الطعن في ضبط أبي هريرة لرواية الحديث
وجوه إبطال الشبهة:
1) إذا كانت شروط الراوي الذي تقبل روايته – العدل والضبط,فإن عدالة أبي هريرة معلومة بتعديل الله له ضمن الصحابة وتعديل رسوله صلى الله عليه وسلم، وأما ضبطه فقد شهدت به مواقفه، وشهد له به الصحابة.
2) لقد اعتمد العرب على الذاكرة، فبلغوا في الحفظ الذهني مبلغا لم تبلغه أمة سواهم، ولو كان العرب يعتمدون على القراءة والكتابة لضعفت عندهم هذه الملكة – ملكة الحفظ – فما ذكروه من أمية أبي هريرة ليس نقصا في الرجل، فقد كانت الأمية هي طابع العرب قبل الإسلام.
3) قول أبي هريرة «لقد رأيتني أصرع بين منبر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وحجرة عائشة – رضي الله عنها، فيقال: مجنون وما بي من جنون، وما بي إلا الجوع»، قد فسره هو نفسه بأنه صرع جوع وفاقة، لا صرع جنون ومرض، فمن الثابت أنه لم يذكر لنا أي شيء عن إصابته بهذا المرض، وإنما اقتطع المشككون النصف الأول من الرواية وتركوا النصف الآخر الذي فيه الإجابة عليهم.
التفصيل:
أولا. أبو هريرة – رضي الله عنه – في أعلى درجات العدالة والضبط:
لقد اعتنى الأئمة ببيان صفات الراوي عناية حازوا فيها الأسبقية المطلقة، حتى إنك لتجد الأمر أشبه بدراسات تفصيلية لكل راو على حدة، من ولادته إلي وفاته.
ولم لا والمحدث صلب العملية التي يقوم عليها الحديث؛ فهو المبلغ عن الله – عز وجل – وعن رسوله – صلى الله عليه وسلم – فقد جعل نفسه بين الله – عز وجل – ورسوله – صلى الله عليه وسلم – فهو موقع عنهما، وبين الناس، فهم له تبع، وقد ربطوا أعنتهم به[1].
وإذا كان العلماء المسلمون قاطبة من أهل الحديث والفقه والأصول قد أجمعوا على أن الراوي لا تقبل روايته إلا إذا اجتمعت فيه صفتان، وهما العدالة والضبط، فإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الصحابة – رضي الله عنهم – عدول كلهم، فلا يقدح في عدالة أحد منهم؛ إذ هم عدول بتعديل الله – عز وجل – لهم ورسوله – صلى الله عليه وسلم – فهل بعد ذلك من تعديل؟!
وإذا علم أن ليس في الصحابة مجروح واحد، ضربنا صفحا عن أن نتحدث عن عدالة أبي هريرة – رضي الله عنه – إذ هو من الصحابة المشهورين بدوام الصحبة؛ فقد لازم النبي – صلى الله عليه وسلم – منذ هجرته حتى لحق النبي – صلى الله عليه وسلم – بالرفيق الأعلى[2]، قال شيخ الإسلام أبو الفضل أحمد بن على بن حجر العسقلاني – رحمه الله: “قال داود بن عبد الله عن حميد الحميري: صحبت رجلا صحب النبيـ صلى الله عليه وسلم – أربع سنين كما صحبه أبو هريرة”[3].
وقال ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم: “نزل علينا أبو هريرة بالكوفة واجتمعت أحمس فجاءوا ليسلموا عليه، فقال: مرحبا، صحبت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثلاث سنين، لم أكن أحرص على أن أعي الحديث مني فيهن”[4].
فماذا إذا عن ضبط أبي هريرة رضي الله عنه؟
الضبط هو الشرط الثاني الذي لابد من توفره في الراوي، وهو “إتقان ما يرويه الراوي، بأن يكون متيقظا لما يروي، غير مغفل، وذلك بأن يكثر صوابه على خطئه وغفلته، حافظا لروايته إن حدث من حفظه، ضابطا لكتابه إن حدث من كتابه، عالما بما يحيل المعنى عن المراد إذا روى بالمعنى؛ حتى يثق المطلع على روايته والمتتبع لأحواله بأنه أدى الأمانة كما تحملها لم يغير منها شيئا”[5].
ونقرر بادئ ذي بدء أن أبا هريرة – رضي الله عنه – من خيرة أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – أسلم قديما في بلاده دوس على يد الطفيل بن عمر الدوسي وله من العمر ست وعشرون سنة، ثم قدم المدينة على النبي – صلى الله عليه وسلم – سنة سبع بعد انتصاره في غزوة خيبر على اليهود بيوم، ثم لزم النبي – صلى الله عليه وسلم – ملازمة تامة فحمل عنه علما كثيرا، وصار من أحفظ الصحابة، وأحد فقائهم الذين تدور عليهم الفتيا مع الورع التام والعبادة والزهد في الدنيا”[6]؛ إذ كان أبو هريرة – رضي الله عنه – رجلا لا أرب له في الدنيا، وكان راضيا بالشيء اليسير، ولم يكن لديه من الأهل والولد – آنذاك – ولا من التجارة أو الزراعة ما يشغله، فكان همه ملازمة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على ما يقيم صلبه.
وقد امتاز بذاكرة قوية وقادة بسبب دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم – له؛ ذلك لأنه شكا إلي النبي – صلى الله عليه وسلم – نسيانه فقال له صلى الله عليه وسلم: «ابسط رداءك – قال: فبسطته، فغرف بيديه ثم قال: ضمه، فضممته فما نسيت شيئا بعده»[7]، وقد “عد العلماء هذا من معجزاته – صلى الله عليه وسلم – فقد كان أبو هريرة أحفظ الصحابة للحديث في عهده”[8].
وقد أخرج البخاري في تاريخه من حديث محمد بن عمارة بن حزم، أنه “قعد في مجلس فيه مشيخة من الصحابة بضعة عشر رجلا، فجعل أبو هريرة يحدثهم عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالحديث فلا يعرفه بعضهم، فيراجعون فيه حتى يعرفوه، فعل ذلك مرارا،فعرفت – يومئذ – أن أبا هريرة أحفظ الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم “[9].
ومما يدل على حفظه – أيضا – وقوة ضبطه ما ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة، قال أبو الزعيزعة – كاتب مروان: أرسل مروان إلي أبي هريرة فجعل يحدثه، وكان أجلسني خلف السرير أكتب ما يحدث به، حتى إذا كان رأس الحول أرسل إليه فسأله وأمرني أن أنظر، فما غير حرفا عن حرف[10].
وإذا كان من يضبط الكلام حرفا حرفا كما هو، وكما رواه وحدث به قبل حول – إذا كان هذا ليس ضابطا، فمن يكون ضابطا إذن؟!
وقد عرف أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومن جاء بعدهم هذه الخصيصة لأبي هريرة، واعترف له بها؛ فهذا ابن عمر – رضي الله عنهما – يقول: «أنت يا أبا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله وأعرفنا بحديثه»[11].
وقال ابن عمر – رضي الله عنهما: “أبو هريرة خير مني وأعلم بما يحدث”[12].
وقال الشافعي – وهو إمام الأئمة في المنقول والمعقول: “أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره”[13]، وقال البخاري عن أبي صالح: “كان أبو هريرة من أحفظ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم “[14]، وقال أبو نعيم: “وكان أحفظ الصحابة لأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم “[15]، وقال ابن حجر العسقلاني: “فإن أبا هريرة كان أحفظ الناس للأحاديث النبوية في عصره”[16].
ووصفه الإمام الذهبي بقوله: “الإمام الفقيه المجتهد الحافظ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيد الحفاظ الأثبات “[17].
وقال عنه أيضا: “أبو هريرة إليه المنتهى في حفظ ما سمعه من الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأدائه بحروفه”[18]، ثم قال: “وقد كان أبو هريرة وثيق الحفظ ما علمنا أنه أخطأ في حديث”[19].
والحافظ الذهبي موصوف بأنه صاحب استقراء تام في معرفة الرجال والخبرة بهم.
ومعلوم أن المحدثين كانوا يقارنون حديث الرجل بحديث أقرانه، فيعلمون مستواه في الحفظ، وكذلك كان هدي الحافظ الذهبي – رحمه الله.
فهل من البحث الصحيح والمنطق السليم أن ندع كلام هؤلاء الأصحاب الكرام وكلام هؤلاء الأئمة الأعلام، ونأخذ بكلام المستشرقين وتابعيهم ممن يهرفون بما لا يعرفون.
ثانيا. الأمية هي سمة العرب قبل الإسلام:
إن ما ذكروه من أمية أبي هريرة ليس نقصا في الرجل؛ فقد كانت الأمية طابع العرب قبل الإسلام، واستمر وجودها بعد الإسلام إلي مدة ما.
ولقد اعتمد العرب على الذاكرة، فبلغوا في الحفظ الذهني لبعض المعارف كالأنساب والشعر وأيام العرب مبلغا لم تبلغه أمة سواهم؛ لأن الحفظ الذهني كانت وسيلتهم الغالبة على ضبط ما يحتاجون إليه واستحضاره في حياتهم، والملكات النفسية تنمو بالممارسة.
فلو كان العرب يعتمدون على القراءة والكتابة – فقط – لضعفت عندهم هذه الملكة، والشواهد على ذلك كثيرة:
فمن يتعود القراءة بالنظارة يعجز عن قراءة كلمة واحدة بدونه، والذي يتعاطى مهدئا لينام ويصبح له هذا التعاطي عادة،لا يذوق النوم بدونه مهما طال السهر، والذي لا ينتقل – أبدا – إلا بركوب السيارة يعجز عن السير على قدميه، أو يعاني من المشي مهما كان جسمه قويا.
وعليه، فإن العرب كانت موهبتهم المعروفة قوة الذاكرة والحفظ، فكانوا خزائن معرفة تتحرك على الأرض”[20].
وانسجاما مع ما سبق نرى أن الحفظ – في الغالب – لا يكون إلا مع الفهم وإدراك المعنى والتحقيق منه؛ حتى يستعين المرء بذلك على عدم نسيان اللفظ، ثم إنه يحمل المرء على مراجعة ما حفظه واستذكاره آنا بعد آن حتى يأمن من زواله، ثم إن محفوظه يكون معه في صدره في أي وقت وفي أي مكان؛ حتى يرجع إليه في جميع الأحوال عند الحاجة ولا يكلفه ذلك الحمل مئونة ولا مشقة. وهذا خلاف الكتابة، فإنها كثيرا ما تكون بدون فهم المعنى عاجلا وآجلا، أو سببا في عدم الفهم في الحال، اعتمادا على ما سوف يفهم بعد ذلك، وقد تضيع عليه الفرصة في المستقبل لضياع المكتوب، أو عدم وجوده معه عند الحاجة إليه، أو عدم وجود من يفهمه المكتوب ويشرحه له، ثم إن الكاتب لا يجد في الغالب باعثا يدعوه إلي مراجعة ما كتبه، ثم إنه يجد مشقة في حمل المكتوب معه في كل وقت ومكان، وبذلك كله يكون نقلة العلم جهالا، مثلهم كمثل الحمار يحمل أسفارا، وأعظم به سببا في ضياع العلم وانتشار الجهل.
وليس أدل على هذا من قول إبراهيم النخعي: “لا تكتبوا فتتكلوا”[21]، وقوله: “إنه قلما طلب إنسان علما إلا آتاه الله منه ما يكفيه، وقلما كتب رجل كتابا إلا اتكل عليه”[22].
وقول الأوزاعي: “كان هذا العلم شيئا شريفا؛ إذ كان من أفواه الرجال يتلاقونه ويتذاكرونه، فلما صار في الكتب ذهب نوره وصار إلي غير أهله”[23].
وقول بعض الأعراب: “حرف في تامورك[24]، خير من عشرة في كتبك”[25].
وقول الخليل بن أحمد:
ليس بعلم ما حوى القمطر[26]
ما العلم إلا ما حواه الصدر[27] [28]
وبهذا يتبين أن أبا هريرة في أميته أعلم من حملة الدرجات العلمية الحديثة، وإن بلغوا الذروة في عرف العصر، وما الذي يعيب أبا هريرة وقد وهبه الله ذاكرة واعية حافظة استوعبت خمسة آلاف حديث، وثلاثمائة وأربعة وسبعين حديثا، وقد رزقه الله روحا فقهية مع هذا الكم الهائل من مصابيح الهدي النبوي؟ فهل تكون أمية أبي هريرة عيبا فيه؟!
ثالثا. صرع أبي هريرة – رضي الله عنه – صرع جوع وفاقة، لا صرع جنون ومرض:
لقد كان أبو هريرة كثيرا ما يتحمل آلام الجوع؛ حرصا منه على ألا يفوته شيء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه قال: «ألله الذي لا إله إلا هو، إني كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع»[29]، ويقول: «لقد رأيتني وإني لأخر فيما بين منبر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى حجرة عائشة مغشيا علي، فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي، ويرى أني مجنون وما بي من جنون، وما بي إلا الجوع»[30].
ولقد افترى من زعم أن أبا هريرة كان مصابا بالصرع استنادا إلى هذا الأثر، فقد فسر أبو هريرة نفسه هذا الصرع بأنه صرع جوع وفاقة، لا صرع جنون ومرض.
في حين أننا نجد الذين تكلموا عن حياة أبي هريرة من المؤرخين المسلمين “لم يذكروا لنا أي شيء عن إصابته بهذا المرض، فمن أين جاء المشككون بهذه الفرية، وليس لهم ما يرجعون إليه في تاريخ حياته إلا ما كتبه المؤرخون المسلمون؟!”[31].
وعلى هذا الأساس، فإن اتهام أبي هريرة بالصرع والجنون اتهام باطل ليس له من الواقع سند، فهل عاصر المشككون هذا الرجل، فرأوه يصرع ويهذي؟! أم هل حملوه في نوبات الصرع وذهبوا به إلي مصحة، وأوقعوا عليه الكشف الطبي وفحصوه، فوجدوه مصابا بالصرع؟!
فإن من المعروف – كما ذكرنا – أن أبا هريرة كان كثيرا ما يتلوى من الجوع، ويصيبه دوار طارئ – كما تحدث هو عن نفسه – فإذا طعم عاد إليه وعيه وشدة توقده الذهني.
ولقد استسمن المشككون ورم هذه الرواية فكبروها وهولوا من شأنها وجعلوها صرعا قاتلا.
ولا عجب، فقد رمى المشككون من هو أعلى مقاما وأجل شأنا من أبي هريرة بهذه العيوب؛ فقد رموا بها النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – حين كان يأتيه الوحي من السماء، فيقبل عليه بكل مشاعره وحواسه؛ ليتلقى القرآن من لدن حكيم حميد، فإذا انقضى الوحي عاد فأملى من حوله من كتبة الوحي ما أنزله عليه ربه.
فبم فسر أعداء الإسلام هذه الحالة؟ “فسروها بالصرع أو المرض العضوي الذي يصيب بعض الناس فيفقدهم الوعي الظاهر والباطن، أو الوعي الخارجي والداخلي”[32].
هذا ما قالوه في شأن صاحب الرسالة العظمى؟ فما بالك فيما قالوه في حق أصحابه؟!.
وتأكيدا لما سبق، فإن أبا هريرة – رضي الله عنه – كان أكثر أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رواية للحديث النبوي، وكان أكثرهم سماعا مباشرا من فم النبي الصادق المصدوق، ومنكرو السنة يكرهون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذلك كان الصحابي الجليل أبو هريرة – رضي الله عنه – أكثر الرواة كراهية عندهم؛ لأنه نقل من الحديث الذي يود الطاعنون التفلت من الالتزام بتعاليمه الراقية اتباعا للأهواء – أكثر من خمسة آلاف حديث، فأخذوا يصوبون سهامهم نحو هذا الرجل العظيم؛ كي يصيبوه في مقتل، ويبطلون بإصابته كل مروياته في السنة ويطعنون في حجيتها.
وبهذا يتضح أن الهدف من هذه الانتقاصات – عندهم – إسقاط أكثر الرواة سماعا عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ليسري هذا الإسقاط من الراوي إلي المروي.
وليس أدل على بطلان هذه الانتقاصات التي ألصقوها بأبي هريرة من دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم – بحب المؤمنين له، فكان حب هذا الصحابي الجليل علامة على الإيمان وبغضه علامة على النفاق؛ فقد سأل أبو هريرة النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يدعو الله له بأن يحببه هو وأمه إلي عباده المؤمنين، ويحببهم إليهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم حبب عبيدك هذا – يعني أبا هريرة – وأمه إلي عبادك المؤمنين، وحبب إليهما المؤمنين، يقول أبو هريرة: فما خلق الله مؤمنا يسمع بي ولا يراني إلا أحبني»[33].
ويقول الدكتور علي أحمد السالوس:”هذا هو أبو هريرة وعاء العلم، فكيف نجد في عصرنا من ينسب نفسه للإسلام ويعرض عن قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والصحابة والتابعين، والأئمة الأعلام الهداة المهديين، ويأخذ بقول الضالين المضلين؟!”[34].
رحم الله – عز وجل – أبا هريرة جزاء ما قدم للإسلام وأهله، وجعلنا من محبيه، وجمعنا معه في واسع جنته.
الخلاصة:
- لقد اشترط علماء الحديث أن يكون الراوي عدلا يتحلى بالمروءة، ضابطا لكل كلمة تخرج من فمه، ومن افتقد صفة من هاتين الصفتين رد حديثه.
- إن أبا هريرة عدول لتعديل الله ورسوله جميع الصحابة الكرام، وقد كان حافظا متقنا، ضابطا لما يروي، دقيقا في أخباره، وقد شهدت بذلك مواقفه، وشهادة الصحابة والأئمة الأعلام.
- لقد كانت الأمية هي طابع العرب قبل الإسلام، فما ذكروه من أمية أبي هريرة ليس نقصا فيه؛ فالأمية هنا أدعى لقوة الحفظ وتوقد الذاكرة.
- لقد اعتمد العرب على الذاكرة؛ فكان الحفظ وسيلتهم الغالبة على ضبط ما يحتاجون إليه في حياتهم واستحضاره، فلو كان العرب يقرءون ويكتبون لضعفت عندهم هذه الملكة؛ ولذا قال الأوزاعي: “كان هذا العلم شيئا شريفا؛ إذ كان من أفواه الرجال يتلاقونه ويتذاكرونه، فلما صار في الكتب ذهب نوره، وصار إلي غير أهله”.
- هل تكون أمية أبي هريرة عيبا فيه، وقد وهبه الله ذاكرة واعية حافظة،استوعبت خمسة آلاف حديث وثلاثمائة وأربعة وسبعين حديثا؟!.
- لقد فسر أبو هريرة هذا الصرع – الذي يدعيه المشككون – بأنه صرع جوع وفاقة لا صرع جنون ومرض، فمن أين أتى المدعون بتفسير الصرع بأنه الصرع العصبي، وليس لهم ما يرجعون إليه في تاريخ حياته إلا ما كتبه المؤرخون المسلمون، وهم لم يذكروا شيئا عن إصابته – رضي الله عنه – بهذا المرض.
- لقد نقل أبو هريرة من الحديث النبوي خمسة آلاف حديث وأكثر، فأخذ المغرضون والمشككون يصوبون سهامهم نحو هذا الرجل؛ كي يصيبوه في مقتل، ويبطلوا بإصابته حجية هذه الأحاديث التي يحملها؛ تفلتا من الإلتزام بتعاليمه الراقية، واتباعا لأهوائهم.
- لقد كان الهدف من الانتقاصات التي وجهها المشككون إلي أبي هريرة هو إسقاط أكثر الرواة سماعا عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ليسري هذا الإسقاط من الراوي إلي المروي.
(*( الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية، د. عبد العظيم المطعني، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1420هـ/ 1999م. دفاع عن السنة النبوية ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين، د. محمد محمد أبو شهبة، مطبعة الأزهر الشريف، القاهرة، 1991م.
[1]. التأصيل الشرعي لقواعد المحدثين، د. عبد الله شعبان، دار السلام، مصر، ط1، 1426هـ/ 2005م، ص181 بتصرف.
[2]. من شهر محرم سنة 7هـ (تاريخ غزوة خيبر) إلى شهر ربيع الأول سنة 11 هـ (تاريخ التحاق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالرفيق الأعلى).
[3]. الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، 1383هـ/ 1970م، (7/ 434).
[4]. الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، 1383هـ/ 1970م، (7/ 435).
[5]. الوسيط في علوم ومصطلح الحديث، د. محمد محمد أبو شهبة، مكتبة السنة، القاهرة، ط1، 1427هـ/ 2006م، ص96.
[6]. انظر: حلية الأولياء، أبو نعيم الأصفهاني، دار الكتب العلمية، بيروت، ط4، 1405هـ، (1/376، 385). الاستيعاب، ابن عبد البر، تحقيق: علي محمد البجاوي، نهضة مصر، القاهرة، د. ت، (4/ 1771).
[7]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: حفظ العلم، (1/259)، رقم (119). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي هريرة، (8/363)، رقم (6280).
[8]. دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين، د. محمد بن محمد أبو شهبة، مطبعة الأزهر الشريف، القاهرة، 1991م، ص183.
[9]. التاريخ الكبير، البخاري، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، 1407هـ/ 1986م، (1/ 186، 187).
[10]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (2/ 598). تاريخ دمشق، ابن عساكر، تحقيق: علي شيري، دار الفكر، بيروت، ط1، 1419هـ/ 1998م، (20/ 89). الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، 1383هـ/ 1970م، (7/ 433).
[11]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر، (6/ 213)، رقم (4453). وصحح إسناده أحمد شاكرفي تعليقه على المسند.
[12]. تاريخ دمشق، ابن عساكر، تحقيق: علي شيري، دار الفكر، بيروت، ط1، 1419هـ/ 1998م، (67/350).
[13]. تذكرة الحفاظ، الذهبي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1317هـ، (1/36).
[14]. التاريخ الكبير، البخاري، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، 1407هـ/ 1986م، (6/133).
[15]. تاريخ دمشق، ابن عساكر، تحقيق: علي شيري، دار الفكر، بيروت، ط1، 1419هـ/ 1998م، (67/312).
[16]. الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، 1383هـ/ 1970م، (7/438).
[17]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (2/ 578).
[18]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (2/ 619).
[19]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م (2/ 621).
[20]. الشبهات الثلاثون، د. عبد العظيم المطعني، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1420هـ/ 1999م، ص101 بتصرف.
[21]. جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، تحقيق: أبي الأشبال الزهيري، مكتبة التوعية الإسلامية، مصر، 1428هـ/ 2007م، (1/ 291).
[22]. جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، تحقيق: أبي الأشبال الزهيري، مكتبة التوعية الإسلامية، مصر، 1428هـ/ 2007م، (1/ 392).
[23]. تقييد العلم، الخطيب البغدادي، تحقيق: يوسف العش، دار إحياء السنة النبوية، القاهرة، ط2، 1974م، ص64.
[24]. التامور: علقة القلب.
[25]. جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، تحقيق: أبي الأشبال الزهيري، مكتبة التوعية الإسلامية، مصر، 1428هـ/ 2007م، (1/ 294).
[26]. القمطر: ما تصان فيه الكتب.
[27]. الجامع لأخلاق الراوي، الخطيب البغدادي، تحقيق: د. محمد عجاج الخطيب، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط2، 1414هـ/ 1994م، (2/ 374).
[28]. انظر: الرد على شبهات منكري حجية السنة،د. عبد الغني عبد الخالق، مكتبة السنة، القاهرة، ط2، 1428هـ/ 2007م، ص439، 440.
[29]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الرقاق، باب: كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم، (11/ 286)، رقم (6452).
[30]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: ما ذكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحض على اتفاق أهل العلم، (13/316)، رقم (7324).
[31]. السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، د. مصطفى السباعي، دار السلام، القاهرة، ط3، 1427هـ/ 2006م، ص271 بتصرف.
[32]. الشبهات الثلاثون، د. عبد العظيم المطعني، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1420هـ/ 1999م، ص105، 106 بتصرف.
[33]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضل أبي هريرة الدوسي، (8/ 3629، 3630)، رقم (6279).
[34]. قصة الهجوم علي السنة, د. علي أحمد السالوس، دار السلام، القاهرة، ط1، 1408هـ/ 1987م، ص88.