دعوى أنه – صلى الله عليه وسلم – كان كاردينالا كاثوليكيا ولم يكن نبيا ً
وجها إبطال الشبهة:
1) من الحقائق الثابتة أن كتب السيرة، وكتب التاريخ كلها التي كتبها المسلمون أو غيرهم – والتي ذكرت حياة الرسول – صلى الله عليه وسلم – منذ ولادته حتى وفاته – قد أقرت بما لا يدع مجالا لشك أو ادعاء أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قد ولد في مكة لأبوين قرشيين، وعاش فيها حتى بعثته صلى الله عليه وسلم.
2) إن ما جاء به محمد – صلى الله عليه وسلم – من عقيدة وتشريعات ومبادئ إسلامية خالصة، يناقض تماما أصول المسيحية المحرفة وأسسها؛ مما ينفي وجود أي صلة بين الدين الإسلامي والدين المسيحي المحرف، ووجود أي ابتداع بشري في تعاليم الإسلام الإلهية.
التفصيل:
أولا. لقد أجمعت كل كتب السيرة والتاريخ على عروبة محمد – صلى الله عليه وسلم – وأنه ولد في مكة لأبوين قرشيين، ونشأ فيها حتى بعثته صلى الله عليه وسلم:
إن الأصل العربي لمحمد – صلى الله عليه وسلم – ومولده ونشأته في مكة بين العرب من الحقائق الثابتة التي لا يماري فيها عاقل، ولا تحتاج منا إلى بيان؛ لأن كتب السيرة كلها وكتب التاريخ جميعها التي ذكرت حياته – صلى الله عليه وسلم – منذ ولادته حتى وفاته ولم تترك منها شيئا، قد أجمعت على أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قد ولد في مكة لأبوين قرشيين، وعاش فيها حتى بعثه الله إلى الناس بشيرا ونذيرا وهو في سن الأربعين.
ولكن في مقابل هذه الحقيقة الواضحة، نجد بعضا من المغرضين أو أصحاب الخيال المريض يتجاهلون حقائق التاريخ وما شهد به الواقع، فيصنعون تاريخا متوهما من خيالاتهم المريضة، ويشكلون أحداثه بما يتفق مع أغراضهم.
ودون استناد إلى حجة – ولو واهية – من العقل والمنطق نراهم يدعون أن محمدا – صلى الله عليه وسلم ـ كان نصرانيا، وأنه لم يكن عربيا، بل خدع العرب وادعى أنه من قريش ليبتدع دينا ينافس به دينه القديم، لا شك أننا أمام خيال مجنون لا يعنيه الحق في شيء.
وإن جاز لهؤلاء المغرضين أن يتغافلوا عن اهتمام العرب بأنسابهم وحرصهم عليها، ووجود من يعرف كل شيء عن أنساب القبائل العربية وهم النسابة، واستحالة أن يخدعهم أحد فيزعم أنه ينتمي إلى إحدى القبائل دون أن يكون منها، إن جاز لهؤلاء أن يتجاهلوا ذلك كله، فليس لهم أي حق في أن يتجاهلوا ما أجمعت عليه كتب السيرة وكتب التاريخ، بل وكتب الحديث والتي أكدت الأصل العربي لمحمد – صلى الله عليه وسلم – ونشأته وحياته في مكة قبل البعثة، ويمكننا أن نوضح هذه الحقيقة – على الرغم من يقيننا أنها من البدهيات – بعرض سيرته – صلى الله عليه وسلم – بإيجاز شديد في النقاط الآتية:
- لقد أجمعت كتب السيرة كلها أن والدي النبي – صلى الله عليه وسلم – كانا عربيين من قريش، فأبوه هو: عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، الذي يصل نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم – عليهما السلام -: أما أمه فهي: آمنة بنت وهب بن عبد مناف، ويصل نسبها كذلك إلى إسماعيل بن إبراهيم – عليهما السلام -.
- في صبيحة اليوم الثاني عشر من ربيع الأول من عام الفيل، الموافق سنة سبعين وخمسمائة من ميلاد المسيح ولد محمد – صلى الله عليه وسلم – في مكة بعد أن توفي أبوه عبد الله، فكفله جده عبد المطلب، وكان من عادة أشراف العرب أن يتلمسوا المراضع لأولادهم في البوادي ليكون نجيبا وصحيح البدن وصافي الذهن، فأرسله جده للرضاعة في بني سعد حيث قامت بإرضاعه السيدة حليمة السعدية.
- عندما بلغ – صلى الله عليه وسلم – السادسة من عمره، ارتأت أمه أن تذهب به إلى أخوال جده عبد المطلب بالمدينة من بني النجار، وليزوروا قبر عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي طريق العودة إلى مكة مرضت الأم، وحم القضاء، ودفنت بقرية الأبواء.
- بعد موت أم النبي – صلى الله عليه وسلم – ضمه جده إليه، ورق له رقة لم يرقها على ولده، وكان يقربه منه ويدنيه، ولما حضرت الجد الوفاة، أوصى ابنه أبا طالب عمه الشقيق كفالة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان سن النبي – صلى الله عليه وسلم – ثماني سنوات.
- بعد موت جد النبي كفله عمه أبو طالب، الذي أحب محمدا – صلى الله عليه وسلم – حبا شديدا، وكان يؤثره على ولده، فلا ينام إلا إلى جنبه، ويخرج فيخرج معه.
- اتجه محمد – صلى الله عليه وسلم – إلى العمل، وقد شب عن الطوق، وإن كان لم يبلغ سن المراهقة، فاشتغل برعي الغنم؛ رعاها لأهله، ورعاها لبعض أهل مكة، فكان يرعى الغنم في مكة على قراريط يأخذها من أهلها.
- لما بلغ – صلى الله عليه وسلم – سن الثانية عشرة خرج مع عمه أبي طالب في تجارة له إلى الشام، وفي هذه الرحلة قابلهم بحيرا الراهب النصراني في بصرى من بلاد الشام، فبشر أبا طالب بنبوة محمد – صلى الله عليه وسلم – وحذره من اليهود إن ظفروا بمحمد – صلى الله عليه وسلم – أو علموا خبره، فما إن فرغ أبو طالب من بيع تجارته حتى عاد به مسرعا إلى مكة، وقد اشتد حرصه عليه وحبه له.
- اتجه محمد – صلى الله عليه وسلم – إلى التجارة منذ أن ناهز البلوغ الطبيعي، وقد روي أنه زاولها مع شريك أو شركاء، وقد ثبت أنه كان شريكا للسائب بن أبي السائب، وقد رأى فيه النبي – صلى الله عليه وسلم – الشريك الأمين السمح في معاملته.
- لم ينقطع محمد – صلى الله عليه وسلم – عن قومه في أعمالهم الجماعية، فلم يكن يمتنع عن التعاون على خير يقومون به، وقد روي عنه أنه – صلى الله عليه وسلم – قد حضر ندوة قريش في صباه، وكذلك عاصر النبي – صلى الله عليه وسلم – حرب الفجار، ولكنه لم يشترك فيها إلا دفاعا عن أعمامه، فلم يغمس يده في تلك الحرب إلا أن يكون واقيا لذوي رحمه الذين رعوه حق الرعاية، وكذلك شهد – صلى الله عليه وسلم – حلف الفضول في دار عبد الله بن جدعان، وهو الذي تحالفت فيه بطون من قريش واتفقت على رد المظالم إلى أهلها.
- لما كانت سنه – صلى الله عليه وسلم – تخطو إلى الخامسة والعشرين، اختارته السيدة خديجة ليخرج في قافلة قريش إلى الشام للتجارة في مالها، وفي هذه الرحلة التقى ميسرة خادم خديجة بالراهب نسطورا، فأخبره بأن محمدا – صلى الله عليه وسلم – النبي المنتظر الذي تحدثت عنه الكتب السابقة، وقد باع النبي – صلى الله عليه وسلم – السلع وابتاع، وعاد بربح وفير.
- لما رأت خديجة وسمعت من أمانة محمد – صلى الله عليه وسلم – وسمو أخلاقه أرسلت إليه نفيسة بنت منية، لتعرض عليه أمر الزواج منها، فوافق – صلى الله عليه وسلم – بعد استشارة أعمامه، كان وقتئذ في الخامسة والعشرين من عمره، وكان عمر خديجة – رضي الله عنها – أربعين سنة، وقد أنجبت له – رضي الله عنها – أولاده كلهم ما عدا إبراهيم، فقد أنجب الرسول – صلى الله عليه وسلم – من خديجة من الذكور: القاسم وعبد الله، ومن الإناث: زينب، ثم رقية، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة.
- قبيل النبوة حبب إليه – صلى الله عليه وسلم – الخلوة عن الخلق، فكان يخلو بغار حراء في رمضان من كل عام، وفي العشر الأواخر من رمضان عام 610م أثناء وجوده – صلى الله عليه وسلم – في غار حراء أتاه جبريل – عليه السلام – بأول سور القرآن الكريم، وأخبره باختيار الله له بالرسالة، وإخراج قومه من الظلمات إلى النور[2].
هذه سيرته – صلى الله عليه وسلم – وتلك حياته قبل إعلانه دعوته، وعليه فلم يظهر النبي – صلى الله عليه وسلم – فجأة في حياة العرب كما يدعون؛ لأنه ولد بينهم، ونشأ وعاش حياته كلها – قبل البعثة – في مكة، ولم يكن وافدا عليهم كما يزعم أصحاب الخيال المريض.
ثانيا. إن ما جاء به محمد – صلى الله عليه وسلم – من عقيدة وتشريعات إلهية ومبادئ إسلامية خالصة يتناقض تماما مع أسس المسيحية المحرفة وأصولها:
على الرغم من أن ما ذكرناه آنفا عن حياة محمد – صلى الله عليه وسلم – كاف تماما لنفي كونه – صلى الله عليه وسلم – نصرانيا قبل بعثته، إلا أننا نزيد هذه الحقيقة بيانا، حينما نؤكد أن ما جاء به محمد – صلى الله عليه وسلم – من دين إلهي يختلف تماما مع أصول المسيحية بمختلف مذاهبها، وهو ما يعترف به علماء المسيحية أنفسهم.
ويمكننا بيان ذلك في الآتي:
- لا أحد يجهل أن المسيحية المحرفة قد قامت على التثليث، وتقوم فكرة التثليث تلك على الإيمان بإله واحد مؤلف من ثلاثة أقانيم، أو ثلاث خواص، وهي: الآب، والابن، والروح القدس، وهذه الأقانيم الثلاثة هي: الذات، والنطق، والحياة، فالله موجود بذاته، ناطق بكلمته، حي بروحه، وكل خاصية من هذه الخواص، أو العناصر التي يتكون منها الإله تعطيه وصفا معينا، أو مظهرا خاصا، فإذا تجلى الله بصفته ذاتا سمي الآب، وإذا نطق فهو الابن، وإذا ظهر كحياة فهو الروح القدس، وفي النهاية يكون الآب والابن والروح القدس إلها واحدا هو الله[3]!
أما الإسلام فقد قام على التوحيد الخالص: التوحيد في العبادة؛ فلا يعبد إلا الله، والتوحيد في التكوين؛ فخالق السماء والأرض وما بينهما هو الله وحده لا شريك له، والتوحيد في الذات والصفات؛ فليست ذاته بمركبة، وهي منزهة عن مشابهة الحوادث سبحانه وتعالى [4]. يقول سبحانه وتعالى: )قل هو الله أحد (1) الله الصمد (2) لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفوا أحد (4)( (الإخلاص).
- وتؤمن الكنيسة أن المسيح ابن الرب ووحيده، وأنه إله، بل ويذهب الكاثوليك منهم إلى أبعد من ذلك فينسبون الألوهية إلى مريم العذراء أيضا باعتبارها “أم الرب”، وهذا كله ينكره الإسلام، فالإسلام قد بين أن مولد المسيح من رحم عذراء دون أن يكون له أب، أمر لا يزيد إعجازا عن خلق آدم دون أم أو أب؛ يقول سبحانه وتعالى: )إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون (59)( (آل عمران)، وردا على قول النصارى: إن المسيح ابن الرب يقول الله – عز وجل – في محكم آياته: )وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون (30)( (التوبة) [5].
كما يؤكد القرآن الكريم أن المسيح – عليه السلام – وأمه ما هما إلا عبدان أنعم الله عليهما، يقول سبحانه وتعالى: )ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام( (المائدة: ٧٥)، كما رد القرآن الكريم بكل قوة على بعض النصارى الذين يزعمون أن المسيح ابن مريم هو جوهر الله، يقول سبحانه وتعالى: )لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير (17)( (المائدة).
- تؤمن المسيحية بمفهوم الخطيئة الأصلية، وهي خطيئة آدم في ظنهم وقد توارثها أبناؤه، فكان لا بد في ظنهم من فداء، وهذا الفداء لا يتم إلا بأن يقدم الإله ابنه – كما يزعمون – للصلب تكفيرا عن خطيئة آدم التي توارثها أبناؤه، “فكل ابن أنثى – في عقيدتهم – يرث خطيئة آدم، ولا شيء ينجيه من العذاب الأبدي إلا موت ابن الله ليكفر بموته عن خطيئته”؛ ولهذا فهم يعتقدون أن المسيح عيسى – عليه السلام – قد صلب ليكفر عن خطيئة آدم، ويخلص البشرية من وزر هذه الخطيئة، أما الإسلام فقد أنكر تماما هذه الفكرة “الصلب والفداء”؛ إذ نص على أن الله قد غفر لآدم ذنبه، يقول عز وجل: )فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم (37)( (البقرة)، كما يؤكد الإسلام أن الإنسان يولد بريئا من كل ذنب، فلا حاجة لافتدائه سلفا من الخطيئة الأصلية، وليس هنالك من علاقة بين الديانة والشعور بالذنب المتأصل في النفس. إن مفهوم الخطيئة الأصلية، وافتدائها بالنيابة ينقضه القرآن الكريم بقوله عز وجل: )ولا تزر وازرة وزر أخرى( (الإسراء: 15)،[6] كما هدم الإسلام فكرة صلب وقتل المسيح من أساسها بقوله عز وجل: )وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم( (النساء: ١٥٧).
مما سبق يتبين لكل ذي لب أن ما جاء به محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ من عقيدة وتعاليم يتناقض تماما مع الأصول التي قامت عليها المسيحية، بل إننا لو أردنا أن نتتبع كل أوجه الاختلاف بين الإسلام والمسيحية سواء على مستوى التشريع، أم على مستوى النظرة إلى الأنبياء وغير ذلك لما وسعنا المقام، ولكن ما ذكرناه آنفا كاف تماما لبيان الاختلاف، بل التناقض الجلي بين الإسلام والمسيحية بشكل ينفي تماما أن تكون هناك أي خلفية مسيحية في تعاليم الإسلام، وهذا ما شهد به علماء المسيحية أنفسهم، فقد جاء في “مؤتمر كولورادو” الذي عقد بأمريكا 1398هـ/ مايو 1978م، على لسان المؤسسة البروتستانتية “أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي تناقض مصادره الأصلية أسس النصرانية” [7].
إننا نسأل هؤلاء الذين يتخيلون أن محمدا – صلى الله عليه وسلم – كان كاردينالا في إحدى كنائس الكاثوليك قبل أن يدعو إلى الإسلام: هل تنكر هذا الكاردينال الخيالي لكل مبادئه ومعتقداته القديمة إلى درجة عدم تأثره ولو بنسبة ضئيلة بها؟! وكيف يكون ذلك؟ ونسألهم أيضا: هل كل من حرم البابوية قام بتأسيس دين انتقاما من كنيسته التي استبعدته؟
إنكم لا تستطيعون أن تنكروا أن من أكبر الثوار على الكنيسة الكاثوليكية هو مارتن لوثر الألماني – 1438/ 1456م – ذلك الراهب الكاثوليكي الذي كشف سوء حالة الكنيسة وانحراف رجالها عن جادة الصواب، فقام بتأسيس المذهب البروتستانتي، ولكن هذا المذهب في مجمله وإن اختلف مع مبادئ المسيحية الكاثوليكية، يتفق معها في أصول العقيدة، ولا يمكن أن يوصف بأنه دين جديد غير المسيحية[8].
هذا هو حال أكبر حركات الإصلاح في المسيحية، بل أقوى الحركات وقوفا ضد الكنيسة وتمردا عليها، ولكنها – كما ذكرنا – لا تصل إلى أن تكون دينا جديدا.
إننا نود أن نسأل هؤلاء كذلك: إنكم تعلمون علم اليقين أن كل كنيسة مسيحية في الشرق أو في الغرب لها سجلاتها التي يكون فيها أسماء رجالاتها، فلماذا لم تعلن إحدى الكنائس في الشرق أو في الغرب أن محمدا – صلى الله عليه وسلم – كان ينتمي إليها في يوم من الأيام؟
إننا في النهاية لا يسعنا إلا أن نقول: إن الزعم بأن محمدا – صلى الله عليه وسلم – كان راهبا نصرانيا حرم البابوية، فأراد أن ينتقم من الكنيسة، فابتدع الإسلام هو – كما سبق أن قلنا – خيال مجنون لا يعنيه التاريخ ولا الواقع ولا الحق في شيء؛ فكل نصارى الشرق والغرب، لن يستطيعوا أن يأتوا بسورة واحدة من القرآن الكريم، فضلا عن مبادئ الإسلام وتعاليمه، وعقيدته وتشريعاته، ولا عجب في هذا، فهو دين الله الخاتم الذي أوحى به إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد.
الخلاصة:
- لقد أجمعت كتب السيرة وكتب التاريخ جميعها التي لم تترك شيئا من حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – إلا ذكرته أنه – صلى الله عليه وسلم – ولد في مكة في عام الفيل لأبوين قرشيين، وقد مات أبوه قبل ولادته، ثم ماتت أمه وهو في سن السادسة، ثم كفله جده الذي توفي وهو في سن الثامنة، فضمه عمه أبو طالب إليه، وقد اشتغل – صلى الله عليه وسلم – في رعي الغنم منذ صباه، وقد خرج مع عمه في رحلة إلى الشام في تجارة لعمه، وبعد بلوغه – صلى الله عليه وسلم – عمل في التجارة، ثم خرج في رحلته الثانية إلى الشام في تجارة للسيدة خديجة – رضي الله عنها – التي تزوجها بعد رحلته تلك، وأنجبت له كل أبنائه ما عدا إبراهيم، ثم لما بلغ – صلى الله عليه وسلم – سن الأربعين نزل عليه جبريل – عليه السلام – بالوحي والرسالة، فكيف يزعم المدعون أنه – صلى الله عليه وسلم – لم يكن عربيا، ولم ينشأ في مكة؟
- إن ما جاء به محمد – صلى الله عليه وسلم – من عقيدة ومبادئ وتعاليم يجده المنصفون مناقضا تماما لأسس النصرانية ومبادئها، ويكفي أن الإسلام ينكر التثليث، وينكر ألوهية المسيح، كما ينكر عقيدة الصلب والفداء، وكل هذه الاختلافات بين الإسلام والنصرانية تنفي بشكل يقيني أن تكون هناك خلفيات مسيحية في تعاليم الإسلام، وهذا ينفي أن يكون محمد – صلى الله عليه وسلم – راهبا نصرانيا قبل بعثته.
(*) الغرب والإسلام: أين الخطأ وأين الصواب، د. محمد عمارة، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، ط1، 1424هـ/ 2004م.
[1]. الكاردينال: هو أحد أحبار النصارى الذين يختار البابا من بينهم.
[2]. انظر: السيرة النبوية, ابن كثير، تحقيق: مصطفى عبد الواحد، دار المعرفة، بيروت، 1402هـ/ 1983م. السيرة النبوية، ابن هشام، تحقيق: الشيخ محمد بيومي، مكتبة الإيمان، مصر، ط1، 1416هـ/ 1995م. خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، الإمام محمد أبو زهرة، دار الفكر العربي، القاهرة، ط1، 1425هـ/ 2004م. السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، د. محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/ 2006م. السيرة النبوية: دراسة تحليلية، د. محمد عبد القادر أبو فارس، دار الفرقان، الأردن، ط1، 1418هـ/ 1998م.
[3]. المسيحية بين التوحيد والتثليث وموقف الإسلام منها، د. عبد المنعم فؤاد، مكتبة العبيكان، الرياض، ط1، 1422هـ/ 2002م، ص227، 228 بتصرف يسير.
[4]. المسيحية بين التوحيد والتثليث وموقف الإسلام منها، د. عبد المنعم فؤاد، مكتبة العبيكان، الرياض، ط1، 1422هـ/ 2002م، ص24.
[5]. عيسى رسول الإسلام، القس سليمان شاهد مفسر، ترجمة: أبو إسلام أحمد عبد الله، بيت الحكمة، مصر، ص18، 19 بتصرف يسير.
[6]. المسيحية والإسلام والاستشراق، محمد فاروق الزين، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط3، 1424هـ/ 2003م، ص242 بتصرف يسير.
[7]. هذا هو الإسلام، د. محمد عمارة، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، ط1، 1427هـ/ 2006م، ص22 بتصرف يسير.
[8]. انظر: المسيحية بين التوحيد والتثليث وموقف الإسلام منها، د. عبد المنعم فؤاد، مكتبة العبيكان، الرياض، ط1، 1422هـ/ 2002م، ص295، 296.