، وهو المراد بقوله: (إن الله حرم الجنة على الكافرين).
والجواب أنه مسخ في صورة ضبع وألقي في النار، فلم تبق الصورة التي هي سبب الخزي، فهو عمل بالوعد والوعيد.
وجواب آخر: وهو أن الوعد كان مشروطا بالإيمان، وإنما استغفر له وفاء بما وعده، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه[39].
ومن هنا نستطيع القول بأن الحديث ليس فيه إشكال من ناحية متنه، ولا معارضة بينه وبين الآية التي نصت على تبرئه من أبيه، وهذا القول الذي ذهبنا إليه من إدراك الشفقة والرحمة إبراهيم فسأل الله في أبيه إنما أخذناه من قوله تعالى: )إن إبراهيم لأواه حليم (114)( (التوبة)، هذا الوصف ختم الله به الآية التي ذكر فيها براءة إبراهيم من أبيه؛ لتكون مسوغا وعذرا لرجل رحيم تدركه الشفقة والرحمة على أبيه المشرك، كما حدث مع نوح – عليه السلام – لما سأل ربه في ابنه المشرك، وكما حدث مع نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – لما سأل الاستغفار لأمة المشركة، لكن الله – عز وجل – ذكرهم بسنته في عموم خلقه، فقال: “إني حرمت الجنة على الكافرين”.
وإلى هذا القول ذهب ابن حجر جمعا بين الأقوال، فقال: “ويمكن الجمع بين القولين بأنه تبرأ منه لما مات مشركا، فترك الاستغفار له، لكن لما رآه يوم القيامة أدركته الرأفة والرقة فسأل الله فيه، فلما رآه مسخ يئس منه حينئذ، فتبرأ منه تبرءا أبديا”[40].
وعليه، فلا مجال للطعن أوالتشكيك في الحديث.
الخلاصة:
- إن الطعن في إسناد حديث شك إبراهيم بحجة ضعف إسماعيل بن أبي أويس وأخيه عبد الحميد مردود على أصحابه؛ لعدم ثبوت ما نقلوه عن النقاد في الأول، ولثقة عبد الحميد المستفيضة بلا خلاف عندهم.
- إن الراوي إذا أخرج له البخاري في الأصول فقد جاوز القنطرة؛ أي لا يلتفت إلى ما قيل فيه من تضعيف، وكلام بعض النقاد في راوي الصحيحين مردود؛ لتعديلهما له.
- قول الدارقطني في إسماعيل “لا أختاره في الصحيح” مبني على قصة ضعيفة لا تثبت، ولو ثبت كذب إسماعيل عند الدارقطني لأغلظ فيه القول، كما فعل مع غيره ممن تورط في هذا الوصف.
- اتهام يحيى بن معين لإسماعيل بن أبي أويس وأخيه عبد الحميد بأنهما يسرقان الحديث لم يثبت عنه، والذي ثبت عنه في تاريخه، وعن تلاميذه أن إسماعيل صدوق لا بأس به، وأن عبد الحميد ثقة.
- إن الذي نقل عن ابن معين عبارة “يسرقان الحديث” هو أحمد بن يحيى الأنماطي وهو كذاب، له مناكير على الثقات، أي أنه لا يصح قبول خبره.
- إن اتهام النضر بن سلمة (شاذان المروزي) لإسماعيل بالكذب مردود؛ لوقوع خلاف بينهما، فقد أساء إسماعيل فيه القول لسرقته حديثه، وأقل ما يقال فيهما: إنه جرح أقران، وقول الأقران بعضهم في بعض غير معتبر.
- لقد ثبت عند أهل التفسير أن تبرؤ إبراهيم – عليه السلام – من أبيه كان بعد موته على الشرك، وأن استغفاره له كان عن موعدة وعدها أياه.
- إن طلب إبراهيم الشفاعة لأبيه مع العلم أنه مشرك جاء لكون إبراهيم أواها حليما: )إن إبراهيم لأواه حليم (114)(؛ أي: رقيق رحيم القلب، فكان هذا من باب الشفقة على أبيه، وقد سألها نوح قبله في ولده، وسألها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في أمه، وهذا أمر جبلي بوازع الرحم والدم.
- لقد كان استنكار إبراهيم للخزي بدخول أبيه النار غير مقبول؛ لقول إبراهيم: فأي خزي أخزى من أبي الأبعد، وخزي الوالد خزي لولده.
- لقد رأف الله بحال إبراهيم، فلم يدخل أباه النار على الصورة التي يعرفه عليها إبراهيم، وإنما مسخه في صورة ضبع نتن؛ فتبرأ منه إبراهيم أبدا.
(*) دور السنة في إعادة بناء الأمة، جواد موسى محمد عفانة، جمعية عمال المطابع التعاونية، الأردن، ط1، 1419هـ/ 1999م.
[1]. الذيخ: الذكر من الضباع، وأراد بالتلطخ التلطخ برجيعه أو بالطين.
[2]. الفروسية، ابن القيم، تحقيق: مشهور بن حسن بن محمود بن سليمان، دار الأندلس، السعودية، ط1، 1414هـ/ 1993م، ص245، 246.
[3]. توجيه النظر إلى أصول الأثر، الشيخ طاهر الجزائري، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، مكتبة المطبوعات الإسلامية، حلب، ط1، 1416هـ/ 1995م، (1/ 190).
[4]. هدي الساري مقدمة فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص15.
[5]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأنبياء، باب: قوله: ) واتخذ الله إبراهيم خليلا (125) (، (6/ 446)، رقم (3350).
[6]. هدي الساري مقدمة فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص403.
[7]. تاريخ الإسلام ووفيات مشاهير الأعلام، شمس الدين الذهبي، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1407هـ/ 1987م، (16/ 73).
[8]. الجرح والتعديل، ابن أبي حاتم الرازي، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، الهند، د. ت، (1/ 181).
[9]. الجرح والتعديل، ابن أبي حاتم الرازي، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، الهند، د. ت، (2/ 280).
[10]. الجرح والتعديل، ابن أبي حاتم الرازي، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، الهند، د. ت، (2/ 181).
[11]. تاريخ يحيى بن معين (رواية عثمان الدارمي)، يحيى بن معين، دار المأمون للتراث، دمشق، 1400هـ، (1/ 238).
[12]. الكامل في ضعفاء الرجال، عبد الله بن عدي الجرجاني، تحقيق: د. سهيل زكار، دار الفكر، بيروت، ط3، 1409هـ/ 1998م، (1/ 324).
[13]. هدي الساري مقدمة فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص410.
[14]. تغليق التعليق على صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: سعيد عبد الرحمن موسى القزقي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط1، 1405هـ/ 1985م، (5/ 401).
[15]. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (10/ 391: 393).
[16]. تاريخ الإسلام ووفيات مشاهير والأعلام، شمس الدين الذهبي، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1407هـ/ 1987م، (16/ 94).
[17]. هدي الساري مقدمة فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص410.
[18]. سؤالات البرقاني للدارقطني، أبو بكر البرقاني، تحقيق: طلال سعيد آل حيان، مخطوط بدار الكتب المصرية، القاهرة، رقم (1558)، (1/ 3).
[19]. تهذيب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، دار الفكر، بيروت، ط1، 1404 هـ/ 1984م، (1/ 273).
[20]. منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها، أبو بكر كافي، إشراف: د. حمزة عبد الله المليباري، دار ابن حزم، بيروت، ط1، (1/ 67).
[21]. انظر: البيان والتوضيح لمن أخرج له في الصحيح ومس بضرب من التجريح، أبو زرعة العراقي، دار الجنان، بيروت، د. ت، ص56.
[22]. الكامل في ضعفاء الرجال، عبد الله بن عدي الجرجاني، تحقيق: د. سهيل زكار، دار الفكر، بيروت، ط3، 1409هـ/ 1998م، (1/ 195).
[23]. الكامل في ضعفاء الرجال، عبد الله بن عدي الجرجاني، تحقيق: د. سهيل زكار، دار الفكر، بيروت، ط3، 1409هـ/ 1998م، (1/ 323)، (4/ 182).
[24]. ميزان الاعتدال في نقد الرجال، شمس الدين الذهبي، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت، د. ت، (1/ 162، 163).
[25]. تهذيب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، دار الفكر، بيروت، ط1، 1404 هـ/ 1984م، (1/ 272).
[26]. لسان الميزان، ابن حجر، تحقيق: غنيم بن عباس غنيم، دار الفاروق الحديثة، القاهرة، ط1، 1416هـ/ 1996م، (7/ 223).
[27]. كتاب المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين، ابن حبان البستي، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار الوعي، حلب، ط2، 1402هـ، (3/ 51).
[28]. الجرح والتعديل، ابن أبي حاتم الرازي، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، الهند، د. ت، (8/ 480).
[29]. تهذيب الكمال في أسماء الرجال، أبو الحجاج المزي، تحقيق: بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1400هـ/ 1980م، (16/ 444، 445).
[30]. الجرح والتعديل، ابن أبي حاتم الرازي، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، الهند، د. ت، (6/ 15).
[31]. الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث، برهان الدين الحلبي (سبط ابن العجمي)، تحقيق: صبحي السامرائي، دار عالم الكتب، الرياض، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص163.
[32]. هدي الساري مقدمة فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص14.
[33]. ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق، شمس الدين الذهبي، تحقيق: محمد شكور المياديني، مكتبة المنار،الأردن، ط1، 1406هـ/ 1986م، ص27.
[34]. هدي الساري مقدمة فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص403 بتصرف.
[35]. جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ابن جرير الطبري، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1420هـ/ 2000م، (14/ 519: 523) بتصرف.
[36]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (6/ 445).
[37]. انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ابن جرير الطبري، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1420هـ/ 2000م، (14/ 533: 536).
[38]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الجنائز، باب: استئذان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ربه في زيارة قبر أمه، (4/ 1570)، رقم (2222).
[39]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (8/ 360).
[40]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (8/ 359، 360).