دعوى أن تشدد الصحابة في قبول السنة منقصة لها
وجوه إبطال الشبهة:
1) إن موقف الصحابة المتشدد من السنة لم يكن للإنقاص من قيمتها، وإنما من أجل التثبت، زيادة في صيانة الحديث، وخوفا من أن يتسرب إليها الكذب، وإلا فلماذا يعملون بالسنة، ويفزعون إليها، كلما نزلت بهم نازلة ليس لها حكم في القرآن؟
2) إن محاولة الفاروق كتابة سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لتدل على مدى قناعته بأهمية كتابة الحديث الشريف، وما كان إحجامه بعد ذلك إلا تريثا وتحرزا في التدوين والجمع؛ ولذلك رأيناه يأذن بالكتابة لمن يأمن عليه اللبس ويثق به.
3) إن خبر حبس عمر بن الخطاب لبعض الصحابة المكثرين من الرواية عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – لا يرقى إلى درجة الصحة؛ وذلك لأن هناك خلافا في المحبوسين، كما أن عمر – رضي الله عنه – أكثر من رواية الحديث، بل وأمر بتعلم السنة، وهذا كله يؤكد فساد خبر الحبس.
التفصيل:
أولا. كان تشدد الخلفاء في قبول رواية الحديث حفاظا عليه، ولم يكن إنكارا له بأي حال من الأحوال:
لقد عرف الصحابة منزلة السنة النبوية فتمسكوا بها، واحتاطوا في رواية الحديث عنه – صلى الله عليه وسلم – خشية الوقوع في الخطأ, وخوفا من أن يتسرب إلى السنة المطهرة الكذب أو التحريف، وهي المصدر التشريعي الثاني بعد القرآن الكريم، ولهذا اتبعوا كل سبيل يحفظ على الحديث نوره، فآثروا الاعتدال في الرواية عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بل إن بعضهم فضل الإقلال منها، فقد قال ابن قتيبة: “وكان عمر أيضا شديدا على من أكثر الرواية، أو أتى بخبر في الحكم لا شاهد له عليه، وكان يأمرهم بأن يقلوا الرواية، يريد بذلك ألا يتسع الناس فيها، ويدخلها الشوب، ويقع التدليس والكذب من المنافق والفاجر والأعرابي”[1].
والتزم الصحابة – في الخلافة الراشدة – منهاج عمر – رضي الله عنه – وأتقنوا أداء الحديث، وضبطوا حروفه ومعناه، وكانوا يخشون أن يقعوا في الخطأ؛ لذلك نرى بعضهم لا يكثر من الرواية في ذلك العهد، حتى إن منهم من كان لا يحدث إلا بالحديث والحديثين.
ونرى من تأخذه الرعدة، ويقشعر جلده ويتغير لونه ورعا واحتراما لحديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومن ذلك ما روي عن أنس أنه قال: «إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثا كثيرا أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: من تعمد علي كذبا فليتبوأ مقعده من النار»[2].
وعليه فقد تشدد الصحابة عموما والخلفاء خصوصا في الحديث، وأمسك بعضهم عنه كراهية التحريف، أو الزيادة والنقصان في الرواية عنه – صلى الله عليه وسلم – لأن كثرة الرواية كانت في نظر كثير منهم مظنة الوقوع في الخطأ، والكذب عليه – صلى الله عليه وسلم – وقد نهى – صلى الله عليه وسلم – عن الكذب عليه وعن رواية ما يرى أنه كذب، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «من حدث عني حديثا، يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين»[3].
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع»[4].
وليس في ذلك منقصة للسنة أو إنكار لها بأي حال من الأحوال، وقد كان الصحابة جميعا – رضي الله عنهم – يخشون أن يقعوا في الكذب، فكيف يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وقد كان الفاروق – رضي الله عنه – يتشدد في تطبيق هذا المنهج، فحمل الناس على التثبت مما يسمعون، والتروي فيما يؤدون، فكان له الفضل الكبير في صيانة الحديث من الشوائب والدخل، وقد طبق ذلك غيره من الصحابة أيضا، فابن مسعود يقول: “ليس العلم بكثرة الحديث، ولكن العلم الخشية”[5].
ويصور لنا أبو هريرة – رضي الله عنه – محافظة الصحابة على السنة في عهد عمر بإجابته عن سؤال طرحه عليه أبو سلمة، قال له: “أكنت تحدث في زمان عمر هكذا؟ فقال: لو كنت أحدث في زمان عمر مثل ما أحدثكم لضربني بمخفقته”[6].
وقد كان هذا التشدد من عمر – رضي الله عنه – والصحابة معه؛ للمحافظة على القرآن الكريم، بجانب المحافظة على السنة، فقد خشي أن يشتغل الناس برواية الحديث الشريف عن القرآن الكريم، وهو دستور الإسلام، فأراد أن يحفظ المسلمون القرآن جيدا، ثم يعتنوا بالحديث الشريف الذي لم يكن قد دون كله في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كالقرآن، فنهج لهم التثبت العلمي والإقلال من الرواية مخافة الوقوع في الخطأ، وقد عرف إتقان بعض الصحابة وحفظهم الجيد، فسمح لهم بالتحديث[7].
إذن فقد كان الخوف من الخطأ، أو الزيادة والنقصان في حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – والدخول في وعيد قوله صلى الله عليه وسلم: «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» – من أعظم الأسباب التي جعلت الصحابة يتحرجون من الرواية أو الإكثار من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذا يحمل ما ورد عن ابن مسعود – رضي الله عنه – من هيبة التحديث عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهكذا أمسك بعض الصحابة عن كثرة التحديث؛ خوفا من الخطأ، أو الزيادة والنقصان في الرواية عنه – صلى الله عليه وسلم – ومن ثم فقد كان نهي الصحابة وعلى رأسهم عمر – رضي الله عنه – عن الإكثار من الرواية اتباعا لسنة النبي – صلى الله عليه وسلم – وخشية منه أن يتسع الناس في الرواية، فيقع الكذب والتدليس من المنافق والفاجر والأعرابي، فينسبون إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – ما لم يقله..، وهذا أيضا مما جعل الصحابة – رضي الله عنهم – لا يأخذون من أحاديث النبي – صلى الله عليه وسلم – إلا ما كان معروفا زمن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي – رضي الله عنهم – حيث كان التثبت والاحتياط، وعدم الكذب في زمانهم، فلما تدخل في الأمر من ليس من أهله، لم يأخذ من الناس عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلا ما يعرف، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: «إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ابتدرته أبصارنا، وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف»[8].
يقول عماد السيد الشربيني: من الوجوه والأسباب التي من أجلها كان الصحابة يمتنعون، أو ينهون عن الإكثار من التحديث أيضا إذا كان المخاطبون بالأحاديث قوم حديثي عهد بالإسلام، ولم يكونوا قد أحصوا القرآن وأتقنوه؛ فيخافون عليهم الاشتغال عنه بالأحاديث قبل إتقانه هو أولا؛ إذ هو الأصل لكل علم، قال أبو الدرداء: “لن تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها كثيرة”.
ويشير إلى هذا السبب صراحة عمر – رضي الله عنه – حين يقول: «إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن، كدوي النحل، فلا تصدوهم بالأحاديث فتشغلوهم، جردوا القرآن، وأقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم» (أي: جودوا الأصل الأول، وهو القرآن، وابدءوا به أولا، ولا تبدءوا بالأحاديث، فتشغلوهم عن إتقان القرآن).
وعلى هذا المنهاج سار السلف الصالح من أئمة الحديث، فكان كثير منهم لا يقبلون الطلاب في حلقاتهم إلا إذا وثقوا من دراستهم للقرآن الكريم، وحفظ بعضه على الأقل، وفي هذا يقول حفص بن غياث: “أتيت الأعمش، فقلت: حدثني، قال: أتحفظ القرآن؟ قلت: لا، قال: اذهب فاحفظ القرآن، ثم هلم أحدثك، قال: فذهبت فحفظت القرآن، ثم جئته، فاستقرأني، فقرأته، فحدثني”، وربما يكون النهي متعلقا بالأحاديث التي هي من سيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم – وليس أحاديث السنن والفرائض، كما قال الحافظ الدارمي معناه عندي: “الحديث عن أيام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليس السنن والفرائض”، ويؤكد هذا قول عمر رضي الله عنه: “أقلوا الرواية عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلا فيما يعمل به”، أي: أقلوا الرواية، إلا فيما يترتب عليه عمل شرعي، فيدخل في ذلك جميع الأحكام والآداب وغيرها، ولا يخرج إلا القصص ونحوه، فاستحب – رضي الله عنه – الإقلال من القصص ونحوه، ولم يمنع من الإكثار فيما فيه عمل.
ومن الأسباب أيضا خوفهم من الاشتغال بكثرة الحديث عن تدبره وتفهمه؛ لأن المكثر لا تكاد تراه إلا غير متدبر ولا متفقه، وهذا ما وقع فيه أهل البدع والأهواء المنكرون لحجية السنة قديما وحديثا، أخذوا بظاهر تلك الآثار بدون تفقه وتدبر للمعاني المرادة منها.
ولا يخفى أيضا أن الإكثار يجعل المكثر يسرد الحديث سردا سريعا، يلتبس على المستمع، وهذا ما أنكرته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها على أبي هريرة – رضي الله عنه – في الحديث الذي رواه الشيخان، عن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها قالت: «ألا يعجبك أبو هريرة! جاء فجلس إلى جنب حجرتي، يحدث عن النبي – صلى الله عليه وسلم – يسمعني ذلك، وكنت أسبح، فقام قبل أن أقضي سبحتي، ولو أدركته لرددت عليه، إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يكن يسرد الحديث كسردكم»[9].
ثم إنهم كانوا ينهون، أو يمتنعون عن التحديث والإكثار منه، إذا كانت الأحاديث من المتشابهات التي يعسر على العامة، وضعاف العقول فهمها، فيحملونها على خلاف المراد منها، ويستدلون بظاهرها، ويكون الحكم بخلاف ما فهموا، وقد تؤدي تلك المتشابهات إلى تكذيب الله ورسوله.
وفي ذلك يقول ابن مسعود رضي الله عنه: “ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة”.
ويقول علي رضي الله عنه: “حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله”، ويؤيد ذلك قول أبي هريرة: “لو حدثتكم بكل شيء سمعته من رسول الله لرميتموني بالقشع – يعني المزابل – ثم ما ناظرتموني”.
وفي ذلك يقول صاحب توجيه النظر: “إن المحدث يجب عليه أن يراعي حال من يحدثهم، فإذا كان فيما ثبت عنده ما لا تصل إليه أفهامهم، وجب عليه ترك تحديثهم به دفعا للضرر، فليس كل حديث يجب نشره لجميع الناس”.
هذه الأسباب هي التي جعلت الخلفاء – وعلى رأسهم سيدنا عمر – يتثبتون في قبول رواية الحديث، وقد ذكرها الشربيني فأحسن في ذكرها[10]، وكانت طريقة الصحابة ومنهجهم في المحافظة على حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خشية الوقوع في الخطأ، أو تسرب الدس إلى الحديث الشريف من الجهلاء وأصحاب الأهواء، أو أن تحمل بعض الأحاديث على غير وجه الحق والصواب، فيكون الحكم بخلاف ما أخذ به، ومن ثم فقد كان صنيعهم، احتياطا للدين، ورعاية لمصلحة المسلمين، لا زهدا في الحديث النبوي، ولا تعطيلا له، أو تنقصا منه، لا سيما وقد ثبت عنهم جميعا تمسكهم بالحديث الشريف، وإجلالهم إياه، وأخذهم به، وقد تواتر خبر اجتهاد الصحابة، وأنهم كانوا إذا نزلت بهم نازلة فقهية فزعوا إلى كتاب الله تعالى، فإذا لم يجدوا التمسوا السنة، فإن وجدوا فيها الحكم أخذوا به، ونزلوا عليه، وإن لم يجدوا فزعوا إلى الاجتهاد بالرأي[11].
هكذا، كان عمر – رضي الله عنه – وكذلك باقي الصحابة، وأيا كان الأمر، فإن تشدد الخلفاء في قبول الحديث وروايته كان منهجا نبراسا لمن بعدهم، حين نشطت الأمة في عصر عمر بن عبد العزيز في جمع السنة وتدوينها، وهذا أمر ينبغي أن يثير الطمأنينة، ويبهج النفوس بالسعادة لحرص الأمة على حفظ سنة الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأنها لم تجمع جمعا عشوائيا، بل أحيطت بكل عناية ودراية بدءا من عصر الخلفاء الراشدين، وتابعيهم إلى عهد علماء الحديث من بعده، وكانت نتيجة هذا التشدد هو تنقية السنة من الدخيل والمدسوس، وهذه محمدة يسجلها التاريخ، فهل كان يسعدنا لو تساهل الخلفاء في رواية الحديث؟! إن الله لطيف لما يشاء.
ولو تساهل الخلفاء في رواية السنة، لكان هذا التساهل مدعاة لتساهل من جاء بعدهم، ولنزعت الثقة عن سنة من أرسله الله – عز وجل – رحمة للعالمين[12].
ومن ثم فلا مذمة أو منقصة من تشدد الخلفاء في قبول رواية الحديث، ولا يعني ذلك إنكارهم – رضي الله عنهم – لها على الإطلاق.
ثانيا. استخارة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – في قضية جمع السنة:
لقد طرأت على عمر – رضي الله عنه – فكرة جمع السنة في صحف خاصة بها، واستشار لذلك الصحابة – رضي الله عنهم – فأشاروا عليه بكتابتها، وطفق يستخير الله في ذلك شهرا كاملا، فلم ينشرح قلبه للأمر، فانصرف عن هذه الفكرة، وإن كان – رضي الله عنه – قد انصرف عن فكرة كتابتها، فلا يفهم من ذلك أنه انصرف عن تعظيمها والعمل بها مع كتاب الله – عز وجل – في الفتيا والقضاء. وإنما خشي أن ينشغل الناس بها عن القرآن، وأيضا لئلا تتيه العقول فيما لم يفهموه من المتشابه منها، وغير ذلك من الأمور التي وضحناها حفظا على السنة وصونا لها.
وعليه فإن عمر – رضي الله عنه – قد استشار الصحابة في كتابة السنة فوافقوه، وهذا يدل على إجماع الصحابة واتفاقهم على جواز كتابة السنة، ورغبتهم الشديدة في ذلك، ويدل أيضا على أن عمر – رضي الله عنه – كان أول من فكر في موضوع جمع السنة، لولا ما كان من أمر الاستخارة.
وبعد، أفلا يكون ذلك خير دليل على إيمان الصحابة جميعا رضي الله عنهم – وعلى رأسهم ابن الخطاب – بالسنة والعمل بها؟ وإلا، فلماذا كان الحرص الشديد منهم على جمعها وتدوينها؟! وروي أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – لما أراد أن يكتب السنن استخار الله شهرا ثم أصبح وقد عزم له، فقال: ذكرت قوما كتبوا كتبا فأقبلوا عليها، وتركوا كتاب الله”[13]، وهكذا، فهو قد هم بكتابة الأحاديث في بادئ الأمر، ولكنه لما ذكر قوما كانوا من قبل كتبوا كتبا، فأكبوا عليها، وانشغلوا بها وتركوا كتاب ربهم، فهو يخشى أن يتشاغل الناس عن كتاب الله – عز وجل – وهو الحريص على أن يأخذ القرآن الكريم وضعه في القلوب والعقول، وحتى لا يلتبس القرآن بالحديث – لو دون الحديث تدوينا رسميا – وحتى تتوفر الهمم لحفظ كتاب الله – عز وجل – ولذلك قال: “إني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا”[14].
وتعضيدا لما سبق يجب علينا أن نأخذ في الاعتبار أن الله – عز وجل – ربما قدر – لحكمة هو يعلمها، ولا يعلمها غيره – أن يكون ميقات جمع السنة وكتابتها، هو عصر عمر الثاني لا عمر الأول؛ أي عمر بن عبد العزيز لا عمر بن الخطاب، ولو كان الله قد قدر جمعها وكتابتها في عصر عمر الأول لشرح صدر ابن الخطاب لجمعها، وكتابتها وتدوينها[15].
ثم إن محاولة الفاروق أن يكتب سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لتدل على مدى قناعته بجواز بل أهمية كتابة الحديث الشريف، وهذا ما انتهى به أمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعد النهي عن الكتابة، ولو شك عمر – رضي الله عنه – في الجواز، ما هم بأن يفعل ما منعه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وما كرهه، فإحجام الفاروق لم يكن لكراهة الكتابة، بل لمانع يقتضي أن يتريث في التدوين والجمع، لمصلحة أخطر وأعظم، ولذلك رأيناه يكتب بنفسه لمن يأمن عليه اللبس، ويثق به، وربما سمح عمر – رضي الله عنه – بعد أن رأى حفظ الأمة لكتاب الله – عز وجل – بجمعه في المصحف الشريف[16]، ويقوي هذا ما يروى عن عمرو بن أبي سفيان من أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: “قيدوا العلم بالكتاب”[17].
ومما يدعم هذه الرؤية أن بعض الصحابة قد أجاز الكتابة، وكتب بعضهم بيده، وتغير رأي من عرف منهم النهي عن كتابة الحديث، حينما زالت أسباب المنع، وخاصة بعد أن جمع القرآن في المصاحف وأرسل إلى الآفاق[18].
وهكذا، كان اهتمام الصحابة بحديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رواية وحملا، وكتابة وتقييدا، وحفظا وتوثيقا، رضي الله عنهم وأرضاهم[19]. ولا اعتبار لمن يدعي أن إحجام عمر عن كتابة السنة كان بسبب عدم اعتبارها حجة.
ثالثا. رواية حبس عمر – رضي الله عنه – لابن مسعود، وأبي ذر، وأبي الدرداء رواية غير صحيحة:
إن رواية حبس عمر – رضي الله عنه – لبعض الصحابة من أجل الحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم – رواية غير صحيحة، ذكرها ابن حزم في “الإحكام”؛ ليبين ضعفها وزيفها، فقال: “روينا عن بندار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، قال: قال عمر لابن مسعود، ولأبي الدرداء، وأبي ذر: ما هذا الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: وأحسبه أنه لم يدعهم أن يخرجوا من المدينة حتى مات”[20].
ثم طعن في هذا الحديث، بقوله: “هذا مرسل ومشكوك فيه من شعبة، فلا يصح، ولا يجوز الاحتجاج به”.
وهو حقيقة مرسل؛ لأن فيه انقطاع بين إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وبين عمر بن الخطاب، فإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف مات سنة 99هـ، أو 95هـ، وعمره 75 سنة، فيكون قد ولد سنة 20 من الهجرة، في أواخر خلافة عمر، فلا يتصور سماعه منه في مثل تلك السن، وعلى ذلك فلا تكون الرواية حجة، ولا يؤخذ بها[21].
كما أن العقل لا يستسيغها، بل يرفضها رفضا كليا، وهـل يعقل من مثل عمر بن الخطاب أن يحبس ثلاثة من جلة أصحاب الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأنقاهم وأورعهم؟! فهل يكون الإكثار من الرواية تهمة لحبسهم؟!
وقد ناقش الإمام ابن حزم ذلك ورده، وقال: “هذا مرسل، ومشكوك فيه من (شعبة)، فلا يصح ولا يجوز الاحتجاج به، ثم هو في نفسه ظاهر الكذب والتوليد؛ لأنه لا يخلو عمر من أن يكون اتهم الصحابة، وفي هذا ما فيه، أو يكون نهى عن نفس الحديث، وعن تبليغ سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى المسلمين، وألزمهم كتمانها وجحدها، وأن لا يذكروها لأحد، فهذا خروج عن الإسلام، وقد أعاذ الله أمير المؤمنين من كل ذلك، ولئن كان سائر الصحابة متهمين بالكذب على النبي – صلى الله عليه وسلم – فما عمر إلا واحد منهم، وهذا قول لا يقوله مسلم أصلا، ولئن كان حبسهم وهم غير متهمين لقد ظلمهم”.
ثم قال: “وقد حدث عمر بحديث كثير، فإنه قد روى خمسمائة حديث ونيفا على قرب موته من موت النبي – صلى الله عليه وسلم – فهو كثير الرواية، وليس في الصحابة أكثر رواية منه إلا بضعة عشر منهم”[22].
ولو سلمنا جدلا بصحة الرواية، فهناك خلاف في المحبوسين، فالذهبي يذكر أنهم “ابن مسعود، وأبو الدرداء، وأبو مسعود الأنصاري”، بينما يذكر ابن حزم أنهم: “ابن مسعود، وأبو الدرداء، وأبو ذر”، فهل تكرر الحبس من عمر؟ ولو تكرر لاشتهر، ثم إن حادثة كهذه سيطير خبرها في الآفاق من غير أن تحتمل الشك في المحبوسين؛ لأنهم من أعيان الصحابة، ولو سلمنا أن العبرة في الحادثة نفسها من حيث حبسه بعض الصحابة، دون نظر إلى أعيانهم وأشخاصهم؛ لأنهم أكثروا الرواية، قلنا: قد كان غير هؤلاء أكثر منهم حديثا، ولم يرد إلينا خبر حبسهم، فلا يعقل أن يفرق أو أن يحبس أمير المؤمنين بعضا دون بعض في قضية واحدة، هم فيها سواء، وهي الإكثار من الحديث، فإنه قد ترك أبا هريرة مثلا وهو أكثر حديثا منهم، فقد روى أبو هريرة (5374) خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعين حديثا، وابن مسعود (848) ثمانمائة وثمانية وأربعين حديثا، وأبو الدرداء (179) مائة وتسعة وسبعين حديثا، وأبو ذر (281) مائتين وواحدا وثمانين حديثا! فمعاذ الله أن يحبس عمر هؤلاء ويترك أبا هريرة الذي هو أكثر منهم حديثا، وإن قيل: إن أبا هريرة لم يكثر من الرواية في عهد عمر – رضي الله عنه – لأنه خشيه، فنقول: لماذا لم يخشه هؤلاء؟ بل إن عمر نفسه سمح لأبي هريرة أن يروي عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عندما عرف ورعه، وخشيته من الله – عز وجل – فقد روى الذهبي عن أبي هريرة قال: “بلغ عمر حديثي فأرسل إلي, فقال: كنت معنا مع رسول – صلى الله عليه وسلم – في بيت فلان؟قلت: نعم, وقد علمت لأي شيء سألتني. قال: ولم سألتك؟ قلت: إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال يومئذ: من كذب علي متعمدا, فليتبوأ مقعده من النار. قال: أما إذا, فاذهب فحدث”[23].
بل قد ورد عن عمر – رضي الله عنه – أنه خطب يوم جمعة، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: “أما بعد، فإني أريد أن أقول مقالة قدر لي أن أقولها، من وعاها وعقلها وحفظها فليحدث بها حيث تنتهي به راحلته، ومن خشي أن لا يعيها فإني لا أحل له أن يكذب علي، إن الله بعث محمدا بالحق، وأنزل معه الكتاب، فكان مما أنزل معه (آية الرجم)… وذكر الحديث”، وهذا يدل على أن نهيه – رضي الله عنه – عن الإكثار وأمره بإقلال الرواية عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إنما كان خوف الكذب على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لئلا يحملهم الإكثار أن يحدثوا بما لم يتقنوا حفظه ولم يعوه، لأن ضبط من قلت روايته أكثر من ضبط المستكثر، وهو أبعد من السهو والغلط الذي لا يؤمن مع الإكثار؛ فلهذا أمرهم عمر بالإقلال من الرواية، ولو كره الرواية وذمها لنهى عن الإقلال منها والإكثار، ألا تراه يقول: فمن حفظها ووعاها فليحدث بها، فكيف يأمرهم بالحديث عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وينهاهم عنه؟ هذا لا يستقيم، بل كيف ينهاهم عن الحديث عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ويأمرهم بالإقلال منه، وهو يندبهم إلى الحديث في الرواية السابقة[24].
وهل يتصور إنسان أن يحبس عمر ابن مسعود، وأبا الدرداء، وأبا ذر، أو أبا مسعود الأنصاري، وهو قد عرف حفظهم، وورعهم؟!
بل إن أمير المؤمنين امتن على أهل العراق عندما أرسل إليهم عبد الله بن مسعود، وكتب لهم: “إني والله الذي لا إله إلا هو آثرتكم به على نفسي فخذوا منه”[25].
وقال زيد بن وهب: كنت جالسا في القوم عند عمر إذ جاء رجل نحيف قليل، فجعل عمر ينظر إليه ويتهلل وجهه، ثم قال: كنيف ملئ علما، كنيف ملئ علما، كنيف ملئ علما، فإذا هو ابن مسعود”[26]، فكيف يأمر – رضي الله عنه – الناس بالأخذ عنه, ويشهد له بالعلم, ثم يحبسه؟ وما رد به على حبس ابن مسعود يرد به على حبس الصحابة الباقين، ففيهم أبو الدرداء إمام الشام وقاضيها، ومعلمها القرآن.
وبهذا البيان يتضح أن خبر حبس عمر للصحابة – رضي الله عنهم – بدعوى أنهم أكثروا من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم – لا يصح، بل إن عمر نفسه – رضي الله عنه – قد حدث بحديث كثير عن النبي – صلى الله عليه وسلم – فهل يتصور منه أن ينهى عن شيء وهو يفعله؟[27].
وقد روي عنه قوله: «ليس العلم بكثرة الحديث، ولكن العلم الخشية»[28].
وهكذا فإن رواية حبس عمر – رضي الله عنه – لهؤلاء الصحابة، هي رواية يرفضها العقل ولم تصح في النقل.
وأغلب الظن الذي يرجحه فطنة عمر وسياسته الشرعية أن عمر – رضي الله عنه – إنما نهى عن الحديث بالإخبار عمن سلف من الأمم، وما أشبه ذلك، وأما النهي عن الحديث بالسنة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – فهذا ما لا يحل لمسلم أن يظنه بمن دون عمر من عامة المسلمين، فكيف بعمر رضي الله عنه؟!
وكيف يظن بعمر أنه قد نهى عن الإكثار من الرواية إنكارا للسنة النبوية، وهو المعظم الموقر لسنة النبي – صلى الله عليه وسلم – الحاكم بها في كل شئون حياته، وشئون رعيته، وهو القائل: «تعلموا الفرائض واللحن[29] والسنة، كما تعلمون القرآن»[30].
وهو القائل أيضا: “سيأتي ناس يجادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنة، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله”[31].
وعليه فإن عمر – رضي الله عنه – قد أمر بتعلم السنن وتعليمها، وبين أن أصحابها أعلم الناس بكتاب الله – عز وجل – فهل يصح بعد كل ذلك القول بأن نهيه عن الإكثار من الرواية عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان تقليلا من شأن السنة، وهو المتبع لها شبرا بشبر؟! أو أنه حبس من أكثر من الرواية؟! إنها مساع خائبة تلك التي تقلل من تعظيم الصحابة للسنة، نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى!
الخلاصة:
- لقد تشدد الخلفاء في قبول رواية الحديث نتيجة لشدة حرصهم، وخوفهم على السنة النبوية، ولحبهم الشديد لها وإيمانهم بها، وقد واجهوا الكثير من المشاق والمتاعب في سبيل جمعها وطلبها.
- إن قضية استخارة عمر – رضي الله عنه – في جمع السنة، ثم عدوله عن هذه الفكرة، تحمل في طياتها الدليل القاطع على إيمانه والصحابة – رضي الله عنهم – بالسنة النبوية، فهو – رضي الله عنه – صاحب الفكرة، وهم جميعا قد أقروها ووافقوه عليها، لكنه عدل عنها لأسباب تعود إلى الخوف على القرآن من الإهمال، ولما يستحكم بعد في قلوب المسلمين، أو كان ذلك لحكمة إلهية.
- إن الرواية عن عمر – رضي الله عنه – بأنه حبس ابن مسعود، وأبا ذر، وأبا الدرداء، رواية غير صحيحة سندا لانقطاعها، فإن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف لم يسمع من عمر بن الخطاب على الراجح عند العلماء.
- إن دلائل الوضع على رواية حبس عمر لهؤلاء الصحابة ظاهرة؛ لأنها تخالف ما عرف عن عمر بن الخطاب وعدله, فكيف يحبس ثلاثة من أجلاء الصحابة لمجرد إكثارهم من الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ ويؤكد هذا وجود الكثير من الصحابة الذين أكثروا من الحديث دون أن يتعرض لهم بحبس أو غيره من أمثال أبي هريرة, فلا يعقل أن يفرق عمر بن الخطاب بين الصحابة في قضية واحدة, كما أنه – رضي الله عنه – كان من المكثرين في رواية الحديث,ف كيف يعاقب غيره على شيء هو يفعله؟ بالإضافة إلى أنه كان كثير الثناء على هؤلاء الثلاثة والشهادة لهم بالعلم والصدق.
(*) الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية, د. عبد العظيم المطعني، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1420هـ/ 1999م. السنة الإسلامية بين إثبات الفاهمين ورفض الجاهلين, د. رءوف شلبي، دار الطباعة الحديثة، مصر، 1987م.
[1]. تأويل مختلف الحديث, ابن قتيبة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405هـ/ 1985م، ص41.
[2]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري), كتاب: العلم, باب: إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، (1/ 241), رقم (106). صحيح مسلم (بشرح النووي)، المقدمة، باب: تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، (1/ 169).
[3]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، المقدمة، باب: وجوب الرواية عن الثقات، (1/ 168).
[4]. صحيـح مسلـم (بشـرح النـووي)، المقدمـة، بـاب: النهـي عـن الحديـث بكـل مـا سمـع، (1/ 170).
[5]. حلية الأولياء، أبو نعيم الأصفهاني، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت، (1/ 131).
[6]. تذكرة الحفاظ، الذهبي، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت، (1/ 7).
[7]. السنة قبل التدوين, د. محمد عجاج الخطيب، مكتبة وهبة، القاهرة، ط4، 1425هـ/ 2004م، ص92: 97 بتصرف.
[8]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، المقدمة، باب: النهي عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط في تحملها، (1/ 171).
[9]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري), كتاب: المناقب، باب: صفة النبي صلى الله عليه وسلم، (6 / 655)، رقم (3568). صحيح مسلم (بشرح النووي), كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي هريرة، (8/ 3630)، رقم (6282).
[10]. السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام, د. عماد السيد الشربيني، دار اليقين، مصر، ط1، 1423هـ/ 2002م، (1/ 329: 339) بتصرف.
[11]. انظر: أعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن القيم، تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، دار الجيل، بيروت، د. ت، (1/ 202).
[12]. الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية, د. عبد العظيم المطعني، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1420هـ/ 1999م، ص32 بتصرف.
[13]. الطبقات الكبير، ابن سعد، تحقيق: د. علي محمد عمر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2002م، (3/ 267) بتصرف.
[14]. انظر: دفاع عن الحديث النبوي, د. أحمد عمر هاشم، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1421هـ/ 2000م، ص111.
[15]. الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية, د. عبد العظيم المطعني، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1420هـ/ 1999م، ص32, 33 بتصرف.
[16]. من جهود الأمة في حفظ السنة، د. أحمد حسين محمد إبراهيم، مطبعة الحسين الإسلامية، القاهرة، ط1، 1419هـ/ 1999م، ص128.
[17]. جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، تحقيق: أبي الأشبال الزهيري، مكتبة التوعية الإسلامية، القاهرة، 1428هـ/ 2007م، (1/ 309).
[18]. السنة قبل التدوين, د. محمد عجاج الخطيب، مكتبة وهبة، القاهرة، ط4، 1425هـ/ 2004م، ص316.
[19]. من جهود الأمة في حفظ السنة, د. أحمد حسين محمد إبراهيم، مطبعة الحسين الإسلامية، القاهرة، ط1، 1419هـ/ 1999م، ص128.
[20]. الإحكام في أصول الأحكام، ابن حزم، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405هـ/ 1985م، (2/ 266).
[21]. السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي, د. مصطفى السباعي، دار السلام، القاهرة، ط3، 1427هـ/ 2006م، ص72.
[22]. الإحكام في أصول الأحكام، ابن حزم، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405هـ/ 1985م، (2/ 267).
[23]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (2/ 603).
[24]. جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، تحقيق: أبي الأشبال الزهيري، مكتبة التوعية الإسلامية، القاهرة، 1428هـ/ 2007م، (2/ 1006).
[25]. الطبقات الكبير، ابن سعد، تحقيق: د. علي محمد عمر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2002م، (3/ 145).
[26]. الطبقات الكبير، ابن سعد، تحقيق: د. علي محمد عمر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2002م، (3/ 144).
[27]. الإحكام في أصول الأحكام، ابن حزم، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405هـ/ 1985م، (2/ 266).
[28]. أخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى، باب: كراهية طلب العلم لغير الله، (1/ 383)، رقم (379).
[29]. اللحن: اللغة.
[30]. أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب: الفرائض، باب: الحث على تعليم الفرائض، (6/ 209)، رقم (11956).
[31]. الإحكام في أصول الأحكام، ابن حزم، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405هـ/ 1985م، (2/ 267).