دعوى أن مشاركة طلحة والزبير في الفتنة تطعن في عدالتهما
وجوه إبطال الشبهة:
1) إن الناظر في سيرة طلحة والزبير رضي الله عنهما ليجدهما جردا من نفسيهما درعا واقيا، وحصنا منيعا للإسلام ونبيه – صلى الله عليه وسلم – وقد عدلهما الله في كتابه والرسول – صلى الله عليه وسلم – في سنته، بالإضافة إلى ما تميزا به من مناقب؛ فكيف يظن بمثلهما استباحة دماء المسلمين؟!
2) إن مسألة الاقتصاص من قتلة عثمان – رضي الله عنه – مسألة تخضع للاجتهاد، والصحابة أهل له، فرأى علي – رضي الله عنه – التمهل ريثما تستقر له الأمور، وليعلم من هم القتلة فعلا، لكي لا يظلم بريء ولا يفلت جان، ورأى طلحة والزبير رضي الله عنهما التعجيل بالاقتصاص لتجنب الفتنة وكسر شوكة الثوار، فوفق الإمام علي – رضي الله عنه – وكان الأقرب للحكمة والصواب، وجانب طلحة والزبير رضي الله عنهما الأولى في اجتهادهما، وعلى كل فالجميع مأجور، وهذا ليس معناه استباحتهما دم المسلمين.
3) إن النقص من لوازم البشرية فالبشر جميعهم – عدا الأنبياء والرسل – غير معصومين، ولا يتعارض وقوعهم في الذنب مع دخولهم الجنة – خاصة الذين بشرهم الصادق المصدوق بها – وإلا لما دخلها إلا الأنبياء والمرسلون؛ إذ إن سعادة العقبى لا تستلزم العصمة من الذنوب، وهذا من أساسيات العقيدة الإسلامية.
التفصيل:
أولا. لا يقبل الجرح فيمن عدله الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم:
لقد عدل الله تعالى الصحابة – رضي الله عنهم – والنبي – صلى الله عليه وسلم – في سنته ومنهم طلحة والزبير رضي الله عنهما ولا يجرح أحد عدله الله ورسوله.
وكانا رضي الله عنهما من السابقين الأولين، قال سبحانه وتعالى: )والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم (100)( (التوبة)، وقال أيضا سبحانه وتعالى: )لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون (88) أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم (89)( (التوبة).
وقد وردت آيات كثيرة في فضل الصحابة عامة، ولا شك أن الزبير وطلحة رضي الله عنهما من جملتهم، بل من أفضلهم.
أما الزبير فهو “أبو عبد الله الزبير بن العوام بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، حواري رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وابن عمته صفية بنت عبد المطلب، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى وأول من سل سيفه في سبيل الله[1].
وروى الحاكم بإسناد صحيح «أن الزبير – رضي الله عنه – أسلم وهو ابن ثماني سنين»[2]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن لكل نبي حواريا، وإن حواري الزبير بن العوام»[3].
وكان – رضي الله عنه – مدافعا عن الإسلام ونبيه – صلى الله عليه وسلم – ولم يتخلف عن غزوة غزاها النبي – صلى الله عليه وسلم – وكان – رضي الله عنه – من الذين استجابوا لله والرسول – صلى الله عليه وسلم ـ«فعن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: )الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم (172)( (آل عمران)، قالت لعروة: يا ابن أختي، كان أبواك منهم: الزبير وأبو بكر»[4]، وعن أبي معاوية عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها وعن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال: «كنت يوم الأحزاب جعلت أنا وعمر بن أبي سلمة في النساء، فنظرت فإذا أنا بالزبير على فرسه يختلف إلى بني قريظة مرتين أو ثلاثا. فلما رجعت قلت: يا أبت رأيتك تختلف، قال: أو هل رأيتني يا بني؟ قلت: نعم. قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: من يأت بني قريظة فيأتيني بخبرهم؟ فانطلقت، فلما رجعت جمع لي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أبويه فقال: فداك أبي وأمي»[5].
وكان – رضي الله عنه – بطلا مغوارا أبلى في سبيل الله بلاء حسنا، فعن هشام بن عروة عن أبيه «أن أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – قالوا للزبير يوم وقعة اليرموك: ألا تشد فنشد معك؟ فحمل عليهم، فضربوه ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر. قال عروة: فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير»[6].
فهذا هو الزبير بن العوام، وتلك سيرته المضيئة، ومناقبه الرفيعة، وعدالته المشهود له بها من الله ورسوله وإجماع الأمة، فإذا طعن فيه طاعن بعد ذلك فهذا دليل على سقوط الطاعن، وإذا كان الطاعن ساقطا مخروم العدالة ساقط الإيمان فتجريحه تعديل، وصدق الشاعر إذ يقول:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص
فهي الشهادة لي بأني كامل
أما طلحة – رضي الله عنه – فهو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب يجتمع مع النبي في تيم بن مرة، ولا يقل شأنا عن الزبير، فهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى، وأحد فرسان الإسلام المعدودين، شلت يده وهو يقي بها النبي – صلى الله عليه وسلم – فقد روى البخاري بسنده عن قيس بن أبي حازم قال: «رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي – صلى الله عليه وسلم – قد شلت»[7].
وكان طلحة – رضي الله عنه – من الثابتين على الحق مع النبي – صلى الله عليه وسلم – فعن أبي عثمان قال: «لم يبق مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في بعض تلك الأيام التي قاتل فيهن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – غير طلحة وسعد عن حديثهما»[8] أي أنهما حدثا أبا عثمان النهدي بذلك، وقوله: تلك الأيام، يريد يوم أحد، وفي مسند الطيالسي من حديث عائشة عن أبي بكر الصديق قال: “ثم أتينا طلحة – يعني يوم أحد – فوجدنا به بضعا وسبعين جراحة، وإذا قد قطعت إصبعه”[9].
فالزبير وطلحة رضي الله عنهما من العشرة المبشرين بالجنة؛ الذين هم من أفضل الصحابة على الإطلاق بالاتفاق والإجماع ولا يحتاجان بعد تعديل الله تعالى للصحابة وتعديل النبي – صلى الله عليه وسلم – لهم إلى تعديل، ولا يطعن في عدالتهم تجريح.
ثانيا. الذين تعجلوا القصاص اجتهدوا فأخطأوا في اجتهادهم، ولكل أجره:
لقد رأى طلحة والزبير رضي الله عنهما ومن معهما اجتهادا منهم – القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه على الفور، ورأى الإمام علي التريث حتى لا يظلم بريء، وكان الحق معه، وجانب طلحة والزبير رضي الله عنهما الأولى في اجتهادهما فلهما أجر الاجتهاد.
وكان الصحابة – رضي الله عنهم – متفقين على إقامة حد القصاص على قتلة عثمان، لكن الخلاف بينهم وقع في مسألة التعجيل بها أوالتأجيل لها إلى حين، فطلحة والزبير وعائشة ومعاوية – رضي الله عنهم – كانوا يرون تعجيل أخذ القصاص من الذين حاصروا الخليفة حتى قتل، وأن البدء بقتلهم أولى، في حين رأى أمير المؤمنين علي ومن معه تأخيره، حتى يتوطد مركز الخلافة، ويمكن للخليفة أن يتحقق من الذين قاموا بالفتنة والقتل حتى يقتص منهم ولا يظلم بريء أو يفلت معتد.
ولأن استعجال تنفيذ القصاص في هذا الجمهور بدون تحديد المعتدين، يؤدي لا محالة إلى انتشار الفتنة بحرب طاحنة يذهب فيها كثير من الأبرياء، كان رأي الإمام علي – رضي الله عنه – أسد وأصوب من رأي طلحة والزبير وعائشة ومعاوية – رضي الله عنهم – كما نطقت بذلك النصوص الشرعية[10].
كما لا يخفى أن طلحة والزبير وعائشة ومعاوية – رضي الله عنهم – اعتقدوا وفهموا أن قتل عثمان – رضي الله عنه – منكر من أعظم المنكرات، وإزالة المنكر من حيث هو لمن قدر عليه فرض كفاية لا يتوقف على إمام يرجع إليه فيه، ومنزلتهم في الإسلام وعند المسلمين تخول لهم ذلك، وهذا ما يبرر خروجهم إلى البصرة، إلا أنهم متأولون في فهمهم هذا، وفي استعجالهم إزالة هذا المنكر، حيث خفي عليهم أن إزالة هذا المنكر تتعلق بالقصاص من المرتكبين له، وأخذه منهم يتوقف – كما ذكرنا – على الإمام وإقامة أولياء المقتول البينة على الجاني عنده، ثم حكمه بمقتضى ذلك لكن اجتهادهم أداهم إلى ذلك، فما يمكن أن يقال فيهم: إنهم مجتهدون مخطئون لهم أجر واحد على اجتهادهم[11].
ومما لا شك فيه أن طلحة والزبير كانا يشعران بأن الأمر ملتبس، وتشككهما فيما يفعلان من أمرهما دليل واضح على أن الأمور مشتبهة، حيث يصعب التمييز فيها بين الصواب والخطأ، فهذا الزبير – رضي الله عنه – يسمي هذه الحرب فتنة، ويقول فيها: “إن هذه الفتنة التي كنا نحدث عنها، فقال له مولاه: أتسميها فتنة وتقاتل فيها؟ قال الزبير: ويلك! إنا نبصر ولا نبصر، ما كان أمر قط إلا علمت موضع قدمي فيه غير هذا الأمر، فإني لا أدري أمقبل فيها أنا أم مدبر”[12].
ولعله لهذا اتفق أئمة الفتوى على أنه لا يجوز لأحد أن يقتص من أحد ويأخذ حقه دون السلطان، أو من نصبه السلطان لهذا الأمر، لأن ذلك يفضي إلى الفتنة وإشاعة الفوضى، ولهذا جعل الله السلطان ليقبض أيدي الناس بعضهم عن بعض[13].
ولم يخرج طلحة والزبير رضي الله عنهما ومن معهما طمعا في دنيا أو لبلوغ منصب، فلم يحدث قط أنهم أبطلوا خلافة علي ولا طعنوا عليه ولا ذكروا فيه جرحا ولا بايعوا غيره، ولا خرجوا لقتاله إلى البصرة فإنه لم يكن بالبصرة يومئذ، ولو أنهم أرادوا قتاله لتوجهوا إلى المدينة مباشرة.
ولذلك قال الأحنف بن قيس رضي الله عنه: “لقيت طلحة والزبير فقلت: إني لا أرى هذا الرجل – يعني عثمان – إلا مقتولا، فمن تأمراني به؟ قالا: علي، فقدمنا مكة فلقيت عائشة وقد بلغنا قتل عثمان، فقلت لها: من تأمريني به؟ قالت: علي، قال: فرجعنا إلى المدينة فبايعت عليا ورجعت إلى البصرة، فبينما نحن كذلك إذ أتاني آت فقال: هذه عائشة وطلحة والزبير نزلوا بجانب الخريبة يستنصرون بك، فأتيت عائشة فذكرتها بما قالت لي، ثم أتيت طلحة والزبير فذكرتهما، قال: فقلت والله لا أقاتلكم ومعكم أم المؤمنين وحواري رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولا أقاتل رجلا أمرتموني ببيعته، فاعتزل القتال مع الفريقين”[14].
والثابت تاريخيا أن كلا الجانبين مال إلى الصلح وحقن الدماء، فقد “أرسل علي المقداد بن الأسود والقعقاع بن عمرو رضي الله عنهما ليتكلما مع طلحة والزبير رضي الله عنهما واتفق المقداد والقعقاع من جهة وطلحة والزبير من جهة أخرى على عدم القتال وبين كل فريق وجهة نظره.
فطلحة والزبير رضي الله عنها يريان أنه لا يجوز ترك قتلة عثمان، وعلي يرى – كما ذكرنا – أنه ليس من المصلحة تتبع قتلة عثمان الآن، بل حتى تستتب الأمور، فقتل قتلة عثمان متفق عليه، والاختلاف إنما هو متى يكون ذلك؟
وبعد الاتفاق نام الجيشان بخير ليلة، وبات السبئية (وهم قتلة عثمان) بشر ليلة؛ لأنه تم الاتفاق عليهم، وهذا ما ذكره المؤرخون الذين أرخوا لهذه المعركة أمثال: الطبري وابن كثير، وابن الأثير، وابن حزم، وغيرهم.
عند ذلك أجمع السبئيون رأيهم على ألا يتم هذا الاتفاق، وفي السحر والناس نائمون، هاجم مجموعة منهم جيش طلحة والزبير رضي الله عنهما وقتلوا بعض أفراده وفروا، فظن جيش طلحة والزبير رضي الله عنهما أن جيش علي – رضي الله عنه – غدر بهم، فناوشوا جيش علي في الصباح، فظن جيش علي أن جيش طلحة والزبير قد غدر، فاستمرت المناوشات بين الفريقين حتى كانت الظهيرة فاشتعلت المعركة[15].
وقد حاول الكبار من الجيشين وقف القتال، ولكن لم يفلحوا، فكان طلحة – رضي الله عنه – يقول: يا أيها الناس أتنصتون؟ فأصبحوا لا ينصتون إليه، فقال: أف أف فراش نار، وذبان طمع[16]. وعلي – رضي الله عنه – يمنعهم ولا يردون عليه، وأرسلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كعب بن سور بالمصحف لوقف المعركة، فرشقه السبئيون بالنبال حتى أردوه قتيلا.
وذلك أن الحرب إذا اشتعلت لا يستطيع أحد أن يوقفها[17]، وقد ذكر البخاري أبياتا من الشعر لامرئ القيس:
الحرب أول ما تكون فتية
تسعى بزينتها لكل جهول
حتى إذا اشتعلت وشب ضرامها
ولت عجوزا غير ذات قليل
شمطاء تنكر لونها وتغيرت
مكروهة للشم والتقبيل[18]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “والفتنة إذا وقعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء، فصار الأكابر – رضي الله عنهم – عاجزين عن إخماد الفتنة، وكف أهلها، وهذا شأن الفتن كما قال سبحانه وتعالى: )واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة( (الأنفال: ٢٥)”[19].
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض»[20] فلا حجة للمغرضين فيه، ولا في الفتن التي وقعت بين سلفنا الصالح – رضي الله عنهم – والتي أشعلها سلفهم من الخوارج، والرافضة، والزنادقة.
والصحيح أن الزبير لم يقاتل عليا رضي الله عنهما فعن أبي جروة المازني قال: «سمعت عليا والزبير، وعلي يقول له: أنشدتك بالله يا زبير، أما سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: “إنك تقاتلني وأنت ظالم لي”، قال: بلى ولكني نسيت»[21]؛ فرجع الزبير في ذلك اليوم ولم يقاتل[22].
فقوله: «لا ترجعوا بعدي» بصيغة النهي والتحذير من قتال المؤمن.
وإطلاق الكفر على قتال المؤمن محمول على معان متعددة:
- مبالغة في التحذير من ذلك، لينزجر السامع عن الإقدام عليه وليس ظاهر اللفظ مرادا، أو أنه على سبيل التشبيه لأن ذلك فعل الكافر[23].
والمعنى لا تفعلوا فعل الكفار فتشبهوهم في حالة قتل بعضهم بعضا[24].
- وقيل: المعنى كفارا بحرمة الدماء، وحرمة المسلمين، وحقوق الدين.
- وقيل: كفارا بنعمة الله عز وجل.
- وقيل: المراد ستر الحق، والكفر لغة الستر؛ لأن حق المسلم على المسلم أن ينصره ويعينه، فلما قاتله كأنه غطى على حقه الثابت له عليه.
- وقيل: إن الفعل المذكور يفضي إلى الكفر؛ لأن من اعتاد الهجوم على كبار المعاصي جره شؤم ذلك إلى أشد منها؛ فيخشى ألا يختم له بخاتمة الإسلام.
- وقيل: اللفظ على ظاهره للمستحل قتال أخيه المسلم.
وقيل غير ذلك[25].
وما جرى بين الصحابة – رضي الله عنهم – من قتال لم يكن عن استحلال له حتى يحمل الحديث على ظاهره وأن قتالهم كفر، كما استدل الخوارج ومن شايعهم بقوله صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر»[26][27].
كيف والقرآن الكريم يكذبهم في هذا الفهم السطحي قال سبحانه وتعالى: )وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين (9) إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون (10)( (الحجرات).
فسماهم إخوة، ووصفهم بأنهم مؤمنون، مع وجود الاقتتال بينهم، والبغي من بعضهم على بعض.
يقول الحافظ ابن كثير: وبهذا استدل البخاري وغيره على أنه لا يخرج عن الإيمان بالمعصية وإن عظمت، لا كما يقوله الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة ونحوهم…[28].
ويقول الإمام ابن تيمية: “والذين قاتلوا الإمام عليا رضي الله عنه: إما إن يكونوا عصاة أو مجتهدين مخطئين أو مصيبين، وعلى كل تقدير، فهذا لا يقدح في إيمانهم، ولا في عدالتهم، ولا يمنعهم الجنة، بما سبق من تصريح القرآن الكريم من تسميتهم إخوة، ووصفهم بأنهم مؤمنون، وتأكيد النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك بما ورد من رواية الحسن بن علي عن أبي بكرة – رضي الله عنه – قال: «رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على المنبر – والحسن بن علي إلى جنبه – وهو يقبل على الناس مرة، وعليه أخرى يقول: إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين»[29][30].
ويقول الإمام الآمدي: فالواجب أن يحمل كل ما جرى بينهم من الفتن على أحسن حال، وإن كان ذلك إنما لما أدى إليه اجتهاد كل فريق من اعتقاده أن الواجب ما صار إليه، وأنه أوفق للدين وأصلح للمسلمين[31].
وإلا فجمهور الصحابة وسادتهم تأخروا عن تلك الفتن والخوض فيها كما قال محمد بن سيرين الأنصاري: هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عشرة آلاف فما حضر منهم مائة بل لم يبلغوا ثلاثين… وإسناد هذه الرواية – كما قال ابن تيمية – أصح إسناد على وجه الأرض[32]، وعلى هذا فالذي خاض في تلك الفتن من الصحابة إما أن يكون كل مجتهد مصيبا، أو أن المصيب واحد، والآخر مخطئ في اجتهاده مأجور عليه.
وعلى كلا التقديرين، فالشهادة والرواية من الفريقين لا تكون مردودة، أما بتقدير الإصابة فظاهر، وأما بتقدير الخطأ مع الاجتهاد فبالإجماع[33].
ويقول الإمام الجويني – إمام الحرمين: “أما التوقف في تعديل كل نفر من الذين لابسوا الفتن، وخاضوا المحن، ومتضمن هذا الانكفاف عن الرواية عنهم، فهذا باطل من دين الأمة، وإجماع العلماء على تحسين الظن بهم، وردهم إلى ما تمهد لهم من المآثر بالسبيل السابقة، وهذا من نفائس الكلام”[34].
وصدق عمر بن عبد العزيز رحمه الله إذ يقول: “تلك دماء طهر الله منها سيوفنا فلا نخضب بها ألسنتنا”[35].
هذا هو التحقيق الصحيح لمواقف الصحابة – رضي الله عنهم – من الفتنة خاصة طلحة والزبير رضي الله عنهما اللذين – فضلا عما تقدم – لم يخرجا لقتال علي – رضي الله عنه – لأنهما ذهبا إلى البصرة، وكان علي في المدينة، ولم يخرجا لأجل خلافة أو مغانم شخصية وأنه ثبت أنهما بايعا عليا بالخلافة، ولكنهما اجتهدا في تغيير منكر شديد وقع للأمة، وهو مقتل عثمان – رضي الله عنه – ولم يحالفهم الصواب في اجتهادهم هذا، وكان علي – رضي الله عنه – الأقرب للصواب.
وهذا أيضا لا يقدح في كونهم جميعا من أهل الجنة؛ لأن التبشير بالجنة وحي، والوقوع في الذنوب والرجوع عنها والتوبة منها لا يلزم منه الحرمان من الجنة، إذ إن سعادة الآخرة لا تستلزم العصمة من الذنوب، وإلا لما دخلها إلا الأنبياء والمرسلون.
ثالثا. سعادة العقبى لا تستلزم العصمة من الذنوب:
من القواعد الأساسية في أوليات العقيدة الإسلامية التي أخذت من نصوص قطعية الدلالة في كتاب الله أو المتواتر من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم: أن سعادة العقبى لا تستلزم بالضرورة العصمة من الآثام والذنوب، فرب إنسان أسرف على نفسه وارتكب ألوانا من الأوزار، ثم إن الله – عز وجل – يتداركه بالصفح والغفران يوم القيامة ويبوئه دار كرامته ورضوانه خالدا فيها[36]، لتوبته ورجوعه وندمه.
ولا تشترط العصمة لدخول الجنة، وإلا لما دخلها إلا الأنبياء والمرسلون، ولضاع مفهوم الثواب والعقاب؛ ذلك أن العصمة هبة من الله لمن اصطفى من خلقه، لا تكتسب ولا يتوصل إليها بطول المجاهدة أو كثرة الطاعات، وبذلك يذهب المطلوب من إرسال الرسل، وهو هداية الخلق إلى الطريق القويم رجاء لرضى الله وطمعا في جنته ونعيمه، وخوفا من سخطه ورهبا من ناره وعذابه، وهذا عبث يتنزه الله – سبحانه وتعالى – عنه.
ومن لوازم البشرية النقص وارتكاب الذنوب، أما العصمة فهي من خصائص النبوة كما ذكرنا، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ثم لجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر لهم»[37].
وفي حديث أبي أيوب – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون ثم يغفر لهم»[38].
والمراد بهذا أن لله تعالى حكمة في إلقاء الغفلة على قلب عباده أحيانا حتى يقع منهم بعض الذنوب، فإنه لو استمرت لهم اليقظة التي يكونون عليها في حال سماع الذكر لما وقع منهم ذنب؛ يقول ابن رجب الحنبلي رحمه الله: وفي إيقاعهم في الذنوب أحيانا فائدتان عظيمتان هما:
- اعتراف المذنبين بذنوبهم وتقصيرهم في حق مولاهم، وتنكيس رءوس عجبهم، وهذا أحب إلى الله من فعل كثير من الطاعات، فإن دوام الطاعات قد توجب لصاحبها العجب، وفي الحديث: «لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أشد من ذلك: العجب»[39].
“قال الحسن رحمه الله: “لو أن ابن آدم كلما قال أصاب وكلما عمل أحسن؛ أوشك أن يجن من العجب”.
- حصول المغفرة من الله تعالى لعبده، فإن الله تعالى يحب أن يعفو ويغفر ومن أسمائه: ” الغفار” و” العفو” و ” التواب”، فلو عصم الخلق؛ فلمن كان العفو والمغفرة”[40]؟!
والصحابة جميعا يجوز عليهم الخطأ كما يجوز على غيرهم بما فيهم طلحة والزبير رضي الله عنهما ولا يتعارض ذلك مع تبشيرهم بالجنة الوارد في رواية عبد الرحمن بن حميد عن أبيه أن سعيد بن زيد – رضي الله عنه – حدثه في نفر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «عشرة في الجنة: أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعلي وعثمان والزبير وطلحة وعبد الرحمن وأبو عبيدة وسعد بن أبي وقاص – رضي الله عنهم – ولو شئت لسميت العاشر قال: فقالوا: من هو؟ قال: فقال: هو سعيد بن زيد»[41].
على أن هذه التوطئة التي بدأنا حديثنا بها، ليست إلا بيانا لمبدأ من أوليات العقيدة الإسلامية التي ما ينبغي أن تغيب عن بال من يريد أن يخوض في مثل هذه المسألة ليثير كوامنها.
فهي – لا جرم – لا تنطوي على ما يشير إلى أن كلا من هذين الصحابيين الجليلين قد عصي الله تعالى بما صدر منه مما يستشكله هؤلاء المغرضون ويجادلون فيه، بل ليس في الأمر معصية قط، وليس القتال الذي حدث بين المسلمين في موقعة الجمل هو القتال الموجب للخلود في النار كما في القرآن.
وها هنا قاعدة ثانية من قواعد التشريع، هي من الجلاء والوضوح بمكان لكل ذي دراية بالإسلام وبنيانه العلمي والتشريعي؛ ولو أن المغرضين جعلوا زادهم الثقافي في معرفة الإسلام كفئا لطموحاتهم الجدلية المتعلقة بالإسلام و المسلمين، لاستراحوا وأراحوا.
وخلاصة هذه القاعدة هي أن الخطيئة – أيا كان نوعها – تشكل إثما ومعصية، عندما تكون مصادمة لدلالة نص صريح ثابت في كتاب الله أو سنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – أو إجماع صادر عن ذوي الحل والعقد في المسلمين.
فأما التصرفات التي لا تصادم شيئا من ذلك، وإنما تتعارض فيها القرائن والمصالح ومن ثم تتجاذبها احتمالات شرعية متعددة، فهي التي تدخل في زمرة الأمور الاجتهادية.
فإذا صادفت هذه المسائل إنسانا ضليعا بعلوم الشريعة الإسلامية، أمينا في رعايتها مخلصا في التعريف بها، فإن له – بل عليه – أن يجتهد فيها طبق ما هو مبين ومرسوم في باب الاجتهاد من علم أصول الفقه أو ما يسمى اليوم بقواعد تفسير النصوص، فإن وافق اجتهاده الحق الثابت في علم الله كان مأجورا مرتين: مرة على ما بذل من جهد في الكشف عن الحق، ومرة على ما انتهى إليه من معرفة هذا الحق وإصابته، وإن لم يوفق في اجتهاده ذلك كان مأجورا مرة واحدة في مقابل الجهد الذي بذل. وهذا معنى كلام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيما رواه الشيخان:«إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر»[42].
فمهما اختلف المجتهدون، ضمن دائرة هذه الأمور الاجتهادية المحتملة، فإن اختلافهم الشكلي اتفاق ضمني؛ إذ إنهم مهما فرقتهم الاجتهادات في تلمس حكم
الله – عز وجل – متفقون في التوجه إلى مطمح نظر واحد ألا وهو رضا الله – عز وجل – وإنما العبرة بوحدة الجذع لا بتفرق الأغصان المتفرعة عنه.
أرأيت لو أن أربعة أشخاص ضمهم سفر في طريق، وقاموا إلى الصلاة، وقد غمت عليهم السماء وسدت أمامهم الجهات والآفاق فلم يتبينوا جهة القبلة بيقين، فإن الحكم الشرعي في حقهم هو الاجتهاد الذي قد يورث الظن اعتمادا على المؤشرات والقرائن. فإذا اقتضاهم هذا الحكم المتفق عليه أن يختلفوا في نتيجة الاجتهاد، وأن يصلي كل منهم إلى جهة، فلا حرج وعبادتهم جميعا صحيحة. فهم وإن اختلفوا في التطبيق السلوكي، فإنهم متفقون في الدستور، والمنطق الفكري الذي حملهم على الاجتهاد، ومن ثم على التخالف في وجهات النظر. وهذا معنى قولنا: إن اختلافهم الشكلي اتفاق ضمني.
والمبدأ ذاته يطبق على سائر القضايا الاجتهادية أيا كان نوعها، فلقد قتل
عثمان – رضي الله عنه – ظلما، بأيدي طائفة من البغاة، وهذا شيء معروف، ولا شك أن القاتلين يتحملون جريرة عدوانهم ويخضعون لسلطان القصاص الشرعي. وهذا أيضا محل اتفاق، وليس أمرا اجتهاديا يحتمل الأخذ والرد.
غير أن السبيل إلى تطبيق هذا الحكم، يدخل فيما يسمى بأحكام الإمامة، والسياسة الشرعية؛ فمن حق الخليفة وهو هنا علي – رضي الله عنه – أن يؤخر المطالبة بدم عثمان – رضي الله عنه – ريثما يستقر له الأمر أو ينجز ما قد يراه من المقدمات الضرورية التي تضمن سلامة التنفيذ وإبعاد أسباب الفتنة.
وهذا هو ما جنح إليه علي – رضي الله عنه – وهو رأي اجتهادي من حقه أن يأخذ به، بل يجب أن يتبصر مواطئ قدميه بمقتضاه.
أما طلحة والزبير رضي الله عنهما فقد رأيا ومعهما ثلة من الصحابة أن الإسراع في ذلك هو الأضمن لسلامة الأمر ودرء أسباب الفتنة، وعرضا على علي – رضي الله عنه – خدماتهما، وأن يأتياه بالجنود من البصرة والكوفة ليكونوا سندا له، غير أنه استمهلهما ليرى رأيه في الأمر.
والذي بعد ذلك، هو أن كلا الطرفين سعى إلى تنفيذ اجتهاده في اتباع السبيل الأمثل إلى الأخذ بدم عثمان – رضي الله عنه – فكان أن تلاقى أولئك الذين رأوا الإسراع في الاقتصاص من قتلة عثمان في البصرة، وفيهم عائشة وطلحة والزبير وجمع كبير من الصحابة – رضي الله عنهم – ولم يكن عمل هؤلاء أكثر من تذكير أهل البصرة بضرورة التعاون لمحاصرة قتلة عثمان والثأر منهم[43]، ولكن صارت الأمور إلى حيث ما ذكرنا في الوجه السابق وبينا موقف الجميع من هذه الحادثة من الاتفاق على الصلح لولا أن السبئية فعلوا ما فعلوا.
وعليه فلا يقدح اجتهاد طلحة والزبير رضي الله عنهما في عدالتهما على الإطلاق.
يقول الإمام القرطبي: “لا يجوز أن ينسب إلى أحد من الصحابة خطأ مقطوع به، إذ كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه وأرادوا الله عز وجل… وهم كلهم لنا أئمة وقد تعبدنا بالكف عما شجر بينهم، وألا نذكرهم إلا بأحسن الذكر؛ لحرمة الصحبة ولنهي النبي – صلى الله عليه وسلم – عن سبهم، وأن الله غفر لهم، وأخبر بالرضا عنهم.
هذا مع ما قد ورد من أخبار من طرق مختلفة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أن طلحة شهيد يمشي على وجه الأرض، فلو كان ما خرج إليه من الحرب عصيانا لم يكن بالقتل فيه شهيدا… ومما يدل على ذلك ما صح وانتشر من أخبار تدل على أن قاتل الزبير في النار،فعن زر بن حبيش قال: «استأذن ابن جرموز على علي – رضي الله عنه – وأنا عنده، فقال علي رضي الله عنه: “بشر قاتل ابن صفية بالنار، ثم قال علي: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: إن لكل نبي حواريًّا وحواريَّ الزبير»[44]. وإذا كان كذلك، فقد ثبت أن طلحة والزبير غير عاصيين ولا آثميين بالقتال، أي أنهما معذوران باجتهادهما وإلا لم يقل النبي – صلى الله عليه وسلم – في طلحة “شهيد” ولم يخبر أن قاتل الزبير في النار، وإذا كان كذلك لم يوجب ذلك لعنهم، والبراءة منهم وتفسيقهم وإبطال فضائلهم وجهادهم وعظيم غنائهم في الدين[45]، وبذلك تبطل تلك الدعوى الساقطة من الأساس.
الخلاصة:
- إن عدالة طلحة والزبير رضي الله عنهما ثابتة بالقرآن والسنة الصحيحة، ومن عدله الله لا يقبل الجرح فيه من أحد أيا كان.
- لقد جعل طلحة والزبير رضي الله عنهما من نفسيهما درعا واقيا للإسلام ورسوله – صلى الله عليه وسلم – وكانا حقا من المدافعين عن حياضه.
- إن مقتل عثمان – رضي الله عنه – كان نكبة عظيمة حلت على المسلمين على غير مثال سابق، أو نص ثابت أو إجماع مقرر، ولذلك اجتهد الصحابة في تحديد وقت الاقتصاص، بعد الاتفاق على وجوبه، والكل مجتهد مأجور لا مأزور، وهذه فتنة قال عنها العلماء: لم نخض فيها بسيوفنا فلننزه عنها ألسنتنا.
- رأى الإمام علي – رضي الله عنه – التريث في المسألة حتى تستقر له الأمور ويعلم من القاتل حقا ليتجنب ظلم الأبرياء ولا يفلت الجناة، ورأى طلحة والزبير ومن معهم من الصحابة – رضي الله عنهم – التعجيل بالقصاص، لتجنب الفتنة وكسر شوكة الثوار وقد خالفا الأولى فلهما أجر واحد، وكان علي – رضي الله عنه – الأقرب إلى الحق.
- لقد توصل الصحابة إلى الاتفاق على الصلح، وتفهم طلحة والزبير رضي الله عنهما رأي الإمام علي – رضي الله عنه – واتفق الجميع على القصاص من قتلة عثمان – رضي الله عنه – إلا أن السبئيين أجمعوا أمرهم على ألا يتم هذا الاتفاق فأشعلوا الحرب بمكرهم؛ لكي لا تدور عليهم الدائرة، ولكي يتفلتوا من العقاب.
- إطلاق الكفر على قتال المؤمن محمول على معان متعددة؛ فهي للمبالغة في التحذير من ذلك، وقيل: كفارا لحرمة الدماء وحرمة المسلمين، وحقوق الدين، وقيل: كفارا بنعمة الله – عز وجل – وقيل: إن الفعل المذكور يفضي إلى الكفر وسوء الخاتمة لاعتياد فاعله على كبار المعاصي، وقيل: اللفظ على ظاهره للمستحل قتال أخيه المسلم.
- ما جرى بين الصحابة من قتال لم يكن عن استحلال له؛ ولهذا اتفق أهل السنة على أنه لا تفسق واحدة من الطائفتين؛ لأنه كان بتأويل وصاحبه إما مجتهد مصيب مأجور أجرين أو مجتهد مخطئ مأجور أجرا واحدا.
- لا يتعارض تبشير طلحة والزبير رضي الله عنهما بالجنة مع اشتراكهما في الفتنة؛ لأنهما لم يخطئا بل جانبا الأولى، فلهم أجر الاجتهاد، ثم إن العصمة لا تشترط لدخول الجنة وإلا لما دخلها إلا الأنبياء والمرسلون، وهذا ما اتفق عليه السلف، وأن سعادة العقبى لا تستلزم العصمة من الذنوب.
(*) هذه مشكلاتهم، د. محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر، دمشق، ط7، 1427هـ/ 2006م.
[1]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (1/ 41).
[2]. صحيح: أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب: معرفة الصحابة رضي الله عنه، باب: ذكر مناقب حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، (3/ 408)، رقم (5558). وصححه الحاكم ووافقه الذهبي في التلخيص.
[3]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب الزبير بن العوام، (7/ 99)، رقم (3719). صحيح مسلم (بشرح النووي )، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل طلحة والزبير، (8/ 3551)، رقم (6126).
[4]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: المغازي، باب: ) الذين استجابوا لله والرسول (، (7/ 432)، رقم (4077).
[5]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب الزبير بن العوام، (7/ 99)، رقم (3720).
[6]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب الزبير بن العوام، (7/ 100)، رقم (3721).
[7]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: ذكر طلحة بن عبيد الله، (7/ 103)، رقم (2724).
[8]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: ذكر طلحة بن عبيد الله، (7/ 103)، رقم (3722، 3723).
[9]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (7/ 103).
[10]. تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة من روايات الإمام الطبري والمحدثين، محمد أمحزون، دار السلام، القاهرة، ط2، 1428هـ/ 2007م، ص454 بتصرف.
[11]. تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة من روايات الإمام الطبري والمحدثين، محمد أمحزون، دار السلام، القاهرة، ط2، 1428هـ/ 2007م، ص454، 455.
[12]. تاريخ الأمم والملوك، ابن جرير الطبري، دار الفكر، بيروت، ط1، 1407هـ/ 1987م، (3/ 22).
[13]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، (2/ 256).
[14]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (13/ 38).
[15]. حقبة من التاريخ، عثمان محمد الخميس، مكتبة الإمام البخاري، القاهرة، ط3، 1427 هـ/ 2006م، ص177، 178 بتصرف.
[16]. تاريخ خليفة بن خياط، خليفة بن خياط، تحقيق: أكرم ضياء العمري، دار القلم، دمشق، ط2، 1397هـ، ص41.
[17]. حقبة من التاريخ، عثمان بن محمد الخميس، مكتبة الإمام البخاري، القاهرة، ط3، 1427 هـ/ 2006م، ص178.
[18]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (3/ 92).
[19]. منهاج السنة، ابن تيمية، تحقيق: محمد أيمن الشبراوي، دار الحديث، القاهرة، 1425هـ/ 2004م، (4/ 343).
[20]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: الإنصات إلى العلماء، (1/ 262)، رقم (121). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: بيان معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا ترجعوا بعدي كفارا…”، (1/ 488)، رقم (219).
[21]. صحيح: أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب: معرفة الصحابة رضي الله عنهم، باب: مقتل الزبير بن العوام رضي الله عنه، (3/ 413)، رقم (5576). وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (2659).
[22]. حقبة من التاريخ، عثمان بن أحمد الخميس، مكتبة الإمام البخاري، القاهرة، ط3، 1427 هـ/ 2006م، ص179، 180.
[23]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (13/ 30).
[24]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (1/ 262).
[25]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (12/ 202).
[26]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري )، كتاب: الإيمان، باب: خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، (1/ 135)، رقم (48). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم: “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر”، (1/ 330)، رقم (64).
[27]. انظر: عدالة الصحابة، د. عماد السيد الشربيني، مكتبة الإيمان، القاهرة، 1427هـ/ 2006م، ص38، 39.
[28]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، دار المعرفة، بيروت، 1400هـ/ 1980م، (4/ 211).
[29]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الصلح، باب: قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للحسن بن علي رضي الله عنه: “إن ابني هذا سيد…”، وقوله جل ذكره: ) فأصلحوا بينهما (، (5/ 361)، رقم (2704).
[30]. منهاج السنة النبوية، ابن تيمية، تحقيق: محمد أيمن الشبراوي، دار الحديث، القاهرة، 1425هـ/ 2004م، (4/ 225).
[31]. الإحكام في أصول الأحكام، الآمدي،، تحقيق: عبد المنعم إبراهيم، مكتبة نزار الباز، السعودية، ط1، 1421هـ/ 2000م، (2/ 351).
[32]. منهاج السنة النبوية، ابن تيمية، تحقيق: محمد أيمن الشبراوي، دار الحديث، القاهرة، 1425هـ/ 2004م، (4/ 225).
[33]. الإحكام في أصول الأحكام، الآمدي، تحقيق: عبد المنعم إبراهيم، مكتبة نزار الباز، السعودية، ط1، 1421هـ/ 2000م، (2/ 351).
[34]. البرهان في أصول الفقة، الجويني، تحقيق: د. عبد العظيم الديب، دار الوفاء، مصر، ط4، 1418هـ، (1/ 241، 242).
[35]. فتح المغيث شرح ألفية الحديث، السخاوي، تحقيق: صلاح محمد عويضة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1414هـ/ 1993م، (3/ 115).
[36]. هذه مشكلاتهم، د. محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر، دمشق، ط7، 1427هـ/ 2006م، ص160.
[37]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: التوبة، باب: سقوط الذنوب بالاستغفار توبة، (9/ 3852)، رقم (6832).
[38]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: التوبة، باب: سقوط الذنوب بالاستغفار توبة، (9/ 3851)، رقم (6830).
[39]. حسن: أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، (5/ 453)، رقم (7255). وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (5303).
[40]. لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف، الحافظ ابن رجب الحنبلي، تحقيق: رضوان جامع رضوان، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، القاهرة، ط1، 1422هـ/ 2002م، ص26: 28 بتصرف.
[41]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: السنة، باب: في الخلفاء، (12/ 262)، رقم (4635). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (4649).
[42]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، (13/ 330)، رقم (7352). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الأقضية، باب: بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، (6/ 2675)، رقم (4407).
[43]. هذه مشكلاتهم، د. محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر، دمشق، ط7، 1427هـ/ 2006م، ص164: 168 بتصرف.
[44]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه (2/ 79)، رقم (681). وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند.
[45]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، (16/ 321، 322) بتصرف.