دعوى تعارض أحاديث الصفات مع القرآن، واعتبارها من التشبيه والتجسيم
وجوه إبطال الشبهة:
1) علم من دين الله – عز وجل – بالضرورة أن الإيمان بما جاء عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من جملة الإيمان بالله – عز وجل – لكونه وحيا من الله – عز وجل – ونسبة السنة إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – إنما هي من جهة أنه المنشئ لألفاظها؛ لذلك فهي مصدر أصيل في التعرف على الغيبيات، ولا مدخل للعقل في إثبات شيء أو نفيه مما يتعلق بالغيب عامة، وبصفات الله – عز وجل – خاصة. فإذا كان هناك من صفات الله ما يستطيع العقل أن يستدل عليها بنفسه، كاتصاف الله بالعلم والقدرة والحكمة ونحو ذلك، فإنه يقف عاجزا ليس له من سبيل إلا النصوص ليتمكن من التعرف على صفات الله الذاتية والفعلية كصفة الوجه، واليد، والمجيء والنزول ونحو ذلك.
2) سلك أهل السنة والجماعة في باب الصفات طريقا واضحة، لا عوج فيها ولا أمتا، وعولوا على ما صح من النقل؛ فسلموا من الانحراف عن جادة الطريق، فآمنوا بكل ما وصف الله به نفسه في كتابه، ووصفه به رسوله – صلى الله عليه وسلم – من غير تحريف للنصوص، أو تعطيل للمراد، ولا طمع في معرفة كيفية لا تدركها العقول، ولا تمثيل له بأحد من المخلوقين، فأمروا نصوص الصفات كما جاءت عن الله على مراد الله، وعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على مراده – صلى الله عليه وسلم – دون بحث في كيفيتها. فكان سبيلهم أسلم وأعلم وأحكم.
3) إن الأحاديث التي أوردها المشككون والواهمون إذا ما أسقطنا عليها قواعد الصفات عند أهل السنة فإننا لا نجد غضاضة ولا حرجا في قبولها على مراد الله- سبحانه وتعالى – وعلى مراد رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لكون ما تتضمنه من معنى هو في الأصل معلوم، وما أخبرت عنه من غيب فكيفيته مجهولة، في إطار قوله تعالى: )ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (11)( (الشورى). فالله – سبحانه وتعالى – متصف بصفات الكمال التي لا يشابهه فيها سمع المخلوقين، وبصرهم، وكلامهم، ونزولهم، واستواؤهم، وضحكهم، وغضبهم، وغيرتهم، ومجيئهم، وهذا الكلام لازم في العقليات والسمعيات، فما دام لله – سبحانه وتعالى – ذات حقيقية لا تماثل الذوات فإن الذات متصفة بصفات حقيقية لا تماثل سائر الصفات.
فكل هذه الصفات الواردة في الأحاديث الصحيحة الثابتة تساق مساقا واحدا، ويجب الإيمان بها على أنها صفات حقيقية، لا تشبه صفات المخلوقين، دون تعطيل أو تمثيل ولا رد، ولا جحد، ولا تأويل يخالف الظاهر.
التفصيل:
أولا. السنة مصدر أصيل في معرفة الغيب؛ لكونها وحيا، والعقل تابع للوحي في معرفة عالم الغيب:
إذا كان للإنسان حواس يحس بها، وعقل يعقل به، فهل يستطيع بعقله وحسه – فقط – أن يعيش، ويؤدي دوره في هذا الكون، ويقوم بوظيفة الخلافة فيه، ويتوجه في كل ما يعمل إلى الله خالقه سبحانه وتعالى؟ وهل يستطيع أن يحدد وظيفته، وأن تكون له معرفة صحيحة بخالقه، وبما يطلب منه؟ وهل يستطيع بهذه الكفايات – الحس والعقل – أن يعرف ما ينتظره بعد موته؟
إن الإنسان عاجز – بحسه وعقله فقط – عن أن يفي بهذه المعرفة، أو أن يقدم عنها شيئا، ومن ثم فهو في أشد الحاجة إلى مصدر آخر للمعرفة وهو الوحي المنزل من رب العالمين، على من اصطفاه من خلقه؛ كي يسعف هذه الفطرة بطريق رباني دقيق ثابت شامل للمعرفة.
وليس في اعتماد النبوة طريقا للمعرفة هضم لقيمة العقل والحس ودورهما في المعرفة؛ وذلك لأن للحس والعقل ميدانا لا يتجاوزانه وهو عالم الشهادة[1].
والسؤال الذي ينبغي أن نطرحه هو: ما موقف العقل من التعرف على عالم الغيبيات وقضاياه؟
فالإجابة على هذا السؤال تحمل في طياتها معالم المنهج المطلوب في علاقة العقل بعالم الغيب، وفي نفس الوقت تضع أمامنا حقيقة الخلاف بيننا وبين منهج المخالفين في الإيمان بقضايا الغيب؛ فلاسفة كانوا أو متكلمين، قدامى كانوا أو معاصرين، وهذا يفسر لنا بالتالي سبب الحملة التي شنع بها المخالفون على منهج السلف، واتهموهم من خلالها برفض العقل وأحكامه.
إن قضية الإيمان بالغيب هي محك الخلاف بين المنهجين: منهج عرف أصحابه للعقل إمكاناته، وطاقاته من جانب، وعرفوا أيضا مطلب الشرع والوحي من العقل، والوظيفة التي ناطه بها من جانب آخر.
أما المنهج الثاني فأطلق أصحابه العنان لعقولهم، فلم يعترفوا بأن لإمكانات العقل وطاقاته حدودا لا يتجاوزها، بل قالوا: إن العقل قادر على أن يخضع كل شيء لسلطانه، ما غاب عنه وما حضر، ما أدركته الحواس وما غاب عنها، حتى ما أخبرت به الأنبياء عن عالم الغيب وقضاياه يجب أن يخضع العلم به وبكيفيته لسلطان العقل، ولا مانع عندهم من رفض هذا العالم الغيبي وإنكاره.
ولم يفرقوا في ذلك بين مطلب الشرع من العقل في عالم الشهادة ومطلبه من العقل في عالم الغيب، والخلاف بين الموقفين يكمن في المنهج أولا.
إن أصحاب المنهج الأول وظفوا العقل فيما خلق له في التعرف على عالم الشهادة، وعرفوا له قدره، وحدوده في مجال التعرف على عالم الغيب.
عرفوا أن العقل في عالم الشهادة مسلط لاكتشاف الكون وقوانينه، وهو في عالم الغيب متعلم يأخذ العلم من مصادره التي غاب عنها، أو غابت عنه، والتي جاء الخبر عنها معصوما عن المعصوم – صلى الله عليه وسلم – عن الله – سبحانه وتعالى – عرفوا أن العقل يملك البحث والتعرف على عالم الشهادة، لكنه يفقد جميع الأدوات التي يتعرف بها على عالم الغيب، إلا مصدرا واحدا هو الوحي الذي هو إخبار الله من ذاته بذاته على لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم – هذا إذا كان للعقل أن يؤمن بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. أما إذا كان العقل رافضا الأخذ عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – ابتداء فهذا له شأن آخر، وليس لنا معه هنا من حديث.
والسؤال الآن: أي المنهجين أكثر احتراما للعقل؟.. وأيهما أكثر عقلانية؟ أن نأخذ الحديث عن الغيب وعن الله مأخذ التصديق به كما جاء به الوحي، أم نتخيل له كيفيات عقلية لسنا مطالبين بها أولا، ولا سبيل لنا إلى العلم بها بالحواس ثانيا[2].
إن الاعتصام بالنص الصحيح في قضايا الغيب كان منهجا أقوم في منطق العقل نفسه، ذلك أن العقل مطالب بالإيمان بالغيب، وفي نفس الوقت ليس مؤهلا للبحث فيه، كما هو شأنه في عالم الشهادة.
ولم يطلب منه الشرع البحث فيه؛ لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا يكلفها إلا ما آتاها، وسبيله الوحيد إلى التعرف على الغيب هو خبر المعصوم – صلى الله عليه وسلم – عن الله – عز وجل – والذي قال لصحابته: «تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك»[3]، وفي القرآن الكريم: )وما آتاكم الرسول فخذوه( (الحشر:7).
وكان أهل الحديث أحرص الناس على ذلك؛ لاختصاصهم برسول الله – صلى الله عليه وسلم – وطول ملازمتهم له، وحفظهم العلم النبوي عنه، وشدة تمسكهم بما سمعوه ونقلوه عنه إلى الناس من بعدهم، وذلك دون واسطة بينهم وبينه، فحفظوا عنه ووعوا واعتقدوا جميع ما سمعوا.
يقول الإمام اللالكائي عن هذا المنهج: “فهذا دين أخذ أوله عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مشافهة لم يشبه لبس ولا شبهة، ثم نقله العدول من غير تحامل ولا ميل، ثم الكافة عن الكافة، والصافة عن الصافة، والجماعة عن الجماعة، أخذ كف بكف، وتمسك خلف بسلف، الحروف يتلو بعضها بعضا، ويتسق أخراها على أولاها وصفا ونظما، فهؤلاء الذين تعهدت بنقلهم الشريعة، وانحفظت بهم أصول السنة، فوجبت لهم بذلك المنة على جميع الأمة، فهم حملة علمه، ونقلة دينه، وسفرته بينه وبين أمته، وأمناؤه في تبليغ الوحي عنه”[4].
ومن أهم ما عني به أصحاب هذا المنهج حرصهم على صفائه ونقائه، فلم يتأثروا فيه بمسلك الخصوم معهم، ولا بتشنيع المخالفين عليهم، فكانوا يكرهون مناظرة أهل البدع، ويتناهون عن نقل شبهاتهم أو عرضها على المسلمين مخافة الفتنة بها. يقول سفيان الثوري: من سمع بدعة فلا يحكها لجلسائه، ولا يلقها في قلوبهم[5].
بين الوحي والعقل:
ولعل ما سبق يقودنا إلى الحديث عن علاقة الوحي بالعقل باعتبار أن كلا منهما وسيلة أو أداة من أدوات المعرفة، لكن لكل منهما مجاله وميدانه الذي نجح في الكشف عنه والتعرف عليه، وعلينا أن ندرك أنهما معا وسيلتان للمعرفة، وكما أن العقل مسلط على عالم الشهادة فكذلك الوحي خاص بالتعرف على عالم الغيب، وليس من هدفنا الدخول في تفصيلات هذه العلاقة؛ فقد كفانا القدماء مؤنة الحديث عنها ولكن نود أن ننبه هنا إلى أهم معالم المنهج في هذه القضية؛ إذ يرتبط المنهج هنا بفهم طبيعة علاقة العقل بعالم الشهادة من جانب، وعلاقة العقل بعالم الغيب من جانب آخر، وإذا عرفنا أبعاد علاقة العقل بعالم الغيب والفارق الكبير بينهما وبين علاقته بعالم الشهادة فإنه يكون من اليسير فهم علاقة العقل بالوحي.
وفيما يلي نذكر أهم النقاط التي توضح علاقة العقل بالوحي[6]:
- مما ينبغي أن نؤمن به إيمانا جازما أن الله – عز وجل – أنزل كتابه ليفهم ويتدبر، كما قال تعالى: )كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته( (ص:٢٩)، وقال: )أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها (24)( (محمد)؛ ولهذا فإن إقبال السلف على حفظ القرآن وفهمه وحسن تدبره كان مجالا للتنافس فيما بينهم، وحكي عن السلمي قوله: كنا نقرأ العشر آيات من القرآن ولا نتجاوزها حتى نعلم ما فيها من علم وعمل، وكان بين أصحاب الرسول – صلى الله عليه وسلم – من هو حبر الأمة وترجمان القرآن.
- لم نقرأ عن الصحابة والتابعين الذين نقلوا إلينا أقوال الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأفعاله أنهم توقفوا أمام آية أو حديث، وقالوا: إن العقل يعارضها أو يرفضها، أو ينبغي تأويلها بصرفها عن ظاهرها، وإنما عملوا بالمحكم وآمنوا بالمتشابه، وقالوا: )كل من عند ربنا( (آل عمران:٧) خاصة فيما يتصل بقضايا الغيب من هذه الآيات، وفي مقدمتها آيات الصفات الإلهية التي هي محل الخلاف الأساسي بين السلف ومخالفيهم، وكذلك آيات البعث والحساب، كذلك لم يتساءلوا عن كيفية أي صفة من الصفات المذكورة في الآية المعينة أو الحديث المعين، وإنما تلقوها بالقبول كما سمعوها من الرسول صلى الله عليه وسلم.
- من الأصول المرعية هنا أن النص إذا صح سندا ومتنا، فإنه لا يتعارض أبدا مع الدلائل العقلية الصريحة عن الشبهات والخالية من الشكوك.
ذلك أن العقل والنقل وسيلتان لتحقيق غاية واحدة هي الوصول إلى الحق، والتعرف عليه في الأقوال والأفعال والاعتقادات، والوسائل التي تؤدي إلى غاية واحدة لا يعارض بعضها بعضا، وإنما يؤيد ويعاضد بعضها بعضا، فكلاهما حق والحق لا يعارض الحق أبدا.
أما الذين يقولون بإمكان التعارض بينهما فتجد أحدهم يدعي أن ما معه من النقل صحيح، وقد يكون الأمر خلاف ذلك، وقد يكون النقل صحيحا ولكن ما فهمه منه ليس فهما صحيحا، وكذلك تجد الآخر يدعي أن معه من الدلائل العقلية المعارضة للسمع ما يرد به نصا صحيحا، وعند التأمل تجد أن ما معه ليس له من النظر العقلي الصحيح نصيب، وإنما هو شبهات فاسدة أو شكوك طارئة، سرعان ما تزول بالبرهان القطعي الصريح. أما أن يكون النقل صحيحا والدليل العقلي صريحا فهذان لا يمكن أن يتعارضا أبدا.
- يتفرع عن الأصل السابق أن الدليل النقلي الصحيح قطعي الدلالة، والدليل العقلي الصريح هو أيضا قطعي الدلالة، والدلائل القطعية لا تتعارض، وإنما يتعارض منها ما هو ظني الدلالة أو ظني الثبوت، وإذا قال البعض: إن معه دليلين: عقلي ونقلي، وظنهما متعارضين، ينظر فيهما: أيهما كان قطعيا قدم وأخذ به، ويتأخر الظني ويرفض، ليس لكونه عقليا، ولا شرعيا ولكن لكونه ظنيا في دلالته، والظني لا يعارض القطعي، وينبغي أن ننبه هنا إلى أن كثيرا مما نسميه دلائل عقلية أو سمعية يعارض بعضها بعضا ليس كثير منها يرقى إلى مستوى البرهان، وهذا متفق عليه؛ لأنه قد لا يكون دليلا في الأمر نفسه وإنما هو بحسب من يظنه كذلك.
- إن دلالة ما جاء به الشرع في باب الإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته واليوم الآخر والبعث والحساب والجنة والنار… إلخ – لهي دلالة واضحة صريحة فيما دلت عليه، وبالرغم من أن هذه المسائل وغيرها كانت تشكل محور الخلاف الجوهري بين المؤمنين بالوحي ومعارضيهم – فإن هذا الخلاف والنزاع حول هذه المسائل لم يكن – قديما – يتطرق إلى دلالتها على ما دلت عليه من ذلك، فالمتنازعون في ذلك لم يتنازعوا في دلالة الأدلة السمعية على هذه المسائل، وإنما تنازعوا في كون هذه المسائل تعارض الأدلة العقلية – مما يدفع وجوبها – أم لا؟
وإذا فرضنا وقوع التعارض بين الدلالتين، السمعية والعقلية، فأي الدلالتين تكون قطعية والأخرى تكون ظنية؟
هذا هو مثار الخلاف في أمثال هذه المسائل، وقد عالج هذه القضية أئمة كبار مثل ابن رشد في كتابه “فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال”، كما وضع الإمام ابن تيمية كتابه العظيم: “درء تعارض العقل والنقل” لحسم هذه المشكلة بالأصول العقلية والنقلية معا.
لا يستطيع أحد أن يطعن في جنس الأدلة العقلية، ولا فيما علم العقل صحته، وإنما تتجسد المشكلة فيما يدعيه البعض أنه من العقليات – ويردون من أجلها ما صح من نصوص الوحي القطعية – وهي في حقيقتها ليست دليلا في نفس الأمر؛ وكل ما عارضوا به الشرع من هذه الأدلة قد تبين فساده في العقل فضلا عن معارضة الشرع له.
- والدليل لا يمدح ولا يذم لكونه عقليا أو سمعيا، وإنما يمدح الدليل لكونه قطعيا في الدلالة على مطلوبه، والدليل الشرعي لا يقابل بالدليل العقلي وإنما يقابل بالدليل البدعي المحرم؛ لأن الدليل العقلي الصحيح هو في الأصل دليل شرعي دل عليه الشرع نصا أو تنبيها وأشار إليه وأمر به الشرع وأوجب الأخذ به.
هذه هي أهم ملامح العلاقة بين العقل والوحي (قرآنا وسنة) والتي يظهر منها تهافت القول بوجود تعارض بين صريح المعقول وصحيح المنقول، كما تظهر – هذه الملامح – دور العقل في عالم الشهادة، وتبعيته للنقل الصحيح في عالم الغيب.
كذلك هناك أمر آخر ينبغي أن نقرره هنا، وهو: أنه يجب على الخلق الإقرار بما جاء به النبي – صلى الله عليه وسلم – فما جاء به القرآن أو السنة المعلومة وجب على الخلق الإقرار به جملة وتفصيلا عند العلم بالتفصيل، فلا يكون الرجل مؤمنا حتى يقر بما جاء به النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو تحقيق شهادة أن لا إله الله، وأن محمدا – صلى الله عليه وسلم – رسول الله، فمن شهد أنه – صلى الله عليه وسلم – رسول الله شهد أنه صادق فيما يخبر به عن الله – عز وجل – فإن هذا حقيقة الشهادة بالرسالة؛ إذ الكاذب ليس برسول فيما يكذب به، وقد قال الله تعالى: )ولو تقول علينا بعض الأقاويل (44) لأخذنا منه باليمين (45) ثم لقطعنا منه الوتين (46)( (الحاقة).
وفي الجملة فهذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام[7].
فالسنة منسوبة إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – من جهة أنه المنشئ لألفاظها، وأما معانيها فهي من عند الله: إما أن ينزل بها جبريل – عليه السلام – كما ينزل بالقرآن، أو ينفث بها في روعه – صلى الله عليه وسلم – أو يلهمه مناما، أو أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول أو يفعل باجتهاد منه في حدود ما يعلمه من معرفة بمقاصد الشرع، وقواعده المحكمة الحكيمة، وهذا الاجتهاد إما أن يقر عليه فيرجع إلى حقيقة الوحي، أو لا يقر عليه، فينبه إلى الصواب[8].
والقرآن مليء بالآيات الكثيرة الدالة على حجية السنة وهي على أقسام[9]:
القسم الأول: آيات تدل على وجوب الإيمان به – صلى الله عليه وسلم – واتباعه، والرضا بحكمه:
- قال تعالى: )إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم (62)( (النور).
قال ابن القيم – رحمه الله: “فإذا جعل من لوازم الإيمان أنهم لا يذهبون مذهبا إذا كانوا معه إلا باستئذانه، فأولى أن يكون من لوازمه ألا يذهبوا إلى قول، ولا مذهب علمي، إلا بعد استئذانه، وإذنه يعرف بدلالة ما جاء به على أنه أذن فيه”[10].
- قوله تعالى: )وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا (36)( (الأحزاب).
- قوله تعالى: )فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (65)( (النساء).
القسم الثاني: آيات تدل على أن السنة تبين الكتاب، وتشرحه شرحا معتبرا عند الله U مطابقا لما حكم به على العباد؛ فمن ذلك:
- قوله تعالى: )وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون (44)( (النحل).
- قوله تعالى: )وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة( (النساء:١١٣).
وفي هذه الآية وما شابهها عطف الله الحكمة على الكتاب وذلك يقتضي المغايرة، وأنها ليست إياه، ولا يصح أن تكون شيئا آخر غير الكتاب والسنة؛ لأن الله – عز وجل – امتن علينا بتعليمها، والمن لا يكون إلا بما هو صواب، وحق مطابق لما عنده، فتكون الحكمة واجبة الاتباع كالكتاب[11].
القسم الثالث: آيات تدل على طاعته – صلى الله عليه وسلم – طاعة مطلقة، وأن طاعته طاعة لله تعالى؛ فمن ذلك:
- قوله تعالى: )وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون (132)( (آل عمران).
- وقوله تعالى: )من يطع الرسول فقد أطاع الله( (النساء:٨٠).
- وقوله تعالى: )قل أطيعوا الله والرسول( (آل عمران:٣٢).
- وقوله تعالى: )يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا (59)( (النساء).
وقال ميمون بن مهران: “الرد إلى الله إلى كتابه، والرد إلى رسوله إن كان حيا، فإن قبضه الله إليه فالرد إلى السنة”[12].
وقال الحافظ في الفتح: “أطيعوا الله فيما يأمركم به من الوحي المتعبد بتلاوته، وأطيعوا الرسول فيما يأمركم به من الوحي الذي ليس بقرآن”[13].
القسم الرابع: آيات تدل على وجوب اتباعه – صلى الله عليه وسلم – في جميع ما يصدر عنه، والتأسي في ذلك به، وأن اتباعه لازم لمحبة الله تعالى فمن ذلك:
- قوله تعالى: )قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم (31)( (آل عمران).
- وقوله تعالى: )لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا (21)( (الأحزاب).
- وقوله تعالى: )واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون (156) الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون (157)( (الأعراف).
القسم الخامس: آيات تدل على أن الله – عز وجل – كلف رسوله – صلى الله عليه وسلم – باتباع ما أوحي إليه متلوا أو غير متلو، وتبليغ جميع ما أنزل عليه؛ فمن ذلك:
- قوله تعالى: )يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما (1) واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا (2)( (الأحزاب).
- وقوله تعالى: )ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون (18)( (الجاثية).
- وقوله تعالى: )فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم (43)( (الزخرف).
فإذا تبين هذا فقد صح ووجب على كل مسلم تصديقه – صلى الله عليه وسلم – فيما أخبر به عن الله تعالى من أسمائه وصفاته، مما جاء في القرآن وفي السنة الثابتة عنه، كما كان عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن هؤلاء الذين تلقوا عنه القرآن والسنة وكانوا يتلقون منه ما في ذلك من العلم والعمل[14].
وذلك لأن السنة كما بينا مصدر أصيل في التعرف على الغيبيات؛ لكونها وحيا من عند الله، ولا مدخل للعقل في إثبات شيء أو نفيه مما يتعلق بالغيبيات عامة، وبصفات الله خاصة، فالعقل له دور محدود؛ وهو عالم الشهادة، أما عالم الغيب فهو تابع للنقل (القرآن والسنة)، يثبت ما أثبته الوحي وينفي ما نفاه؛ لأن الغيب لا يعرف إلا من قبل الله – عز وجل – من طريق المعصوم محمد – صلى الله عليه وسلم – عن المعصوم جبريل – عليه السلام – عنه عز وجل.
أما عن دور العقل في إدراك صفات الله – عز وجل – على وجه الخصوص – وهي من جملة الغيب – فمداره على قسمين:
الأول: ما لا يستطيع العقل الإنساني التعرف عليه وإدراكه بنفسه، أي من غير طريق النصوص؛ كإثبات الوجه واليد لله تعالى.
الثاني: ما يمكن أن يستدل عليه بالعقل، كاتصاف الله تعالى بالقدرة والحكمة [15].
ثانيا. معالم المنهج القويم الذي تفهم صفات الله في ضوئه:
لقد كثرت الأقاويل في مسألة الصفات، وخاض في هذا البحث من يعرف، ومن لا يعرف، ورمى بعض الناس بعضا بالتكفير من جراء الجهل ببعض مسائل العقيدة، وخصوصا مسألة صفات الله تعالى، وهي مسألة شغلت أذهان كثير من الباحثين، وكثر النزاع حولها.
إنه مما لا شك فيه أن العقيدة غيبية توقيفية، ولا دور للعقول فيها إلا التسليم للنصوص الثابتة الصحيحة الواردة فيها، وتعظيم هذه النصوص؛ لأن هذه العقول قاصرة عن الإحاطة بالغيب، كما أن الله – سبحانه وتعالى – له المثل الأعلى فلا يقاس بغيره، ولا يقاس به غيره[16].
“وقد سلك أهل السنة والجماعة في هذا الباب طريقا واضحا بينا لا عوج فيه ولا أمتا؛ وذلك لأنهم عولوا فيه – وكذا في أبواب الاعتقاد – على النقل الثابت الصحيح، فسلموا من الانحراف الذي وقع فيه من اتخذ العقل أساسا في هذا الباب، وقدمه على النقل، علما بأن أهل السنة يؤكدون على أن العقل الصريح لا يمكن بحال أن يخالف النقل الصحيح”.
وأهل السنة وسط في هذا الباب بين الإفراط والتفريط، فلم يغلوا في الإثبات إلى درجة تصل بهم إلى التكييف أو التمثيل، كما لم يقعوا في التفريط الذي هو تعطيل الله – سبحانه وتعالى – عن أسمائه وصفاته كلها، أو شيء منها، بل أثبتوا جميع ما صح به النقل من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى[17].
فعقيدة أهل السنة والجماعة في صفات الله تتمثل في قول شيخ الإسلام ابن تيمية: “ومن الإيمان بالله؛ الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه، وبما وصفه به رسوله محمد – صلى الله عليه وسلم – من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل”[18].
وأول ما نستفيده من هذه الجملة التي ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية: “الإيمان بكل ما وصف الله به نفسه”؛ وكلمة “وصف” أشمل من كلمة “أثبت” لأن الوصف يشمل الإثبات والنفي، فنحن نثبت لله – سبحانه وتعالى – ما أثبته لنفسه، وننفي عنه ما نفاه عن نفسه، ونثبت ما أثبته الرسول – صلى الله عليه وسلم – وننفي ما نفاه – صلى الله عليه وسلم – وكذلك كلمة “نؤمن” أعظم بكثير من كلمة “نصف” فقط؛ لأن الإيمان يشمل القول والعمل، ويشمل التعبد بمقتضى ذلك[19].
والكلام على معتقد أهل السنة في هذا الباب وذكر أدلته، وتفاصيل مسائله يطول، ولربما أخرج عن المقصود، ولذا فسوف نقتصر على بيان أهم الأصول والأسس التي بنى عليها أهل السنة والجماعة عقيدتهم في الأسماء والصفات، وهي كما يلي[20]:
- الاعتماد على الكتاب والسنة الصحيحة، فيثبتون ما أثبته الله لنفسه في كتابه، وما أثبته رسوله – صلى الله عليه وسلم – في سنته، من غير تحريف [21] ولا تعطيل[22]، ومن غير تكييف ولا تمثيل[23]، على حد قوله تعالى: )ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (11)( (الشورى).
وينفون ما نفاه الله عن نفسه في كتابه، أو نفاه عنه رسوله – صلى الله عليه وسلم – في سنته، مع إثبات كمال ضده[24].
قال الإمام أحمد: “لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه رسوله – صلى الله عليه وسلم – لا يتجاوز القرآن والحديث”[25].
وقال ابن خزيمة: “نحن نثبت لخالقنا – عز وجل – صفاته التي وصف الله بها نفسه في محكم تنزيله، أو على لسان نبيه المصطفى – صلى الله عليه وسلم – مما ثبت بنقل العدل، عن العدل موصولا إليه”[26].
وقال الإسماعيلي: “اعلموا – رحمنا الله وإياكم – أن مذهب أهل الحديث – أهل السنة والجماعة: الإقرار بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، وقبول ما نطق به كتاب الله تعالى، وما صحت به الرواية عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا معدل عما وردا به، ولا سبيل إلى رده… ويعتقدون أن الله مدعو بأسمائه الحسنى، موصوف بصفاته التي سمى ووصف بها نفسه، ووصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم”[27].
وقال ابن تيمية: “طريق سلف الأمة وأئمتها: أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله – صلى الله عليه وسلم – من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل؛ إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل، إثبات الصفات ونفي مماثلة المخلوقات قال عز وجل: )ليس كمثله شيء( (الشورى:١١) فهذا رد على الممثلة، )وهو السميع البصير (11)( (الشورى) فهذا رد على المعطلة”[28].
- إمرار نصوص الصفات كما جاءت، وذلك بحملها على ظاهرها، دون التعرض لتعطيل شيء منها، أو تأويله بما لا يتفق مع مراد الله – عز وجل – أو مراد رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال الوليد بن مسلم: “سألت الأوزاعي، والثوري، ومالك بن أنس، والليث بن سعد عن الأحاديث التي فيها الصفات، فكلهم قال: أمروها كما جاءت بلا تفسير”[29].
وسئل عبد الله بن المبارك عن أحاديث الصفات فقال: “تمر كما جاءت بلا كيف”.
وقال أبو زرعة عن أحاديث الصفات: “هذه أحاديث متواترة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمروها كما جاءت بلا كيف”[30].
وهذا القول متواتر عن السلف – رحمهم الله – قال أبو يعلى: “روي عن شيخنا وإمامنا أبي عبد الله أحمد بن حنبل وغيره من أئمة الحديث أنهم قالوا: أمروها كما جاءت، فحملوها على ظاهرها في أنها صفات الله تعالى لا تشبه سائر الموصوفين”[31].
وقال ابن قدامة: “وعلى هذا درج السلف، وأئمة الخلف – رضي الله عنهم – كلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات، لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم”[32].
ومراد السلف بهذه العبارة “أمروها كما جاءت بلا كيف”: إجراء نصوص الصفات على ظاهرها، والأخذ بما دلت عليه من الصفات، وليس مرادهم: إمرار ألفاظها دون فهم معانيها.
قال ابن تيمية – رحمه الله: “قولهم رضي الله عنهم: “أمروها كما جاءت” رد على المعطلة، وقولهم: “بلا كيف” رد على الممثلة..”[33].
ثم قال مبينا مراد السلف بهذه العبارة: “إنما نفوا علم الكيفية، ولم ينفوا حقيقة الصفة، ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه – على ما يليق بالله – لما قالوا: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ولما قالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف، فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوما، بل مجهولا بمنزلة حروف المعجم، وأيضا فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى، وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبتت الصفات.
وأيضا: فإن من ينفي الصفات الخبرية – أو الصفات مطلقا – لا يحتاج إلى أن يقول: بلا كيف، فمن قال: إن الله ليس على العرش، لا يحتاج أن يقول: بلا كيف، فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا: بلا كيف.
وأيضا: فقولهم: أمروها كما جاءت يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه، فإنها جاءت ألفاظا دالة على معان، فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد، أو أمروا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت، ولا يقال حينئذ: بلا كيف؛ إذ نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول[34].
ومما ينبغي التأكيد عليه هنا: أن عدم فهم معنى الصفة ليس مسوغا لردها، أو تأويلها بما يخالف مراد المتكلم بها.
قال ابن تيمية: “ما أخبر به الرسول – صلى الله عليه وسلم – عن ربه – عز وجل – فإنه يجب الإيمان به، سواء عرفنا معناه أو لم نعرف؛ لأنه الصادق المصدوق، فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به وإن لم يفهم معناه”[35].
- عدم تمثيل صفات الله تعالى بصفات خلقه – كما تقدم – فالله تعالى له صفات تليق به، والمخلوق له صفات تليق به، ولا يلزم من الاتفاق في الأسماء الاتفاق في المسميات[36].
قال أبو يعلى عن أحاديث الصفات: “الواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات لله تعالى، لا تشبه سائر الموصوفين بها من الخلق، ولا نعتقد التشبيه فيها”[37].
وقال ابن تيمية: “أهل السنة والجماعة والحديث: هم أصحاب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد وغيرهم، متفقون على تنزيه الله تعالى عن مماثلة الخلق، وعلى ذم المشبهة الذين يشبهون صفاته بصفات خلقه، ومتفقون على أن الله ليس كمثله شيء، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله”[38].
- تفويض الكيفية، وقطع الطمع في إدراكها؛ وذلك لوجوه ثلاثة:
أحدها: أن الله تعالى أخبرنا أنه متصف بالصفات، ولم يخبرنا كيف هي.
والثاني: أن العلم بكيفية الصفة فرع عن العلم بكيفية الموصوف، فإذا كنا لا نعلم كيفية ذات الله تعالى، فكذلك لا نعلم كيفية صفاته.
قال الخطيب البغدادي: “الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات، ويحتذي في ذلك حذوه ومثاله، فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين – عز وجل – إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف”[39].
وقال ابن تيمية معللا عدم العلم بكيفية الصفات: “إذ العلم بكيفية الصفة، يستلزم العلم بكيفية الموصوف، وهو فرع له وتابع له”[40].
والثالث: أن الشيء لا تعلم كيفيته إلا بمشاهدته أو مشاهدة نظيره أو الخبر الصادق عنه، وكل ذلك منتف في صفات الله تعالى[41].
فالكيفية ثابتة لله تعالى، لكنها مجهولة لنا غير معقولة؛ ولهذا كان شعار أهل السنة والجماعة في هذا الباب تلك الكلية العظيمة للإمام مالك – رحمه الله – حيث ثبت عنه أنه لما سئل عن كيفية الاستواء، قال: “الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة”[42].
وجاء عن وكيع بن الجراح أنه قال عن أحاديث الصفات: “نسلم بهذه الأحاديث كما جاءت، ولا نقول: كيف هذا، ولم جاء هذا؟”[43].
وقال أبو عبيد – وقد ذكر بعض أحاديث الصفات -: “هذه الأحاديث صحاح، حملها أصحاب الحديث والفقهاء، بعضهم عن بعض، وهي عندنا حق لا نشك فيها، ولكن إذا قيل: كيف وضع قدمه؟ وكيف ضحك؟ قلنا: لا يفسر هذا، ولا سمعنا أحدا يفسره”[44].
والتأكيد على هذا المعنى – وهو نفي العلم بالكيفية – كثير في كلام السلف.
قال ابن تيمية: “ومثل هذا يوجد كثيرا في كلام السلف والأئمة، ينفون علم العباد بكيفية صفات الله، وأنه لا يعلم كيف الله إلا الله، فلا يعلم ما هو إلا هو”[45].
وقال ابن القيم: “العقل قد يئس من تعرف كنه الصفة وكيفيتها، فإنه لا يعلم كيف الله إلا الله، وهذا معنى قول السلف: “بلا كيف” أي: بلا كيف يعقله البشر، فإن من لا تعلم حقيقة ذاته وماهيته، كيف تعرف كيفية نعوته وصفاته؟ لا يقدح ذلك في الإيمان بها، ومعرفة معانيها، فالكيفية وراء ذلك، كما أنا نعرف معاني ما أخبر الله به من حقائق ما في اليوم الآخر، ولا نعرف حقيقة كيفيته، مع قرب ما بين المخلوق والمخلوق، فعجزنا عن معرفة كيفية الخالق وصفاته أعظم وأعظم.
فكيف يطمع العقل المخلوق المحصور المحدود في معرفة كيفية من له الكمال كله، والجمال كله، والعلم كله، والقدرة كلها، والعظمة كلها، والكبرياء كلها؟..”[46].
قواعد أهل السنة في فهم الصفات:
وقد سار أهل السنة والجماعة في فهمهم للصفات الواردة في القرآن أو السنة الصحيحة على قواعد وأصول هي بمثابة الأرض الصلبة، أو قارب النجاة في هذا الحقل الشائك، الذي يتعلق بالحديث عن ذات الله تعالى وصفاته.
ويمكن أن نلخص هذه القواعد فيما يلي لتكون نبراسا لكل من يتصدى لحديث فيه تعلق بذات الله وصفاته، ذكرناه هنا أو لم نذكره[47].
القاعدة الأولى: صفات الله – سبحانه وتعالى – كلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه: كالحياة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والرحمة، والعلو، والعظمة، وغير ذلك، وقد دل على هذا: السمع والعقل والفطرة.
أما السمع فمنه قوله تعالى: )للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم (60)( (النحل) والمثل الأعلى: الوصف الأعلى الكامل.
وأما العقل: فهو أن كل موجود حقيقة لابد أن تكون له صفة: إما صفة كمال، وإما صفة نقص، والنقص باطل بالنسبة إلى الرب الكامل المستحق للعبادة، فتعين الأول.
ثم إنه قد ثبت بالحس والمشاهدة أن للمخلوق صفات كمال، ومعطي الكمال أولى به.
وأما الفطرة: فلأن النفوس السليمة مجبولة على محبة الله، وتعظيمه وعبادته.
وهل تحب، وتعظم، وتعبد إلا من علمت أنه متصف بصفات الكمال اللائقة بربوبيته وألوهيته؟
ثم إن هذه الصفات منها ما هو كمال على الإطلاق كالصفات السابقة، فهذه ثابتة لله تعالى، ومنها ما هو نقص على الإطلاق فهذه منفية عن الله تعالى؛ كالجهل، والعمى، والصم.
ومنها ما هو كمال من وجه ونقص من وجه، فهذه يوصف الله بها في حال كمالها، ويمتنع وصفه بها في حال نقصها، بحيث يوصف الله – تعالى – بها وصفا مقيدا مثل: المكر، والكيد، والمخادعة.
القاعدة الثانية: باب الصفات أوسع من باب الأسماء؛ وذلك لأن كل اسم متضمن لصفة؛ لأن من الصفات ما يتعلق بأفعال الله، وأفعاله – عز وجل – لا منتهى لها. قال الله تعالى: )ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم (27)( (لقمان).
ومن أمثلة ذلك أن من صفات الله المجيء والأخذ، والإتيان، والإمساك، والبطش، فنصف الله بهذه الصفات على الوجه الوارد، ولا نسميه بها، فلا نقول: إن من أسمائه الجاني، والآتي، والباطش، والآخذ، والممسك، والنازل، والمريد، وإن كنا نخبر بذلك عنه، ونصفه به.
القاعدة الثالثة: صفات الله تنقسم قسمين: ثبوتية وسلبية، فالثبوتية: هي ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم – وكلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه، كالحياة، والعلم، والقدرة، والاستواء، واليدين، والوجه، فيجب إثباتها لله على الوجه اللائق به، وقد تقدم ذلك في الحديث عن منهج أهل السنة والجماعة في فهم أسماء الله وصفاته.
وأما السلبية والمنفية: فهي ما نفاه الله عن نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم – مثال الصمم، والنوم، وغير ذلك من صفات النقص، فيجب نفيها عن الله – عز وجل – كما مر.
القاعدة الرابعة: الصفات الثبوتية صفات مدح وكمال، فكلما كثرت وتنوعت دلالتها ظهر من كمال الموصوف بها ما هو أكثر؛ ولهذا كانت الصفات الثبوتية التي أخبر الله بها عن نفسه أكثر من الصفات السلبية؛ فالقاعدة في ذلك الإثبات المفصل، والنفي المجمل؛ فالإثبات مقصود لذاته، أما النفي فلم يذكر غالبا إلا على الأحوال التالية:
o بيان عموم كماله كما في قوله تعالى: )ليس كمثله شيء( (الشورى:١١)، وقوله تعالى: )ولم يكن له كفوا أحد (4)( (الإخلاص).
o نفي ما ادعاه في حقه الكاذبون كما في قوله تعالى: )أن دعوا للرحمن ولدا (91) وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا (92)( (مريم).
o دفع توهم نقص من كماله فيما يتعلق بهذا الأمر المعين كما في قوله تعالى: )وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين (38)( (الدخان)، وقوله: )ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب (38)( (ق).
ثم إن النفي مع أنه مجمل بالنسبة للإثبات إلا أن فيه تفصيلا وإجمالا بالنسبة لنفسه؛ فالإجمال في النفي أن ينفي الله – عز وجل – كل ما يضاد كماله من أنواع العيوب والنقائص، كما في قوله تعالى: )ليس كمثله شيء(، وقوله: )هل تعلم له سميا (65)( (مريم)، وقوله: )سبحان ربك رب العزة عما يصفون (180)( (الصافات).
وأما التفصيل في النفي فهو أن ينزه عن كل واحد من العيوب والنقائص بخصوصه، فينزه عن الولد، والصاحبة، والسنة والنوم، وغير ذلك مما ينزه الله عنه.
القاعدة الخامسة: الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين: ذاتية وفعلية:
o الذاتية: هي التي لم يزل الله ولا يزال متصفا بها، وهي التي لا تنفك عنه – سبحانه وتعالى – كالعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والعزة، والحكمة، والوجه، واليدين.
o الفعلية: وتسمى الصفات الاختيارية، وهي التي تتعلق بمشيئة الله – عز وجل – إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعلها، وتتجدد حسب المشيئة؛ كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا.
وقد تكون الصفة ذاتية فعلية باعتبارين؛ كالكلام فإنه باعتبار أصله صفة ذاتية؛ لأن الله – سبحانه وتعالى – لم يزل ولا يزال متكلما، وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية؛ لأن الكلام يتعلق بمشيئته، يتكلم متى شاء بما شاء، وكل صفة تعلقت بمشيئته تعالى فإنها تابعة لحكمته، وقد تكون الحكمة معلومة لنا، وقد نعجز عن إدراكها، لكننا نعلم علم اليقين أنه سبحانه لا يشاء شيئا إلا وهو موافق للحكمة، كما يشير إليه قوله تعالى: )وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما (30)( (الإنسان).
القاعدة السادسة: الصفات الذاتية والفعلية تنقسم إلى قسمين:
o عقلية: وهي التي يشترك في إثباتها الدليل الشرعي السمعي، والدليل العقلي، والفطرة السليمة، وهي أغلب صفات الله تعالى مثل صفة السمع، والبصر، والقوة، والقدرة، وغيرها.
o خبرية: وتسمى النقلية، والسمعية، وهي التي لا تعرف إلا عن طريق النص، فطريق معرفتها النص فقط، مع أن العقل السليم لا ينافيها، مثل صفة اليدين، والنزول إلى السماء الدنيا.
القاعدة السابعة: صفات الله توقيفية: فلا نصف الله إلا بما وصف به نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم – ولدلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة ثلاثة أوجه:
o التصريح بالصفة: كالعزة، والقوة، والرحمة، كما في قوله تعالى: )فإن العزة لله جميعا (139)( (النساء)، وقوله: )إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين (58)( (الذاريات)، وقوله: )وربك الغني ذو الرحمة( (الأنعام: ١٣٣).
o تضمن الاسم لها؛ كالعزيز والغفور، قال تعالى: )الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور (2)( (الملك)؛ فالعزيز متضمن لصفة العزة، والغفور متضمن لصفة المغفرة.
o التصريح بفعل أو وصف دال عليها، كالاستواء على العرش، والمجيء قال تعالى: )الرحمن على العرش استوى (5)( (طه)، وقوله: )وجاء ربك والملك صفا صفا (22)( (الفجر).
القاعدة الثامنة: المضافات إلى الله إن كانت أعيانا فهي من جملة المخلوقات، وإن كانت أوصافا فهي من صفات الله؛ وبيان ذلك أن المضافات إلى الله نوعان:
o أعيان قائمة بذاتها مثل: عبد الله، ناقة الله، فهذه من جملة المخلوقات، وإضافتها إلى الله من باب إضافة المخلوقات لخالقها، وقد تقتضي تشريفا مثل: أرض الله، سماء الله.
o أن يكون المضاف أوصافا غير قائمة بذاتها مثل: سمع الله، قدرة الله، بصر الله، فهذه الإضافة تقتضي أن هذه الصفة قائمة بالله، وأن الله متصف بها، وهذا من باب إضافة الصفة إلى الموصوف.
القاعدة التاسعة: القول في بعض الصفات كالقول في بعض: وهي قاعدة يرد بها على من فرق بين الصفات فأثبت بعضها، ونفى بعضها، فيقال لمن فعل ذلك: أثبت الجميع، أو انف الجميع.
ومن أثبت بعض الصفات، ونفى بعضها، فهو مضطرب متناقض، وتناقض القول دليل على فساده وبطلانه.
القاعدة العاشرة: القول في الصفات كالقول في الذات: وذلك أن الله – سبحانه وتعالى – ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فإذا كان له ذات حقيقية لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات حقيقية لا تماثل الصفات.
القاعدة الحادية عشرة: ظواهر نصوص الصفات معلومة لنا باعتبار، ومجهولة لنا باعتبار: فباعتبار المعنى معلومة، وباعتبار الكيفية مجهولة؛ كالاستواء مثلا، فمعناه معلوم لنا فهو بمعنى العلو، والارتفاع، والصعود، والاستقرار.
أما كيفيته فمجهولة؛ لأن الله أخبرنا بأنه استوى، ولم يخبرنا عن كيفية استوائه، وهكذا يقال في باقي الصفات.
القاعدة الثانية عشرة: في العلاقة بين الصفات والذات:
وخلاصة القول في هذه المسألة أن العلاقة بين الصفات والذات علاقة تلازم؛ فالإيمان بالذات يستلزم الإيمان بالصفات، وكذلك العكس؛ فلا يتصور وجود ذات مجردة عن الصفات في الخارج، كما لا يتحقق وجود صفة من الصفات في الخارج إلا وهي قائمة بالذات[48].
وبهذا يتبين لنا أن طريقة السلف في فهم صفات الله تعالى هي الأسلم والأحكم، وليس هناك طريقة أخرى تجري على قواعد وأصول محكمة في هذا الباب كطريقتهم، فهم يؤمنون بكل ما وصف الله به نفسه، ووصفه به رسوله – صلى الله عليه وسلم – من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
شعارهم فيها هو أن نؤمن بما جاء عن الله على مراد الله، وبما جاء عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن خلال هذا العرض يبدو لنا جليا وضوح مسلك أهل السنة والجماعة في هذا الباب، وذلك لأنهم عولوا فيه – وكذا في بقية أبواب الاعتقاد – على النقل الثابت الصحيح، فسلموا من الانحراف الذي وقع فيه من اتخذ العقل وحده أساسا في هذا الباب وقدمه على النقل، علما بأن أهل السنة يؤكدون على أن العقل الصريح لا يعارض النقل الصحيح، وتواترت النقول عن الأسلاف من الصحابة والتابعين وأهل العلم العدول على أن أحاديث الصفات الإلهية نمرها كما جاءت من غير تفسير للكيفية؛ لأن العلم بكيفية الصفة فرع عن العلم بكيفية الموصوف، والشيء لا تعرف كيفيته إلا بمشاهدته، أو مشاهدة نظيره، أو بالخبر الصادق عنه، وهذا منتف في صفات الله تعالى، فكان من السلامة تفويض الكيفية، وقطع الطمع في إدراكها مع العلم بمعاني هذه الصفات والإبقاء على دلالاتها، من غير تمثيل – نفي المثلية – لصفات الله تعالى بصفات خلقه.
ثالثا. الجواب عما أشكل من أحاديث الصفات:
ذكرنا أن السبيل الذي يعرفنا بالله، هو النصوص القرآنية والحديثية التي تتحدث عن الله حديثا مباشرا، مبينة صفاته وأسماءه وأفعاله، وهذا سبيل نير مأمون العواقب؛ لأن التعرف إلى الله من خلال كلامه، وكلام رسوله – صلى الله عليه وسلم – لا يبقي مجالا للشك والالتباس.
وصفات الله تعالى التي جاء بها الوحي – قرآنا وسنة – قسمان:
الأول: لا يستطيع العقل الإنساني التعرف عليه وإدراكه بنفسه، أي من غير طريق النصوص، كإثبات اليد والوجه لله عز وجل.
الثاني: ما يمكن أن يستدل عليه بالعقل؛ كاتصاف الله تعالى بالقدرة والحكمة… ونحو ذلك.
ونحن هنا لا نستقصي جميع الصفات التي وردت في الأحاديث النبوية، ولكن سنذكر جملة منها مما أشكل على بعض الناس بدعوى أنها تخالف العقل، وأنه لا يجوز نسبة هذه الصفات لله تعالى؛ لكون ذلك من التشبيه والتجسيم الذي ينبغي أن ننزه الله تعالى عنه.
فنذكر الأحاديث ونبين ثبوتها، وفهم السلف من الصحابة والتابعين لهذه الأحاديث، وما تتضمنه من صفات الله تعالى:
- استشكال حديث الجارية وفيه “قال صلى الله عليه وسلم: أين الله؟ قالت: في السماء”:
فقد توهم بعض الناس اضطراب الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي، ولفظه «فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء. قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال: أعتقها فإنها مؤمنة»[49].
وقالوا: إن هذا الحديث لا تصح نسبته إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – بهذا اللفظ، فإنه يثبت لله المكانية، وأن السماء تحتويه، فأين كان قبل خلق السماء؟ وهذا مستحيل على الله أن يحويه مكان أو جهة.
وقبل أن نذكر توجيه الحديث لابد من إثبات صحته بمجيئه في الصحاح والسنن والمسانيد بأسانيد صحيحة.
- فالحديث رواه الإمام مسلم باللفظ المتقدم كما ذكرنا.
- ورواه مالك في الموطأ من حديث هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن عمر ابن الحكم، ولفظه: «فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين الله؟ فقالت: في السماء. فقال: من أنا؟ فقالت: أنت رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعتقها»[50]. هكذا قال الإمام مالك: عمر بن الحكم، وهو وهم.
- ورواه الإمام أحمد من حديث معاوية بن الحكم السلمي، وفيه: «…فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء…» الحديث[51].
- ورواه أبو داود في سننه من حديث يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي، ولفظه: «قال: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة»[52].
- ورواه النسائي في السنن الكبرى[53].
- ورواه ابن حبان في صحيحه[54].
كذلك رواه سائر الأئمة كالبخاري في “خلق أفعال العباد”، وغيره.
قال ابن قدامة المقدسي: هذا حديث صحيح[55].
فهذه روايات الحديث عند هؤلاء الأئمة، كلها متفقة على السؤال عن الله تعالى بـ “أين”، وإخبار الجارية له بـ: أن الله في السماء، وشهادة النبي – صلى الله عليه وسلم – لها بالإيمان.
وعن رواية معاوية السلمي يقول الإمام الذهبي: هذا حديث صحيح، رواه جماعة من الثقات عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن معاوية السلمي، أخرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي وغير واحد من الأئمة في تصانيفهم، يمرونه كما جاء، ولا يعترضون له بتأويل ولا تحريف[56].
والطعن في هذا الحديث الصحيح بحجة أن البخاري لم يخرجه في صحيحه أو التشكيك في جملة «أين الله» لأنها وردت خارج الصحيح، كل هذا ظاهر البطلان، لا حاجة بنا إلى تسويد الورق لبيانه[57].
ومن عجيب أمر هؤلاء المعطلة – النفاة لعلو الله على عرشه – أنهم استلزموا من إثبات العلو إثبات المكان والجهة لله – عز وجل – وهذا مما يدل على بالغ جهلهم؛ لأن الله تعالى كان قبل كل شيء، ثم خلق الأمكنة والسماوات والأرض وما بينهما، وقد صح في المعقول وثبت بالواضح من الدليل أنه كان في الأزل لا في كل مكان.
كما قال ابن عبد البر: “فهو تعالى ليس في مكان أزلا وأبدا، وليس بمعدوم، فكيف يقاس على شيء من خلقه أو يجري بينه وبينهم تمثيل أو تشبيه؟!”[58].
ومع هذا فقد وقعوا فيما فروا منه، لقد فروا مما توهموه ضلالا – وهو الحق يقينا، أن الله فوق المخلوقات كلها ومنها الأمكنة – فوقعوا في الضلال الأكبر حين قالوا: إنه في كل مكان[59].
فمن توهم كون الله في السماء بمعنى أن السماء تحيط به وتحويه فهو كاذب إن نقله عن غيره، وضال إن اعتقده في ربه، وما سمعنا أحدا يفهمه من اللفظ، ولا رأينا أحدا نقله عن واحد.. إذ السماء يراد بها العلو، فالمعنى أن الله في العلو لا في السفل، وقد علم المسلمون أن كرسيه – سبحانه وتعالى – وسع السماوات والأرض، وأن الكرسي في العرش كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وأن العرش خلق من مخلوقات الله، لا نسبة له إلى قدرة الله وعظمته، فكيف يتوهم بعد هذا أن خلقا يحصره ويحويه[60].
قال الشيخ الألباني: إن الجواب “في السماء” ليس عن سؤال عن مكانة ولا عن مكان، أما أنه ليس سؤالا عن المكانة؛ فلأن مكانة الله المعنوية معروفة لدى كل المسلمين، بل حتى الكافرين، وأما أنه ليس سؤالا عن المكان؛ فذلك لأن الله – عز وجل – ليس له مكان يحويه.
إذن ما المعنى الصحيح للفظة “في السماء”؟
السماء لها معان في اللغة العربية لن نقف على تفصيلها وحصرها كثيرا، لكن من هذه المعاني: السماء الدنيا، والثانية… إلخ، ومن هذه المعاني: العلو المطلق، كل ما علا فهو سماء، فإذا قلنا: الله في السماء، معناه حصرناه في مكان، وقد قلنا: إنه منزه عن المكان؛ إذا كيف نفهم؟
الجواب من الناحية العلمية: “في” في اللغة ظرفية، فإذا أبقيناها على بابها وقلنا: الله في السماء، وجب تفسير السماء بالعلو المطلق، أي الله فوق المخلوقات كلها بحيث لا مكان، بهذه الطريقة آمنا بما وصف الله به نفسه بدون تشبيه وبدون تعطيل[61].
وهذا وجه إيراد محمد بن إسحاق حديث الجارية هذا في كتابه “الإيمان”، وقد بوب عليه بقوله: “ذكر ما يدل على أن المقر بالتوحيد إشارة إلى السماء بأن الله في السماء دون الأرض، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم – يسمى مؤمنا”[62].
وبوب له ابن خزيمة قال: ذكر الدليل على أن الإقرار بأن الله – عز وجل – في السماء من الإيمان[63].
وقال البيهقي في الأسماء والصفات: معنى قوله في هذه الأخبار: “في السماء”؛ أي فوق السماء على العرش كما نطق به الكتاب والسنة[64].
وقد نقل ابن تيمية أقوال بعض الأئمة في ذلك، فقال: “قال مالك: إن الله في السماء، وعلمه في كل مكان”.
وقال عبد الله بن المبارك: “نعرف ربنا فوق سبع سماواته، على العرش، بائنا من خلقه، ولا نقول كما قالت الجهمية: إنه هاهنا، وأشار إلى الأرض”.
وقال سفيان الثوري في قوله تعالى: )وهو معكم أين ما كنتم( (الحديد: ٤ (قال: علمه.
قال الشافعي: إنه على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف يشاء.
قال أحمد: إنه مستو على العرش، عالم بكل مكان، وإنه ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا كيف شاء؟ وإنه يأتي يوم القيامة كيف شاء”[65].
ومن خلال ما سبق نخلص إلى “أن الله تعالى وصف نفسه بالعلو في السماء، ووصفه بذلك رسوله – صلى الله عليه وسلم – وأجمع على ذلك جميع العلماء من الصحابة الأتقياء، والأئمة الفقهاء، وتواترت الأخبار في ذلك على وجه حصل به اليقين، وجمع الله – عز وجل – عليه قلوب المسلمين، وجعله مغروزا في طبائع الخلق أجمعين، فتراهم عند نزول الكرب بهم يلحظون السماء بأعينهم، ويرفعون نحوها للدعاء أيديهم، وينتظرون مجيء الفرج من ربهم – سبحانه وتعالى – وينطقون بذلك بألسنتهم، لا ينكر ذلك إلا مبتدع غال في بدعته، أو مفتون بتقليده واتباعه على ضلالته”[66].
- الطعن في حديث النزول الإلهي إلى السماء الدنيا.
استشكل بعض المتوهمين حديث النزول الإلهي ولفظه: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له»[67].
وقالوا: إن حديث النزول على الظاهر مناقض لأصول الدين، وهو يثبت حلول الله في السماء الدنيا، والله جل في علاه لا يحل في مخلوق، وإن قلت: ليس هذا بحلول تكون معنى كلمة «ينزل إلى السماء الدنيا» لا معنى لها عندك، ثم كيف تجمع بين حديث النزول وكروية الأرض التي تجعل ثلث الليل في كل بلد ساعة حتى يصير ثلث الليل على مدار اليوم كله في أنحاء العالم، فهل الله – عز وجل – طوال اليوم نازل ومحيط بذاته بالأرض؟ وكذا الفوقية التي تستلزم علوه – عز وجل – فهل السماء الثانية فما فوقها تكون فوقه إذا نزل إلى السماء الدنيا؟ وهل يستلزم نزول الله – عز وجل – أن يخلو العرش منه أو لا؟ وهل إذا نزل تقله السماء؟
كل هذه التساؤلات جعلت أصحاب المنهج العقلي يردون هذا الحديث، حتى إن بعض أهل العلم – ممن يعلمون صحة الحديث – تورط في تأويله حتى يكون موافقا للعقل، فزعم هؤلاء المؤولون أن المقصود بالنزول هو نزول الملك وليس نزوله سبحانه وتعالى.
الجواب عن هذه الاستشكالات:
حديث النزول الإلهي حديث صحيح، رواه أصحاب الكتب التسعة كلهم عن أبي هريرة.
فهذا النزول – نزوله سبحانه وتعالى – حقيقة على الوجه اللائق بجلاله وكماله وليس نزول ملك من الملائكة، يدل على ذلك رواية مسلم وفيها: «يقول: أنا الملك، أنا الملك، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له»[68]. وهل يقول ملك من الملائكة: من يدعوني، من يسألني، من يستغفرني؟
وتأويل حديث النزول بأن معناه نزول الملك أو الرحمة لا دليل عليه، والتأويل إذا لم يستند إلى دليل كان تأويلا باطلا، ومشتملا على محذورين: الأول: تحريف الكلم عن مواضعه، والثاني: القول على الله بغير علم.
قال حنبل بن إسحاق: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله ينزل إلى السماء الدنيا”، فقال أبو عبد الله: “نؤمن بها ونصدق بها ولا نرد شيئا منها إذا كانت أسانيد صحاح، ولا نرد على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قوله، ونعلم أن ما جاء به الرسول حق، حتى قلت لأبي عبد الله: ينزل الله إلى سماء الدنيا؟ قال: نعم، قلت: نزوله بعلمه أم بماذا؟ فقال لي: اسكت عن هذا، مالك ولهذا، أمض الحديث على ما روي بلا كيف ولا حد، إنما جاءت به الآثار وبما جاء به الكتاب، قال الله عز وجل: )فلا تضربوا لله الأمثال( (النحل:٧٤) ينزل كيف يشاء بعلمه وقدرته وعظمته، أحاط بكل شيء علما، لا يبلغ قدره واصف ولا ينأى عنه هرب هارب”[69].
وروى البيهقي بسنده إلى عباد بن العوام قال: “قدم علينا شريك بن عبد الله منذ نحو من خمسين سنة، قال: فقلت له: يا أبا عبد الله، إن عندنا قوما من المعتزلة ينكرون هذه الأحاديث “أحاديث النزول”، قال: فحدثني بنحو من عشرة أحاديث في هذا، وقال: أما نحن فقد أخذنا ديننا هذا عن التابعين، عن أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فهم عمن أخذوا؟”[70].
“قال إسحاق بن راهويه: سألني ابن طاهر عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم – يعني في النزول – فقلت له: النزول بلا كيف. قال أبو سليمان الخطابي: هذا الحديث – وما أشبهه من الأحاديث في الصفات – كان مذهب السلف فيها الإيمان بها، وإجراؤها على ظاهرها ونفي الكيفية عنها”[71].
فإن قيل: هل يستلزم نزول الله – عز وجل – أن يخلو العرش منه أو لا؟
نقول: أصل هذا السؤال تنطع، وإيراده غير مشكور عليه مورده؛ لأننا نسأل: هل أنت أحرص من الصحابة – رضي الله عنهم – على فهم صفات الله؟ إن قال: نعم فقد كذب. وإن قال: لا. قلنا: فليسعك ما وسعهم، فهم ما سألوا الرسول – صلى الله عليه وسلم – وقالوا: يا رسول الله إذا نزل هل يخلو منه العرش؟ وما لك ولهذا السؤال؟! قل: ينزل واسكت، يخلو منه العرش أو ما يخلو، هذا ليس إليك، أنت مأمور بأن تصدق الخبر لا سيما ما يتعلق بذات الله وصفاته؛ لأنه أمر فوق العقول. إذن نقول:هذا السؤال تنطع أصلا لا يرد، وكل إنسان يريد الأدب كما تأدب الصحابة مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإنه لا يورده، فإذا قدر أن شخصا ابتلي أن وجد العلماء بحثوا في هذا واختلفوا فيه، فمنهم من يقول: يخلو، ومنهم من يقول: لا يخلو، ومنهم من توقف، فالسبيل الأقوم في هذا هو التوقف، ثم القول بأنه لا يخلو منه العرش، وأضعف الأقوال القول بأنه يخلو منه العرش، فالتوقف أسلمها وليس هذا مما يجب علينا القول به؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – لم يبينه والصحابة لم يستفسروا عنه، ولو كان هذا مما يجب علينا أن نعتقده لبينه الله ورسوله بأي طريق، ونحن نعلم أنه أحيانا يبين الرسول – صلى الله عليه وسلم – الحق من عنده، وأحيانا يتوقف فينزل الوحي، وأحيانا يأتي أعرابي فيسأل عن شيء، وأحيانا يسأل الصحابة أنفسهم عن الشيء كل هذا لم يرد في هذا الحديث فلو توقفنا وقلنا: الله أعلم فليس علينا سبيل لأن هذا هو الواقع[72].
قال شيخ الإسلام: والصواب: قول السلف: أنه ينزل ولا يخلو منه العرش…[73].
قال الخلال في “كتاب السنة”: حدثنا جعفر بن محمد الفريابي حد ثنا أحمد بن محمد المقدمي حد ثنا سليمان بن حرب قال: سأل بشر بن السري حماد بن زيد فقال: يا أبا إسماعيل الحديث الذي جاء: «ينزل ربنا إلى سماء الدنيا» يتحول من مكان إلى مكان؟ فسكت حماد بن زيد ثم قال: هو في مكانه يقرب من خلقه كيف شاء[74].
وقال ابن بطة: وإن قلتم: لا ينزل إلا بزوال فقد شبهتموه بخلقه، وزعمتم أنه لا يقدر أن ينزل إلا بزواله على وصف المخلوق الذي إذا كان بمكان خلا منه مكان، لكنا نصدق نبينا – صلى الله عليه وسلم – ونقبل ما جاء به، فإنا بذلك أمرنا، وإليه ندبنا، فنقول كما قال: “ينزل ربنا عز وجل” ولا نقول: إنه يزول، بل ينزل كيف شاء، لا نصف نزوله، ولا نحده، ولا نقول: إن نزوله زواله.
قال شريك: “إنما جاء بهذه الأحاديث من جاء بالسنن عن رسول الله؛ الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، وإنما عرفنا الله وعبدناه بهذه الأحاديث”[75].
“قال إسحاق بن راهويه: دخلت على عبد الله بن طاهر فقال: ما هذه الأحاديث التي تروونها؟ قلت: أي شيء أصلح الله الأمير؟ قال: تروون أن الله ينزل إلى السماء الدنيا. قلت: نعم رواها الثقات الذين يروون الأحكام. قال: أينزل ويدع عرشه؟ قال: فقلت: يقدر أن ينزل من غير أن يخلو العرش منه. قال: نعم”[76].
ومن خلال هذا نستطيع أن نقرر موقف أهل العلم من هذه المسألة؛ فكثير من أهل الحديث يتوقف عن قول: يخلو أو لا يخلو. وجمهورهم على أنه لا يخلو منه العرش. ومن يتوقف منهم؛ فذلك لأنهم لم يتبين لهم جواب أحد الأمرين، مع كون الواحد منهم قد ترجح عنده أحد الأمرين لكنه يمسك في ذلك لكونه ليس في الحديث، ولما يخاف من الإنكار عليه، وأما الجزم بخلو العرش فلم يبلغنا إلا عن طائفة قليلة منهم، والقول الثالث – وهو الصواب وهو المأثور عن سلف الأمة وأئمتها – أنه لا يزال فوق العرش ولا يخلو العرش منه مع دنوه ونزوله إلى السماء الدنيا ولا يكون العرش فوقه، كما أن مسألة خلو العرش منه من عدمه نوع من الخوض في كيفية النزول التي نهينا عن الخوض فيها.
فإن قيل: هل إذا نزل تقله السماء؟
فنقول: هذا لا يكون أبدا؛ لأنك لو قلت: إن السماء تقله لزم أنه يكون محتاجا إليها، كما تكون أنت محتاجا إلى السقف إذا أقلك، ومعلوم أن الله – عز وجل – غني عن كل شيء، وأن كل شيء محتاج إلى الله – عز وجل – إذن نجزم بأن السماء لا تقله، لأنها لو أقلته لكان محتاجا إليها، وهذا مستحيل على الله عز وجل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهو سبحانه فوق العرش، رقيب على خلقه، مهيمن عليهم، مطلع إليهم، إلى غير ذلك من معاني ربوبيته، وكل هذا الكلام الذي ذكره الله سبحانه وتعالى – من أنه فوق العرش وأنه معنا – حق على حقيقته، لا يحتاج إلى تحريف، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة مثل أن يظن أن ظاهر قوله: (في السماء) أن السماء تقله أو تظله؛ وهذا باطل بإجماع أهل العلم والإيمان؛ فإن الله قد وسع كرسيه السماوات والأرض وهو الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه )ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره( (الروم:٢٥)[77].
فإن قيل: هل السماء الثانية فما فوقها تكون فوقه إذا نزل إلى السماء الدنيا؟
فنقول: لا، ونجزم بهذا؛ لأننا لو قلنا بإمكان ذلك لبطلت صفة العلو، وصفة العلو لازمة للهـ عز وجل – وهي صفة ذاتية لا تنتفي عن الله عز وجل، ولا يمكن أن يكون شيء فوقه.
حينئذ يبقى الإنسان منبهتا كيف ينزل إلى السماء الدنيا ولا تقله، ولا تكون السماوات الأخرى فوقه هل يمكن هذا؟!
والجواب: إذا كنت منبهتا من هذا فإنما تنبهت إذا قست صفات الخالق بصفات المخلوق، صحيح أن المخلوق إذا نزل إلى المصباح صار السطح فوقه وصار سطح المصباح يقله، لكن الخالق لا يمكن أن يقاس بخلقه، فلا تقل: كيف؟ ولم؟
فالسؤال هذا من أصله بدعة، كما قال مالك للذي سأله عن الاستواء كيف استوى؟ قال: “السؤال عنه بدعة” يعني أن الصحابة ما سألوا عن ذلك، فأنت الآن ابتدعت في دين الله حيث سألت عن أمر ديني ما سأل عنه الصحابة وهم أفضل منك، وأحرص منك على العلم بصفات الله – عز وجل – لكن مع ذلك لو قال: أنا يساورني القلق، وأخشى أن أعتقد بصفات الله ما لا يجوز، فبينوا لي وأنقذوني، فحينئذ نبين له؛ لأن الإنسان قد يبتلى بمثل هذه الأمور، ويأتيه الشيطان ويوسوس له، ويقول: كيف؟ وكيف؟ حتى يؤدي به إلى أحد محذورين: إما التمثيل، وإما التعطيل، فإذا جاءنا يسأل ويقول: أنقذوني، ما زال هذا يتردد في خاطري، وما يكفيني أن تقولوا: بدعة، كيف أذهب ما في خاطري وقلبي؟ نقول: نبين لك.
وأما القول بأن النزول ينافي العلو فهو قول مفترض في نزول تعلم كيفيته وهو نزول المخلوق، وأما نزول الرب تبارك وتعالى فلا يعلم كيف هو حتى يقول فيه قائل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وروى أبو إسماعيل الأنصاري بإسناده عن حرب الكرماني قال: قال إسحاق بن إبراهيم: لا يجوز الخوض في أمر الله تعالى كما يجوز الخوض في فعل المخلوقين؛ لقوله تعالى: )لا يسأل عما يفعل وهم يسألون (23)( (الأنبياء)، ولا يجوز لأحد أن يتوهم على الله تعالى بصفاته وأفعاله – يعني كما نتوهم فيهم – وإنما يجوز النظر والتفكر في أمر المخلوقين، وذلك أنه يمكن أن يكون الله – عز وجل – موصوفا بالنزول كل ليلة إذا مضى ثلثها إلى السماء الدنيا كما يشاء، ولا يسأل كيف نزوله؛ لأن الخالق يصنع ما يشاء كما يشاء[78].
ولهذا قال غير واحد من أئمة السلف: إنه ينزل إلى السماء الدنيا ولا يخلو العرش منه، فلا يصير تحت المخلوقات ولا في جوفها قط، بل العلو عليها صفة لازمة له، حيث وجد مخلوق فلا يكون الرب إلا عاليا عليه.
وقول الرسل: “في السماء”؛ أي في العلو، وليس مرادهم أنه في جوف الأفلاك، بل السماء: العلو، وهو إذا كان فوق العرش فهو العلي الأعلى، وليس هناك مخلوق حتى يكون الرب محصورا في شيء من المخلوقات، ولا هو في جهة موجودة، بل ليس موجودا إلا الخالق والمخلوق، والخالق بائن عن مخلوقاته، عال عليها، فليس هو في مخلوق أصلا؛ سواء سمى ذلك المخلوق جهة أو لم يسم جهة.
ومن قال: إنه في جهة موجودة تعلو عليه أو تحيط به أو يحتاج إليها بوجه من الوجوه فهو مخطئ.
كما أن من قال: ليس فوق السماوات رب، ولا على العرش إله، ومحمد لم يعرج به إلى ربه، ولا تصعد الملائكة إليه، ولا تنزل الكتب منه، ولا يقرب منه شيء، ولا يدنو إليه شيء، فهو أيضا مخطئ… بل طريق الاعتصام أن ما أثبته الرسل لله أثبت له، وما نفته الرسل عن الله نفي عنه… وفي القرآن والسنة ما يقارب ألف دليل على ذلك وفي كلام الأنبياء المتقدمين ما لا يحصى[79].
ومن خلال هذا يظهر جليا أن النزول الإلهي قد تواترت به السنة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ورواه عنه جمع من الصحابة، وأجمع على الإيمان به أهل السنة والجماعة، فأهل السنة يؤمنون بأنه – سبحانه وتعالى – ينزل حقيقة لا مجازا، ينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء كما أخبر به عنه – صلى الله عليه وسلم – فيثبتون لله – سبحانه وتعالى – النزول وينفون عنه المماثلة كما تقدم، ينزل لا كنزول الخلق، ولا نعلم كيفيته.
فالواجب علينا أن نؤمن بما وصف الله – عز وجل – وسمى به نفسه في كتابه, وعلى لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم – من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، فيجب أن تبرأ عقيدتنا من هذه المحاذير الأربعة، ويجب على الإنسان أن يمنع نفسه عن السؤال بـ “لم”؟ وكيف؟ فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته، وكذا يمنع نفسه عن التفكير في الكيفية، وهذا الطريق إذا سلكه الإنسان استراح كثيرا، وهذه حال السلف رحمهم الله.
- الطعن في حديث «إن الله خلق آدم على صورته»:
وحديث: «خلق الله آدم على صورته» أخرجه الشيخان البخاري ومسلم، وغير واحد من أصحاب السنن والمسانيد من أئمة الإسلام وعلماء الحديث، واللفظ المتفق عليه عند الشيخين: «خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك، نفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن»[80].
ورواه الإمام مسلم من طريق آخر بلفظ: «إذا قاتل أحدكم أخاه، فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته»[81].
واستشكل بعض المتوهمين حديث: «خلق الله آدم على صورته»، وقالوا: كيف يكون لله صورة، أو مثال؟ أليس هذا من التشبيه المنهي عنه؟
ثم إن هذا الحديث ينكره العقل، ولا يثبته؛ لذلك حمله بعض أهل العلم على التأويل خروجا من هذا الإشكال المتوهم، حتى قال بعضهم:إن الضمير في «صورته» عائد على آدم لا على الذات الإلهية.
الجواب عن هذه الاستشكالات والطعون:
“والصورة: صفة ذاتية خبرية ثابتة لله – عز وجل – بالأحاديث الصحيحة”[82]على ما يليق به – عز وجل – فصورته صفة من صفاته، لا تشبه صفات المخلوقين، كما أن ذاته لا تشبه ذواتهم.
ولفظ الصورة في الحديث كسائر ما ورد من الأسماء والصفات، التي قد يسمى المخلوق بها، على وجه التقييد، وإذا أطلقت على الله اختصت به، مثل العليم والقدير والرحيم والسميع والبصير، ومثل خلقه بيديه، واستوائه على العرش، ونحو ذلك.
قال شيخ الإسلام: “وكما أنه لابد لكل موجود من صفات تقوم به، فلابد لكل قائم بنفسه من صورة يكون عليها، ويمتنع أن يكون في الوجود قائم بنفسه ليس له صورة يكون عليها”.
وقال: “لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في الحديث عائد إلى الله تعالى، فإنه مستفيض من طرق متعددة، عن عدد من الصحابة، وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك… ولكن لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة جعل طائفة الضمير فيه عائدا إلى غير الله تعالى، حتى نقل ذلك عن طائفة من العلماء المعروفين بالعلم والسنة في عامة أمورهم، كأبي ثور وابن خزيمة وأبي الشيخ الأصفهاني وغيرهم، ولذلك أنكر عليهم أئمة الدين وغيرهم من علماء السنة[83].
وقال ابن قتيبة – رحمه الله: “الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة من هذه؛ لأنها لم تأت في القرآن، ونحن نؤمن بالجميع، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد”[84].
فالصورة يعبر بها ويراد الصفة، فهذه صورة هذا الأمر؛ أي صفته، فيكون المعنى: خلق الله آدم على صفته من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والإرادة[85].
وقد جاء في الصحيحين أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «وأول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يتفلون، ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوة، الألنوج: عود الطيب، وأزواجهم الحور العين، أخلاقهم على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم ستون ذراعا في السماء»[86].
يعني على صفة القمر من الوضاءة والنور والضياء، فقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق آدم على صورته»؛ يعني خلق آدم على صورة الرحمن؛ يعني على صفة الرحمن، فخص الله آدم من بين المخلوقات بأن جعله مجمع الصفات، وفيه من صفات الله الشيء الكثير؛ يعني فيه من أصل الصفة على التقرير من أن وجود الصفة في المخلوق لا يماثل وجودها في الخالق، فالله له سمع وجعل لآدم صفة السمع، والله موصوف بصفة الوجه وجعل لآدم وجها، وموصوف بصفة اليدين وجعل لآدم صفة اليدين، وموصوف بالقوة والقدرة والكلام والحكمة، وموصوف بصفة الغضب والرضا والضحك إلى غير ذلك مما جاء في الصفات؛ إذن هذا الحديث ليس فيه غرابة كما قال العلامة ابن قتيبة – رحمه الله – قال: “وإنما لم يألفه الناس فاستنكروه”[87].
وعلى هذا جمهور أهل السنة، بل إن شيخ الإسلام ابن تيمية – وهو ممن انتصر لهذا القول وأطال الكلام جدا على هذا الحديث[88] – قال: “لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في الحديث عائد إلى الله تعالى، فإنه مستفيض من طرق متعددة، عن عدد من الصحابة، وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك”[89].
وممن أشار إلى هذا القول أيضا إسحاق بن راهويه، والإمام أحمد، فعن إسحاق بن منصور الكوسج قال: قلت لأحمد: “لا تقبحوا الوجوه فإن الله خلق آدم على صورته”، أليس تقول بهذه الأحاديث؟ قال أحمد: صحيح.
وقال ابن راهويه: “صحيح، ولا يدعه إلا مبتدع، أو ضعيف الرأي”[90].
وممن قال بهذا القول أيضا أبو بكر الآجري، فقد عقد بابا بعنوان: “الإيمان بأن الله – عز وجل – خلق آدم على صورته بلا كيف”[91].
ثم ساق هذا الحديث بطرق متعددة، ثم قال: هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها، ولا يقال فيها: كيف؟ ولم؟ بل تستقبل بالتسليم والتصديق، وترك النظر، كما قال من تقدم من أئمة المسلمين[92].
وأيضا قال بهذا القول ابن قتيبة، وأبو يعلى الفراء، وأبو إسماعيل الهروي، فقد عقد بابا بعنوان: “إثبات الصورة لله عز وجل” في كتابه”الأربعين في دلائل التوحيد”.
وكذا قوام السنة إسماعيل التيمي الأصبهاني، والشيخ عبد الله أبو بطين، وعبد العزيز بن باز، والشيخ محمد صالح العثيمين، عليهم رحمة الله[93].
واستدل أهل السنة – أصحاب هذا القول – بهذين الدليلين:
الدليل الأول: ظاهر النصوص السابقة، والتي فيها قوله صلى الله عليه وسلم:«خلق الله آدم على صورته»، والأصل حمل اللفظ على ظاهره، وذلك بإرجاع الضمير إلى الله تعالى[94].
قال ابن قتيبة في “تأويل مختلف الحديث” – في سرد لأقوال الأئمة في تأويل هذا الحديث – ومنها: “أن المراد أن الله خلق آدم على صورة الوجه, قال: وهذا لا فائدة فيه, والناس يعلمون أن الله تبارك وتعالى خلق آدم على خلق ولده, وجهه على وجوههم[95].
قال القاضي أبو يعلى تعقيبا على هذا الكلام: فقد صرح في القول بالأخذ بظاهره، والكلام فيه في فصلين:
أحدهما: جواز إطلاق تسمية الصورة عليه سبحانه…
الثاني: إطلاق القول بأن الله خلق آدم على صورته، وأن الهاء راجعة إلى الرحمن[96].
وقال الذهبي – رحمه الله – في السير في ترجمة محمد بن إسحاق بن خزيمة – وهو ممن لجأ إلى التأويل في حديث الصورة: “وكتابه في التوحيد مجلد كبير, وقد تأول في ذلك حديث الصورة, فليعذر من تأول بعض الصفات, وأما السلف فما خاضوا في التأويل، بل آمنوا وكفوا, وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله, ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده – مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق – أهدرناه, وبدعناه, لقل من يسلم من الأئمة معنا, رحم الله الجميع بمنه وكرمه”[97].
وقال الطبراني في كتاب “السنة”: “حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: قال رجل لأبي: إن رجلا قال: خلق الله آدم على صورته؛ أي صورة الرجل, فقال أبي: كذب, هذا قول الجهمية، وأي فائدة في هذا”[98].
الدليل الآخر: حديث أبي سعيد الخدري قال: «قلنا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: “هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا؟”. قلنا: لا، قال: “فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما”. ثم قال: “ينادي مناد: ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون؛ فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم، حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر وغبرات من أهل الكتاب ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب، فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزيرا ابن الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تسقينا فيقال: اشربوا فيتساقطون في جهنم. ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد المسيح ابن الله فيقال: كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد فما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا فيقال: اشربوا فيتساقطون، حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر فيقال لهم: ما يحبسكم وقد ذهب الناس؟ فيقولون: فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم، وإنا سمعنا مناديا ينادي: ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون وإنما ننتظر ربنا. قال: فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول: أنا ربكم فيقولون: أنت ربنا، فلا يكلمه إلا الأنبياء فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم…»[99] الحديث.
ومن هنا نخلص إلى أن الله خلق آدم على صورته – عز وجل – من غير كيفية معلومة لنا، ولا يلزم من ذلك المماثلة، وأن الصورة هنا بمعنى الصفة؛ لأن الصورة في اللغة تطلق على الصفة كما ذكرنا، فقوله صلى الله عليه وسلم: “إن الله خلق آدم على صورته”؛ يعني خلق آدم على صورة الرحمن؛ يعني على صفة الرحمن، فخص الله آدم من بين المخلوقات بأن جعله مجمع الصفات، وفيه من صفات الله الشيء الكثير؛ يعني فيه من أصل الصفة على التقرير من أن وجود الصفة في المخلوق لا يماثل وجودها في الخالق، فالله له سمع وجعل لآدم صفة السمع، والله موصوف بصفة الوجه وجعل لآدم وجها، وموصوف بصفة اليدين وجعل لآدم صفة اليدين، وموصوف بالقوة والقدرة والكلام والحكمة، وموصوف بصفة الغضب والرضا والضحك إلى غير ذلك مما جاء في الصفات؛ فإذن هذا الحديث ليس فيه غرابة، وإنما لم يألفه الناس فاستنكروه، ولفظة “على صورته” تقتضي الاشتراك في أصل الصفة؛ لكن لا تقتضي المماثلة في الصفة، فيكون المعنى: خلق الله آدم على صفته من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والإرادة.
- استشكال حديث “الهرولة”:
استشكل بعض الناس الحديث الوارد في الصحيحين من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة»[100].
وقالوا: إن لفظة “الهرولة” الواردة في الحديث لا يليق نسبتها إلى الله عز وجل؛ لأن هذا عين التشبيه المنهي عنه.
الجواب عن هذا الإشكال المتوهم:
الهرولة لغة: السير بين العدو والمشي، وقيل: الهرولة: الإسراع[101].
ولأهل العلم – في معنى قوله تعالى: «وإن أتاني يمشي أتيته هرولة»ـ قولان، هما للتنوع أقرب منهما للتباين والتضاد.
القول الأول: تفسير الهرولة الواردة في هذا الحديث بسرعة قبول الله تعالى وإقباله على عبده المتقرب إليه، والمراد من هذا القول ضرب المثل لكرم الله – عز وجل – وجوده على عبده. ومعناه: أن العبد إذا تقرب إلى الله بالطاعة والأعمال الصالحة، تقرب الله إليه بالثواب والرحمة والكرامة ومضاعفة الأجر، أو زاده قربا إليه، فمثل القليل من الطاعة بالشبر – أي قدر شبر – والزيادة عليه بالذراع، وبذل الجهد من الطاعة بالمشي، وقابل كل منهما بما هو أقوى وأكثر، تكرما منه وتفضلا.
وهذا التفسير للحديث هو ظاهر كلام قتادة، حيث قال بعد رواية هذا الحديث: “فالله – عز وجل – أسرع بالمغفرة”[102].
كما أنه مروي عن الأعمش، وهو قول إسحاق بن راهويه، وابن قتيبة، وأبي يعلى، وابن تيمية، وعليه عامة أهل التأويل وغيرهم[103].
قال الترمذي: ويروى عن الأعمش في تفسير هذا الحديث: من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا يعني بالمغفرة والرحمة، وهكذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث، قالوا: إنما معناه يقول: إذا تقرب إلي العبد بطاعتي وبما أمرت تسارع إليه مغفرتي ورحمتي[104].
قال إسحاق بن راهويه في معنى هذا الحديث: “من تقرب إلى الله شبرا بالعمل تقرب الله إليه بالثواب ذراعا”[105].
قال ابن قتيبة: ونحن نقول: إن هذا تمثيل وتشبيه وإنما أراد: من أتاني مسرعا بالطاعة أتيته بالثواب أسرع من إتيانه فكنى عن ذلك بالمشي وبالهرولة؛ كما يقال فلان موضع في الضلال – والإيضاع: سير سريع – لا يراد به أنه يسير ذلك السير، وإنما يراد أنه يسرع إلى الضلال، فكنى بالوضع عن الإسراع، وكذلك قوله سبحانه وتعالى: )والذين سعوا في آياتنا معاجزين( (الحج:٥١) والسعي: الإسراع في المشي، وليس يراد أنهم مشوا دائما، وإنما يراد أنهم أسرعوا بنياتهم وأعمالهم[106].
وقال أبو يعلى:”تقرب العبد إليه بالأعمال الصالحة، وأما تقربه إلى عبده فبالثواب والرحمة والكرامة”[107].
وقال ابن تيمية: “ولا ريب أن الله تعالى جعل تقربه من عبده جزاء لتقرب عبده إليه؛ لأن الثواب أبدا من جنس العمل، كما قال في أوله:«من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم…» وإذا كان كذلك فظاهر الخطاب أن أحد التقديرين من جنس الآخر، وكلاهما مذكور بلفظ المساحة…
ومن المعلوم أنه ليس ظاهر الخطاب أن العبد يتقرب إلى الله بحركة بدنه، شبرا وذراعا ومشيا وهرولة، ولكن قد يقال: عدم ظهور هذا للقرينة الحسية العقلية، وهو أن العبد يعلم أن تقربه ليس على هذا الوجه”[108].
“فكلما تقرب العبد باختياره قدر شبر زاده الرب قربا إليه حتى يكون كالمتقرب بذراع”[109].
وإن كان كذلك صار المراد بالحديث: مجازاة الله تعالى العبد على عمله، وكان هذا هو ظاهر الحديث، بدلالة هذه القرينة المفهومة من السياق، وليس تفسيره بهذا خروجا بالحديث عن ظاهره، بل هو ظاهره[110].
وأما أهل التأويل فإنهم قالوا بهذا القول فرارا من التشبيه والتمثيل، حيث زعموا – كعادتهم – أن حمل اللفظ على ظاهره وحقيقته يلزم منه التشبيه[111]؛ ولذلك أوجبوا صرفه عن ظاهره – على حد زعمهم.
فأهل التأويل وإن قالوا بهذا القول فإنهم لا يجعلونه هو ظاهر الحديث، بل يجعلونه مجازا فيه، فمنزعهم في هذا القول يختلف عن منزع القائلين به من أهل السنة[112].
قال النووي: هذا الحديث من أحاديث الصفات، ويستحيل إرادة ظاهره، وقد سبق الكلام في أحاديث الصفات مرات، ومعناه: من تقرب إلي بطاعتي تقربت إليه برحمتي والتوفيق والإعانة، وإن زاد زدت، فإن أتاني يمشي وأسرع في طاعتي أتيته هرولة؛ أي: صببت عليه الرحمة، وسبقته بها، ولم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود، والمراد: أن جزاءه يكون تضعيفه على حسب تقربه[113].
قال ابن حجر: قال الكرماني: لما قامت البراهين على استحالة هذه الأشياء في حق الله تعالى وجب أن يكون المعنى: من تقرب إلي بطاعة قليلة جازيته بثواب كثير، وكلما زاد في الطاعة أزيد في الثواب، وإن كانت كيفية إتيانه بالطاعة بطريق التأني يكون كيفية إتياني بالثواب بطريق الإسراع. والحاصل أن الثواب راجح على العمل بطريق الكيف والكم، ولفظ القرب والهرولة مجاز على سبيل المشاكلة أو الاستعارة أو إرادة لوازمها[114].
القول الثاني: أن الهرولة صفة فعلية خبرية، أخطأ بعضهم فأولها لقياسه الخالق بالمخلوق، فظن أن ما يلزم المخلوق حال الهرولة يلزم الخالق، والله – سبحانه وتعالى – لا يدرك بقياس، ولا يقاس بالناس لا إله إلا هو، وإنما أتى هؤلاء لتشبيههم ابتداء فجرهم هذا التشبيه إلى التعطيل.
وليس في إثباتها صفة لله ما يستشنع إذا علم أن الهرولة في اللغة هي ضرب من الإتيان في سرعة، وأهل السنة يثبتون الإتيان والمجيء.
وقد أثبتها الدارمي في رده على بشر المريسي، وأبو إسحاق الحربي في غريب الحديث، وأبو موسى المديني في المجموع المغيث، وكذلك عبدالله بن محمد الهروي، في كتابه الأربعين في دلائل التوحيد، باب الهرولة لله – عز وجل – وهو ظاهر صنيع البخاري – رحمه الله؛ حيث أورد الحديث في كتاب التوحيد من صحيحه، وهذا الكتاب ذكره مقررا صفات الباري سبحانه، ويؤكد هذا إيراده له في الرد على أهل التعطيل، وهو ظاهر صنيع ابن حبان في تبويبه على الحديث، وهو قول المباركفوري وغيرهم.
أما الهروي فقد عقد بابا بعنوان: “باب الهرولة لله عز وجل”[115] ثم ساق تحته هذا الحديث.
وأما أبو موسى المديني فقد قال: في الحديث عن الله سبحانه وتعالى: «وإن أتاني يمشي أتيته هرولة»وهي مشي سريع بين المشي والعدو[116].
يقول الدكتور عبد الرزاق البدر: «وإن أتاني يمشي أتيته هرولة» فيه إثبات هذه الصفة لله تعالى، والقاعدة: أن كل ما يضاف إلى الله – عز وجل – من الصفات فهو على الوجه الذي يليق بكماله وجلاله وعظمته سبحانه وتعالى[117].
وقال الشيخ محمد صالح العثيمين: صفة الهرولة ثابتة لله تعالى كما في الحديث الصحيح…وهي صفة من صفات الأفعال التي يجب علينا الإيمان بها، من غير تكييف ولا تمثيل؛ لأنه أخبر بها عن نفسه، وهو أعلم بنفسه – عز وجل – فوجب علينا قبولها بدون تكييف؛ لأن التكييف قول على الله بغير علم، وبدون تمثيل؛ لأن الله يقول: )ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (11)( (الشورى)[118].
وعمدة أصحاب هذا القول هو هذا الحديث، فقالوا: إن ظاهره يدل على إثبات الصفة لله تعالى[119].
ولا مانع عندهم من إجراء الحديث على ظاهره على طريق السلف الصالح، فإن أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – سمعوا هذا الحديث من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولم يعترضوا عليه، ولم يسألوا عنه، ولم يتأولوه، وهم صفوة الأمة وخيرها، وهم أعلم الناس باللغة العربية، وأعلم الناس بما يليق بالله وما يليق نفيه عن الله سبحانه وتعالى.
وخلاصة القول في هذا المقام: أن أهل السنة في إثبات الصفات لله تعالى وغيرها ينطلقون من دلالة نصوص الكتاب والسنة، ومن هنا نلاحظ أن كلا من أصحاب القولين المذكورين في هذه المسألة ممن هم من أهل السنة، يرى أنه قد عمل بظاهر الحديث – لا من مجرد مخالفة أهل التأويل.
فإن قيل: إن تفسير الحديث على القول الأول فيه حجة لأهل التأويل في تأويلهم، وإلزام لنا بموافقتهم، أو مداهنتهم فيما أولوه من صفات الله تعالى.
قيل: هذا الإيراد مبني على اعتقاد أن هذا المعنى تأويل للحديث وصرف له عن ظاهره، وقد تقدم بيان أن هذا القول بهذا المعنى عمل بظاهر الحديث، وليس تأويلا له.
وقد قال الشيخ محمد صالح العثيمين عن هذا القول: إن له حظا من النظر[120] مع أنه انتصر للقول الثاني[121].
فإن كان ذلك كذلك صار المراد بالحديث بيان مجازاة الله تعالى للعبد على عمله، وأن من صدق في الإقبال على ربه – وإن كان بطيئا – جازاه الله تعالى بأكمل من عمله وأفضل، وصار هذا هو ظاهر اللفظ بالقرينة الشرعية[122] المفهومة من سياق الحديث.
وإذا كان هذا ظاهر اللفظ بالقرينة الشرعية لم يكن تفسيره به خروجا عن ظاهره، ولا تأويلا كتأويل أهل التعطيل، فلا يكون حجة لهم على أهل السنة، ولله الحمد.
- استشكال حديث «…ما ترددت عن شيء أنا فاعله…»:
استشكل بعض الناس ما رواه البخاري قال: حدثني محمد بن عثمان بن كرامة، حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا سليمان بن بلال، حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته»[123].
وقالوا: إن هذا الحديث مما انتقد على البخاري من ناحية سنده، فلم يرو إلا عن أبي هريرة، وتفرد به شريك بن عبد الله، عن عطاء، عن أبي هريرة، وتفرد به خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، عن شريك. فهذا المتن – على حد زعمهم – لم يرو إلا بهذا الإسناد.
كما أن الحديث قد تضمن إضافة التردد إلى الله تعالى، والتردد معناه: التوقف في الأمر وعدم العزم عليه، وغالبا ما يكون ذلك بسبب عدم العلم بالعواقب المترتبة على فعل الأمر من عدمه، وبناء على هذا فلا يجوز وصف الله بالتردد.
وإذا جاز هذا الوصف فما هو معناه في حق الله تعالى، وقد علم يقينا أنه يعلم عواقب الأمور كلها؟
ثم كيف يكون الباري جل وعلا سمع العبد وبصره؟ أليست هذه دعوى الحلول والاتحاد التي ينادي بها الحلولية والاتحادية المبتدعة؟
الجواب عن هذا الإشكال:
الجواب عما استشكل من هذا الحديث مداره على أمرين:
أولا: الجواب من ناحية السند.
وثانيا: الجواب عن متن الحديث، والوقوف على معنى ما اشتمل عليه.
أما من ناحية سند الحديث:
فجملة الانتقادات الموجهة للسند مدارها على:
o تضعيف خالد بن مخلد.
o تضعيف شريك بن عبد الله.
فهاتان العلتان جعلت بعض النقاد يعدون هذا الحديث من غرائب الصحيح، والجواب عن هذا يمكن تقسيمه قسمين، مجمل ومفصل:
أما المجمل فيقال فيه: إن انتقاد بعض النقاد لسند الحديث يقابل بتصحيح غيرهم، وقد تقدم أن الحديث صححه البخاري، وابن حبان، والبغوي، وابن تيمية، والسيوطي، والشوكاني، وغيرهم.
أما الجواب المفصل: فيكون بالإجابة عما قيل في خالد، وشريك[124].
أما خالد بن مخلد:
فقال عنه الذهبي: “الإمام المحدث، الحافظ المكثر المغرب، أبو الهيثم البجلي الكوفي القطواني. جل روايته عن أهل المدينة. حدث عن: مالك، وأبي الغصن ثابت بن قيس، وسليمان بن بلال، ونافع بن أبي نعيم، وعلي بن صالح بن حي، وكثير بن عبد الله بن عوف، وعبد الله بن جعفر المخرمي، ومحمد بن موسى الفطري وعدة. حدث عنه: البخاري في “صحيحه”، وعباس الدوري، وعبد بن حميد، وأبو أمية الطرسوسي، ومحمد بن عثمان بن كرامة، ومحمد بن شداد المسمعي، وخلق سواهم. وقد روى له الجماعة سوى أبي داود، روى عن رجل عنه.
وقد حدث عنه من القدماء عبيد الله بن موسى.
قال يحيى بن معين: ما به بأس.
وقال أبو داود: صدوق، لكنه يتشيع”[125].
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه.
وقال ابن عدي: هو من المكثرين وهو عندي إن شاء الله لا بأس به.
وقال العجلي: ثقة، فيه قليل تشيع، وكان كثير الحديث.
وقال صالح بن محمد جزرة: ثقة في الحديث إلا أنه كان متهما بالغلو”[126].
قال الحافظ ابن حجر: “أما التشيع فقد قدمنا أنه إذا كان ثبت الأخذ والأداء لا يضره لا سيما أنه لم يكن داعية إلى رأيه، وأما المناكير فقد تتبعها أبو أحمد بن عدي من حديثه، وأوردها في كامله وليس فيها شيء مما أخرجه له البخاري، بل لم أر له عنده من أفراده سوى حديث واحد وهو حديث أبي هريرة «من عادى لي وليا…» الحديث، وروى له الباقون سوى أبي داود”[127].
ومن خلال هذا نستنتج أن خلاصة القول في خالد بن مخلد أنه ثقة؛ لثبوت ضبطه وعدالته، وأن جل روايته عن أهل المدينة، وأن ممن أخذ العلم عنه: البخاري، ومسلم، وأصحاب السنن، أي إنه قد جاز القنطرة – كما قيل – لرواية الشيخين عنه، على أن الشيخين ما كانا ليرويا عنه، ويخفى عليهما حاله، إلا إذا رأيا فيه من العدالة والضبط ما ترقى به إلى درجة الرواية عنه.
وأما شريك بن عبد الله بن أبي نمر.
فقال الحافظ ابن حجر – في معرض الكلام على حديث شريك في الإسراء والمعراج: “قال أبو الفضل ابن طاهر: تعليل الحديث بتفرد شريك، ودعوى ابن حزم أن الآفة منه شيء لم يسبق إليه، فإن شريكا قبله أئمة الجرح والتعديل، ووثقوه، ورووا عنه، وأدخلوا حديثه في تصانيفهم، واحتجوا به.
وروى عبد الله بن أحمد الدورقي، وعثمان الدارمي، وعباس الدوري، عن يحيى بن معين أنه قال عن شريك: لا بأس به.
وقال ابن عدي: مشهور، من أهل المدينة، حدث عنه مالك، وغيره من الثقات، وحديثه إذا روى عنه ثقة لا بأس به، إلا أن يروي عنه ضعيف.
قال ابن طاهر: وعلى تقدير تسليم تفرده – أي تفرده عن غيره من الرواة في بعض الألفاظ -…لا يقتضي طرح حديثه، فوهم الثقة في موضع من الحديث لا يسقط جميع الحديث، ولا سيما إذا كان الوهم لا يستلزم ارتكاب محذور، ولو ترك حديث من وهم في تاريخ لترك حديث جماعة من أئمة المسلمين”[128].
قال ابن حجر: “احتج به الجماعة”[129].
فتبين من خلال هذا صحة إسناد هذا الحديث وثقة رواته بما لا يجعل في النفس أدنى ريبة، وكفى هؤلاء الرواة شرفا أن كانوا من رجال الشيخين “البخاري ومسلم”.
ومع هذا فإن الحديث قد جاء من عدة طرق تعضده وتقويه، وتشهد له، ولذا قال الحافظ ابن حجر: “وإطلاق أنه لم يرو هذا المتن إلا بهذ الإسناد مردود… ولكن للحديث طرق أخرى يدل مجموعها على أن له أصلا”[130].
فالحديث كما ذكرنا صححه – بالإضافة للبخاري – ابن حبان[131]، والبغوي[132]، وابن تيمية، والسيوطي، والشوكاني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هذا حديث شريف قد رواه البخاري من حديث أبي هريرة، وهو أشرف حديث روي في صفة الأولياء[133].
وقد ألف الشوكاني كتابا بعنوان “قطر الولي في حديث الولي” قال فيه عن هذا الحديث: رواته قد جاوزوا القنطرة، وارتفع عنهم القيل والقال، وصاروا أكبر من أن يتكلم فيهم بكلام، أو يتناولهم طعن طاعن، أو توهين موهن”[134].
وألف السيوطي رسالة بعنوان: “القول الجلي في حديث الولي”[135] ذكر فيه بعض طرق الحديث، وحكم عليه بالصحة.
استشكال نسبة التردد إلى الله في الحديث.
“إذا تبين لنا من خلال ما سبق أن الحديث صحيح صالح للاحتجاج، فهل التردد المضاف إلى الله تعالى في الحديث يكون صفة لله تعالى أو ماذا؟
ويجيب أهل العلم عن هذا، ولهم في ذلك مسلكان:
المسلك الأول: إجراء الحديث على ظاهره، والأخذ بمدلوله في إثبات التردد صفة لله تعالى، على مايليق بجلاله وعظمته، مع القطع بكون تردده سبحانه وتعالى ليس كتردد المخلوق؛ لأنه عز وجل: )ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (11)( (الشورى)، فليس مثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله”[136].
وقد نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، عليهما رحمة الله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عندما سئل عن هذا الحديث: “هذا حديث شريف قد رواه البخاري من حديث أبي هريرة، وهو أشرف حديث روي في صفة الأولياء، وقد رد هذا الكلام طائفة وقالوا: إن الله لا يوصف بالتردد، وإنما يتردد من لا يعلم عواقب الأمور والله أعلم بالعواقب. وربما قال بعضهم: إن الله يعامل معاملة المتردد.
والتحقيق: أن كلام رسوله حق، وليس أحد أعلم بالله من رسوله، ولا أنصح للأمة منه، ولا أفصح ولا أحسن بيانا منه، فإذا كان كذلك كان المتحذلق والمنكر عليه من أضل الناس؛ وأجهلهم وأسوئهم أدبا، بل يجب تأديبه وتعزيره، ويجب أن يصان كلام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن الظنون الباطلة، والاعتقادات الفاسدة.
ولكن المتردد منا وإن كان تردده في الأمر لأجل كونه ما يعلم عاقبة الأمور لا يكون ما وصف الله به نفسه بمنزلة ما يوصف به الواحد منا، فإن الله ليس كمثله شيء، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، ثم هذا باطل؛ فإن الواحد منا يتردد تارة لعدم العلم بالعواقب، وتارة لما في الفعلين من المصالح والمفاسد، فيريد الفعل لما فيه من المصلحة، ويكرهه لما فيه من المفسدة لا لجهل منه بالشيء الواحد الذي يحب من وجه ويكره من وجه كما قيل:
الشيب كره وكره أن أفارقه
فاعجب لشيء على البغضاء محبوب
وهذا مثل إرادة المريض لدوائه الكريه، بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة التي تكرهها النفس هو من هذا الباب، وفي الصحيح: «حفت النار بالشهوات، وحفت الجنة بالمكاره»[137] وقال تعالى: )كتب عليكم القتال وهو كره لكم( (البقرة:٢١٦) ومن هذا الباب يظهر معنى التردد المذكور في هذا الحديث، فإنه قال: «لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه».
فإن العبد الذي هذا حاله صار محبوبا للحق، محبا له، يتقرب إليه أولا بالفرائض وهو يحبها، ثم اجتهد في النوافل التي يحبها ويحب فاعلها، فأتى بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق، فأحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين بقصد اتفاق الإرادة، بحيث يحب ما يحبه محبوبه، ويكره ما يكرهه محبوبه، والرب يكره أن يسوء عبده ومحبوبه، فلزم من هذا أن يكره الموت ليزداد من محاب محبوبه.
والله – سبحانه وتعالى – قد قضى بالموت، فكل ما قضى به فهو يريده ولا بد منه، فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه، وهو مع ذلك كاره لمساءة عبده، وهي المساءة التي تحصل له بالموت، فصار الموت مرادا للحق من وجه، مكروها له من وجه.
وهذا حقيقة التردد وهو: أن يكون الشيء الواحد مرادا من وجه مكروها من وجه، وإن كان لا بد من ترجح أحد الجانبين كما ترجح إرادة الموت، لكن مع وجود كراهة مساءة عبده، وليس إرادته لموت المؤمن الذي يحبه ويكره مساءته كإرادته لموت الكافر الذي يبغضه ويريد مساءته[138].
وقال: فبين – سبحانه وتعالى – أنه يتردد لأن التردد تعارض إرادتين، وهو – سبحانه وتعالى – يحب ما يحب عبده ويكره ما يكرهه، وهو يكره الموت فهو يكرهه، كما قال: وأنا أكره مساءته، وهو سبحانه قد قضى بالموت فهو يريد له أن يموت فسمى ذلك ترددا ثم بين أنه لا بد من وقوع ذلك.
وهذا اتفاق واتحاد في المحبوب المرضي المأمور به والمبغض المكروه المنهي عنه[139].
المسلك الثاني: تأويل الحديث وصرفه عن ظاهره، وذلك بنفي صفة التردد عن الله تعالى، وإلى هذا ذهب الشوكاني، وهو مسلك عامة أهل التأويل من شراح الحديث وغيرهم[140].
وقد ذكروا عدة تأويلات حملوا الحديث عليها، منها:
ما ذهب إليه الخطابي وغيره حيث قال: التردد في صفة الله – عز وجل – غير جائز، والبداء[141] عليه في الأمور غير سائغ، وتأويله على وجهين:
أحدهما: أن العبد قد يشرف في أيام عمره على المهالك، مرات ذوات عدد من داء يصيبه، وآفة تنزل به، فيدعو الله فيشفيه منها، ويدفع مكروهها عنه، فيكون ذلك من فعله كتردد من يريد أمرا ثم يبدو له في ذلك فيتركه ويعرض عنه، ولا بد له من لقائه إذا بلغ الكتاب أجله، فإنه قد كتب الفناء على خلقه، واستأثر البقاء لنفسه.
الثاني: وهو أن يكون معناه: ما رددت رسلي في شيء أنا فاعله ترديدي إياهم في نفس المؤمن، كما روي من قصة موسى وملك الموت – صلوات الله عليهما – وما كان من لطمه عينه، وتردده إليه مرة بعد أخرى، وتحقيق المعنى في الوجهين معا: عطف الله – عز وجل – على العبد، ولطفه به، وشفقته عليه[142].
وذهب بعضهم؛ كابن الجوزي إلى احتمال أن يكون المعنى: أن يكون تركيب الولي يحتمل أن يعيش خمسين سنة، وعمره الذي كتب له سبعون، فإذا بلغها فمرض دعا الله بالعافية فيحييه عشرين أخرى مثلا، فعبر عن قدر التركيب وعما انتهى إليه بحسب الأجل المكتوب بالتردد[143].
وذهب الشوكاني إلى أن التردد كناية عن محبة الله لعبده المؤمن أن يأتي بسبب من الأسباب الموجبة لخلوصه من المرض الذي وقع فيه، حتى يطول به عمره، من دعاء، أو صلة رحم، أو صدقة، فإن فعل مد الله له في عمره بما يشاء، وتقتضيه حكمته، وإن لم يفعل حتى جاء أجله، وحضره الموت، مات بأجله الذي قضى عليه إذا لم يتسبب بسبب يترتب عليه الفسحة له في عمره، مع أنه وإن فعل ما يوجب التأخير، والخلوص من الأجل الأول، فهو لابد له من الموت بعد انقضاء تلك المدة التي وهبها الله – سبحانه وتعالى – له.
فكان هذا التردد معناه: انتظار ما يأتي به العبد مما يقتضي تأخير الأجل، أو لا يأتي فيموت بالأجل الأول”.
قال: وهذا معنى صحيح لا يرد عليه إشكال، ولا يمتنع في حقه تعالى، مع أنه سبحانه يعلم أن العبد سيفعل ذلك السبب أو لا يفعله، ولكنه لا يقع التنجيز لذلك المسبب إلا بحصول السبب الذي ربطه جل وعلا به[144].
ولا ريب أن المسلك الأول هو المسلك الجاري على قواعد أهل السنة والجماعة في هذا الباب، وذلك بحمل الحديث على ظاهره، وإثبات التردد صفة لله تعالى على ما يليق بجلاله وعظمته.
فإذا كان تردد المخلوق معناه: “التوقف عن الجزم بأحد الطرفين”[145]، فإن هذا المعنى لا يدل عليه الحديث؛ لأن الحديث صريح في الجزم بأحد الطرفين حيث قال: «وما ترددت عن شيء أنا فاعله»؛ أي: سأفعله ولابد؛ لأنه تعالى قد قضى على عباده بالموت، فقال: )كل نفس ذائقة الموت( (آل عمران: ١٨٥)، يؤيد ذلك أنه قد جاء في بعض طرق الحديث بعد قوله: «يكره الموت وأكره مساءته» زيادة: «ولا بد له منه».
فتردد الله تعالى ليس منشؤه عدم الجزم بأحد الطرفين، أو عدم العلم بعواقب الأمور، وإنما هو تردد مفسر في الحديث نفسه، حيث قال: «يكره الموت، وأنا أكره مساءته»، فهذا هو حقيقة تردده سبحانه، وهو كون الفعل مرادا لله من وجه، فهو يريد الموت لعبده؛ لأنه قضى به عليه، ولابد له منه، ومع ذلك فهو يكرهه؛ لأنه يكره ما يكرهه عبده، ولذلك قال: “وأنا أكره مساءته”[146].
وأما من سلك سبيل التأويل فيكفي في بيان بطلان مذهبه، أنه صرف الحديث عن ظاهره من غير قرينة توجب ذلك.
ومع بيان بطلان هذا المسلك من أساسه، فإن ما ذكر فيه من تأويلات، بعيدة جدا عن ظاهر الحديث، وقد تتبع بعضها الشوكاني في كتابه “قطر الولي” وبين بطلانها[147].
أما ما ذهب إليه الشوكاني من أن معنى التردد: هو انتظار ما يأتي به العبد مما يقتضي تأخير أجله، من دعاء، أو صدقة، أو صلة رحم، فإن أتى به فسح له في عمره وأخر له أجله، وإلا مات بأجله الأول – فإنه غير وجيه؛ لأن التردد الوارد في الحديث ليس فيه ما يشعر بالانتظار، بل فيه عزم وجزم بإرادة الموت للعبد، ولذلك قال تعالى: «ما ترددت في شيء أنا فاعله»، ثم إن السبب والمسبب مقدران مكتوبان معلومان لله تعالى، فهو يعلم هل سيأتي عبده بهذه الأسباب الموجبة لخلوصه من المرض، أو لا يأتي بها، وعليه فهو يعلم هل سيموت في مرضه هذا أم لا.فأي معنى وفائدة لهذا الانتظار؟![148].
وعليه فإن مذهب السلف في إثبات صفات الله وأن النصوص الواردة بها إنما هي على ظاهرها، هو أسلم المذاهب كلها على الإطلاق وأحكمها، بل وآمنها من الخوض في التأويل والإخبار عن الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
استشكال قوله في الحديث: «فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها»:
وقد احتج أهل الحلول والاتحاد بهذا الحديث على صحة ما ذهبوا إليه، وقالوا: إن هذا يوجب أن يكون عين الحق هو عين أعضائه.
والحق أن هذا الحديث حجة عليهم كما سنوضحه، فإن الذي عليه أهل السنة أن معنى هذا الحديث: هو الذي يدل عليه ظاهره من أن الله يسدد الولي في سمعه وبصره ويده ورجله، وتكون هذه الأعضاء مشغولة بالله تعالى، طاعة وامتثالا، فلا يصغي بسمعه ولا يرى ببصره، إلا ما يرضي الله تعالى، ويكون هو المقصود بهذه الأعضاء والقوى.
وليس ظاهره أن الله تعالى يكون نفس الحدقة والشحمة والعصب والقدم، كما يقول أهل الحلول.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والحديث حق كما أخبر به النبي – صلى الله عليه وسلم – فإن ولي الله لكمال محبته لله وطاعته لله يبقى إدراكه لله وبالله وعمله لله وبالله؛ فما يسمعه مما يحبه الحق أحبه، وما يسمعه مما يبغضه الحق أبغضه، وما يراه مما يحبه الحق أحبه، وما يراه مما يبغضه الحق أبغضه، ويبقى في سمعه وبصره من النور ما يميز به بين الحق والباطل، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحديث المتفق على صحته: «اللهم اجعل في قلبي نورا وفي بصري نورا وفي سمعي نورا وعن يميني نورا وعن يساري نورا وفوقي نورا وتحتي نورا وأمامي نورا وخلفي نورا واجعل لي نورا»[149]. فولي الله فيه من الموافقة لله ما يتحد به المحبوب والمكروه والمأمور والمنهي ونحو ذلك، فيبقى محبوب الحق محبوبه، ومكروه الحق مكروهه، ومأمور الحق مأموره، وولي الحق وليه، وعدو الحق عدوه[150].
وقال الشيخ ابن عثيمين: “معنى هذا الحديث: هو أن الله تعالى يسدد هذا الولي بحيث يكون إدراكه بسمعه وبصره، وعمله بيده ورجله كله لله تعالى إخلاصا، وبالله تعالى استعانة، وفي الله تعالى شرعا واتباعا، فيتم له كمال الإخلاص والاستعانة والمتابعة، وهذا غاية التوفيق، وهذا ما فسره به السلف، وهو تفسير مطابق لظاهر اللفظ، موافق لحقيقته، متعين بسياقه، وليس فيه تأويل ولا صرف للكلام عن ظاهره، ولله الحمد والمنة”[151].
وأما احتجاج أهل الحلول والاتحاد بهذا الحديث على باطلهم، فحجتهم بما فهموه من الحديث داحضة، وقولهم الذي ذهبوا إليه مردود، مناقض للعقل والشرع، ولذلك قال الشوكاني: قول الاتحادية يقضي عقل كل عاقل ببطلانه، ولا يحتاج إلى نصب الحجة معهم”[152].
ومع هذا فإن الحديث حجة عليهم، مبطل لمذهبهم من عدة وجوه، منها:
- أنه قال: «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب»، فأثبت ثلاثة: وليا، وعدوا يعادي وليه، وميز بين نفسه وبين وليه، وعدو وليه.
- أنه قال: «وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه»، ففرق بين العبد المتقرب، والرب المتقرب إليه.
- وقال: «ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه» فجعل العبد سائلا مستعيذا، والرب مسئولا مستعاذا به، وهذا يناقض الاتحاد[153].
- أنه قال: «وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته».
قال ابن تيمية: “هذا تصريح بأنه عبده، ليس الرب جزءا منه، ولا صفة له، وأنه يقبض ويموت، ومعلوم أن الله حي لا يموت، فضلا عن أن يكون بعضا، أو صفة لمن يموت، فإنه لو كان ظاهره أن الله نفسه هو عين العبد وسمعه ويده ورجله، لكانت هذه الأعضاء تموت بموت الجملة”[154].
ومن خلال ما سبق نستطيع القول: إن حديث «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب…» حديث صحيح رواه البخاري، وهو أشرف حديث روي في فضل الأولياء.
وأن أسلم المسالك وأحكمها في فهم مراد الله ورسوله هو إجراء الحديث على ظاهره، والأخذ بمدلوله في إثبات التردد صفة لله تعالى، على ما يليق بجلاله وعظمته، مع القطع بكون تردده – سبحانه وتعالى – ليس كتردد المخلوق؛ لأنه عز وجل: )ليس كمثله شيء وهو السميع البصير( فلا يشبهه شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
وأن المراد من قوله:«فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها» أن الله يسدد الولي في سمعه وبصره ويده ورجله، وتكون هذه الأعضاء مشغولة بالله تعالى، طاعة وامتثالا، فلا يصغي بسمعه ولا يرى ببصره، إلا ما يرضي الله تعالى، ويكون هو المقصود بهذه الأعضاء والقوى، وليس كما يزعم أهل الحلول والاتحاد من خرافات باطلة واعتقادات فاسدة من أن هذا القول يوجب أن يكون عين الحق هو عين أعضائه، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
- استشكال حديث «مرضت فلم تعدني»:
استشكل بعض الناس حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – الذي عند الإمام مسلم، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: «إن الله – عز وجل – يقول يوم القيامة: يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده. يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني. قال: يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي. يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني، قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي»[155].
وقالوا: إن هذا الحديث فيه إضافة المرض، والاستطعام، والاستسقاء إلى الله تعالى، مع أنها صفات نقص لا يجوز أن يوصف الله تعالى بها.
كما أن البعض تعلقوا بهذا الحديث، محتجين به على مذهبهم الفاسد، وهو القول بالحلول أو الاتحاد، حيث قالوا في الحديث: “مرضت فلم تعدني”، “استطعمتك فلم تطعمني”، “استسقيتك فلم تسقني”، فأضاف المرض والاستطعام، والاستسقاء إلى نفسه تعالى، مع أنه يريد مرض عبده، واستطعامه، واستسقاءه، وقالوا: هذا دليل على أن الرب هو العبد، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
الجواب عن هذه الاستشكالات:
لقد تناول أهل العلم هذا الحديث بالتوضيح والبيان، نافين عنه ما قد يتوهم فيه من معان فاسدة، ومؤكدين على أن الله تعالى قد بين مراده، وأوضح فيه مقصوده، فأزال ما قد يتوهم فيه من الإشكال، ودفع عنه ما قد يقع فيه من الاشتباه.
وإليك جواب أهل العلم عن هذا الحديث:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “أما النصوص التي يزعمون أن ظاهرها كفر فإذا تدبرت النصوص وجدتها قد بينت المراد وأزالت الشبهة… فنفس ألفاظ الحديث نصوص في أن الله نفسه لا يمرض، وإنما الذي مرض عبده المؤمن”[156].
وقال أيضا: “والحديث خطاب مفسر مبين أن الرب – عز وجل – ليس هو العبد، ولا صفته صفته، ولا فعله فعله، أكثر ما فيه استعمال لفظ الجوع والمرض مقيدا مبينا للمراد فلم يطلق الخطاب إطلاقا، وأيضا فقد علم المخاطب أن الرب تعالى لا يجوع ولا يمرض، فلم يكن فيه تلبيس لا من جهة السمع ولا من جهة العقل، بل المتكلم بين فيه مراده، والمستمع له لم يشتبه عليه”[157].
وقال القاضي أبو يعلى: “اعلم أن هذا الخبر قد اقترن به تفسير من النبي – صلى الله عليه وسلم – في بعضه، فوجب الرجوع إلى تفسيره، وذلك أن فسر قوله: مرضت، واستطعمت، واستسقيت، على أنه إشارة إلى مرض وليه واستسقائه، واستطعامه، وأضاف ذلك إلى نفسه إكراما لوليه ورفعة لقدره، وهذه طريقة معتادة في الخطاب، يخبر السيد عن نفسه، ويريد عبده إكراما له وتعظيما”[158].
قال الشيخ ابن عثيمين: إن السلف أخذوا بهذا الحديث ولم يصرفوه عن ظاهره بتحريف يتخبطون فيه بأهوائهم، وإنما فسروه بما فسره به المتكلم به، فقوله تعالى في الحديث القدسي: «مرضت، واستطعمتك، واستسقيتك» بينه الله تعالى بنفسه حيث قال:«أما علمت أن عبدي فلان مرض، وأنه استطعمك عبدي فلان، واستسقاك عبدي فلان». وهو صريح في أن المراد به مرض عبد من عباد الله، واستطعام عبد من عباد الله، واستسقاء عبد من عباد الله، والذي فسره بذلك هو الله المتكلم به، وهو أعلم بمراده، فإذا فسرنا المرض المضاف إلى الله والاستطعام المضاف إليه، والاستسقاء المضاف إليه، بمرض العبد واستطعامه واستسقائه، لم يكن في ذلك صرف الكلام عن ظاهره؛ لأن ذلك تفسير المتكلم به فهو كما لو تكلم بهذا المعنى ابتداء، وإنما أضاف الله ذلك إلى نفسه أولا للترغيب والحث كقوله تعالى: )من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا( (الحديد:١١)[159].
وذهب ابن تيمية – ومثله أبو يعلى كما تقدم – إلى أن هذه الإضافة هي لكون العبد المذكور في الحديث يراد به الولي الذي تتفق إرادته مع ما يحبه الله تعالى؛ وذلك لأن المحب يتفق هو ومحبوبه بحيث يرضى أحدهما بما يرضاه الآخر، ويأمر بما يأمر به، ويبغض ما يبغضه، ويكره ما يكرهه، وينهى عما ينهى عنه.
وهؤلاء هم الذين يرضى الحق لرضاهم، ويغضب لغضبهم، والكامل المطلق في هؤلاء محمد – صلى الله عليه وسلم – ولهذا قال تعالى فيه: )إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله( (الفتح:١٠)، وقال: )والله ورسوله أحق أن يرضوه( (التوبة:٦٢)، وقال: )من يطع الرسول فقد أطاع الله( (النساء:٨٠)[160].
وأما استدلال أهل الحلول والاتحاد بهذا الحديث على مذهبهم الفاسد، فلا شك أنه استدلال باطل، لا يقره شرع ولا عقل، بل إن هذا الحديث قد تضمن الرد عليهم؛ لأن الله تعالى يقول في الحديث: «أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟»، ويقول: «أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟»[161].
فلو كان الله تعالى عين المريض والجائع لقال في الأولى: لوجدتني إياه. ولقال في الثانية: لوجدتني أكلته.
كما أن الحديث قد فرق وميز بين العابد والمعبود، والرب والمربوب، وهذا نقض صريح لعقيدة الحلول والاتحاد[162].
وقد اتفقت كلمة المسلمين قاطبة – فضلا عن علمائهم – على بطلان عقيدة الحلول والاتحاد، وأنها كفر صريح، يجب تنزيه الله تعالى عنه، “فالرب رب، والعبد عبد، ليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيء من ذاته، وليس أحد من أهل المعرفة بالله يعتقد حلول الرب تعالى به، أو بغيره من المخلوقات ولا اتحاده به”[163].
وهذا في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أظهر من أن يشار إليه، أو ينص عليه[164].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية مبينا أن التعبير بالشيء مع إرادة غيره موجود في كلام الشارع، وكلام غيره، وأنه تعبير صحيح إذا ظهر المعنى، وعرف المراد، كما في هذا الحديث: فينبغي أن يعرف هذا النوع من الكلام فإنه تنحل به إشكالات كثيرة، فإن هذا موجود في كلام الله ورسله وكلام المخلوقين في عامة الطوائف مع ظهور المعنى ومعرفة المتكلم والمخاطب أنه ليس المراد أن ذات أحدهما اتحدت بذات الآخر.
بل أبلغ من ذلك يطلق لفظ الحلول والاتحاد ويراد به معنى صحيح كما يقال: فلان وفلان بينهما اتحاد، إذا كانا متفقين فيما يحبان ويبغضان ويواليان ويعاديان، فلما اتحد مرادهما ومقصودهما صار يقال: هما متحدان، وبينهما اتحاد، ولا يعني بذلك أن ذات هذا اتحدت بذات الآخر كاتحاد النار والحديد، والماء واللبن، أو النفس والبدن…
وأيضا فلفظ الحلول يراد به ذات الشيء تارة، وحلول معرفته ومحبته ومثاله العلمي تارة”[165].
وخلاصة القول في هذا الحديث أن أهل السنة والجماعة لا يمكن أن يخرجوا الكلام عن ظاهره؛ لأن ظاهر الكلام وحقيقته ما دل عليه سياقه وهو مختلف بحسب السياق، وبحسب الأحوال، فإن لم يكن ذلك وأبى إنسان إلا أن يجعل معنى الكلمة معنى ذاتيا لها، فإننا نقول: لا يمكن لأهل السنة والجماعة أن يتركوا هذا المعنى الذي ادعي أنه ذاتي لها إلا بدليل من الكتاب والسنة، ومتى دل الكتاب والسنة على شيء وجب القول به، سواء وافق ما يقال: إنه ظاهر اللفظ، أو خالفه، ونحن كلنا نلتمس ما قاله الله عن نفسه، وما قاله عنه رسوله – صلى الله عليه وسلم – كما في هذا الحديث الذي معنا.
فهذا الحديث يدلنا دلالة ظاهرة على أن ما جاء في الكتاب والسنة وما أضافه الله تعالى إلى نفسه فهو حق على ظاهره، ما لم يرد عن الله ورسوله صرفه عن ذلك، فإن ورد صرفه عن ظاهره فإننا آخذون به، وهذا الحديث الأخير دليل واضح على منع التأويل الذي ليس له دليل من الكتاب والسنة[166].
ومن هنا ينبغي أن نعلم أن التأويل عند أهل السنة ليس مذموما كله، بل المذموم منه ما لم يدل عليه دليل، وما دل عليه الدليل يسمى تفسيرا، سواء كان الدليل متصلا بالنص، أو منفصلا عنه، فصرف الدليل عن ظاهره ليس مذموما على الإطلاق.
ومثال التأويل بالدليل المتصل ما جاء في هذا الحديث الثابت، فظاهر هذا الحديث أن الله نفسه هو الذي جاع وهو الذي مرض. وهذا غير مراد قطعا، ففسر هذا الحديث بنفس الحديث: ”فقال : أما علمت أن عبدي فلانا جاع فلم تطعمه، وعبدي فلانا مرض فلم تعده”. فالذي صرف ظاهر اللفظ الأول إلى هذا المعنى هو الحديث القدسي نفسه، فلا يقال: إن صرف ظاهر اللفظ الأول إلى هذا المعنى الثاني تأويل مذموم.
- استشكال حديث «إن الله لا يمل حتى تملوا»:
استشكل بعض الناس الحديث الذي رواه الشيخان من حديث عائشة – رضي الله عنها – «أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يحتجر بالليل فيصلي، ويبسطه بالنهار فيجلس عليه، فجعل الناس يثوبون إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فيصلون بصلاته حتى كثروا، فأقبل فقال: يا أيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل»[167].
وقالوا: إن الملل هو استثقال الشيء، والإعراض عنه، والضجر منه؛ ولذلك لا يصح نسبة هذا المعنى إلى الله تعالى كما هو مذكور في هذا الحديث.
الجواب عن هذا الإشكال المتوهم:
إن هذه الأحاديث، وما شابهها من آيات وأحاديث الصفات، يجب إمرارها كما جاءت بلا كيف ولا تشبيه، فالبعض ينفر من اللفظ لما وقر في ذهنه من التشبيه الكامن في نفسه، وقد لا يشعر بذلك، ولهذا ما ثبت به النص وجب الإيمان به وإثباته لله، كما يليق بالله تعالى.
ولأهل العلم في الجواب عن هذا الحديث مسلكان.
المسلك الأول: أن الملل صفة فعلية (وليس صفة ذات) ثابتة لله تعالى، وهذا الحديث دليل على إثبات الملل لله، لكن ملل الله ليس كملل المخلوق؛ إذ إن ملل المخلوق نقص؛ لأنه يدل على سأمه وضجره من هذا الشيء، أما ملل الله فهو كمال وليس فيه نقص، ويجري هذا كسائر الصفات التي نثبتها لله على وجه الكمال وإن كانت في حق المخلوق ليست كمالا.
وقد نص على هذا القول القاضي أبو يعلى، والشيخ محمد بن إبراهيم[168]، وهو ظاهر كلام إبراهيم الحربي؛ حيث قال: “قولـه:«لا يمل الله حتى تملوا»، أخبرنا سلمة عن الفراء؛ يقال: مللت أمل: ضجرت، وقال أبو زيد: مل يمل ملالة، وأمللته إملالا، فكأن المعنى لا يمل من ثواب أعمالكم حتى تملوا من العمل[169].
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: في قوله صلى الله عليه وسلم:«فإن الله لا يمل حتى تملوا» من نصوص الصفات، وهذا على وجه يليق بالباري، لا نقص فيه؛ كنصوص الاستهزاء والخداع فيما يتبادر[170].
وقد خرج هذا القول بأن “حتى” على بابها، وهي بمعنى انتهاء الغاية فهي من باب المشاكلة والمقابلة.
المسلك الثاني: أن هذا الحديث لا يدل على صفة الملل لله إطلاقا؛ لأن الملل هو استثقال الشيء، والإعراض عنه، والضجر منه.
وقالوا: هذا لا يجوز على الله بحال، ولا يدخل في صفاته بوجه، فهو سبحانه منزه عن النقائص والعيوب، والتي جملتها السآمة والملل.
وإلى هذا ذهب ابن قتيبة، والطحاوي، وابن عبد البر، وابن رجب، عليهم رحمة الله[171].
ولكن أصحاب هذا القول فسروا الملل الوارد في الحديث على قولين:
القول الأول: أن المعنى لا يمل إذا مللتم، وإلى هذا ذهب ابن قتيبة، والطحاوي.
قال ابن قتيبة: أراد: فإن الله سبحانه لا يمل إذا مللتم، ومثال هذا قولك في الكلام: هذا الفرس لا يفتر حتى تفتر الخيل. لا تريد بذلك أنه يفتر إذا فترت، ولو كان هذا هو المراد ما كان له فضل عليها؛ لأنه يفتر معها فأية فضيلة له، وإنما تريد أنه لا يفتر إذا فترت.
وكذلك تقول في الرجل البليغ في كلامه والمكثار الغزير: فلان لا ينقطع حتى تنقطع خصومه. تريد أنه لا ينقطع إذا انقطعوا، ولو أردت أنه ينقطع إذا انقطعوا لم يكن له في هذا القول فضل على غيره، ولا وجبت له به مدحة.
وقد جاء مثل هذا بعينه في الشعر المنسوب إلى ابن أخت تأبط شرا ويقال: إنه لخلف الأحمر:
صليت مني هذيل بخرق
لا يمل الشر حتى يملوا
لم يرد أنه يمل الشر إذا ملوه، ولو أراد ذلك ما كان فيه مدح له؛ لأنه بمنزلتهم، وإنما أراد: أنهم يملون الشر وهو لا يمله[172].
القول الثاني: أن معنى الحديث، لا يترك الله الثواب والجزاء على العمل ما لم تتركوه، وذلك أن من مل شيئا تركه، فكنى عن الترك بالملال الذي هو سبب الترك.
وإلى هذا التأويل ذهب ابن عبد البر وابن رجب الحنبلي، وهو قول أغلب أهل التأويل[173].
قال ابن عبد البر: قوله: «إن الله لا يمل حتى تملوا» معناه عند أهل العلم أن الله لا يمل من الثواب والعطاء على العمل حتى تملوا أنتم، ولا يسأم من إفضاله عليكم إلا بسآمتكم عن العمل له، وأنتم متى تكلفتم من العبادة ما لا تطيقون لحقكم الملل وأدرككم الضعف والسآمة، وانقطع عملكم فانقطع عنكم الثواب لانقطاع العمل. يحضهم – صلى الله عليه وسلم – على القليل الدائم ويخبرهم أن النفوس لا تحتمل الإسراف عليها، وأن الملل سبب إلى قطع العمل… ومعلوم أن الله – عز وجل – لا يمل، سواء مل الناس أو لم يملوا، ولا يدخله ملال في شيء من الأشياء جل وتعالى علوا كبيرا، وإنما جاء لفظ هذا الحديث على المعروف من لغة العرب بأنهم كانوا إذا وضعوا لفظا بإزاء لفظ وقبالته جوابا له وجزاء ذكروه بمثل لفظه، وإن كان مخالفا له في معناه، ألا ترى إلى قوله عز وجل: )وجزاء سيئة سيئة مثلها( (الشورى:٤٠)، وقوله: )فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم( (البقرة:١٩٤)، والجزاء لا يكون سيئة، والقصاص لا يكون اعتداء؛ لأنه حق وجب. ومثل ذلك قول الله عز وجل: )ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين (54)( (آل عمران)، وقوله: )وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون (14) الله يستهزئ بهم( (البقرة)، وقوله: )إنهم يكيدون كيدا (15) وأكيد كيدا (16)( (الطارق) وليس من الله – عز وجل – هزؤ ولا مكر ولا كيد، إنما هو جزاء لمكرهم واستهزائهم وجزاء كيدهم، فذكر الجزاء بمثل لفظ الابتداء لما وضع بحذائه.
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يمل حتى تملوا»؛ أي أن من مل من عمل يعمله قطع عنه جزاؤه، فأخرج لفظ قطع الجزاء بلفظ الملال؛ إذ كان بحذائه وجوابا له[174].
خلاصة القول أن القاعدة عند أهل السنة في نصوص الكتاب والسنة – وخاصة في نصوص الصفات – أنهم يجرونها على ظاهرها، من دون تكييف ولا تمثيل، ويؤمنون بها على مراد الله، وعلى مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويكون المعنى أن الله تعالى لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل، وهو الذي يدل عليه سياق الحديث؛ ولذلك أرشد النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى عدم حمل النفس على ما يشق عليها من العبادة، حتى لا تمل منها[175].
ولكن ينبغي أن يراعى أن صفة الملل ونحوها كالخداع والمكر؛ من الصفات المقيدة في النصوص, وهي في اللغة على وجهين:
الوجه الأول: صفات نقص إذا جاءت بوصف مطلق كقولك: “فلان مخادع… ماكر… ملول” وهذا لا يليق بالله جل وعلا؛ لذا لم ترد في النصوص بالإطلاق.
الوجه الثاني: صفات كمال ومدح، إذا جاءت مقيدة بما يقابلها من الوصف, فإن الكريم عند العرب يمل من الذي يمل منه، فهي صفة أنفة ممدوحة… وكذا المكر فإن الذي يمكر به وهو لا يستطيع أن يرد المكر بمثله، فهذا عندهم صفة ذم لذلك يروى عن بعض الحكماء قوله: “لست بالخب – يعني المخادع – وليس الخب يخدعني”.
فإذا علم أن السياق ليس بسياق ذم، بل سياق مدح، علم أنها صفة مدح ثم بعد ذلك تجرى الصفة على قاعدة أهل السنة والجماعة في صفات الله تعالى.
وبناء عليه فلا يجوز وصف الله تعالى بالملل على وجه الإطلاق، وإنما يوصف بهذه الصفة بالقيد المذكور في الحديث، فهو لا يمل إلا إذا ملوا، كما أنه لا يخدع إلا المخادعين، ولا يمكر إلا بالماكرين ولا يستهزئ إلا بالمستهزئين، ولا يسخر إلا بالساخرين، فهذه الصفات لا يوصف الله تعالى بها على الإطلاق.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “وهكذا وصف نفسه بالمكر والكيد كما وصف عبده بذلك فقال: )ويمكرون ويمكر الله( (الأنفال:٣٠)، وقال: )إنهم يكيدون كيدا (15) وأكيد كيدا (16)( (الطارق). وليس المكر كالمكر ولا الكيد كالكيد”[176].
وقال ابن العثيمين: “والمكر والكيد والمحال من صفات الله الفعلية التي لا يوصف بها على سبيل الإطلاق؛ لأنها تكون مدحا في حال، وذما في حال، فيوصف بها حين تكون مدحا، ولا يوصف بها إذا لم تكن مدحا”[177].
فإن الله تعالى لم يصف نفسه بالملل، والكيد، والمكر، والخداع، والاستهزاء مطلقا بلا قيد، فلا يقال: إنه تعالى يمل، أو يكيد، أو يمكر، أو يخادع، أويستهزئ دون القيد المذكور مع الصفة.
- استشكال حديث «يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر…»:
استشكل بعض الناس حديث أبي هريرة في الصحيحين، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار»[178].
وفي رواية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله: يسب بنو آدم الدهر، وأنا الدهر، بيدي الليل والنهار»[179].
وثالثة عند مسلم، عن أبي هريرة، أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:«لا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر. فإن الله هو الدهر»[180].
وقالوا: إن الدهر في اللغة؛ هو الزمان، وقد نص بعض علماء اللغة على أنهما بمعنى واحد، [181] ومعلوم أن الدهر بهذا المعنى ليس هو الله تعالى.
“فقد أجمع المسلمون – وهو ما علم بالعقل الصريح – أن الله – سبحانه وتعالى – ليس هو الدهر الذي هو الزمان، أو ما يجري مجرى الزمان”[182].
فهل يصح بناء على هذه الأحاديث، أن نقول: إن الدهر اسم من أسماء الله، أو صفة من صفاته؟ بالإضافة إلى موافقة مذهب الدهرية الذين ينسبون كل شيء تجري به أقدار الله إلى الدهر.
الجواب عن هذا الإشكال المتوهم.
كانت العرب في جاهليتها من شأنها ذم الدهر؛ أي سبه عند النوازل، فكانوا إذا أصابتهم شدة أو بلاء؛ قالوا: أصابتهم قوارع الدهر، وأبادهم الدهر، وقالوا: يا خيبة الدهر، فيسندون تلك الأفعال إلى الدهر ويسبونه، وإنما فاعل ذلك هو الله؛ فإذا أضافوا ما نالهم من الشدائد إلى الدهر؛ فإنما سبوا الله – عز وجل – لأن الله هو الفاعل لذلك حقيقة[183].
من أجل ذلك ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الحديث جاء ليرد على ما كان عليه أهل الجاهلية من نسبة المصائب – التي تصيبهم – والكوارث – التي تحل بهم – إلى الدهر.
ومعنى الحديث على قولهم: لا تسبوا الدهر إذا أصابتكم المصائب، ولا تنسبوها إليه، فإن الله – عز وجل – هو الذي أصابكم بهذا، لا الدهر، فإذا سببتم الفاعل وقع السب على الله تعالى إذ هو الفاعل لا الدهر.
ويكون معنى قوله تعالى: «وأنا الدهر»؛ ما فسره بقوله: «بيدي الأمر أقلب الليل والنهار». وهكذا قوله: فإن الله هو الدهر؛ أي مدبر الدهر ومصرفه[184].
وعلى هذا فالدهر ليس من أسماء الله؛ وذلك لأن أسماءه سبحانه كلها حسنى، أي بالغة في الحسن أكمله، فلابد أن تشتمل على وصف ومعنى هو أحسن ما يكون من الأوصاف والمعاني في دلالة هذه الكلمة، ولهذا لا يوجد في أسماء الله تعالى اسم جامد لا يدل على معنى، والدهر اسم جامد لا يحمل معنى سوى أنه اسم للوقت والزمن.
“وإلى هذا القول ذهب جمهور أهل العلم؛ كالشافعي، وأبي عبيد، وابن جرير الطبري، وابن قتيبة، وإبراهيم الحربي، والخطابي، وأبي يعلى، وابن عبد البر، وقوام السنة الأصبهاني، والقرطبي، والنووي، وابن تيمية، وابن كثير، وابن حجر، وسليمان بن عبد الله آل الشيخ، ومحمد صالح العثيمين، وغيرهم[185].
قال أبو عبيد: تأويله عندي – والله أعلم – أن العرب كان شأنها أن تذم الدهر وتسبه عند المصائب التي تنزل بهم من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر، وأبادهم الدهر، وأتى عليهم الدهر; فيجعلونه الذي يفعل ذلك فيذمونه عليه… فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا الدهر»على تأويل لا تسبوا الذي يفعل بكم هذه الأشياء ويصيبكم بهذه المصائب؛ فإنكم إذا سببتم فاعلها فإنما يقع السب على الله تعالى؛ لأنه – عز وجل – هو الفاعل لها لا الدهر، فهذا وجه الحديث إن شاء الله لا أعرف له وجها غيره[186].
قال الخطابي: قوله “أنا الدهر معناه أنا صاحب الدهر، ومدبر الأمور التي تنسبونها إلى الدهر، فإذا سب ابن آدم الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور، عاد سبه إلي؛ لأني فاعلها، وإنما الدهر زمان ووقت جعلته ظرفا لمواقع الأمور، وكان من عادة أهل الجاهلية إذا أصابهم شدة من الزمان، أو مكروه من الأمر، أضافوه إلى الدهر، وسبوه،…فأعلم الله – عز وجل – أن الدهر محدث، يقلبه بين ليل ونهار، لا فعل له في شيء من خير أو شر، لكنه ظرف للحوادث ومحل لوقوعها، وأن الأمور كلها بيد الله تعالى، ومن قبله يكون حدوثها، وهو محدثها ومنشئها سبحانه لا شريك له”[187].
“وقرأ جماعة قوله:«أنا الدهر» بنصب الدهر على الظرفية، فيكون المعنى: أنا الدهر كله بيدي الأمر أقلب الليل والنهار، وإلى هذا ذهب أبو بكر ابن داود الظاهري وغيره”[188].
قال الخطابي:كان أبو بكر يرويه«وأنا الدهر» مفتوحة الراء، منصوبا على الظرف، أي أنا طول الدهر بيدي الأمر،… وكان يقول: لو كان مضموما لانقلب الدهر اسما من أسماء الله “عز وجل[189].
وقال ابن عبد البر: فمن أهل العلم من يروي هذا الخبر بنصب الدهر على الظرف يقول:«أنا الدهر كله بيدي الأمر أقلب الليل والنهار»[190].
ويرد هذا القول أن الحديث جاء بلفظ:«فإن الله هو الدهر»، وهذا يوافق رواية الرفع في قوله: «أنا الدهر»، ثم إن رواية الرفع لا يلزم منها أن يكون الدهر اسما من أسماء الله تعالى.
قال ابن حجر مبينا خطأ هذا القول: “قال محمد بن داود – محتجا لما ذهب إليه من أنه بفتح الراء – فكان يقول: لو كان بضمها لكان الدهر من أسماء الله تعالى، وتعقب بأن ذلك ليس بلازم، ولاسيما مع روايته«فإن الله هو الدهر».
قال ابن الجوزي: يصوب ضم الراء من أوجه:
أحدها: أن المضبوط عند المحدثين بالضم.
ثانيها: لو كان بالنصب يصير التقدير«فأنا الدهر أقلبه» فلا تكون علة النهي عن سبه مذكورة؛ لأنه تعالى يقلب الخير والشر، فلا يستلزم ذلك منع الذم.
ثالثها: الرواية التي فيها «فإن الله هو الدهر».
وهذه الأخيرة لا تعين الرفع لأن للمخالف أن يقول: التقدير فإن الله هو الدهر يقلب، فترجع للرواية الأخرى، وكذا ترك ذكر علة النهي لا يعين الرفع؛ لأنها تعرف من السياق أي لا ذنب له فلا تسبوه”[191].
ومن الناس من قال: إن الدهر هذا اسم من أسماء الله تعالى ومعناه؛ القديم الأزلي، وإلى هذا ذهب نعيم بن حماد، وطائفة من أهل الحديث، والصوفية، وهو قول ابن حزم الظاهري[192].
وهذا القول بعيد جدا، وإلا لكان قول من قال: “وما يهلكنا إلا الدهر” صحيحا؛ لأنهم حينئذ قد نسبوا ذلك إلى الله تعالى، ولكن لما كان الأمر ليس كذلك، عابهم الله وذمهم، فقال: )وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون (24)( (الجاثية)، فهذه الآية دلالة واضحة على خطأ من سمى الله تعالى بهذا الاسم[193].
وقد أشار عدد من أهل العلم إلى عدم جواز تسمية الله تعالى بهذا الاسم، وإلى تخطئة ابن حزم في عده الدهر اسما من أسماء الله تعالى وممن أشار إلى ذلك: الخطابي، وأبو يعلى، وقوام السنة الأصبهاني، والقاضي عياض، والقرطبي، وابن كثير، وابن عثيمين[194].
وأما المعنى الذي ذكروه للدهر، وهو: القديم الأزلي، فقد قال ابن تيمية: “وهذا المعنى صحيح؛ لأن الله سبحانه هو الأول ليس قبله شيء، وهو الآخر ليس بعده شيء، فهذا المعنى صحيح إنما النزاع في كونه يسمى دهرا بكل حال.
فقد أجمع المسلمون – وهو مما علم بالعقل الصريح – أن الله – سبحانه وتعالى – ليس هو الدهر الذي هو الزمان أو ما يجري مجرى الزمان؛ فإن الناس متفقون على أن الزمان هو الليل والنهار”[195].
والذي يترجح أن معنى: «أنا الدهر»، و«فإن الله هو الدهر»؛ أي مدبر الدهر ومصرفه ومقلبه، على ما جاء في القول الأول؛ لأنه فسره بذلك في نفس الحديث، فقال: «بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار»، وليس كون الدهر اسما من أسماء الله تعالى، وإنما خرج الحديث مخرج الرد على أهل الجاهلية في نسبة ما يصيبهم من مصائب وغيرها إلى الدهر، وعلى هذا القول جمهور أهل العلم كما تقدم.
ومما يدل على صحة هذا القول مايلي:
- أنه جاء مفسرا بذلك في نفس الحديث المتقدم.
قال ابن تيمية: قوله في الحديث «بيدي الأمر أقلب الليل والنهار» يبين أنه ليس المراد به أنه الزمان فإنه قد أخبر أنه يقلب الليل والنهار والزمان هو الليل والنهار؛ فدل نفس الحديث على أنه هو يقلب الزمان ويصرفه[196].
وقال ابن عثيمين: فهو سبحانه خالق الدهر وما فيه، وقد بين أنه يقلب الليل والنهار، وهما الدهر، ولا يمكن أن يكون المقلب “بكسر اللام” هو المقلب “بفتح اللام”، وبهذا تبين أنه يمتنع أن يكون الدهر في هذا الحديث مرادا به الله تعالى[197].
- أن الأصل في أسماء الله تعالى أن تكون حسنى، أي بالغة في الحسن غايته، فلابد أن تشتمل على وصف ومعنى هو أحسن ما يكون من الأوصاف والمعاني، والدهر اسم جامد، لا يتضمن معنى يلحقه بالأسماء الحسنى، ولا يحمل المعنى الذي يوصف بأنه أحسن، وحينئذ فليس من أسماء الله تعالى، وإنما هو اسم للوقت والزمن[198].
- أن الله تعالى قد أخبر عن المشركين، وما كانوا عليه من نسبة أفعاله وأقداره إلى الدهر، فقال تعالى: )وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون (24)( (الجاثية).
قال ابن جرير الطبري: ذكر أن هذه الآية نزلت من أجل أن أهل الشرك كانوا يقولون: الذي يهلكنا ويفنينا الدهر والزمان، ثم يسبون ما يفنيهم ويهلكهم، وهم يرون أنهم يسبون بذلك الدهر والزمان، فقال الله – عز وجل – لهم: أنا الذي أفنيكم وأهلككم، لا الدهر والزمان، ولا علم لكم بذلك[199].
ثم أورد بسنده حديث أبي هريرة، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «كان أهل الجاهلية يقولون: إنما يهلكنا الليل والنهار، وهو الذي يهلكنا ويميتنا ويحيينا، فقال الله في كتابه: )وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر( قال: فيسبون الدهر، فقال الله تبارك وتعالى: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار»[200].
قال سليمان بن عبد الله: والحديث صريح في النهي عن سب الدهر مطلقا سواء اعتقد أنه فاعل أو لم يعتقد ذلك كما يقع كثيرا ممن يعتقد الإسلام[201].
قال الشيخ ابن عثيمين: “وسب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: أن يقصد الخبر المحض دون اللوم، فهذا جائز، مثل أن يقول: تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده، وما أشبه ذلك، لأن الأعمال بالنيات، ومثل هذا اللفظ صالح لمجرد الخبر، ومنه قول لوط عليه السلام: )هذا يوم عصيب (77)( (هود).
الثاني: أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل، كأن يعتقد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلب الأمور إلى الخير والشر؛ فهذا شرك أكبر لأنه اعتقد أن مع الله خالقا لأنه نسب الحوادث إلى غير الله، وكل من اعتقد أن مع الله خالقا فهو كافر، كما أن من اعتقد أن مع الله إلها يستحق أن يعبد، فإنه كافر.
الثالث: أن يسب الدهر لا لاعتقاد أنه هو الفاعل، بل يعتقد أن الله هو الفاعل، لكن يسبه لأنه محل لهذا الأمر المكروه عنده، فهذا محرم، ولا يصل إلى درجة الشرك، وهو من السفه في العقل والضلال في الدين؛ لأن حقيقة سبه تعود إلى الله سبحانه؛ لأن الله تعالى هو الذي يصرف الدهر ويكون فيه ما أراد من خير أو شر، فليس الدهر فاعلا، وليس السب بكفر، لأنه لم يسب الله تعالى مباشرة[202].
وذكر ابن القيم – رحمه الله – المفاسد المترتبة على سب الدهر فقال: “في هذا ثلاث مفاسد عظيمة:
إحداها: سبه من ليس بأهل أن يسب، فإن الدهر خلق مسخر من خلق الله، منقاد لأمره، مذلل لتسخيره، فسابه أولى بالذم والسب منه.
الثانية: أن سبه متضمن للشرك، فإنه إنما سبه لظنه أنه يضر وينفع، وأنه مع ذلك ظالم قد ضر من لا يستحق الضرر، وأعطى من لا يستحق العطاء، ورفع من لا يستحق الرفعة، وحرم من لا يستحق الحرمان، وهو عند شاتميه من أظلم الظلمة، وأشعار هؤلاء الظلمة الخونة في سبه كثيرة جدا، وكثير من الجهال يصرح بلعنه وتقبيحه.
الثالثة: أن السب منهم إنما يقع على من فعل هذه الأفعال التي لو اتبع الحق فيها أهواءهم لفسدت السماوات والأرض، وإذا وقعت أهواؤهم حمدوا الدهر وأثنوا عليه، وفي حقيقة الأمر فرب الدهر تعالى هو المعطي المانع الخافض الرافع المعز المذل، والدهر ليس له من الأمر شيء، فمسبتهم للدهر مسبة لله – عز وجل – ولهذا كانت مؤذية للرب تعالى، كما في الحديث… فساب الدهر دائر بين أمرين لا بد له من أحدهما، إما سبه لله، أو الشرك به، فإنه إذا اعتقد أن الدهر فاعل مع الله فهو مشرك، وإن اعتقد أن الله وحده هو الذي فعل ذلك وهو يسب من فعله فقد سب الله”[203].
وبهذا التوجيه يندفع الإشكال المتوهم من قوله تعالى: «أنا الدهر»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «فإن الله هو الدهر»، ويسقط استدلال من ذهب مذهب الدهرية والمبتدعة الذين ينسبون كل شيء تجري به أقدار الله إلى الدهر.
- استشكال الأحاديث الدالة على وصف الله بالصبر:
استشكل بعض الناس حديث أبي موسى الأشعري الثابت في الصحيحين أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:«ليس أحد أو ليس شيء أصبر على أذى سمعه من الله، إنهم ليدعون له ولدا، وإنه ليعافيهم ويرزقهم»[204].
ومنشأ الإشكال عند هؤلاء هو عدم ثبوت اسم الله الصبور في القرآن.
كما استشكلوا إضافة الصبر إلى الله تعالى وما يصاحب هذا المعنى من ألم وحزن ومشقة، إضافة إلى أنه قد يكون ناتجا عن ضعف وعدم قدرة، ومعلوم أن الله تعالى منزه عن هذا كله، فلا يلحقه نقص بوجه من الوجوه.
الجواب عن هذا الإشكال المتوهم.
أشكل على كثير منهم هذا الاسم – يعني: الصبور – وقالوا: لم يأت في القرآن، فأعرضوا عن الاشتغال به صفحا، ثم اشتغلوا بالكلام في صبر العبد وأقسامه، ولو أنهم أعطوا هذا الاسم حقه لعلموا أن الرب تعالى أحق به من جميع الخلق، كما هو أحق باسم العليم، والرحيم، والقدير، والسميع، والبصير، والحي، وسائر أسمائه الحسنى من المخلوقين، وأن التفاوت الذي بين صبره سبحانه وصبرهم كالتفاوت الذي بين حياته وحياتهم، وعلمه وعلمهم، وسمعه وأسماعهم، وكذا سائر صفاته[205].
ولعل سبب هذا الإشكال من نسبة الصبر إلى الله تعالى، هو ما يصاحب الصبر من معنى الألم والحزن والمشقة، وأحيانا يكون الصبر ناتجا عن ضعف وعجز وعدم قدرة[206].
قال ابن القيم: “أما الصبر فقد أطلقه عليه أعرف الخلق به وأعظمهم تنزيها له بصيغة المبالغة”[207] ثم ذكر حديث أبي موسى المتقدم.
“فالله – عز وجل – يوصف بصفة الصبر؛ كما هو ثابت في السنة الصحيحة، أما (الصبور)؛ ففي إثبات أنه اسم لله تعالى نظر؛ لعدم ثبوته…
قال الخطابي: معنى الصبور في صفة الله سبحانه قريب من معنى الحليم؛ إلا أن الفرق بين الأمرين أنهم لا يأمنون العقوبة في صفة الصبور، كما يسلمون منها في صفة الحليم، والله أعلم بالصواب[208].
قال قوام السنة الأصبهاني: قال بعض أهل النظر: لا يوصف الله بالصبر، ولا يقال: صبور، وقال: الصبر تحمل الشيء، ولا وجه لإنكار هذا الاسم؛ لأن الحديث قد ورد به؛ ولولا التوقيف لم نقله[209].
وقال الحافظ ابن القيم: وصبره تعالى يفارق صبر المخلوق ولا يماثله من وجوه متعددة،… والفرق بين الصبر والحلم: أن الصبر ثمرة الحلم وموجبه، فعلى قدر حلم العبد يكون صبره، فالحلم في صفات الرب تعالى أوسع من الصبر… وكونه حليما من لوازم ذاته سبحانه، وأما صبره سبحانه فمتعلق بكفر العباد وشركهم ومسبتهم له سبحانه وأنواع معاصيهم وفجورهم – فلا يزعجه ذلك كله إلى تعجيل العقوبة، بل يصبر على عبده ويمهله، ويستصلحه ويرفق به ويحلم عنه، حتى إذا لم يبق فيه موضع للصنيعة ولا يصلح على الامهال والرفق والحلم، ولا ينيب إلى ربه ويدخل عليه لا من باب الإحسان والنعم ولا من باب البلاء والنقم أخذه أخذ عزيز مقتدر بعد غاية الأعذار إليه، وبذل النصيحة له، ودعائه إليه من كل باب[210].
فصبره تعالى يفارق صبر المخلوق ولا يماثله من وجوه متعددة منها:
- أنه عن قدرة تامة، وقوة كاملة، بخلاف صبر المخلوق، فإنه قد يكون عن ضعف وعجز.
- ومنها أنه لا يخاف بصبره فوت العقوبة، والعبد إنما يخاف ذلك؛ ولهذا فإنه يستعجل العقوبة أحيانا لخوف الفوت.
- ومنها أنه لا يلحقه بصبره ألم ولا حزن ولا نقص بوجه من الوجوه بخلاف صبر المخلوق[211].
فصبر الله عز وجل – كما قال ابن القيم: “صبر مع كمال علم وقدرة وعظمة وعزة، وهو صبر من أعظم مصبور عليه، فإن مقابلة أعظم العظماء وملك الملوك وأكرم الأكرمين، ومن إحسانه فوق كل إحسان، بغاية القبح، وأعظم الفجور، وأفحش الفواحش، ونسبته إلى كل ما لا يليق به، والقدح في كماله، وأسمائه، وصفاته، والإلحاد في آياته، وتكذيب رسله عليهم السلام، ومقابلتهم بالسب والشتم والأذى، وتحريق أوليائه، وقتلهم، وإهانتهم أمر لا يصبر عليه إلا الصبور، الذي لا أحد أصبر منه، ولا نسبة لصبر جميع الخلق من أولهم إلى آخرهم إلى صبره سبحانه”[212].
وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في “شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري”، تعليقا على كلام المازري الذي نقله النووي في شرح حديث أبي موسى – رضي الله عنه – حيث قال المازري: “حقيقة الصبر: منع النفس من الانتقام أو غيره؛ فالصبر نتيجة الامتناع، فأطلق اسم الصبر على الامتناع في حق الله تعالى.
قال الغنيمان: قلت: قوله: فأطلق اسم الصبر على الامتناع في حق الله تعالى، فيه نظر، وذلك أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أطلق على ربه الصبر، وأنه ما أحد أصبر منه، وهو – صلى الله عليه وسلم – أعلم الخلق بالله تعالى، وأخشاهم له، وأقدرهم على البيان عن الحق، وأنصحهم للخلق؛ فلا استدراك عليه، فيجب أن يبقى ما أطلقه – صلى الله عليه وسلم – على الله تعالى دون تأويل، إلا إذا كان يريد بذلك تفسير معنى الصبر، ولكن الأولى أن يبقى كما قال؛ لأنه واضح، ليس بحاجة إلى تفسير[213].
قال الزجاجي: أصل الصبر في الكلام الحبس، يقال: صبرته على كذا صبرا إذا حبسته، ومعنى الصبر والصبور في اسم الله تعالى قريب من معنى الحليم[214].
قال ابن القيم: ولما كان اسم الحليم أدخل في الأوصاف واسم الصبور في الأفعال كان الحلم أصل الصبر فوقع الاستغناء بذكره في القرآن عن اسم الصبور والله أعلم[215].
والفرق بين الحلم والصبر:
- أن الصبر ثمرة الحلم وموجبه، فعلى قدر حلم العبد يكون صبره، فالحلم في صفات الرب تعالى أوسع من الصبر.
- أن الحلم صفة ذاتية لله لا تزول، وأما صبره تعالى فمتعلق بكفر العباد وشركهم وأنواع معاصيهم، فإذا زال متعلقه كان كسائر الأفعال التي توجد الحكمة وتزول بزوالها فتأمله فإنه فرق لطيف ما عثرت الحذاق بعشره وقل من تنبه له ونبه عليه[216].
وأما أذية الله الواردة في الحديث:
فقد جاء تفسيرها في آخر الحديث، وذلك بنسبة الولد لله تعالى، مع أنه الأحد الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وقد بين الله في كتابه عظم هذا القول وشناعته، فقال: )وقالوا اتخذ الرحمن ولدا (88) لقد جئتم شيئا إدا (89) تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا (90) أن دعوا للرحمن ولدا (91)( (مريم).
ومثل هذا ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: «يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار»[217].
وجاء في صحيح البخاري من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «قال الله: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان، وأما شتمه إياي فقوله: لي ولد، فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولدا»[218].
ولا يلزم من وقوع الأذية حصول الضرر، فالله تعالى يؤذيه ما يقال فيه من قبيح الكلام، وما يقابل به من سيء الأفعال، ولكنه لا يتضرر بذلك، ولذا أثبت الأذى في كتابه، ونفى الضرر، فقال: )إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا (57)( (الأحزاب)، وقال: )ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم (176)( (آل عمران).
وفي صحيح مسلم من حديث أبي ذر عن النبي – صلى الله عليه وسلم – فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: «…يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم – كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا…»[219].
فإن فعل الخلق لا يسبب الضرر له سبحانه، وإنما دلت النصوص على وقوع الأذى بأذى أولياء الله، والقول على الله بغير علم، كوصفه بما لا يليق بجلاله، ونسبة الولد إليه، ونحو ذلك من البهتان والزور.
قال ابن تيمية في هذا المعنى: فهو يفرح – أي الله سبحانه وتعالى – بما يحبه، ويؤذيه ما يبغضه، ويصبر على ما يؤذيه، وحبه، ورضاه، وفرحه، وسخطه، وصبره على ما يؤذيه، كل ذلك من كماله، وكل ذلك من صفاته وأفعاله، وهو الذي خلق الخلائق وأفعالهم، وهم لن يبلغوا ضره فيضروه، ولن يبلغوا نفعه فينفعوه، وإذا فرح ورضي بما فعله بعضهم، فهو سبحانه الذي خلق فعله، كما أنه إذا فرح ورضي بما يخلقه فهو الخالق، وكل الذين يؤذون الله ورسوله هو الذي مكنهم، وصبر على أذاهم بحكمته، فلم يفتقر إلى غيره، ولم يخرج شيء عن مشيئته، ولم يفعل أحد ما لا يريد[220].
ومن خلال هذا يكون ما أشكل من ألفاظ الحديث – كنسبة الصبر لله تعالى والأذى – مجرد وهم ممن أشكلت عليه هذه الألفاظ، ومع القراءة الواعية للنصوص، والفهم المستقيم لمعانيها، ورد العلم لأهل العلم، يزول الإشكال، بحمد الله.
- استشكال أحاديث «الرحم شجنة[221] من الرحمن»، و«أخذها بحقو الرحمن» وغيرهما مما ورد في هذا الباب:
استشكل بعض الناس ما جاء في الصحيحين من أحاديث دلت على أن الرحم شجنة من الرحمن، وأنها آخذة بحقو الرحمن ومن ذلك:
حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:«إن الرحم شجنة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته»[222].
وعن عائشة – رضي الله عنها – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «الرحم شجنة، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته»[223].
وعنها – رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله»[224].
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة. قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك، قالت: بلى. قال: فذاك لك”. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اقرءوا إن شئتم )فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم (22) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم (23) أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها (24)( (محمد)»[225].
وفي لفظ للإمام البخاري” عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:«خلق الله الخلق، فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن، فقال لها: مه، قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: فذاك»[226].
وقالوا: من المعلوم أن الرحم ليست جزءا من الرحمن، ولا بعضا منه، ولا صفة من صفاته، وإذا كانت كذلك فلا معنى لكونها “شجنة من الرحمن”.
ثم كيف للرحم أن تأخذ بحقو الرحمن؟ والحقو: هو معقد الإزار من الجنب، أليس هذا من التجسيم، والتشبيه المنزه عنه الخالق سبحانه وتعالى؟
الجواب عن هذا الإشكال المتوهم.
حديث «إن الرحم شجنة من الرحمن» ذكرنا أن الشجنة: عروق الشجر المشتبكة. ويقال: بيني وبينه شجنة رحم وشجنة رحم، أي قرابة مشتبكة.
ومعنى حديث «الرحم شجنة»؛ يعني قرابة مشتبكة كاشتباك العروق[227].
قال ابن تيمية: يعني لها تعلق وتقرب من الرحمن”[228].
قال الإسماعيلي: معنى الحديث أن الرحم اشتق اسمها من اسم الرحمن فلها به علقة، وليس معناه أنها من ذات الله، تعالى الله عن ذلك[229].
فتوهم أنها جزء من ذات الله تعالى، أو بعض منه، توهم باطل؛ لأن الرحم مخلوقة، وقد جاء التصريح بذلك كما في الحديث المتقدم، وإذا كانت مخلوقة فكيف يتوهم أنها صفة لله تعالى، ومعلوم أن صفاته غير مخلوقة؟ فـ (من) في الحديث لابتداء الغاية، وليست للتبعيض، فالرحم من الله خلقا وإيجادا، لا صفة ونعتا[230].
وهذا الحديث نظير قوله تعالى في شأن المسيح عليه السلام: )إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه( (النساء:١٧١).
أي: من الأرواح التي خلقها وكملها بالصفات الفاضلة والأخلاق الكاملة[231].
قال ابن عثيمين، في معنى قوله تعالى )وروح منه(: “من” للابتداء، وليست للتبعيض؛ فهي كقوله تعالى: )وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه( (الجاثية:١٣)؛ فلا يمكن أن نقول: إن الشمس والقمر والأنهار جزء من الله، وهذا لم يقل به أحد. فقوله: “منه”؛ أي: روح صادرة من الله – عز وجل – وليست جزءا من الله كما تزعم النصارى[232].
ومن خلال هذا يتبين أن الرحم المنسوبة إلى الله تعالى ليست كما توهم هؤلاء جزءا من الرحمن، تعالى الله عن ذلك، وإنما “منه” أي لها تعلق به، وإضافتها لله على وجه التشريف.
كما أضيفت الناقة والبيت إلى الله تعالى في قوله تعالى: )هذه ناقة الله( (الأعراف:٧٣)، وفي قوله: )وطهر بيتي للطائفين( (الحج:٢٦).
أما حديث:«قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن» فإن مذهب السلف – كما مر بنا – هو إجراء نصوص الصفات على ظاهرها على المعنى اللائق بالله – عز وجل – مع نفي المماثلة، أو توهم النقص في حقه سبحانه. وهذا الحديث منها، فهو دليل على ثبوت صفة الحقو لله تعالى، على ما يليق بجلاله وعظمته، “ويجب ألا نستوحش من إطلاق هذا اللفظ، وقد ورد به السمع، كما لا نستوحش من إطلاق ذلك في غيره من الصفات[233].
وقد نص على الأخذ بظاهر الحديث جمع من أهل العلم كالإمام أحمد، وأبي عبد الله ابن حامد، والقاضي أبي يعلى، وأبي موسى المديني، وابن تيمية، وصديق حسن خان[234].
قال الإمام أحمد: “يمضي الحديث كما جاء” [235]. وقال ابن حامد: “ومما يجب التصديق به أن لله حقوا”.
وقال: “وكذلك في الرحم تأخذ بحقو الرحمن صفة ذاته، لا يدرى؛ لا التكييف فيها، ولا ماذا صفتها”.
وقال أيضا: “فأما الحديث في الرحم والحقو، فحديث صحيح، ذكره البخاري، وقد سئل إمامنا – يعني الإمام أحمد – عنه فأثبته، وقال: يمضي الحديث كما جاء”[236].
وقال أبو يعلى: “اعلم أنه غير ممتنع حمل هذا الخبر على ظاهره، وأن الحقو والحجزة[237] صفة ذات”[238].
وقال أبو موسى المديني: عن حديث الحجزة، بعد أن ذكر تأويلين لها: “وإجراؤه على ظاهره أولى”[239].
وقال ابن تيمية: “هذا الحديث في الجملة من أحاديث الصفات، التي نص الأئمة على أنه يمر كما جاء، وردوا على من نفى موجبه”[240].
وذكر صديق حسن خان “الحقو” في جملة من الصفات، ثم قال: “فكل هذه الصفات، تساق مساقا واحدا، ويجب الإيمان بها على أنها صفات حقيقة، لا تشبه صفات المخلوقين، ولا يمثل ولا يعطل ولا يرد ولا يجحد، ولا يؤول بتأويل ظاهره”[241].
وبهذه النقول عن هؤلاء العلماء يعلم خطأ الإمام الخطابي – رحمه الله – حينما أول هذه الصفة وقال: “لا أعلم أحدا من العلماء حمل الحقو على ظاهر مقتضى الاسم له في موضع اللغة، وإنما معناه: اللياذ والاعتصام”[242].
ولذا قال ابن تيمية معقبا على كلامه: “هذا الذي ذكره الخطابي، ذكره بمبلغ علمه، حيث لم يبلغه في حديث “الرحم” عن أحد من العلماء أنه جعله من أحاديث الصفات، التي تمر كما جاءت، والخطابي له مرتبة في العلم معروفة، ومرتبة أئمة الدين المتبوعين، فوق طبقة الخطابي ونحوه”[243].
وأما التأويل الذي ذهب إليه الخطابي، وهو حمل الحديث على معنى اللياذ والاعتصام بالله تعالى، فهو معنى صحيح، لكن ليس فيه ما ينافي إثبات هذه الصفة لله تعالى على ما يليق بجلاله.
قال أبو يعلى: “قولهم: إن معناه: أنها مستجيرة معتصمة بالله، فلا يمنع من هذا، لكن صفة الاستجارة والاعتصام، على ما ورد به الخبر، من الأخذ بحقو الرحمن جل اسمه”[244].
ومن خلال العرض السابق لجملة من أحاديث الصفات التي استشكلها بعض الناس، وظنوا أن ثمة تعارضا بينها وبين العقل من ناحية إثبات هذه الصفات لله تعالى وجدنا أن مذهب أهل السنة والجماعة هو أسلم مذهب في فهم هذه الصفات لكونهم وقفوا على حدود النص في كيفيات الغيب المجهولة، ولم يلجأوا إلى التأويل إلا بما اقتضته اللغة، ودلت عليه القرائن الواردة في هذه النصوص، فصار تأويلهم – وإن كان نادرا – تأويلا محمودا؛ لأنه يجري على قواعد وأصول اللغة، وليس بمنأى عن القرائن الدالة عليه، حتى قال بعضهم: إن هذا ليس تأويلا، وإنما هو إعمال ظاهر النص الذي اقتضته اللغة والقرائن الواردة في النص.
الخلاصة:
- الإنسان غير قادر على تحديد وظيفته، والتعرف على خالقه بعقله وحسه فقط، دون أن يكون له مصدر آخر يخبره بما وراء عالم الشهادة.
- هناك فريق من الناس لم يعترفوا بإمكانات عقولهم المحدودة، وظنوا أن العقل قادر على إخضاع كل شيء لسلطانه، ما غاب عنه وما حضر، ولم يفرقوا في ذلك بين مطلب الشرع من العقل في عالم الشهادة، ومطلبه من العقل في عالم الغيب.
- لقد كانت – على الجانب الآخر – جموع غفيرة من أهل السنة تعرف أن العقل يملك البحث والتعرف على عالم الشهادة، لكنه يفقد جميع الأدوات التي يتعرف بها على عالم الغيب، إلا مصدرا واحدا هو الوحي الذي هو إخبار الله عن ذاته بذاته على لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم – فالعقل في عالم الغيب عندهم متعلم، يأخذ العلم من مصادره التي غاب عنها، أو غابت عنه.
- من أجل ذلك كان منهج أهل السنة والجماعة أكثر المناهج احتراما للعقل، فخير له أن يأخذ الحديث عن الغيب – ولا سيما عن الله – مأخذ التصديق، كما جاء به الوحي بدلا من تخيل كيفيات عقلية لسنا مطالبين بها أولا، ولا سبيل إلى العلم بها بالحواس ثانيا.
- إذا كان كتاب الله وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – نزلا إلى الناس للفهم والتدبر فإننا لم نقرأ عن الصحابة أو التابعين أنهم توقفوا أمام آية أو حديث، وقالوا: إن العقل يعارضها، أو يرفضها، وينبغي تأويلها وصرفها عن ظاهرها.
- إن من الأصول المرعية أن النص إذا صح سندا ومتنا وفهما لا يتعارض أبدا مع الدلائل العقلية الصحيحة الصريحة البعيدة عن الغموض والخالية من الشكوك.
- علم من الدين بالضرورة أن الإقرار بما جاء به النبي – صلى الله عليه وسلم – من جملة الإيمان بالله؛ فالسنة منسوبة إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – من جهة أنه المنشئ لألفاظها، وأما معانيها فهي من عند الله عز وجل.
- السنة النبوية مصدر أصيل في التعرف على الغيبيات؛ لكونها وحيا من عند الله، ولا مدخل للعقل في إثبات شيء أو نفيه مما يتعلق بالغيبيات عامة، وبصفات الله – عز وجل – خاصة.
- إن مدار العقل الإنساني في إدارك الصفات – وهي من جملة الغيب – على قسمين:
الأول: ما لا يستطيع إدراكه بنفسه من غير طريق النصوص كإثبات الوجه واليد ونحو ذلك لله تعالى.
الثاني: ما يمكن الاستدلال عليه بالعقل نفسه؛ كاتصاف الله تعالى بالقدرة والحكمة ونحو ذلك.
- معلوم أن العقيدة غيب توقيفي، لا مجال للعقل فيه إلا بالتسليم لما صح من النصوص؛ لذلك سلك أهل السنة طريقا واضحة لا عوج فيها ولا أمتا في باب صفات الله تعالى.
- لقد كان اعتماد أهل السنة – في هذا الباب – على النقل الثابت الصحيح، فسلموا من الانحراف الذي وقع فيه من اتخذ العقل أساسا في هذا الباب وقدمه على النقل، في الوقت الذي أكد فيه أهل السنة والجماعة أن العقل الصحيح لا يخالف صحيح المنقول.
- إن أهل السنة والجماعة في باب الصفات وسط بين الإفراط والتفريط؛ فلم يفرطوا في الإثبات إلى درجة تصل بهم إلى التكييف أو التمثيل، كما لم يقعوا في التفريط الذي هو تعطيل أسماء الله وصفاته عن معانيها، بل أثبت أهل السنة جميع ما صح به النقل من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى.
- عقيدة أهل السنة والجماعة في صفات الله تعالى الإيمان بما وصف الله به نفسه في كتابه، وبما وصفه به رسوله – صلى الله عليه وسلم – من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
- فطريقة أهل السنة تعتمد على الكتاب والسنة الصحيحة فيثبتون لله ما أثبته لنفسه على مراده سبحانه، وما أثبته رسوله – صلى الله عليه وسلم – في سنته على مراده – صلى الله عليه وسلم – من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل، على حد قول الله تعالى: )ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (11)( (الشورى).
- إن النصوص كما جاءت بحملها على ظاهرها، دون التعرض لتعطيل شيء منها، أو تأويله بما لا يتفق مع مراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم – قاعدة جليلة عند أهل السنة في الصفات.
- أهل السنة لا يمثلون صفات الله بصفات خلقه؛ فالله تعالى له صفات تليق به، ولا يلزم من الاتفاق في الأسماء الاتفاق في المسميات.
- كما أنهم يفوضون العلم بكيفية الصفات، ويقطعون الطمع في إدراكها؛ فالله أخبرنا أنه متصف بذلك. والعلم بكيفية الصفة فرع عن العلم بكيفية الموصوف، فإذا كنا لا نعلم كيفية ذات الله فكذلك لا نعلم كيفية صفاته.
والشيء لا تعلم كيفيته إلا بمشاهدته أو مشاهدة نظيره، أو بالخبر الصادق عنه، لأجل ذلك فالعلم بالكيفية عند أهل السنة مجهول، وإن كانت الكيفية في الأصل ثابتة لله تعالى. فكيف يطمع العقل المخلوق المحدود في معرفة كيفية من له الكمال كله، والجمال كله، والعلم كله، والقدرة كلها، والعظمة كلها، والكبرياء كله…؟
- لقد اتضح – من خلال الأحاديث الواردة بصفات الله – أن صفاته – سبحانه وتعالى – كلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه، كما أنها تنقسم إلى قسمين: ثبوتية وسلبية، فالصفات الثبوتية هي ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو على لسان نبيه – صلى الله عليه وسلم – والصفات السلبية هي ما نفاه الله عن نفسه في كتابه أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.
- الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين، ذاتية: وهي التي لم يزل الله تعالى متصفا بها، ولا تنفك عنه – سبحانه وتعالى – كالعلم والقدرة، والسمع، والبصر ونحوها، وصفات فعلية وتسمى اختيارية: وهي التي تتعلق بمشيئة الله – سبحانه وتعالى – إن شاء فعلها وإن شاء لم يفعلها، كالنزول والمجيء ونحو ذلك.
- المضافات إلى الله – سبحانه وتعالى – إن كانت أعيانا فهي من جملة المخلوقات، وإن كانت أوصافا فهي من صفات الله، وصفات الله كلها توقيفية، فلا نثبت لله شيئا إلا بنص من القرآن أو السنة.
- طريقة السلف في تناول الصفات الإلهية هي الأسلم والأحكم، وليس هناك طريقة أخرى تجري على قواعد وأصول محكمة كطريقتهم.
- إن حديث الجارية – التي سألها النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الله بالأينية «أين الله» وقولها له صلى الله عليه وسلم: في السماء – قد صحت نسبته إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – بمجيئه في كتب الصحاح والسنن والمسانيد.
- من توهم كون الله في السماء – بمعنى أنها محيطة به وتحويه – فقد أساء فهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ السماء مراد بها العلو، فمن معاني السماء العلو المطلق، فكل ما علاك فهو سماء.
- حديث النزول الإلهي إلى السماء صحيح، وقد رواه أصحاب الكتب التسعة، ونزوله تعالى حقيقة على الوجه اللائق بجلاله وكماله، وتأويله على نزول رحمته أو بعض ملائكته تأويل فاسد لا يستند على دليل، وفيه تقول على الله بغير علم مع تحريف الكلم عن مواضعه.
- إن قال قائل: إن نزوله تعالى ينافي علوه؛ فهو قول مفترض في نزول تعلم كيفيته، وهو نزول المخلوقين، أما نزول الرب تبارك وتعالى فكيفيته مجهولة بالنسبة لنا، ولا يسأل كيف نزوله؛ لأن الخالق يصنع ما يشاء كما يشاء.
- إن الله تبارك وتعالى خلق آدم – عليه السلام – على صورته هو – سبحانه وتعالى – من غير كيفية معلومة لنا، ولا يلزم من ذلك المماثلة، والصورة في هذا الحديث بمعنى الصفة.
- خص الله – عز وجل – آدم – عليه السلام – بأن جعله مجمع الصفات، وفيه من صفات الله الشيء الكثير؛ أي من أصل الصفة على التقرير من أن وجود الصفة في المخلوق لا يماثل وجودها في الخالق، فالله – سبحانه وتعالى – له سمع وجعل لآدم صفة السمع، فكونه – سبحانه وتعالى – خلقه على صورته تقتضي الاشتراك في أصل الصفة لكن لا تقتضي المماثلة في الصفة، فالمعنى أن الله تعالى خلق آدم على صورته؛ أي صفته من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والإرادة.
- لقد صح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه روى عن ربه نسبة تقربه سبحانه من عبده لنفسه، وأن العبد إن أتاه يمشي أتاه الله هرولة.
والمراد من حديث الهرولة بيان مجازاة الله تعالى للعبد على عمله، وأن من صدق في الإقبال على الله – وإن كان بطيئا – جازاه الله بأكمل وأفضل، وهذا المعنى هو ظاهر الحديث بالقرينة المفهومة من سياق الحديث.
فلما كان مجيء العبد وتقربه لله يكون بالطاعة والعودة والإنابة، فليس ثمة مانع من كون تقرب الرب إليه وهرولته هي المجازاة ومضاعفة الثواب وسرعة القبول.
- إن ما أورده الإمام البخاري من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أن الله تعالى قال: ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن» – قد دلت القرائن على صحته سندا ومتنا. فليس هناك غبار على رجال وأسانيد الجامع الصحيح للبخاري لكونه لا يخرج للراوي إلا بعد استقامة عدالته وضبطه.
- أما ما جاء في الحديث من نسبة بعض الصفات لله كالتردد، فينبغي أن يعلم أنه ليس أحد أعلم بالله من رسوله – صلى الله عليه وسلم – ولا أفصح منه بيانا. وأن التردد في حق المخلوق إن كان معناه التوقف عن الجزم بأحد الطرفين فإن معنى الحديث لا يدل عليه؛ لأن الحديث صريح في الجزم بأحد الطرفين حيث قال: «وما ترددت عن شيء أنا فاعله؟» أي سأفعله ولابد؛ فقد قضى على عباده جميعا بالموت.
- إن تردده سبحانه مفسر في الحديث، فالله يكره مساءة عبده، وعبده يكره الموت، فالفعل مراد لله من وجه، فهو يريد الموت لعبده؛ لأنه قضى عليه به، ولابد له منه، ومع ذلك فإنه يكره ما يكره عبده المؤمن؛ ولذلك قال: “وأنا أكره مساءته”.
- إن من احتج بحديث الهرولة على الحلول والاتحاد من قوله تعالى: «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به…» – حجته واهية، والحديث حجة عليه؛ لأن معناه أن الله يسدد وليه في سمعه وبصره ويده ورجله، وتكون هذه الأعضاء مشغولة بالله، طاعة وامتثالا.
- إن قول الله تعالى – فيما صح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من حديث مسلم: «مرضت فلم تعدني…» – ليس في معناه إثبات المرض والاستطعام والاستسقاء له سبحانه وتعالى.
فالحديث خطاب مفسر مبين أن الرب – عز وجل – ليس هو العبد، ولا صفته صفته، ولا فعله فعله، وأكثر ما فيه استعمال لفظ الجوع والمرض مقيدا، مبينا للمراد، فقد علم المخاطب أن الرب لا يجوع ولا يمرض، فلم يكن فيه تلبيس، لا من جهة السمع، ولا من جهة العقل.
- إن ما صح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من حديث الشيخين «أن الله لا يمل حتى تملوا» ليس فيه إشكال من ناحية العقل بعد صحة النقل؛ فالمعنى أن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل، وصفة الملل ونحوها كالخداع والمكر من الصفات المقيدة في النصوص، ومجيء هذه الصفات إنما يكون لإفادة الكمال والمدح، فالكريم عند العرب يمل من الذي يمل منه، فهي صفة أنفة ممدوحة. وهذه الصفات لا يوصف الله بها على الإطلاق.
- إن الأحاديث الصحيحة الواردة في النهي عن سب الدهر ونسبة الله تعالى الدهر إلى نفسه – جاءت لتعالج ما كان عليه العرب إذا كان من شأنهم أن يذموا الدهر ويسبوه عند المصائب والبلايا التي تنزل بهم، فنهوا عن ذلك لأن ذلك من تقدير الله عز وجل.
- إن الله – عز وجل – مدبر الدهر ومصرفه ومقلبه، وليس الدهر اسما من أسماء الله تعالى، ومخرج الحديث للرد على أهل الجاهلية في نسبة ما يصيبهم إلى الدهر.
- لقد استشكل بعض الناس الأحاديث الدالة على وصف الله بالصبر؛ لكون الصبر ناتجا عن ضعف وعدم قدرة ونقص في الإدراك، لكن الذي وصف الله بالصبر هو نبيه المبلغ عنه، والذي لا نشك في صدقه وأمانته وفصاحته، وصبر الله على خلقه لا يستوجب أن يكون كصبر المخلوق، ومعناه في حق الله قريب من حكمه عز وجل.
- إن حديثي «الرحم شجنة من الرحمن»،«وأخذ الرحم بحقو الرحمن»؛ جاءا في الصحيحين وكتب السنن، فهما في أعلى درجات الصحة.
ومعنى الرحم شجنة؛ يعني قرابة مشتبكة كاشتباك العروق وكونها من الرحمن؛ أي لها تعلق وتقرب من الرحمن؛ أما توهم كونها جزءا من ذات الله، أو بعضا منه – فهو توهم باطل؛ لأن الرحم مخلوقة، فكيف يتوهم أنها جزء من ذات الله؟!
- أما حديث «قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن» – فهو على مذهب السلف كما جاء، نثبت لله الصفة من غير تأويل أو تمثيل، سبحانه ليس كمثله شيء، هذا مذهب أهل السنة والأثر، ودليلهم جلي واضح.
(*) تحرير العقل من النقل، سامر إسلامبولي، دار الأوائل، دمشق، 2001م. دور السنة في إعادة بناء الأمة، جواد موسى محمد عفانة، دار جواد للنشر، عمان، ط1، 1419 هـ/ 1999م. الإسلام وصياح الديك، جواد عفانة، دار جواد للنشر، عمان، ط1، 1427 هـ/ 2006م. دفع الشبهات عن السنة النبوية، د. عبد المهدي عبد القادر، مكتبة الإيمان، القاهرة، ط1، 1421 هـ/ 2001م. السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام، د. عماد السيد الشربيني، دار اليقين، مصر، ط1، 1423 هـ/ 2002م. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ. مشكل الحديث وبيانه، ابن فورك، تحقيق: موسى محمد علي، دار عالم الكتب، بيروت، ط2، 1405هـ/ 1985م. تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405 هـ/ 1985م.
[1]. نظرية المعرفة بين القرآن والفلسفة، راجح عبد الحميد الكردي، مكتبة المؤيد، الرياض، ط1، 1412هـ/ 1992م، ص710، 711 بتصرف.
[2]. انظر: الوحي والإنسان قراءة معرفية، محمد السيد الجليند، دار قباء، القاهرة، ط1، 2002 م، ص85 وما بعدها.
[3]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، رقم (17182). وقال عنه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: حديث صحيح بطرقه وشواهده، وهذا إسناد حسن.
[4]. شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، أبو القاسم اللالكائي، دار طيبة، الرياض، 1402هـ، (1/ 23).
[5]. الوحي والإنسان قراءة معرفية، محمد السيد الجليند، دار قباء، القاهرة، ط1، 2002 م، ص91.
[6]. الوحي والإنسان قراءة معرفية، محمد السيد الجليند، دار قباء، القاهرة، ط1، 2002 م، ص97 وما بعدها. وانظر: الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، ابن قيم الجوزية، دار العاصمة، الرياض، ط3، 1418 هـ/ 1998م، (3/ 796) وما بعدها.
[7]. مجموعة الرسائل والمسائل، ابن تيمية، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1403هـ/ 1983م، ص193.
[8]. مصادر التشريع ومنهج الاستدلال والتلقي، حمدي عبد الله، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، القاهرة، ط1، 2006م، ص131.
[9]. مصادر التشريع ومنهج الاستدلال والتلقي، حمدي عبد الله، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، القاهرة، ط1، 2006م، ص136 وما بعدها.
[10]. إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن قيم الجوزية، تحقيق: طه عبد الرؤوف، دار الجيل، بيروت، 1973م، (1/ 52).
[11]. انظر: الرسالة، الإمام الشافعي، تحقيق: أحمد شاكر، المكتبة العلمية، بيروت، ص78، 79.
[12]. جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ابن جرير الطبري، تحقيق: أحمد شاكر، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1420 هـ/ 2000م، (8/ 505).
[13]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر، تحقفيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (13/ 119، 120).
[14]. مجموعة الرسائل والمسائل، ابن تيمية، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1403هـ/ 1983م، ص195.
[15]. العقيدة في الله، عمر سليمان الأشقر، دار السلام، القاهرة، 1426 هـ/ 2005م، ص186.
[16]. انظر: درء تعارض العقل والنقل، ابن تيمية، تحقيق: محمد رشاد سالم، دار الكنوز الأدبية، الرياض، (1/ 23).
[17]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص101.
[18]. شرح العقيدة الواسطية لابن تيمية، محمد صالح العثيمين، دار ابن الجوزي، السعودية، ط3، 1416هـ، (1/ 73: 86).
[19]. المنة شرح اعتقاد أهل السنة، ياسر برهامي، دار الخلفاء الراشدين، الإسكندرية، ط1، 2006م، ص23.
[20]. انظر: أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص101 وما بعدها.
[21]. التحريف: الإمالة، وتحريف الكلام أن تجعله على حرف من الاحتمال يمكن حمله على الوجهين، وهو نوعان: الأول: تحريف لفظي: ومعناه التغيير في لفظ الآية أو الحديث؛ كما قرئ قوله تعالى: )وكلم الله موسى تكليما (164)( (النساء) بفتح لفظ الجلالة على المفعولية لنفي صفة الكلام عن الله. الثاني: تحريف معنوي: بحيث يبقي على اللفظ ويحرف المعنى، ويدخل فيه التأويل المذموم. ]انظر: التوفيق على مهمات التعاريف، محمد عبد الرؤوف المناوي، دار الفكر المعاصر، دمشق، د.ت ص163. وكذلك: المنة شرح اعتقاد أهل السنة، ياسر برهامي، دار الخلفاء الراشدين، الإسكندرية، ط1، 2006م، ص36[.
[22]. التعطيل: نفي المعنى الحق الذي دلت عليه الصفة، وهو على درجات. ]انظر: المنة شرح اعتقاد أهل السنة، ياسر برهامي، دار الخلفاء الراشدين، الإسكندرية، ط1، 2006م، ص29[.
[23]. التمثيل: نوع خاص من أنواع التكييف، فالتكييف أعم من التمثيل، فتكون للصفة كيفية في ذهن المكيف ليست في شيء من الموجودات، أما أن تجعل للشيء مثيله فهذا نوع خاص من التكييف. ]انظر: المنة شرح اعتقاد أهل السنة، ياسر برهامي، دار الخلفاء الراشدين، الإسكندرية، ط1، 2006م، ص52[.
[24]. قال ابن تيمية: “ينبغي أن يعلم أن النفي ليس فيه مدح ولا كمال، إلا إذا تضمن إثباتا، وإلا فمجرد النفي ليس فيه مدح ولا كمال؛ لأن النفي المحض عدم محض، والعدم المحض ليس بشيء، وما ليس بشيء هو كما قيل: ليس بشيء، فضلا عن أن يكون مدحا أو كمالا، ولأن النفي المحض يوصف به المعدوم والممتنع، والمعدوم والممتنع لا يوصف بمدح ولا كمال، فلهذا كان عامة ما وصف الله به نفسه من النفي متضمنا لإثبات مدح. الرسالة التدمرية، ابن تيمية، مكتبة العبيكان، الرياض، ط5، 1417 هـ، ص57، 58[.
[25]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (5/ 26).
[26]. التوحيد وإثبات صفات الرب، ابن خزيمة، مكتبة الرشد، الرياض، ط5، 1414هـ/ 1994م، (1/ 57).
[27]. اعتقاد أهل السنة، أبو بكر الإسماعيلي، تحقيق: جمال عزون، دار الريان، الإمارات، ط1، 1413هـ، ص31، 32.
[28]. منهاج السنة النبوية، ابن تيمية، تحقيق: محمد أيمن الشبراوي، دار الحديث، القاهرة، 1425 هـ/ 2004م، (2/ 231، 232).
[29]. الشريعة، أبو بكر الآجري، مؤسسة قرطبة، القاهرة، ط2، 1423 هـ/ 2003م، (2/ 105). شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، أبو القاسم اللالكائي، دار طيبة، الرياض، 1402هـ، (3/ 527). مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (5/ 39). وقوله بلا تفسير؛ أي تفسير الكيفية، كما في رواية أخرى عن الوليد أنهم قالوا: “أمضها بلا كيف”.
[30]. إبطال التأويلات لأخبار الصفات، القاضي أبو يعلى، مكتبة دار الإمام الذهبي، الكويت، ط1، 1410 هـ، (1/ 253).
[31]. إبطال التأويلات لأخبار الصفات، القاضي أبو يعلى، مكتبة دار الإمام الذهبي، الكويت، ط1، 1410 هـ، (1/ 43، 44).
[32]. لمعة الاعتقاد، ابن قدامة المقدسي، وزارة الشئون الإسلامية، السعودية، 1420 هـ/ 2000م، ص5.
[33]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (5/ 39).
[34]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (5/ 41، 42).
[35]. الرسالة التدمرية، ابن تيمية، مكتبة العبيكان، الرياض، ط5، 1417 هـ، ص65.
[36]. الرسالة التدمرية، ابن تيمية، مكتبة العبيكان، الرياض، ط5، 1417 هـ، ص20.
[37]. إبطال التأويلات لأخبار الصفات، القاضي أبو يعلى، مكتبة دار الإمام الذهبي، الكويت، ط1، 1410 هـ، (1/ 43).
[38]. منهاج السنة النبوية، ابن تيمية، تحقيق: محمد أيمن الشبراوي، دار الحديث، القاهرة، 1425 هـ/ 2004م، (2/ 231).
[39]. جواب أبي بكر الخطيب البغدادي عن سؤال أهل دمشق في الصفات، مطبوع بذيل كتاب : اعتقاد أهل السنة، أبو بكر الإسماعيلي، تحقيق: جمال عزون، دار الريان، الإمارات، ط1، 1413هـ، ص64.
[40]. الرسالة التدمرية، ابن تيمية، مكتبة العبيكان، الرياض، ط5، 1417 هـ، ص20. انظر: مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (3/ 25).
[41]. تقريب التدمرية، ابن عثيمين، دار ابن الجوزي، السعودية، ط1، 1419هـ، ص40. بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، ابن تيمية، دار القاسم، الرياض، ط2، 1421هـ، (1/ 317).
[42]. انظر: مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (5/ 365).
[43]. الصفات، الدارقطني، مكتبة الدار، المدينة المنورة، ط1، 1402 هـ، ص41.
[44]. انظر: إبطال التأويلات لأخبار الصفات، القاضي أبو يعلى، مكتبة دار الإمام الذهبي، الكويت، ط1، 1410 هـ، (1/ 48).
[45]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (3/ 58).
[46]. مدارج السالكين، ابن قيم الجوزية، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1408 هـ/ 1988م، (3/ 376).
[47]. انظر: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى، محمد صالح العثيمين، تحقيق: هاني الحاج، مكتبة العلم، القاهرة، ط1، 1419هـ/ 1999م، ص27 وما بعدها.
[48]. انظر: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى، محمد صالح العثيمين، تحقيق: هاني الحاج، مكتبة العلم، القاهرة، ط1، 1419هـ/ 1999م، ص27: 37.
[49]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: المساجد، باب: تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته (3/ 1103)، رقم (1179).
[50]. أخرجه مالك في موطئه، كتاب: العتق والولاء، باب: ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة، ص300، رقم (1473).
[51]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، حديث معاوية بن الحكم السلمي، رقم (23816). وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
[52]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: الرقبة المؤمنة، (9/ 76)، رقم (3274). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (3282).
[53]. صحيح: أخرجه النسائي في سننه، كتاب: التفسير، باب: سورة الصافات، (6/ 450)، رقم (11465). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي برقم (1218).
[54]. صحيح: أخرجه ابن حبان في صحيحه، كتاب: الإيمان، باب: فرض الإيمان، (1/ 383)، رقم (165). وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرطهما.
[55]. إثبات صفة العلو، أبو محمد ابن قدامة المقدسي، الدار السلفية، الكويت، ط1، 1406 هـ، ص47.
[56]. العلو للعلي الغفار، الذهبي، أضواء السلف للنشر، الرياض، ط1، 1995م، ص14.
[57]. إرواء الغليل، الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1405 هـ/ 1985م، (2/ 113) بتصرف يسير.
[58]. التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ابن عبد البر، تحقيق: عبد الله بن الصديق، مطبعة فضالة المحمدية، المغرب، ط2، 1402هـ/ 1982م، (7/ 135، 136).
[59]. السلسلة الضعيفة، الألباني، المكتب الإسلامي، مكتبة المعارف، الرياض، (13/ 732).
[60]. بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، ابن تيمية، تحقيق: محمد بن عبد الرحمن بن قاسم، مطبعة الحكومة، مكة المكرمة، ط1، 1392 هـ، (1/ 560).
[61]. انظر: حديث الجارية “أين الله؟” هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة؟، الشيخ الألباني، مقال منشور على الشبكة العنكبوتية، موقع شبكة سحاب السلفية، بتاريخ 17/ 3/ 2009.
[62]. الإيمان، ابن منده، تحقيق: د. علي بن محمد ناصر الفقيهي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط2، 1406هـ، (1/ 230).
[63]. التوحيد وإثبات صفات الرب، ابن خزيمة، مكتبة الرشد، الرياض، ط5، 1414هـ/ 1994م، (1/ 179).
[64]. الأسماء والصفات، أبو بكر البيهقي، تحقيق: عبد الله بن محمد الحاشدي، مكتبة السوادي، جدة، ط1، (2/ 330).
[65]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (4/ 181).
[66]. إثبات صفة العلو، أبو محمد ابن قدامة المقدسي، الدار السلفية، الكويت، ط1، 1406 هـ، ص41.
[67]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: أبواب التهجد، باب: الدعاء والصلاة من آخر الليل، (3/ 35)، رقم (1145). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، (3 / 1341)، رقم (1741).
[68]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صلاة المسافرين، باب : الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه، (3 / 1341)، رقم (169).
[69]. شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، أبو القاسم اللالكائي، دار طيبة، الرياض، 1402هـ، (3/ 453).
[70]. الأسماء والصفات، أبو بكر البيهقي، تحقيق: عبد الله بن محمد الحاشدي، مكتبة السوادي، جدة، ط1، (2/ 374).
[71]. الأسماء والصفات، أبو بكر البيهقي، تحقيق: عبد الله بن محمد الحاشدي، مكتبة السوادي، جدة، ط1، (2/ 377).
[72]. مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين، باب: التوحيد، (1/ 126، 127).
[73]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (5/ 242، 243).
[74]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (5/ 376).
[75]. الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة، ابن بطة العكبري الحنبلي، تحقيق: د. عثمان عبد الله آدم الأثيوبي، دار الراية، الرياض، ط2، 1418هـ، (3/ 240).
[76]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (5/ 376).
[77]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (3/ 142، 143).
[78]. درء تعارض العقل والنقل، ابن تيمية، تحقيق: محمد رشاد سالم، دار الكنوز الأدبية، الرياض، (2/ 29).
[79]. الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، ابن تيمية، تحقيق: د. علي حسن ناصر وآخرين، دار العاصمة، الرياض، ط1، 1414هـ، (4/ 317: 318).
[80]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الاستئذان، باب: بدء السلام (11/ 5)، رقم (6227). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صفة الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير، (9/ 3952)، رقم (7030).
[81]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: النهي عن ضرب الوجه، (9/ 3735)، رقم (6532).
[82]. صفات الله ـ عز وجل ـ الواردة في الكتاب والسنة، علوي بن عبد القادر السقاف، دار الهجرة، الثقبة، ط2، 1422هـ/ 2001م، ص137.
[83]. انظر: بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، ابن تيمية، تحقيق: عبد العزيز اليحيى ومحمد البريدي، في رسالة علمية بجامعة الإمام محمد بن سعود، ولم يطبع بعد (2/ 396). نقلا عن: أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص122.
[84]. تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405 هـ/ 1985م، ص206.
[85]. دفع شبه من شبه وتمرد ونسب ذلك إلى السيد الجليل الإمام أحمد، أبو بكر الحصني الدمشقي، تحقيق: محمد زاهد بن الحسن الكوثري، المكتبة الأزهرية للتراث، القاهرة، ص12.
[86]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: خلق آدم وذريته، (6/ 417)، رقم (3326). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: في صفات الجنة وأهلها وتسبيحهم فيها بكرة وعشيا، (9/ 3947)، رقم (7018).
[87]. انظر: شرح العقيدة الواسطية لابن تيمية، محمد صالح العثيمين، دار ابن الجوزي، السعودية، ط3، 1416هـ، (1/ 109).
[88]. في كتابه الذي يرد فيه على الرازي: “بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية”، وقد طبع منه أجزاء والبقية مازالت مخطوطة، وقد لخص كلام ابن تيمية الشيخ حمود التويجري في كتابه: “عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن” مطبوع بدار اللواء للنشر والتوزيع، السعودية، ط2، 1409هـ/ 1989م.
[89]. بيان تلبيس الجهمية، ابن تيمية، (2/ 396)، نقلا عن: أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص122.
[90]. الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة، ابن بطة العكبري الحنبلي، تحقيق: د. عثمان عبد الله آدم الأثيوبي، دار الراية، الرياض، ط2، 1418هـ، (3/ 266).
[91]. الشريعة، أبو بكر الآجري، مؤسسة قرطبة، القاهرة، ط2، 1423 هـ/ 2003م، (2/ 106).
[92]. الشريعة، أبو بكر الآجري، مؤسسة قرطبة، القاهرة، ط2، 1423 هـ/ 2003م، (2/ 107).
[93]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص125.
[94]. مسألة عود الضمير على الله تعالى، أو على آدم ـ عليه السلام ـ طال فيها النزاع وقال بعود الضمير على آدم جماعة هروبا من إثبات صفة الصورة لله عز وجل.
[95]. تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405 هـ/ 1985م، ص205 .
[96]. إبطال التأويلات لأخبار الصفات، القاضي أبو يعلى، مكتبة دار الإمام الذهبي، الكويت، ط1، 1410 هـ، (1/ 79: 80)
[97]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، ( 14/ 374: 376).
[98]. ميزان الاعتدال في نقد الرجال، الذهبي، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت، (1/ 603 ).
[99]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى )وجوه يومئذ ناضرة (22) إلى ربها ناظرة (23)(، (13/ 431)، رقم (7439). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: معرفة طريق الرؤية، (2/ 652)، رقم (447).
[100]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى )ويحذركم الله نفسه(، (13/ 395)، رقم (7405). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الذكر والدعاء والتوبة، باب: الحث على ذكر الله تعالى، (9/ 3791)، رقم (6679).
[101]. انظر: المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده، (مادة: الهاء والراء واللام).
[102]. صحيح: أخرجه أحمد في المسند، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك، رقم (12428). وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
[103]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص179.
[104]. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، المباركفوري، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م، (10/ 47).
[105]. مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، رواية حرب بن إسماعيل الكرماني، مكتبة الرشد، السعودية، ط1، 1425هـ، ص345.
[106]. تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405 هـ/ 1985م، ص209.
[107]. إبطال التأويلات لأخبار الصفات، القاضي أبو يعلى، مكتبة دار الإمام الذهبي، الكويت، ط1، 1410 هـ، (2/ 289).
[108]. بيان تلبيس الجهمية، ابن تيمية، (1/ 150: 152)، نقلا عن: أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص180.
[109]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (5/ 510).
[110]. بيان تلبيس الجهمية، ابن تيمية، (1/ 152). نقلا عن: أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص180.
[111]. وقد وافقهم ابن قتيبة في كون الحديث إذا حمل على الصفة أفاد التمثيل، انظر: تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405 هـ/ 1985م، ص209.
[112]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص181.
[113]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، السعودية، ط2، 1422هـ/ 2001م، (9/ 3792).
[114]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (13/ 524).
[115]. الأربعين في دلائل التوحيد، أبو إسماعيل الهروي، المدينة المنورة، تحقيق: د.علي بن محمد بن ناصر الفقيهي، ط1، 1404هـ، ص79.
[116]. المجموع المغيث في غريب القرآن والحديث، أبو موسى المديني، تحقيق: عبد الكريم الغرباوي، من مطبوعات جامعة أم القرى، السعودية، ط1، 1406هـ، (3/ 496).
[117]. تذكرة المؤتسي شرح عقـيدة الحافـظ عبـد الغني المقـدسي، د عبد الرزاق البدر، غراس للنشر والتوزيع، الكويت، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص169.
[118]. صفات الله ـ عز وجل ـ الواردة في الكتاب والسنة، علوي بن عبد القادر السقاف، دار الهجرة، الثقبة، ط2، 1422هـ/ 2001م، ص232.
[119]. انظر: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى، محمد صالح العثيمين، تحقيق: هاني الحاج، مكتبة العلم، القاهرة، ط1، 1419هـ/ 1999م، ص37 وما بعدها.
[120]. القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى، محمد صالح العثيمين، تحقيق: هاني الحاج، مكتبة العلم، القاهرة، ط1، 1419هـ/ 1999م، ص76.
[121]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص188.
[122]. نقصد بالقرينة أنه لما كان التقرب إلى الله تعالى لا يكون بالمشي فقط، بل تارة يكون على الحقيقة؛ كالسير إلى المساجد والحج والجهاد ونحوها، وتارة يكون بالركوع والسجود والتصدق ونحو ذلك، فلا يمنع أن يكون الإتيان والهرولة في حق الله يراد بها سرعة القبول وإقبال الله تعالى على عبده المتقرب إليه، وأن مجازاة الله للعامل أكمل من عمل العامل.
[123]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الرقاق، باب: التواضع، (11/ 348)، رقم (6502).
[124]. انظر: أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص257.
[125]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (10/ 217، 218).
[126]. تهذيب التهذيب، ابن حجر، دار الفكر للنشر والتوزيع، ط1، 1404هـ/ 1984م، (3/ 101).
[127]. هدي الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني،، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص420.
[128]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (13/ 493).
[129]. هدي الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص430.
[130]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (11/ 349) بتصرف.
[131]. أخرجه ابن حبان في صحيحه، كتاب: البر والإحسان، باب: ما جاء في الطاعات وثوابها، (2/ 58)، رقم (347).
[132]. شرح السنة، البغوي، كتاب: الدعوات، باب: التقرب إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ بالنوافل والذكر، (5/ 19)، رقم (1248).
[133]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (18/ 129).
[134]. قطر الولي في حديث الولي، الشوكاني، تحقيق: إبراهيم إبراهيم هلال، مطبعة غسان، القاهرة، ص230، 231.
[135]. وهي مطبوعة ضمن كتابه “الحاوي للفتاوي”، السيوطي، (1/ 560: 564). نقلا عن: أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص254.
[136]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص260.
[137]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي هريرة، (13/ 265)، رقم (7530). وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند.
[138]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (18/ 129: 131).
[139]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (10/ 58، 59).
[140]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص260، 261.
[141] . البداء: عرفه الشهرستاني وقسمه إلى ثلاثة أقسام، هي:
- البداء في العلم: وهو أنه يظهر له خلاف ما علم.
- البداء في الإرادة: وهو أن يظهر له صواب على خلاف ما أراد وحكم.
- البداء في الأمر: وهو أن يأمر بشيء ثم يأمر بشيء آخر بعده بخلاف ذلك. (الملل والنحل، الشهرستاني، تحقيق: محمد سيد كيلاني، دار المعرفة، بيروت، 1404هـ، (1/ 146).
[142]. أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري، أبو سليمان الخطابي، تحقيق: د. محمد بن سعد آل سعود، جامعة أم القرى، السعودية، ط1، 1409هـ/ 1988م، (3/ 2259، 2260). وانظر: الأسماء والصفات، أبو بكر البيهقي، تحقيق: عبد الله بن محمد الحاشدي، مكتبة السوادي، جدة، ط1، (2/ 449).
[143]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (11/ 354). وانظر: كشف المشكل من حديث الصحيحين، ابن الجوزي، تحقيق: علي حسين البواب، دار الوطن، الرياض، 1418هـ/ 1997م، (1/ 1009).
[144]. قطر الولي في حديث الولي، الشوكاني، تحقيق: إبراهيم إبراهيم هلال، مطبعة غسان، القاهرة، ص515، 516.
[145]. قطر الولي في حديث الولي، الشوكاني، تحقيق: إبراهيم إبراهيم هلال، مطبعة غسان، القاهرة، ص488.
[146]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص263، 264.
[147]. انظر: قطر الولي في حديث الولي، الشوكاني، تحقيق: إبراهيم إبراهيم هلال، مطبعة غسان، القاهرة، ص489: 492 .
[148]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص266: 268 .
[149]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الدعوات، باب: الدعاء إذا انتبه من الليل، (11/ 119)، رقم (6316). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه، (3/ 1348)، رقم (1757) .
[150]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (2/ 373).
[151]. القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى، محمد صالح العثيمين، تحقيق: هاني الحاج، مكتبة العلم، القاهرة، ط1، 1419هـ/ 1999م، ص73.
[152]. قطر الولي في حديث الولي، الشوكاني، تحقيق: إبراهيم إبراهيم هلال، مطبعة غسان، القاهرة، ص438.
[153]. الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، ابن تيمية، تحقيق: د. علي حسن ناصر وآخرين، دار العاصمة، الرياض، ط1، 1414هـ، (3/ 335: 336).
[154]. بيان تلبيس الجهمية، ابن تيمية، (1/ 300)، نقلا عن: أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص270.
[155]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: فضل عيادة المريض (9/ 3698، 3699)، رقم (6434).
[156]. درء تعارض العقل والنقل، ابن تيمية، تحقيق: محمد رشاد سالم، دار الكنوز الأدبية، الرياض، (5/ 235).
[157]. تلخيص كتاب الاستغاثة في الرد على البكري، ابن تيمية، تحقيق: محمد علي عجال، مكتبة الغرباء الأثرية، المدينة المنورة، ط1، 1417 هـ، (1/ 345).
[158]. إبطال التأويلات لأخبار الصفات، القاضي أبو يعلى، مكتبة دار الإمام الذهبي، الكويت، ط1، 1410 هـ، (1/ 224).
[159]. القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى، محمد صالح العثيمين، تحقيق: هاني الحاج، مكتبة العلم، القاهرة، ط1، 1419هـ/ 1999م، ص80.
[160]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (2/ 462).
[161]. قال ابن القيم: “فتأمل قوله في الإطعام والإسقاء: « لوجدت ذلك عندي »، وقوله في العيادة: « لوجدتني عنده »، ولم يقل: لوجدت ذلك عندي؛ إيذانا بقربه من المريض وأنه عنده لذله وخضوعه وانكسار قلبه وافتقاره إلى ربه فأوجب ذلك وجود الله عنده، هذا وهو فوق سماواته مستو على عرشه بائن من خلقه وهو عند عبده” انظر: ]مدارج السالكين، ابن القيم، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1408 هـ/ 1988م، (3/ 429)[.
[162]. انظر: مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (11/ 76).
[163]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (11/ 74).
[164]. انظر: أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص240، 241.
[165]. الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، ابن تيمية، تحقيق: د. علي حسن ناصر وآخرين، دار العاصمة، الرياض، ط1، 1414هـ، (3/ 343: 345).
[166]. أسماء الله و صفاته وموقف أهل السنة منها، محمد صالح العثيمين، دار الثريا للنشر، السعودية، ص57، 58.
[167]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: اللباس، باب: الجلوس على الحصير ونحوه، (10/ 326)، رقم (5861). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صلاة المسافرين، باب: فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره، (4/ 1372)، رقم (1796).
[168]. مفتي الديار السعودية، ورئيس قضاتها، توفي سنة 1386هـ.
[169]. غريب الحديث، إبراهيم الحربي، تحقيق: د. سليمان العايد، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، ط1، 1405هـ، (1/ 338).
[170]. فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، جمع وتحقيق ودراسة: محمد بن عبد الرحمن القاسم، مطبعة الحكومة، مكة المكرمة، 1399هـ، (1/ 179).
[171]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص225 بتصرف.
[172]. تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405 هـ/ 1985م، ص324، 325. وانظر: شرح مشكل الآثار، أبو جعفر الطحاوي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1415هـ/ 1994م، (2/ 116).
[173]. انظر: أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري، أبو سليمان الخطابي، تحقيق: د. محمد بن سعد آل سعود، جامعة أم القرى، السعودية، ط1، 1409هـ/ 1988م، (1/ 173). الأسماء والصفات، أبو بكر البيهقي، تحقيق: عبد الله بن محمد الحاشدي، مكتبة السوادي، جدة، ط1، (2/ 431). شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، السعودية، ط2، 1422هـ/ 2001م، (4/ 1373).
[174]. التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ابن عبد البر، تحقيق: عبد الله بن الصديق، مطبعة فضالة المحمدية، المغرب، ط2، 1402هـ/ 1982م، (1/ 194: 196).
[175]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص229.
[176]. الرسالة التدمرية، ابن تيمية، مكتبة العبيكان، الرياض، ط5، 1417 هـ، ص26. وانظر: مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (7/ 111).
[177]. شرح العقيدة الواسطية لابن تيمية، محمد صالح العثيمين، دار ابن الجوزي، السعودية، ط3، 1416هـ، (1/ 336).
[178] . صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التفسير، باب: سورة الجاثية، (8/ 437)، رقم (4826). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الألفاظ من الأدب وغيرها، باب: النهي عن سب الدهر، (8/ 3378)، رقم (5755).
[179]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأدب، باب: لا تسبوا الدهر، (10/ 580)، رقم (6181). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الألفاظ من الأدب وغيرها، باب: النهي عن سب الدهر، (8/ 3378)، رقم (5754).
[180]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الألفاظ من الأدب وغيرها، باب: النهي عن سب الدهر، (8/ 3378)، رقم (5757).
[181]. انظر: تهذيب اللغة، الأزهري، تحقيق: محمد عبد المنعم خفاجي وآخرين، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، (6/ 191، 192). لسان العرب، ابن منظور، مادة دهر.
[182]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (2/ 494).
[183]. انظر: تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405 هـ/ 1985م، ص207: 209.
[184]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص286 وما بعدها بتصرف.
[185]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص287، 288.
[186]. غريب الحديث، أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي، تحقيق: د. محمد عبد المعيد خان، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1396م، (2/ 146، 147).
[187]. أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري، أبو سليمان الخطابي، تحقيق: د. محمد بن سعد آل سعود، جامعة أم القرى، السعودية، ط1، 1409هـ/ 1988م، (3/ 1904).
[188] . أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص290.
[189]. شأن الدعاء، الخطابي، دار المأمون للتراث، ط1، 1404هـ، ص108. نقلا عن: أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص290.
[190]. التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ابن عبد البر، تحقيق: عبد الله بن الصديق، مطبعة فضالة المحمدية، المغرب، ط2، 1402هـ/ 1982م، (18/ 154).
[191]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (8/ 438).
[192]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص290.
[193]. انظر: تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد، سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ص547.
[194]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص298.
[195]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (2/ 494).
[196]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (2/ 491).
[197]. القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى، محمد صالح العثيمين، تحقيق: هاني الحاج، مكتبة العلم، القاهرة، ط1، 1419هـ/ 1999م، ص16.
[198]. انظر: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى، محمد صالح العثيمين، تحقيق: هاني الحاج، مكتبة العلم، القاهرة، ط1، 1419هـ/ 1999م، ص15.
[199] . جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ابن جرير الطبري، تحقيق: أحمد شاكر، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1420 هـ/ 2000م، (22/ 78، 79).
[200] . أورده الهيثمي في موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان، تحقيق: محمد عبد الرزاق حمزة، دار الكتب العلمية، بيروت، (1/ 436)، رقم (1759)، وقال: هو في الصحيح باختصار.
[201] . تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد، سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ص545.
[202]. القول المفيد على كتاب التوحيد، محمد بن صالح العثيمين، تحقيق: سليمان بن عبد الله بن حمود أبا الخيل وخالد بن علي بن محمد المشيقح، دار العاصمة للنشر والتوزيع، ط1، 1415 هـ، (2/ 351).
[203]. زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن القيم، تحقيق: شعيب وعبد القادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط8، 1405هـ/ 1985م، (2/ 354، 355) بتصرف.
[204]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأدب، باب: الصبر في الأذى، (10/ 527)، رقم (6099). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صفة القيامة والجنة والنار، باب: لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل، (9/ 3922)، رقم (6947).
[205]. عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين، ابن القيم، تحقيق: زكريا علي يوسف، دار الكتب العلمية، بيروت، ص236، 237.
[206]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص245.
[207]. عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين، ابن القيم، تحقيق: زكريا علي يوسف، دار الكتب العلمية، بيروت، ص235.
[208]. شأن الدعاء، الخطابي، تحقيق: أحمد يوسف الدقاق، دار الثقافة العربية، بيروت، ط3، 1412هـ/ 1992م، ص98.
[209]. الحجة في بيان المحجة، قوام السنة الأصبهاني، تحقيق: ربيع المدخلي، دار الراية، ط2، 1419هـ، (2/ 456).
[210]. عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين، ابن القيم، تحقيق: زكريا علي يوسف، دار الكتب العلمية، بيروت، ص236.
[211] . انظر: عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين، ابن القيم، تحقيق: زكريا علي يوسف، دار الكتب العلمية، بيروت، ص235.
[212] . عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين، ابن القيم، تحقيق: زكريا علي يوسف، دار الكتب العلمية، بيروت، ص237.
[213]. صفات الله ـ عز وجل ـ الواردة في الكتاب والسنة، علوي بن عبد القادر السقاف، دار الهجرة، الثقبة، ط2، 1422هـ/ 2001م، ص131.
[214]. تفسير أسماء الله الحسنى، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الزجاج، تحقيق: أحمد يوسف الدقاق، دار الثقافة العربية، دمشق، 1974، ص56.
[215]. عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين، ابن القيم، تحقيق: زكريا علي يوسف، دار الكتب العلمية، بيروت، ص239.
[216]. عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين، ابن القيم، تحقيق: زكريا علي يوسف، دار الكتب العلمية، بيروت، ص236 .
[217]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التفسير، باب: سورة الجاثية، (8/ 437)، رقم (4826). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الألفاظ من الأدب وغيرها، باب: النهي عن سب الدهر، (8/ 3378)، رقم (5755).
[218]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التفسير، سورة البقرة، باب: قوله تعالى: )وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه(، (8/ 18)، رقم (4482).
[219]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: تحريم الظلم، (9/ 3704)، رقم (6450).
[220]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (11/ 360، 361).
[221]. والشجنة والشجنة: عروق الشجر المشتبكة. ويقال: بيني وبينه شجنة رحم وشجنة رحم، أي قرابة مشتبكة. ]انظر: الصحاح في اللغة، الجوهري (مادة شجن)[.
[222]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأدب، باب: من وصل وصله الله، (10/ 430)، رقم (5988).
[223]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأدب، باب: من وصل وصله الله، (10/ 430)، رقم (5989).
[224] . صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: صلة الرحم وتحريم قطيعتها، (9/ 3686)، رقم (6399).
[225] . صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى: )يريدون أن يبدلوا كلام الله(، (13/ 474)، رقم (7502). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: صلة الرحم وتحريم قطيعتها، (9/ 3686)، رقم (6398).
[226] . صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التفسير، باب: قوله تعالى: )وتقطعوا أرحامكم (22)(، (8/ 443)، رقم (4830).
[227]. غريب الحديث، أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي، تحقيق: د. محمد عبد المعيد خان، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1396م، (1/ 209).
[228]. بيان تلبيس الجهمية، ابن تيمية، (1/ 250).
[229]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (10/ 432).
[230]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص303.
[231]. تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، عبد الرحمن بن ناصر السعدي، تحقيق: عبدالرحمن بن معلا اللويحق، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1420هـ/ 2000 م، ص216.
[232]. القول المفيد على كتاب التوحيد، محمد بن صالح العثيمين، تحقيق: سليمان بن عبد الله بن حمود أبا الخيل وخالد بن علي بن محمد المشيقح، دار العاصمة للنشر والتوزيع، ط1، 1415 هـ، (1/ 70).
[233]. انظر: إبطال التأويلات لأخبار الصفات، القاضي أبو يعلى، مكتبة دار الإمام الذهبي، الكويت، ط1، 1410 هـ، (1/ 218)، وهو يتحدث في صفة الضحك.
[234]. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص305.
[235]. بيان تلبيس الجهمية، ابن تيمية، (1/ 247: 249).
[236]. هذه النقول عن ابن حامد، ذكرها ابن تيمية في كتاب بيان تلبيس الجهمية، (1/ 245، 251، 252).
[237]. الحجزة: موضع الإزار.
[238]. إبطال التأويلات لأخبار الصفات، القاضي أبو يعلى، مكتبة دار الإمام الذهبي، الكويت، ط1، 1410 هـ، (2/ 420).
[239]. المجموع المغيث في غريب القرآن والحديث، أبو موسى المديني، تحقيق: عبد الكريم الغرباوي، من مطبوعات جامعة أم القرى، السعودية، ط1، 1406هـ، (1/ 405).
[240]. بيان تلبيس الجهمية، ابن تيمية، (1/ 260).
[241]. قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر، صديق حسن خان، تحقيق: عاصم بن عبد الله القريوتي، الشرق الأوسط للطباعة، ص65: 68.
[242]. نقل ذلك عنه ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية، (1/ 265).
[243] . بيان تلبيس الجهمية، ابن تيمية، (1/ 274).
[244]. إبطال التأويلات لأخبار الصفات، القاضي أبو يعلى، مكتبة دار الإمام الذهبي، الكويت، ط1، 1410 هـ، (2/ 426). نقلا عن: أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427 هـ، ص307.