توهم تناقض القرآن فيمن نزل بالوحي على محمد صلى الله عليه وسلم
وجه إبطال الشبهة:
لكل آية من هذه الآيات معنى مختلف عن الآية الأخرى، إذ إن:
1) معنى الآية الأولى: فأوحى جبريل – عليه السلام – إلى محمد – صلى الله عليه وسلم – ما أوحاه إليه ربه.
2) قوله تعالى: )قل نزله روح القدس( يعني: جبريل نزل بالقرآن كله ناسخه ومنسوخه.
3) نزول الملائكة في الآية الثالثة يكون بالعذاب لمن لم يؤمن.
التفصيل:
يختلف معنى كل آية عن الآية الأخرى؛ إذ إن:
- معنى الآية الأولى: فأوحى جبريل إلى عبد الله محمد – صلى الله عليه وسلم – ما أوحاه إليه ربه:
ورد في تفسير القرطبي أن قوله تعالى: )فأوحى إلى عبده ما أوحى (10)( (النجم) تفخيم للوحي الذي أوحي إليه، وتقدم معنى الوحي: وهو إلقاء الشيء بسرعة، ومنه الوحاء. والمعنى: فأوحى الله تعالى إلى عبده محمد – صلى الله عليه وسلم – ما أوحى. وقيل: المعنى: )فأوحى إلى عبده ما أوحى (10)( (النجم) جبريل عليه السلام: )ما أوحى(.
وقيل: المعنى: فأوحى جبريل – عليه السلام – إلى عبد الله محمد – صلى الله عليه وسلم – ما أوحى إليه ربه([1]).
- قوله تعالى: )قل نزله روح القدس( يعني: جبريل نزل بالقرآن كله ناسخه ومنسوخه:
وعلى هذا، فلا تعارض ولا تناقض بين الآيتين؛ لأن الآيتين تشيران إلى أن جبريل – عليه السلام – هو الذي نزل بالوحي على النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد تلقيه من ربه – عز وجل – فقوله تعالى: )قل نزله روح القدس( يعني أن جبريل نزل بالقرآن كله ناسخه ومنسوخه”([2])، وجبريل المذكور في سورة النجم هو نفسه الذي ذكره الله تعالى في سورة النحل، حيث يقول سبحانه: )قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين (102)( (النحل)، فقد سماه الله روحا؛ لأنه ينزل بما يحيي موات القلوب، وهو وحي الله إلى رسله، ووصفه “بروح القدس” أي: المقدس، وهو المنزه عن الكذب أو الغش، فهو الذي قدسه الله ورفعه، وأعلى من شأنه عليه السلام.
- نزول الملائكة في الآية الثالثة يكون بالعذاب لمن لم يؤمن:
ورد في تفسير قوله تعالى: )ما ننزل الملائكة إلا بالحق( (الحجر) عدة تفسيرات، أرجحها أن الحق هو العذاب إن لم يؤمنوا، )وما كانوا إذا منظرين (8)( (الحجر) أي: لو تنزلت الملائكة بإهلاكهم لما أمهلوا ولا قبلت توبتهم. وقيل: المعنى: لو تنزلت الملائكة تشهد لك فكفروا بعد ذلك لم ينظروا، وأصل)إذا(: إذ إن، ومعناه: حينئذ([3]).
الخلاصة:
- معنى الآية الأولى: فأوحى جبريل إلى محمد – صلى الله عليه وسلم – ما أوحى إليه ربه، وعلى هذا، فلا تناقض ولا تعارض بين هذه الآية وبين قوله عز وجل: )قل نزله روح القدس(؛ لأن آية )قل نزله روح القدس( تعني: جبريل – عليه السلام – نزل بالقرآن كله ناسخه ومنسوخه، وقد سماه الله تعالى روحا؛ لأنه ينزل بما يحيي موات القلوب، وهو وحي الله تعالى إلى رسله.
- ونزول الملائكة في الآية الثالثة يكون بالعذاب لمن لم يؤمن في أغلب الآراء، ومعنى قوله تعالى: )وما كانوا إذا منظرين( أي: لو نزلت الملائكة بإهلاكهم لما أمهلوا ولا قبلت لهم توبة. وقيل: المعنى: لو نزلت الملائكة تشهد لك فكفروا بعد ذلك لم ينظروا.
(*) هل القرآن معصوم؟ عبد الله عبد الفادي، موقع إسلاميات. www.islameyat.com
[1]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، ج17، ص91.
[2]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، ج10، ص176، 177.
[3]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، ص4، 5.