دعوى إنكار أحاديث فضل الحجامة والتداوي بها
وجوه إبطال الشبهة:
1) لقد تواترت أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- في فضل الحجامة والتداوي بها، ورويت في أصح كتب السنة، حيث رواها البخاري ومسلم في صحيحيهما، ومن ثم فالحجامة سنة ثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يقدح في هذا احتجام أبي جهل، أو وجودها قبل البعثة.
2) إن القول بأن أحاديث فضل الحجامة تحد من التقدم العلمي – قول يفتقد الدليل؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحصر العلاج في الحجامة – كما أنه لم يمنع التداوي بغيرها – وإنما أرشد أمته إلى طريقة علاجية أثبتت جدواها بالتجربة، كذلك فإن هذا الزعم يناقض أحاديث نبوية كثيرة تحث على طلب العلم وتعلي من شأن العلماء.
3) لقد أكد العلم الحديث بنظرياته وتجاربه – بما لا يدع مجالا للشك – أن للحجامة فضلا عظيما في علاج كثير من الأمراض التي تصيب الإنسان، والأمثلة الواقعية على صدق ذلك كثيرة ومتنوعة.
التفصيل:
أولا. أحاديث التداوي بالحجامة وفضلها صحيحة ثابتة:
لقد تعددت الأحاديث في فضل الحجامة وصحة التداوي بها، منها ما ورد في الصحيحين، ومنها ما ورد في كتب السنن والمسانيد.
أحاديث الحجامة في صحيح البخاري:
- عن سعيد بن جبير و ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنهى أمتي عن الكي». [2]
- عن أنس -رضي الله عنه- أنه سئل عن أجر الحجام فقال: «احتجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجمه أبو طيبة، وأعطاه صاعين من طعام، وكلم مواليه فخففوا عنه، وقال: إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري…»[3].
- عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – أنه عاد المقنع ثم قال: «لا أبرح حتى يحتجم، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن فيه شفاء»[4].
- عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: «إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- احتجم في رأسه»[5].
- عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أيضا – قال: «احتجم النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو صائم»[6].
- وجاء عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- احتجم وأعطى الحجام أجره، واستعط»[7].
وفي رواية أخرى رواها الإمام مسلم في صحيحه عن حميد، قال: «سمعت أنسا يقول: دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- غلاما لنا حجاما فحجمه، فأمر له بصاع أو مد أو مدين، وكلم فيه، فخفف عن ضريبته»[8].
وبعد سرد تلك الروايات الصحيحة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتي لم يثبت لأحد من أئمة الحديث ونقاده طعنا فيها – نستطيع أن نرد هذا الزعم الباطل بضعف أو إنكار تلك الأحاديث، ولا يقدح في صحة هذه الأحاديث كون الحجامة كانت موجودة قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك أن الإسلام لم يأت ليغير حياة العرب من أجل التغير، كما أن حياة العرب كانت مليئة بمبادئ أخلاقية كثيرة ارتضاها الإسلام فأبقى عليها النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ كما أبقى على كثير من العادات الحسنة لدى العرب.
كذلك لا يقدح في صحة تلك الأحاديث احتجام أبي جهل أو غيره فمعظم قريش كانت تسعى بين الصفا والمروة، وأبقى الإسلام على تلك الشعيرة، وماذا يقول المغرضون عن فريضة الصيام؟ ألم يقل الله تعالى: )يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم( (البقرة: ١٨٣).
واليهود والنصارى يصومون، فهل نترك الصيام ولا نقر بفرضيته لأن غيرنا قد صام؟! وعليه فشبهة هؤلاء داحضة مردودة عليهم[9].
ثانيا. أحاديث الحجامة لا تحد من التقدم العلمي ولا تخالف الأصول الطبية:
إن قولهم بأن أحاديث فضل التداوي بالحجامة تعرقل التقدم العلمي – قول يفتقد إلى دليل يثبته، بل هو من قبيل التخبط العقلي، وبناء نتائج توافق الهوى على مقدمات غير صحيحة.
لم ينه النبي -صلى الله عليه وسلم- عن التداوي بشيء غير الحجامة ما دام مباحا لا يخالف أصول الدين، ولو نظر المغرضون في الأحاديث التي يريدون إنكارها – لوجدوا أنواعا أخرى من العلاج؛ فقد قرن النبي -صلى الله عليه وسلم- بين التداوي بالحجامة والتداوي بالعسل في أكثر من حديث صحيح، مثل حديث ابن عباس السابق، الذي رواه البخاري، وجاء فيه: «الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم…».
والتداوي بعسل النحل أمر واضح ومعترف به في المراكز الطبية الغربية وغيرها، فلماذا التفريق بين المتماثلين إذن، فما المستند والبرهان الذي اعتمد عليه هؤلاء حتى يفرقوا بين التداوي بالعسل، والتداوي بالحجامة، خاصة وقد أثبت العلم الحديث – كما سيرد بعد قليل – ما للحجامة من فوائد طبية كثيرة ومتعددة؟![10].
ونحن حين ندافع عن أحاديث الحجامة لا ندعي أن السنة النبوية موسوعة طبية، لأنه من المعلوم أن القرآن وكتب السنة المشرفة ليست كتب طب أو هندسة أو زراعة أو نحو ذلك من العلوم التجريبية، إلا أنها قد حوت قبسا من هذه العلوم، للتدليل على مصدرها الإلهي، وهذا القدر الذي حوته كاف في تحقيق ذلك.
ويتمثل الإعجاز في أن العلم يأتي بعد قرون عديدة ويثبت صحة ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- من حقائق علمية لم تكن معروفة يوم أن نطق بها. وهذا يعد دليلا واضحا على أن السنة وحي من عند الله، وأن ما نطق به النبي -صلى الله عليه وسلم- من حقائق علمية رغم أميته دليل على نبوته صلى الله عليه وسلم[11]. فيجب على الأمة أن تصدق بها بدلا من أن تنساق وراء من يختلق الأعذار والحجج الواهية لإنكارها.
وهل بعد ذلك يعقل قولهم بأن السنة حاربت أو قيدت التقدم العلمي؟ فما قولهم إذن في الأحاديث الصحيحة التي تبين قيمة العلم وتحث عليه وتعلي من شأن العلماء؟ وإليك بعض هذه الأحاديث:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهل الله له طريقا إلى الجنة»[12]. فجعل -صلى الله عليه وسلم- طلب العلم سببا في دخول الجنة بل إنه فضل العالم على العابد المجتهد فقال صلى الله عليه وسلم: «…وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء. إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما. إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر»[13]. فهل من قال هذا الكلام الجليل في حق العلم، يناقض نفسه بكلام يحارب به العلم، أي عقل يسوغ ذلك؟!
إن ذلك لا يتماشى إلا مع فكر أصحاب الهوى وناشدي الوهم والتخبط، الذين لا يتبعون الخطوات الصحيحة للوصول إلى الحقيقة، وإنما يفترضون أمورا من عندهم ثم يحاولون الوصول إليها بطرق ملتوية ويدعون أنهم أصابوا وجه الحقيقة.
ثالثا. فوائد الحجامة في الطب القديم والحديث:
لقد أكد علماء الطب قديما فوائد الحجامة الطبية، وجاء العلم الحديث بنظرياته وتجاربه الواقعية والمشاهدة لشهد أن الحجامة فيها العلاج من معظم الأمراض التي تصيب الإنسان.
وتواتر أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيان فضل الحجامة والتداوي بها وبيان قدرتها على الشفاء من أمراض كثيرة ومتنوعة – بإذن الله – لدليل قاطع على أن للحجامة منافع طبية جليلة، وفوائد صحية عظيمة ومتنوعة، ذلك ما أدركه علماء الأمة قديما، وأثبته علماء الطب المحدثين وأقروه.
أما علماء الأمة قديما: فهذا ابن القيم يتحدث عن منافع الحجامة الطبية، فيقول: “فإنها تنقي سطح البدن أكثر من الفصد[14]، والفصد لأعماق البدن أفضل، والحجامة تستخرج الدم من نواحي الجلد.
والحجامة على الكاهل: تنفع من وجه المنكب والحلق.
والحجامة على الأخدعين[15]: تنفع من أمراض الرأس، وأجزائه، كالوجه والأسنان، والأذنين، والعينين، والأنف، والحلق إذا كان حدوث ذلك عن كثرة الدم أو فساده، أو عنها جميعا.
والحجامة تحت الذقن تنفع من وجع الأسنان والوجه والحلقوم، إذا استعملت حتى وقتها، وتنقي الرأس والفكين، والحجامة على ظهر القدم تنوب عن فصد الصافن، وهو عرق عظيم عند الكعب، وتنفع من قروح الفخذين والساقين، وانقطاع الطمث، والحكة العارضة في الأنثيين، والحجامة في أسفل الصدر نافعة من دماميل الفخذ، وجربه وبثوره، ومن النقرس والبواسير، والفيل[16] وحكة الظهر”[17].
وذكر ابن حجر قول أهل العلم بالطب في منافع الحجامة وقال: “قال أهل العلم بالطب: فصد الباسليق تنفع حرارة الكبد والرئة من الشوصة[18] وذات الجنب وسائر الأمراض الدموية العارضة من أسفل الركبة إلى الورك، وفصد الأكحل ينفع الامتلاء العارض في جميع البدن إذا كان دمويا ولا سيما إن كان فسد، وفصد القيفال[19] ينفع من علل الرأس والرقبة، إذا كثر الدم أو فسد، وفصد الودجين لوجع الطحال والربو ووجع الجنبين، والحجامة على الكاهل تنفع من وجع المنكب والحلق وتنوب عن فصد الباسليق”.
وعقب على ذلك بقوله: “ومحل ذلك كله إذا كان عن دم هائج وصادف وقت الاحتياج إليه، والحجامة على المقعدة تنفع الأمعاء وفساد الحيض”[20].
ومما سبق يتضح إدراك علماء الطب قديما لفوائد الحجامة ومنافعها الطبية في التداوي من أمراض كثيرة ومتنوعة.
أما بالنسبة لعلماء الطب المحدثين والمعاصرين بما يمتلكوه من أجهزة ونظريات علمية حديثة ومتطورة في كل مجالات العلوم، فقد أكدوا بما لا يدع مجالا للشك أن الحجامة لها فوائد طبية عديدة، وأنها تفيد في علاج كثير من الأمراض التي تصيب الإنسان.
تقول الدكتورة ماجدة عامر، أستاذ الكيمياء الحيوية بمستشفي جامعة عين شمس، واستشاري الطب البديل: “إن العالم تناول خبراتنا الطبية واهتم بها ونحن نيام، على الرغم من أن هناك دراسة علمية تمت حول دلالات البيولوجيا الجزئية من أطباء الكبد والكيمياء الحيوية في مصر، وأكدت نتائج الدراسة العلمية أن الحجامة علاج فعال لمرض الكبد الوبائي.
وأوضحت الدكتورة “ماجدة” أن الحجامة تعمل على تنقية الدم من الشفط الذي يحمل العديد من مسببات الألم مما يؤدي إلى تحسن ملحوظ في الدورة الدموية للجسم عموما.
وأضافت أنها شاركت في المؤتمر العالمي السابع للإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة الذي انعقد بمدينة “دبي” في مارس 2004م، وقدمت بحثا حول تأثير الحجامة على بعض المتغيرات الكيميائية الحيوية، ونال اهتمام العالم، وتمت مناقشته للاستفادة به”[21].
وقد أثبت العلم الحديث أن الحجامة قد تكون شفاء لبعض أمراض القلب، وبعض أمراض الدم، وبعض أمراض الكبد، ففي حالة شدة احتقان الرئتين نتيجة هبوط القلب، وعندما تفشل جميع الوسائل العلاجية من مدرات البول، وربط الأيدي والقدمين، لتقليل اندفاع الدم إلى القلب، فقد يكون إخراج الدم بفصده عاملا جوهريا هاما لسرعة شفاء هبوط القلب.
كما أن الارتفاع المفاجئ لضغط الدم المصحوب بشبه غيبوبة، وفقد التمييز للزمان والمكان، أو المصاحب للغيبوبة نتيجة تأثير هذا الارتفاع الشديد المفاجئ لضغط الدم – قد يكون إخراج الدم بفصده علاجا لمثل هذه الحالة.
كما أن بعض أمراض الكبد مثل (التليف الكبدي)، لا يوجد لها علاج ناجح سوى إخراج الدم بفصده، فضلا عن بعض أمراض الدم التي تتميز بكثرة كرات الدم الحمراء، وزيادة نسبة الهيموجلوبين في الدم، تلك التي تتطلب إخراج الدم بفصده، حيث يكون هو العلاج لمثل هذه الحالات منعا لحدوث مضاعفات جديدة.
ومما هو جدير بالذكر أن زيادة كرات الدم الحمراء قد تكون نتيجة للحرارة الشديدة بما لها من تأثير واضح في زيادة إفرازات الغدد الدرقية، مما ينتج عنها زيادة عدد كرات الدم الحمراء، ومن ثم إخراج الدم بفصده هو العلاج المناسب لمثل هذه الحالات[22].
وقد ثبت بالتجربة ومن خلال البحوث الطبية المختلفة أن الحجامة تعيد للجسم حيويته، وتقوي مناعته، وتحفظ توازنه، وقد أجريت عدة أبحاث حديثة بغرض الكشف عن الآثار العلاجية المتعددة للحجامة، منها:
- بحث للبروفيسور الفرنسي (كانتيل)، وقد أثبت فيه أثر الحجامة في زيادة مادة “الإنترفيرون”، والتي تمتاز بمفعولها القوي ضد الفيروسات مما يفيد في علاج الالتهاب الكبدي الفيروسي وغيره.
- أبحاث الدكتورة ماجدة عامر بمصر أسفرت عن النتائج التالية:
- أن الحجامة تزيد نسبة “الأندروفين” في الجسم.
- أن الحجامة تزيد نسبة “الكورتيزون” في الدم.
- أن الحجامة تحفظ وتثير المواد المضادة للأكسدة بالدم.
- أن الحجامة تقلل نسبة “البولينا “وحمض “البوليك” في الدم.
- أن الحجامة تقلل نسبة الدهون الضارة المعروفة باسم “ldl”.
في حين أنها في الوقت نفسه تزيد نسبة “hdl”المفيدة للجسم.
- أبحاث صينية ويابانية وأوروبية أثبتت:
- فوائد الحجامة في علاج أمراض (السكر، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض الكبد والمرارة، والتهابات الكبد والالتهابات الفيروسية، والحموضة والقرحة، والمغص وآلام البطن المختلفة، والتهابات القولون، والقولون العصبي، والإسهال والإمساك، وعسر الهضم وضعف الشهية للطعام والشراب).
- فوائد الحجامة في علاج أمراض الصدر والحساسية؛ حيث تثبت فعاليتها في علاج (السعال بأنواعه، وضيق التنفس والأزمات، والالتهابات والشعب والإنفلونزا..).
- علاوة على فوائدها الهامة في علاج أمراض القلب والشرايين، والأمراض الجراحية، كالبواسير، والناسور، ودوالي الساقين، ودوالي الخصيتين”[23].
وقد أجريت في جامعة دمشق أكبر دراسة علمية منهجية على الحجامة، وذلك عام 2001م، اشترك فيها فريق مخبري مكون من (4) أساتذة جامعيين في الصيدلية والتحاليل الطبية، و(11) أستاذا جامعيا في تخصصات الجراحة والقلب والأورام والعيون والأنف والأذن.
وقد تم إجراء الدراسة على (300) حالة مرضية لرصد أثر الحجامة في علاجهم، وبتحليل النتائج تبين لنا أن الحجامة أدت إلى:
- إعادة الضغط إلى حدوده الطبيعية؛ أي: أنها خفضت الضغط المرتفع، ورفعت الضغط المنخفض.
- انخفاض في سرعة الدم تخثر إلى الحدود الطبيعية (مما يقي من الجلطات)، واعتدال تعداد كرات الدم الحمراء.
- هبوط خضاب الدم إلى الحدود الطبيعية في حالات احمرار الدم، وصعود خضاب الدم إلى الحدود الطبيعية في حالات انخفاضه، مما يدل على نشاط الجسم ونمو قدرته على نقل الأكسجين بواسطة كريات فتية سليمة.
- ارتفاع عدد الكرات البيضاء في (52 %) من الحالات إلى الحدود الطبيعية، وارتفاع عدد تكتل الكرات في الأمراض الرئوية في (4٫7 %) من الحالات، مما يفسر الشفاء السريع لمرض الروماتيزم والالتهابات المزمنة بعد الحجامة.
- ارتفاع عدد صفائح الدم إلى الحدود الطبيعية في (100 %) من حالات النقص على الحدود الطبيعية، وانخفضت عدد تلك الصفائح في (50 %) من الحالات التي تعاني ارتفاعا فيها.
- انخفاض نسبة السكر عند (8 ٫ 75 %) من الحالات، وانخفضت نسبة السكر بالدم عند الأشخاص السكريين في (6 %) من الحالات.
- انخفاض كمية الكرياتين بالدم في (7 ٫ 66 %) من الحالات، وانخفضت كمية الكرياتين بالدم عند المصابين بارتفاعها بنسبة (8 ٫ 75 %) من الحالات.
- انخفاض كمية حمض البول بالدم في (66٫7%) من الحالات، كما انخفضت كمية حمض البول بالدم عند المصابين بارتفاعه بنسبة (69 %) من الحالات.
- زيادة نشاط الكبد مما يترتب عليه انخفاض خميرة الكبد عند المصابين بارتفاعها في (80 %) من الحالات، وارتفاعها عند المصابين بانخفاضها بالنسبة نفسها.
- انخفاض نسبة الأليومين بالدم عند المصابين بارتفاعها في (100 %) من الحالات.
- انخفضت نسبة الشحوم الثلاثية عند المصابين بارتفاعها بنسبة (75 %) من الحالات.
- كان تعداد الكريات البيضاء في دم الحجامة عشر تعدادها في الدم الوريدي مما يؤكد أن الحجامة لا تؤثر سلبا على عناصر المناعة بالجسم، كما أظهرت تحليلات الدم التي أجريت على الدم المستخرج من الحجامة أن الحديد لا يخرج من الدم المسحوب، كما أظهرت ارتفاع نسبة الكرياتين، وانخفاض نسبة كريات الدم البيضاء في ذلك الدم مما يؤكد أن الحجامة تستخرج كل الشوائب والفضلات والرواسب الدموية، مما يؤدي إلى تنشيط الجسم”[24].
وقد تأكد ذلك في المقال السابق بمجلة الأسرة أن الأبحاث العلمية الحديثة أثبتت أن للحجامة تأثيرا علاجيا فعالا لمعظم الأمراض التي قد يصاب بها الإنسان، ومنها:
- ما يتعلق بأمراض الجهاز الهضمي، فقد أثبتت الأبحاث قدرة الحجامة على الشفاء من مرض الالتهابات وقرحة المعدة، والإمساك، والإسهال، والقولون العصبي، والتهابات الكبد الفيروسي، والتهابات المرارة، وغيرها.
- ما يتعلق بأمراض القلب؛ كمعالجتها لقصور الشريان التاجي.
- ما يتعلق بالجهاز التنفسي، مثل التهاب الشعب المزمن، وحساسية الصدر (الأزمة الربوية)، والتهاب الجيوب الأنفية.
- ما يتعلق بالأمراض الجلدية، فقد أثبتت الأبحاث العلمية ما للحجامة من فوائد في التدواي من أمراض الثعلبة والبهاق (البرص) والصدفية وغيرها.
- ما يتعلق بأمراض العظام والعمود الفقري، مثل خشونة الغضاريف والمفاصل الطرفية ومرض النقرس.
- ما يتعلق بأمراض المناعة الذاتية، فقد أثبتت التجارب والأبحاث العلمية المتطورة قدرة الحجامة على علاج مرض الروماتيد، ومرض الذئبة الحمراء.
- ما يتعلق بأمراض المخ والأعصاب؛ فقد أثبتوا أن الحجامة مهمة في علاج أمراض (الشلل النصفي، والصداع، وخاصة الصداع الدموي، وضمور المخ، والتخلف العقلي، والصرع).
- ما يتعلق بأمراض ضغط الدم المرتفع، وأمراض السكر؛ فإن الأبحاث أثبتت أن الحجامة لها أثر كبير في الشفاء منهما.
- كما أن الحجامة لها قدرة عظيمة في الوقاية من السرطان وعلاجه [25].
وجدير بالذكر أن الأبحاث العلمية التي أجريت في الغرب حول الحجامة هي التي دفعتهم إلى الاعتماد على الحجامة كأسلوب علاجي ناجح، وهذا حمدي عبد الله الصعيدي صاحب موسوعة الإعجاز العلمي في سنة النبي الأمي يقول متسائلا وسائلا هؤلاء المهاجمين للتداوي بالحجامة: لماذا لم نسمع منكم اعتراضا واحدا على “العلاج بالإبر الصينية” أو ما يسمى “الوخز”، لماذا لم ترفضوها كما رفضتم الحجامة؛ فإنهما سواء في أنهما من الطب القديم؟! أم إنكم تأبون كل ما يمت للإسلام – وفقط – بصلة؟!
وماذا ستقولون وقد عادت أوروبا وأمريكا إلى تدريس الحجامة في جامعاتها؟!
يقول الدكتور “أمير صالح” عضو الجمعية الأمريكية للطب البديل: “لقد بدأت أوروبا وأمريكا بتدريس الحجامة والتداوي بها في مناهج الطب الأمريكية والأوربية تحت اسم (cuuping therapy)، وتبين أن لها تأثيرا واضحا في تحسين وظائف الكبد وعلاج بعض أمراض الأنف والأذن والحنجرة، وعلاج البدانة، والأمراض المتعلقة بضعف البدانة”.
وصدقت الدكتورة “منى الشمري”، أخصائية الطب البديل في رسالتها الموجهة إلى هؤلاء المعارضين للحجامة من الأطباء والجهال الأدعياء، حين قالت: “إننا انجرفنا وراء معطيات الحضارة الغربية وتناسينا ما بين أيدينا، فعودوا إلى الجذور، وإلى تعاليم رب العباد، وهدي رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- البارز في كل جوانب الحياة.
فهل من المعقول أن ننتظر حتى تثبت لنا النظريات والتجارب سلامة منهجنا حتى نتبعه؟! وهل هناك أصدق وأدق من منهج قوم دستورهم القرآن والسنة النبوية المطهرة؟”[26]
وبعد؛ فإن العلم الحديث قد أثبت ما للحجامة من فوائد طبية عظيمة في علاج معظم الأمراض التي تصيب الإنسان، وهذا ما بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديثه التي تحث على التداوي بالحجامة لعظم فوائدها الطبية.
كما أن الواقع المشاهد – أيضا – يشهد بأن الحجامة أمر ضروري في علاج جميع الأمراض، وهناك أمثلة واقعية لمرضى تم شفاؤهم باستخدام الحجامة:
فخلاصة القول في ذلك أن فكرة الحجامة أمر متأصل في الدين الإسلامي، والعلاج بالحجامة قد أصبح الآن ضمن مقررات الدراسة في جامعات الغرب، وأن ما أكده الباحثون من أن مستشفيات أوروبا وأمريكا تعتمد على الحجامة كأحد أنجح الأساليب العلاجية، فإن دل ذلك على شيء فإنه يدل على عظمة سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- والاعتقاد الجازم بأن هديه خير الهدي، وإرشاده في كل المجالات هو أفضل إرشاد، وليس علينا بعد ذلك إلا التصديق والإذعان، وبذلك تسقط تلك الشبهة وتزول بعون الله.
الخلاصة:
- إن أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في التداوي بالحجامة وفضلها أحاديث صحيحة في أعلى درجات الصحة لا سيما ما ذكر في صحيحي البخاري ومسلم.
- إن التداوي بالحجامة سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لصحة نسبة أحاديث فضلها إليه -صلى الله عليه وسلم-، ولم يكن للنبي -صلى الله عليه وسلم- أن يأتي بشيء من عنده، فالله -سبحانه وتعالى- يقول: )وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى (4)( (النجم).
- لقد كانت هناك أشياء وتقاليد موجودة عند العرب قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- وعندما جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- أقر منها ما يتفق مع مبادئ الدين الإسلامي كالحجامة، وحرم ما هو مناف للدين الإسلامي كالخمر.
- إن النقل الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مقدم على العقل والعلم، إذا بدا تعارض ظاهري؛ إلى أن يكشف الله -سبحانه وتعالى- سر هذا النص علميا، مع ملاحظة أننا نوقن بأنه لا يمكن أن يتعارض مع نص صريح صحيح.
- لقد أثبت العلم الحديث بما أوتي من نظريات وتجارب، أن الحجامة أمر ضروري في علاج كثير من الأمراض التي قد تصيب الإنسان، وقامت كثير من الدول الغربية بتدريس الحجامة في الجامعات والمعاهد، وهذا كله شاهد على صدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.
(*) موسوعة الإعجاز العلمي في سنة النبي الأمي، حمدي عبد الله الصعيدي، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، مصر، ط1، 2007م.
[1]. الحجامة (cupping): في اللغة تعني: المص، وفي الاصطلاح تعني: إخراج الدم من الجسم بتشريط الجلد، وبهذا تختلف الحجامة عن الفصادة التي تجرى بشق العروق واستنزاف الدم منها. والحجامة وسيلة قديمة كانت تستخدم لعلاج معظم الأمراض؛ لأن الناس كانوا يجهلون أسباب الأمراض، وكانت الوسائل العلاجية محددة جدا، وقد تجرى الحجامة باستخدام العلق الذي يوضع على الجلد فيمص الدم، وقد تجرى الحجامة ـ أيضا ـ دون تشريط الجلد، وذلك باستخدام كؤوس فارغة تسخن من باطنها لخلخلة الهواء وإحداث ضغط سلبي بداخلها، ثم توضع على مناطق مختارة من الجلد فتجذب الدم في العروق إلى موضع الحجامة، وهي طريقة تساعد في تخفيف الوجع، وتعالج بعض الأوجاع الموضعية مثل: التهاب العضلات، والتهاب المفاصل ونحوهما. وفي العصر الحديث عاد الاهتمام بمثل هذه الطرق القديمة من العلاج، فيما يعرف بالطب الطبيعي أو الطب البديل الذي أنشئت له في أنحاء متفرقة من العالم عيادات متخصصة أخذ روادها يتزايدون يوما بعد يوم، وبخاصة بعد اكتشاف الأضرار الجانبية الخطيرة لكثير من الأدوية الكيميائية، وتحول كثير من الأطباء عن الأدوية المصنعة إلى المعالجات الطبيعية. (انظر: الموسوعة الطبية الفقهية، د. أحمد محمد كنعان، دار النفائس، بيروت، 1420هـ/ 2000م، ص327).
[2]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الطب، باب: الحجامة من الداء، (10/ 143)، رقم (5680).
[3]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الطب، باب: الحجامة من الداء، (10/ 158، 159)، رقم (5696).
[4]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الطب، باب: الحجامة من الداء، (10/ 159)، رقم (5697).
[5]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الطب، باب: الحجامة على الرأس، (10/ 160)، رقم (5699).
[6]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الطب، باب: أي ساعة يحتجم؟ واحتجم أبو موسى ليلا، (10/ 157)، رقم (5694).
[7]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الطب، باب: السعوط، (10/ 155)، رقم (5691). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: المساقاة، باب: حل أجرة الحجامة، (6/ 2454)، رقم (3964).
[8]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: المساقاة، باب: حل أجرة الحجامة، (6/ 2454)، رقم (3963).
[9]. انظر: موسوعة الإعجاز العلمى في سنة النبي الأمي، حمدي عبد الله الصعيدي، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، مصر، ط1، 2007م، ص954، 955.
[10]. موسوعة الإعجاز العلمى في سنة النبي الأمي، حمدي عبد الله الصعيدي، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، مصر، ط1، 2007م، ص954، 955.
[11]. موسوعة الإعجاز العلمى في سنة النبي الأمي، حمدي عبد الله الصعيدي، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، مصر، ط1، 2007م، ص48 بتصرف.
[12]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: العلم، باب: فضل طلب العلم، (7/ 339)، رقم (2784). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (2646).
[13]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: في الإيمان وفضائل الصحابة والعلم، باب: فضل العلماء والحث على طلب العلم، (1/ 81)، رقم (223). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (223).
[14]. الفصد: شق العرق.
[15] . الأخدعين: مثنى أخدع، وهو عرق في المحجمتين، وهو شعبة من حبل الوريد.
[16]. داء الفيل: زيادة في القدم والساق حتى تشبه رجل الفيل، وذلك لكثرة السواد، وقد يكون معه تقرح وقد لا يكون.
[17]. زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن قيم الجوزية، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1405هـ/ 1985م، (4/ 53: 58) بتصرف.
[18]. الشوصة: وجع في البطن من ريح تنعقد تحت الأضلاع.
[19]. القيفال: عرق في الذراع.
[20]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (10/ 161) بتصرف.
[21]. موسوعة الإعجاز العلمى في سنة النبي الأمي، حمدي عبد الله الصعيدي، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، مصر، ط1، 2007م، ص952، 953، بتصرف.
[22]. الطب النبوي، د. علي مؤنس، ص122، 123، نقلا عن: موسوعة الإعجاز العلمى في سنة النبي الأمي، حمدي عبد الله الصعيدي، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، مصر، ط1، 2007م، ص782 بتصرف.
[23]. الموسوعة الشاملة في الطب البديل، أحمد مصطفى متولي، دار ابن الجوزي، القاهرة، ط1، 1428هـ/ 2006م، ص590، 591.
[24]. جاء في مقال بعنوان: الحجامة سنة منسية وفوائد جلية، مجلة الأسرة، العدد 127، ص20: 22 بتصرف، نقلا عن: موسوعة الإعجاز العلمى في سنة النبي الأمي، حمدي عبد الله الصعيدي، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، مصر، ط1، 2007م، ص785، 786.
[25]. الحجامة سنة منسية وفوائد جلية، مقال في مجلة الأسرة، العدد 127، نقلا عن: موسوعة الإعجاز العلمى في سنة النبي الأمي، حمدي عبد الله الصعيدي، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، مصر، ط1، 2007م، ص787: 793 بتصرف.
[26]. موسوعة الإعجاز العلمى في سنة النبي الأمي، حمدي عبد الله الصعيدي، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، مصر، ط1، 2007م، ص959: 961.