دعوى تحدّي العلم لقدرة الله على جعله من يشاء عقيمًا
وجوه إبطال الشبهة:
1) لقد أثبت علماء الطب الحديث أن هناك فرقًا بين لفظتي العقم(Sterility) وقلةالإخصاب أو انعدامه (Infertility)، ومن الخطأ أن يستعملكلا اللفظين بمعنى واحد، كما صرحوا بعجز الطب عن إيجاد علاج ناجح للعقم حتىالآن، وإنما نجح الطب فقط في علاج بعض حالات عدم الإخصاب أو قلته، وهذا يتوافقتمامًا مع ما قرره علماء اللغة والتفسير، وليس في ذلك تحدٍ للمشيئة الإلهية حتىوإن استطاع العلم علاج العقم؛ لأن الدين قد حث على التداوي، كما أن العلاج لا يفيدإلا بإذن الله ومشيئته.
2) إن الإنجاب بواسطة أطفال الأنابيب ليس إيجادًا أو خلقًا منعدم، كما أن الإنجاب بواسطة هذا التلقيح الصناعي ليس مؤكدًا أو حاسمًا، وإنمايتوقف نجاحه على المشيئة الإلهية، ولا يعارض الدين إن تم بالصورة الصحيحة.
3) لقد أثبت علماء الطب الحديث فشل الحيوانات المنوية المنتجةفي المختبرات، وأنها لم تثبت فاعليتها حتى الآن، وحتى إن ثبتت فاعليتها فسوف تعتبرجريمة أخلاقية في حق البشرية من عدة وجوه، كما أنها لا تعتبر خلقًا أو إيجادًامثلما زعموا؛ وذلك لاعتمادهم على خلايا جذعية جنينية.
4) إن الأمومة بالإنابة أو تأجير الأرحام ليس علاجًا للعقم،كما أنه يؤدي ـ إن نجح ـ إلى أضرار صحية ونفسية بالغة، وينمي العداء وينشر الجريمةفي المجتمع؛ ولذا حرمه الإسلام.
التفصيل:
أولا. الفرق بين العقم وقلةالإخصاب أو انعدامه:
1) الحقائق العلمية:
لقدأثبت علماء الطب الحديث أن هناك فرقًا واضحًا بين العقم (Sterility) وقلة الخصوبة (Infertility)،وأوضحوا أيضًا أن العقم ليس له علاج، وأن الحالات ـ التي يدعي بسببها بعض الأطباءأنهم عالجوا العقم ـ التي تم شفاؤها داخلة تحت مسمى قلة الإخصاب أو انعدامه.
يقولالدكتور زهير السباعي والدكتور محمد علي البار: “لا يفرق كثير من الباحثين ـفضلا عن عامة الناس ـ بين العقم Sterility وعدم الإخصاب Infertility، ولا بد من التفريق بينهما؛ إذ إن العقم ليس له علاج ناجح حتىالآن، ومثاله الأمراض الخلقية والوراثية الشديدة التي تصيب الجهاز التناسلي، وعلىوجه الخصوص الغدة التناسلية، فغياب الخصية ((Agenesis أو ضمورها الشديد فيحالة متلازمة كلينفلتر (SyndromKlinefelter) أو عدم وجود المبيض أوشذوذ تكونه (AgenesisOrOvarianDysgenesis) أو متلازمة ترنر (Syndrome Turner)، وغيرها من الحالات المماثلة التي بها خلل في الصبغيات (Chromosomal Aberration)، أو خلل شديد في تكوين الجهاز التناسلي لأي سبب من الأسباب ـتؤدي جميعًاإلى العقم.
وقديمكن علاج بعض أنواع من هذه الحالات بزرع الخصية أو زرع المبيض، ولكن هذا العلاجفي حد ذاته متى تم نجاحه يؤدي إلى مشاكل أخلاقية ودينية عويصة يهتم بها الإسلامأشد الاهتمام؛ لأنها تؤدي إلى اختلاط الأنساب؛ حيث إن الصفات الوراثية للجنينستكون من الشخص الذي تبرع بالغدة التناسلية (سواء كانت خصية أو مبيضًا).
أماعدم الإخصاب (Infertility) فهو تعبير يشمل كل الحالات التي يمكن أن تعالج.
ثميتحدثان (الدكتور زهير السباعي والدكتور محمد علي البار) عن أسباب عدم الخصوبة،وهي:
- الأمراض الجنسية: تشكلالأمراض الجنسية الناتجة عن الزنا واللواط وغيرهما من الممارسات الشاذة أهم سببلانعدام الخصوبة، في الرجال والنساء على السواء.
وتسببالأمراض الجنسية المختلفة (السيلان، الكلاميديا، الزهري، الهربس) عدم الخصوبة لدىالرجل والمرأة؛ لأنها تسبب التهاب الغدة التناسلية (الخصية لدى الرجل والمبيض لدىالمرأة).
وأهممن ذلك أنها تسبب انسدادًا أو التهابًا مزمنًا في القنوات التي تحمل البويضة فيالمرأة (قناتي الرحم)، والقنوات التي تحمل الحيوانات المنوية لدى الرجل (البربخ،الحبل المنوي، البروستاتا، القناة القاذفة للمني، الحويصلة المنوية)، وذلك كلهيؤدي إلى عدم الخصوبة.
وقدشهد العالم أجمع زيادة رهيبة في مختلف أنواع الأمراض الجنسية، وظهور أمراض جديدةلم تكن معهودة من قبل، وذلك بسبب التحلل الأخلاقي، وثورة الجنس، وأجهزة الإعلامالتي تدعو إلى الإباحية.
وتشكلالأمراض الجنسية المختلفة، سواء كانت ذات أعراض يشكو منها المريض، أو حتى بدونأعراض؛ حيث لا يشكو المصاب بها بأي ألم، تشكل نسبة كبيرة جدًّا من حالات عدمالخصوبة.
وخلاصةالقول أن الأمراض الجنسية (الناتجة عن الزنا واللواط) هي اليوم ـ وخاصة في الغرب ـأهم سبب لحدوث حالات عدم الإخصاب التي تزداد انتشارًا يومًا بعد يوم.
- الإجهاض:يعتبر الإجهاض من أهم أسباب حدوث عدم الإخصاب، وقد يبدو هذا السبب غريبًا لمن همخارج الحقل الطبي؛ إذ كيف يصبح الحمل ثم الإجهاض سببًا لعدم الإخصاب؟ والحقيقة أنالحمل قد يحدث للمرأة في سن الخصوبة (ابتداء من الحادية عشرة إلى الأربعين) وتكونالمرأة غير مستعدة للحمل فتقوم بالإجهاض.
ونتيجةلانتشار الزنا انتشارًا مفزعًا في أنحاء العالم كافة، فإن هناك موجة عارمة ليستفقط من الأمراض الجنسية، بل من الحمل غير المرغوب فيه، وذلك رغم توفر وسائل منعالحمل، ومنذ أن أباحت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية الإجهاض؛ فقدتم إجهاض أكثر من 15 مليون امرأة حتى عام 1983م، مما حدا بالرئيس (ريجان) للقيامبحملة ضد الإجهاض.
ويتمإجهاض 50 مليون امرأة سنويًّا في العالم، ويؤدي ذلك إلى حدوث آلاف الوفيات، ومئاتالآلاف من حالات عدم الخصوبة.
- اللولب لمنع الحمل (الأداة الرحمية)(IUD): تستعمل ملايينالنساء اللولب لمنع الحمل، ويؤدي في بعض الأحيان إلى التهاب في الرحم والأنابيب،مما يؤدي بدوره إلى عدم الخصوبة.
- التهاب الحوض والمهبل الناتج عنالتهابات أخرى غير جنسية:وذلك مثل التهاب الزائدة الدودية والعمليات الجراحية.
- السل (الدرن):يعتبر سببًا مهمًّا في البلاد النامية لالتهابات الجهاز التناسلي في الرجل والمرأةعلى السواء، ويؤدي ذلك إلى عدم الخصوبة.
- الجماع أثناء الحيض: يؤديذلك إلى التهاب في الجهاز التناسلي للمرأة (وللرجل بصورة أقل)، وذلك بدوره يؤديإلى انخفاض الخصوبة أو انعدامها.
- الدوالي والقيلة المائية(Hydrocele) بالنسبة للرجل.
- تأخير سن الزواج:وخاصة بالنسبة للمرأة.
- عمل المرأة:المشابه لعمل الرجل والرياضة العنيفة.
- التعرض للأشعة:وخاصة بكميات كبيرة على الجهاز التناسلي للرجل والمرأة.
- استخدام بعض العقاقير:والتي تؤدي في بعض الأحيان إلى انخفاض الخصوبة لدى الرجل والمرأة، وقد أثبتتالأبحاث العديدة التأثير الضار للتدخين (التبغ) على حركة الحيوانات المنوية، كماأثبتت كثير من الأبحاث التأثير الضار للخمور، وتؤدي هذه المواد إلى التأثير علىالحيوانات المنوية بالنسبة للرجل، وإلى التأثير على البويضات بالنسبة للمرأة،ويصحبها زيادة في التأثير على الكروموسومات (الصبغيات)؛ الأمر الذي يؤدي إلى زيادةحالات الإجهاض التلقائي، وما يصحبه من مضاعفات، ويتزامن استخدام المخدرات مع زيادةفي حالات الزنا؛ مما يؤدي بدوره إلى زيادة كبيرة في الأمراض الجنسية.
- قطع الأنابيب بالنسبة للمرأة، وقطع الأسهرين (الحبل المنوي)بالنسبة للرجل: وهو إجراء كثيرًا ما يندم علىفعله من أقدم عليه، ويعود يبحث عن وسائل متعددة لإعادة الخصوبة.
- الحميات:وخاصة الحمى المصاحبة لالتهاب الغدة النكفية؛ حيث تصاب الخصية في حوالي 5%من الحالات ويؤدي ذلك إلى العقم، ويصاب المبيض بصورة أندر، وذلك يؤدي إلى انعدامأيضًا”([1]).
ويؤكدالدكتور محمد دودح ـ الباحث في الهيئة العالمية للإعجاز العلمي ـ على الفرق بينالعقم وقلة الإخصاب أو انعدامه، فيقول: “والعقم اصطلاحا: حالة لا أمل فيعلاجها كما في حالة الفشل الدائم للخصيتين أو المبيضين, أما إذا عولجت الحالة فلاتسمى حينئذٍ عقمًا أصلًا، وإنما ضعفًا في الخصوبة لأسباب يمكن بوسيلة أو بأخرىعلاجها, فإن شفيت حالة فهي ضعف في الخصوبة, وأما العقم فلا علاج له([2]).
2) التطابق بينالحقائق العلمية وما أشارت إليه الآية الكريمة:
لقد ظن بعض الواهمين أن العلمقد تجاوز القرآن الكريم، وأنه قد تحدى المشيئة الإلهية في قوله تعالى: ) لله ملك السماواتوالأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور (49) أو يزوجهمذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا إنه عليم قدير (50)( (الشورى)، لكن عقلهؤلاء كان عاجزًا عن إدراك الحقائق العلمية التي أثبتها القرآن منذ أكثر من ألفوأربع مئة سنة، ثم أعلن الطب الحديث مؤخرًا توافقه مع هذه الحقائق، فالله عز وجلهو القادر على أن يجعل من يشاء عقيمًا كما قال عز وجل، ومهما تقدم العلم والطبالحديث فلن يستطيع أن يجعل من كتب الله عليه العقم غير عقيم، وقبل أن نعرض لتوافقالقرآن مع الطب الحديث، نود أن نوضح بعض المصطلحات التي تتعلق بهذا الموضوع؛كمصطلح العقم والعقر وقلة الإخصاب أو انعدامه، والإنجاب:
- الفرقاللغوي بين العقم والعقر، وقلة الإخصاب أو انعدامه، والإنجاب:
أولا.العقم: العَقم والعُقم بالفتح والضم: هَزْمة([3])تقع في الرحم فلا تقبل الولد، وعَقِمت الرحم عقمًا، وعُقِمت عُقْمًا وعَقَمًا وعَقْمًا، ، وعقمها الله يعقمها عقما، ورحم عقيم وعقيمة معقومة، والجمع عقائموعُقُم، وعقمت إذا لم تحمل فهي عقيم، والمرأة عقيم ومعقومة، والرجل عقيم ومعقوم،وفي كلام الحاضرة: الرجال عنده بكم والنساء بمثله عقم، ويقال للمرأة: معقومة الرحمكأنها مسدودتها([4]).
ثانيا.العقر: العَقْرُ والعُقْرُ: العُقْم، وهو استعقام الرحم، وهو ألا تحمل،وقد عقرت المرأة عَقَارةً وعِقارةً، وعَقَرت تَعْقِر عَقْرًا وعُقْرًا، وعَقِرَت عَقارًا وهي عاقر… ولقد عقرت بضم القافأشد العقر، وأعقر الله رحمها فهي معقرة، وعَقُر الرجلُ مثل المرأة أيضًا ورجال عُقَّرٌ ونساء عُقَّرٌ ورجل عاقر وعقير لا يولد له([5]).
ثالثا.الإخصاب: خَصِب خِصبا: كثر فيه العشب والكلأ، فهو خصب وخصيب، وهو وهيمخصاب، وأخصب المكان: خصب، ويقال: أخصب القوم: أمرعت بلادهم، وكثر طعامهم وشرابهم، وأخصب جناب فلان: كثر خيره… والإخصاب في علم الأحياء: اندماج الخليةالمذكرة في الخلية المؤنثة، ورجل خصيب؛ أي: رحب الجناب كثير الخير.
وقداستعير هنا الإخصاب في كثرة العشب والثمر والزروع، لكثرة الإخصاب في الأولاد؛ولهذا سمي من لا ينجب (أو علة عدم الإنجاب) بعدم الإخصاب، وهو قليل الذرية عمومًا([6]).
رابعا.الإنجاب: أنجب أي نجب، وأنجب أي أنجب له ولد نجيب، ويقال:أنجب به والداه، ويقال أيضًا أنجبه والداه، واستنجب: طلب النجيب وتخيره، والمنجاب:يقال للرجل والمرأة منجاب أي يلدان النجباء، والنجابة: النباهة وظهور الفضل علىالمثل([7]).
الفرق بين هذه المصطلحات:
أولا.الفرق بين العقم والعقر:
الذييظهر أنه لا فرق بين العقم والعقر، وأنهما بمعنى واحد، والعلتان تكونان في المرأةوالرجل على السواء، كما مر معنا، رجل عقيم وامرأة عقيم؛ أي إنهما لا يلدان، وامرأةعاقر ورجل عاقر كذلك لا يلدان عادة.
ثانيا.الفرق بين الإنجاب والإخصاب:
الظاهرأن المعنيين متقاربان، وكلاهما يدل على الذرية والنسل، إلا أن الإنجاب يبدو أخص منالإخصاب كما يظهر من خلال معناهما، فالإخصاب ضد الجدب، يقال: بلد خصب، أما الإنجابففيه مزيد مزية، وهو النجابة والحصافة والنباهة والفضل على أقرانه.
ثالثا.الفرق بين العقم وعدم الخصوبة:
سبقذكر الفرق بينهما في اللغة من خلال توضيح معنى كل منهما في بنده، وأما في الطب فإنالعقم ليس له علاج ناجح حتى الآن، ويكون العقم بسبب الأمراض الخلقية والوراثيةالشديدة التي تصيب الجهاز التناسلي وخاصة القدرة التناسلية، فعدم وجود الخصية أوضمورها الشديد، أو عدم وجود المبيض أو شذوذ تكونه إلى غير ذلك من الحالات المماثلةتؤدي جميعها إلى العقم.
وقدتمكن الأطباء في الغرب من القيام بعلاج بعض هذه الأنواع، كزراعة الخصية أو المبيض،لكنها مرفوضة في الإسلام لما تؤدي إليه من اختلاط في الأنساب؛ حيث إن الصفاتالوراثية للجنين ستكون من الشخص الذي تبرع بالغدة التناسلية، هذا بالنسبة للعقم.
أماعدم الإخصاب: فهو تعبير يشمل كل الحالات المرضية التي يمكن أن تعالج؛ مثل عدمالإنجاب بين الزوجين لمدة سنتين متواليتين، وعدم الإنجاب لمدة سنة واحدة بشرط أنيكون الاتصال بين الزوجين مستمرًّا دون انقطاع بسبب سفر الزوج ونحوه من مرض وغيره،ويشترط لتلك الحالات عدم استخدام أي مانع من موانع الحمل، فهذه الحالات هي التييطلق عليها عدم الإخصاب، مع ملاحظة أن كثيرًا من الباحثين لا يفرقون في كتاباتهمبين العقم وعدم الإنجاب، كما هو الحال كذلك عند كثير من الناس([8]).
أقوال المفسرين في الآيةالكريمة:
لقداتفق أكثر المفسرين على شرح معنى العقم والعقر في القرآن الكريم، وأكدوا على أنهمابمعنى عدم الإنجاب، وأن العقيم في قوله تعالى: )ويجعل من يشاء عقيمًا( (الشوري : 50) هو الذيلا يولد له ولد، وهذا مصداق ما توصل إليه الطب الحديث.
فالقرطبييقول في تفسيره لقوله تعالى: )ويجعل من يشاء عقيمًا( (الشوري:50): “أيلا يولد له، يقال: رجل عقيم، وامرأة عقيم.. ، ومنه الـملك العقيم؛ أي تقطع فيهالأرحام بالقتل والعقوق خوفًا على الملك، وريح عقيم؛ أي لا تلقح سحابًا ولا شجرًا،ويوم القيامة يوم عقيم؛ لأنه لا يوم بعده، ويقال: نساء عُقُم وعُقْم، قال الشاعر:
عقم النساء فما يلدن شبيهه
إن النساء بمثله عقم”([9])
ويقولفي قوله تعالى: )وامرأتي عاقر( (آل عمران: 40): “أي عقيم لا تلد، يقال: رجل عاقر وامرأة عاقر بيّنةالعقر… وإنما قيل عاقر لأنه يراد به ذات عقر على النسب، ولو كان على الفعل لقال:عقرت فهي عقيرة كأن بها عقرًا؛ أي كبرًا من السن يمنعها من الولد”([10]).
ويقولابن كثير ـ أيضًا ـ في قوله تعالى: )ويجعل من يشاء عقيمًا( (الشوري:50): “أي لا يولد له”([11])،ويقول في قوله تعالى: )وامرأتي عاقر((آل عمران: 40): “أي لم تلد من أول عمرها”([12]).
ويقولابن عاشور في قوله تعالى: )وامرأتي عاقر((آل عمران: 40):”والعاقر المرأة التي لا تلد، عقرت رحمها؛ أي قطعته، ولأنه وصف خاص بالأنثىلم يؤنث كقولهم حائض ونافس ومرضع”([13]).
- جواز علاج قلة الإخصاب أو انعدامه:
وهناتجدر بنا الإشارة إلى أن العلاج ليس اعتراضًا على المشيئة الإلهية كما يرى البعض،ولو استطاع العلم الحديث أن يعالج العقم نفسه ـ بما لا يتعارض مع أخلاقيات الإسلامـ لن يكون ذلك اعتراضًا على المشيئة الإلهية؛ لأن من شفي من برئه قد نال ما كتبهالله له، كما أن من ظل مريضًا قد ابتلي بما كتبه الله عليه، وقد حث الإسلام علىالتداوي؛ ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم لمن سأله: «هل علينا جناح أن نتداوى؟ قال:تداووا عباد الله، فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع معه شفاء إلا الهرم…»([14]).
3) وجه الإعجاز:
لقدتوصل العلم الحديث إلى أن العقم ليس له علاج ناجح حتى الآن، أما الحالات التي يتمعلاجها فإنما تدخل تحت مسمى قلة الإخصاب أو انعدامه، ولا تعتبر حالة من حالاتالعقم، وهذا يتفق تمامًا مع استخدام القرآن للفظتي العقم والعقر، كما يتفق معالمعنى اللغوي وأقوال المفسرين في الآيات الكريمة.
ثانيا. الإنجاب بواسطة أطفال الأنابيب ليس خلقًامن العدم، وصورته الصحيحة لا تعارض الدين، ونجاحه ليس مؤكدًا، بل يدخل تحت المشيئةالإلهية:
منذأن بدأت تجارب التلقيح الصناعي([15])،وخاصة تجارب التلقيح الصناعي الخارجي، أخذ البعض وخاصة من الذين يلحدون في وجودالله تعالى، يدّعون أن العلم قد حل مكان الله تعالى في عملية الخلق، وأنهميستطيعون أن ينشئوا خلقًا جديدًا؛ فها هم يستطيعون أن يخلقوا بشرًا خارج ظروفهالطبيعية، وأن يقوموا بأكثر من ذلك.
والحقأنه لا يمكن أن يكون ما قام به العلماء من تجارب وأبحاث ناجحة في موضوع التلقيحالصناعي ـ خلقًا آخر لم يخلقه الله تعالى، فهذا أمر منقوض من الوجهة العلميةالبحتة، ومنقوض من الوجهة النقلية (الشرعية) التي تصدر أحكامها انبثاقًا من كلامالله تعالى وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم.
فأمامن الوجهة العلمية: فالخلق هو إنشاء الشيء ابتداء؛أي إيجاده من عدم، وهذه سنة الله تبارك وتعالى في جميع المخلوقات التي في الكون،فإنها جميعًا مخلوقة ابتداء من العدم، ثم سارت فيها سنة التوالد والتناسل بعد أنخلقها الله تعالى، والأمر في عملية التلقيح الصناعي كما هو مشاهد وملموس لدىالجميع ليس إيجادًا من عدم، بل إن المكونات الأساسية مخلوقة وموجودة، فالرجل الذيأخذت منه النطفة مخلوق وموجود هو ونطفته، وكذلك المرأة ومبيضها، وهذان الأمران هماالمكونان الأساسيان في عملية الخلق والبناء؛ أي هما شرط تكون الإنسان وضرورتهإنسانًا، فإذا ثبت أن مكونات الخلق موجودة فليس هنا خلق أو إيجاد من عدم، فتبقىمقولة من قال: إن التلقيح الصناعي الخارجي وتكوين أطفال الأنابيب هو خلق جديد ـعبارة عن كلام فارغ ليس له واقع أو معنى، والجديد في الأمر أن ظروفًا جديدة قدطرأت على عملية سير التلقيح إلى الرحم، ولا يعدو الأمر في هذه الحالة أن يكون علاجًامحضًا، فالعلماء وأدواتهم لم يكونوا أكثر من أدوات بين يدي الله سبحانه وتعالىوأسباب لجريان سننه واكتمالها.
أماالنصوص القطعية: فهي تنفي إمكانية وجود خالق غير اللهسبحانه وتعالى، وهذا ما نقرؤه في القرآن الكريم والسنة المطهرة، من ذلك قول اللهتعالى: ) إنه يبدأ الخلق ثم يعيده((يونس: 4)، وقوله تعالى: )الله يبدأ الخلق ثم يعيده( (يونس:34)، وقوله: ) هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه( (لقمان: 11)، والسؤالهنا إنكار من الله تعالى يدل على أنه لا خالق إلا الله، وأنه لا خلق إلا للهتعالى، وأن جميع ما في الكون من أشياء هي من خلق الله تعالى، وقوله تعالى أيضًاالذي يوضح أن خلق الإنسان نفسه هو من الله تعالى: )خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين(4) ( (النحل)، فكيف يدعى الإنسانالذي خلقه الله أن باستطاعته خلق إنسان مثله تمامًا؟!
وخيردليل على أن طفل الأنبوب من خلق الله تعالى هو مكونات الإنسان نفسه، فمن المعروفأن الله تعالى قد خلق آدم من طين؛ إذ قال تعالى: )إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرًا منطين (71) فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين (72)((ص)، وهذا ما يؤيده الواقع ويقره العلم، فلو أنك أخذت قبضةمن تراب الأرض، وقطعة من جسم الإنسان، وأجريت على كل منهما عمليات التحليلالكيميائي لوجدت العناصر التي يتركب منها الجسم مأخوذة من العناصر التي يتركب منهاالتراب، مع اختلاف مقدار كل عنصر تبعًا لأهمية الوظيفة التي يؤديها في الجسم،وبالقياس والتجربة فإن تركيب جسم طفل الأنبوب هو تركيب جسم الإنسان العادي نفسه،يدل على ذلك مطابقة تركيب طفل الأنبوب لأي طفل جاء إلى الدنيا بالطريقة الطبيعية؛وهذا يؤكد أن خالق الاثنين ـ من جاء عن الطريق الطبيعي أو عن طريق الأنبوب ـ هوخالق واحد سبحانه وتعالى، الذي ثبت بالدليل القطعي ـ العقلي والنقلي ـ أنه الذيخلق الطفل العادي وسائر المخلوقات )لا تبديل لخلق الله( (الروم: ٣٠)، إذًا فجميع الدلائل العقلية والنقلية تنفي أن يكونهناك خالق غير الله تعالى، وإن بدا للبعض أن العملية خلق جديد، وما هي بالخلقالجديد، بل هي استمرار لخلق الله سبحانه وتعالى، والمسألة أهون من أن يقام عليها برهان، ويطلب لها دليل([16]).
- التلقيح الصناعي من الوجهة الشرعية:
لقد اتفق الفقهاء من خلالفتواهم ومجامعهم الفقهية على أن هناك مجموعة من الطرق التي يحرم استخدامها فيالتلقيح الصناعي بنوعيه: الداخلي والخارجي، وهي:
- أن يجري التلقيح بين نطفة مأخوذة من زوج وبويضة مأخوذة منامرأة ليست بزوجته، ثم تزرع اللقيحة في رحم زوجته.
- أن يجري التلقيح بين نطفة رجل غير الزوج وبويضة الزوجة، ثمتزرع تلك اللقيحة في رحم الزوجة، وهذه الصورة أشبه بالاستبضاع.
- أن يجري تلقيح خارجي بين بذرتي زوجين، ثم تزرع اللقيحة فيرحم امرأة متبرعة أو بأجر لحملها هذا الجنين.
- أن يجري تلقيح خارجي بين بذرتي رجل أجنبي وبويضة امرأةأجنبية، وتزرع اللقيحة في رحم الزوجة.
- أن يجري تلقيح خارجي بين بذرتي زوجين، ثم تزرع اللقيحة فيرحم الزوجة الأخرى لمن عنده أكثر من زوجة([17]).
ويذكرأهل الاختصاص أنه يوجد الآن ست عشرة طريقة للإنجاب بواسطة التلقيح الصناعي بنوعيهالداخلي والخارجي، وكلها تعتبر مرفوضة من الناحية الشرعية، ما عدا الصورة التيأثبتناها، وهي أن يكون الماء من الزوج والبويضة من الزوجة، وفي رحم الزوجة نفسها،وحال قيام الزوجية، وبالشروط الآتية ـ التي وضعتها لجنة العلوم الطبية الفقهيةالإسلامية بالأردن في يوم الخميس 24/ 4/ 1413هـ الموافق 22/ 10/ 1992م ـ وهي:
- أن يتم التحقق من قيام الزوجية بين من أخذ منه السائلالمنوي والمرأة المراد تلقيحها.
- ألا يتم إجراء عملية التلقيح إلا بعد أن يغلب على ظن الطبيبأن عملية التلقيح ستعطي نتائج إيجابية، وله حينئذٍ أن يكرر عملية إجراء التلقيحأكثر من مرة.
- أن يكون الأطباء المساعدون له في إجراء العملية من الثقات،وأن يكون العاملون في المختبر المختص من الثقات أيضًا.
- أن يتم إهدار جميع ما بقي من الحيوانات المنوية بعدالتلقيح، وهذا يعني أنه لا يجوز إنشاء بنوك للمنيّ، كما هو الشأن في الدولالغربية، ولا يجوز الاحتفاظ بمنيّ الزوج بعد وفاته كذلك.
- الأولى أن تتم عملية التلقيح الداخلي فورًا وأمام الزوج([18])،ويجوز اللجوء إلى الأسلوب الثاني([19])عند قناعة الطبيب.
- أن يتم التلقيح بالأسلوب الثاني، وأن تتبع أساليب وإجراءاتخاصة تجعل احتمالات الخطأ في الأنابيب التي تحتوي السائل المنوي معدومة، وحينئذٍلا مانع من أن يجري التلقيح في عيادة الطبيب، شريطة أن يتم نقل الأنبوب الذي يحتويالسائل المنوي الخاص به من المختبر بواسطة الزوج نفسه أو من يثق به الزوج، وقد وقعالعلماء الحاضرون على ذلك([20]).
- دور المشيئة الإلهية في نجاح عملياتأطفال الأنابيب:
لا يمكن لأحد أن يدعي أن الإنسان قد استطاع بفضلالعلم أن يخلق إنسانًا آخر، وهذا ما قمنا بشرحه سابقًا، كما لا يمكن أن يدعي أحدأن العلم قد تحدى المشيئة الإلهية في علاج من جعله الله عقيمًا؛ وذلك لأن التقدمالعلمي لن يغير مقادير الله، وإذا ما تم علاج مثل هذه الحالات فإن ذلك بمشيئة اللهوفضله ومنته لا بفضل العلم الذي لم تتعد نسبة نجاحه ـ في عمليات أطفال الأنابيب ـنصف عدد الحالات المريضة بقلة الإخصاب، وهذا ما يوضحه الدكتور مازن الزبدةـ استشاري أمراض العقم والمساعدة على الإنجاب ـ حين يتحدث عن نجاح وتقدمعمليات طفل الأنابيب، فيقول: “بعدما كانت نسب النجاح لهذا النوع من العملياتلا تتجاوز 30% قبل سنوات، أصبحت اليوم تصل إلى 50%، وإن استمرار الأبحاث يعطيالأمل في تقدم أكبر في هذا النوع من العمليات التي أجريت لأول مرة في بريطانيا عام1978م”([21]).
وإننالنطمع أن يستمر التقدم لكن ذلك لن يردّ قضاء كتبه الله تعالى على أحد من البشر،وإذا كان هناك من يدعي أنه قادر على أن يخلق بشرًا فليمد في عمر نفسه يومًا أويومين إن استطاع، إن مخلوقًا لا يملك لنفسه موتًا ولا حياة ولا نشورًا لأضعف من أنيدعي قدرة على خلق غيره؛ بل إن الله سبحانه وتعالى هو الخالق الرازق الذي لا شريكله في ذلك.
- ثالثا.إنتاج الحيوانات المنوية من خلايا جذعية جنينية لا يعد خلقا، كما أنه يخالفالأخلاق والدين:
لقدادعى بعض المغرضين أن العلم قد حل مكان الله، وأنه قادر على خلق حيوانات منوية،مماثلة للحيوانات المنوية البشرية، وبهذا يبطل قوله تعالى: )أفرأيتم ما تمنون (58) أأنتم تخلقونه أمنحن الخالقون (59)( (الواقعة)، وبهذهالحيوانات المنوية يستطيعون معالجة من جعله الله عقيمًا، وأن يتحدوا المشيئةالإلهية، ويستند هؤلاء في زعمهم إلى ما قرره العلماء البريطانيون بجامعة نيوكاسلمن نجاحهم في إنتاج حيوانات منوية من خلال خلايا جذعية جنينية([22])لعلاج العقم لدى الرجال، وأكد هؤلاء على أن الأمر قد يستغرق خمس سنوات حتى تكتملهذه التقنية التي بدءوها بخلايا جذعية جنينية؛ حيث تم أخذ الخلايا من جنين عمرهأيام، ثم تم حفظها في صهاريج بها نيتروجين سائل، ثم وضعت في درجة حرارة الجسم وفيخليط من مواد كيماوية مختلفة لتشجيعها على النمو([23]).
آراء العلماء:
أـ العلماء التجريبيون:
شككالدكتور “آلان باسي” ـ أستاذ البيولوجيا بجامعة شيفلد ـ في نتائج البحث، ونقلت عنهمحطة (بي بي سي) البريطانية عدم اقتناعه بأن الحيوانات المنوية التي أفرزتهاالتجربة كاملة، وأشار إلى أن هناك حاجة لإخضاع هذه النتائج لاختبارات إضافيةلتحديد مدى نجاح التجربة.
ووافق”باسي” ـ الذي تخصص في دراسة الحيوانات المنوية لمدة عشرين عامًا ـ الدكتور “عظيمسوراني”، أستاذ علم وظائف الأعضاء والتكاثر بجامعة كمبرديج البريطانية.
وقال”سوراني”: إنها خلايا شبيهة بخلايا النطف، وهي جد بعيدة عن أنتكون خلايا نطف حقيقية، واستخدم “سوراني” في معرض رفضه لفظة(Authentic) باللغة الإنجليزية وهيكلمة تجمع عدة معانٍ؛ مثل: حقيقية، وأصيلة، وموثوق بها، وفق ما نقلت عنه صحيفةالجارديان البريطانية، عندما عرضت الأمر على عدد من المهتمين والمتخصصين وذكرت آراءهم تحتعنوان: هل يمكن حقًا خلق النطف في المعمل؟
ورفضالدكتور “بيتر براود” ـ أستاذ ورئيس صحة المرأة بجامعة الملك في لندنـ مثل تلك التجارب وما أفرزته، ونحى في تبرير رفضه منحى قانونيًّا، وأسس رأيهعلى وجهة نظر علمية، ثم تساءل ـ بعد أن تخطى فرضية نجاح البحث فعلًا ـ عن أيةتجارب يمكن أن تؤكد لنا مأمونية هذه النطف؟ مستشهدًا بما آلت إليه تجارب الاستنساخوموت النعجة الشهيرة دولي، وأكد أنه ما من سبب يدعونا إلى افتراض أن النطف المخلقةمعمليًّا سوف تكون أكثر مأمونية منها.
بـ آراء علماء الأخلاق:
أما عن علماء الأخلاق فإن “جوزفينكوينتافيل” ـ وهي من المعنيين بالبعد الأخلاقي في البحوث العلمية ـ شنتهجومًا حادًّا على التجربة، وقالت: إن هذا البحث دليل على الجنون اللأخلاقي؛ حيثيتم تدمير أجنة بشرية لتخليق حيوانات منوية، إنهم يقضون على حياة من أجل احتمال تخليقحياة أخرى، إنني أؤيد علاج العقم، ولكني أعتقد أنه لا يمكنك عمل كل ما تريد القيامبه.
كمانزع البعض إلى أن التجربة في حالة تمام نجاحها، وقيام الحيوانات المنوية “المخلق”بوظيفتها كاملة فيما يتعلق بالإخصاب وإنتاج جنين عند اتحادها ببويضة في رحم أنثىأو في وسط معملي، فإن ذلك يعني انتهاء عهد الرجل، وأن ذلك يفتح الباب أمامالأنماط الجديدة من الأسر التي يمكن أن تقوم على زواج الشواذ جنسيًّا.
جـ رأي علماء الدين الإسلامي:
هناكفرق واضح بين كلمتي “تخليق وخلق”؛ فالتخليق أو التكوين هو الاستعانة بماهو موجود بالفعل لابتكار شيء جديد، أما الخلق فإنما يكون من العدم، وما قام بههؤلاء العلماء لا يعد خلقًا من العدم، وإنما هو تخليق من خلايا حية؛ فقد اعترفهؤلاء العلماء أنهم استخدموا الخلايا الجذعية الجنينية في تخليق حيوانات منوية،وبالتالي فهم لم يستطيعوا ولن يستطيعوا أن يخلقوا شيئًا من العدم؛ ولذلك يقول اللهسبحانه وتعالى: )أفرأيتم ما تمنون (58) أأنتم تخلقونه أمنحن الخالقون (59)( (الواقعة).
وقدتناول علماء الدين هذه المسألة ورفضوها رفضًا باتًّا، رغم أن هذه الحيواناتالمنوية المنتجة لم يكتمل نموها، ولم تثبت فعاليتها حتى الآن.
فالدكتورمحمد رأفت عثمان ـ عضو مجمع البحوث الإسلامية ـ يرفض استخدام هذه الحيواناتالمنوية المنتجة في المختبرات، ويقول: إن الوسيلة الشرعية الوحيدة المعترف بها فيالإنجاب هي أن يكون الحيوان المنوي من الزوج والبويضة من الزوجة، وأية وسيلة غيرتلك يرفضها الإسلام شكلًا وموضوعًا؛ لاحتمال التداخل في الأنساب واختلاطها، كماأنه لا يجوز استخدام الخلايا الجذعية من الجنين المسقط تعمدًا من دون سبب طبييجيزه الشرع لتخليق حيوان منوي منه، كما يفعل هؤلاء العلماء.
وأكدالدكتور عثمان أن الإسلام لا يرفض استخدام العلم، ولكنه يرفض العبث به، وحث علىاستخدام هذه الخلايا في ضوء الضوابط الدينية في مصلحة البشر؛ مثل علاج بعض الأمراضوالتشوهات الخلقية بعد استئذان أصحاب الخلايا أو أوليائهم إذا كانوا أطفالًا؛ لأنهلا يجوز الحصول على الخلايا الجذعية واستخدامها في أي نشاط علمي عليه محاذير شرعيةمثل الاستنساخ إلا إذا كان علاجيًّا.
ويقولالدكتور محمد زيدان ـ الباحث الشرعي بمؤسسة إسلام أون لاين ـ : إن هذا العبثالعلمي لن يقود إلى شيء؛ لأن الله الخالق استأثر لنفسه بالخلق ابتداء، فقال: )ألا له الخلق والأمر ( (الأعراف: ٥٤)، وحيثإنه من المعروفكم هو محوري الدور الذي تلعبه النطف ـ الحيوانات المنوية ـ في مسألة الإنجابوالخلق في الأرحام كما عبر عنها القرآن، فإننا نرى أن مثل تلك التجارب لن تفضي إلى شيءذي بال.
واستطردالدكتور محمد زيدان موضحًا أن آي القرآن الحكيم حملت التعجيز والإعجاز في خلقالنطف بأسلوب قصر وحصر على الخالق البارئ، عندما قال الله تعالى متحديًا: )أفرأيتم ما تمنون (58) أأنتم تخلقونه أم نحنالخالقون (59)( (الواقعة)، والآية واضحة الدلالة في تعجيزالبشر بإنتاجأو تخليق منيّ يحمل نطفًا تنشأ عنها بإذنه عز وجل حيوات جديدة.
واختتمالدكتور زيدان كلامه بأن هؤلاء الذين ما فتأت محاولاتهم في سبر سر الخلق أوالاقتراب منه كمن يحرث في البحر، ولن تقود إلى شيء([24]).
وبذلكفقد اتحدت آراء العلماء التجريبيين وعلماء الأخلاق وأهل الدين الإسلامي على أن تلكالتجربة غير صالحة؛ فمن الناحية العلمية رأوا أنها حيوانات منوية غير كاملة،وتحتاج إلى مزيد من البحث لاكتشاف صلاحيتها وفعاليتها، ومن الناحية الأخلاقية رأواأنها جريمة أخلاقية، ومن الناحية الدينية رأوا أنها ليست خلقًا من العدم كمايدعون، كما أنها تؤدي إلى مفاسد عديدة للبشرية؛ مما يعني أنها تتعارض مع الدينالإسلامي الذي يقضي بحرمتها.
رابعا. استئجار الأرحام لا يعدخلقًا للأجنة من العدم، وهو مرفوض عند علماء الطب والدين:
استئجارالأرحام له خمس صور تتفق جميعًا في كون الحمل داخل رحم امرأة متبرعة بالحمل، وتلكهي صوره:
الصورةالأولى: تكون البويضة من متبرعة، والحيوان المنوي منالزوج، ويتم الحمل والولادة من قبل امرأة متبرعة، وسببها كون الزوجة عاقرًا؛ أي:غير قادرة على إنتاج البويضات أو الحمل في رحمها.
الصورةالثانية: تنقل البويضة من متبرعة والحيوان المنوي منمتبرع، ويتم الحمل في رحم امرأة ثالثة أجنبية، وسببها كون الزوجة عقيمًا نهائيًّالا أمل لها في الإنجاب وكذلك الزوج.
الصورةالثالثة: وفي هذه الصورة ستقدم متبرعة بويضتها، وسيقدممتبرع حيوانه المنوي وستتبرع ثالثة بالحمل والولادة، وهذه حالة تكثر عند اللجوءإلى مصرف المنيّ([25]).
الصورةالرابعة: وتتم هذه العملية بأن يقدم الزوجان اللقيحةلامرأة أخرى أجنبية تحمل وتلد، وسببها معالجة عقم الزوجة بسبب وجود مرض في الرحميحول دون استمرار الحمل، أو أن الزوجة قد أزيل رحمها لسبب ما.
الصورةالخامسة: وفيها تقدم الزوجة الأولى بويضتها والزوجةالثانية رحمها للحمل والولادة ويقدم الزوج (أي زوج كلتا الزوجتين) منيّه، وسببهاكون الزوجة الأولى قادرة على الإباضة وغير قادرة على الحمل والولادة، وأما الزوجوالضرة فسليمان وقادران على إتمام العملية بنجاح([26]).
وقبلأن نتحدث عن رأي علماء الطب والشرع في هذه الصور السابقة للرحم المؤجر نود أن نؤكدعلى أن استئجار الأرحام لا يعد خلقًا؛ إذ الخلق هو الإيجاد من العدم، بينما الذييحدث في استئجار الأرحام ـ كما سبق أن شرحنا في الصور السابقة ـ هو استخدام بويضةموجودة بالفعل وتلقيحها بحيوان منوي موجود بالفعل وزرعها في رحم موجود بالفعل فيجسم المرأة، وليس في ذلك خلق من العدم كما ادعى بعض المغالطين حينما قالوا: إنالعلم يستطيع خلق أجنة عن طريق الأمومة بالإنابة أو استئجار الأرحام.
أماعن رأي علماء الدين في الصور الخمس السابقة لاستئجار الأرحام؛ فقد اتفقوا علىتحريمها جميعًا، وأما من خالف في ذلك لا يعتد برأيه؛ لضعفه ومخالفته لأدلة الجمهورالساطعة.
ورغمالجدل الذي ثار حول الصورة الخامسة من صور استئجار الأرحام، وهي إذا ما كان للزوجزوجتان واستعانت إحداهما برحم الأخرى لحمل بويضتها مع مني زوجها، نقول: رغم الجدلالذي ثار حول هذه الصورة إلا أنه انتهى بالتحريم اعتمادًا على أدلة واضحة.
وإليكمفتوى الشيخ عطية صقر ـ رئيس لجنة الفتوى بالأزهر، بتاريخ مايو 1997م ـ عندما سئلعن حكم تأجير الرحم؛ فقال:
هذهالصورة حكمها التحريم؛ لأن فيها صورة الزنا، والزنا محرم بالكتاب والسنة والإجماع؛وذلك لأمور من أهمها أمران:
أ- المحافظة على الأنساب إذا كان الرجل والمرأة قابلينللإنجاب، بصلاحية مائه وصلاحية بويضتها، فلا يدرى لمن ينسب المولود ويكون مصيرهالضياع، وقد صح في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلمقال: «الولد للفراش وللعاهر الحجر»([27]).
ب- صيانة الأعراض عن الانتهاك وحماية الحقوق لكل من الرجلوالمرأة، وفي الزنا وقعت المتعة الجنسية بغير الطريق الشرعي الذي يدل عليه قولالله تعالى في صفات المؤمنين المفلحين: )والذين هم لفروجهم حافظون (5) إلا علىأزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين (6) فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك همالعادون (7) ((المؤمنون).
وتظهرالحكمة الثانية في تحريم الزنا إذا كان أحد الطرفين غير صالح للإنجاب كما فيالصورة المذكورة في السؤال؛ حيث توقف جسم المرأة عن التبويض، فإذا كان مجرد دخولماء الرجل الغريب عن المرأة في رحمها حراما فكيف بدخول ماء وبويضة “بويضةملقحة بمائه”؛ أي دخول جنين أو أصل جنين غريب عنها؟! إن الحرمة تكون من بابأولى([28]).
كمايرفض الشيخ عطية صقر الصورة الخامسة من صور استئجار الرحم، وهي ما إذا كان الرجلمتزوجًا من زوجتين، الأولى لا ينتج جسمها بويضات لسبب أو لآخر، أو لا يمكن أن تحملباستعمال بويضاتها هي، فهل يمكن أن تؤخذ بويضة من الزوجة الثانية تلقح بحيوان منويمن زوج المرأتين، ثم يوضع الجنين في رحم الزوجة الأولى لتحمل وتلد، هل يجوز ذلك؟وإذا كان لا يجوز، فلماذا على الرغم من أن الأب واحد والعملية كلها تتم داخل إطارعلاقة زوجية مشتركة؟ والجواب: إذا أخذت بويضة الزوجة الثانية الملقحة بمنيّ زوجهاووضعت بدون إذنها وموافقتها في رحم ضرتها الأولى كان ذلك حرامًا؛ لأنه اعتداء علىحق الغير بدون إذنه، والكل يعلم ما بين الضرائر من حساسية شديدة، وأثر ذلك علىالأسرة.
وإنكان بإذنها وموافقتها يثار هذا السؤال: لماذا يلجأ الزوج إلى هذه العملية؟ إن كانلمصلحة تعود عليه هو مثل كثرة الإنجاب الحاصل من زوجتين لا من زوجة واحدة، فقديكون ذلك مقبولًا إن دعت إليه حاجة أو ضرورة، مع التأكد من القيام بواجب الرعايةالصحيحة، ومع ذلك لا أوافق عليه لما سيأتي بعد من العلاقة بين الإخوة الأشقاءوالإخوة غير الأشقاء.
وإنكان لمصلحة تعود على الزوجين، فإن المصلحة العائدة على الزوجة الثانية الصالحةللإنجاب ليست ذات قيمة، بل قد يكون في ذلك ضرر على أولادها عند تقصير الأب عنالوفاء بحق هذه الكثرة من الأولاد، أو بضآلة نصيب أولادها من ميراث أبيهم؛ حيثيوزع على عدد كبير من أولاده.
وإذاكانت المصلحة عائدة على الزوجة الأولى التي لا تنجب فإنها تتمثل في أمرين مهمين؛أولهما إرضاء عاطفة الأمومة وعدم الشعور بنقصها بالنسبة لضرتها، لكنها لا تتحققإلا إذا كان أولادها ينسبون إليها، وقد تقرر ـ كما سبق ذكره ـ أنها مجرد أم حاضنة،وما ينتج منها فهو لزوجها ولضرتها صاحبة البويضة، فإذا عرفت أن من يولد منها فهولضرتها فلماذا تتعب نفسها بالحمل والوضع دون فائدة لها؟! إذًا ليست هناك مصلحة لهاقيمتها من هذه العملية لكلتا الزوجتين، ولا يجوز للزوج أبدًا أن يجعل ما تلدهالزوجة الأولى الحاضنة أولادًا لها، لمعارضته ما سبق ذكره ولأنهم سيكونون بذلكبالنسبة لأولاد الزوجة الثانية صاحبة البويضة إخوة غير أشقاء؛ أي إخوة من أب فقط،وهذا له أثره في الميراث إذا توفي أحد الإخوة؛ فالأخ الشقيق يحجب الأخ لأب،والحاضنة إذا ماتت لا يحق لها شرعًا أن ترث ممن ولدتهم ولا أن يرثوا منها،فالأمومة النسبية مقطوعة، وذلك إلى جانب ما يكون بين الأولاد من كلتا الزوجتين منحساسيات معروفة لها آثار غير طيبة.
وهنايمكن أن نقول: إن المفاسد المترتبة على هذه العملية أكبر من المصلحة العائدة علىالزوج والزوجتين، والقاعدة الشرعية تقول: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح؛ ولهذاأرجح عدم جواز هذه العملية، وإذا كان للزوج رغبة في كثرة الإنجاب فأمامه الوسائلالمشروعة الأخرى، مع مراعاة واجب العدل في معاملة الزوجات والأولاد.
وعلىهذا، فإنه لا يجوز أن تكون إحدى الزوجتين أمًّا حاضنة لبويضة ملقحة هي للزوجةالأخرى؛ فالأم الحاضنة لا يجوز لها أن تدخل رحمها ماء غير ماء زوجها، وفي الصورةالمذكورة وإن كان الماء ماء زوجها فإن البويضة ليست لها، وعلى فرض التجاوز في ذلكإذا كانت حضانتها للبويضة بإذن صاحبتها فإن الآثار المترتبة عليها والتي سبقبيانها في إجابة السؤال السابق تجعلني أرجح عدم الجواز([29]).
وقدفصل الدكتور رأفت عثمان سعيد القول في موضوع استئجار الأرحام، وعرض بالتفصيل أسبابتحريم هذا الاستئجار، فليرجع إليه من شاء الاستزادة، ولكن سنكتفي هنا بعرض عناوينهذه الأسباب منعا للإطالة، وهذه الأسباب منها ما يحرم الصور الأربعة الأولى فقط،ومنها ما يحرم الصور الخمسة كلها، وهي:
- عدم وجود زوجية بين صاحب الحيوان المنوي وصاحبة الرحمالبديلة.
- وجود ارتباط شرعي بين حق الإنجاب من رحم معينة وجوازالاستمتاع الجنسي بصاحبة هذا الرحم.
- عدم قابلية الرحم للبذل والإباحة.
- الشرع حرم كل ما يؤدي إلى حدوث النزاع والخلاف بين الناس.
- احتمال حمل الأم البديلة من زوجها.
- احتمال التدليس من المرأة المستأجرة.
- اختلاط الأنساب أمر وارد([30]).
وإذاكان هذا هو رأي علماء الدين، فما هو رأي الأطباء في مسألة استئجار الأرحام؟
لقدعبر الدكتور محمد فياض ـ رئيس الجمعية المصرية للخصوبة والعقم ورئيس الجمعيةالأفريقية لصحة الأم والطفل ـ عن وجهة نظره هو وزملائه من الأطباء، وقرر أنهم ضدهذه الفكرة في نقابة الأطباء، وبأن نقيب الأطباء وزملاءه وضعوا ضوابط قانونيةوأخلاقية لمنع إجراء هذه العملية في عشرات المراكز بمصر([31]).
ويشيرالدكتور عبد الهادي مصباح ـ أستاذ المناعة والتحاليل الطبية ـ إلى خطورة الرحمالمؤجرة، فيقول: “إن رحم المرأة غير مسئول عن الصفات الوراثية نظريًّا، ولكنهناك أشياء لا نستطيع أن نفهمها في فترة وجود الجنين في الرحم أثناء فترة الحمل،وأن الجينات المأخوذة من الحيوان المنوي من الأب والبويضة من الأم، يحدث بينهماامتزاج لاختيار الصفات التي سوف يكون عليها المولود، وعلى الرغم من أن ذلك يحدث فيالأيام الأولى من الإخصاب، فإن هناك بعض الجينات التي تحمل صفات معينة تكون كامنةوتحتاج إلى ظروف بيئية معينة لكي تظهرها، وهذا ما نخشاه من وجود الجنين في رحم أمغير أمه، وقد يحدث تغيير وتنشيط لهذه الصفات في بعض الجينات الوراثية الموجودةبالفعل في هذا الجنين، والتي لا نرغب في ظهورها في الأحوال العادية، وهذا يدل علىإمكانية تأثر الجنين بالصفات الوراثية لصاحبة الرحم المؤجرة”([32]).
ولكلما سبق ذكره رفض الأطباء تأجير الأرحام رفضا قاطعًا؛ فالدكتورة نادية الجندي ـوكيل أول وزارة الصحة ـ رفضت الفكرة تمامًا وأكدت أن أحدًا لا يجرؤ على عرض هذهالفكرة أمام البرلمان المصري، خاصة بعد الرفض الكامل لها وتحريم مجمع البحوثالإسلامية للفكرة، كما أن مجتمعنا شرقي يحافظ على الأنساب والعرق.
وأضافتأنه إذا كانت هذه الفكرة تطبق في أمريكا وأوربا فلا يجوز تطبيقها هنا؛ لأن هذايعني اختلاط الأنساب، كما أن صفات الطفل تأتي من المرأة الحامل به لأنها تؤثر فيهأيضًا، والفكرة من الناحية الاجتماعية والإنسانية أيضًا مرفوضة تمامًا.
وحاليًافي أوربا وأمريكا تشهد هذه القضايا نزاعات على أمومة الجنين، ولم تستطع المحاكمالتوصل إلى قرار بشأنها بسبب الحيرة في تحديد أم الطفل، فلماذا نلقي بأيدينا إلىالتهلكة؟ فيما نفى أطباء أمراض النساء والولادة في مصر وجود مثل هذه الحالات؛ حيثأكدت الدكتورة أميمة إدريس ـ رئيس قسم النساء والولادة بمستشفى قصر العيني ـ أنوضع سائل منوي في رحم امرأة أجنبية يعد زنا في الشريعة الإسلامية، ولا يجوز حتىمجرد التفكير في هذه الفكرة وليس فقط تطبيقها.
وقالالدكتور جلال البطوطي ـ أستاذ أمراض النساء والولادة ـ أنه يمكن التوصل إلى حللهذه المشكلة بالعلم دون مخالفة الشريعة الإسلامية واستغلال العلم في أشياء محرمة،مثل تكثيف الجهود للتوصل إلى طريقة لزرع الرحم حلًّا لهذه المشكلة؛ حيث إن الدينلا يرفض زرع الرحم، أو نقله من امرأة لأخرى، كما أنه ليس ممنوعًا علميًّا، فلماذانلجأ إلى الأشياء المحرمة؟!
واتفقعلماء النفس على أن لهذه الفكرة الكثير من المشكلات النفسية والآثار السلبية؛ حيثأكد الدكتور فكري عبد العزيز ـ أستاذ علم النفس ـ أن الإحساس الوجداني الإنسانيالمتعارف عليه من خلال الإرسال والاستقبال للإحساسات، التي تعتبر أساس العلاقاتالإنسانية والأسرية، يلزم لها الشعور بالأمان النفسي والصحي والاجتماعي، ويكون هذامن خلال الوجود الطبيعي للإنسان في أن تكون بداية تكوينه في رحم أمه، ثم إحساسالأم بآلام الوضع ومتابعة الأسرة للابن في مرحلة الرضاعة ثم الطفولة المبكرة ثمالطفولة المتأخرة ثم النضوج والمراهقة؛ لكي يكتمل الارتباط بين الزوجين.
فيماأكد علماء الاجتماع على أن هذه الفكرة تُعد تحايلًا غير مشروع على الأمومةوالأبوة؛ حيث تقول الدكتورة عزة كريم ـ أستاذة علم الاجتماع: إن الأمومة لها شروطلتكوين الجنين منذ اللحظة الأولى، وليس فقط لمجرد العلاقة الزوجية التي لا تعبر عنالأمومة والأبوة.
وتشيرعزة كريم إلى أن الطفل سيولد في ظروف صراع بين المرأتين؛ مما يؤدي إلى إحساسهبالتمزق والضياع وعدم القدرة على تحديد أيهما أمه ويشعر بعدم الانتماء إليهما،ويرفض المجتمع الذي وضعه في هذا الموقف([33]).
ولعلالقارئ الكريم عندما يقرأ آراء هؤلاء العلماء في مختلف المجالات الطبية والدينيةوالأخلاقية والنفسية والاجتماعية ـ والتي ترفض تأجير الأرحام ـ يدرك خطورة هذاالأمر وبشاعته، ويدرك أن العلم إن لم يقم على أسس من الأخلاق والدين يؤدي إلى تدميروإفساد المجتمع، كما يدرك القارئ في ختام هذه الشبهة أن العلم لا يستطيع أن يتحدىالمشيئة الإلهية، وأن العلم مهما تطور لن يخلق شيئًا من العدم، وإنما يعتمد على ماخلقه الله: )الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسانمن طين (7)( (السجدة).
(*) ماذا ترك العلم لإله السماء، كاملالنجار، مقال منشور بموقع: مؤسسة الحوار المتمدِّن www.ahewar.org. صحيفة الحوار المتمدن، العدد (2816).
[1]. الطبيب أدبه وفقهه، د. زهير السباعي ود. محمد علي البار، دار القلم، دمشق، ط1، 1413هـ/ 1993م، ص330: 336.
[2]. لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، د.محمد دودح، بحث منشور بموقع: الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة www.eajaz.org.
[3]. الهزمة: كل نُقْرة في الجسد هزمة.
[4]. لسان العرب، مادة: عقم.
[5]. لسان العرب، مادة: عقر.
[6]. الموسوعة الفقهية للأجنة والاستنساخالبشري من الناحية الطبية والشرعية والقانونية، د. سعيد منصور موفعة، دار الإيمان،الإسكندرية، 1426هـ/ 2005م، ج1، ص701.
[7]. المعجم الوسيط، مادة: نجب.
[8]. الموسوعة الفقهية للأجنة والاستنساخالبشري من الناحية الطبية والشرعية والقانونية، د. سعيد منصور موفعة، مرجع سابق،ج1، ص702، 703 بتصرف.
[9]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، مرجعسابق، ج16، ص48.
[10]. المرجع السابق، ج4، ص79، 80.
[11]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، دارالمعرفة، بيروت، ط1، 1400هـ/ 1980م، ج4، ص121.
[12]. المرجع السابق، ج3، ص112.
[13]. التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور،دار سحنون، تونس، مج3، ج3، ص242.
[14]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب:الطب، باب: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، (2/ 1137)، رقم (3436). وصححهالألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (3436).
[15]. التلقيح الصناعي نوعان: داخلي وخارجي:فالداخلي هو ما يختص بدمج الحيوان المنوي بالبويضة في الثلث الأعلى لقناة فالوب،وفي هذا النوع من التلقيح لا نحتاج إلى إخراج البويضة؛ لأنها تحقن داخل الرحم.
والخارجي:هو دمج الحيوان المنوي بالبويضة كذلك، لكن خارج الجسد في أنبوب اختبار، وبعد قبولالبويضة التلقيح ونموها لمدة تتراوح مابين 48: 72 ساعة داخل الأنبوب تعاد إلى قناةفالوب وتغرس في الرحم لتنمو نموًّا طبيعيًّا، وهذا هو التلقيح الخارجي (الموسوعةالفقهية للأجنة والاستنساخ البشري من الناحية الطبية والشرعية والقانونية، د. سعيدمنصور موفعة، مرجع سابق، ج1، ص698).
[16]. أطفال الأنابيب بين العلم والشريعة،زياد أحمد سلامة، دار البيارق، بيروت، ط1، 1417هـ/ 1996م، ص13: 15 بتصرف.
[17]. الموسوعة الفقهية للأجنة والاستنساخالبشري من الناحية الطبية والشرعية والقانونية، د. سعيد منصور موفعة، مرجع سابق،ج1، ص761.
[18]. أي: بالأسلوب الأول: ويتم فيه التلقيحأمام الزوجين بدون معالجة السائل المنوي في المختبر؛ حيث يؤخذ المني من الرجلوتحقن به زوجته مباشرة، وتتم أمام الزوج.
[19]. الأسلوب الثاني: ويتم بأخذ السائلالمنوي من الرجل ويوضع في أنبوبة وفي ظروف طبية خاصة، ويكتب عليه اسم الزوجرباعيًّا، ويرسل معه أو من يثق به إلى المختبر؛ حيث يتم إزالة الشوائب والحيواناتالمنوية الضعيفة، وهذه تستغرق مدة من الزمن حيث لا يمكن أن تتم العملية أمامالزوج، ثم يعود الزوج بها من المختبر، ويتم حقن الزوجة بها في عيادة الطبيب وأمامالزوج.
[20]. الموسوعة الفقهية للأجنة والاستنساخالبشري من الناحية الطبية والشرعية والقانونية، د. سعيد منصور موفعة، مرجع سابق،ج1، ص752، 761 بتصرف.
[21]. تقدُّم طبي بتقنية أطفال الأنابيب،محمد النجار، مقال منشور بموقع: الجزيرة نت www.aljazeera.net.
[22]. الخلايا الجذعية الجنينية: هي الخلايا الأساسية التي تتألف منها الأجنة قبل أنتتخصص وظيفيًّا وبنيويًّا حسب أعضاء الجسمالمختلفة، فالخلايا الجذعية (StemCells) هي خلايا غير مكتملةالانقسام، قادرة تحتظروف مناسبة على تكوين خلية بالغة من أي عضو من أعضاء الجسم، وبالتالي يمكن اعتبارها نظام إصلاح وتجديد للجسم، وهي نوعان:خلايا جذعية جنينية تستخرج من الأجنةنفسها، وخلايا جذعية بالغة تستخرج من مختلف خلايا الجسم، مثل النخاع العظمي والرئة والقلب والعضلات والجلد وغيرها.
[23]. تخليق حيوانات منوية معمليًّا.. غيروارد، هشام محمد، بحث منشور بموقع: إسلام أون لاين www.islamonline.net.
[24]. انظر: تخليق حيوانات منوية معمليًّا..غير وارد، هشام محمد، بحث منشور بموقع: إسلام أون لاين www.islamonline.net. الخلايا الجذعية.. إنجاز علمي يثيرمخاوف أخلاقية، سهير عثمان، بحث منشور بموقع: www.moheet.com.
[25]. والفرق بين الحالة الثانية والثالثةأن الحالة الثانية يتفق فيها الزوجان مع رجل أجنبي وامرأة أجنبية يكونان معروفينبالنسبة لهما، أما الحالة الثالثة فإنها تتم عن طريق مصرف المني فلا يُعرف صاحبالمني ولا صاحبة البويضة، وإنما يتقدم الرجل بالمني والمرأة بالبويضة للمصرف، ثميأتي زوجان أو رجل أو امرأة ليأخذ منيًّا وبويضة ويتفق مع صاحبة رحم للحملوالولادة.
[26]. انظر: أطفال الأنابيب بين العلموالشريعة، زياد أحمد سلامة، مرجع سابق، ص99: 108.
[27]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)،كتاب: الحدود، باب: للعاهر الحجر، (12/ 130)، رقم (6818).
[28]. انظر: موقع: وزارة الأوقاف www.islamic-council.com.
[29]. انظر: موقع: وزارة الأوقاف www.islamic-council.com.
[30]. انظر: استئجار الأرحام، د. رأفت عثمانسعيد، بحث منشور بموقع: باب www.bab.com.
[31]. انظر: تأجير الأرحام بين العلموالقرآن، بحث منشور بموقع: إشراقة www.ishraqa.com.
[32]. إعلان على الإنترنت أثار الجدل حولالوسائل الجديدة للإخصاب، أحمد شعبان، موقع: الاتحاد www.alittihad.ae.
[33]. تأجير الأرحام في مصر يثير جدلالأطباء وأساتذة علم النفس والاجتماع، شموس التمامي، مقال منشور بموقع: جريدةالشرق الأوسط www.aawsat.com.