دعوى امتهان الإسلام لعقلية المرأة باعتبار شهادتها تعدل نصف شهادة الرجل
وجوه إبطال الشبهة:
1)الشروط التي تراعى في الشهادة ليست عائدة إلى وصف الذكورة والأنوثة في الشاهد؛ وإنما مردها إلى عدالة الشاهد وضبطه، وأمن إيذائه أو التحيز له، ومدى أهليته للشهادة في الواقعة ودرايته بها.
2)مصدر هذه الشبهة هو الخلط بين “الشهادة” التي يعتمد عليها القاضي في حكمه بين المتنازعين، وبين”الإشهاد”الذي يقوم به صاحب الدين للاستيثاق من الحفاظ على دينه.
3)علل بعض العلماء قوله سبحانه وتعالى: )أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى( (البقرة: ٢٨٢) بكون المرأة ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات المالية، ولذا فإن ذاكرتها فيها ضعيفة، في حين أرجع بعضهم الآخر ذلك إلى طبيعة المرأة وما يعتريها من حالات نفسية قد تؤثر في بعض جوانب الشهادة.
4)ليست شهادة المرأة نصف شهادة الرجل على الدوام، فقد تتساوى شهادتها مع شهادته، بل قد تفوق شهادتها شهادته في بعض الأمور فتشهد هي ولا يشهد هو.
التفصيل:
أولا. الشروط المرعية في الشهادة لا علاقة لها بالذكورة أو الأنوثة:
إن الشروط التي تراعى في الشهادة ليست عائدة إلى وصف الذكورة أو الأنوثة في الشاهد، ولكنها عائدة في مجموعها إلى أمرين اثنين هما:
- عدالة الشاهد وضبطه، وألا تكون بينه وبين المشهود عليه خصومة تبعث على اتهامه فيما يشهد عليه به، وألا تكون بينه وبين المشهود له قرابة تبعث على احتمال تحيزه له في الشهادة.
- أن تكون بين الشاهد والواقعة التي يشهد بها صلة تجعله مؤهلا للدراية والشهادة فيها.
وعليه فشهادة من خدشت عدالته أو لم يثبت كامل وعيه وضبطه لا تقبل، رجلا كان الشاهد أو امرأة، وكذلك شهادة الخصم على خصمه والقريب لقريبه، رجلا كان الشاهد أو امرأة.
فإذا تحققت صفة العدالة وانتفت احتمالات التحيز لقرابة، واحتمالات الإيذاء لخصومة، كان لا بد بعد ذلك من أن يتحقق القدر الذي لا بد منه من الانسجام بين شخص الشاهد والمسألة التي يشهد بشأنها.
فإن لم يتحقق هذا القدر الذي لا بد منه، ردت الشهادة، رجلا كان الشاهد أو امرأة، وإن تفاوتت العلاقة بين المسألة التي تحتاج إلى شهادة، وبين فئات من الناس، كانت الأولوية لشهادة من هو أكثر صلة بهذه المسألة وتعاملا معها، بقطع النظر عن الذكورة والأنوثة.
ولو كان الأمر متعلقا بوصف الذكورة والأنوثة، لما كانت الأولوية لشهادة المرأة في أمور الرضاعة والحضانة والنسب، وغيرها مما تقوم الصلة فيه مع النساء أكثر من الرجال، ولما كانت الأولوية لشهادة النساء في كل خصومة جرت بين النساء بعضهن مع بعض، أيا كان سببها.
ولو كان الأمر كذلك، لقبلت شهادة رجل في وصف جريمة وقعت، بعد أن ثبت أن الشاهد رجل عاطفي النزعة، رقيق المشاعر، مرهف الحس والوجدان، ومن المعلوم أنه إذا ثبت لدى القاضي اتصاف هذا الرجل بهذه الصفات، فإن شهادته تصبح غير مقبولة، إذ لا بد أن يقوم من ذلك دليل على أن صلته بالمسائل الجرمية وقدرته على معاينتها ضعيفة أو معدومة، وهو الأمر الذي يفقده أهلية الشهادة عليها.
إذن فالمدار على شرط لا بد منه هو المحور والأساس، وهو أن تكون بين الشاهد والموضوع الذي يشهد فيه صلة قوية قائمة، أيا كان الشاهد رجلا أو امرأة. وليس المدار على الذكورة من حيث هي، كما أن المانع أو المضعف للشهادة إنما هو انعدام هذه الصلة بينهما، وليس المانع الأنوثة من حيث هي[1].
ثانيا. الخلط بين الشهادة التي يعتمد عليها القاضي في حكمه بين المتنازعين، وبين الإشهاد الذي يقوم به صاحب الدين للاستيثاق:
أساس هذه الشبهة هو خلط مثيريها بين “الشهادة” و “الإشهاد” الذي تتحدث عنه هذه الآية الكريمة؛ فالشهادة التي يعتمد عليها القضاء في اكتشاف العدل المؤسس على البينة، واستخلاصه من ثنايا دعاوى الخصوم، لا تتخذ من الذكورة أو الأنوثة معيارا لصدقها أو كذبها، ومن ثم قبولها أو رفضها، وإنما معيارها تحقق اطمئنان القاضي لصدق الشهادة، بصرف النظر عن جنس الشاهد، ذكرا كان أو أنثى، وبصرف النظر عن عدد الشهود، فللقاضي إذا اطمأن ضميره إلى ظهور البينة أن يعتمد شهادة رجلين، أو امرأتين، أو رجل وامرأة، أو رجل وامرأتين، أو امرأة ورجلين، أو رجل واحد، أو امرأة واحدة، ولا أثر للذكورة أو الأنوثة في الشهادة، التي يحكم القضاء بناء على ما تقدمه له من البينات.
أما آية سورة البقرة التي يقول الله عز وجل: )واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى( (البقرة: ٢٨٢) فإنها تتحدث عن أمر آخر غير “الشهادة” أمام القضاء.. إنها تتحدث عن “الإشهاد” الذي يقوم به صاحب الدين للاستيثاق من الحفاظ على دينه، وليس عن “الشهادة” التي يعتمد عليها القاضي في حكمه بين المتنازعين، فهذه الآية موجهة لصاحب الحق – الدين – وليس إلى القاضي الحاكم في النزاع.
بل إن هذه الآية لا تتوجه إلى كل صاحب حق – دين – ولا تشترط ما اشترطت من مستويات الإشهاد وعدد الشهود في كل حالات الدين، وإنما توجهت بالنصح والإرشاد – فقط النصح والإرشاد – إلى دائن خاص، وفي حالات خاصة من الديون، لها ملابسات خاصة نصت عليها الآية.. فهو دين إلى أجل مسمى، ولا بد من كتابته، ولا بد من عدالة الكاتب، ويحرم امتناع الكاتب عن الكتابة، ولا بد من إملاء الذي عليه الحق، وإن لم يستطع فليملل وليه بالعدل، والإشهاد لا بد أن يكون من رجلين من المؤمنين، أو رجل وامرأتين من المؤمنين، وأن يكون الشهود ممن ترضى عنهم الجماعة، ولا يصح امتناع الشهود عن الشهادة، وليست هذه الشروط بمطلوبة في التجارة الحاضرة ولا في المبايعات.
ثم إن الآية ترى في هذا المستوى من الإشهاد الوضع الأقسط والأقوم، وذلك لا ينفي المستوى الأدنى من القسط[2].
يقول د. محمد بلتاجي في معرض حديثه عن تعبير النبي – صلى الله عليه وسلم – عن النساء بأنهن ناقصات عقل ودين: ولا بد أن نضيف إلى هذا حقيقتين تلقيان الضوء أكثر على مسألة الشهادة على الأموال؛ هما:
الحقيقة الأولى: أنه في حالة خاصة جعل النبي – صلى الله عليه وسلم – شهادة أحد الصحابة بشهادة رجلين، ولم يبن على ذلك – لا هو ولا أحد من الصحابة أو المسلمين – أنه أكبر عقلا من غيره من الصحابة؛ حيث روى أحمد وغيره «أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ابتاع فرسا من أعرابي فاستتبعه النبي – صلى الله عليه وسلم – ليقضيه ثمن فرسه، فأسرع النبي – صلى الله عليه وسلم – وأبطأ الأعرابي، فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس – ولا يشعرون أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ابتاعه – حتى زاد بعضهم الأعرابي في السوم على ثمن الفرس الذي ابتاعه النبي – صلى الله عليه وسلم – فنادى الأعرابي النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: إن كنت مبتاعا هذا الفرس فابتعه، وإلا بعته. فقام النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: “أوليس قد ابتعته منك”؟ قال الأعرابي: لا والله ما بعتك، فقال: “بلى قد ابتعته منك”، فطفق الناس يلوذون بالنبي – صلى الله عليه وسلم – والأعرابي وهما يتراجعان، فطفق الأعرابي يقول: هلم شهيدا يشهد أني بعتك. فمن جاء من المسلمين قال للأعرابي: ويلك، إن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يكن يقول إلا حقا. حتى جاء خزيمة بن ثابت، فاستمع لمراجعة النبي – صلى الله عليه وسلم – ومراجعة الأعرابي يقول: هلم شهيدا يشهد أني بعتك. فقال خزيمة: أنا أشهد أنك قد بعته. فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – لخزيمة: “بم تشهد”؟ قال: بتصديقك يا رسول الله. فجعل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – شهادة خزيمة بشهادة رجلين» وهما المطلوبان في الآية في الأموال[3].
الحقيقة الثانية: في مسألة الشهادة على الأموال أن النبي – صلى الله عليه وسلم – صح عنه – «أنه قضى فيها باليمين مع شاهد واحد» [4], قال مالك: مضت السنة في القضاء باليمين مع الشاهد الواحد، يحلف صاحب الحق مع شاهد، ويستحق حقه، فإن نكل وأبى أن يحلف أحلف المطلوب (المدعى عليه)، فإن حلف سقط عنه ذلك الحق، فإن أبى أن يحلف ثبت عليه الحق لصاحبه. قال مالك: وإنما يكون ذلك في الأموال خاصة، ولا يقع ذلك في شيء من الحدود، ولا في نكاح، ولا في طلاق، ولا في عتاقة،[5] ولا في سرقة، ولا في فرية.
فالحاصل في قضية الشهادة على الأموال أن القرآن الكريم طلب فيها رجلين، أو رجلا وامرأتين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم – وهو القائم على تطبيق الإسلام ومن جعل الله طاعته طاعة له تعالى – أضاف إلى ذلك أمرين: أعطى خزيمة بن ثابت الأنصاري خصوصيته أن تكون شهادته بشهادة رجلين، وأنه إذا لم يوجد إلا شاهد واحد لصاحب الحق – المدعي – كان على صاحب الحق أن يحلف مع شاهده، فيقوم يمينه مقام الشاهد الثاني، وذلك حسب التفصيل الذي ذكره مالك[6].
ولقد فقه العلماء المجتهدون حقيقة أن آية البقرة إنما تتحدث عن “الإشهاد” في دين خاص وليس عن “الشهادة”، وأنها نصيحة لصاحب الدين – ذي المواصفات والملابسات الخاصة – وليست تشريعا موجها إلى القاضي – الحاكم – في المنازعات.
ومن هؤلاء العلماء الذين فقهوا هذه الحقيقة، وفصلوا القول فيها: شيخ الإسلام ابن تيمية (661 – 728هـ / 1263 – 1328م)، وتلميذه ابن القيم (691 – 751هـ / 1292 – 1350م) من القدماء. والإمام محمد عبده (1265 – 1323هـ / 1849 – 1905م)، والإمام الشيخ محمود شلتوت (1310 – 1383هـ / 1893 – 1963م) من المحدثين والمعاصرين؛ يقول ابن تيمية – فيما يرويه عنه ويؤكد عليه ابن القيم -: قال – عن “البينة” التي يحكم القاضي بناء عليها، والتي وضع قاعدتها الشرعية والفقهية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر»[7].
“إن البينة في الشرع اسم لما يبين به الحق ويظهره، وهي تارة تكون أربعة شهود، وتارة ثلاثة، بالنص في بينة المفلس، وتارة شاهدين، وشاهد واحد، وامرأة واحدة، وتكون نكولا [8]، ويمينا، أو خمسين يمينا، أو أربعة أيمان، وتكون شاهد الحال. فقوله صلى الله عليه وسلم: “البينة على المدعي”، أي عليه أن يظهر ما يبين صحة دعواه، فإذا ظهر صدقه بطريق من الطرق حكم له… “[9].
فكما تقوم البينة بشهادة الرجل الواحد أو أكثر، تقوم بشهادة المرأة الواحدة أو أكثر، وفق معيار البينة التي يطمئن إليها ضمير القاضي.
ولقد فصل ابن تيمية القول في التمييز بين طرق حفظ الحقوق التي أرشدت إليها ونصحت بها آية الإشهاد (الآية 282 من سورة البقرة) وهي الموجهة إلى صاحب الحق – (الدين)، وبين طرق البينة التي يحكم الحاكم (القاضي) بناء عليها، وأورد ابن القيم تفصيل ابن تيمية هذا تحت عنوان “الطرق التي يحفظ بها الإنسان حقه” فقال:
“إن القرآن لم يذكر الشاهدين، والرجل والمرأتين في طرق الحكم التي يحكم بها الحاكم، وإنما ذكر النوعين من البينات في الطرق التي يحفظ بها الإنسان حقه، فقال سبحانه وتعالى: )يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء( (البقرة: ٢٨٢).
فأمرهم الله – عز وجل – بحفظ حقوقهم بالكتاب[10]، وأمر من عليه الحق أن يملي الكاتب، فإن لم يكن ممن يصح إملاؤه أملى عنه وليه، ثم أمر من له الحق أن يشهد على حقه رجلين، فإن لم يجد فرجل وامرأتان، ثم نهى الشهداء المتحملين للشهادة عن التخلف من إقامتها إذا طلبوا لذلك، ثم رخص لهم في التجارة ألا يكتبوها، ثم أمرهم بالإشهاد عند التبايع، ثم أمرهم إذا كانوا على سفر ولم يجدوا كاتبا، أن يستوثقوا بالرهان المقبوضة [11].
كل هذا نصيحة لهم وإرشاد لما يحفظون به حقوقهم، وما تحفظ به الحقوق شيء، وما يحكم به الحاكم شيء، فإن طرق الحكم أوسع من الشاهدين والمرأتين، فإن الحاكم يحكم بالنكول، واليمين المردودة، ولا ذكر لهما في القرآن، والحاكم يحكم بالقرعة – بكتاب الله وسنة رسوله الصحيحة – ويحكم بالقافة[12] – بالسنة الصريحة الصحيحة التي لا معارض لها – ويحكم بالقسامة[13] – بالسنة الصحيحة – ويحكم بشاهد الحال إذا تداعى الزوجان أو الصانعان متاع البيت والدكان، ويحكم – عند من أنكر الحكم – بالشاهد واليمين، بوجود الآجر[14] في الحائط، فيجعله للمدعي إذا كان جهته، وهذا كله ليس في القرآن ولا حكم به الرسول – صلى الله عليه وسلم – ولا أحد من أصحابه.
فإن قيل: فظاهر القرآن يدل على أن الشاهد والمرأتين بدل عن الشاهدين، وأنه لا يقضى بهما إلا عند عدم الشاهدين.
قيل: القرآن لا يدل على ذلك، فإن هذا أمر لأصحاب الحقوق بما يحفظون به حقوقهم، فهو – سبحانه وتعالى – أرشدهم إلى أقوى الطرق، فإن لم يقدروا على أقواها انتقلوا إلى ما دونها، وهو – سبحانه وتعالى – لم يذكر ما يحكم به الحاكم، وإنما أرشدنا إلى ما يحفظ به الحق، وطرق الحكم أوسع من الطرق التي تحفظ بها الحقوق”[15].
وقد علق العلامة ابن القيم على رأي الإمام ابن تيمية مؤكدا له فقال: “وليس في القرآن ما يقتضي أنه لا يحكم إلا بشاهدين أو شاهد وامرأتين، فإن الله سبحانه إنما أمر بذلك أصحاب الحقوق أن يحفظوا حقوقهم بهذا النصاب، ولم يأمر بذلك الحكام أن يحكموا به، فضلا عن أن يكون قد أمرهم ألا يقضوا إلا بذلك، ولهذا يحكم الحاكم بالنكول، واليمين المردودة، والمرأة الواحدة، والنساء المنفردات لا رجل معهن، وبمعاقد القمط[16]، ووجوه الآجر وغير ذلك من طرق الحكم التي لم تذكر في القرآن، فطرق الحكم شيء، وطرق حفظ الحقوق شيء آخر، وليس بينهما تلازم، فتحفظ الحقوق بما لا يحكم به الحاكم مما يعلم صاحب الحق أن يحفظ به حقه، ويحكم الحاكم بما لا يحفظ به صاحب الحق حقه ولا خطر على باله”[17].
فطرق الإشهاد – في آية سورة البقرة، التي تجعل شهادة المرأتين تعدل شهادة رجل واحد – هي نصيحة وإرشاد لصاحب الدين – ذي الطبيعة الخاصة – وليست التشريع الموجه إلى الحاكم والجامع لطرق الشهادات والبينات. إنها خاصة بدين له مواصفاته وملابساته، وليست التشريع العام في البينات التي تظهر العدل فيحكم به القضاة.
وبعد هذا الضبط والتمييز والتحديد، أخذ ابن تيمية يعدد حالات البينات والشهادات التي يجوز للحاكم الحكم بناء عليها، فقال: “إنه يجوز للحاكم الحكم بشهادة الرجل الواحد إذا عرف صدقه، في غير الحدود، ولم يوجب الله على الحكام ألا يحكموا إلا بشاهدين أو بشاهد وامرأتين، وهذا لا يدل على أن الحاكم لا يحكم بأقل من ذلك، بل قد حكم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالشاهد واليمين، وبالشاهد فقط، وليس ذلك مخالفا لكتاب الله عند من فهمه، وليس بين حكم الله وحكم رسوله خلاف، وقد قبل النبي – صلى الله عليه وسلم – شهادة الأعرابي وحده على رؤية هلال رمضان، وتسمية بعض الفقهاء ذلك إخبارا، لا شهادة، أمر لفظي لا يقدح في الاستدلال، ولفظ الحديث يرد قوله، وأجاز – صلى الله عليه وسلم – شهادة الشاهد الواحد في قضية السلب[18]، ولم يطالب القاتل بشاهد آخر، ولا استحلفه، وهذه القصة – وروايتها في الصحيحين – صريحة في ذلك، وقد صرح الأصحاب: أنه تقبل شهادة الرجل الواحد من غير يمين عند الحاجة، وهو الذي نقله الخرقي (334هـ/945م) في مختصره، فقال: وتقبل شهادة الطبيب العدل في الموضحة[19]، إذا لم يقدر على طبيبين، وكذلك البيطار في داء الدابة”[20].
ولقد كرر ابن القيم وأكد هذا الذي أشرنا إلى طرف منه، في غير كتابه”الطرق الحكمية في السياسة الشرعية”، فقال في كتابه”إعلام الموقعين عن رب العالمين”في ثنايا حديثه عن”البينة”، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البينة على المدعي، واليمين على من أنكر»[21]، خلال شرحه لخطاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري في قواعد القضاء وآدابه – قال:
إن البينة في كلام الله ورسوله وكلام الصحابة اسم لكل ما يبين الحق، ولم يختص لفظ البينة بالشاهدين. وقال الله في آية الدين: )واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل( فهذا في التحمل والوثيقة التي يحفظ بها صاحب المال حقه، لا في طرق الحكم وما يحكم به الحاكم، فإن هذا شيء وهذا شيء، فذكر سبحانه ما يحفظ به الحقوق من الشهود، ولم يذكر أن الحكام لا يحكمون إلا بذلك، فإن طرق الحكم أعم من طرق حفظ الحقوق. وقال سبحانه وتعالى: )ممن ترضون من الشهداء( لأن صاحب الحق هو الذي يحفظ ماله بمن يرضاه[22].
وقد كتب الشيخ محمود شلتوت عن شهادة المرأة، وكيف أنها دليل على كمال أهليتها، وذلك على العكس من الفكر المغلوط، الذي يحسب موقف الإسلام من هذه القضية انتقاصا من إنسانيتها، فقال:
“إن قول الله سبحانه وتعالى: )فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان( ليس واردا في مقام الشهادة التي يقضي بها القاضي ويحكم، وإنما هو في مقام الإرشاد إلى طرق الاستيثاق والاطمئنان على الحقوق بين المتعاملين وقت التعامل قال الله عز وجل: )يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله( إلى أن قال عز وجل: )واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى( فالمقام مقام استيثاق على الحقوق، لا مقام قضاء بها. والآية ترشد إلى أفضل أنواع الاستيثاق الذي تطمئن به نفوس المتعاملين على حقوقهما.
وليس معنى هذا أن شهادة المرأة الواحدة، أو شهادة النساء اللاتي ليس معهن رجل، لا يثبت بها الحق، ولا يحكم بها القاضي، فإن أقصى ما يطلبه القضاء هو”البينة”.
وقد حقق العلامة ابن القيم أن البينة في الشرع أعم من الشهادة، وأن كل ما يتبين به الحق ويظهره، هو بينة يقضي بها القاضي ويحكم، ومن ذلك: يحكم القاضي بالقرائن القطعية، ويحكم بشهادة غير المسلمين متى وثق بها واطمأن إليها” [23].
ثالثا. العلة في اعتبار المرأتين مقابل رجل واحد في قوله سبحانه وتعالى: )فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان(:
وأما العلة من جعل شهادة المرأة نصف شهادة الرجل في الآية، فقد اختلف العلماء في تحديدها، فيرجعها بعضهم إلى طبيعة المرأة وتكوينها، ويرجعها فريق آخر إلى عدم خبرة المرأة بالمعاملات المالية.
يقول د. محمد بلتاجي: “إن الله تعالى جعل شهادة الرجل في الأموال نصا بشهادة امرأتين، وعلله بقوله سبحانه وتعالى: )أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى( أي مخافة أن تنسى إحداهما بعض جوانب المشهود عليه – أو تغفل عنه – فتذكرها الأخرى به، وليست الأموال في منظومة القيم الإسلامية بأهم من الدين أو النفس أو العرض أو النسل أو العقل، بل إن هذه الأربعة مقدمة عليها عند محققي العلماء دون شك، واحتمال نسيان المرأة وغفلتها عن بعض جوانب المشهود عليه وارد فيها جميعا، لا تغيره زيادة علم ولا خبرة ولا ثقافة؛ لأنه يرجع – فيما يبدو لي – إلى طبيعة المرأة أصلا من انشغالها أحيانا ببعض جزئيات الموضوع المشاهد عن النظرة الشمولية إليه وعن علاقات هذه الجزئيات بعضها ببعض، وأيضا لما يعتريها – في حالات معينة لا ينكرها إلا جاهل أو مجادل بالباطل – من عدم التوازن الهرموني أو اضطراب المزاج الخاص مما يؤثر قطعا على تحمل الشهادة وأدائها، وليس فيما عبر به القرآن الكريم عن ذلك وضع للمرأة موضع المهانة والازدراء، حيث عبر الله تعالى بنفس هذا التعبير عن حالة النبي الأعظم – صلى الله عليه وسلم – قبل البعثة والرسالة، حينما لم يكن قد وصل بعد إلى عقيدة يطمئن معها، فقال له سبحانه وتعالى: )ووجدك ضالا فهدى (7)( (الضحى) وكذلك اشترطت الآية نفسها شهيدين من الرجال، وليس شهيدا واحدا؛ للعلة نفسها.
وإذن فإننا عند التحليل الصحيح للأمور والاعتبارات نجد أن العلة الواردة في جعل شهادة امرأتين بشهادة رجل واحد، قائمة دون شك في عصرنا وفي كل عصر؛ لأنها ترجع إلى طبيعة ما يعتور المرأة ويمر بها من حالات نفسية قد يكون لها أثر ما في بعض جوانب الشهادة التي يريدها الإسلام ناصعة واضحة الجوانب مشرقة مثل الشمس، ولا عجب؛ فبالشهادة تستحل الدماء والأنفس والأموال! فهل يوجد ما يستأهل الاحتياط له بكل طريق مثلها؟
لذلك كله تنتهي من نظرنا إلى أن علة: )أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى( لا ترجع فحسب إلى قلة خبرة المرأة بهذه الأمور، وعدم مشاركتها فيها عن قرب، إنما ترجع أيضا عند التحقيق إلى شيء لا تنفك المرأة عنه ولا ينفك عنها؛ لأنه جزء من طبيعتها وتكوينها الذي خلقها الله تعالى عليه”[24].
ويؤكد هذا الرأي د. أمير عبد العزيز عند تعليقه على قول الله سبحانه وتعالى: )أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى( فيقول:
“وهذه الآية كغيرها من آيات الكتاب الحكيم، فإنها في غاية الكمال من جمال الصيغة والمبنى، ومن حيث تمام المضمون والمعنى، ووجه ذلك أن المرأة كثيرا ما تجنح لدى الشهادة إلى الميل والنسيان تحت عوامل شتى من الرهبة، أو الحياء، أو الضعف، وهذه حقيقة يدركها النابهون الحريصون وهم يتخيلون قاعات المحاكم التي تجري فيها الأحكام، حيث القضاة والشهود والمحامون والعسكر، فضلا عن جمهرة الحضور من أهل المتخاصمين، فإنه في مثل هذه الأجواء من الرهبة والترقب والتحسب والتخوف، تضطرب الهمم وتتزعزع العزائم، والمرأة في هذه الحال من الرهبة والوجل والإحراج غالبا ما تزيغ وتجنح، أو تتلجلج وتتردد وتركب الهوى، ومن أجل ذلك كله كتب الله أن تتعزز المرأة لدى الشهادة في مثل هذه المواقف المحرجة المريبة، بامرأة شاهد أخرى تذكرها إذا نسيت، وتشد أزرها إذا حاق بها الضعف من خوف أو استحياء أو حرج. لا جرم أن ذلك تعزيز للشهادة فتأتي سليمة من الريبة أو احتمالات الزيغ والزور, بل إن ذلك تأييد للمرأة في تلكم المواقف وتقوية لها فلا تزل أو تتعثر، ولتتأدى الشهادة على وجهها الصحيح الأكمل، صونا للحقوق أن تضيع أو تتهدد أو تتبدد”[25].
رأي العلم الحديث:
وقد تعددت الدراسات في مختلف العلوم – سلوكية، عصبية، هرمونية – لمعرفة التأثير البيولوجي للجنس على المخ والسلوك، بمعنى: هل هناك فرق بين مخ الرجل ومخ المرأة؟ وكيف يحدث ذلك؟
أثبتت التجارب أن المخ يكون حساسا لتأثير الهرمونات الإسترويدية “steriod hormones” خلال فترة أو فترات حرجة معينة “critical periods”، وقد أثبتت التجارب أنه تبدأ الاختلافات التشريحية بين مخ الذكر والأنثى في أثناء تكون الجنين في رحم الأم بعد 18 – 26 أسبوعا من الحمل، ويرجع ذلك إلى أن خصيتي الجنين الذكر تبدآن بإفراز الهرمون الذكري “تستوستيرون” الذي يغير تركيب مخ الذكر عن الأنثى تغييرا دائما؛ فيتحول إلى “مخ رجولي”، فقد وجد أن إعطاء إناث حيوانات التجارب مادة مضادة لإفراز هذا الهرمون في أثناء الحمل يعطي ذكورا لا تستجيب لمحفزات يستجيب لها مخ الذكر عادة ولكن لا يستجيب لها مخ الأنثى, مما يدل على عدم تطور المخ الذكري لفقدان هرمون الذكورة، ووجد مثل هذا التأثير في الإنسان.
كما وجد أن عملية ربط القنوات التي تنقل الهرمون الذكري من الخصيتين لمنع ضخ الهرمون “إخصاء” بعد الولادة مباشرة لا يؤثر على تطور المخ الذكري؛ لأن عملية التطور تمت في أثناء الحمل في بطن الأم.
الفروق بين المخ الذكري والمخ الأنثوي: فروق تركيبية، تترتب عليها فروق وظيفية:
- الفروق التركيبية:
وجد أن حجم الخلايا العصبية في القشرة المخية “cerebral cortex” – وهي الطبقة التي تغطي المخ – أكبر حجما وأقل عددا في النساء منها في الرجال.
ووجد أن مخ الرجل غير متماثل؛ لأن الفص الأيسر أكبر من الفص الأيمن, بينما الفصان في المرأة متماثلان، أما المادة الرمادية “graymatter”، وهي عبارة عن نسيج عصبي يتألف من خلايا عصبية ذات محاور غير مغطاة بمادة النخاعين “meylin”، وتكون الأجزاء السطحية من المخ والعميقة من الحبل الشوكي، وتعتبر محطة تجميع وتوجيه للإشارات العصبية من المخ إلى المادة البيضاء “white matter”، التي بدورها توجهها إلى أهدافها – وجد أن هذه المادة الرمادية توجد بكثافة في المرأة فيما يعرف بـمنطقة “القشرة الجديدة” من المخ “neocortex”، وهي منطقة لها وظيفة متعلقة بالإحساس والحركة واللغة. أما في الرجل فتتركز المادة الرمادية في قشرة منطقة الذاكرة والتحكم في الإشارات الحركية من العين والأذن من المخ “cortexentorhinal”.
وجدت كذلك اختلافات تشريحية بين الرجل والمرأة في منطقة المخ الخاصة بالعمليات الدماغية المعقدة، مثل: التفكير والعواطف وتسمى “منطقة الترافق” “higher association cortex”، فهذه المنطقة غير متماثلة في الرجل؛ حيث الفص الأيسر أكبر من الفص الأيمن, بينما في المرأة لا يوجد عدم التماثل هذا، وإن وجد في حالات شاذة، فالفص الأيمن أكبر من الفص الأيسر.
ووجد العلماء كذلك أن الفص الجداري السفلي من المخ “inferior parietal lobule”، ويقع فوق الأذنين مباشرة، ويختص بالعمليات الرياضية مثل: تقدير المسافات والأبعاد، والتصور ثلاثي الأبعاد – وجد أنه أكبر حجما وغير متماثل – الفص الأيسر أكبر من الفص الأيمن – في الرجل منه في المرأة، وهذه المنطقة ميزت مخ العالم آينشتاين عن غيره من العلماء، حيث كانت أكبر حجما.
المهاد البصري “thalamus” يتكون من فصين صغيرين (حجم كل منهما 1 سم3), ويقع كل فص تحت أحد نصفي المخ, ويرتبطان بعضهما مع بعض بواسطة حزمة ألياف عصبية تسمى “الكتلة المتوسطة” “massa intermedia”، ووظيفته إيصال الإشارات العصبية إلى المخ، وقد وجد أن المهاد البصري في الرجل أصغر منه في المرأة، أما الكتلة المتوسطة فلا توجد غالبا عند الرجل, وإن وجدت فهي أصغر.
ووجد كذلك أن الجسم الجاسئ “corpus collosum”، وهو عبارة عن كتلة أعصاب تربط نصفي المخ من الخلف معا – وجد أنه في المرأة أصغر منه في الرجل، أما الجزء الخلفي من الجسم الجاسئ، ويسمى “splenium”, فهو أعرض في المرأة، وشكله صولجاني كالمصباح, بينما في الرجل شكله أسطواني.
هناك اختلافات تركيبية بين الرجل والمرأة في المنطقة العلوية من الفص الصدغي المسماة “تلافيف هشل” “Heschl’s gyrus”، وله علاقة باللغة بالسمع، حيث وجد أن هذه المنطقة في النساء تتركز فيها المادة الرمادية أكثر من الرجال، كما أنها أكثر تماثلا من الرجال، كما وجد أن الرابط الأمامي “anterior commissure” – وهو حزمة ألياف عصبية بيضاء تربط نصفي المخ معا وبيضاوي الشكل – في المرأة أكبر منه في الرجل.
ووجد العلماء أن مخ المرأة أسرع نموا في مناطق اللغة والنشاط الحركي والعاطفي منه في الرجل بستة أضعاف, بينما مخ الرجل أسرع نموا بستة أضعاف منه في المرأة في مناطق التصور الفراغي والرياضي وتحديد الأهداف.
- الفروق الوظيفية:
باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي “MRI” لمسح المخ لدى عدد من الرجال والنساء أثناء الاستماع إلى رواية، وأثناء الكلام وجد العالم لوريتو أن الرجل يستخدم منطقة صغيرة في النصف الأيسر من المخ إذا كان الرجل يمينيا, وفي النصف الأيمن من المخ إذا كان الرجل أعسر، أما المرأة فتستخدم كلا من نصفي المخ في الاستماع والكلام, أي أنها تستخدم جزءا أكبر من المخ لنفس المهمة مقارنة بالرجل, وهذا ربما يفسر قدرة المرأة على الكلام والاستماع في آن واحد بصورة أفضل من الرجل، ولعل هذا أيضا يفسر تماثل نصفى مخ المرأة, بينما هما في الرجل غير متماثلين؛ لأن الرجل يستخدم أحد نصفي المخ فقط. كما أن تركيز المادة الرمادية في مناطق اللغة والكلام في المرأة بصورة أكبر من الرجل يؤيد هذا التفسير[26].
وفي دراسة حديثة قام بها علماء في سيدني – أستراليا – ونشرت نتائجها على شبكة “CNN” وشبكة “BBC” الإخبارية بعنوان: “الحمل يجعل الذاكرة أقل”، أثبتت الدراسة أن الحمل يتسبب في ضعف ذاكرة النساء، وأن هذه الحالة تستمر لفترة ما بعد الولادة أحيانا، حيث يتسبب الحمل في تناقص طفيف في عدد خلايا الذاكرة لدماغ الأم الحامل.
وقالت جوليا هنري – وهي إحدى العاملات على البحث من جامعة نيوساوث ويلز بسيدني – لشبكة “CNN”: “ما وجدناه هو أن المجهود الذهني المرتبط بتذكر تفاصيل جديدة أو أداء مهام متعددة المراحل، يصاب باضطراب”. وأضافت: “قد تعجز المرأة الحامل مثلا عن تذكر رقم هاتف جديد، لكنها ستستعيد بسهولة الأرقام القديمة التي كانت تطلبها على الدوام”. وقالت هنري إنها قامت – بمساعدة د. بيتر ريندل – بوضع هذه الدراسة بالاعتماد على تحليل 12 بحثا شمل مسحا لقدرات النساء الذهنية قبل الولادة وبعدها، ولفتت النظر إلى أن النتائج تشير إلى احتمال استمرار حالة الاضطراب هذه بعد الولادة لعام كامل أحيانا، دون أن تؤكد أن الوضع يتحسن بعد تلك الفترة بسبب الحاجة إلى المزيد من الأبحاث.
غير أن الدراسة لم تحدد أسباب هذه الظاهرة، نظرا للحاجة إلى إجراء المزيد من الفحوصات المخبرية المعمقة، وإن كانت قد استعرضت مجموعة من السيناريوهات المحتملة، وفي مقدمتها تبدل هرمونات الجسد والتغير السريع في نمط العيش.
ومن الثابت أن المرأة الحامل تصاب ذاكرتها بالضعف والاضطراب أثناء الحمل وربما تعاني من ضعف الذاكرة لمدة عام كامل أحيانا بعد الولادة وربما أكثر بسبب تناقص في عدد خلايا الذاكرة ولأسباب غير معروفة إلى الآن[27].
وعلى الرغم من التعليل السابق لكون شهادة المرأة نصف شهادة الرجل، من ربطه بنسيان المرأة، إلا أن رأيا آخر لا يرى هذا التعليل، ويرجع علة كون شهادة المرأة نصف شهادة الرجل إلى عامل الخبرة والمران، فقد ذكر ابن تيمية أن نسيان المرأة، ومن ثم حاجتها إلى أخرى تذكرها )أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى( ليس طبعا ولا جبلة في كل النساء، وليس حتما في كل أنواع الشهادات، وإنما هو أمر له علاقة بالخبرة والمران.
وقد حكى ذلك عنه ابن القيم فقال: “قال شيخنا ابن تيمية، – رحمه الله تعالى -: “قوله تعالى: )فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى( فيه دليل على أن استشهاد امرأتين مكان رجل واحد إنما هو لإذكار إحداهما الأخرى إذا ضلت، وهذا إنما يكون فيما فيه الضلال في العادة، وهو النسيان وعدم الضبط، فما كان من الشهادات لا يخاف فيه الضلال في العادة لم تكن فيه على نصف الرجل”[28].
وفي صف هذا التعليل يأتي الإمام محمد عبده. يقول محمد رشيد رضا: “وقد علل بعضهم كون النساء عرضة للضلال أو النسيان بأنهن ناقصات عقل ودين، وعلله بعضهم بكثرة الرطوبة في أمزجتهن، وقال الأستاذ الإمام – أي: محمد عبده -: تكلم المفسرون في هذا وجعلوا سببه المزاج، فقالوا: إن مزاج المرأة يعتريه البرد فيتبعه النسيان، وهذا غير متحقق، والسبب الصحيح أن المرأة ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات المالية ونحوها من المعاوضات، فلذلك تكون ذاكرتها فيها ضعيفة، ولا تكون كذلك في الأمور المنزلية التي هي شغلها، فإنها فيها أقوى ذاكرة من الرجل، يعني أن من طبع البشر ذاكرانا وإناثا أن يقوي تذكرهم للأمور التي تهمهم ويكثر اشتغالهم بها، ولا ينافي ذلك اشتغال بعض نساء الأجانب في هذا العصر بالأعمال المالية، فإنه قليل لا يعول عليه، والأحكام العامة إنما تناط بالأكثر في الأشياء وبالأصل فيها”[29].
ومن الشواهد الناطقة بهذا ما ذكره د. البوطي حيث يقول: “زرت مركز البورصة في نيويورك وخلال تأملي للضجيج والازدحام والأعصاب المتوترة فيه، دفعني الفضول إلى البحث عن امرأة واحدة منهمكة فيما قد انهمك فيه أولئك الرجال، فلم تقع عيني ولا على واحدة!. وهذا مصداق ما نقول”[30].
نتبين مما سبق أن جعل شهادة المرأة نصف شهادة الرجل في آية البقرة، ليس حطا من قدر المرأة ولا اتهاما لها بالغباء، بل هو لحكمة ومصلحة تتلاءم مع طبيعتها ووظيفتها.
رابعا. شهادة المرأة ليست نصف شهادة الرجل على الدوام:
ومما يدل على قيمة شهادة المرأة في الإسلام أن شهادتها قد تتساوى مع شهادة الرجل في بعض الأمور، بل قد تفوق شهادتها شهادته في أمور أخرى، مما يؤكد أن شهادتها ليست مهملة أو نصف شهادة على الدوام.
فبعض القضايا لا يقبل فيها غير شهادة الرجل، وهي القضايا التي تثير موضوعاتها عاطفة المرأة ولا تقوى على تحملها، بما أودع فيها من عاطفتي الرحمة والحياء؛ وذلك كالحدود والقصاص، ولذلك رفض جمهرة الفقهاء شهادة المرأة على وصف الجناية وكيفية ارتكاب الجاني لها؛ ذلك لأن تعامل المرأة مع الجرائم وجنايات القتل ونحوه يكاد يكون من شدة الندرة معدوما، والأرجح أنها إن صادفت عملية سطو على حياة بقتل ونحوه فستفر من هذا المشهد بكل ما تملك، فإن لم تستطع إلى ذلك سبيلا فالأرجح أنها تقع في غيبوبة قد تفقدها الوعي.
ومع ذلك فقد رأى بعض الفقهاء قبول شهادة المرأة في الحدود والقصاص، إذا كان لا بد منها طريقا للإثبات[31]، وذلك إذا وقعت الجريمة في مكان ليس فيه إلا النساء.
ومن ذلك أيضا ما رآه الشيخ محمد الغزالي، حيث يتعجب كل العجب من رفض الفقهاء شهادة المرأة في الحدود والقصاص، فيضرب بذلك مثلا:
“إذا كان اللصوص يسرقون البيوت ليلا أو نهارا،، فما معنى رفض شهادة المرأة في حد السرقة؟ وإذا كان العدوان على النفس والأطراف يقع كثيرا بمشهد من النساء فما معنى أن ترى المرأة مصرع آلها – أهلها – أو أقرب الناس إليها، ثم ترفض شهادتها؟![32]
وقد نص الفقهاء على أن من القضايا ما تقبل فيه شهادة المرأة وحدها، وهي القضايا التي لم تجر العادة باطلاع الرجال على موضوعاتها، كالولادة والبكارة وعيوب النساء في المواضع الباطنة، قال ابن قدامة في “المغنى”: “ويقبل فيما لا يطلع عليه الرجال – مثل الرضاعة، والولادة، والحيض، والعدة، وما أشبهها – شهادة امرأة عدل، ولا نعلم بين أهل العلم خلافا في قبول شهادة النساء المنفردات في الجملة”.
ويوضح الحكم في موضع آخر فيقول: “تقبل شهادة النساء وحدهن – منفردات عن الرجال – في خمسة أشياء: الولادة، والاستهلال، والرضاع، والعيوب التي تحت الثوب: كالرتق والقرن[33] والبكارة والثيوبة والبرص[34] وانقضاء العدة”.
وكذلك تقبل شهادة المرأة الواحدة. قال ابن قدامة: “وكل موضع تقبل فيه شهادة النساء المنفردات، فإنه تقبل فيه شهادة المرأة الواحدة”.
وجاء في الحديث: «سأل عقبة بن الحارث النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: تزوجت امرأة، فجاءت امرأة فقالت: إني قد أرضعتكما، فأتيت النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: “دعها عنك»[35]. وقد علق ابن القيم فقال: “ففي هذا قبول شهادة المرأة الواحدة، وإن كانت أمة وشاهدتها على فعل نفسها”.
وتقدم شهادة المرأة أحيانا على شهادة الرجل بعد سماع الشهادتين: “يثبت خيار الفسخ لكل واحد من الزوجين لعيب يجده في صاحبه.. وإن اختلفا في عيوب النساء أريت النساء الثقات، ويقبل فيه قول امرأة واحدة، فإن شهدت بما قال الزوج وإلا فالقول قول المرأة”[36].
ونقول بالإضافة إلى كل ما ذكرناه: لو كانت الأنوثة والذكورة تلعبان دورا في قيمة الشهادة، ومدى شرعيتها، لسمت شهادة الرجل على شهادة المرأة في باب اللعان، أي لكانت شهاداتها الأربع بقيمة شهادتين فقط من شهاداته، ولكن الواقع أنها متساويات.
وبيان ذلك أن الرجل إذا اتهم زوجته بالزنا كان عليه أن يدعم اتهامه بتقديم أربعة شهود ممن يعتد بشهادتهم، وقد رأوا زوجته وهي تزني، فإذا عجز عن تقديم الشهود، كان عليه أن يقسم أربع مرات بأنه صادق فيما يتهمها به. وهذه الأيمان تنزل في الشرع منزلة الشهادة.
وتعطى الزوجة التي تنكر هذه التهمة الفرصة ذاتها، فتقسم أربع مرات بأن زوجها كاذب فيما يتهمها به، ويتبين من ذلك أن أحدهما كاذب بالضرورة.
والثمرة الشرعية لهاتين الشهادتين المتكافئتين، أن يقضي بالفصل بينهما فصلا لا رجعة فيه، بعد أن يدعو الزوج على نفسه باللعن إن كان من الكاذبين، وتدعو الزوجة على نفسها بغضب الله إن كان من الصادقين.
ومحل الشاهد في هذا أن الأيمان الأربعة التي يؤديها كل منهما تنزل منزلة الشهادات الأربع التي تثبت الزنا، مكافئة لقيمة الشهادات الأربع التي تنكرها. وهو الأمر الذي يؤكد أن الأنوثة والذكورة بحد ذاتهما لا دخل لأي منهما في قيمة الشهادة.
وإليك نص البيان الإلهي الذي يتضمن ذلك: )والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين (6) والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين (7) ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين (8) والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين (9)( (النور) [37].
وزيادة في التأكيد نسوق كلام شيخنا ابن تيمية إذ يقول: “إن استشهاد امرأتين مكان رجل واحد إنما هو لإذكار إحداهما الأخرى إذا ضلت، وهذا إنما يكون فيما فيه الضلال في العادة، وهو النسيان وعدم الضبط، فما كان من الشهادات لا يخاف فيه الضلال في العادة لم تكن فيه على نصف الرجل” [38].
ويقول الدواليبي: “إن الشريعة الإسلامية اتجهت إلى تعزيز الشهادة في القضايا المالية بصورة مطلقة بشهادة رجل آخر إلى جانب الرجل الأول، حتى لا تكون الشهادة عرضة للاتهام. ولم يعتبر أحد تنصيف شهادة الرجل هنا وتعزيزها بشهادة رجل آخر ماسا بكرامته، ما دام ذلك التعزيز أضمن لحقوق الناس. وزيادة على ذلك فإن شهادة الرجل لم تقبل قط “وحده” حتى في أتفه القضايا المالية، غير أن المرأة قد امتازت على الرجل في سماع شهادتها “وحدها”، دون الرجل، فيما هو أخطر من الشهادة على الأمور التافهة، وذلك كما هو معلوم في الشهادة على الولادة، وما يلحقها من نسب وإرث، بينما لم تقبل شهادة الرجل “وحده” في أتفه القضايا المالية.. وفي هذا رد بليغ على من يتهم الإسلام بتمييز الرجل على المرأة في الشهادة”[39].
خامسا. كيف تقبل الشهادة من المرأة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولا تقبل على واحد من الناس؟!
يستدل الإمام ابن القيم بالآية القرآنية: )وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا( (البقرة: ١٤٣) على أن المرأة كالرجل في هذه الشهادة على بلاغ الشريعة ورواية السنة النبوية، فالمرأة كالرجل في رواية الحديث التي هي شهادة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإذا كان ذلك مما أجمعت عليه الأمة، ومارسته راويات الحديث النبوي جيلا بعد جيل – والرواية شهادة – “فكيف تقبل الشهادة – من المرأة – على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولا تقبل على واحد من الناس؟! إن المرأة العدل – بنص عبارة ابن القيم – كالرجل في الصدق والأمانة والديانة”.
ذلكم هو منطق شريعة الإسلام، وهذا هو عدلها بين النساء والرجال، وكما يقول ابن القيم: “وما أثبت الله ورسوله قط حكما من الأحكام يقطع ببطلان سببه حسا أو عقلا، فحاشا أحكامه سبحانه من ذلك، فإنه لا أحسن حكما منه – سبحانه وتعالى – ولا أعدل، ولا يحكم حكما يقول العقل: ليته حكم بخلافه، بل أحكامه كلها مما يشهد العقل والفطرة بحسنها ووقوعها على أتم الوجوه وأحسنها، وأنه لا يصلح في موضعها سواها” [40].
الخلاصة:
- تعود الشروط التي تراعى في الشهادة في مجموعها إلى أمرين؛ أولهما عدالة الشاهد وضبطه وانتفاء التهمة عنه، وثانيهما: أن يكون بين الشاهد والواقعة التي يشهد فيها صلة تجعله مؤهلا للدراية بها والشهادة فيها، فإن لم يتحقق الشرطان أو أحدهما، ردت الشهادة، ذكرا كان الشاهد أو أنثى، وبهذا يتبين أن وصف الذكورة أو الأنوثة لا علاقة له بقبول الشهادة أو ردها.
- خلط مثيرو الشبهة بين “الشهادة” التي يعتمد عليها القاضي في حكمه بين المتنازعين، وبين”الإشهاد”الذي يقوم به صاحب الدين للاستيثاق من الحفاظ على دينه، وآية البقرة التي استدلوا بها إنما تتحدث عن “الإشهاد” في دين خاص، وليس عن “الشهادة”، وما تحفظ به الحقوق شيء، وما يحكم به الحاكم – القاضي – شيء آخر، والبينة في الشرع أعم من الشهادة، وكل ما يتبين به الحق ويظهره هو بينة يقضي بها القاضي. وقد فقه ذلك علماء الأمة من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم وغيرهما.
- جعل الإسلام شهادة المرأة نصف شهادة الرجل في قوله سبحانه وتعالى: )فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان( معلل بعده بقوله سبحانه وتعالى: )أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى( وضلالها: نسيانها وعدم ضبطها، وقد علل بعض العلماء نسيان المرأة في هذا بكونها ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات المالية، ولذا فإن ذاكرتها فيها تكون ضعيفة، ولا تكون كذلك في الأمور المنزلية مثلا، ومن ثم فإن نسيانها ليس طبعا في كل النساء، ولا في كل الشهادات.
- هذا على حين رأى فريق آخر أن نسيان المرأة المقصود في الآية راجع إلى طبيعة المرأة وتكوينها، وما يعتورها من حالات نفسية قد تؤثر في بعض جوانب الشهادة تحملا وأداء. ويستدلون على ذلك بما أثبته العلم الحديث من الاختلافات التركيبية والوظيفية بين المخ الذكري والمخ الأنثوي، والذي يؤثر سلبا على ذاكرة المرأة.
- ليست شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل دائما، فهناك قضايا تتساوى فيها شهادة المرأة مع شهادة الرجل كما في اللعان، وقضايا أخرى لا يقبل فيها غير شهادتها، كالولادة والبكارة وعيوب النساء تحت الثياب.
- المرأة كالرجل في رواية الحديث التي هي شهادة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهذا ما أجمعت عليه الأمة ومارسته راويات الحديث النبوي، فكيف تقبل الشهادة من المرأة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولا تقبل على واحد من الناس؟!
(*) الغرب والإسلام: أين الخطأ وأين الصواب، د. محمد عمارة، مكتبة الشروق الدولية، مصر، ط1، 1424هـ/2004م.
[1]. المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، د. محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر، دمشق، ط7، 1425هـ/ 2005م، ص147: 150.
[2]. الغرب والإسلام: أين الخطأ وأين الصواب، د. محمد عمارة، مكتبة الشروق الدولية، مصر، ط1، 1424هـ/2004م، ص182، 183.
[3]. صحيح: أخرجه أحمد في المسند، مسند الأنصار، حديث خزيمة بن ثابت رضي الله عنه (21933)، وأبو داود في سننه، كتاب الأقضية، باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز له أن يحكم به (3609)، وصححه الألباني في الإرواء (1286).
[4]. صحيح: أخرجه الشافعي في المسند، مسند ومن كتاب اليمين مع الشاهد الواحد(719)، وأحمد في مسنده، ومن مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم (2970)، وصححه الألباني في الإرواء (2683).
[5]. العتاقة: يقال: عتق العبد عتقا وعتاقة: خرج من الرق.
[6]. مكانة المرأة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، د. محمد بلتاجي، مكتبة الشباب، القاهرة، 1996م، ص383: 385 بتصرف.
[7]. صحيح: أخرجه عبد الرزاق في المصنف، كتاب البيوع، باب البيعان يختلفان وعلى من اليمين (15190)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الدعوى والبينات، باب البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه (20996)، وصححه الألباني في الإرواء (1938).
[8]. النكول: هو الامتناع عن اليمين.
[9]. الغرب والإسلام: أين الخطأ وأين الصواب، د. محمد عمارة، مكتبة الشروق الدولية، مصر، ط1، 1424هـ/2004م، ص184.
[10]. الكتاب: الكتابة.
[11]. الرهان لغة: السباق، وخيل الرهان: التي يراهن على سابقها بمال أو غيره، وفي المثل: “هما كفرسي رهان ” يضرب للمتساوين في الفضل وغيره. واصطلاحا: جمع رهن، وهو حبس الشيء بحق ليستوفي منه عند تعذر وفائه.
[12]. القافة: مفردها قائف، وهو الذي يعرف آثار الأقدام ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه.
[13]. القسامة لغة: الأيمان تقسم على أولياء القتيل إذا ادعوا الدم. واصطلاحا: هي أن يقول خمسون من أهل المحلة إذا وجد قتيل فيها: بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا. واسم للأيمان التي تقسم على أولياء الدم. والأيمان المكررة في دعوى القتيل. والفقهاء مختلفون في توجيه الأيمان؛ فيرى الجمهور أن الأيمان توجه إلى المدعين، ويرى الحنفية أن الأيمان توجه إلى المدعى عليهم.
[14]. الآجر: الطين.
[15]. الغرب والإسلام: أين الخطأ وأين الصواب، د. محمد عمارة، مكتبة الشروق الدولية، مصر، ط1، 1424هـ/2004م، ص183: 186.
[16]. القمط: مفردها قماط: وهو ما تشد به الأخصاص ومكونات البناء ولبناته.
[17]. الغرب والإسلام: أين الخطأ وأين الصواب، د. محمد عمارة، مكتبة الشروق الدولية، مصر، ط1، 1424هـ/2004م، ص186.
[18]. السلب: هو ما يأخذه أحد القرنين من قرنه مما يكون عليه ومعه من ثياب وسلاح ودابة. ويقال: أخذ سلب القتيل وأسلاب القتلى: انتزعه قهرا.
[19]. الموضحة: الجراحات التي دون قتل النفس.
[20]. الغرب والإسلام: أين الخطأ وأين الصواب، د. محمد عمارة، مكتبة الشروق الدولية، مصر، ط1، 1424هـ/2004م، ص186، 187.
[21]. صحيح: أخرجه عبد الرزاق في المصنف، كتاب البيوع، باب البيعان يختلفان وعلى من اليمين (15190)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الدعوى والبينات، باب البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه (20996)، وصححه الألباني في الإرواء (1938).
[22]. انظر: إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن القيم، دار الجيل، بيروت، 1973م، ج1,ص 90: 92.
[23]. الإسلام عقيدة وشريعة، محمود شلتوت، مطبعة القاهرة، مصر، 1980م، ص239 بتصرف.
[24]. مكانة المرأة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، د. محمد بلتاجي، مكتبة الشباب، القاهرة، 1996م، ص504: 506.
[25]. افتراءات على الإسلام والمسلمين، د. أمير عبد العزيز، دار السلام، القاهرة، ط1، 1422هـ/ 2002م، ص59.
[26]. من بحث منشور على الإنترنت بعنوان: الفروق البيولوجية بين الرجل والمرأة كيف تؤثر في المخ والتفكير وفي الصحة والحياة؟ د. مسعد شتيوي، أستاذ فسيولوجيا الحيوان، جامعة قناة السويس.
[27]. موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
[28]. الغرب والإسلام: أين الخطأ وأين الصواب، د. محمد عمارة، مكتبة الشروق الدولية، مصر، ط1، 1424هـ/2004م، ص188.
[29]. تفسير المنار، محمد رشيد رضا، دار المعرفة، بيروت، ص124، 125.
[30]. المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، د. محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر، دمشق، ط7، 1425هـ/ 2005م، ص149.
[31]. الإسلام عقيدة وشريعة، محمود شلتوت، دار الشروق، القاهرة، 1980م، ص241, ولمزيد من التفصيل ينظر: الغرب والإسلام: أين الخطأ وأين الصواب، د. محمد عمارة، مكتبة الشروق الدولية، مصر، ط1، 1424هـ/2004م، ص192.
[32]. السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث، الشيخ محمد الغزالي، دار الشروق، القاهرة، ط14، 2006م، ص66. ولمزيد من التفصيل في عرض الخلاف بين الفقهاء حول شهادة المرأة في الحدود ينظر: مكانة المرأة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، د. محمد بلتاجي، مكتبة الشباب، القاهرة، 1996م، ص497: 510.
[33]. القرن: مرض يمنع دخول ذكر الرجل في فرج المرأة.
[34]. البرص: بياض يصيب الجلد.
[35]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الشهادات، باب شهادة المرضعة (2517).
[36]. المرأة في الحضارة الإسلامية، د. علي جمعة، دار السلام، القاهرة، ط2، 1428هـ/ 2007م، ص41: 43.
[37]. المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، د. محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر، دمشق، ط7، 1425هـ/ 2005م، ص153.
[38]. الغرب والإسلام: أين الخطأ وأين الصواب، د. محمد عمارة، مكتبة الشروق الدولية، مصر، ط1، 1424هـ/2004م، ص188.
[39]. المرأة في الحضارة الإسلامية، د. علي جمعة، دار السلام، القاهرة، ط2، 1428هـ/ 2007م، ص42.
[40]. الغرب والإسلام: أين الخطأ وأين الصواب، د. محمد عمارة، مكتبة الشروق الدولية، مصر، ط1، 1424هـ/2004م، ص194، 194 بتصرف.